والحق أن عليا كان الأقرب إلى الصواب، وذلك لأسباب وأدلة:

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويح عمار، تقتله الفئة الباغية) [رواه البخاري]، وكان عمار مع عليّ، وقُتل في معركة صفين التي كان فيها ضد معاوية ومن معه
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج (الذين خرجوا على عليّ بعد التحكيم): (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين، يقتلها أولى الطائفتين بالحق) [رواه مسلم]، وكان عليّ ومن معه هم الذين قاتلوهم وهزموهم كما سيأتي ذكره إن شاء الله
* هذا لا ينفي أن الصحابة (رضوان الله عليهم) من كلا الطرفين مجتهدون، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) [رواه البخاري]، فعلي رضي الله عنه مصيب وله أجران إن شاء الله، ومعاوية مخطئ وله أجر إن شاء الله
* كون إحدى الفرق كانت أقرب للحق والأخرى باغية، فلا ينفي هذا عن الأخرى أن أتباعها من المؤمنين، حيث قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}، فقد أثبت الله تعالى أن الطائفة التي بغت هي من المؤمنين، وقد أثبت ذلك أيضا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عن الحسن بن علي رضي الله عنه: (إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) [رواه البخاري]، ومن المعلوم أن الحسن تنازل لمعاوية عن الخلافة بعد مقتل عليّ رضي الله عن الجميع، وأثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهذا يعني أنه التصرف السليم، إما وجوبًا أو استحبابًا