الإشراف العام
رقم العضوية : 3
تاريخ التسجيل : 1 - 10 - 2007
الدين : الإسلام
الجنـس : ذكر
المشاركات : 7,445
شكراً و أعجبني للمشاركة
شكراً
مرة 1
مشكور
مرة 1
اعجبه
مرة 5
مُعجبه
مرة 2
التقييم : 11
البلد : أرض مسلمة
الاهتمام : كل مافيه الخير لي ولامتي
الوظيفة : مدرّس لغة عربية
معدل تقييم المستوى
: 25
السلام عليكم
وقت المجلس الرسولي:
أحسب أن معظم جلوس رسول الله – صلى الله عليه وسلم - للناس كان في أوقات تفرغ معظم الصحابة من العمل، فكان يجلس لهم بعد صلاة الصبح كما يشهد لذلك حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه - وتوبته، قال كعب: "وأتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلسه بعد الصلاة ثم قال: فلما صليت صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا سمعت صوت صارخ يا كعب بن مالك أبشر، وانطلقت إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت المسجد فإذا رسول الله – صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس... إلخ".
وكذلك حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - المتقدم إذ يقول: توضأت يوماً وخرجت من بيتي فقلت: لألزمن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يومي هذا وأكون معه فجئت المسجد... إذ لا شك أن ذلك وقت صلاة الصبح، وما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يستغرق الصباح كله في المجلس فإن أصحابه كانوا يذهبون إلى أعمالهم وحاجاتهم، ولأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - كان يدخل بيوت أزواجه، فقد قالت عائشة -رضي الله عنها- كان يكون في بيته في مَهَنَةِ أهله.
وفي حديث علي - رضي الله عنه - من رواية الترمذي ورواية عياض: كان دخوله لنفسه فكان إذا أوى إلى منزله جزَّأ دخوله ثلاثة أجزاء: جزءاً لله، وجزءاً لأهله، وجزءاً لنفسه، ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة بالخاصة، ولا يدخر عنهم شيئاً.
أي كان له في بيته وقت يجلس إليه فيه خاصة أصحابه ومن له حاجة خاصة.
ومعنى يرد ذلك على العامة أنه تحصل منه منفعة للعامة بما يرويه الخاصة من علمه للناس، وفي هذا دليل على أن معظم ما عدا وقت دخوله إلى منزله كان وقت مجلسه إلا إذا عرضت حاجة يذهب إليها.
آداب مجلس رسول الله:
كيف لا يكون مجلس يحتله رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ميدان تسابق الآداب إلى غاياتها، وجوَّاً ترفرف فيه الكمالات راقبةً إلى سماواتها.
فإن صاحبه هو الذي أدبه ربه بأحسن تأديب، وجلساءه هم أولئك الغُرُّ المناجيب، وناهيك بأن ورد بعض آدابه في الكتاب المجيد، قال الله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَلِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا).
قال الواحدي، وابن عطية عن مقاتل وقتادة وزيد بن أسلم: كان النبي – صلى الله عليه وسلم - يجلس في المسجد فجلس يوماً وكان في المجلس ضيق؛ إذ كان الناس يتنافسون في القرب من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وفي سماع كلامه، والنظر إليه، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يكرم أهل بدر، فجاء أناس من أهل بدر فلم يجدوا مكاناً في المجلس فقاموا وِجَاهَ النبي – صلى الله عليه وسلم - على أرجلهم يرجون أن يوسع الناس لهم، فلم يوسع لهم أحد، فأقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم - أناساً بقدر من جاء من النفر البدريين، فعرف رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الكراهية في وجوه الذين أقامهم فنزلت الآية.
فقوله: (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَلِسِ) فيما إذا كان في المجلس ضيق، فيتفسح الناس بدون أن يقوم أحد، وقوله: (وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا) أي إذا قيل لكم ارتفعوا وقوموا عن المجلس فافعلوا، أي إذا أمركم الرسول – صلى الله عليه وسلم - في مجلسه بالقيام فلا تتحرجوا، وهو ضرب من التفسح.
وقيل التفسح يكون بالتوسعة من قعود أو من قيام، فهما داخلان في قوله: تفسحوا، والنشوز هو أن يؤمروا بالانفضاض عن المجلس، فإذا أمروا بذلك فلا يتحرجوا؛ لأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يحب أحياناً الانفراد بأمور المسلمين؛ فربما جلس إليه القوم فأطالوا؛ لأن كل أحد يحب أن يكون آخر الناس عهداً بالنبي – صلى الله عليه وسلم -، وكل ذلك من فرط محبتهم إياه، وحرصهم على تلقي هداه.
ومن آدابه المذكورة في الكتاب المجيد ما في قوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ)، وقوله: (لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً).
قال علماء التفسير: نزلت هاتان الآيتان بسبب محاورة جرت بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - بين يدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم - في مجلسه، وذلك حين قدم وفد بني تميم أشار أبو بكر - رضي الله عنه - على النبي – صلى الله عليه وسلم - أن يؤمَّ على بني تميم القعقاع بن معبد، فقال عمر - رضي الله عنه - بل أمِّر عليهم الأقرع بن حابس، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي! فقال عمر: ما أردت خلافك، فتماديا، وارتفعت أصواتهما، فنزل القرآن بهذه الآية، قالوا: فكان أبو بكر بعد ذلك لا يكلم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إلا كأخي السرار - أي كصاحب السر والمسارة - وكان عمر - رضي الله عنه - بعد ذلك إذا كلم رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لا يكاد يسمعه حتى إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لَيَسْتَفْهِمه.
ومن آداب مجلسه أن أصحابه يكونون فيه على غاية التؤدة والسكينة؛ فقد روى أصحاب السنن عن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، ومثله في حديث هند بن أبي هالة في صفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
ومعنى كأنما على رؤوسهم الطير: أي في حالة السكون؛ لأن الطائر ينفر من أدنى تحرك.
وفي حديث هند بن أبي هالة - رضي الله عنها -: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يعطي كل جلسائه نصيبه لا يحسب أحد أن أحداً أكرم عليه منه.
وفيه أن مجلسه مجلس وقار، وحلم، وحياء، وخير، وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبن فيه الحرم، ولا تثنى فلتاته.
ومعنى لا تؤبن فيه الحرم: أي لا تذكر فيه حرمات الناس بسوء، يقال أبَنه إذا ذكره بسوء، والمراد بالحرم هنا أعراض الناس وما يحرِّمون تناوله منهم، ومعنى لا تثنى فلتاته: لا تعاد، مأخوذٌ من التثنية وهي الإعادة، والفلتات جمع فلتة وهي الزلة من القول والفعل إذا جرت على غير قصد بغتة؛ يعني أن أهل ذلك المجلس أهل حفظ للسر، وإعراض عن اللغو، فلو صدرت من أحد فلتة لم يتناقلها جلساؤه بالتسميع والتشنيع، وهذا أدب عربي رفيع، وفي هذا المعنى قال وداك بن ثميل من شعراء الحماسة:
وأحلام عاد لا يخاف جليسهم إذا نطق العوّارَ غربُ لسان
[SIZE=6]
[FONT=Traditional Arabic]كل العداوات ترجى مودتها*إلا عداوة من عاداك في الدين
/*/*/*/
لا يستقل العقل دون هداية*بالوحي تأصيلا ولا تفصيلا
كالطّرف دون النور ليس بمدرك*حتى يراه بكرة واصيلا
المفضلات