المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قبطي

فان افترضنا مسلما مالكيا صلى عمره كله دون ان ينطق البسملة, فان صلوات عمره كلها باطلة عند الشافعية .
و ربما هذا هو حال مالك نفسه .

و هذه المسألة الخطيرة تمس القران نفسه , اذ يقول ابن العربي - الفقيه المالكي - ما نصه " يكفيك أنها ليست بقرآن للاختلاف فيها ، والقرآن لا يختلف فيه " (2)
القرآن منقول بالتواتر و شرعنا ينهانا عن الابتداع .فلما كانت قراءة القرآن عبادة مأمورا بها لقوله تعالى في سورة المزمل الآية (20) :

فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآَنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

و لما كان " الأمر والنهي هما شرع الله والعبادة لا بد أن تكون مأمورا بها ، فما لم يثبت أنه مأمور به كيف يحكم عليه بأنه عبادة وما لم يثبت من العبادات أنه منهي عنه كيف يحكم على أنه محظور ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون : إن الأصل في العبادات التوقيف فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى . وإلا دخلنا في معنى قوله : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } . والعادات الأصل فيها العفو فلا يحظر منها إلا ما حرمه وإلا دخلنا في معنى قوله : { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا } ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله وحرموا ما لم يحرمه في سورة الأنعام من قوله تعالى { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون } " (1) و عملا بالأمر و الترغيب و اجتنابا للنهي و الترهيب فإن المسلم لا يتبع هواه في قراءة القرآن بل يقرأه كما قرأه النبي صلى الله عليه و سلم و إلا فهو آثم . و إذا عرفت ذلك و قبلته فإن المسلم يقرأ القرآن كما نزل على النبي صلى الله عليه و سلم و أنت بقولك إن الشافعي قد فاته الأجر عمره كله فقد خالفت جادة الصواب إذ الأمور لا ينظر غليها من تلك الزاوية أقول لك :


إن المسلم مثلا إذا قرأ " بقراءة ابن عامر (قالوا اتخذ الله ولداً) في البقرة بغير واو (وبالزبر وبالكتاب المنير) بزيادة الباء في الاسمين ونحو ذلك فإن ذلك ثابت في المصحف الشامي وكقراءة ابن كثير (جنات تجري من تحتها الأنهار) في الموضع الأخير من سورة براءة بزيادة من فإن ذلك ثابت في المصحف المكى وكذلك (فإن الله هو الغني الحميد)
في سورة الحديد بحذف هو وكذا (سارعوا) بحذف الواو وكذا (منها منقلباً) بالتثنية في الكهف إلى غير ذلك من مواضع كثيرة في القرآن اختلفت المصاحف فيها فوردت القراءة عن أئمة تلك الأمصار على موافقة مصحفهم فلو لم يكن ذلك كذلك في شيء من المصاحف العثمانية لكانت القراءة بذلك شاذة لمخالفتها الرسم المجمع عليه." (2)
فلا يعتبر كافرا من لم يقرأ بالبسملة و لا مخطئا و لا يعنف و العكس صحيح إذ الرواية ثابتة بالقراءة بالبسملة و بغيرها فمن قرأ بها فقد وافق المتواتر و من لم يقرأ فقد وافق المتواتر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مجموع فتاوى ابن تيمية 4/13

(2) النشر في القراءات العشر لابن الجزري الصفحة 11