أولا شبهات الشيخ علي الكوراني والرد عليها:
أثار الشيخ علي الكوراني جملة من الشبهات حول تدوين الحديث ، وموقف الصحابة رضي الله عنهم من ذلك في كتابه تدوين القران ، وسنكتفي بذكر ابرز هذه الشبهات فيما يأتي :
1. الشبهة الأولى: حمل الكوراني في هذه الشبهة الأحاديث الواردة عن النبيفي الإذن والمنع من الكتابة على التناقض متناسيا كل ما يمكن أن يعتمد عليه من الوسائل المعتبرة في الجمع بين النصوص المتعارضة ، وهو إنما حملها على التناقض من اجل الوصول الى مسالة خطيرة جدا لها مساس مباشر بعقيدة المسلمين، لان القول بالتناقض لا يخرج عن واحد من احتمالين : الأول: صحة الرواية بطرفيها عن النبي وهي متناقضة وهو لازم للكفر والعياذ بالله لان فيها اتهاما للنبي
بالتناقض في التبليغ عن الله.
والثاني: عدم صحة احد إطرافها وهو لازم لاتهام رواتها بالكذب ، وهو ما يريد الكوراني أن يسوق القارئ إليه بصورة غير مباشرة،فاستمع إليه وهو يقول :"وقد عقد (أي الهيثمي )في مجمع الزوائد بابا باسم" باب كتابة العلم " وروى فيه روايات متناقضة في تحريم التدوين ، وفي الحث علي التدوين" .
2. الشبهة الثانية :
محاولة خلط مفهوم التثبت بمفهوم المنع من انتشار السنة: بنا الكوراني هذه الشبهة على جملة من الأحاديث ساقها عن النبيكحديث " ليحدث الحاضر منكم الغائب" وحديث" نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ،ورب حامل فقه الى من هو افقه منه " . فقال بعد أن أورد هذه الأحاديث وأمثالها :" من المعلوم لمن عرف أسلوب النبي
ولمح مقاصده الشريفة ،أن هدفه ..أن تصل أحاديثه وما أوحاه الله إليه الى أوسع نطاق ، الى الأمة والعالم ،وان يحفظ العلماء والطلبة هذه الأحاديث ويلقوها على الناس ،ويشرحوها ، سواء كان ذلك بتحفيظها أو تكتيبها أو تدوينها.. فهل ينسجم ذلك مع سياسة تغييب السنة ومنع تدوين الحديث والعقوبة عليهما " . والكوراني إن كان هنا يعرض بما نقل عن سيدنا عمر من كراهة التدوين ، فانه منقول كذلك عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما أثبتنا ذلك في الصفحات السابقة . وان كان يعرض بذلك عما روي عنه من استشهاده على من يحدثه بحديث الرسول الله
بمن يشاركه في تلك الرواية عنه
فان ذلك محمول على تثبته وحرصه على الأمانة في نقل السنة المطهرة، ويكفي للرد على الكوراني إن أهل السنة المتهمين عنده بالسعي من اجل منع انتشار سنة النبي
هم أنفسهم الذين رووا تلك الأحاديث التي تحث على التبليغ عن النبي
ولو أرادوا أن يكتموا شيئا من حديثه
لكانت هذه الأحاديث أولى بالكتمان من غيرها لأنها تتقاطع مع منهجهم ألتكتمي ولأنها ستكون حجة في فم مخالفيهم.
المفضلات