السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد انتشر هذا الحديث على شبكة التواصل الاجتماعي ، فأحببت أن أدلي بدلوي وأقدم قول فصل في صحته وفقا لقواعد وأصول علم الحديث ، وكان ثمرته ، هذه الدراسة التي أقدمها بين أيديكم :
حديث : "من ضيق منزلا ، أو قطع طريقا ؛ فلا جهاد له" .
ومداره على أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي ، وقد رواه عنه كلا من :
1- إسماعيل بن عياش : أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (2468) – وعنه أبي داود في "السنن" (2629) ، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/256) – ، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (3/440) ، وأبي يعلى الموصلي في "مسنده" (1483) ، وفي "المفاريد" (1) ، والطحاوي في "مشكل الآثار" (45) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (20/194/ رقم 434) ، وابن عساكر في "تاريخه" (48/274 و 275) .
كلهم من طريق إسماعيل بن عياش ، عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي ، عن فروة بن مجاهد اللخمي ، عن سهل بن معاذ الجهني ، عن أبيه ، قال : نزلنا على حصن سنان بأرض الروم مع عبد الله بن عبد الملك ، فضيق الناس المنازل ، وقطعوا الطريق ، فقال معاذ : أيها الناس ، إنا غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة كذا وكذا ، فضيق الناس الطريق ، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى : "من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له" لفظ أحمد .
2- الأوزاعي : واختلف عنه :
أ- بقية بن الوليد : أخرجه أبو داود في "السنن" (2630) – ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" (9/256) – ، وابن قانع في "معجم الصحابة" (3/27) ، المعجم الكبير للطبراني(20/194/ رقم 435) – ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال (3/244) – ، كلهم من طريق بقية ، عن الأوزاعي ، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه قال: غزونا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم بمعناه .
ب- الهقل بن زياد : أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (44) : حدثنا فهد ، حدثنا عبد الله بن صالح ، حدثني الهقل ، عن الأوزاعي ، عن أسيد بن عبد الرحمن ، عن فروة بن مجاهد ، عن سهل بن معاذ ، عن أبيه، قال: غزونا مع النبي عليه السلام , فضيق الناس المنازل , وقطعوا الطرق , فبلغ ذلك النبي عليه السلام , فقال: " ألا من قطع طريقا , أو ضيق منزلا فلا جهاد له " .
قلت : عبد الله بن صالح كاتب الليث ، ضعيف الحديث .
ت- عبادة بن جويرية : ذكر روايته الدارقطني في "العلل" (6/91) ، وهي مثل رواية بقية .
### وخالفهم كلا من :
ث- أبو اسحاق الفزاري : أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (رقم 630 – زوائده) ، ومن طريقه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/3101): حدثنا معاوية بن عمرو , ثنا أبو إسحاق , عن الأوزاعي , عن أسيد بن عبد الرحمن , عن رجل , من جهينة , عن رجل قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلا فيه ضيق فضيق الناس فقطعوا الطريق فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له" .
ج- أبو المغيرة : أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" (6/3101) ، والبيهقي في "السنن الكبرى" (9/256) كلهم من طريق أبي المغيرة ، ثنا الأوزاعي، حدثني أسيد بن عبد الرحمن، عن رجل من جهينة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
وأبو المغيرة هو : عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الشامي الحمصي وهو ثقة .
3- المغيرة بن المغيرة الرملي : أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (60/86) : أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم نا عبد العزيز بن أحمد أنا أبو الحسين بن عوف أنا أبو العباس محمد بن موسى بن السمسار أنا محمد بن خريم حدثنا هشام بن عمار نا المغيرة بن المغيرة الرملي أنا أسيد بن عبد الرحمن عن سهل بن معاذ عن أنس قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : "من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا فلا جهاد له" .
قلت : وهذا اسناد ظاهره الحُسن ! الا أنه من مسند معاذ بن أنس أصح ، وليس عن أنس بن مالك ، ربما غلط فيه هشام بن عمار فأنه كبر فصار يتلقن ، والله أعلم .
كلام الدارقطني :
في "علل الدارقطني" (6/91/ رقم 1002) : "وسئل عن حديث معاذ بن أنس الجهضمي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: من ضيق منزلا أو قطع طريقا، فلا جهاد له .
فقال: يرويه أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي، واختلف عنه ؛
فرواه الأوزاعي ، عن أسيد بن عبد الرحمن، عن فروة بن مجاهد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ذلك : بقية بن الوليد ، وعبادة بن جويرية ، عن الأوزاعي.
وتابعه إسماعيل بن عياش، عن أسيد.
ورواه أبو إسحاق الفزاري ، عن الأوزاعي، عن أسيد، عن رجل من جهينة لم يسم، عن رجل آخر لم يسم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لم يحفظ الفزاري إسناده، وحفظه بقية " .
قلت : أبو إسحاق الفزاري امام حافظ ، وقد تابعه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني وهو ثقة ، فالأشبه أن الامام الأوزاعي حدثهما في غير وقت منشطه ! .
حال سهل بن معاذ بن أنس :
قال ابن أبي خيثمة : " سئل يحيى بن معين: عن ابن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، عن النبي عليه السلام ؟ فقال: ضعيف " ["التاريخ الكبير – السفر الثاني" (1/542)] .
وقال ابن حبان في "الثقات" : "سهل بن معاذ بن أنس الجهني يروي عن أبيه روى عنه يزيد بن أبي حبيب وزبان بن فائد عداده في أهل مصر لا يعتبر حديثه ما كان من رواية زبان بن فائد عنه" [(4/321)] .
وقال في "المجروحين" : "سهل بن معاذ بن أنس : يروي عن أبيه ، روى عنه زبان بن فائد ، منكر الحديث جدا فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من زبان بن فايد ، فإن كان من أحدهما ، فالأخبار التي رواها أحدهما ساقطة وإنما اشتبه هذا ، لأن راويها عن سهل بن معاذ زبان بن فائد إلا الشيء بعد الشيء " [(1/347)] .
وقال العجلي : "سهل بن معَاذ بن أنس الْجُهَنِيّ مصري تَابِعِيّ ثِقَة" ["الثقات" (1/440)] .
خلاصة حاله : ضعيف الحديث ، ليس فيه توثيق معتبر ! لأن العجلي متساهل .
الخلاصة :
الحديث ضعيف لا يصح ، لأجل سهل بن معاذ بن أنس ، وهو ضعيف الحديث .
وكتبه
أبو عبد الله السكندري
في الثلث الأخير من ليلة 25 رمضان 1434jovd[ p]de : "lk qdr lk.gh K H, r'u 'vdrh P tgh [ih] gi"
المفضلات