-
ص 430 -
فهذا إذن تحريف للقرآن بالزيادة لأنـهم قالوا بقرآنية ما ليس بقرآن
.
2-سلمنا جدلا أن أهل السنة أثبتوا قرآنية كل تلك الجمل بالتواتر – ولن يثبتوا- فلماذا لم تكتب في المصحف ؟! فإن قيل : نسخت تلاوته ! ، نقول : أين تواتر نسخها الذي هو شرط لوقوع النسخ ؟!
وحيث أن شرط النسخ غير متحقق فيثبت تحريف القرآن بالنقيصة ، لأن مصحفنا اليوم لا يحوي تلك الجمل التي ادعى الصحابي قرآنيتها
.
وعلى العادة نعقب كلامنا بما يؤيده من كلمات أهل السنة ، وهذا ما قاله أحدهم وهو الأستاذ محمد سعاد :
" لا نستطيع الاقتناع بصحة وجود المنسوخ تلاوة الثابت حكما لأن صفة القرآنية لا تثبت لنصّ إلا بدليل قطعي ، والنسخ الوارد على القطعي لا بد أن يكون قطعياً . فلابد لإثبات كون النصوص المذكورة قرآنا منسوخا من دليلين قطعيين ،
أحدهما : دالّ على ثبوت القرآنية للنّص .
وثانيهما : دال على زوال هذه الصفة .
وواحد من الدليلين لم يقم لواحد من تلك النصوص ، فلا يتم كونه قرآنا منسوخا فلا يصح عندنا في موضع الخلاف إلا القول بثبوت النسخ في الحكم دون التلاوة " ( 1 ) .
فنخلص إلى أن التحريف ثابت لأهل السنة سواء قالوا بنسخ التلاوة أم لا ، لأن مجرد قبولهم الروايات التي فيها ادعاء الصحابي قرآنية ما ليس في مصاحفنا يلزمهم التحريف بالزيادة أولا لأنـهم أدخلوا في القرآن ما لم يتواتر نقله كقرآن ، وهو شرط لثبوت القرآنية .
ولو أثبتوا قرآنيتها بالتواتر
– ولن يثبتوا - ، فيقال لهم أين ذهبت هذه الآيات ؟ فإن ادعوا نسخ تلاوتـها تـهربا من القول بنقص القرآن ، فنقول لهم إن هذه الدعوى باطلة لأن وقوع نسخ التلاوة للآية إنما يثبت بالتواتر وحيث أن نسخ تلك الآيات لم يتواتر فلم تنسخ ، فلا مفر لهم إلا القول بفقدانـها من المصحف ، وهذا عين التحريف بالنقيصة ، لذا فالموارد الآتية تثبت التحريف بلا أدنى شبهة ، فاحفظ هذا الاستدلال بشقيه ، ولا داعي لتكراره في كل مورد ( 2 ).
( 1 )
صيانة القرآن من التحريف ص30 .
( 2 ) واتضح إلى هنا أن نسخ التلاوة بالإضافة لكونه مبنى هشا متآكلا كما مر في مبحثه ، لا ينفي التحريف بل يثبته ، فلا ضرورة للإطالة السابقة في مناقشة نسخ التلاوة لإثبات تحريف القرآن عند أهل السنة ، إذ هوثابت سواء قلنا بنسخ التلاوة أو لم نقل .
(
قسم السور )
أولا : زيادة سورتي الحفد والخلع للقرآن !
هذا نص سورة الخلع المزعومة
:
{اَللّهُمّ إِنّا نَسْتَعِيْنُك وَنَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِيْ عَلَيْكَ اَلْخَيْرَ ولا نَكْفُرُك ونَخْلَعُ ونـَــتـْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك}
وهذا نص سورة الحفد المزعومة :
{اَللّهُمّ إيّاكَ نَعْبُدُ ولَكَ نُصَلِّي ونَسْجُدُ وَإِلَيْكَ نَسْعَى ونَحْفِدُ نَرْجُوْ رَحْمَتَكْ ونَخْشَى عَذَابَكَ اَلْجَد إِن عَذَاْبَكَ بِالكُفّاْرِ مُلْحِقٌ}
* روايات أهل السنة القائلة أنـهما قرآن منـزل :
لنستعرض بعض رواياتـهم التي تدل على أنـهما سورتان كغيرهما من سور القرآن ، وهذا يتم من ناحيتين ، فتارة تنص تلك الروايات على أنـهما سورتان وأن بعض الصحابة كان يقرأ بـهما في صلاته بل ومنهم من يحلف بالله أنـهما نزلتا من السماء ، وتارة أخرى تدعي الروايات أن بعض الصحابة كانوا يكتبون السورتين بين سور مصاحفهم ، وهاك نبذة منها :
-
ص 432 -
*
النص على كونـهما سورتين :
"
وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين ( اللهم إياك نعبد ) ( واللهم إنا نستعينك ) .
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال : قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين . وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبى ليلى أن عمر قنت بـهاتين السورتين : ( اللهم إنا نستعينك ) و ( اللهم إياك نعبد ) " ( 1 ) .
" وأخرج ابن أبى شيبة عن عبد الملك بن سويد الكاهلي أن عليا قنت في الفجر بـهاتين السورتين : ( اللهم إنا نستعينك … ) " ( 2 ) .
" وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال : كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين : ( اللهم إنا نستعينك ) و ( اللهم إياك نعبد ) . وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال يقرأ في الوتر السورتين : ( اللهم إياك نعبد ) ( اللهم إنا نستعينك ونستغفرك )".
"وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال : نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات ".
" وأخرج محمد بن نصر عن خصيف قال : سألت عطاء بن أبى رباح أي شئ أقول في القنوت قال : هاتين السورتين اللتين في قراءة أُبـي : ( اللهم إنا نستعينك ) و ( اللهم إياك نعبد ) ".
( 1 )
الدر المنثور ج6ص420 ( ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد )
أقول : قد يتبادر إلى الذهن أن القنوت بـهما يدل على كونـهما دعاء ، وليس كذلك ، فإن القرآن يصح أن يقرأ كدعاء مثل قوله تعالى {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}(آل عمران/8).
( 2 ) ن.م .
المفضلات