اعتذر مرة أخرى عن التأخير وها أنا سأكتب ما طلبت باختصار إن شاء الله..

فقد تحدثت عن الشك وها أنا سأتحدث عن التصديق والتكذيب وسأبدأ بالتصديق إن شاء الله تعالى:

ا-فالتصديق هو شعور يكون صاحبه فيه مطمئناً إلى صحة الخبر ومطابقته للواقع..

والتصديق له أقسام ثلاثة:

1-التصديق الفطري أو الابتدائي.. وهو الذي يتعامل الناس كافة مع بعضهم على أساسه بحيث نرى تصديق أي إنسان للآخر حتى لو لم يكن يعرفه..

وهذا نشاهده من انفسنا ومن الناس كافة.. فلو التقى شخص بآخر ولم يكن رآه من قبل في حياته وسأله عن اسمه فأجابه فإنه يقبل منه فوراً ويصدقه فيما قال..

ومما شاهدناه ولا نزال نشاهده في مجالسنا جميعاً أنه إذا كان شخص يتحدث فإن الجميع يصدق ولا يجد في نفسه ما يدعوه لتكذيب الشخص.. بل لا يخطر احتمال كذبه بباله أصلاً!

ويعود هذا -والله أعلم- إلى أصل الفطرة فكل إنسان فطر على الصدق والكذب شيء دخيل ولذلك فإنك ترى كل إنسان يقيس الآخر على ما يجده في نفسه من الصدق..

ولذلك فقد اتفق العقلاء جميعاً على عدم الإنكار على من قابل الخبر بالتصديق ما لم يكن هناك ما يمنع من قبوله..

ومع ذلك فقد اتفق المسلمون على أن هذا التصديق لا يعني معاملة الخبر كما لوأنه من من الواقع المشاهد.. فلا يعتقد موجبه ولا يبنى عليه حكم.. وكأنه مشاهد في الواقع..

2-التصديق المنهجي: وهو التصديق القائم على الثقة بالراوي مع عدم وجود ما يمنع من قبول خبره..

أي أن هذا التصديق يقوم على ركنين:

-أولهما: الثقة بالراوي وهي تقوم بدورها على معرفة عين الراوي ومعرفة صدقه في الحديث وعدم العلم بصدور كذب منه ولو مرة في حياته أو ما يدل على مجازفته أو عدم شعوره بالمسؤولية..

وغني عن البيان أن هذا المنهج هو الذي ينتهجه أهل الحديث -رضوان الله عليهم- فهو يقوم على الثقة بالراوي مع عدم وجود ما يمنع من قبول خبره..

وقد اتفق المسلمون على أن هذا الخبر مقبول مطلقاً ويعتقد موجبه ويعمل بما جاء فيه مطلقاً.. ولا يلتفت إلى مجرد احتمال خطئه فهذا الاحتمال (لاشيء) عندهم بكل ما تحمل الكلمة من معنى!

3-التصديق العلمي: وهو أن يصدق الخبر بناءً على علم مشاهد محسوس سابق أو حاضر أو لاحق.. بحيث يطمئن إلى ما جاء في الخبر يقيناً بلا شك ولا احتمال..

ويكون هذا التصديق بالمشاهدة المباشرة أو باللوازم التي يلزم منها ما جاء في الخبر أو بالتواتر..

هذه هي أنواع التصديق باختصار غير مخل إن شاء الله..