جاء في كتاب « تاريخ آداب العرب » (ج2 ص181 طبعة العصرية) لنابغة الأدب وحجة العرب : مصطفى صادق الرافعي رحمه الله :

" ومن وُجوهِ التمدُّنِ التي تُنَاسِبُ طَبائعَ الاقتصادِ المدنيّ، هذه الحركاتُ التي تُخصِّصُ المعاني وتُعيِّنُ الأغراضَ بِأيسرِ إِشارة، وهيَ أخصُّ مُمَيِّزاتِ السموِّ العقليّ.

ومنها حركاتُ الإعراب: كقولِهم:

ما أحسنَ زيدًا! إذا أرادوا التعجبَ من حُسْنِه.
وما أحسنُ زيدٍ؟ إذا أرادوا الاستفهامَ عن أحسنِ ما فيه.
وما أحسنَ زيدٌ، إذا أرادوا نفيَ الإحسانِ عنه.

ولا يُوجدُ ذلك في غيرِ لغةِ العرب.



ومنها حركاتُ التصريف، كقولِهِم:

مِفْتَح: لآلةِ الفتح.
ومَفْتَح: لمِوضعِ الفتح.

وهكذا.



ومنها حركاتُ الفروقِ التي تُنوِّعُ المعاني، كقولِهِم:

الإدْلاج: لِسيرِ أولِ الليل.
والادِّلاج: لِسيرِ آخرِ الليل.

وأمثلةُ ذلك فاشيةٌ في اللغة.




ومن هذا الباب قولهم:

رجلٌ لُعْنَةٌ وضُحْكَةٌ: إِذا كانَ يُلْعَنُ كثيرًا ويُضْحَكُ منه.
ورجلٌ لُعَنَةٌ وضُحَكَةٌ: إذا كانَ هو كثيرَ اللَّعن والضَّحِك.



ولعلَّهم لم ينتبِهُوا لهذِه الفروقِ بِالحركاتِ إِلاَّ بعدَ أنْ أحدثوا مثلَها في لغتِهِم بِالحروف، كقولِهِم:

أخفر: إذا أجار؛
وخَفَر: إذا نقضَ العهد؛
وأَقذى عينَه: إِذا أَلْقى فيها القذَى؛
وَقَذَاها: إِذا نزعَ عنها القَذى؛
وأَبَعْتُ الفرس: عرضْتُهُ لِلْبيع؛
وبِعْتُه: إِذا انتهى البيع؛

وهكذا، فكأنَّ الاختصارَ دائمًا تمثيلٌ لِلانتهاء " اهـ

lk u[hzf hguvfdm