يقول الحق تبارك "مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا " سورة النساء الآية 85
على الرغم من أن المدلول واحد إلا أن إستخدام الألفاظ فيه بلاغة متناهية فل قلنا لبشر أن يأتي بالمعني فسيأتي المعني إما بكفل في المرتين أو بنصيب في المرتين على أن يقول :
من يشفع شفاعة حسنة يكن لها كفل منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها
أو يقول
من يشفع شفاعة حسنة يكن لها نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له نصيب منها
وما الفارق بينهما يا ترى ؟
إن الحسنة يظهرها الإنسان وتنموا وتزدهر ولهذا أخت اللفظ ( نصيب ) لان نصيب هي الجزء الظاهر الشاخص أما السيئة فيخجل الإنسان منها وتكون مستورة مخفية ولهذا كان أحق لها اللفظ ( كفل ) لأن الكفل أصله في اللغة هو الثوب الذي يدار ويجعل على شكل حلقة ويوضع على سنام البعير
ويمكن تمثيل المعني بمنضدة مربعة .. فإذا رسمت لك على المنضدة مربع صغير وقلت لك هذا النصيب لك فهذا يعنى أنك أخذت نصيب ظاهر
أما لو وضعت كتاب على المنضدة وقلت لك ما تحت الكتاب لك فهذا يعنى أنك أخذت نصيباً مختفياً وهذا النصييب هو الكفل
أرجوا أن أكون قد وفقت في الشرح .. حياكم الله
أي يمكن القول صورة الجزئية مع النصيب صورة ظاهرة بارزة وصورة الجزئية مع الكفل صورة مختفية مخفية
إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
هذا من دقة القرآن الكريم. فعندما ندقق نجد أن الكلام في لغتنا على طريقتين:
إمالترقّي من الأدنى إلى الأعلى أو التدني في الأعلى إلى الأدنى.
والكلام في الآية هي الترتيب من العام فالخاصّ فالأخصّ. والقنوت عام يكون في الصلاة وفي غيرها فهو عام ثم انتقل إلى الخاصّ وهو السجود لأنه يكون في الصلاة وفي سجود التلاوة وسجدة الشكر لكنه أخصّ من القنوت ثم انتقل إلى الركوع الذي هو أخصّ من السجود فلا ركوع إلا في الصلاة.
وفي آية أخرى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "سورة الحج الآية 77
هنا انتقل من الأخص فالخاص فالعام فالأعم. والركوع أخص الخصوص ثم انتقل إلى السجود ثم العام (اعبدوا ربكم) ثم الأعم (وافعلوا الخير).
إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
هنا انتقال فجائي بين قول الذي عنده علم من الكتاب وتكفله بأن يأتي بعرشها قبل أن يرتد طرف سليمان إليه، وبين وقوع ما تعهد به من إحضار العرش عند سليمان.
إن القارئ لهذه الآية يعيش فيها بشعوره وإحساسه بدقة عظيمة، إذ إنه – أي القارئ- لا يكاد يرتد إليه طرفه حتى يفاجئه سياق الآية بتحقق الأمر ووقوعه، وهذا نمط من البلاغة القرآنية مفرَد، فقد تضافر اللفظ والمعنى والسياق في تأدية القصة ونقل ذلك الجو الذي جرت فيه تلك الواقعة العجيبة.
إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
المفضلات