صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 49
 
  1. #31
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    موضوع متميز غاليتي حنين اللقاء
    بارك الله فيك ورفع قدرك في الدارين
    الله يحفظك غاليتي صفاء أسعدني مرورك العطر عزيزتي

    جزاك الله خير الجزاء صفصف على دعائك الطيب لك بالمثل وزيادة

    ما شاء الله موضوع مميزة ورائع غاليتي حنين
    أسأل الله أن يبارك في علماء المغرب وسائر علماء المسلمين
    الله يحفظك عزيزتي نورا أسعدني مرورك العطر

    جزاك الله خيرالجزاء على دعائك الطيب لعلمائنا الاجلاء اللهم آمين يارب

    سررت بمرورك غاليتي وتتبعك لهذه السلسلة الكريمة

    الدعوة في اقطار اسلامية مختلفة أو ما يشبه هذا العنوان . قرأته في يوم واحد و لم أعد اذكر منه إلا بعض الطرائف اليسيرة
    ماشاء الله أخي الكريم زادك الله من فضله ويسر لك كل عسير
    تأثرت بهذا الشيخ الجليل تقي الدين الهلالي رحمه الله وسكنه فسيح جناته

    السلام عليكم اختي في الله و(بنت بلادي) بارك الله فيك على الموضوع وجزاكِ خيرا على المجهود
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    تشرفت بمرورك غاليتي بنت بلادي
    وفيك بارك الله جزاني الخير واياك أختي في الله





  2. #32
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    الدكتور العلامة فريد الانصاري

    فريد الأنصاري (ولد بإقليم الرشيدية، المغرب 1380 هـ/ 1960م - توفي 17 ذو القعدة1430 هـ/ 5 نوفمبر2009، تركيا) عالم دين وأديب مغربي، حصل علىالدكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص أصول الفقه، عمل رئيسا لقسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، المغرب. وأستاذا لأصول الفقه ومقاصد الشريعة بالجامعة نفسها. شغل منصب عضو في المجلس العلمي الأعلى بالمغرب. توفي بعد صراع مع المرض دام عدة سنوات، باستنبول، تركيا، ونقل جثمانه إلى مدينة مكناس، حيث دفن بمقبرة الزيتون.







    المسار العلمي والعملي
    • حاصل على دكتوراة الدولة في الدراسـات الإسـلامية، تخصص أصول الفقه، من جامعة الحسن الثاني، كلية الآداب، المحمدية،­ المغرب.
    • حاصل على دبلوم الدراسات العليا، دكتوراة السلك الثالث في الدراسات الإسلامية، تخصص أصول الفقه، من جامعة محمد الخامس، كلية الآداب، ­الرباط.
    • حاصل على دبلوم الدراسات الجامعية العليا (نظام تكوين المكونين)، الماجستير في الدراسات الإسلامية، ­ تخصص أصول الفقه، من جامعة محمد الخامس، كلية الآداب، ­ الرباط.
    • حاصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية من جامعة محمد بن عبد الله، كلية الآداب، ­ فاس، المغرب.
    • عضو المجلس العلمي الأعلى للمغرب.
    • رئيس المجلس العلمي المحلي بمكناس.
    • عضو اللجنة العلمية لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل، مكناس.
    • عضو مؤسس لمعهد الدراسات المصطلحية، التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد بن عبد الله، بفاس.
    • عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
    • رئيس سابق لشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب، جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، المغرب. لسنوات: 2000-2001م إلى 2002-2003م.
    • أستاذ زائر بدار الحديث الحسنية للدراسات الإسلامية العليا بالرباط لسنتي: 2003-2004م و 2004-2005م.
    • أستاذ بمركز تكوين الأئمة والمرشدات بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالرباط.
    • رئيس وحدة الدراسات العليا: الاجتهاد المقاصدي: التاريخ والمنهج، بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس.
    • أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس.
    • أستاذ كرسي التفسير بالجامع العتيق لمدينة مكناس.
    • خطيب جمعة وواعظ بعدد جوامع مكناس.
    مناقب

    إن الحديث عن إسهامات هذا الرجل العظيم الفريد لمن الصعوبات بمكان، ذلك أولا لكثرتها وتشعبها وتنوعها، فمؤلفاته أشبه ما تكون بحديقة غناء مفعمة بالأزهار والرياحين والفواكه المتشابهة وغير المتشابهة. وثانيا أن الكثير منها لم يجمع إلى حد الآن وينشر كما هو حال العديد من إسهاماته في الندوات العلمية والمناقشات الجامعية وما إلى ذلك. لقد ألف في صلب العلم وفي ملحه وحذر من أغاليطه، جمع بين العلوم الشرعية والفنون الأدبية وعلوم التربية وفقه الدعوة وفنون الخطابة والوعظ والإرشاد. واتجهت مؤلفاته العلمية الأخيرة إلى ترسيخ الدعوة لتأصيل العلم الشرعي وإشاعة "مجالس القرآن" وتدبر "بلاغات الرسالة القرآنية" أسوة بالتجربة النورسية (نسبة إلى الداعية التركي سعيد النورسي). عرف عن الشيخ صدق إيمانه وإخلاص نيته وحسن خُلُقه وتواضعه مع الناس مُطَلِّقا للدنيا. فرغم تقلده لعدة مناصب إلا أنه كان يعيش حياة بسيطة سواء من حيث المسكن والمأكل والملبس. كانت رسالته في الحياة دعوة الناس إلى الفطرة السليمة وارجاع الناس إلى القرآن مذاكرتا وسلوكا وهذا ما يتجلى في مختلف مؤلفاته ككتاب "مجالس القرآن من التلقي إلى التزكية". نزل قدر الله تعالى المتصرف في خلقه فقضى، ولا راد لقضائه، بوفاة علم من أعلام الإسلام الأفذاذ ومصباح من مصابيح الهدى، تميز برسوخه العلمي وجماله الأخلاقي ونهجه الإحيائي واجتهاده المقاصدي وسمته الراقي، اسمه: “فريد الأنصاري”. وإنه لحدث مر أبكى عيوننا وأحزن قلوبنا، كما أبكى عيون وأحزن قلوب الملايين من المحبين في مشارق الأرض ومغاربها، غير أننا بفضل إيماننا لا نقول إلا ما يرضي خالقنا موقنين أن الموت سنة من سنن الله تعالى السارية في الخلق، قال جل وعلا: {كل نفس ذائقة الموت}(آل عمران: 185) وقال أيضا: {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}(الرحمن: 24- 25).

    مكانة الأستاذ فريد من خلال شهادة أساتذته وآثاره

    وقد كان عالما ربانيا فريدا، شهد له بذلك علماء المغرب والمشرق، وفي مقدمتهم أستاذه ومربيه “فضيلة الدكتورالشاهد البوشيخي والذي أشاد بشخصه وعلمه في العديد من المناسبات. فمما قاله فيه وهو يقدم لأطروحته الفريدة “المصطلح الأصولي عند الشاطبي”: (أما ابني البار فريد فهو كاسمه فريد. وقد قلت له هذا غير مجامل في أول عمل علمي قدمه، وأقوله له اليوم بتوكيد أكثر، لأن هذا العمل الثاني أعمق وأدق، وأكثر عطاء، وأبعد أثرا إن شاء الله تعالى. ثم إن فريدا الفريد لم يكد يخلق إلا للعلم والبحث العلمي، في حدود عشرتي له. ولذلك فإني أهنئه من سويداء القلب، وأدعو له بمزيد من التوفيق، وأحثه على السير في هذا المجال بنفس الجهد، وبنفس العناية، وبالحرص الشديد الذي كان له قبل أنجاز هذه الرسالة). وشهد له أيضا ما خلف من آثار علمية وكتب قيمة، يكاد يمثل كل واحد منها نبراسا يبدد ظلاما حالكا ومصباحا يزيل ضبابا كثيفا خيم على أفهام الناس، خصوصا في هذا الزمان الذي هو زمان الغيم والرؤية العسيرة، ومن هذه المصابيح: الفطرية، بلاغ الرسالة القرآنية من أجل إبصار لآيات الطريق، جمالية الدين، قناديل الصلاة، مفهوم العالمية من الكتاب إلى الربانية، التوحيد والوساطة في التربية الدعوية، سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة، أبجديات البحث في العلوم الشرعية، البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي، الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب... وشهد له -زيادة على ما ذكر- مساره التعليمي بالعديد من الكليات والجامعات المغربية، والتي كان فيها فارسا مغوارا وعالما محنكا وباحثا كشافا، تجود قريحته بدرر وكنوز علمية ولطائف ونكت بلاغية تشد ألباب الطلبة إليها شدا، مما دفع الكثير منهم إلى التسابق من أجل النهل من ينبوع علمه الدفاق، والعب من عين بلاغته وفصاحته، والارتواء من فيوضات ونسمات رقائقه وتوجيهاته، والاستفادة من دقائق قواعد منهجه العلمي السديد. كما كان من أنصار الله تعالى، يصدق في حقه ما قاله الحواريون لعيسى : {قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون. ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين}(آل عمران : 51)، آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا وذاق حلاوة إيمانه فخاف وأدلج، وارتوت روحه بغيث القرآن فانسابت سيوله على فكره وسلوكاته. وعرف حق المعرفة أنه لا صلاح لأمر هذه الأمة إلا بما صلح به أوله، فحمل هم بلاغ القرآن وبيان حكمه وأحكامه وكيفية التعامل معه. والجدير بالذكر أنه وإن كان جثمانه الطاهر قد ووري التراب وعرجت روحه الملائكية إلى بارئها، فإنه ما مات، فما خلفه من قناديل مضيئة ومصابيح منيرة ستخلد اسمه في سفر تاريخ العظماء وسير النبلاء ومذكرات الصديقين والأتقياء، بل وستبوئه إن شاء الله تعالى، المنزلة العليا في دار القرار وتسكنه فسيح الجنان مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.

    أعماله العلمية

    • التوحيد والوساطة في التربية الدعوية (في جزئين)
    • أبجديات البحث في العلوم الشرعية: محاولة في التأصيل المنهجي
    • قناديل الصلاة - مشاهدات في منازل الجمال (كتاب في المقاصد الجمالية للصلاة)
    • الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب: دراسة في التدافع الاجتماعي
    • المصطلح الأصولي عند الشاطبي (أطروحة الدكتوراه)
    • ميثاق العهد في مسالك التعرف إلى الله
    • جمالية الدين: كتاب في المقاصد الجمالية للدين
    • بلاغ الرسالة القرآنية من أجل إبصار لآيات الطريق
    • سيماء المرأة في الإسلام بين النفس والصورة (تُرجم للفرنسية Les Secrets du Hijab)
    • البيان الدعوي وظاهرة التضخم السياسي - نحو بيان قرآني للدعوة الإسلامية
    • الفجور السياسي والحركة الإسلامية بالمغرب - دراسة في التدافع الإجتماعي
    • مجالس القرآن من التقلي إلى التزكية (تُرجم للفرنسية Autour du Coran)
    • مفهوم العالِمية من الكتاب إلى الربانية
    • مفاتح النور - نحو معجم شامل للمصطلحات المفتاحية لكليات رسائل النور لسعيد النورسي (تُرجم للتركية Risale-i Nur'un Anahtar Kavramları)
    • الأخطاء الستة للحركة الإسلامية بالمغرب
    • الفطرية - بعثة التجديد المقبلة من الحركة الإسلامية إلى دعوة الإسلام
    • الدين هو الصلاة والسجود لله باب الفرج
    • مجالس القرآن من التلقي إلى البلاغ - مدارسات في رسالات الهدى المنهاجي للقرآن الكريم من التلقي إلى البلاغ
    • كاشف الأحزان ومسالح الأمان
    • تفسير سورة البقرة وجزء من سورة آل عمران وسور ق والذاريات والطور والنجم
    • مصطلحات أصولية في كتاب الموافقات للشاطبي (رسالة شهادة الدراسات العليا، نوقشت سنة 1989م بكلية الآداب بالرباط)
    أعماله الأدبية







    كان فريد الأنصاري عضو فيرابطة الأدب الإسلامي العالمية. من أعماله الأدبية:
    قصيدة كيف تلهو وتلعب !

    مقالاته

    لفريد الأنصاري عدد كبير من المقالات متعلقة بعدة مجالات نُشرت بجرائد ومجلات محلية ووطنية ودولية. وقد كان الشيخ مشرف مؤسس لمجلة رسالة القرآن المغربية. من بين الجرائد التي نشرت مقالات بقلم الشيخ: التجديد المغربية، المحجة المغربية، المساء المغربية... أما المجلات فنذكر: حراء التركية، إسلام أون لاين الالكترونية، رسالة القرآن المغربية... كما يحوي موقع الفطرية الذي أسسه عدد من مقالاته.

    جنازته

    توفي الخميس 5 نوفمبر 2009 بمستشفى سماءباستنبولبتركيا وتم نقل جثمانه إلى المغرب ليدفن بمدينة مكناس يوم الأحد 8 نونبر 2009 في مقبرة الزيتون بعد أداء صلاة الجنازة بعد صلاة الظهر بمسجد الأزهر المعروف بجامع الاروى بحي السلطان محمد بن عبد الله. وقد كان المسجد يومها ممتلئا عن آخره رغم كبر مساحته وامتلئت الساحة أمام المسجد بالمصلين الآتين من كل حدب وصوت من المغرب وخارجه وكان هذا ملحوظا. كان عدد المشيعين للجنازة يقدرون بالآلاف في موكب مهيب حيث امتلئت الطرقات والأزقة المؤدية للمقبرة بالمشيعين كما امتلئت المقبرة ومحيطها بالناس بل حتى أسطح المنازل لمتابعة مراسم الدفن والجنازة.


    دروس ومحاضرات للدكتور فريد الانصاري رحمه الله

    مواقع تضم دروس قيمة للدكتور العلامة فريد الأنصاري رحمه الله


    http://faridalansari.maktoobblog.com/

    http://www.youtube.com/user/3abdonda3if


    خطب ودروس للدكتور رحمه الله

    1)الرهن والربا1


    2)الرهن والربا2



    3)فتن الامطار الفضائية





    4 حديث خمس بخمس




    5)مقاطعة الكفار



    6)ان هذا القران يهدي


    ثناء الدكتور طارق سويدان على الدكتور فريد الانصاري رحمه الله







  3. #33
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    الامام ابن حزم الاندلسي




    اسمه ونسبه:

    هو: الإمامُ الأوحدُ، البحرُ، ذو الفنون والمعارف، الفقيهُ الحافظُ، المتكلِّمُ الأديبُ، الوزيرُ الظَّاهريُّ، صاحبُ التَّصانيف؛ أبو محمَّدٍ عليُّ بنُ أحمدَ بنِ سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد، الفارسيُّ الأصل، ثمَّ الأندلسيُّ القرطبيُّ اليزيديُّ؛ مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي ـ رضي الله عنه ـ المعروف بيزيد الخير، نائب أمير المؤمنين أبي حفصٍ عمر بن الخطَّاب ـ رضي الله عنه ـ على دمشقَ. فكان جده يزيد؛ مولىً للأمير يزيد أخي معاوية، وكان جدُّه خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام المعروف بالدَّاخل

    مولـده:

    قال القاضي صاعد بن أحمد التَّغْلبيُّ (462هـ): كتبَ إليَّ ابنُ حزمٍ ـ بخطِّه ـ يقول: ولدتُ بقرطبةَ، في الجانب الشَّرقي، في رَبَضِ منية المغيرة، قبل طلوع الشَّمس، وبعد سلام الإمام من صلاة الصُّبح، ءاخر ليلة الأربعاء، ءاخر يومٍ من شهر رمضانَ المعظَّم ـ وهو اليوم السابع من نُوَنْيِر
    سنة أربع وثمانين وثلاث مئة، بطالع العقرب.

    شيوخه:

    وسمع في سنة أربع مئة وبعدها؛ من طائفةٍ، منهم:

    1-يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود؛ عُرِفَ بابن وَجْه الجنَّة (304-402هـ)؛ صاحب قاسم بن أصبغ (340هـ)، فهو أعلى شيخٍ عنده.

    2-ومن أبي عمر أحمد بن محمد بن أحمد الأمويِّ القرطبيِّ، ابن الجسور (401هـ).

    3-ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي (338-429هـ).

    4-وحُمَام بن أحمد القاضي (357-421هـ).

    5-ومحمد بن سعيد بن محمَّد بن نبات الأُمويِّ القرطبيِّ (335-429هـ).

    6-وعبد الله بن ربيع التَّميميِّ (330-415هـ).

    7-وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر، أبي القاسم الهمدانيِّ الوهرانيِّ (338-411هـ)

    8-وأبي عمر أحمد بن محمد الطَّلْمَنْكيِّ (429هـ).

    9-وعبد الله بن يوسف بن نامي (348-435هـ).

    10-وأحمد بن قاسم بن محمَّد بن قاسم بن أصبغ (430هـ).

    وينزل إلى أن يروي عن:

    11-أبي عمر بن عبد البرِّ (368-463هـ).

    12-وأحمد بن عمر بن أنس العُذْريِّ (393-478هـ).

    وأول سماعه من ابن الجَسور في حدود سنة أربع مئة

    وأجود ما عنده من الكتب ((سنن النَّسائيِّ)) يحمله عن ابن ربيع، عن ابن الأحمر؛ عنه. وأنزل ما عنده ((صحيحُ مسلمٍ)) بينه وبينه خمسة رجال، وأعلى ما رأيتُ له حديث بينه وبين وكيعٍ فيه ثلاثة أنفس.

    تلاميذه:

    حدَّث عنه: ابنُهُ أبو رافع الفَضْلُ (479هـ) وأبو عبد الله محمَّد بن فُتوح الحميديُّ (488هـ)؛ فأكثرَ، ووالد القاضي أبي بكرٍ ابن العربيِّ وطائفة.

    وءاخر من روى عنه بالإجازة: أبو الحسن شُريح بن محمَّد الرعينيُّ الإشبيليُّ (539هـ)
    نشأته:

    نشأ في تنعُّمٍ ورفاهيَّةٍ، ورُزِقَ ذكاءً مفرطاً، وذهناً سيَّالاً، وكتباً نفيسةً كثيرةً. وكان والده من كُبَراء أهل قرطبة؛َ عمل الوزارة في الدَّولة العامرية، وكذلك وَزَرَ أبو محمَّد في شَبِيبَتِهِ.

    وكان قد مهر أوَّلاً في الأدب والأخبار والشِّعر، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة؛ فأثَّرت فيه تأثيراً لَيْتَهُ سَلِمَ من ذلك، ولقد وقفتُ له على تأليفٍ يحضُّ فيه على الاعتناء بالمنطق، ويقدِّمه على العلوم؛ فتألَّمْتُ له، فإنَّه رأسٌ في علوم الإسلام، متبحِّرٌ في النَّقل، عديم النَّظير، على يُبْسٍ فيه، وفَرْطِ ظاهِرِيَّةٍ؛ في الفروع لا الأصول.



    وفي الجملة؛ فالكمال عزيز، وكلُّ أحدٍ يُؤخذ من قوله ويترك؛ إلا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.

    منزلتـه العلميــة:

    وكان ينهض بعلومٍ جمَّةٍ، ويُجيد النَّقل، ويُحْسِنُ النَّظْمَ والنَّثْرَ. وفيه دِينٌ وخَيْر، (وتورُّعٌ، وتزهُّدٌ، وتحرٍّ للصِّدق) ومقاصدُهُ جميلةٌ، ومصنَّفاته مفيدةٌ، وقد زهد في الرِّئاسة، ولزم منزله؛ مُكِبَّاً على العلم، فلا نغلو فيه، ولا نجفو عنه، وقد أثنى عليه قَبْلَنا الكبارُ:

    قال أبو حامد الغزَّالي (505هـ) ـ رحمه الله ـ قَدْ وَجَدْتُ في أسماء الله تعالى كتاباً ألَّفه أبو محمَّد بنُ حزمٍ الأندلسيُّ؛ يدلُّ على عِظَمِ حِفْظِهِ، وسيلان ذِهْنِهِ.


    وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد
    :و كان ابنُ حزم أجمعَ أهل الأندلس قاطبةً لعلوم
    الإسلام، وأوسعَهم معرفةً، مع توسعه في علم اللِّسان، ووُفور حظِّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفةِ بالسِّيَر والأخبار. أخبرني ابْنُهُ الفَضْلُ أنَّه اجتمع عنده بخطِّ أبيه ـ أبي محمَّدٍ ـ من تواليفه؛ أربعُ مئةِ مجلَّدٍ، تشتمل على قريبٍ من ثمانينَ ألف ورقةٍ

    قال أبو عبد الله الحميديُّ كان ابنُ حزمٍ حافظاً، عالماً بعلوم الحديث وفقهه، مُسْتنبطاً للأحكام من الكتاب والسُّنَّة، متفنِّناً في علوم جمَّةٍ، عاملاً بعلمه، زاهداً في الدُّنيا بعد الرئاسة التي كانت له ولأبيه من قبله من الوزارة وتدبير الممالك، متواضعاً، ذا فضائل جمَّة، وتواليف كثيرة في كلِّ ما تحقَّق به في العلوم، وجمع من الكتب في علم الحديث، والمصنَّفات، والمُسندات؛ شيئاً كثيراً، وسمع سماعاً جمَّاً. وما رأينا مِثْلَهُ ـ رحمه الله ـ فيما اجتمع له من الذَّكاء، وسُرْعَةِ الحفظ، وكرم النَّفْس، والتَّدَيُّن. وكان له في الأدب والشِّعر نَفَسٌ واسعٌ، وباعٌ طويلٌ، وما رأيتُ من يقول الشِّعر على البديهة أسرعَ منه، وشعره كثيرٌ؛ جَمعتُه على حروف المعجم.

    وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عُمَر من وزراء المنصور محمَّد بن أبي عامر؛ مدبِّر دولة المؤيَّد بالله بن المستنصر المروانيِّ، ثم وزر للمظفَّر بن المنصور، ووَزَرَ أبو محمَّد للمُسْتظهر بالله عبد الرَّحمن بن هشام، ثم نَبَذَ هذه الطريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعية، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثم أعرضَ عنه.

    قلتُ: ما أعرضَ عنه حتَّى زرع في باطنه أموراً، وانحرافاً عن السُّنَّة.

    قال: وأقبل على علوم الإسلام حتَّى نال من ذلك ما لم ينله أحدٌ بالأندلس قبله.

    وقد حَطَّ أبو بكر ابن العربيِّ على أبي محمَّدٍ؛ في كتاب: ((القواصم والعواصم)) وعلى الظَّاهريَّة، ولم يُنْصِف القاضي أبو بكر ـ رحمه الله ـ شيخ أبيه في العلم، ولا تكلَّم فيه بالقِسْط، وبالغ في الاستخفاف به، وأبو بكر ـ فعلى عظمته في العلم ـ لا يبلغ رُتْبة أبي محمَّد؛ ولا يكادُ، فرحمهما الله، وغفر لهما.

    قال اليَسَعُ ابنُ حزمٍ الغافقيُّ (575هـ) ـ وذكر أبا محمَّدٍ ـ فقال: أمَّا محفوظه؛ فبحرٌ عجَّاج، وماءٌ ثجَّاجٌ، يخرج من بحره مَرجان الحِكَم، وينبت بثَجَّاجه ألفاف النِّعم في رياض الهِمم، لقد حفظ علوم المسلمين، وأربى على كلِّ أهلِ دِينٍ، وألَّف: ((الملل والنِّحَل)). وكان في صباه يلبس الحرير، ولا يرضى من المكانة إلا بالسَّرير، أنشدَ المعتمدَ؛ فأجاد، وقصد بَلَنْسِيَةَ وبها المظفَّر أحدُ الأطواد. وحدَّثني عنه عمرُ بنُ واجب؛ قال: بينما نحن عند أبي ببَلَنْسِيَةَ، وهو يدرِّس المذهب، إذا بأبي محمَّدٍ بن حزم يَسْمَعُنا؛ ويتعجَّبُ، ثم سألَ الحاضرينَ مسألةً مِن الفقه، جُووب فيها، فاعترضَ في ذلك، فقال له بعض الحُضَّار: هذا العلمُ ليس مِنْ مُنْتَحَلاتِكَ! فقامَ وقَعَدَ، ودخل منزله فعَكَفَ، ووَكَفَ منه وابلٌ فما كَفَّ، وما كان بعدَ أشهرٍ قريبةٍ حتى قَصَدْنا إلى ذلك الموضع، فناظر أحسنَ مناظرةٍ، وقال فيها: أنا أتَّبِعُ الحقَّ، وأجتهدُ، ولا أتقيَّدُ بمذهبٍ.

    أشهر مصنَّفاتـه:


    ولابن حزم مصنَّفات جليلةٌ:

    1.أكبرها كتابُ: ((الإيصال إلى فهم كتاب الخِصَال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام [وسائر الأحكام؛ على ما أوجبه القرءان] والسنة والإجماع))أورد فيه أقوال الصَّحابة فمن بعدهم في الفقه، والحجةَ لكلِّ قول، وهو كتاب كبير، [في] خمسة عشر ألف ورقة.

    2.((الخصال الحافظ لجمل شرائع الإسلام)) مجلدان.

    3.((المُجَلَّى)) في الفقه، (على مذهبه واجتهاده)، مجلد.

    4.((المُحَلَّى في شرح المُجَلَّى بالحُجَج والآثار)) ثماني مجلدات، في غاية التقصِّي.

    قال الشَّيخ عزُّ الدِّين بنُ عبد السَّلام (660هـ) ـ وكان أحدَ المجتهدين ـ: ما رأيتُ في كُتُبِ الإسلام في العلم مِثْل: ((المحلَّى)) لابن حزم، وكتاب: ((المغني)) للشَّيخ موفق الدِّين

    قلتُ: لقد صدق الشَّيخ عز الدين، وثالثهما: ((السُّنن الكبير)) للبيهقيِّ (458هـ)، ورابعها: ((التَّمهيد)) لابن عبد البَرِّ. فمن حصَّل هذه الدَّواوين، وكان من أذكياء المُفْتين، وأدمن المطالعة فيها؛ فهو العالم حَقَّاً

    5.((حَجَّة الوداع)).

    6.((الإجماع))

    7.((الإحكام لأصول الأحكام)) في غاية التقصِّي [وإيراد الحجاج].

    8.((إظهار تبديل اليهود والنَّصارى للتَّوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم مما لا يحتمله التَّأويل))؛ وهو كتاب لم يسبق إليه في الحسن.

    9.((الفَصْل في الملل والنحل)، مجلدان كبيران.

    10.((التقريب لحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية والأمثلة الفقهية))، مجلد.

    11.((نقط العروس))، مجيليد.

    وغير ذلك، ومما له في جزء أو كراس:

    12. ((النبذ الكافية))

    13.((النكت الموجزة في نفي الرأي والقياس والتعليل والتقليد)) مجلد صغير

    14.((السِّير والأخلاق)) واشياء سوى ذلك.

    يرتبط بمصنفات ابن حزم حادثة خطيرة طالما تكررت بالأندلس كلما ضاق أهلها باحد ممن يخالفهم من العلماء، وهي إحراق كتبه علانية بإشبيلية، بيد أنها لم تفقد من جراء ذلك، فقد كان له جماعة من تلاميذه النجباء الذين قدروا فكره وحافظوا على كتبه التي كانوا يمتلكونها بنسخها ونشرها بين الناس، ولذا فعندما أحصاها ابن مرزوق اليحصبى وهو من المتأخرىن وجدها ثمانين ألف ورقة، وهو نفس إحصاء أبو رافع الفضل في القرن الخامس الهجرى /الحادى عشر الميلادى، ويمكن أن نرجع أسباب هذه الحادثة في الآتى :-

    • أولا : ثقة ابن حزم بنفسه عند منازلة كبار فقهاء المالكية، وعدم تردده في تسفيه آراءهم طالما خالفت الحق.
    • ثانيا: تنديده بولاية خلف الحصرى للخلافة بإشبيلية، ومبايعته على أنه هشام المؤيد سنة 325هـ/1033م في عهد محمد بن إسماعيل القاضى والد المعتضد بن عباد ، فعندما حل بإشبيلية أوقع به المعتضد أشد إيقاع لما صدر منه من إثارة الناس حول محمد بن إسماعيل رأس الاسرة العبادية.
    • ثالثا: معارضة فقهاء المالكية له وسعيهم لدى السلطان للإيقاع به وإثارة العامة ضده ومن ثم التقت أغراضهم مع ما كان يرمى إليه المعتضد، فكانت واقعة إحراق كتبه على مسمع ومرأى من الناس.
    • رابعا: نزعة ابن حزم الأموية ودعوته لإعادة حكم الأمويين في الوقت الذي قطع فيه معظم ملوك الطوائف كل صلة بالأموية الأندلسية، وحاول كل واحد منهم أن يحقق استقلالا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، خاصة المعتضد الذي ما وافق على خدعة أبيه بعد وفاته بمبايعة خلف الحصرى بإشبيلية على أنه هشام المؤيد إلا ليصبغ الشرعية على محاولته الاستقلالية، وليرضى أصحاب النزعات الأموية بإمارته. فلما تحقق له ذلك أعلن وفاة الخليفة المزعوم.
    • خامسا: أن ابن حزم لم يكن ينظر إلى أمراء عصره ومنهم المعتضد نظرة إكبار فهو وزير ابن وزير، وما كان له أن ينظر إليهم أكثر من نظرته إلى من دونه أو من ليسوا أكبر منه، وهم يأنفون من ذلك الأمر الذي دفع المعتضد إلى تدبير مؤامرة تجعله ذليلا لا يشمخ براسه عليه ولا على غيره هي إحراق كتبه.

    وبالرغم من هذه المؤامرة التي ألمت بابن حزم فلم يتحقق للمعتضد ما كان يصبو إليه من كسر كبريائه وإذلاله، بل ظل الرجل يشمخ بمكانته وعلمه وعقله هنا وهناك دون ضعف ولا ذلة، لكنه آثر السلامة وغادر إشبيلية إلى قريته منت ليشم التي كان يمتلكها ويتردد عليها، وظل بها يمارس التصنيف والتدريس حتى وافته المنية عشية يوم الأحد 28 شعبان 456هـ/15 يوليو 1063م وليس كما ذهب البعض من أن وفاته كانت سنة 457هـ/1064م، ولا 455هـ/1063م لأن أبا رافع ولد ابن حزم هو الذي كتب التاريخ الذي ذكرناه، وهو الأعلم من أى أحد بتاريخ وفاة والده، فضلا عن أن معظم من ترجم لابن حزم ذكروا سنة وفاته كما ذكرها ابنه الفضل

    نماذج من شعره:
    كتب إلينا المعمَّر العالم أبو محمَّد عبد الله بن محمد بن هارون ـ من مدينة تونس، عام سبعِ مئةٍ ـ عن أبي القاسم أحمد بن يزيد القاضي، عن شريح بن محمَّد الرُّعينيِّ؛ أنَّ أبا محمَّد بن حزم كتبَ إليه ـ فيما أحرقَ له المُعْتَضِدُ بن عَبَّاد من الكُتُب ـ يقول:

    فإنْ تَحْرِقُوا القِرْطَاس لا تَحْرِقُوا الَّذِي ، تَضَمَّنَهُ القرطاسُ بَلْ هو في صَدْرِي
    يَسِيرُ معي حيثُ اسْتـَقَلَّتْ رَكائِبـِي ، وَيَـنزِلُ إنْ أَنْـزِلْ ويُدْفَن في قَبْري
    دَعُونِيَ مِنْ إحْـــرَاقِ رَقٍّ وكَاغَدٍ ، وَقُولُوا بِعِلْمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدري
    وإلا فَعُـــودُوا في المَكَاتِبِ بَـدْأَةً ، فَـكَمْ دُونَ مَا تَبْغُـونَ لله مِنْ سـِتْرِ
    كذـَاكَ النَّصَارى يَحْرِقُونَ إذا عَلَتْ ، أكـــفُّهُم القُرْءانَ في مُـدُنِ الثَّغْرِ

    وبه لابنِ حزمٍ:

    أُشْــهِدُ اللهَ والمَلائِكَ أنّــِي ، لا أرَى الـرَّأْيَ والمَقَايِيسَ دِينا
    حــاشَ لله أنْ أقُولَ سِوى مَا ، جـاء في النَّصِّ والهُدَى مُسْتَبِينَا
    كَيْفَ يَخْفَى علَى البَصَائِرِ هذَا ، وهـو كالشَّمْسِ شُهْرَةً وَيَقِينَا

    فقلتُ مُجِيباً له :
    لو سَلِمْتُمْ مِنَ العُمُومِ الَّذي ، نَعْلَمُ قَطْعاً تَخْصِيصَهُ ويَقِيناً
    وَتَرَطَّبْتُمْ فكَمْ قَدْ يَبِسْتُمْ ، لَرَأَيْنا لكم شُفُوفاً مُبِيناً
    ولابنِ حزمٍ:
    مُنَايَ من الدُّنْيا علومٌ أبُثُّها ، وَأَنْشُرُها في كُلِّ بَادٍ وحَاضِرِ
    دُعاءٌ إلى القُرءانِ والسُّنَنِ التي ، تَناسَى رِجالٌ ذِكْرَها في المَحَاضِرِ
    وَأَلْزَمُ أطْرافَ الثُّغُور مُجَاهداً ، إذَا هَيْعَةٌ ثَارَتْ فَأَوَّلُ نافِرِ
    لألْقَى حِمامي مُقْبلاً غيرَ مُدْبِرٍ ، بِسُمْرِ العَوالي والرِّقاق البَواتِرِ
    كِفَاحاً مع الكُفَّار في حَوْمَةِ الوَغَى ، وأَكْرَمُ مَوْتٍ لِلْفَتى قَتْلُ كافِرِ
    فَيَا رَبِّ لا تَجْعَل حِمامِي بغَيْرِها ، ولا تَجْعَلَنِّي مِنْ قَطِيِن المقابِرِ

    ومِنْ شِعْره:
    هلِ الدَّهرُ إلا ما عَرَفْنَا وأَدْرَكْنَا ، فَجَائِعُهُ تَبْقَى وَلذَّاتُهُ تَفْنَى
    إذا أَمْكَنَتْ فيه مَسَرَّةُ ساعةٍ ، تَوَلَّتْ كَمَرِّ الطَّرْفِ واسْتَخْلَفَتْ حُزْنَا
    إلى تَبِعاتٍ في المَعَادِ وَمَوْقِفٍ ، نَوَدُّ لَدَيْهِ أنَّنَا لم نَكُنْ كُنَّا
    حَنِينٌ لما وَلَّى وشُغْلٌ بما أَتَى ، وَهَمٌّ لما نَخْشَى فَعَيْشِكُ لا يَهْنَا
    حَصَلْنا على هَمٍّ وإثْمٍ وحَسْرَةٍ ، وفاتَ الَّذي كُنَّا نَلَذُّ بِهِ عَنَّا
    كأنَّ الذي كُنَّا نُسَرُّ بكَوْنِهِ ، إذا حقَّقَتْهُ النَّفْسُ لَفْظٌ بلا مَعْنَى

    أنشدنا أبو الفهم بن أحمد السُّلَمي، قال: أنشدنا ابنُ قُدامة، قال: أنشدنا ابنُ البَطِّي، قال: أنشدنا أبو عبد الله الحميديُّ، قال: أنشدنا أبو محمَّد عليُّ بن أحمد ـ لنفسه ـ:
    لا تَشْمَتَنَّ حاسِدي إنْ نَكْبَةٌ عَرَضَتْ ، فالدَّهْرُ لَيْسَ على حَال بمُتَّرِكِ
    ذُو الفَضْل كالتِّبْرِ طَوْراً تَحْتَ مَيْفَعَةٍ، وتارةً في ذُرَى تاجٍ علَى مَلِكِ
    وشِعْرُه فَحْلٌ كما ترى، وكان يُنْظِمُ على البَدِيه.
    وله يفتخر

    أنا الشَّمْسُ في جَوِّ العُلُوم مُنيرةً ، ولكنَّ عَيْبي أنَّ مَطْلَعِي الغَرْبُ
    ولو أنَّنِي مِنْ جانب الشَّرْقِ طالِعٌ ، لَجَدَّ على ما ضَاعَ مِنْ ذِكْرِيَ النَّهْبُ
    وَلِي نحوَ أكْنَافِ العِراقِ صَبَابَةٌ ، ولا غَرْوَ أن يَسْتَوْحِشَ الكَلِفُ الصَّبُّ
    فإنْ يُنْزِلِ الرَّحمنُ رَحْلِيَ بَيْنَهُمْ ، فَحِينَئِذٍ يَبْدُو التَّأَسُّفُ والكَرْبُ
    فكَمْ قائِلٍ أغفلتُه وهو حاضِرٌ ، وأطْلُبُ ما عَنْهُ تَجِيءُ بِهِ الكُتُبُ[15]
    هُنالِكَ يُدْرى أنَّ للْبُعْدِ قِصَّةً ، وأنَّ كَسَادَ العِلْمِ ءافَتُهُ القُرْبُ
    فَواعَجَباً مَنْ غابَ عَنْهُم تشَوَّقُوا ، لَهُ ودُنُوُّ المَرْءِ مِنْ دَارِهِمْ ذَنْب[16]ُ

    وَلَهُ:
    أَنَائِمٌ أنتَ عَن كُتُبِ الحديثِ وما ، أتى عَنِ المُصْطَفَى فِيها مِنَ الدِّينِ
    كمُسْلِمٍ والبُخَاريِّ اللَّذَيْنِ هُمَا ، شَدَّا عُرَى الدِّينِ في نَقْلٍ وتَبْيينِ
    أَوْلَى بأجْرٍ وتَعْظِيمٍ ومَحْمَدَةٍ ، مِنْ كُلِّ قَوْلٍ أتَى مِنْ رَأْيِ سُحْنُونِ
    يا مَنْ هَدَى بِهِمَا اجْعَلْنِي كَمِثْلِهِما ، في نَصْرِ دِينِكَ مَحْضَاً غَيْرَ مَفْتُونِ

    ومِنْ نَظْمِهِ ـ أيضاً ـ:
    لم أَشْكُ صَدَّاً ولم أُذْعِنْ بِهِجْرَانِ ، ولا شَعَرْتُ مَدَى دَهْرِي بسُلْوَانِ
    أسماءُ لم أَدْرِ مَعْناها ولا خَطَرَتْ ، يَوْماً عَلَيَّ ولا جَالَتْ بِمَيْدَانِي
    لكِنَّمَا دائِيَ الأَدْوَا الَّذِي عَصَفَتْ ، عَلَيَّ أرْوَاحُهُ قِْدماً فأَعْيَانِي
    تَفَرُّقٌ لم تَزَلْ تَسْرِي طَوَارِقُهُ ، إلى مَجَامِعِ أحْبَابِي وخِلانِي
    كأنَّما البَيْنُ بي يَأتَمُّ حيثُ رأى ، لِي مَذْهَباً فهو يَتْلُونِي ويَغْشَانِي
    وكنتُ أحسَبُ عندي للنَّوى جَلَدَاً ، دَاءٌ عَنا في فُؤادِي شَجْوُهَا العَانِي
    فَقَابَلَتْني بألوانٍ غَدَوْتُ بِهَا ، مقابَلاً من صَباباتي بأَلوانِ

    وله ـ أيضاً ـ:
    قالُوا تَحَفَّظْ فإنَّ النَّاسَ قَدْ كَثُرَتْ ، أقوالُهُمْ وأقاوِيلُ الوَرَى مِحَنُ
    فقلتُ: هَلْ عَيْبُهُمْ لي غَيْرَ أنِّي لا ، أقولُ بالرَّأيِ إذْ في رَأْيِهِم فِتَنُ
    وَأنَّنِي مُولَعٌ بالنَّصِّ لَسْتُ إلى ، سِوَاهُ أنْحُو ولا في نَصْرِهِ أَهِنُ
    لا أَنْثَنِي لِمَقَايِيسَ يُقال بها ، في الدِّينِ بَلْ حَسْبِيَ القُرءانُ والسُّنَنُ
    يا بَرْدَ ذَا القَوْلِ في قَلْبِي وفي كَبِدِي ، ويا سُرُوري به لو أنَّهم فَطِنُوا
    دَعْهُمْ يَعَضُّوا على صُمِّ الحَصَى كَمَداً ، مَنْ مَاتَ مِنْ قَوْلِهِ عِنْدي لَهُ كَفَنُ


    ولأبي بكر أحمد بن سليمان المروانيِّ، يمدح ابن حزم ـ رحمه الله ـ:
    لمَّا تَحَلَّى بِخُلُقٍ ، كَالمِسْكِ أوْ نَشْرِ عُوْدِ
    نَجْلُ الكِرَامِ ابنُ حَزْمٍ ، وَفَاقَ في العِلْمِ عُوْدِي
    فَتْوَاهُ جَدَّدَ دِينِي ، جَدْوَاهُ أَوْرَقَ عُودِي
    أقُولُ ـ إذ غِبْتُ عَنْهُ ـ: ، يا سَاعَةَ السَّعْدِ عُودِي

    ابن حزم في '' جذوة المقتبس '' لتلميذه الحميدي

    ابن حزم في الصلة لابن شكوال

    ابن حزم ''في المعجب لأخبار المغرب '' للمراكشي

    مؤلفات ابن حزم من الموقع الرسمي لمشروع تحقيق تراث ابن حزم

    أقرأ المزيد عن الامام ابن حزم من هنا








  4. #34
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    يوسف ابن تاشفين أسد المرابطين وبطل الزلاقة

    يوسف الشرق ويوسق الغرب

    عندما تذكر البطولة والشجاعة والأعمال العظيمة فإنه سوف يتبادر إلى ذهن معظم المسلمين عدة أسماء بعينها يحفظونها في كل موطن، فمن الصحابة مثلاً خالد بن الوليد، وحمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبى طالب، رضي الله عنهم أجمعين، وينسون أن جيل الصحابة كان في معظمه أبطالاً شجعاناً لا يثبت لهم العدو في القتال فواق ناقة، أما من بعد الصحابة فتجد الناس لا يعرفون إلا صلاح الدين الأيوبي، واسمه يوسف بن أيوب، وسيف الدين قطز، والظاهر بيبرس، ثم تنقطع بعدهم الأسماء ولا يذكرون أحداً غيرهم إلا قليلاً، وذلك على الرغم من أن هناك أبطالاً للمسلمين سجلوا أروع البطولات وقاموا بأعظم الأدوار في حماية الأمة، منهم صاحبنا "يوسف بن تاشفين" الذي أنقذ بلاد المغرب والأندلس من الضياع في فترة بالغة الحساسية، والعجيب أن الشهرة طارت كلها ليوسف الشرق الذي حرر بيت المقدس، والنسيان والإهمال كله كان من نصيب يوسف الغرب الذي كان له الدور الأكبر في إنقاذ دولة الإسلام في الأندلس من السقوط، وأجّل هذا السقوط لأربعة قرون كاملة

    هو يوسف بن تاشفين ناصر الدين بن تالاكاكين الصنهاجي ,ثاني ملوك المرابطين بعد عمه او ابن عمه أبو بكر بن عمر. واتخذ لقب "أمير المسلمين" وهو اعظم ملك مسلم في وقته. أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من حدود تونس حتى غانا جنوبا والاندلس شمالا وانقذ الاندلس من ضياع محقق وهو بطل معركة الزلاقة وقائدها. وحد وضم كل ملوك الطوائف في الأندلس إلى دولته بالمغرب (ح. 1090) بعدما استنجد به أمير أشبيلية.
    عرف بالتقشف والزهد والشجاعة. قال "الذهبي" في "سير أعلام النبلاء":
    كان ابن تاشفين كثير العفو، مقربًا للعلماء، وكان أسمر نحيفًا، خفيف اللحية، دقيق الصوت، سائسًا، حازمًا، يخطب لخليفة العراق... ووصفه "بدر الشيخ" في "الكامل" بقوله:
    كان حليمًا كريمًا، دينًا خيرًا، يحب أهل العلم والدين، ويحكّمهم في بلاده، ويبالغ في إكرام العلماء والوقوف عند إشارتهم، وكان إذا وعظه أحدُهم، خشع عند استماع الموعظة، ولان قلبُه لها، وظهر ذلك عليه، وكان يحب العفو والصفح عن الذنوب العظام...


    يوسف ابن تاشفين وقيام دولة المرابطين بالمغرب



    يعتبر يوسف بن تاشفين بحق واحداً من عظماء المسلمين المغاربة الذين جدّدوا للأمة أمر دينها ولم يأخذ حقه من الاهتمام التاريخي إلا قليلاً.
    وشخصية يوسف بن تاشفين شخصية إسلامية متميزة استجمعت من خصائل الخير وجوامع الفضيلة ما ندر أن يوجد مثلها في شخص مثله. فيوسف بن تاشفين أبو يعقوب لا يقل عظمة عن يوسف بن أيوب الملقب بصلاح الدين الأيوبي، وإذا كان الأخير قد ذاع صيته في المشرق الإسلامي وهو يقارع الصليبيين ويوحد المسلمين، فإن الأول قد انتشر أمره في المغرب الإسلامي وهو يقارع الإسبان والمارقين من الدين وملوك الطوائف ويوحد المسلمين في زمن كان المسلمون فيه أحوج ما يكونون إلى أمثاله. نشأ يوسف بن تاشفين في موريتانيا نشأة إيمانية جهادية، وأصله من قبائل «صنهاجه اللثام» البربرية.


    كانت الظروف السياسية السائدة في زمنه غاية في التعقيد وغلب عليها تعدد الولاءات وانقسام العالم الإسلامي وسيطرة قوى متناقضة على شعوبه. ففي بغداد كانت الخلافة العباسية من الضعف بمكان بحيث لا تسيطر على معظم ولاياتها، وفي مصر ساد الحكم الفاطمي، وفي بلاد الشام بدأت بواكير الحملات الصليبية بالنزول في سواحل الشام، وفي الأندلس استعرت الخصومة والخيانة وعم الفساد بين ملوك طوائفها، وأما في بلاد المغرب الإسلامي حيث نشأ وترعرع فكانت قبائل مارقة من الدين تسيطر على الشمال المغربي، وتحصن مواقعها في ا لمدن الساحلية كسبتة وطنجة ومليلة، وهي من آثار الدولة العبيدية الفاطمية التي تركت آثاراً عقيدية منحرفة تمثلت في جزء منها بإمارة تسمى الإمارة البرغواطية سيطرت على شمال المغرب وبنت أسطولاً قوياً لها وحصنت قواتها البحرية المطلة على مضيق جبل طارق. وفي عام 445هـ أسّس عبد اللـه بن ياسين حركة المرابطية (الرباط في سبيل اللـه)، وبعد عشر سنوات تسلم قيادة الحركة يوسف بن تاشفين، فبدأ بتعمير البلاد وحكمها بالعدل، وكان يختار رجالاً من أهل الفقه والقضاء لتطبيق الإسلام على الناس، واهتم ببناء المساجد باعتبارها مراكز دعوة وانطلاق وتوحيد للمسلمين تحت إمارته، ثم بدأ يتوسع شرقاً وجنوباً وشمالاً فكانت المواجهة بينه وبين الإمارة البرغواطية الضالة أمراً لا مفر منه. استعان ابن تاشفين في البداية بالمعتمد بن عباد - وهو أحد أمراء الأندلس الصالحين - لمحاربة البرغواطيين، فأمدّه المعتمد بقوة بحرية ساعدته في القضاء على الإمارة الضالة، وهكذا استطاع أن يوحد كل المغرب حتى مدينة الجزائر شرقاً، وحتى غانة جنوباً، وكان ذلك عام 476هـ.


    الاندلس


    وبعد أن قوي ساعده واستقرت دولته وتوسعت، لجأ إليه مسلمو الأندلس طالبين الغوث والنجدة، حيث كانت أحوال الأندلس تسوء يوماً بعد يوم، فملوك الطوائف لقبوا أنفسهم بالخلفاء، وخطبوا لأنفسهم على المنابر، وضربوا النقود بأسمائهم، وصار كل واحدٍ منهم يسعى للاستيلاء على ممتلكات صاحبه، لا يضره الاستعانة بالإسبان النصارى أعداء المسلمين لتحقيق أهدافه، واستنابوا الفساق، واستنجدوا بالنصارى وتنازلوا لهم عن مداخل البلاد ومخارجها. وأدرك النصارى حقيقة ضعفهم فطلبوا منهم المزيد. ولقد استجاب ابن تاشفين لطلب المسلمين المستضعفين، وفي ذلك يقول الفقيه ابن العربي: «فلبّأهم أمير المسلمين ومنحه اللـه النصر، وألجم الكفار السيف، واستولى على من قدر عليه من الرؤساء من البلاد والمعاقل، وبقيت طائفة من رؤساء الثغر الشرقي للأندلس تحالفوا مع النصارى، فدعاهم أمير المسلمين إلى الجهاد والدخول في بيعة الجمهور، فقالوا: لا جهاد إلا مع إمام من قريش ولستَ به، أو مع نائبه وما أنت ذلك، فقال: أنا خادم الإمام العباسي، فقالوا له: أظهر لنا تقديمه إليك، فقال: أو ليست الخطبة في جميع بلادي له؟ فقالوا: ذلك احتيال، ومردوا على النفاق».


    وحتى يكون ابن تاشفين أميراً شرعياً أرسل إلى الخليفة العباسي يطلب منه توليته. ويقول السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء: « وفي سنة تسع وسبعين أرسل يوسف بن تاشفين صاحب سبتة ومراكش إلى المقتدي يطلب أن يسلطنه وأن يقلده ما بيده من البلاد فبعث إليه الـخُلَعَ والأَعلام والتقليدَ ولقّبه بأمير المسلمين، ففرح بذلك وسُر به فقهاء المغرب». وبعد أن زاد ضغط النصارى الإسبان القادمين من الشمال استنجد بابن تاشفين المعتمد بن عباد، ونُقِلَ عنه في كتاب دراسات في الدولة العربية في المغرب والأندلس أنه قال: «رعي الـجِمال عندي خير من رعي الخنازير» وذلك كناية عن تفضيله للسيادة الإسلامية، ودخل المعتمد مع ابن تاشفين الأندلس شمالاً وقاد ابن تاشفين الجيوش الإسلامية وقاتل النصارى قتالاً شديداً وكانت موقعة الزلاّقة من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصاراً كبيراً على الإسبان، وهُزم ملكهم الفونسو السادس هزيمة منكرة. وعلى أثر هذه الموقعة خَلَعَ ابنُ تاشفين جميعَ ملوك الطوائف من مناصبهم ووحّد الأندلس مع المغرب في ولاية واحدة لتصبح: أكبر ولاية إسلامية في دولة الخلافة.


    أمير المسلمين



    يقول صاحب الـحُلَل الـمَوْشِيّة: (ولما ضخمت مملكة يوسف بن تاشفين واتسعت عمالته، اجتمعت إليه أشياع قبيلته، وأعيان دولته، وقالت له: أنت خليفة اللـه في أرضه، وحقك أكبر من أن تدعى بالأمير، بل ندعوك بأمير المؤمنين. فقال لهم: حاشا للـه أن نتسمى بهذا الاسم، إنما يتسمى به خلفاء بني العباس لكونهم من تلك السلالة الكريمة، ولأنهم ملوك الحرمين مكة والمدينة، وأنا راجلهم والقائم بدعوتهم، فقالوا له: لا بد من اسم تمتاز به، فأجاب إلى «أمير المسلمين وناصر الدين» وخطب لهم بذلك في المنابر وخوطب به من العُدْوَتَيْن - أي المغرب والأندلس -).يقول السلامي الناصري في الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى: «إنما احتاج أمير المسلمين إلى التقليد من الخليفة العباسي مع أنه كان بعيداً عنه، وأقوى شوكة منه، لتكون ولايته مستندة إلى الشرع… وإنما تسمى بأمير المسلمين دون أمير المؤمنين أدباً مع الخليفة حتى لا يشاركه في لقبه، لأن لقب أمير المؤمنين خاص بالخليفة، والخليفة من قريش».


    النقذ الشرعي


    ومن علامات التقوى والتمسك بأهداب الدين تمسك الأمراء والحكام بالنقد الشرعي، وفي ذلك يقول ابن الخطيب في كتابه الإحاطة: (كان درهمه فضة، وديناره تبراً محضاً، في إحدى صفحتيه «لا إله إلا اللـه محمد رسول اللـه»، وتحت ذلك «أمير المسلمين يوسف بن تاشفين»، وفي الدائر ]ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين[، وفي الصفحة الأخرى «الإمام عبد اللـه أمير المؤمنين» وفي الدائرة «تاريخ ضربه وموضع سكه»). وعبد اللـه اصطلاحاً هو كنية يصلح لاسم كل خليفة عباسي.

    واتخذ يوسف السواد شعاراً للمرابطين، وهو نفس شعار الدولة العباسية، ورفع شعار السواد يدل على التمسك بالسنة والتمسك بالوحدة وعدم شق جماعة المسلمين، إضافة إلى أن راية رسول اللـه صلى الله عليه وسلم كانت سوداء. لقد ذاع صيت ابن تاشفين بين العلماء والقضاة بشكل خاص وبين الناس بشكل عام فتناقلوا أخباره وصفاته، وتواتر عنهم نقل صفات الجهاد والعدل والزهد والإخلاص والتمسك بالإسلام وبدولة المسلمين الشرعية، حتى أثنى عليه معظم العلماء والفقهاء.


    قالو فيه


    جاء في الخطاب المطول الذي رفعه الفقيه المعروف بابن العربي واسمه عبد اللـه بن عمر: «… الأمير أبو يعقوب يوسف بن تاشفين المتحرك بالجهاد، المتجهز إلى المسلمين باستئصال فئة العناد، ولمة الفساد، قام بدعوة الإمامة العباسية والناس أشياع، وقد غلب عليهم قوم دعوا إلى أنفسهم ليسوا من الرهط الكريم ولا من شعبه الطاهر الصميم، فنبّه جميع من كان في أفق قيامه بالدعوة الإمامية العباسية، وقاتل من توقف عنها منذ أربعين عاماً إلى أن صار جميع من في جهة المغارب على سعتها وامتدادها له طاعة، واجتمعت بحمد اللـه على دعوته الموفقة الجماعة، فيخطب الآن للخلافة، بسط اللـه أنوارها، وأعلى منارها على أكثر من ألفي منبر وخمسمائة منبر، فإن طاعته ضاعفها اللـه من أول بلاد اللـه الإفرنج، استأصل اللـه شأفتهم، ودمّر جملتهم إلى آخر بلاد السوس مما يلي غانة، وهي بلاد معادن الذهب، والحافة بين الحدين المذكورين مسيرة خمسة أشهر، وله وقائع في جميع أصناف الشرك من الإفرنج وغيرهم، قد فللت غربهم، وقللت حزبهم، وألفت مجموعة حربهم، وهو مستمر على مجاهدتهم ومضايقتهم في كل أفق، وعلى كل الطرق، ولقد وصل إلى ديار المشرق في هذا العام قاضٍ من قضاة المغرب يعرف بابن القاسم، ذكر من حال هذا الأمير ما يؤكد ما ذكرته، ويؤيد ما شرحته، وقد خصّه اللـه بفضائل، منها الدين المتين، والعدل المستبين، وطاعة الإمام، وابتداء جهاده بالمحاربة على إظهار دعوته، وجمع المسلمين على طاعته، والارتباط بحماية الثغور، وهو ممن يقسم بالسوية، ويعدل في الرعية، وواللـه ما في طاعته مع سعتها دانٍ منه، ولا ناءٍ عنه من البلاد ما يجري فيه على أحد من المسلمين رسم مَكْسٍ، وسبل المسلمين آمنة، ونقوده من الذهب والفضة سليمة من الشرب، مطرزة باسم الخلافة ضاعف اللـه تعظيمها وجلالها.

    هذه حقيقة حاله واللـه يعلم أني ما أسهبت ولا لغوت بل لعلي أغفلت أو قصرت». وجاء رد الخليفة بخط يده وبمداد ممسك: «… إن ذلك الولي الذي أضحى بحبل الإخلاص معتصماً، ولشرطه ملتزماً، وإلى أداء فروضه مسابقاً، وكل فعله فيما هو بصدده للتوفيق مساوقاً، لا ريبة في اعتقاده، ولا شك في تقلده من الولاء، طويل نجاده، إذا كان من غدا بالدين تمسكه، وفي الزيادة عنه مسلكه، حقيقاً بأن يستتب صلاح النظام على يده، ويستشف من يومه حسن العقبى في غده، وأفضل من نحاه، وعليه من الاجتهاد دار رحاه، جهاد من يليه من الكفار، وإتيان ما يقضي عليهم بالاجتياح والبوار، اتباعاً لقول القرآن: ﴿قاتلوا الذين يلونكم من الكفار﴾ فهذا هو الواجب اعتماده، الذي يقوم به الشرع عماده».



    وللغزالي قول فيه رد على طلب ابن العربي منه لفتوى بحقه نقتبس منه: «لقد سمعت من لسانه -ابن العربي- وهو الموثوق به، الذي يستغنى مع شهادته عن غيره، وعن طبقة من ثقاة المغرب الفقهاء وغيرهم من سيرة هذا الأمير أكثر اللـه في الأمراء أمثاله، ما أوجب الدعاء لأمثاله، فلقد أصاب الحق في إظهار الشعار الإمام المستظهري، وإذا نادى الملك المستولي بشعار الخلافة العباسية وجب على كل الرعايا والرؤساء الإذعان والانقياد، ولزمهم السمع والطاعة، وعليهم أن يعتقدوا أن طاعته هي طاعة الإمام، ومخالفته مخالفة الإمام، وكل من تمرد واستعصى وسل يده عن الطاعة فحكمه حكم الباغي، وقد قال اللـه الله: ﴿وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تـفـيء إلى أمر اللـه﴾ والفيئـة إلى أمـر اللـه الرجوع إلى السلطان العادل المتمسك بولاء الإمام الحق المنتسب إلى الخلافة العباسية، فكل متمرد على الحق فإنه مردود بالسيف إلى الحق، فيجب على الأمير وأشياعه قتال هؤلاء المتمردة عن طاعته لا سيما وقد استنجدوا بالنصارى المشركين أوليائهم، وهم أعداء اللـه في مقابلة المسلمين الذين هم أولياء اللـه، فمن أعظم القربات قتالهم إلى أن يعودوا إلى طاعة الأمير العادل المتمسك بطاعة الخلافة العباسية، ومهما تركوا المخالفة وجب الكف عنهم، وإذا قاتلوا لم يجز أن يتبع مدبرهم، ولا أن (ينزف) على جريحهم…. وأما من يظفر به من أموالهم فمردود عليهم أو على ورثتهم، وما يؤخذ من نسائهم وذراريهم في القتال مهدرة لا ضمان فيها… ويجب على حضرة الخليفة التقليد فإن الإمام الحق عاقلة أهل الإسلام، ولا يحل له أن يترك في أقطار الأرض فتنة ثائرة إلا ويسعى في إطفائها بكل ممكن.

    قال عمر رضي اللـه عنه: «لو تركت جرباء على ضفة الفرات لم تُطل بالهناء -القِطر- فأنا المسؤول عنها يوم القيامة». فقال عمر بن عبد العزيز: «خصماؤك يا أمير المؤمنين»، يعني أنك مسؤول عن كل واحد منهم إن ضيعت حق اللـه فيهم أو أقمته فلا رخصة في التوقف عن إطفاء الفتنة في قرية تحوي عشرة فكيف في أقاليم»
    .





  5. #35
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    الشيخ العلامة محمد الأمين بوخبزة أبي أويس

    اسمه ونسبه:
    هو الشيخ العلامة المحدث أبو أويس محمد بن الأمين بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الحاج أبي القاسم بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن سعيد بن يحيى بن عبد الله بن يحيى بن سعيد بن يحيى بن محمد بن الولي الصالح أبي الحسن علي بن الحسن الحسني الإدريسي العمراني المكنى (بوخبزة)، وينتهي نسب الشيخ إلى عبد الله بن إدريس مرورا بعمران (وإليه النسبة "العمراني") بن خالد بن صفوان بن عبد الله بن إدريس بن إدريس بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
    مولده:

    ولد الشيخ حفظه الله ونفع به في مدينة تطاوين -شمال المغرب الأقصى-يوم السبت 26ربيع الأول1351 موافق يوليو1932هـ.
    دراسته

    يقول الشيخ عن نفسه كما في ترجمته بقلمه:وفي السنة التالية أُدْخِلْتُ الكُتَّاب (الْمسِيدْ) فتلقيتُ مبادئ القراءة والكتابة والحساب والدين وبعضَ قصار المفصّل على الفقه المجوِّد السيد الحاج أحمد بن الفقيه المقرئ المعدَّل الأستاذ السيد عبدالسلام الدُّهْرِي (كان هذا السيد يختار للإمامة بالحجاج في البواخر التي كانت ترسلها إسبانيا في أول حكم (فرَانْكُو) للحج دعايةً وسياسة، فإذا ذهب أَنَابَ عنه الفقيه الشريف الأشيب السيد عبدالله شقور (الذي ما زال على قيد الحياة إلى الآن عام 1406، وقد تجاوز المائة، ثم توفي رحمه الله عام 1412هـ)، وبعد وفاة الفقيه الدُّهري واصلت على الفقيه الخَيِّر السيد محمد بن الراضي الحسّاني، وبعده على الفقيه البركة الزاهد السيد محمد بن عمر بن تَاوَيْت الودراسي والد الفقيه القاضي السيد أحمد وشقيقه الكاتب والأديب النابغة المؤلف السيد محمد رحمهما اللهّ، وعليه أتممتُ حفظ القرآن وسَرَدْتُه كلَّه أمامه على العادة الجارية، وبعد وفاته استمررت في القراءة على خَلَفه الأستاذ السيد محمد زيان، ولم أمكث معه إلا قليلا حيث أتممتُ حفظ بعض المتون العلمية كالآجرومية، والمرشد المعين على الضروري من علوم الدين، والخلاصة وهي ألفية ابن مالك، وبعض مختصر خليل في الفقه المالكي، ثم التحقت بالمعهد الديني بالجامع الكبير ومكثتُ فيه نحوَ عامين تلقيتُ خلالها دروساً نظامية مختلفة على ضَعف المستوى العام في التفسير والحديث والفقه والأصول والنحو البلاغة، على مدرسيه المشهورين الأساتذة: محمد بن عبدالصمد التُّجكاني، ومحمد بن عبدالكريم أًقَلعي الشهير بالفحصي (القاضي في ما بعد رحمه الله)، ومحمد بن عبدالله القاسمي (خليفة القاضي)، والعربي بن علي اللُّوهْ (الوزير في الحكومة الخليفية)، وقد ألف عدة كتب طُبع بعضها في الأصول والمنطق العقائد وتاريخ المقاومة في شمال المغرب، ومحمد بن حمو البقالي الأحمدي، والشيخ محمد المصمودي، والتهامي المؤذن الغرباوي، ومحمد الزكي الحراق السَّرِيفي، وأحمد القْصِيبي الأَنجري، وعمر الجَيّدي الغُماري وغيرهم (وقد توفي هؤلاء إلى رحمة الله في مُدد متفاوتة)،

    وكنت قبل التحاقي بالمعهد أخذتُّ عن والدي رحمه الله النحو بالآجومية والألفية إلى باب الترخيم حيث توفي، وكانت طريقتُه في التدريس من أنفع الطرق للمبتدئ، حيث كان يأخذني بحفظ المتن فقط، ثم يشرحه لي، ويلقنني الأمثلةَ والشواهد ويأخذني بحفظها ويبين لي محل الشاهد، ويمتحنني كل أسبوع، كما أخذتُّ دروسا في الفقه المالكي بالمرشد المعين لعبد الواحد بن عاشر، على الفقيه القاضي (بعد الاستقلال) السيد عبدالسلام بن أحمد علال البَختي الودْراسي، ودروسا أخرى في النحو على الأستاذ السيد المختار الناصر الذي كان مدرسا للبنات بالمدرسة الخيرية بتطوان، وكنا نقرأ عليه لأول عهدنا بالطلب بالزاوية الفاسية بالطَّرَنْكَات، وكان يطيل الدرس إلى أن ينام أغلب الطلبة رحمه الله، وعلى الأديب الكاتب الشاعر الناثر الفقيه المعدَّل السيد محمد بن أحمد علال البَختي المدعو ابن علال، وقبل هذا وبعده حضرتُ دروسا في الحديث والسيرة على الفقيه المؤرخ وزيد العدلية السيد الحاج أحمد بن محمد الرَّهوني، وكان هذا في الغالب في رمضان قبل أن ينتقل بسكناه إلى جِنانِهِ بِبُوجَرًّاح،

    وكان يسرُد له السيد محمد بن عزوز الذي تولى القضاء بإحدى قبائل غُمارة وبِها توفي، وكان يسرُد له أحيانا صحيح البخاري السيد عبد السلام أًجْزُول لجمال صوته، وعلى الفقيه المدرس النفّاعة السيد الحاج محمد بن محمد الفَرْطاخ اليَدْرِي، كما نفعني الله تعالى جدا بدروس الدكتور محمد تقي الدين بن عبد القادر الهلالي الحسيني السجلماسي الذي قدم تطوان حوالي 1365 هـ في أعقاب الحرب العالمية الثانية، من أوربا وأقام بين ظهرانينا نحوَ ست سنوات تلقيتُ عليه خلالها دروسا في التفسير والحديث والأدب، وكان يلقي هذه الدروس بالجامع الكبير، وكان يسرد عليه محمد ابن فريحة، ويدرس بالدر المنثور للسيوطي والاعتصام لأبي إسحاق الشاطبي، وأحدث بتطوان نهضة أدبية، وشغل الناس بآرائه وأفكاره، وأثار الفقهاء والصوفية بانتقاداته فلَمَزوه وآذوه فهجاهم أقذع الهجو رحمهم الله، كما انتفعت كثيرا بتوجيهات العلامة الأديب الوزير السيد محمد بن عبد القادر بن موسى المنبهي المراكشي منشأ التطواني دارا ووفاة، فكان يملي علي قصائده وأشعاره، ويذاكرني بلطائف المعاني وطرائف الآداب، وقد جمعت ديوانه في مجلد لطيف (توجد صورة منه بخزانة تطوان).

    وفي فاتح رجب 1367 هـ توفي والدي رحمه الله ففُتّ في عضدي ، وخمدت جذوة نشاطي، وتأخرت عن كثير من دروسي انشغالا بالعيش وحل المشاكل المخلفة، وسعيا على الوالدة والإخوان، ولم أنقطع قط عن الدراسة والمطالعة واقتناء الكتب و مدارسة إخواني الطلبة الأدبَ والعلمَ، وفي نحو عام 1370 هـ زرتُ مدينة فاس ومكثت بها أياما أخذت فيها دروسا على الفقيه الشهير محمد بن العربي العلَوي بالقرويين في أحكام القرآن لابن العربي، وبعد ذلك عرض علي الفقيه القاضي الحاج أحمد بن تاوَيْت رحمه الله العمل معه كاتبا بعد أن عينته وزارة العدل قاضيا ثانيا عند اتساع العمران، وازدحام السكان ،

    فأنشأت محكمة شرعية أخرى بحي العيون غربي الجامع، فقبلت وعملت معه كاتبا، وفي فاتح جمادى الأولى 1374 هـ في 27 /12/1954 م أصدرت مجلة "الحديقة" أدبية ثقافية عاشت خمسة أشهر؛ إذ توقفت في رمضان عامه، وكانت مجلة جميلة كنت آمل- لو عاشت- أن تكون مجلة الطلبة الوحيدة في شمال المغرب، حيث كان ينشر فيها نجباء الطلبة وكتابهم وشعراؤهم وقصاصوهم، وكنتُ قبل ذلك أصدرت بالمعهد الديني أول مجلة خطية باسم "أفكار الشباب" كنا نكتب منها نسختين أو ثلاثة يتداول الطلبة قراءتها، وبعد خروجي من المعهد اتصل بي جماعة من الطلبة وعرضوا علي المشاركة في نشاطهم الثقافي، وكان يتولى إدارة المعهد يومئذ أستاذ متعاون مع الإدارة الإسبانية، فأوجس خيفة من نشاطنا، وبث حولنا عيونه، وكنت أصدرت جريدة "البرهان" خطية لانتقاد سياسة الاستعمار الإسباني في التعليم واضطهاد الطلبة،

    والتضييق عليهم، ولم يصدر منها إلا عدد أول، فكتب مدير المعهد رسائل إلى رئيس الاستعلامات الإسباني (بِـلْدا) يُخبره فيها باستفحال نشاط الطلبة السياسي وصدور الجريدة وما يكتُب فيها فلان - يعنيني- وهو غير طالب بالمعهد ومتهم بالوطنية ! من مقالات تمس سياسية إسبانيا … إلخ، فاستدعِيتُ ونالني من السب والشتم والتهديد والأذية ما قرت به عين سيادة المدير للمعهد الديني الإسلامي ! وأذنابه، ولما أيِسَ هذا المدير "الأمين التمسماني" من انتقام الإدارة الإسبانية منا كتب إلى الباشا "اليزيد بن صالح الغُماري" بمثل ما كتب به إلى "بِلدا" فسألني الباشا عن التهمة فأجبته بأن رئيس الاستخبارات الإسباني سبقه إلى التحقيق في هذه القضية ولم يجد شيئا، فغضب الباشا واحتدّ، وأمر بنا إلى السجن لولا تدخلُّ بعض الناس، ومن عجيب صنع الله أن هذا الباشا اضطُرّ إلى الوقوف بباب مكتبي بالمحكمة بعد عزله في أول عهد الاستقلال فلم أعامله بالمثل، ثم تنبهت إلى أن مكتبه الذي هددني وهو خلفه هو المكتب الذي خاطبته من ورائه بعد أن احتاج إليّ، و لله في خلقه شؤون ثم انقطعت عن كل نشاط من هذا القبيل وأكببتُ على التدريس والكتابة،

    ونشرت مقالات كثيرة في عدة صحف ومجلات كمجلة "لسان الدين" التي كان يصدرها الدكتور"الهلالي" بتطوان، وبعد سفره "عبد الله كنّون" ومجلة "النصر" و "النبراس" ، وأخيرا جريدة "النور" وغيرها، ونظمت قصائد وأنظاما كثيرة معظمها في الإخوانيات ضاع أكثرها؛ لأني كنت أضمنها رسائل وأجوبة للإخوان ولا أحتفظ بنسخها، ولدي كنانيشُ فيها تقاييد ومختارات ومقطوعات لا يجمعها نظام ولا يضمها باب. وقد أصهرت إلى الأستاذ المحدث الكبير، بل كبير علماء الحديث بالشمال الإفريقي الشيخ "أحمد بن محمد ابن الصّدّيق التجكاني الغُماري الطنجي" وكنت أعرفه من قبل، فأعجبت بسعة اطلاعه ورسوخ قدمه في علوم الحديث، فكاتبته وجالسته واستفدت منه علما جما، وأعطاني من وقته وكتبه ما كان يضِنّ به على الغير، وأجازني إجازة عامة بما تضمنه فهرسه الكبير والصغير، كما أجازني مشافهة كثير من العلماء من أشهرهم الشيخ "عبد الحي الكتاني" عند زيارته لتطوان واعتذر عن الكتابة ووعد بها فحالت دونها مواقفه السياسية، كما أجازني الشيخ "عبد الحفيظ الفاسي الفهري" مشافهة بمصيف مرتيل، والشيخ "الطاهر بن عاشور" بمنزله بتونس عام 1382هـ،

    واعتذر عن الكتابة بالمرض والضعف، وهذا الأخير من شيوخ شيخي ابن الصديق، ولم تكن لي عناية بالإجازات، والشيخ "أحمد بن الصديق" هو الذي أجازني ابتداء دون طلب مني، ولم أكن معه على وفاق في الاعتقاد بالتصوف الفلسفي والصوفية والمبالغة في ذلك، كما لم أكن أرضى تخبطه في السياسة وتورطه في أوحالها، مما شوّه سمعته وسود صحيفته، وأصابني برشاش، كما ندمت بالغ الندم وتُبت إلى الله منه لما طوّح بي إليه الشيخ من التشيع المقيت والرفض المُردي، فتورطت في الحملة على كثير من الصحابة ولعن بعضهم كمعاوية وأبيه وعمرو بن العاص وسمرة وابن الزبير وغيرهم، متأثرا بما كنت أسمعه مرارا وأقرؤه من أحاديث مما عملت أيدي الروافض، كان الشيخ يمليها علينا مبتهجا مصرحا أنها أصح من الصحيح، فكنا نثق به ونطمئن إلى أحكامه، ويحكم على كل ما يخالفها من الأحاديث بأنها من وضع النواصب، ومن الطريف في هذا الباب: أنه كان يُبغض الشام وأهله ويصفهم بالشؤم على الإسلام وأهله، ويبطل ما ورد في فضله من أحاديث صحيحة، وظل كذلك إلى أن فر من المغرب إلى مصر، ثم زار الشام فأكرمه أهلها، وأقام له صوفيتها المآدب، فكتب إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في الشام وأهله، وأن ما ورد في ذلك صحيح، ومما كان له الأثر الكبير في حياتي، ويعد وصلا لما كان انقطع من انتهاجي منهج السلف الصالح بعيدا عن تيارات التصوف الفلسفي والتشيع المنحرف اتصالي بالشيخ المحدث السلفي الحق "محمد ناصر الدين بن نوح نجاتي الألباني الأرناؤوطي ثم الدمشقي" نزيل عمّان البلقاء الآن مهاجرا بدينه مضيقا عليه بعد أن أخرج من دمشق ظلما وعدوا، فقد اجتمعتُ به بالمدينة المنورة في حجتي الأولى عام 1382هـ بمنزله وأعطاني بعض رسائله، فاعتبرتها مناولة فاستأذنته في الرواية عنه بها فأنعم، وزارني بتطوان مرتين: قرأت عليه في إحداهما أبوابا من "السنن الكبرى" للنسائي المخطوطة بخزانة الجامع الكبير، واجتمعت به بطنجة، بمنزل الشيخ الزمزمي ابن الصديق، وسمعت من فرائده وفتاواه الكثير، وبعث إلي من رسائله وكتبه المستطابة ما أحيا في قلبي كامن الشوق إلى تتبع هذا المهيع المشرق والعناية بآثاره ومعالمه، والاستمساك بعراه، وما زلت إلى الآن لاهجا بفضله، داعيا إليه.اهـ.

    نسأل الله تعالى أن يحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة آمين.

    وبالجملة فالشيخ من النوادر في قوة الذاكرة وسرعة الحفظ ، والجلد على الكتابة والمطالعة.وله اطلاع واسع على ما حوته الخزانات العامة والخاصة من ذخائر ونفائس الكتب والمخطوطات ،

    قال عنه :

    الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.إن الأستاذ العالم المحقق والباحث المدقق محمد بن الأمين بوخبزة، هو من مشاهير رجالات العلم والثقافة العربية الإسلامية في المملكة المغربية، ومن العلماء المشهود لهم بالإحاطة الواسعة بمحتويات خزائن الكتب العربية الإسلامية قديمها وحديثها، وبالمعرفة المتخصصة في ضروب شتى من العلوم الشرعية والعربية، وفي التراث العربي الإسلامي المحفوظ في كبريات المكتبات والمتاحف العربية الإسلامية والعالمية ـ كلفته بوضع جزء ثان لمعجم تفاسير القرآن الكريم، فنهض بهذا التكليف على خير الوجوه، وقام بعمل على جانب كبير من الأهمية، بحيث جاء هذا الجزء الذي تنشره كبريات المكتبات والمتاحف العربية الإسلامية والعالمية ـ كلفته بوضع جزء ثان لمعجم تفاسير القرآن الكريم، فنهض بهذا التكليف على خير الوجوه، وقام بعمل على جانب كبير من الأهمية، بحيث جاء هذا الجزء الذي تنشره المنظمة الإسلامية اليوم جامعا لمائة تفسير مما لم يرد في الجزء الاول''

    من الموقع الرسمي للشيخ العلامة مفخرة المغرب أبي اويس حفظه الله


    مهاتفة بين الشيخين بوخبزة والحويني









  6. #36
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    العلامة محمد ا بن عبد السلام السائح
    اسمه ونسبه:

    هو الشيخ الإمام، المشارك الفقيه، الأصولي المحدث النظار، الأديب الفيلسوف، نادرة العلماء في الثقافة؛ القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن السائح، الأندلسي وجارا، الرباطي دارا، ومنشأ وإقبارا.

    كان أسلافه في "الجزيرة الخضراء" جنوب الأندلس (إسبانيا اليوم)، ثم انتقلوا إلى الرباط بعد مدة من سقوط غرناطة، ضمن من انتقل إليها من الأسر الأندلسية الكثيرة، حتى أصبحت الرباط وسلا صورة من الأندلس في بلاد المغرب.

    وقد فصل المترجم – رحمه الله – في مقدمة كتابه "سوق المهر إلى قافية ابن عمرو" قصة خروج الأسر الأندلسية إلى الرباط – خاصة – ومدى تأثيرها على الحياة الثقافية والصناعية والعلمية في المغرب تلك الفترة.

    قال العلامة الفقيه أبو عبد الله محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي الفاسي في معجم شيوخه ص205: "وقد كان هذا البيت مشهورا ب: العِماني، ثم اشتهر بالعِماني السائح، ثم أهمل العِماني وبقي "السائح"، والذي اشتهر باللقب الأخير هو جد المترجم: السيد عبد الرحمن. وسبب الاشتهار به: أنه انخرط في صفوف الجندية التركية بالجزائر في عهد حكم الأتراك [أي: للجزائر، لأنهم لم يحكموا المغرب]، وسافر منها إلى إصطنبول بتركيا، وبقي غائبا عن وطنه مدة طويلة، وانقطع ذكره حقبة من الزمن، ولما رجع إلى منزله وأهله وقد طعن في سنه؛ صار يلقب بالسائح، وغلب عليه وعلى ذريته إلى الآن....".


    ولادته ونشأته:


    ولد – رحمه الله تعالى – في الرباط في المغرب، في الثاني عشر من ربيع النبوي عام 1310، فتفاءل والده وأهله جدا أن صادف يوم مولده يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وربما كان هذا هو السبب في تسميته محمدا، فزادت عنايتهم به ومحبتهم له، وما مضت سنين قليلة حتى توفيت والدته، فنشا يتيما، مما حذا والده أن يضاعف جهوده في تعليمه وتثقيفه، وإنشائه النشأة الكاملة.

    وقد صادفت نشأة المترجم انتعاشة علمية كبيرة في مدينة الرباط، التي لم تعرف بالعلم قبل القرن الرابع عشر، فظهر فيها أئمة في العلم كبار؛ أمثال الإمام شيخ الجماعة بها أبي إسحاق التادلي، الذي صنف في المذاهب الثلاثة: المالكية والحنفية والشافعية، بل وكان يتقن عدة لغات أوروبية ومشرقية. ومنهم: الإمام حجة الإسلام أبو المحاسن العربي بن محمد ابن السائح، وشيخ الجماعة الزاهد أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البريبري، والعلامة المعقولي الفرضي الكبير أبو عيسى محمد المهدي مِتْجينوش، وشيخ الجماعة فيما بعد بها: الإمام أبو حامد محمد المكي بن علي البطاوري الغبريني الشرشالي.

    ومن علماء سلا – المحاذية للرباط، وهي حاضرة علمية منذ القدم – الإمام المحدث أبو العباس أحمد بن موسى التطواني، وشيخ الجماعة بها: النوازلي أبو العباس أحمد ابن الفقيه الجريري، ومؤرخها أبو عبد الله محمد ابن علي الدكالي...إلخ من كانت تعج بهم تلك البلاد التي ما انتصف القرن الرابع عشر حتى أصبحت (خاصة بعد أن صارت الرباط عاصمة) مزارة للعلماء بمختلف الإدراكات والمواهب:

    ثم انقضت تلك البلاد وأهلها فكأنهـــــــــا وكأنهـــــــــــــــم أحلام

    وقد أخذ مباديء القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم بالرباط على المؤدب الأستاذ: عبد السلام كِليطُو الأندلسي، والأستاذ المربي: المهدي الصحراوي.

    وبعد أن حفظ القرآن الكريم، والمتون المهمة في مختلف العلوم؛ صار مهيأ لأن يحضر مجالس كبار العلماء الذين كانت تزخر بهم العُدْوتان الرباط وسلا، في تلك الفترة (حيث هما على ضفتي نهر أبي رقراق)، ثم انتقل للتعلم بكعبة العلم فاس.

    طلبه العلم:

    أخذ العلم عن ثلة من كبار العلماء ببلده، أذكر منهم:

    1- العلامة الفقيه الخلوق: أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن العيّاشي. أخذ عنه الفقه والتوحيد والأخلاق.

    2- الأستاذ العلامة، اللغوي النحوي: التهامي بن المعطي الغَربي السلوي. أخذ عنه العربية والتصريف.

    3- العلامة الفقيه المشارك، القاضي؛ أبو زيد عبد الرحمن بن بَنَّاصر بْرِيطَل. أخذ عنه الأصول والمنطق، والفرائض والحساب والتوقيت. وبه والذي بعده تفقه.

    4- العلامة الفقيه المحقق المدقق، القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الروندة الأندلسي. أخذ عنه الفقه.

    5- الإمام شيخ الجماعة، محمد المكي بن علي البطاوري الشرشالي.

    6- العلامة الفقيه النوازلي، الأصولي الإمام؛ أبو العباس أحمد ابن الفقيه الجريري، شيخ الجماعة بسلا. أخذ عنه عدة فنون، جلها بطريق المذاكرة وطرح الأسئلة. مثل: علم الجغرافيا.

    7- الشيخ الإمام المحدث، المنسوب إلى درجة الحفظ؛ أبو العباس أحمد ابن موسى التطواني ثم السلوي. الحديث والنحو والصرف.

    8- الشيخ الإمام الحافظ المحدث الفقيه؛ أبو شعيب بن عبد الرحمن الدكالي. أخذ عنه الحديث، واستفاد وتأثر به كثيرا.

    9- العلامة المقريء، الفرضي الرياضي؛ الشيخ محمد المهدي مَتْجينوش الرباطي، إمام المعقوليات في الرباط في عصره. أخذ عنه القراءات السبعة، والرياضيات والفلك. وكان المذكور لا يقبل في دروسه إلا نبغاء الطلبة.

    10- العلامة الإمام، الفقيه الأصولي، المحدث المؤرخ؛ أبو عبد الله محمد بن الحسن الحجوي الفاسي، صاحب "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي". بالزاوية القاسمية بالرباط.

    وقد كان متلهفا لشد الرحلة إلى فاس للأخذ عن شيخ الإسلام محمد بن جعفر الكتاني الحسني عند عودته إلى المغرب عام 1345، وتصدره لتدريس مسند الإمام أحمد على طريقة الاجتهاد بجامعة القرويين، فلم يتيسر له ذلك، فكان دائما يتحسر على ما فاته من ذلك. كما أخبرني بذلك نجله الأستاذ الحسن رحمه الله تعالى.

    أما شيوخه في الرواية؛ فمنهم: القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بناني الرباطي، أجازه بالبخاري و"الشمائل"، وسنن الترمذي، و"الشفا" لعياض، والجامعين. والعلامة البطاوري، والإمام ابن الخياط، والحافظ القادري، والشيخ متجينوش، والإمام اللغوي النوازلي البليغ أبو العباس أحمد بن المأمون البلغيثي العلوي الحسني، والفقيه الوزاني المذكور أعلاه.

    ولم يكتف المترجم – رحمه الله - بالأخذ عن هؤلاء الشيوخ، إذ فيهم الكفاية لمن رام الكفاية، بل تعدى ذلك إلى الاطلاع على العلوم العصرية بمختلف أنواعها، من رياضيات وتاريخ وجغرافيا، وطب وسياسة...وغير ذلك. بل حتى الفلسفة الوروبية، فقد اطلع على فلسفة الغربيين ونظرياتهم وتهافتاتهم، حتى إنه تعلم اللغة الفرنسية من أجل ذلك، مما هيأه أن يكون أحد زعماء الفكر الإسلامي – في المغرب على الأقل – في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري. ويكفي لمعرفة مدى نبوغه: الاطلاع على كتابه "تحقيق الأمنية مما لاح لي من حديث: إنا أمة أمية"، الذي – على صغر حجمه – يدل على تبحر فائق في الفقه والأصول، وفهم لفلسفة التشريع ومقاصد الشريعة.


    وظائفه:


    تقلد المترجم – رحمه الله تعالى – وظائف كثيرة، كان فيها محل النزاهة وحسن التدبير:

    فقد انخرط في سلك المدرسين في أول ثانوية في الرباط، وهي "ثانوية مولاي يوسف"، كما كانت له حصص في "معهد الدروس العليا"، بإلقاء محاضرات في الأدب واللغة والتاريخ، والفكر الإسلامي.

    وكلف بمهمة استخراج سمت القبلة بمسجد باريس، فكان له أجر من صلى في ذلك المسجد إلى الآن، إن شاء الله تعالى، طبقا لحديث: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص من أجورهم شيئا"، وقد دون رحلته هاته.

    ثم عمل عضوا في المحكمة العليا، ثم انتقل إلى "مجلس الاستئناف" الذي كانت مهمته تصفح الأحكام الشرعية الواردة من القضاة، إما لتصحيحها أو نقضها، أو للأمر بتتميم ما بها من نقص، وكان المجلس يومئذ ذا رونق واعتبار، به جلة من العلماء المنتقين من المغرب(2).

    ثم عين عام 1350 قاضيا في منطقة وادي زَمْ (بتغليظ الزاي والميم)، وخريبكة، وبمدينة "الجديدة" قرب الدار البيضاء، وذلك عام 1348، ومنها إلى منطقة "شَرَاكَة" وأولاد عيسى ناحية فاس.

    وفي هذه الفترة قام بتدريس التفسير، وصحيح البخاري بجامع القرويين الأعظم بفاس، عمره الله تعالى بذكره، وازدحم عليه طلبة العلم وغيرهم، مما تسبب في منع الاستعمار له من إتمام التدريس به خشية أن يهيج الناس ضد الاستعمار بأفكاره التحريرية(3).

    وقد كان أخبرني نجله الأستاذ الحسن السائح رحمه الله، بأن السبب في التفاف طلبة العلم والعلماء على والده الفقيه السائح رحمه الله، هو جدنا الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني رحمه الله تعالى، ذلك أنه وجده في جامع القرويين لا يعرفه إلا خاصة الخاصة، وكان على علم مسبق به وبعلمه، لعلاقته القريبة من العائلة الكتانية، فنادى طلبة العلم وحض الشباب عليه، فاجتمعوا إليه من كل حدب وصوب، خاصة النبغاء ورواد الحركة الوطنية، الذين كانوا متعطشين لكل جديد.

    ثم انتقل إلى قضاء مقصورة الرصيف بفاس عام 1355، وكان في ذلك محل العالم النزيه في مختلف أحكامه.

    وفي عام 1366 سافر لحج بيت الله الحرام، وعند عودته شعر بوعكة صحية طلب إثرها الانتقال من فاس إلى مكناس، فانتقل قاضيا بها إلى أن وافته المنية رحمه الله تعالى.
    دروسه:

    أما دروسه؛ فقد كان يأتي فيها من كل فن بطرف، وقد وصفها العلامة المنوني بقوله: "كل هذه العلوم كان الفقيد – رحمة الله عليه – يقرر مسائل كثيرة منها في دروسه بالقرويين، التي كانت جنة علم قطوفها دانية، وحديقة عرفان: حفظ باهر، واطلاع واسع، وتطبيق للقواعد تطبيق العالم الخريت، وتحقيق وتدقيق، في عبارة رشيقة، وأسلوب سهل سلس، حيث إن الشيخ - روّح الله روحه – كان يميل إلى التيسير في سائر أموره..." (1).

    ووصفها ابن الحاج في مشيخته ص136 بقوله: "كانت تلك الدروس مملوءة بالفوائد الممتعة، والقواعد المحررة، والطرائف البديعة. وكان يستحضر كثيرا من الأبيات والمقطوعات الشعرية، والشواهد العلمية، وكان فصيح اللسان، حلو العبارة، مليح الإشارة، وكان لتعبيره رنة موسيقية ونغمة عذبة، خصوصا عند تلاوة بعض الآي القرآنية التي كان يفسرها، وكانت مجالسه العلمية تغص بالطلبة النجباء المستفيدين، وتكتظ بالعامة المتعطشة لالتقاط درره البهية، وفرائده الغالية، وجواهره الثمينة...".

    ووصفها العلامة عبد الله الجراري بقوله: "كانت خطته في تدريس السنة تهدف في طريقها خطة شيخه الحافظ [أبي شعيب الدكالي]، يبتديء عقب شرح الترجمة بتعريف قريب ببعض الرواة، خاصة صحابي الحديث، وهنا يمتزج ذلك بما تدعوا إليه قواعد الفن ومصطلحاته، موردا شواهدها من ألفية العراقي، وعند الاقتضاء: بما يؤثر عن صحابي السند أو بعض رواته من واقعة تاريخية، أو نكتة أدبية شعرية أو نثرية، مع إبراز ما يوجد بين بعض الصحابة من مفارقات أو قربى في النسب، أو ما يتوفر عليه بيت آحادهم من الصحابيين المعروفين كواقع أنس بن مالك وأضرابه".

    "وعندما يبلغ الأستاذ إلى نص الحديث ومتنه؛ يتفرغ لتحليله عارضا اختلافات الشارحين في روايته وإعرابه وتفسيره، ويهدف متخيرا الوجهة التي تترجح عنده فيوضحها أيما إيضاح، ويعزز ذلك بمقارنات حديثية، واستشهادات لغوية أو نحوية، ويرى في الأثناء مفيضا في استخراج ما يحتويه النص من نكت بلاغية أو بديعية، ويقارن الموضوع – أحيانا – بإنشادات شعرية قد يطغى عليها الأدب الأندلسي، في قطع شعرية أو قصائد طويلة...".

    "وإثر هذا يأتي دور مستنبطات الحديث ومستفاداته، فيتنزل لتعليلها طبق ما توحي به قواعد أصول الفقه، ذاكرا الفقه المقارن، ومبرزا القاعدة الأصلية التي يستند إليها كل فريق، وحينما يرجع المستند إلى القياس، يجلى المسلك التعليلي مع ما قد يعرض له من قادح أو قوادح، ويزيد الموضوع دقة بما قد يتطلبه من الإحالة على بعض القواعد المنطقية".

    "وإلى جانب اعتماده في أصول الفقه على "جمع الجوامع" لتاج الدين السبكي؛ نجده يرجع كثيرا إلى كتاب "الموافقات" للشاطبي، مستحضرا مسائلها استحضارا، ومستعرضا قواعدها، وقتا تراه يحتذي حذوها معرفا بأسرار التشريع الإسلامي، ومضيفا لذلك في ذات الاتجاه أفكار نفس المؤلف في المثبت من كتابه "الاعتصام"، إلى نظريات ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين".

    "كما أنه يوضح عند الاقتضاء شرح ما تلمح له بعض الأحاديث من أهداف اجتماعية، مقارنا ذلك بما لابن خلدون في "المقدمة". ومن جهة ثانية: نجده يقابل بين أحاديث أخرى وما ترمي له من إشارات لواقع بعض المكتشفات الحديثة، مع إفاضة في هذا الشأن بالإحالات على المصادر المعاصرة عربية أو معربة".

    "ويخلل في عدة مناسبات دروسه الحديثية بتفسير القرآن الكريم، فقد أقرأ في بعض الأيام تفسير سورة النور، وفي حقبة أخرى تفسير سورة الجن، وهو في كل تلك المراحل كما عهدناه ينسق عرض الدرس من حفظه تنسيقا، ويؤديه بصوت جهوري وبأفصح تعبير وأوضح بيان، مع تمهل في الإلقاء، وتؤدة في جلسته وحركاته كمان يدرك ذلك نبغاء طلبته". انتهى كلام الجراري بطوله لما فيه من الفوائد.

    كما كانت له – رحمه الله – مشاركات في المسامرات العلمية التي كانت تعقدها عدة نوادي علمية وأدبية في مختلف مدن المغرب، تلك المسامرات التي كان يحضرها كبار علماء ونبغاء المغرب، ويظهر كل منهم حاد نظره وعقله في البحث والتنقيب في مسألة من المسائل العلمية أو الفكرية أو التاريخية، ولو لم يكن من فضلها إلا حضور أئمة الوقت ومشاركتهم فيها؛ أمثال حافظ الإسلام ونادرة الدهر الشيخ عبد الحي الكتاني، والحافظ الكبير الشيخ أبي شعيب الدكالي، والإمام البلغيثي، والصاعقة ابن الحُسْني؛ لكفاها أهمية ومجادة.

    ويا ليت لو تنتشر هذه السنة الحسنة مرة أخرى في مختلف دول العالم الإسلامي، وإن كانت موجودة إلى الآن، وهي موجودة في نطاق ضيق، لأنتجت الثمرة المطلوبة من العلم والبحث، والمقارعة الفلسفية العميقة بين أسنة العقول، على أن تُدون كل مسامرة، ثم تجمع المسامرات وتطبع على هيئة بحوث علمية هادفة، تزهر الحضارة الإسلامية بمختلف الميادين.

    قال الأستاذ عبد الهادي بوطالب: "وقد أولع – رحمة الله عليه – بمقارنة علم الشرق بعلم الغرب، ومقابلة نظريات ذلك بنظريات هذا، فأبحاثه عن ابن سينا وفلسفة إخوان الصفا تفتح له المجال لديكارت ومذهبه الفلسفي، وحين يتحدث عن أبي ذر الغفاري ومذهبه في الاشتراكية، ينتقل إلى فلسفة ماركس ولينين الاجتماعية...وهكذا دواليك".

    "ولقد كان السائح في آخر عمره يبحث في دراسة الذرة، ويريد استكناه حقيقتها، ولعله كان يحاول أن يجد لها مصدرا في الكتاب والسنة وآراء علمائنا"..

    "ويمتاز السائح بفكر حر قادر على الهضم، يعرف كيف يحسن الضيافة للجديد دون أن يضايق القديم، وبهذه الشجاعة التي كان يتسلح بها لهتك حجاب الحقائق الخفية وفض مكنوناتها"(2).


    حاله:


    كان – رحمه الله تعالى – إماما من أئمة العلم، ورائدا من رواده، ما ترك فنا من الفنون إلا وقرع بابه، ودخل ميدانه، حتى كان كعبة يطوف بها الوراد، وفحلا يفزع إليه رواد المعرفة والثقافة والعلوم.

    إماما في الفقه المالكي، ذا معرفة فيه وإتقان، مطلعا على الخلاف العالي، مرجوعا إليه فيه، ذا فهم وقاد، وذهن حاد، حتى عين قاضيا بمقصورة الرصيف بفاس، ولم يكن يعين قاضيا في فاس عادة إلا من تبحر في العلوم، خاصة الفقه والنوازل.

    وفي الأصول: كان أحد أساطينه، "سخرت له مسائله وقواعده طبيعة منقادة له، يتصرف فيها كيف شاء، وفي أي وقت أراد"(3). كما وصفه العلامة المنوني رحمه الله، صاحب فهم دقيق، ومنزع عميق، واستيعاب لفلسفة التشريع ومدارك الشريعة.

    وكانت له مشاركة قوية في علم التفسير، متذوقا لمعاني الآيات، فاهما مقاصدها ومعانيها ومواقعها.
    و "كان أحد أولئك المحدثين الكبار بهذه البلاد المغربية، حافظا كبيرا(4)، يستظهر الكثير الطيب من الأحاديث والمصنفات المتداولة وغير المتداولة"(5)، كما قاله شيخنا المنوني.

    وكان في اللغة وعلومها – خاصة البلاغة والبيان – أحد رجالاتها الأئمة المتعمقين فيها، علما وتطبيقا، كأن مسائلها على طرف لسانه.

    "وكان أحد شيوخ الأدب في عصره، ومن ذوي الاطلاع على الآداب القديمة والحديثة".

    "هذا إلى تضلع كبير في باقي العلوم؛ من فقه ولغة ونحو وغيرها، مع كرع من مناهل العلوم العصرية"(6)..كما نص عليه المنوني رحمه الله.

    أما في التصوف – بمعنى علوم الرقائق والإشارات – فقد كان له فيه ذوق سليم، وفهم كريم، متذوقا لكلام أهله، فاهما مدلوله وأسراره، غير واقف على جفاء ظاهره، ولا أدل على ذلك من تأليفه "فصل المقال، فيما بين العقل والشريعة من الاتصال"، كما نبه على ذلك العلامة الجراري رحمه الله.

    وكان – رحمه الله – حسن الأخلاق، جميل الخَلق والخُلق، حسن العشرة، مكرما لضيفه، لا ذكر في مجلسه إلا في العلم والثقافة، والبحث، لا محل للغيبة ولا نميمة ولا لغو، مجالسه كلها عامرة بشتى أفانين المعرفة.

    كما كان – رحمه الله – كريم المائدة، بشوشا، محبا للضيوف وأهل العلم، رافعا همته في إعزاز أمة الإسلام، والنهوض بها نحو المعرفة الراقية العالية، ملفحا أفكار وأذهان تلاميذه بهذه المعاني الصائبة، رحمه الله تعالى.

    والحاصل؛ فقد كان أحد الأئمة المبرزين، والفلاسفة المتعمقين، وأساطين العلم الذين يفتخر بهم المسلمون على غيرهم من الأمم، جمع بين العصرانية والدين المتين، والمرجعية إلى الكتاب والسنة، لم تجرفه تيارات الغرب فيمن جرفتهم نحو العلمانية والتهافت، كما لا يخفى في كتابات كثير من كتاب القرن الرابع عشر الذين جمعوا بين العلوم الشرعية والثقافة الغربية.


    تلاميذه والآخذون عنه:


    أخذ عن المترجم – رحمه الله تعالى – جمع غفير من العلماء، ويكفي أنه كان رائدا من رواد العلم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، فأذكر منهم:

    - نجله الأستاذ المفكر حسن السائح رحمه الله.

    - جدنا شيخ الإسلام محمد المنتصر بالله الكتاني.

    - مؤرخ حياته العلامة الفقيه المؤرخ الأديب عبد الله الجراري.

    - علامة التاريخ والبحث في المغرب محمد بن عبد الهادي المنوني.

    - العلامة الفقيه المدرس المؤرخ محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي.

    - العلامة المفسر المشارك محمد المكي الناصري.

    - مؤرخ أعلام القرن الرابع عشر عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.

    - مؤرخ سوس، وصاعقة التاريخ محمد المختار بن علي الإلغي السوسي.
    وغيرهم من الأعلام الكثر..


    ثناء العلماء عليه:


    وجدت في مذكرة جدي الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني رحمه الله تعالى، ذات الرقم 54، قوله: "وسألت شيخنا الإمام أبا عبد الله السائح"، وذلك في مسألة من مسائل الفقه الظاهري، حين كان يدرس محلى ابن حزم، والذي أتمه الجد رحمه الله قراءة دراسة وتحليل مدة من اثنتي عشرة سنة، كان يرجع فيها لشيخيه ابن عبد السلام السائح، ومحمد إبراهيم بن أحمد الكتاني رحم الله الجميع.

    وقال شيخنا العلامة محمد الكتاني بن عبد الهادي المنوني رحمه الله في رثائه(1): "وفي طليعة هذه الفئة الخالدة على الحق – أي: والتي أفنت أعمارها من أجل العلم – أستاذنا الشيخ الإمام أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد السلام السائح...".

    وقال فيه الوزير الأديب الكاتب، شنتريني الزمان؛ أبو عبد الله محمد بن محمد المفضَّل غَرِّيط الأندلسي الفاسي في تقريظه لكتاب المترجَم "سَوق المهر إلى قافية ابن عمرو" ص أ: "العلامة القاضي الأجل، الفهامة الأديب الماجد الأفضل، صاحب الخلق الذي عَرفه فائح، والفكر الذي في لجج المعارف سابح...".

    ثم قال ضمن قصيدة له فيه:
    خير قـــــــــــــــــاض عالمٍ مطلع===سالكٍ نهج ذوي العدل الكرام
    رَقَّ طبعا وفهومـــــــــــــا، فلذا===ملكت أفكارُه رِق الكــــــــــلام

    وقال المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة المري في "إتحاف المطالع"(2): "العلامة المشارك الحافظ، الحجة المطلع، البحاثة المعتني، من آخر من مثل العلم تمثيلا حقيقيا...".

    وقال في "سل النصال": "العلامة الأصولي النظّار، المحدث المشارك في جل العلوم بتدقيق وتحرير وإمعان نظر، المذاكر المتواضع، من آخر من مثل العلم بالمغرب".

    ووصفه العلامة الشريف القيطوني في "معجم المطبوعات المغربية" ص151 بقوله: "العلامة المشارك، الأصولي البياني، المحدث المفسر، المدرس النفاع، المحرر الموقت، المؤلف المتقن...".

    ووصفه العلامة محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي في معجم شيوخه ص208 بقوله: "فقيه علامة، مشارك مطلع محاضر، بيد أنه له براعة كبرى في فنون الحديث واللغة والأدب، والفلسفة والتاريخ...وبالجملة؛ فهو أعجوبة الدهر، ويتيمة العصر، ومفخرة الزمان، يحق لكل من سبر غوره وحلل عبقريته ونفد إلى شخصيته العلمية النادرة أن يتمثل فيه بقول القائل:

    حلف الزمان ليأتين بمثله===إن الزمــــــــــان بمثله لبخيل

    وبموته سقط حصن حصين من حصون العلم المنيعة، وصرح من صروح الثقافة الإسلامية المتينة، وخبا نجم كان يلمع في سماء المعارف الواسعة، والآداب العريضة...". انتهى باختصار.

    مؤلفاته:

    ترك المترجم رحمه الله مؤلفات كثيرة تقارب الخمسين، بين مقالة وكتاب، كلها في مكتبة نجله الأستاذ الحسن السائح رحمه الله كما شافهني نفسه بذلك، ومنه انتقلت إلى ورثته بالرباط.

    وكان يسير في مؤلفاته بنفس السيرة التي كان يسير في دروسه التي أسلفنا وصفها أعلاه، فيجد المرء نفسه في بستان من المعاف لا يبتدئها حتى يجد نفسه أنهاها، وهو في شوق إليها، مازجا العقل بالنقل، والعلوم ببعضها، والفلسفة بالتشريع، والبحر بالبر، غير مقتصر على علم واحد...

    ولله در الإمام المجتهد، حجة الإسلام، مجدد الإسلام على رأس القرن الرابع عشر، وجيه الدين أبي الفيض محمد بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الحسني حيث قال في كتابه "خبيئة الكون" ص263: "ليس من شأن العالم أن يتوخى فنا واحدا، ولا المؤلف أن يقتصر على علم واحد، لما أنه يدل على ضعف العارضة في العلوم...".

    وقس هذا بحال صعافقة الوقت الذين لم يقتصروا على اقتصارهم على علم واحد، بل حتى هذا العلم تهافتوا فيه وتذبذبوا وأخطؤوا، ولا حول ولا قوة إلا بالله على فساد الزمان وأهله.

    فمن مؤلفاته:

    1– الاتصال بالرجال. وهي فهرسة شيوخه.

    2- إتيان السول، بذكر ما خلّف الرسول. صلى الله عليه وسلم.

    3- إثمد الجفن، في عدم إعادة صلاة الجنازة الناقصة التكبير بعد الدفن. توجد منه نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، رقم: 6573، في 26 صفحة.

    4- الأجوج، الكاشف عن سر ذي القرنين ويأجوج ومأجوج.

    5- الإدريسي مخترع الكرة الأرضية.

    6- أسبوع في باريز. ملأه بمسائل فقهية نفيسة. توجد نسخة بالخزانة الحسنية بالرباط، رقم 6573، في 26 صفحة.

    7- إشراق الحلَك بتاريخ علم الفلَك.

    8- إعجاز القرآن. طبع كمقال في مجلة "دعوة الحق" المغربية، السنة الثانية أبريل 1959، ص 19- 25.

    9- تحقيق الأمنية مما لاح لي من حديث "غنا أمة أمية". طبع. وهو عظيم في بابه، في فلسفة التشريع وفهم الدين مطلقا، وصرح فيه بعقيدته الأثرية، ومنهجهه في الفقه.

    10- تدفق العلم من غار حراء.

    11- تقريظ مطول لكتاب العلامة ابن زيدان: "تبيين وجوه الاختلال". طبع. وموضوعه: توحيد الأهلة ووجوب ذلك.

    12- تكوين الجنين في القرآن والحديث. طبع.

    13- التنبيه إلى أحكام التشبيه.

    14- تنبيه ذوي الأحلام إلى صفة الحجاب في الإسلام.

    15- حسن البيان للجاحظ في كتاب "الحيوان".

    16- الحركة السلفية الإسلامية بالمغرب ونزول الشيخ أبي شعيب الدكالي بالرباط. طبع. بمجلة "دعوة الحق" المغربية السنة 13، عدد 9، 10، مزدوج، ص14- 15.

    17- الحكم الشرعي بين مختلف المذاهب. طبع. بمجلة "دعوة الحق" المغربية، السنة 14، عدد 1، 2، مزدوج، ص22- 25.

    18- ختم التفسير، المتضمن تفسير الفاتحة، والنصر، والمسد، والإخلاص، والمعوذتين. في مجلد ضخم.

    19- الخِمار المذهَب، في حكم التعامل بين مختلفي المذهب.

    20- الرحلة الحجازية.

    21- رضاب العذراء، في سر إظهار إحداهما في آية شهادة النساء.

    22- رقة الصبابة، فيمن دخل المغرب من الصحابة.

    23- رقة الصبابة، فيمن قتل قريبه الكافر من الصحابة.

    24- سبك الذهب واللجين، في سر افتقار التناسل إلى زوجين.

    25- سوق المهر، إلى قافية ابن عمرو. وهو شرح للقصيدة القافية للإمام ابن عمرو الأوسي الرباطي في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي عارض بها القصيدة الشمقمقية في مدح السلطان محمد بن عبد الله لابن الونان، وكلها من الغريب، مطلعها:

    مسحتَ في الإدلاج كل خيْفَق===يرّاء ســــــــــبســــب يباب سملق
    وجــــبت كل طـــاسم سمهدر===متن دموس واســـــع المخــــــــــترق
    يغتال غــــيلان الفــلا من سند===شِناظُه مســـــتمسـك بالأفـــــــــق

    وقد طبع.

    26- شرح قافية ابن الونّان في مدح السلطان محمد بن عبد الله العلوي الحسني.

    27- الشرف المروم، بأحاديث فتح مدينة الروم.

    28- طريق الخبر، في رد مباديء ديكارت إلى رأي من غبر.

    29- الطلاق في كتاب الله تعالى.

    30- الفخر الرازي في عالم الفلسفة.طبع بمجلة "دعوة الحق" السنة الأولى، عدد 12، ص25- 32.

    31- القاف، فيما ورد في جبل قاف.

    32- العلوم في الحديث النبوي. "دعوة الحق" السنة الحادية عشرة، عدد 9- 10، مزدوج، ص10- 14.

    33- عناصر العلم في سنن الرسول صلى الله عليه وسلم. (وكأنه هو نفسه رقم 32).

    34- الغصن المهصور بتاريخ مدينة المنصور, أي: مدينة الرباط. توجد منه نسخة بخزانة علال الفاسي بالرباط.

    35- لسان القسطاس في تاريخ مدينة فاس.

    36- المدخل إلى كتاب الحيوان للجاحظ. طبع جزء منه، وكأنه هو نفسه رقم (15). طبع بمجلة "دعوة الحق"، السنة 3-4، أعداد من الخامس إلى الثامن.

    37- مذكرات في مدينة فاس عن نفائس خزانة القرويين وبعض علماء المدينة وأرباب حرفها.

    38- مشاهد القيامة في الحديث. ألفه في مرض موته. "دعوة الحق" السنة 12، عدد 1، ص32، 34.

    39- معلومات العرب القدماء في الجغرافيا.

    40- المفهوم والمنطوق، مما ظهر من الغيوب التي أنبأ بها الصادق المصدوق. صلى الله عليه وسلم.

    41- المنتخبات العبقرية لطلاب المدارس الثانوية. في الأدب والتاريخ والبلاغة وغيرها، طبع.

    42- منهل الوارد في تفضيل الوارد. في فضل السنة والآثار، وتقديمهما على الرأي، والرد على أهل البدع والخرافة.

    43- المولى إسماعيل العلوي. طبع كمقال في مجلة "دعوة الحق" السنة الثالثة، العدد 2، ص27- 32.

    44- النازية والديمقراطية في نظر الفلسفة والتاريخ.

    45- نجعة الرائد، في بناء الحكم والفتوى على المقاصد والعوائد. طبع كمقال بمجلة "دعوة الحق" السنة 16، العدد 2، ص23- 29....وغيرها.

    وفاته:

    حج المترجم – رحمه الله تعالى – عام 1366، وعند عودته شعر بوعكة صحية، أعاقته عن إتمام عمله بفاس، فطلب النزوح إلى مكناس لطيب هوائها، وهناك صادفته المنية بتاريخ الإثنين سادس عشر القعدة الحرام من عام 1367، عن عمر يناهز 57 عاما فقط، وانهد بوفاته صرح من صروح العلم والمعرفة، رحمه الله تعالى.

    قال ابن سودة في "سل النصال": "وقد كان ذهب إلى الحج وأدى الفريضة في العام قبل موته، ومنذ رجع من الحج وهو مصاب بمرض إلى أن توفي منه، ويقال شائعا: إنه لما ذهب إلى الحج أظهر المغرب وصرح بالظلم والاستبداد الواقع فيه في عدة مناسبات هناك، فحنق عليه رجال الاستعمار وأطعموه سما، وبقي يقاسي ألمه إلى أن توفي رحمه الله".

    وقد رثي بعدة مراثي؛ منها للأستاذ محمد بن عبد السلام ابن سودة قصيدة مطلعها:

    أمسى على عقب الزمان بيانه===أين اليراعُ وأين مـــــــــــــــــنه بنانه؟

    إلى أن قال فيها:

    كان ابن رشـــــدٍ فكرةً ومداركا===وإذا تحــــــــــدث؛ فالحريرِ لسانه
    روي الحديـــث كمنهل أن جاءه===كل الســـــــــــــقاء يزيدهم جريانه
    صدر الحنيفــــــة والإمام بمرقب===منه، وسعــــــد الدين كان جنانه
    راض العواطف منطقا وسجية===حتى تصــــــــدّر واستبان مكانه
    فغدا كمــــــمتحـــــن لأعلى نائل===إن مد بين ذوي النهــــــــى ميزانه
    وغدا أجل من القضاة يفوقهم===ويسود في المتحاكمـــــــــــين أمانه



    انتهت الترجمة، والحمد لله رب العالمين...




    مصادر الترجمة:

    "الشيخ الواعية محمد بن عبد السلام السائح". تأليف عبد الله الجراري.
    "إتحاف المطالع بوفيات القرن الثالث عشر والرابع" (2/ ++) تأليف عبد السلام ابن سودة.
    "سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل اكمال" رقم 158.
    "إتحاف ذوي العلم والرسوخ بتراجم من أخذت عنه من الشيوخ" ص193، تأليف محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي.
    "الأعلام" (6/ 6)، خير الدين الزركلي.
    "معجم المطبوعات المغربية" (151)، إدريس بن الماحي القيطوني.
    "معلمة المغرب" (14/4831). بقلم الأستاذ عبد الإله الفاسي.
    الموسوعة المغربية للأستاذ الدكتور محمد حجي








  7. #37
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    العلامة محمد الزمزمي الغماري من الصوفية إلى السنة ومحاربة البدعة


    علامة المغرب محمد الزمزمي الغماري من الصوفية إلى السنة

    العلامة الشريف محمد الزمزمي بن محمد بن الصديق الغماري .. ولد في أسرة أشعرية حتى النخاع، وبيت لطريقة صوفية (الطريقة الصديقية)، يكثر فيهم التجهم!! ويظهر فيهم التعصب ..

    ولد الشيخ ببور سعيد بمصر في طريق والديه إلى الحج عام 1330هـ.

    حفظ القرآن الكريم على شيخه الفقيه محمد الأندلسي، وفي عام 1349 شرع في قراءة العلم على أخيه الأكبر أحمد، ثم شدَّ الرحلة إلى القاهرة صحبه أخيه عبد الله الذي قرأ معه الآجرومية، وطرفاً من ألفية بن مالك، وورقات إمام الحرمين، وأوائل جمع الجوامع على الباخرة.

    ولما وصل إلى القاهرة التحق بالأزهر، فقرأ على جماعة من شيوخه، كالشيخ عبد السلام غنيم، وأبي طالب حسنين، ومحمود الإمام، وعبد المجيد الشرقاوي، والشيخ محمد بخيت المطيعي وغيرهم، واختار في الفقه قراءة مذهب أحمد رحمه الله تعالى.

    ثم رجع إلى طنجة عند وفاة والده عام 1354، وجعل يلقي دروساً تطوعيَّة بالجامع الكبير، وبزاوية والده في التفسير والحديث، والتفَّ حوله جماعة من الطلبة، فقرأ معهم الأصول والمنطق والعربة والبلاغة...

    نشأ –كما ذكرنا- كأسرته وباقي أهل بيته على التصوُّف وكان جَلْداً فيه، وألف في نصرته كتاباً أسماه: "الانتصار لطريق الصوفية الأخيار"، ذكر فيه أدلة ما يختصُّ به الصوفية.

    ثم لما بلغ سن الأشد –أي الأربعين- ، ونضج تفكيره، وثاب إلى رشده، أشهر على هذه الطرق البدعية حرباً عنيفة لا هوادة فيها، وضلَّلهم وبدعهم، وكفر عدداً منهم، وتبرأ من والده كتابةً وكتب: [ الزاوية وما فيها من البدع والأعمال المنكرة ] ، قال في ديباجته: "ألا فليشهد عليَّ المؤمنون، والعلماء الصالحون أنِّي أتبرأ من المتصوِّفة الجاهلين، وأتقرَّب إلى الله تعالى ببغضهم، وأدعو إلى محاربتهم ... ".





    وقد كان من محاربته للصوفية تركيزه على من خبر سرهم، وعرف شناعتهم، وتلاعبهم على الناس، وهم إخوته وتلامذة والده، فعاداهم وهجرهم، ..

    ووقعت بينه وبين إخوته ردود عديدة، أدت إلى فضحهم وكشف حقيقتهم، وهجر الناس لهم، وتبينهم أن الحق بالدليل، لا بأبناء الصديق الغماري وطريقتهم!!

    وقد قام بعض إخوته (المشايخ الجهمية) بمرافعة ضده في محاكم الطاغوت، يقاضونه على أن فضحهم وبيَّن عوارهم .. نسأل الله السلامة والعافية.

    ومن كتبه القاصمة لأرباب التصوف بالعموم؛ وأهله بالخصوص ما دونه باسم (الطوائف الموجودة في هذا الوقت) وفيه براءته من أحوال إخوانه الصوفية الدِّرْقاوية البِدْعية!!

    ومنها كتابه في الهجر، جليل القدر، عظيم الأمر، الذي أسماه بـ (إعلام المسلمين بوجوب مقاطعة المبتدعين والفجار والظالمين)، وهو رد على أخيه عبد الله، لما لديه من الدعوة إلى القبوريات، وإلى بناء المساجد على القبور، وخدمة زاوية أبيه الصوفية الصديقية، وفي سلسلة يطول ذِكْرُها من البدع المُضلَّة ...

    ومن رسائله التي هزت أصحاب الزاوية الضالة، كتابه (كشف الحجاب عن المتهور الكذاب) .. حتى أن أخيه القبوري عبد الله قال في سبيل التوفيق بأنه "يقصدني" وأخذ في ذكر ما بينه وبين أخيه .. والذي بينهم هو توحيد أو شرك .. فأحد يرفع راية الإسلام بنقائه وصفائه مخلصاً لله الدين .. والآخر يرفع راية عبادة القبور، واستحسان البدع وهم من السنة نفور .. هذه خلاصة الخلاف ..


    لقد كان –رحمه الله- أثرياً عاملاً بالدليل، شديداً على متعصبة المذاهب، قوَّالاً بالحق، بعيداً عن الظلمة وذوي السلطة، شديداً عليهم وعلى المتفرنجين، زاهداً في الدنيا ..

    له تآليف كثيرة، منها: (دلائل الإسلام) و(التفرنج) و(المحجة البيضاء) و(إعلام الفضلاء بأن الفقهاء المقلدة ليسوا من العلماء) و(تحذير المسلمين من مذهب العصريين) و(الحجة البيضاء .. ) و(كشف الحجاب عن المتهور الكذاب) و(إعلام المسلمين بوجوب مقاطعة المبتدعين والفجار والظالمين) ...

    ولقد ألمَّ بالشيخ مرض ألزمه الفراش مده حتى توفاه الله سبحانه ، في يوم الجمعة 28 من ذي الحجة عام 1408هـ، غفر الله ورحمة ورفع منزلته في عليين.

    رقص وهز وقرع الطبول تحت مسمى ذكرالله
    نسأل الله السلامة والعافية والهداية لهم

    الطريقة الغمارية


    العلامة محمد الغماري :







  8. #38

    عضو جديد

    سبابو عبدالكريم غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3243
    تاريخ التسجيل : 22 - 1 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 64
    المشاركات : 1
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    معدل تقييم المستوى : 0

    افتراضي


    أرجو من العلي القدير أن يجزيكم خير الجزاء وياحبدا لو يتعاون أصحاب الموقع و المهتمين بعلماء و مفكرين المغرب الحبيب في كل العالم على وضع قاعدة بيانان تضم كل علماء المغرب من أول التاريخ إلى اليوم حتى لو بذكر أسمائهم فقط و تخصصهم و لكم جزيل الشكر





  9. #39
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    مجهود رائع لتعريفنا بهؤلاء العلماء الافاضل
    بارك الله فيكم





  10. #40
    مشرفة منتديات المرأة المسلمة والطفل وركن المنزل
    حنين اللقاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1103
    تاريخ التسجيل : 22 - 6 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 2,407
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 21
    البلد : المغرب
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    جزاكم الله خير الجزاء إخوتي في الله على المرور الكريم





 

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. التعريف بالديانة المسيحية
    بواسطة ذو الفقار في المنتدى الركن النصراني العام
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 2009-02-01, 02:16 AM
  2. شهيوات عيد الأضحى في المغرب
    بواسطة قطر الندى في المنتدى مائدة المنتدى
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 2008-12-27, 09:01 AM
  3. التعريف بالإسلام بأربع لغات
    بواسطة خالد بن الوليد في المنتدى نصرة الإسلام و الرد على الافتراءات العامة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 2008-10-20, 04:48 PM
  4. التعريف بسور القرآن الكريم كاملة ...!!
    بواسطة صقر قريش في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 2008-02-18, 01:04 AM
  5. التعريف بالزواج وشرعيته وحكمة مشروعيته
    بواسطة الهزبر في المنتدى الفقه وأصوله
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 2008-01-22, 10:25 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML