بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له،وأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله،طبعاً ليس هنالك أمر أسهل على أعداء الإسلام والطهارة والعقيدة الصافية والشريعة الخالصة من كل شائبة من رمي الأكاذيب والشبهات،ولله الحمد فإن الذي تكفل بحفظ الدين ليس من يكتب أو يقرأ هذه الكلمات،بل الذي تكفل بحفظها هو رب الأرض والسماوات،لكن السؤال الذي ينبغي أن نسأله لهم،لماذا تنظرون إلى القمر المكتمل في ليلة البدر بقصد التفتيش عن البقع المظلمة ؟!عندما نتدبر هذه القضية بالذات ندرك تماماً أن هؤلاء أتباع زيغ وأهل أهواء وليسوا طلاب حق على الإطلاق،نبقى مع هذه الشبهة التي ستكتشفون يا أخوتي ويا أخواتي أنها في منتهى السخف وأن أصحابها ما أرادوا إلا السوء و نشر الفتن والمشاكل الاجتماعية والنفسية بين أفراد أمتنا التي تبقى رغم أمراضها ورغم عقبات نهضتها ورغم أنوف أعدائها خير أمة أخرجت للناس،ولا شك أن الكثير ممن سيقرأها يدرك حجم سخافتها ولكن للأسف الشديد فما زلت أنا شخصياً أسمعها كثيراً و إلى هذه اللحظة ولا يسعنا إلا أن نسأل الله الهداية والصلاح لهذه الأمة،نأتي إلى الشبهة،طيب لماذا أخذوا كلمة"واضربوهن" وتركوا باقي الآية ما قبلها وما بعدها؟!الآية تقول:" واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا"الآية تشخص أمراً يحدث في كل بيت مسلم،ألا وهو النشوز،والنشوز كما عرفه ابن كثير رحمه الله في تفسيره :" هو الارتفاع فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها التاركة لأمره المعرضة عنه المبغضة له"وعندما يصدر هذا الأمر من المرأة فإن له تأثيراً على البيت المسلم بل وعلى نفسية الأبناء والبنات ولا مجال للتجاهل هذا الأمر وترك المرأة على هذه الحالة،يعني يجب أن نفهم جميعاً أن المرأة هنا على خطأ،فتوجيهات هذه الآية ليست لامرأة مظلومة أو مجني عليها أو صالحة قائمة بأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حريصة على راحة زوجها التي هي جزء من راحتها وراحة البيت أصلاً،بل وجهها إلى امرأة ناشز،ومع ذلك لم يبدأ الأمر بالضرب،بل وجه الله الأمر لكل رجل في هذه الحالة بقوله:"فعظوهن"أي بالكلمة الطيبة والتذكير بالأثر السيء لهذا الأمر في الدنيا أو حتى في الآخرة،وعندما يقول الله للعبد "افعل الشيء الفلاني"إنما يأمره بأن يسمع القول فيتبع أحسنه ،أي يبذل الجهد في الموعظة الحسنة والكلمة الطيبة للمرأة الناشز،فإن لم ينفع التذكير ولا الكلمة الطيبة ولا الموعظة الحسنة بعد بذل الجهد في ذلك يأتي التوجيه الإلهي الثاني ألا وهو:" واهجروهن في المضاجع"والهجر في البيت حصراً وليس خارجه كما سيأتي في الحديث بعد قليل،وذلك لحكمة والله أعلم،أن الهجر في نفس البيت يساعد على تقريب القلوب شيئاً فشيئاً أكثر مما لو كان خارج البيت ،وكما يقول المثل:"البعيد عن العين بعيد عن القلب"فإن أصرت المرأة على النشوز بعد كل هذا حتى استيفاء حقه يأتي الضرب،وقبل أن نتكلم عن الضرب ينبغي علينا أن نتنبه لأمر هام،إن المرأة عندما تفهم هذه الآية وتدرك أنها معرضة للضرب إن استمرت على نشوزها فإنها ستحجم عن الخطأ ولا ضرب بعدها ولا من يحزنون،يعني عندما يقول مرضى القلوب ضعاف العقول والفهم بأن "الضرب ذل للمرأة الناشز"هذا كما لو أنهم قالوا بأن الرجم للزاني المحصن ظلم،وكأنهم يقولون بأن القتل للقاتل بغير حق ظلم،وكأنهم يقولون بأن قطع اليد للسارق ظلم،فكما أن الرجم والجلد لفاعل الفاحشة جاء لحفظ أعراض الموحدين،وكما أن القتل للقاتل بغير حق جاء لحفظ دماء الموحدين،وكما أن قطع اليد جاء لحفظ أموال الموحدين،جاء الضرب هنا لمنع المرأة من هذا المنكر وهي بشر مثلها مثل الرجل وليست معصومة،والضرب كماجاء في الحديث الذي صححه الألباني رحمه الله في السنن واللفظ لأبي داود رحمه الله وهو عن حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال قلت
: يارسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال " أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت " أو " اكسبت " " ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت "
قال أبو داود " ولا تقبح " أن تقول قبحك الله ،سبحان الله،فالضرب سواءاً كان للزوجة الناشزة أو حتى للأبناء أو لغيرهم له ضابطان،الأول :ألا يكون مبرحاً،يعني لا يترك آثاراً على الجسم بأي شكل من الأشكال،والثاني :أن يبتعد عن الوجه نهائياً،بل وكما جاء في الحديث لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عن كلام السوء للمرأة ولو استمرت على هذا النشوز،ثم إن الكثير من النساء ترى الابن يخطئ خطأً صغيراً وربما يصفعه الأب على وجهه ولا تتكلم المرأة لأنها في قرارة نفسها تعلم أنه يريد تربيته،فكيف سيذل الله المرأة على يدي زوجها بعد أن قيده بكل هذه الضوابط رغم استمرارها على النشوز؟!نقول لهؤلاء المساكين الذين لم يعرفوا قدر هذه الشريعة الغراء،هذه الآية ليست إهانة للمرأة،بل هي دليل على اهتمام رب البرية سبحانه وتعالى وحرصه على الأسرة المسلمة التي هي الوحدة الأساس في المجتمع بأكمله.
وما كان من صواب وسداد وتوفيق فبفضل من الله وحده لا شريك له،وما كان من خطأ أو تقصير أو نسيان فمني ومن الشيطان،والله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه براء.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون * وسلام على المرسلين * والحمد لله رب العالمين,hqvf,ik
المفضلات