لا لحظر الحجاب..

أردوجان يفجر قنبلة جديدة في وجه العلمانيين

أنقرة: عادت قضية الحجاب في تركيا إلى الواجهة مجددا، في أعقاب تصريحات نارية لرئيس الوزراء التركي ، رجب طيب أردوجان، أكد فيها أن حكومته ستتقدم بتشريع لإنهاء الحظر المفروض على الحجاب خلال العام المقبل، وذلك فى تحد صريح لتحذيرات قضائية حركها العلمانيون الرافضون لرفع حظر الحجاب.

ووعد أردوجان، أمام اجتماع لحزب العدالة والتنمية الحاكم، بأن تشهد الفترة القادمة تغييرا جذريا في توجهات تركيا نحو الحريات بشكل عام.

ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن أردوجان قوله: إن الفترة التي ستسبق الانتخابات البرلمانية التي ستجرى خلال العام المقبل، والفترة التي ستعقبها ستشهدان تكثيف العمل على تحقيق تغييرات دستورية شاملة، بدأتها حكومته بالفعل، وسوف تكون فترة تركيز على جميع أنواع الحريات.

وأشار إلى أن تركيا قد تشهد استفتاء جديدا على تعديل الدستور عقب الانتخابات البرلمانية المقرر لها شهر يوليو/تموز من العام المقبل، قائلا إن "التطورات خلال الأشهر القليلة المنقضية أظهرت من الذي يفي بتعهداته ويخلص لقضية الحريات، وسيكون القرار الأخير للشعب".

وهاجم أردوجان، حزب الشعب الجمهوري حزب المعارضة العلماني الرئيسي في البلاد ورئيسه كمال كليجدار أوغلو لتلاعبه بقضية الحجاب.

وكان أردوحان، أعلن في أكثر من مناسبة عن رغبة حكومته لحل مشكلة الحجاب في تركيا، داعيا أحزاب المعارضة لإثبات نواياها ورغبتها الصادقة في هذا الموضوع الذي قال إنه جزء من حرية التعليم بالنسبة للفتيات.

ومنذ وصولها إلى السلطة عام ،2002 كانت قضية الحجاب في أولويات برنامج الحكومة، نظراً لما تشكله من حساسيات في الأوساط الشعبية، وخصوصاً ذات التوجه الإسلامي

وكانت قضية الحجاب أيضاً في أساس بعض التحديات التي واجهت حزب العدالة والتنمية نفسه وهددت وجوده، وكان بسببها على مشارف الحظر من جانب المحكمة الدستورية التركية . وكانت ذروة ما ذهب إليه حزب العدالة والتنمية في فبراير/ شباط ،2008 عندما اتفق مع حزب الحركة القومية في البرلمان على تعديل مواد في الدستور بشكل يتيح ارتداء الحجاب، ونال 411 صوتاً من أصل 550 نائباً، ومع ذلك أبطلته المحكمة الدستورية بحجة أنه ينتهك العلمانية .

ولكن اليوم بعد نجاح الإصلاحات في استفتاء 12 سبتمبر/ أيلول، وتوسيع مجالات الديمقراطية والحريات، تعزز التفاؤل في إمكانية حل قضية الحجاب، والسماح لمن يرتدينه بمواصلة دراستهن الجامعية .

فحكومة أردوجان معروفة بنهجها الإسلامي الذي يقول عنه كثيرون إنه سيحظى بتأييد الشارع الشعبي، طالما أن الشعب التركي محافظ وتقليدي في طبعه العام، ولا يهمه إلا مصالحه وهمومه اليومية التي فهمها أردوجان جيدا ونجح في معالجة الكثير منها خلال السنوات الماضية.

من جهته، أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري "العلماني" تأييده المبدئي لأي مساع تهدف لإلغاء الحظر المفروض على الحجاب، على أن يستمر الحظر في المدارس الإعدادية والثانوية وكذلك في مؤسـسات ومرافق الدولة الرسمية.

وهذا ما أكده حزب الحركة القومية، الذي قال إنه مستعد لدعم أي مشروع قانوني ينهي المشكلة، شريطة أن يتم الاتفاق عليه مسبقا بين حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية الحاكم.

ولكن أردوجان رد قائلا: إن الحظر على الحجاب يجب أن يرفع أيضا في المؤسسات الرسمية.

ولفتت الأوساط السياسية الانتباه الى حجاب السيدة خير النساء جول، زوجة رئيس الجمهورية عبد الله جول والسيدة أمينة أردوجان زوجة رئيس الوزراء، وقالت إن الأولى في القصر الجمهوري والثانية في رئاسة الحكومة وهما معا في قمة الهرم الرسمي للدولة التركية.

وحسبما ذكرت صحيفة "القبس" الكويتية، يتوقع كثيرون أن تنتهي أزمة الحجاب خلال مدة قصيرة، ويقولون إن الحكومة ستستنفر كل امكاناتها لتحقيق ذلك مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة بداية يونيو/حزيران المقبل.

في الأثناء، تتهرب الأحزاب الأخرى من اتخاذ أي موقف معارض أو استفزازي في محاولة منها لكسب رضى الشارع الشعبي الذي يبدو أنه متفق تماما حول ضرورة إلغاء الحظر على الحجاب في الجامعات، على أن يبقى الحظر، وعلى الأقل بالنسبة للكثير من المواطنين، ساري المفعول في مؤسـسات ومرافق الدولة الرسمية.

إذ يعرف الجميع أن الحكومة لن تكتفي بإلغاء الحظر في الجامعات بل انها ستستمر في مساعيها لإلغاء الحظر وبشكل يشمل المؤسـسات والمرافق كافة، وهو ما أشار إليه اردوجان عندما قال إن هذه المؤسـسات والمرافق ملك للشعب التركي ومن حقه أن يعمل أو يتواجد فيها كما يشاء وبكل حرية.

نبذة عن أردوجان
[رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان]
رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوجان

ولد طيب في 26 فبراير/شباط 1954 لوالد فقير يعمل في خفر السواحل محافظة "رزا" شمال تركيا، وما لبث الأب أن هاجر لإسطنبول في الأربعينيات من القرن الماضي؛ بحثا عن فرص أوسع للرزق، وبعد أن أنهى طيب تعليمه الابتدائي التحق بمدرسة الأئمة والخطباء الدينية، ومنها إلى كلية التجارة والاقتصاد في جامعة مرمرة بإسطنبول.

لم تمنعه هذه النشأة المتواضعة أن يعتز بنفسه.. فقد ذكر في مناظرة تلفزيونية مع دنيز بايكال رئيس الحزب الجمهوري ما نصه: "لم يكن أمامي غير بيع البطيخ والسميط في مرحلتي الابتدائية والإعدادية؛ كي أستطيع معاونة والدي وتوفير قسم من مصروفات تعليمي؛ فقد كان والدي فقيرا".

وحسبما ذكرت صحيفة "عكاظ" السعودية، ليس أدل على عدم تنكره لماضيه من أنه لم يغير مسكنه ــ رغم بساطته- بعد وصوله لمنصب عمدة المدينة الذي اعترف الجميع ــ حتى معارضيه ــ بأن وجهها قد تغير تماما، بفضل رفضه الصارم للفساد المستشري في الحقل السياسي التركي.

ويصرح أردوجان عن ذلك: "سألوني عن السبب في النجاح في تخليص البلدية من ديونها، فقلت: لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه.. إنه الإيمان.. لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام".

يؤكد طيب أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، هو أسوته الأولى، لكن ذلك لا يمنع أنه تأثر أيضا بالزعيم نجم الدين أربكان الذي منحه الثقة، وأعطاه الفرصة ليصل لمنصب رئيس فرع حزب الرفاه وهو في الخامسة والثلاثين، ثم رئيس بلدية إسطنبول أكبر بلدية عامة بتركيا عام 1995.

حماسي جدا، وعاطفي جدا.. يمكن أن يكون هذا باختصار هو إردوجان؛ فالعلاقات الاجتماعية من أهم ملامح شخصيته؛ فهو أول شخصية سياسية يرعى المعوقين في ظل تجاهل حكومي واسع لهم، ويخصص لهم امتيازات كثيرة مثل تخصيص حافلات، وتوزيع مقاعد متحركة، بل أصبح أول رئيس حزب يرشح عضوا معوقا في الانتخابات وهو الكفيف "لقمان آيوا" ليصبح أول معوق يدخل البرلمان في تاريخ تركيا.

ولا يستنكف أن يعترف بما لديه من قصور علمي لعدم توفر الفرصة له للتخصص العلمي أو إجادة لغات أخرى غير التركية؛ لذلك فقد شكل فريق عمل ضخما من أساتذة الجامعات والمتخصصين في شتى المجالات للتعاون معه في تنفيذ برامج حزبي الرفاه والفضيلة أثناء توليه منصب عمدة إسطنبول.

اقترب طيب من الناس، وربما هذا يكون هو السر في أن منحه الناس حبا جارفا لم تعرفه تركيا منذ سنين طويلة فيما يتعلق برجال السياسة والحكم. ولم يتخلف يوما عن واجب العزاء لأي تركي يفقد عزيزا ويدعوه للجنازة، مثلما لبى الكثير من دعوات الشباب له بالمشاركة في مباريات كرة القدم.

ويرى البعض أن صفاته الجسدية "قامته الطويلة، وجسمه الفارع، وصوته الجهوري" تلعب دورا هاما في جذب الناس إليه، كما أنه ليس متحدثا بارعا فحسب لكنه مصغ جيد كذلك.

شخصيته الشجاعة دفعته لتعيين مجموعة كبيرة من المحجبات داخل رئاسة البلدية، مثلما أعطى الفرصة للطرف الآخر دون خوف من النقد الإعلامي، مثلما لم يتردد في هدم منازل وفيلات لكبار الشخصيات، من بينهم فيلا الرئيس الراحل تورجوت أوزال؛ لأنها بنيت مخالفة للقانون.

ولا شك أن تصريحاته الأولى بعد الفوز جاءت لتؤكد هويته؛ فقد أعلن بوضوح أنه ضد ضرب العراق، كما أعلن عن اعتزامه إلغاء الحظر على المحجبات.. صحيح أنه أعلن احترامه للدستور العلماني، كما أعلن اهتمامه بدخول تركيا للاتحاد الأوروبي.

تاريخ التحديث :-
توقيت جرينتش : الخميس , 28 - 10 - 2010 الساعة : 8:50 صباحاً
توقيت مكة المكرمة : الخميس , 28 - 10 - 2010 الساعة : 11:50 صباحاً

http://www.######.com/show_news.aspx?nid=425907&pg=1