المقدمة



(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) النساء 171.

على مر العصور بعث الله الأنبياء مبشرين ومنذرين ولم يامر عباده إلا بكلمة التوحيد والعمل بها ، وخص كل قوم بشرائعهم فما أن يتوفى الله نبيه تبدأ الرسالة في الإنحراف عن طريقها والحياد عما أراده الله لعباده ، فتشوبها الأساطير وتتأثر بما حولها من ثقافات وعقائد دينية أخرى فتندمج تللك العقائد في بعضها البعض حيث تبدأ في التغير بشكل طفيف شيئاً فشيئاً حتى نجد ديناً مختلف تماماً عما كان عليه قبل قرن من الزمن او قبل قرون خلت وذلك بسبب غياب المرجعية الدينية الثابتة في كل عقيدة

هذا الإندماج بين العقائد القديمة والذي يجعلنا لا نحكم بالتشابه بينها بل نحكم بالتطابق الموجود بينها على اختلاف المسميات هو وليد التبادل الثقافي والعقائدي بين الأمم وليس موسى عليه السلام وقومه منا ببعيد فما ان ذهب موسى عليه السلام للقاء ربه حتى عبد قومع العجل وما امرهم بهذا وكان فيهم نبياً الإ نتقبل أن تحدث هذه التغيرات في العقائد بعد وفاة الأنبياء ؟ !!

إن ما حدث في العقائد والثقافات السابقة ينطبق تماماً على الديانة النصرانية او ما يسمونها اهلها اليوم بالمسيحية ، فقد أرسل الله عبده ورسوله عيسى عليه السلام في قومه يدعهم إلى عبادة الله الواحد القهار وتطبيق شرائع الله فيهم فما أن رفعه الله ونجاه من بين أيديهم حتى أخذ الفكر البشري العقيم في ونسج أثواب الخرافات وصقل الأفكار الوثنية القديمة ليتم ادخالها على دين المسيح عليه السلام وخاصة بعد تلك الحقبة التي كان فيها انصار المسيح في اضطهاد فبعد أن تلى عليهم المسيح عليه السلام التوراة هدىً ونور وضاع الإنجيل السماوي وظهرت مكانه الأناجيل التي تخلو من الوحي السماوي فلا تحتوي إلا أفكار كتابها ممزوجاً ببعض الحقائق الإنجيلية المهترئة من مفرمة الحروب وبكل أسف حتى تلك الأناجيل لم يعد لها مكان حتى وقتنا هذا ولم تظهر لنا النسخ المعتمدة لدى الكنيسة إلا بعد منتصف القرن الثالث الميلادي أي بعد أن تبلورت الأفكار الوثنية في العقيدة النصرانية

لقد اقتبست العقيدة النصرانية أدق تفاصيل العقائد الوثنية القديمة والتي سبقتها بقرون من الزمان حتى بات التشابه بين المعتقدات من نور الشمس أجلى ، فحتى تاريخ ميلاد المسيح والتي نتحدى أن يجزم لنا به أحد النصارى قد اقتبسوه من تلك العقائد الوثنية فأي عاقل يمكن أن يصدق أن يوم الخامس والعشرون من ديسمبر يمكن أن يوافق يوم ميلاد كل هذه الآلهة

حورس ( 3000 قبل الميلاد)
أوزيريس (3000 قبل الميلاد)
كريشنا (1400 قبل الميلاد)
زرادشت / زاراثسترا (1000 قبل الميلاد)
ميثرا من بلاد فارس (600 قبل الميلاد)
هيراكليس (800 قبل الميلاد)
ديونيسوس (186 قبل الميلاد)
تموز (400 قبل الميلاد)
أدونيس (200 قبل الميلاد)

إن الحقيقة الجلية التي تفرض نفسها ان كل أتباع هؤلاء الآلهة قد أخذوا ذلك اليوم يوماً لمولدهم ليس عبثاً ولكنهم كانوا يعتقدون أنه يوم ميلاد الشمس فهل كان يوم ميلاد المسيح في ذلك الوم مصادفة ؟ ! بالطبع لا فلم يكن يوم ميلاد المسيح معلوماً حتى أقره قسطنطين في القرن الثالث الميلادي ولا يخفى عليكم أن الإمبراطور قسطنطين كان وثنياً في تلك الحقبة .

ومن يوم مولده إلى يوم وفاته سطرت العقيدة النصرانية كتاباً منسوخاً عن العقائد الوثنية القديمة حتى أبرز وأهم معتقداتهم وهو التثليث نجد أنه مقتبس من تلك العقائد القديمة وكذك التجسد مما دفع اليونانيون واليهود للسخرية من تآنس الكلمة .
يقول بطريرك الأسكندرية المدعو القديس أثناسيوس الرسولي : " لنظهر كل ما يتعلق بتأنس (الكلمة) وظهوره الإلهي بيننا / الأمر الذي يسخر منه اليهود/ ويهزأ به اليونانيون/ وأما نحن فنعظمه ونبجله " فلماذا سخر منه اليهود واليونانيون إن لم يكونوا يرونه مطابق لعقائد وثنية سابقة ؟!! (*)

إن أبرز التشابهات بين العقيدة النصرانية والديانات الوثنية تلك العلاقة التي تربطها بالبوذية والتي ستكون محور بحثنا هذا ، وقد بدأت بحثي هذا مؤمناً بالله موحداً له وخرجت منه شاكراً نعمه حامده على ما منّ عليّ به أن فطرني على الإسلام وإني أدعوا كل قارئ أن يتجرد من من تراثه العقائدي والحيادية التامة في الحكم على صحة ما نسوقه في الخاتمة بعون الله

نسأل الله التوفيق
الباحث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(*) المصدر .. أثناسيوس الرسولي : تجسد الكلمة ، ترجمة القس مرقس داود / طبعة خامسة / القاهرة ص 17 .