وكان
الرأي
أن يتم إرسال جيش لمصر
للإستفادة من المال
في تقليل المكوس
التي تؤخذ من الأغنياء
لتجهيز الجيوش التي تغزو الفرنجة
كان نور الدين يقتنع برأي صلاح الدين
رغم قلة خبرته في الحياة
فبدأ تجهيز الجيش
بألف جندي فقط
يقودهم أسد الدين
ووصلت الأنباء لنور الدين
أن زوجته تخرج من البيت بغير إذنه
فغضب عليها بشدة
وعنفها بقسوة
قائلا : اسمعي ياخاتون
لست كالعزيز
ولم أكرم ابن أيوب
إلا لأني أقدم من قدم الله
أما أن تخرجي بغير إذني
وتكلميه في غيابي
فلو تكرر ذلك ألحقتك بأهلك
فقالت : محمود هل تشك في خاتون
فقال بنبرة عميقة هادئة: لم أقل ذلك
ولكن طلباتك زادت
وقد علمتي زهدي في الدنيا
ولا أملك مالا وتطلبين زيادة نفقة
وأتعبتيني من كلمة صلاح الدين
صلاح الدين صلاح الدين
ويكثر خروجك
وصرخ قائلا : ماذا لو ميزك الناس
وهل مال قلبك لصلاح الدين
فأخذت تبكي
وقالت : لن أخرج بعد الأن
وقد طلبت منك عزله
يكفينا نربي إبننا الصالح
وكان طفلا صغير
ولنجعله ملكا على صلاح الدين هذا
فهدأ نور الدين
وقال : لن أعطيه ملكا
سأورثه الزهد ولتذهب الدنيا لمن يطلبها
فلتذهب كلها لمن يطلبها
وقال :سأبعد صلاح الدين عن دمشق
فقد تعلق قلبه بها
ونسى القدس
سأجبره على الذهاب مع عمه أسد الدين لمصر
فقالت : خيرا تفعل
لا أريد رؤيته
وكان في نفس الوقت
نجم الدين يحرض أسد الدين
على اصطحاب صلاح الدين معه
قال : يا أخي صار يحتد على في الكلام
رغم حسن خلقه
وسيصدأ سيفه
فخذه لمصر معك
صار نور الدين يغار منه
لعدة أمور
وقد كثر ثناء الناس عليه
فقال : كنت أريد ذلك حقا
فذهب أسد الدين لصلاح الدين
في دار الشحنة
فوجده في معاركة كلامية
مع القاضي الشهرازودي
لكنه محتفظ بحسن خلقه
ثم
قال الشهرازودي
كيف تفرج عن المتهمين
دون عرضهم على ألست أنا القاضي
فقال : بلا ولكن ربما تكون قضية غير مستحقة
فيمكث المتهم البرئ أياما في السجن
فقال الشهرازودي
: وكيف تميز بين القضايا
هذا عمل العلماء
ولا أراك تصلح أن تكون طالب علم حتى
فقال صلاح الدين : يشرفني أن تعلمني
فقال القاضي : سأشكوك لنور الدين ليعزلك
فقال صلاح الدين :
خير من أن يشكوني برئ إلى الله
وتكون أسديت لي خدمة لأعود لقتال الفرنجة
أو مجالس الذكر
و اعلم يا سيدي القاضي
أن اختلافي معك لا يفسد للود قضية
فخرج القاضي مسرورا لحسن خلقه
ولكنه أراد أن يشكوه لنور الدين
ودخل أسد الدين عليه
فقال : لقد انتهت أيامك في دار الشحنة يا صلاح الدين
أنت ستخرج بأمر نور الدين معي لمصر
فتمعر وجه صلاح الدين من الغضب
فقال : ياعمي
تقررون مصيري
دون أخذ المشورة
هل يراني نور الدين خادما مملوكا
أم مستشارا وصاحب شحنة
إن كنت خادما فلا يستشيرني بعد الأن
فقال أسد الدين :هل صرت يابن أيوب تترفع على الخدمة
فأطرق صلاح الدين رأسه
قائلا : معاذ الله
أتشرف بخدمتكم
ولكن
فخرج أسد الدين عن شعوره وصرخ
: ولكن ماذا
فقال : ياعم أنا لا أطيق النظر في وجه
المدعو شاور
فكيف أقاتل في صفه
ولا أحب مصر
دولة شيعية فاطمية
ووزيران خائنان
فما دخلي أنا
إذا أصر نور الدين
فلينفني من البلاد شاكرا نعمه السابقة
فقال أسد الدين:
وماذا عني عمك العجوز الذي يحتاجك
وكان صلاح الدين رقيق القلب
فقال : ياعم أنت في القلب
ولكن عندك الأجدر مني
خالي شهاب الدين
و أخي توران شاه
فلماذا أنا
فقال أسد الدين :
أما زلت لا تعلم أني أؤثرك على أبنائي كلهم
وكل أحبابي
قد اعترفت لك فاقبض على يا صاحب الشرطة
وجاءه نور الدين
لمقر الشرطة
فهابه صلاح الدين
وقبل يده
وقال : مرني ياسيدي
أنا خادمك ومملوكك
فقال : اسمع ياصلاح الدين
إني كرجل زاهد أخفي أشياء وأبديها
كن على يقين
أني أصطنعك لنفسي
وليس لهوانك عندنا نرغمك على الذهاب لمصر
و إن طال بك العمر ستعلم أثر دعواتي لك
فتأثر صلاح الدين كثيرا
وخرج مع عمه
كان نور الدين يسجد ويبكي
قائلا:
أي رب
أنا عبدك الكلب
محمود المكاس جامع الضرائب
فانصر صلاح الدين ولا تنصرني أنا
رد القدس
وانصر الإسلام
ومن محمود الكلب حتى تنصره
زاره النبي في المنام
وقال : محمود أنقذ قبري
وتكررت الرؤيا
ذهب للمدينة
فوجد غريبين حفرا نفقا
لسرقة جثمان النبي
فقتلهما
وصب حول مكان المدفن الرصاص المذاب
وظل يبكي
قائلا : رسول الله يعرف إسمي
ووصل صلاح الدين لمصر
مع عمه
فوجدوا جيشا عظيما من الشيعة
فقال أسد الدين :
يا شاور لقد خدعتنا فقلت ليس في مصر عساكر
فجئنا بألف فارس فقط
فقال شاور الخائن : لا يغرنك المنظر
فأغلبهم خرج كارها
وكتبهم معي
و أغلبهم لم يدرب حتى على حمل السيف
ناهيك عن قتال الفرنجة مثلكم
فقال صلاح الدين : إن كانوا كما تصف
فلن يتحملوا حر الشمس
نحن أصبر منهم و أسرع كرا وفرا
لقلة الحديد
فلنصبر حتى يشتد حر الشمس
فلما جاء وقت الظهر
ظهر القلق والإضطراب في الجيش المصري
وانسحب جزء من الجيش
خاصة أهل السنة منهم
فأومأ صلاح الدين لعمه
أن نعم
فكبر أسد الدين وأخرج سيفه ببراعة يغبط عليها
الله أكبر
ودارت معركة طاحنة
حيث تهشمت الجماجم وطارت الرؤوس وسالت الدماء
ولا حظ العساكر أن صلاح الدين
يبارز ولا يقتل
فظنوه أضعف من أسد الدين فتجرؤوا عليه
فلما اقتربوا
قال بصوت مرعب : حسبتموني ضعيفا
واقترب من أشجعهم و أطار رأسه بضربة
غبطه عليها أسد الدين
فخارت عزائم الجيش الشيعي وانهار
وتم قتل ضرغام
واستولى شاور على السلطة
لكنه أخلف وعده مع صلاح الدين
وهذا ما سيتضح في الحلقة القادمة
إن شاء الله
المفضلات