صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 12
 

العرض المتطور

  1. #1
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    Post محاكم التفتيش .. من ينصف المسلمين من جرائمها ؟


    محاكم التفتيش .. من ينصف المسلمين من جرائمها ؟

    عبدالرحمن حمادي

    تمثل محاكم التفتيش أحد أسوأ فصول التاريخ الغربي دموية تجاه المسلمين، وقد امتدت وحشيتها المفرطة لتطال النصارى أيضاً فيما بعد؛ ولذلك كان من الطبيعي ألا يتوقف المؤرخون والمستشرقون الغربيون عندها إلا نادراً في محاولة منهم لتجاوز وقائعها السوداء، بل نجدهم في حالات أخرى كثيرة يحاولون وضع التبريرات لها بادعاء أنها كانت أخطاء غير مقصودة ارتكبها القساوسة في محاولتهم للحفاظ على المسيحية بعد خروج المسلمين من الأندلس، فنجد مثلاً المستشرق البريطاني (وول سميث) يعلن أن الكنيسة ليست مسؤولة مباشرة عن الجرائم التي ارتكبت عبر محاكم التفتيش، ولكن كان على رجال الدين المسيحي في إسبانيا أن يخوضوا معركة ضد الوجود الإسلامي بعد خروج العرب من أسبانيا فاضطروا إلى محاكم التفتيش التي تمادى القائمون عليها في تصرفاتهم فيما بعد(1).
    وهكذا عند (سميث) وغيره من المؤرخين والمستشرقين النصارى تتحول محاكم التفتيش إلى (خطأ) غير مقصود له تبريراته، بل يصير الإسلام عندهم هو المسؤول عن تلك المحاكم؛ لأنه دفع بالمسيحيين إلى استنباط محاكم التفتيش ليصدوا تمدده في الغرب !!
    على أي حال، فإن السواد الذي غطى تاريخ محاكم التفتيش لم تستطع السنوات أن تزيله من ذاكرة التاريخ العالمي، وحتى الكنيسة عينها لم تعد قادرة على تجاهل مسؤوليتها المباشرة عن الفظائع التي ارتكبت بحق المسلمين من خلال تلك المحاكم؛ ولهذا نجد أنه مثلاً في أواسط العام 2002م قدمت مجموعة مكونة من 30 مؤرخاً من مختلف أنحاء العالم مشروع قرار إلى البابا بولس الثاني حول إمكان اعتذار الكنيسة الكاثوليكية عن محاكم التفتيش وجرائمها بحق المسلمين، وجاء مشروع المؤرخين الغربيين من بين التحضيرات النصرانية لاستقبال الألفية الثالثة للميلاد(2).
    وفي هذه المقالة المختصرة نقف عند محاكم التفتيش مستعرضين بعض فصولها، وسنجد أنها بدأت عندما حانت نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس، وسقوط آخر مدينة إسلامية بيد الاسبان وهي غرناطة .
    لقد استمر حكم المسلمين (800عام) للأندلس من دون انقطاع، إلا أن الافتتان بالدنيا ونعيمها الزائل، والتحالف مع الأعداء وموالاتهم ضد الإخوة، والثقة في الواشين، وتقريب الأعداء، والاستعانة بهم في القضاء على الإخوة كل هذه الأسباب عجَّلت بانهيار الدولة الإسلامية في الأندلس، وأضاعت أرضاً إسلامية فتحت من قبل على جثث وجماجم المقاتلين الشهداء من المسلمين العظام، الذين أرادوا إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، دون ملل أو كلل، حتى سطع نور الإسلام ثمانية قرون على هذه الأرض، ولم يبق من هذه الدولة إلا (غرناطة) التي حاصرها الاسبان.
    كانت غرناطة مدينة جميلة في جنوب إسبانيا عاصمة بني زيري من ملوك الطوائف، وعاصمة بني الأحمر، وقد استطاع الأسبان أن يوقعوا الفتنة بين خلفاء علي بن الحسن، ولما تم لهم ذلك حاصرواغرناطة، وأرسل فرديناند ملك إسبانيا رسله إلى قادة غرناطة المسلمة يطلب منهم الاستسلام فرفضوا، فنزل جيش إسباني مكوَّن من (25) ألف جندي، واتجهوا صوب المزارع والحدائق وخرّبوها عن آخرها؛ حتى لا يجد المسلمون ما يأكلونه أو يقتاتون عليه، ثم جهزت ملكة إسبانيا جيشاً آخر من (500) ألف مقاتل لقتال المسلمين في القلاع والحصون الباقية، وبعد قتال طويل اجتمع العلماء والفقهاء في قصر الحمراء واتفقوا على الاستسلام، واختاروا الوزير أبا القاسم عبد الملك لمفاوضة ملك اسبانيا فرديناند(3).

    lph;l hgjtjda >> lk dkwt hglsgldk lk [vhzlih ?





    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  2. #2
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    اتفاقية التسليم:


    تم إبرام معاهدة تنص على أن يسلم حكام غرناطة المدينة للأسبان لقاء ضمان خروج الحكام بأموالهم إلى إفريقيا، كما تضمنت المعاهدة ثمانية وستين بنداً منها: تأمين الصغير والكبير على النفس والمال والأهل، وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم وعقارهم، وأن تبقى لهم شريعتهم يتقاضون فيها، وأن تبقى لهم مساجدهم وأوقافهم، وألا يدخل الكاثوليك دار مسلم، وألا يغصبوا أحداً، وألا يولى على المسلمين إلا مسلم، وأن يُطلق سراح جميع الأسرى المسلمين، وألا يؤخذ أحد بذنب غيره ؛ وألا يُرغم من أسلم من الكاثوليك على العودة إلى دينه، وألا يعاقب أحد على ما وقع ضد الكاثوليكية في زمن الحرب، وألا يدخل الجنود الأسبان إلى المساجد، ولا يلزم المسلم بوضع علامة مميزة، ولا يمنع مؤذن ولا مصل ولا صائم من أمور دينه... وقد وقع على المعاهدة الملك الإسباني والبابا في روما، وكان التوقيعان كافيين لكي تكون المعاهدة ضمانة للمسلمين في إسبانيا، وبناء على هذه المعاهدة خرج أبوعبدالله ابن أبي الحسن ملك غرناطة صباح يوم (2-1-1492م)، من قصر الحمراء وهو يبكي كالنساء حاملاً مفاتيح مدينته وملكه الزائل فاعطاها الملكة ايزابيلا وزوجها فرديناند.




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  3. #3
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    فصول الاضطهاد بعد نقض العهد:


    الذي حدث أنه فور دخول الإسبان إلى غرناطة نقضوا المعاهدة التي أبرموها مع حكامها المسلمين؛ إذ كان أول عمل قام به الكاردينال مندوسي عند دخول الحمراء هو نصب الصليب فوق أعلى أبراجها، وترتيل صلاة الحمد الكاثوليكية، وبعد أيام عدة أرسل أسقف غرناطة رسالة عاجلة للملك الإسباني يعلمه فيها أنه قد أخذ على عاتقه حمل المسلمين في غرناطة وغيرها من مدن إسبانيا على أن يصبحوا كاثوليكاً؛ وذلك تنفيذاً لرغبة السيد المسيح عليه السلام الذي ظهر له، وأمره بذلك كما ادَّعى، فأقره الملك على أن يفعل ما يشاء لتنفيذ رغبة السيد المسيح عليه السلام، عندها بادر الأسقف إلى احتلال المساجد ومصادرة أوقافها، وأمر بتحويل المسجد الجامع في غرناطة إلى كنيسة، فثار المسلمون هناك دفاعاً عن مساجدهم، لكن ثورتهم قمعت بوحشية مطلقة، وتم إعدام مئتين من العلماء المسلمين حرقاً في الساحة الرئيسة بتهمة مقاومة المسيحية (4).
    وظهرت محاكم التفتيش تبحث عن كل مسلم لتحاكمه على عدم تنصره، فهام المسلمون على وجوههم في الجبال، وأصدرت محاكم التفتيش الإسبانية تعليماتها للكاردينال (سيسزوس) لتنصير بقية المسلمين في أسبانيا، والعمل السريع على إجبارهم على أن يكونوا نصارى، وأحرقت المصاحف، وكتب التفسير، والحديث، والفقه، والعقيدة، وكانت محاكم التفتيش تصدر أحكاماً بحرق المسلمين على أعواد الحطب وهم أحياء في ساحة من ساحات مدينة غرناطة، أمام الناس، وقد استمرت هذه الحملة الظالمة على المسلمين حتى عام(1577م)، وراح ضحيتها حسب بعض المؤرخين الغربيين أكثر من نصف مليون مسلم، وتم تنصير البقية الباقية من المسلمين بالقوة، ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس، وفي يوم (12-10-1501)، صدر مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، ثم تتابع حرق الكتب في جميع المدن والقرى، ثم جاءت الخطوة التالية، عندما بدأ الأسقف يقدم الإغراءات الكثيرة للأسر المسلمة الغنية حتى يعتنقوا الكاثوليكية، ومن تلك الإغراءات: تسليم أفرادها مناصب عالية في السلطة، وقد استجاب له عدد محدود جداً من الأسر الغنية المسلمة، وهو ما أثار غضب العامة من المسلمين فهاجموا أسر الذين اعتنقوا الكاثوليكية وأحرقوا بعضها، عندها أعلن الكاردينال (خيمينيث) أن المعاهدة التي تم توقيعها مع حكام غرناطة لم تعدصالحة أو موجودة، وأعطى أوامره بتنصير جميع المسلمين في غرناطة دون الأخذ برأيهم،أو حتى تتاح لهم فرصة التعرف إلى الدين الجديد الذي يساقون إليه، ومن يرفض منهم عليه أن يختار أحد أمرين:
    1- إما أن يغادر غرناطة إلى أفريقيا دون أن يحمل معه أي شيء من أمواله، ودون راحلة يركبها هو أو أحد أفراد أسرته من النساء والأطفال، وبعد أن يشهد مصادرة أمواله.
    2- وإما أن يُعدم علناً في ساحات غرناطة باعتباره رافضاً للنصرانية.
    كان من الطبيعي أن يختار عدد كبير من أهالي غرناطة الهجرة بدينهم وعقائدهم، فخرج قسم منهم تاركين أموالهم سيراً على الأقدام، غير عابئين بمشاق الطرقات، ومجاهل وأخطار السفر إلى أفريقيا من دون مال أو راحلة، وبعد خروجهم من غرناطة كانت تنتظرهم عصابات الرعاع الإسبانية والجنود الأسبان، فهاجموهم وقتلوا معظمهم، وعندما سمع الآخرون في غرناطة بذلك آثروا البقاء بعد أن أدركوا أن خروجهم من إسبانيا يعني قتلهم، وبالتالي سيقوا في قوافل للتنصير والتعميد كرهاً، ومن كان يكتشفه الأسبان أنه قد تهرب من التعميد تتم مصادرة أمواله وإعدامه علناً، وقد فرَّ عدد كبير من المسلمين الذين رفضوا التعميد إلى الجبال المحيطة في غرناطة محتمين في مغاورها وشعابها الوعرة، وأقاموا فيها لفترات، وأنشأوا قرى عربية مسلمة، لكن الملك الإسباني بنفسه كان يشرف على الحملات العسكرية الكبيرة التي كان يوجهها إلى الجبال، حيث كانت تلك القرى تُهدم ويُساق أهلها إلى الحرق أو التمثيل بهم وهم أحياء في الساحات العامة في غرناطة(5).




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  4. #4
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    محاكم التفتيش:


    في حمأة تلك الحملة الظالمة على المسلمين، كما رأينا، تم تشكيل محاكم التفتيش التي مهمتها التأكد من (كثلكة) المسلمين، وقد تبين للمحاكم أن كل أعمال (الكثلكة) لم تؤت نفعاً، فقد تكثلك المسلمون ظاهراً، ولكنهم فعلياً يمارسون الشعائر الإسلامية فيما بينهم سراً، ويتزوجون على الطريقة الإسلامية، ويرفضون شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، ويتلون القرآن في مجالسهم الخاصة، ويقومون بنسخه وتداوله فيما بينهم، بل إنهم في منطقة بلنسية أدخلوا عدداً من الكاثوليك الإسبان في الإسلام، وعلموهم اللغة العربية، والشعائر الإسلامية.
    لقد جاءت تقارير محاكم التفتيش صاعقة على رأس الكاردينال والملك الإسباني والبابا، في أحد التقارير التي رفعها أسقف غرناطة الموكل بتنصير مسلمي غرناطة للكاردينال، ورد أن (الموريسكوس) لم يتراجعوا خطوة واحدة عن الإسلام، وأنه لم يتم إيجاد طرق فاعلة لوقفهم، وإن لم يتم إيجاد تلك الوسائل فإنهم سيدخلون مسيحيي غرناطة وبلنسية ومداً أخرى في الإسلام بشكل جماعي.
    وبناء على هذه التقارير تقرر إخضاع جميع (الموريسكوس) في إسبانيا إلى محاكم التفتيش من دون استثناء، وكذلك جميع المسيحيين الذين يُشك بأنهم قد دخلوا الإسلام، أو تأثروا به بشكل يخالف معتقدات الكنيسة الكاثوليكية، ولتبدأ أكثر الفصول وحشية ودموية في التاريخ الكنسي الغربي؛ إذ بدأت هذه المحاكم تبحث بشكل مهووس عن كل مسلم لتحاكمه، ومحاكم التفتيش في الواقع نمط عجيب غريب من المحاكم، فقد مُنحت سلطات غير محدودة، ومارست أساليب في التعذيب لم يعرفها أو يمارسها أكثر الطغاة وحشية عبر التاريخ، وقد بدأت تلك المحاكم أعمالها بهدم الحمامات العربية، ومنع الاغتسال على الطريقة العربية، ومنع ارتداء الملابس العربية، أو التحدث باللغة العربية، ومنع الزواج على الطريقة العربية أو الشريعة الإسلامية، ووضعت عقوبات صارمة جداً بحق كل من يثبت أنه يرفض شرب الخمر، أو تناو ل لحم الخنزير، وكل مخالفة لهذه الممنوعات والأوامر تعد خروجاً على الكاثوليكية، ويحال صاحبها إلى محاكم التفتيش.




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  5. #5
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    الوقوف في محكمة التفتيش:


    كان المتهم الذي يمثل أمام المحكمة يخضع لاختبار أولي، وهو أن يشرب كؤوساً من الخمر يحددها المحاكمون له، ثم يُعرض عليه لحم الخنزير ويطلب منه أن يأكله، وبذلك يتم التأكد من المتهم أنه غير متمسك بالدين الإسلامي وأوامره، ولكن هذا الامتحان لا يكون عادة إلا خطوة أولى يسيرة جداً إزاء ما ينتظر المتهم من رحلة طويلة جداً من التعذيب؛ إذ يُعاد بعد تناوله الخمر وأكل لحم الخنزير إلى الزنزانة في سجن سري، ودون أن يعرف التهمة الموجهة إليه، وهو مكان من أسوأ الأمكنة، مظلم، ترتع فيه الأفاعي والجرذان والحشرات، وتنتشر فيه الأوبئة، وفي هذا المكان على المتهم أن يبقى أشهراً طويلة دون أن يرى ضوء الشمس أو أي ضوء آخر، فإن مات، فهذا ما تعتبره محاكم التفتيش رحمة من الله وعقوبة مناسبة له، وإن عاش، فهو مازال معرضاً للمحاكمة، وما عليه إلا أن يقاوم الموت لمدة لا يعرف أحد متى تنتهي، وقد يُستدعى خلالها للمحكمة لسؤاله وللتعذيب .
    وعادة كان يسأل المحقق في المرة الأولى إن كان يعرف لماذا ألقي القبض عليه وألقي في السجن؟ وما التهم التي يمكن أن توجه إليه؟ ثم يطلب منه أن يعود إلى نفسه، وأن يتأمل واقعه، وأن يعترف بجميع الخطايا التي يمليها عليه ضميره، ويسأله عن أسرته وأصدقائه ومعارفه وجميع الأماكن التي عاش فيها، أو كان يتردد عليها، وخلال إجابة المتهم لا يُقاطع، يُترك ليتحدث كما يشاء، ويسجل عليه الكاتب كل ما يقول، ويُطلب منه أن يؤدي بعض الصلوات المسيحية؛ ليعرف المحققون ان كان بالفعل أصبح مسيحياً أو ما زال مسلماً؛ ودرجة إيمانه بالمسيحية.
    وبعد هذه المقابلات البطيئة الروتينية، يقرأ أخيراً المدَّعي العام على المتهم قائمة الاتهامات الموجهة إليه، وهي اتهامات تم وضعها بناء على ما استنتجته هيئة المحكمة من استنطاق المتهم، ولا تستند إلى أدلة من نوع ما، ولا يهم دفاع المتهم عن نفسه؛ إذ إن قانون المحكمة الأساسي أن الاعتراف سيد الأدلة، وما على المتهم إلا أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، ولا تهم الأساليب التي يؤخذ بها الاعتراف، فإن اعترف المتهم تهرباً من التعذيب الذي سينتظره، أضاف المدعي العام إليه تهماً أخرى.
    وفي النهاية يرى المحقق أن المتهم يجب أن يخضع للتعذيب؛ لأنه إنما يعترف تهرباً من قول الحقيقة ، أي: أن التعذيب لابد منه، سواء اعترف المتهم أم لم يعترف(6).




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  6. #6
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    من أساليب التعذيب في محاكم التفتيش:


    يشتمل التعذيب على كل ما يخطر على البال من أساليب وما لا يخطر منها، وتبدأ بمنع الطعام والشراب عن المتهم حتى يصبح نحيلاً غير قادر على الحركة، ثم تأتي عمليات الجلد ونزع الأظفار، والكي بالحديد المحمي، ونزع الشعر، ومواجهة الحيوانات الضارية، والإخصاء، ووضع الملح على الجروح، والتعليق من الأصابع... وخلال كل عمليات التعذيب يسجل الكاتب كل ما يقوله المتهم من صراخ وكلمات وبكاء، ولا يستثنى من هذا التعذيب شيخ أو امرأة أو طفل، وبعد كل حفلة تعذيب، يترك المتهم يوماً واحداً ثم يُعرض عليه ما قاله في أثناء التعذيب من تفسيرات القضاة، فإذا كان قد بكى وصرخ: يا الله، يفسر القاضي أن الله التي لفظها يقصد بها رب المسلمين، وعلى المتهم أن ينفي هذا الاتهام أويؤكده ؛ وعلى أي حال يجب ان يتعرض لتعذيب من جديد؛ وهكذا يستمر في سلسلة لا تنتهي من التعذيب.
    أخيراً، وقبل أربع وعشرين ساعة من تنفيذ الحكم يتم إخطار المتهم بالحكم الصادر بحقه، وكانت الأحكام على أنواع ثلاثة:
    الأول: البراءة: وهو حكم نادراً ما حكمت به محاكم التفتيش، وعندها يخرج المتهم بريئاً، لكنه يعيش بقية حياته معاقاً محطماً بسبب التعذيب الذي تعرض له، وعندما يخرج يجد أن أمواله قد صودرت، ويعيش منبوذاً؛ لأن الآخرين يخافون التعامل معه، أو التحدث إليه؛ خوفاً من أن يكون مراقباً من محاكم التفتيش، فتلصق بهم نفس التهم التي ألصقت به.
    ثانياً: الجلد: وقد كان المتهم يساق إلى مكان عام عارياً تماماً وينفذ فيه الجلد، وغالباً ما كان يموت تحت وطأة الجلد، فإن نفذ وكتبت له الحياة يعيش كوضع المحكوم بالبراءة من حيث الإعاقة ونبذ المجتمع له .
    ثالثاً: الإعدام : وهو الحكم الأكثر صدوراً عن محاكم التفتيش؛ ويتم الإعدام حرقاً وسط ساحة المدينة .
    وفي بعض المراحل صارت المحاكم تصدر أحكاماً بالسجن، وبسبب ازدحام السجون صارت تطلق سراح بعضهم وتعدم آخرين من دون أي محاكمات، وفي بعض الحالات تصدر أحكاماً بارتداء المتهم لباساً معيناً طوال حياته، مع إلزام الناس بسبه كلما سار في الشارع أو خرج من بيته، وفي هذه الأحكام كما قلنا لا يُستثنى أحد بسبب العمر، فهناك وثائق تشير إلى جلد طفلة عمرها أحد عشر عاماً مئتي جلدة، وجلد شيخ في التسعين من عمره ثلاثمائة جلدة، وحتى الموتى كانوا يخضعون للمحاكمة فيتم نبش قبورهم(7).




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  7. #7
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    تعذيب النصارى أيضاً:


    إننا مهما أسهبنا في استعراض محاكم التفتيش فإننا لن نلم إلا بجزء يسير جداً من صفحاتها السوداء الوحشية، ولن نستطيع استعراض إلا جزء يسير جداً من جرائمها التي طالت مسلمي إسبانيا، وقد بلغ الرعب الذي سببته تلك المحاكم حداً لا يوصف بين سكان إسبانيا، فقد كان جرُّ أيِّ إنسان إلى محاكم التفتيش عملية سهلة، وقد يكون الاتهام مجرد إشاعة، أو يذهب الإنسان بنفسه ليعترف رعباً، أو دليلاً على حسن نيته، بلفظ تفوه به عرضاً ودون أن يعني له شيئاً، ويخشى أن يكون قد سمعه أحد، وفتح الباب على مصراعيه أمام الضغائن الشخصية، كمن يطمع في زوجة جاره، فيشي به، والمالك الذي يريد أن يهرب من أجر عامله يشي به، والتاجر الذي يخشى من منافسة زميل له يشي به، حتى الأطفال في أثناء لعبهم مع بعضهم بعضاً كانوا معرضين للاتهام، كأن يذهب طفل ويشي بطفل آخر متهماً إيّاه أنه قال كذا وكذا في أثناء اللعب، فيلقى القبض على الطفل المتهم ويحاكم، وغالباً يموت؛ لأنه لا يتحمل أهوال التحقيق والتعذيب والسجن... وهكذا صار الطريق واسعاً وعريضاً لكل من يريد أن يتخلص من أي إنسان، وأيُّ تهمة صالحة لأن تدفع بمسلم سابق إلى أعماق السجون؛ سواء أكان هذا المسلم السابق رجلاً أم طفلاً أم شيخاً مسناً.
    ومن الإنصاف أن نذكر أن ضحايا التفتيش لم يكونوا فقط من المسلمين السابقين، بل كانوا من المسيحيين أيضاً، فقد انتهجت الكنيسة السلوك الإرهابي عينه تجاه بعض المسيحيين عن طريق محاكم التفتيش التي أوكلت إليها مهمة فرض آرائها على الناس باسم الدين والبطش بجميع من يتجرأ على المعارضة والانتقاد، فنصبت المزيد من المشانق، وأعدمت عدداً من النصارى المعارضين لسياساتها القمعية عن طريق حرقهم بالنار، ويقدر بعض المؤرخين الغربيين عدد الضحايا المسيحيين ممن جرت عملية إعدامهم من قبل محاكم التفتيش (300.000) ألف شخص، أُحرق منهم (32000 ) ألفاً أحياء، وقد كان من بينهم العالم الطبيعي المعروف (برونو) الذي نقمت عليه الكنيسة نتيجة آرائه المتشددة التي منها قوله بتعدد العوالم وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعالم الطبيعي الشهير(غاليليو) الذي نفذ به القتل؛ لأنه كان يعتقد بدوران الأرض حول الشمس(9).




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  8. #8
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    ماذا نريد؟


    بعد الذي عرضناه عن محاكم التفتيش نطرح السؤال التالي: لماذا نعود إلى محاكم التفتيش ونستعرضها هكذا؟ هل لنتباكى على مآس مضت أم لنستذكر أحزاناً انقضت.
    الإجابة نستشفها مما فعله ويفعله الصهاينة بسبب ما زعموه من محارق الهولوكوست، وما ادَّعوه من حرق النازية لآلاف اليهود في المحارق، فما زالت الصهيونية تضع الغرب بشكل خاص، والعالم بشكل عام أمام تلك المحارق التي كانت أحد تبريراتها لاحتلال فلسطين، بينما ما زال العالم يجهل الكثير عن محاكم التفتيش التي ذهب ضحيتها آلاف وآلاف المسلمين، وإذا كانت محارق النازية قد استمرت أعواماً، فقتل وإحراق وتعذيب المسلمين عبر محاكم التفتيش استمر مئات من الأعوام، وفي الوقت الذي تفتح فيه دول الغرب النصراني أرشيفها، ووثائقها للصهيونية؛ لتؤلف منه ما تدَّعي أنه وثائق عن محارق اليهود في عهدالنازية، مازال الفاتيكان والكنائس ترفض فتح أرشيفها وكشفه أمام المسلمين وغير المسلمين؛ كي لا تظهر وثائق جديدة عن فظائع محاكم التفتيش.
    إن المسلمين بحاجة الآن لدراسة متمعنة لتاريخ محاكم التفتيش وفظائعها وضحاياها من المسلمين، وأن تُعتمد وثائق أرشيف الفاتيكان والكنائس الكاثوليكية في إسبانيا وغيرها من الدول النصرانية لوضع تاريخ حقيقي لتلك المحاكم، وإبراز هذا التاريخ للعالم، مع مقارنة موضوعية بين التعسف الكنسي والجرائم التي ارتكبت ضد المسلمين باسم المسيحية، وبين التسامح الإسلامي وكيف عاش المسيحيون بأمان وسلام في الدولة الإسلامية بحماية الإسلام الحنيف، مع ملاحظة أن معظم ما كُتب عن محاكم التفتيش حتى الآن يعتمد على رؤية نصرانية من قِبَلِ مستشرقين ومؤرخين غير مسلمين؛ وبما تسمح به السلطات النصرانية .

    ***

    الهوامش:
    1 وول سميث تاريخ أوروبا في العصور الوسطى دار الحقائق بيروت 1980م.
    2 جريدة الجماهير: 2-2-2001م حلب.
    3 الدكتور طاهر أحمد مكي مسلم إسباني أمام محاكم التفتيش مجلة الدوحة قطر 1981م.
    4 وائل علي حسين محاكم التفتيش والمسؤولية الغربية مجلة الراية العدد 186 بيروت 1982م.
    5 نفس المصدر.
    6 عبدالرحمن حمادي نحو منهج جديد لإعادة كتابة التاريخ العربي ندوة إعادة كتابة التاريخ العربي الرباط 1991م مجلة الوحدة عدد خاص عن الندوة الرباط 1991م.
    7 طاهر أحمد مكي مصدر سبق ذكره.
    8 وائل علي حسين مصدر سبق ذكره.
    9 وول سميث ويلاحظ أن تركيز المؤرخين النصارى على عدد المسيحيين الذين كانوا ضحية لمحاكم التفتيش يأتي من باب تقليل أعداد الضحايا من المسلمين والإيحاء بأن المسيحيين كانوا هم الضحايا الأكثر.




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

  9. #9

    عضو بارز

    الصورة الرمزية Miss Invisible
    Miss Invisible غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 4701
    تاريخ التسجيل : 31 - 7 - 2011
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 744
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 11
    البلد : مصر بعد 25 يناير
    الاهتمام : الانترنت
    معدل تقييم المستوى : 13

    افتراضي


    ممكن اضافه
    بعد اذنك

    وحشية محاكم التفتيش
    بقلم: الدكتور عادل زيتون
    يرى معظم المؤرخين أن (محاكم التفتيش) تعد صفحة سوداء في التاريخ الأوربي, وذلك نتيجة لما قامت به من أعمال اتسمت, في معظمها, بالقسوة والوحشية. وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة لهذه المحاكم كانت حماية المسيحية الكاثوليكية وأتباعها من الهرطقات التي انتشرت في المجتمع الغربي في العصور الوسطى, فإن الأساليب التي استخدمتها كانت تتناقض مع روح المسيحية ورسالتها القائمة على المحبة والسلام.
    عرف التاريخ الأوربي ثلاثة أنواع من (محاكم التفتيش), الأول منها, (محاكم التفتيش البابوية) التي أسسها البابا جريجوري التاسع نحو عام 1231م, والتي استمرت حتى بدايات العصر الحديث, وكانت قد استهدفت ملاحقة المهرطقين, ومن ثم السحرة والمشعوذين وغيرهم بغية محاكمتهم ومعاقبتهم. والنوع الثاني هو ما عرف بـ(محاكم التفتيش الإسبانية) التي كان قد رخص لها البابا سيكستوس الرابع عام 1478م, والتي استهدفت, بشكل رئيس, ملاحقة المسلمين واليهود, الذين يعيشون في إسبانيا. أما النوع الثالث من هذه المحاكم فهو ما عرف بـ(محاكم التفتيش الرومانية) أو (الديوان المقدس), والتي أسسها البابا بولس الثالث نحو عام 1542م, والتي كان من أهدافها ملاحقة العلماء ورجال الفكر ومؤلفاتهم. ومقالنا هذا يستهدف إلقاء بعض الضوء على النوع الأول أي (محاكم التفتيش البابوية) وكيف أدى نهجها في معالجة الهرطقة إلى ممارسة الاضطهاد وتمزيق الوحدة الدينية في الغرب.
    تأسست (محاكم التفتيش البابوية), كما أشرنا,. في بابوية جريجوري التاسع, وذلك عام 1231م. وكان الهدف الرئيس من تأسيسها هو تنظيم عملية تصيّد المهرطقين ومحاكمتهم. وكانت الهرطقة تعني, في الغرب الأوربي, آنذاك (التخلي عن مبادئ العقيدة المسيحية الكاثوليكية, كليا أو جزئيا وتبنّي عقائد أو مبادئ مغايرة لها). ولكن الهرطقة لم تكن ظاهرة جديدة في تاريخ المسيحية, وإنما انتشرت بأشكال مختلفة, وبدرجات متفاوتة, قبل تأسيس محاكم التفتيش هذه بزمن طويل, بل شكلت الهرطقة مشكلة للكنيسة منذ القرون الأولى من تاريخ المسيحية. والسؤال الذي ينبغي أن يطرح هنا: كيف عالجت الكنيسة مشكلة الهرطقة قبل ظهور محاكم التفتيش هذه?
    لقد أثبتت الدراسات العلمية أن الكنيسة كانت قد عالجت في عصورها الأولى المنازعات الدينية, بالحكمة والحوار والتسامح. فعندما نشب النزاع بين اثنين من قساوسة الإسكندرية, وهما آريوس وأثاناسيوس, حول طبيعة السيد المسيح, دعا الإمبراطور قسطنطين الكبير (ت337 م) إلى عقد مجمع ديني لتسوية هذا النزاع. وبالفعل عقد هذا المجمع في مدينة نيقية بآسيا الصغرى عام 325م, وحضره ما يزيد على ثلاثمائة من علماء اللاهوت ورجال الدين والعلمانيين, كما حضره بطبيعة الحال آريوس وخصومه. وبعد مناقشات مطولة قرر المجمع بالأكثرية, حرمان آريوس وتحريم تعاليمه ونفيه. كما سارت المجامع المسكونية التالية, في تسوية المنازعات الدينية, على نهج مجمع نيقيه. فلم يدر في خلد الذين حضروا هذه المجامع من رجال دين وعلمانيين فرض عقوبة الموت أو الحرق على أصحاب الآراء المخالفة. ولم تأخذ هذه المجامع أحدا بالشبهة أو الظن, ولم تعتمد على المخبرين والجواسيس لملاحقة المخالفين, ولم تستخدم التعذيب لانتزاع الاعترافات من المتهمين, ولم تحرم أحدا من الدفاع عن رأيه,.... إلخ. وكانت العقوبات التي فرضتها تلك المجامع يتراوح معظمها ما بين الحرمان الكنسي أو النفي أو كليهما معا.
    حركات مناهضة
    ولكن منذ أواسط القرن الحادي عشر الميلادي ازدهرت الهرطقات والحركات المناهضة للبابوية في الغرب الأوربي, نتيجة جملة من العوامل, السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية, الداخلية منها والخارجية والتي لامجال لعرضها في هذه المقالة. وقد تميزت هذه الحركات عن سابقتها بأنها استهدفت تطهير الكنيسة الغربية من الأمراض التي استشرت فيها مثل المتاجرة في المناصب الكنسية والانحلال الخلقي والدنيوية وغيرها من المفاسد التي انتشرت بين رجالها, والتي أفاضت بذكرها المصادر التاريخية الغربية. كما أن بعض الحركات والهرطقات الجديدة استهدف تغيير النظم السياسية والاجتماعية السائدة في الغرب آنذاك, فالطبقات الفقيرة, من فلاحين وأقنان وغيرهم, لم تجد وسيلة للتخلص من اضطهاد الملوك والأمراء الإقطاعيين, المتحالفين مع القيادات الكنسية, سوى الانخراط في إحدى تلك الحركات أملا في التخلص من الاضطهاد الطبقي القائم, وهذا يعد أحد الأسباب التي دفعت السلطات السياسية للتعاون مع السلطات الدينية ضدها.
    ومن الحركات التي استهدفت الحد من النفوذ السياسي للبابوية وتطهير النظام الكنسي من المفاسد, نذكر على سبيل المثال, تلك الحركة التي قادها القس الإيطالي أرنولد البريشي. الذي هاجم مفاسد رجال الكنيسة وانهماكهم في حياة الترف والدنيوية, والتفّ حوله الفقراء, وأعلن الثورة في مدينة روما ونجح في تحويلها إلى جمهورية مستقلة عام 1145م, بحيث لم يعد للبابا سوى القيام بالواجبات الروحية. وفي عام1154م استنجدت البابوية بالملك الألماني فريدريك بربروسّا ووعدته بتتويجه إمبراطورا إذا قضى على جمهورية البريشي. وبالفعل زحف بربروسا إلى روما على رأس جيشه عام 1155م, وألقى القبض على البريشي وشنقه ثم حرقه حيا بوصفه مهرطقا وألقى رماده في نهر التيبر بأمر من البابا, وقام الأخير بتتويج بربروسا إمبراطورا في كنيسة القديس بطرس في روما مكافأة له على عمله.
    ومن الحركات التي استهدفت إصلاح الكنيسة والعودة إلى المسيحية الأولى التي تتسم بالصفاء الروحي والبساطة والزهد, نذكر مثلا, حركة الوالديين التي ظهرت عام 1170م تحت قيادة زعيمها بطرس والدو. وتعد هذه الحركة, حركة صوفية, حيث تخلى مؤسسها عن ثروته وعاش وأتباعه حياة متواضعة تتسم بالبساطة والفقر تيمنا بحياة القديسين الأوائل. ويبدو أن هذه الحركة جاءت ردا على انغماس رجال الكنيسة في شئون الدنيا والترف والملذات, كما طالب رجال هذه الحركة أن يكون الكتاب المقدس هو المصدر الرئيس والحكم الوحيد في شئون العقيدة المسيحية. وانتشرت هذه الحركة في جنوب فرنسا وشمال إيطاليا. وقد سارعت البابوية إلى إدانتها بوصفها حركة هرطقية ومن ثم غدا أتباعها هدفا لرجال محاكم التفتيش.
    تعصب وجهل
    ولكن من أخطر حركات الهرطقة التي أقضت مضاجع الدوائر الدينية والسياسية في الغرب هي الحركة المعروفة باسم الكاثارية أو الإلبية. والكاثارية كلمة إغريقية تعني (الطاهر), أما الإلبية فهي نسبة إلى بلدة (إلبي) في فرنسا والتي كانت معقلا حصينا لهذه الحركة. وكانت الكاثارية متأثرة بالفكر المانوي القائم على أن العالم يحكمه الصراع بين الخير والشر. وقد انتشرت هذه الحركة, منذ أوائل القرن الحادي عشر, انتشارا واسعا في كثير من الأقاليم الأوربية ولاسيما في فرنسا وإيطاليا.
    والواقع أنه لم تستخدم الكنيسة الغربية, في تعاملها مع هذه الحركات والهرطقات الجديدة, النهج الذي اعتمدته في العصور الباكرة من تاريخها, والقائم على الحكمة والحوار, وبدلا من أن تبحث البابوية عن جذور تلك الحركات وتتفهم دوافعها, السياسية والاجتماعية والدينية, قامت بإدانتها جميعا بوصفها هرطقات تشكل خطرا على المسيحية ووحدة العالم الكاثوليكي, ودون تمييز بين دعاة الإصلاح والغيورين على المسيحية وبين المهرطقين. كما قامت بتعبئة الرأي العام في الغرب, الذي كان يتسم بالجهل والتعصب الأعمى, ضد هذه الحركات, ونجحت في إقناع فئات كبيرة منه, وبخاصة جماهير العامة, بأن كل هجوم على رجال الكنيسة هو عدوان على السيد المسيح, وأن كل هجوم على نظم الكنيسة وتقاليدها هو هجوم على الكتاب المقدس, وأن المناوئين للكنيسة هم (مهرطقون) وأداة بيد الشيطان وأعداء المجتمع المسيحي, وبالتالي فإن محاربة المهرطقين واجب مقدس على كل المسيحيين في الغرب.
    وقد كلفت البابوية في البداية المحاكم الكنسية في الأقاليم بمحاكمة الكاثاريين وغيرهم من أصحاب البدع, وكان يرأس هذه المحكمة عادة أحد الكهنة الذين يعملون في الكنيسة. ولكن سرعان ما فشل هذا الأسلوب لأن الهرطقات كانت بازدياد مستمر من ناحية, كما لم يكن لدى الكهنة الوقت الكافي لاصطياد المهرطقين من ناحية أخرى. وبناء على ذلك عمدت البابوية منذ عام 1184م إلى تكليف الأساقفة بالقيام بأنفسهم بجولات دورية في المناطق التابعة لهم بحثا عن المهرطقين ومحاكمة المشتبه فيهم. ولكن هذا الأسلوب, بدوره, لم يؤد إلى نتائج فعّالة لانشغال الأساقفة بمهامهم الكنسية. ثم اعتمدت البابوية نهجا آخر في علاج المسألة وهو إرسال موفدين من طرفها لإقناع المهرطقين بالعودة إلى العقيدة المسيحية الكاثوليكية, ولكن كان عليهم, إذا فشلوا في ذلك, أن يقوموا عليهم ويحاكموهم. ولعل أهم الأحداث التي وقعت آنذاك هي أن البابا إنوسنت الثالث (ت 1216م) كان قد أرسل موفدا من طرفه إلى مدينة تولوز للطلب من أميرها ريموند استئصال الكاثاريين من إقليمه, ولكن ريموند لم يكترث بطلب البابا, فقام الأخير بحرمان ريموند وبلاده من الكنيسة. وإزاء ذلك قام رجال ريموند باغتيال الموفد البابوي في تولوز, فاستشاط البابا إنوسنت الثالث غضبا ودعا إلى (حملة صليبية) ضد سكان جنوب فرنسا المسيحيين الذين انتشرت بينهم الكاثارية. وبالفعل قامت هذه الحملة عام 1209م بقيادة أكبر أمراء شمال فرنسا سيمون مونتفرات. واستمر القتال نحو عشرين عاما (1209-1229م), وكان قتالا وحشيا ومليئا بالأحقاد. ولم تلحق هذه الحملة خسائر اقتصادية وعمرانية في جنوب فرنسا فحسب, وإنما أحدثت مذبحة حقيقية أثارت هلع العالم المسيحي في الشرق والغرب على السواء.
    وعلى الرغم من أن هذه الحملة الصليبية قد نجحت في القضاء على الكاثاريين في جنوب فرنسا, لكنها لم تقض على أفكارهم التي زاد انتشارها في الأقاليم الأوربية الأخرى, وهذا يعني أن جميع الوسائل التي استخدمت خلال القرنين الماضيين لاستئصال الهرطقة قد فشلت فشلا ذريعا. ومن هنا ولدت في عقل البابا جريجوري التاسع عام 1231م فكرة تأسيس (محكمة التفتيش البابوية) لتكون هيئة دائمة ومنظمة ومتفرغة مهمتها ملاحقة المهرطقين ومحاكمتهم. واسم (محكمة التفتيش) مشتق من أسلوب عملها الذي يقوم أساسا على (التفتيش) أو (البحث) عن المهرطقين في كل مكان والتحقيق معهم وفرض العقوبة عليهم. وكان المفتشون, في بداية تأسيس المحاكم, يجوبون الأقاليم بحثا عن المهرطقين والسحرة والمشعوذين, ولكنهم حصلوا فيما بعد على موافقة البابوية على حق استدعاء المتهمين بالهرطقة من مناطقهم إلى مراكز المحكمة التي كانت غالبا ما تكون في المدن الرئيسة. وعلى الرغم من أن الميدان الرئيس لعمل هذه المحاكم كان جنوب فرنسا وشمال إيطاليا, فإنها سرعان ما انتشرت في معظم البلدان الغربية التابعة للسلطة البابوية. ولقد تقرر منذ البداية أن تكون محاكم التفتيش مرتبطة بالبابوية في روما ارتباطا مباشرا, ولقد عين البابا معظم أعضاء (محكمة التفتيش) من الرهبان, وبخاصة الرهبان الدومي###ان (نسبة إلى القديس الإسباني دومي### ت 1221م), وذلك لأن هؤلاء كانوا يظهرون الكثير من التقوى والنشاط والثقافة. وعلى الرغم من أنه كان ينضم إلى هيئة المحكمة بعض المندوبين البابويين والأساقفة المحليين, فإن الرهبان هم أصحاب القرار الفصل في كل ما كان يصدر عن هذه المحاكم.
    صفات عضو المحكمة
    وقد ألفّ أحد الرهبان الدومي###ان, واسمه برنارد جوي, كتابا تناول فيه الصفات التي ينبغي أن تتوافر في عضو محكمة التفتيش, وتأتي أهمية هذا الكتاب من أن برنارد نفسه كان قد عمل في إحدى محاكم التفتيش في بعض البلاد الأوربية ما بين عام 1307 وعام 1324. ومن أهم الصفات التي أكد عليها المؤلف هي أن المفتش يجب أن يكون متقدا حماسة للكاثوليكية واستئصال الهرطقة, وأن يحتفظ بالهدوء ورباطة الجأش مهما واجه في عمله من صعوبات, وأن يتمتع بقلب متحجر وفؤاد قاس بحيث لا يضعف أمام التوسلات والتضرعات التي يظهرها بعض المتهمين بالهرطقة, وأن يكون حذرا وألا يصدق بسهولة ما يبدو له ممكنا لأن أكثر الأشياء التي تبدو مستحيلة قد تكون أكثر الأشياء الممكنة.
    أما الخطوات التي كانت تتبعها محكمة التفتيش في مقاضاة المهرطقين فيمكن تلخيصها على النحو التالي: 1- عندما كان يصل أعضاء المحكمة إلى بلد ما يمنح أهله (فترة عفو) تتراوح ما بين 30 و40 يوما. فمن يعترف بآثامه أمام المحكمة خلال هذه المدة يعفى من كل العقوبات أو ربما تفرض عليه (كفارة) خفيفة. 2- وبعد انتهاء الفترة السابقة تبدأ المحكمة بتسلم الاتهامات ومن ثم تستدعي المتهمين بالهرطقة, الواحد تلو الآخر. 3- تطلب المحكمة من المتهم أن يقسم على الأناجيل بأن يقول الحقيقة. 4- تقرأ المحكمة أمام المتهم موجزا إجماليا بالآثام والذنوب التي ارتكبها. 5- إذا استطاع المتهم دفع التهم عنه وتبرئة نفسه يطلق سراحه. 6- إذا اعترف المتهم اعترافا طوعيا بآثامه كان عليه أن يعلن توبته أمام المحكمة, حيث يجثو على ركبتيه ويضع إحدى يديه على الكتاب المقدس الذي يحمله أحد المفتشين بيده. وكانت العقوبات التي تفرض على التائب كثيرة وأهمها: مصادرة ممتلكاته والسجن مدى الحياة, (ولكن العقوبة الأخيرة كانت عادة تخفف تدريجيا). 7- إذا رفض المتهم الاعتراف فيخضع للتعذيب لدفعه إلى الاعتراف, أما إذا رفض الاعتراف, على الرغم من التعذيب, فتفرض عليه عقوبة الإعدام. وكان الحكم النهائي يعلن أمام حشد كبير من الناس يوم الأحد عادة في بهو الكنيسة أو في مكان عام. وبعد ذلك يسلم المحكوم إلى السلطة المدنية, أي إلى الحاكم القائم في المنطقة, ملكا كان أو أميرا, ليتولى رجاله تنفيذ عقوبة الإعدام, أي حرق المحكوم حيا, وعلى مرأى ومسمع من الناس, وكانت هذه العقوبة, أي الحرق, تطبق أيضا بالمهرطقين الذين تابوا ثم ارتدوا إلى الهرطقة, ومن أشهر قصص محاكم التفتيش محاكمة الفتاة الفرنسية جان دارك, والتي أحرقت في ساحة السوق في مدينة روان الفرنسية عام 1431م.
    تعاون السلطتين
    ومما يلفت النظر في تاريخ (محاكم التفتيش البابوية) التعاون الذي تم بين السلطة الدينية والسلطة السياسية في الغرب الأوربي ضد المهرطقين. فعلى الرغم من الصراع المزمن بين هاتين السلطتين, فقد دعم حكام الغرب هذه المحاكم للأسباب التالية: أولا- رغبة هؤلاء الحكام في التظاهر أمام رعاياهم بالتقوى والحرص على حماية المسيحية من ناحية وخوفا من غضب البابوية أو بالأحرى قطع الطريق على البابوات في التشكيك بمسيحيتهم فيما لو قصروا في التعاون معهم ضد المهرطقين من ناحية أخرى. ثانيا-رغبة هؤلاء الحكام في الحصول على نصيبهم من ممتلكات المهرطقين المصادرة, حيث كانت هذه الممتلكات توزع عادة بين الحكام والكنيسة, ولكن في بعض البلدان, مثل فرنسا, كان الملك يستحوذ على كل المصادرات ولا يترك للكنيسة شيئا. وهذا يفسر لنا حماس التاج الفرنسي لمحاكم التفتيش. ثالثا- خوف الحكام من أن تكون وراء حركات الهرطقة هذه أهداف سياسية تهدد أمن بلادهم ومستقبلهم السياسي, أي أن تكون الهرطقة قناعا يخفي خلفه المهرطقون مطامح سياسية.
    مظاهر الاضطهاد
    إن معظم معلوماتنا عن (محاكم التفتيش البابوية) تعكس رأي أعضائها, أما وجهة نظر الضحايا, فقد ذهبت مع رمادهم أو دفنت في مقابرهم, ولكن على الرغم من ذلك, يمكننا تلمس بعض مظاهر الاضطهاد الذي مارسته هذه المحاكم ضد المسيحيين في العصور الوسطى: 1-إن أول مظاهر هذا الاضطهاد هو أنها كانت - في معظم الأحيان - حكما على المهرطق بناء على الشبهة ودون توافر البيّنة أو الأدلة القاطعة. وكان شعارها أن كل متهم مدان حتى تثبت براءته وليس كل متهم بريئا حتى تثبت إدانته. وبناء على هذا النهج, فقد أزهقت أرواح المئات, بل الألوف, من الأبرياء الذين كانوا ضحايا لخصومات شخصية أو عائلية أو سياسية... بل غدت تهمة الهرطقة في ذلك العصر (تقليدا شائعا), وإحدى الأدوات التي استخدمتها الدوائر الحاكمة, السياسية والدينية للتخلص من خصومها. 2- ومن مظاهر هذا الاضطهاد, أن المتهم بالهرطقة كان محروما من كل الوسائل التي ربما تساعده في تبرئة نفسه أو دفع التهم الموجهة إليه. فمثلا لم يكن يحق له مواجهة الذين اتهموه بالهرطقة وجها لوجه أو التعرف إليهم. وفي الوقت الذي كانت فيه هذه المحكمة تقبل شهادة زوجة المتهم وأولاده ضده, فإنها لا تقبل شهادتهم لتبرئته, بل لا يحق للمتهم طلب الشهادة أو المساعدة من أحد, كما لم يكن يحق له الاحتجاج على قرار المحكمة لأي سلطة كانت بما في ذلك سلطة البابوات أو الملوك. 3- كانت محاكم التفتيش تقبل كل المعلومات التي تصل إليها عن أي شخص دون التحقق من مصداقية المصادر التي تنقلها. والدليل على ذلك أن هذه المحاكم كانت تقبل شهادة أناس محرومين من الكنيسة وشهادة مهرطقين سابقين وحاليين ضد أحد المتهمين, كما استخدمت المحاكم المخبرين السريين للحصول على معلومات عن مهرطقين. وقد ظلت أسماء هؤلاء المخبرين سرية خوفا من انتقام المتهمين بالهرطقة أو أقاربهم. وكانت أعداد هؤلاء المخبرين في ازدياد مستمر, لاسيما أن قوانين بعض البلاد الأوربية, مثل إيطاليا, كانت تمنح المخبر السري هذا ثلث ممتلكات المهرطق الذي يبلغ عنه المحكمة بعد صدور الحكم بمصادرتها. 4- كان التعذيب الذي استخدمته محاكم التفتيش, أثناء التحقيق مع المتهم, من أبرز صور الاضطهاد. وعلى الرغم من عدم وجود نصوص صريحة في القانون الكنسي تسمح بالتعذيب, ومع أن آباء الكنيسة الأوائل حرموا تعذيب المتهمين بالهرطقة, فقد بدأت محاكم التفتيش باستخدام التعذيب في حال الاشتباه بالهرطقة منذ عام 1252م بأمر من البابا أنوسنت الرابع. وقد تنوعت أشكال التعذيب ومنها: الجلد علنا, والكي بالنار, وحرق الأقدام بالفحم المشتعل, وربط أطراف المتهم في إطار مثلث الشكل, والتجويع التدريجي... إلخ. 5- لقد كانت مصادرة ممتلكات المهرطق من أقسى أنواع العقوبات بالنسبة إلى ذريته حيث تؤخذ الزوجة والأولاد والأحفاد بجريرته. فيحرم هؤلاء من وراثة هذه الممتلكات ويعيشون حياة الفقر والتشرد. بل ويضطرون إلى التسول وربما الدعارة بحثا عن لقمة العيش. وكانت هذه الممتلكات المصادرة تقسم عادة بين الكنيسة والدولة والمخبرين. 6- لقد كانت طريقة تعامل معظم المفتشين مع المتهمين بالهرطقة تتسم بالقسوة والوحشية. فلم ينظر هؤلاء إلى أنفسهم كقضاة يبحثون عن الحقيقة, وإنما كمحاربين يطاردون أعداء المسيحية. وقد بلغت قسوة أحد المفتشين مع الهراطقة في منطقة الراين عام 1233م, أن هاج الناس ضده وقاموا بقتله. ولعل أقسى أشكال العنف مع المتهمين هي التي صدرت من المفتشين الذين كانوا أصلا من المهرطقين ومن ثم تابوا وترهبنوا وانخرطوا في سلك محكمة التفتيش. ومن هؤلاء المفتش روبرت الذي كان مهرطقا سابقا وعينه البابا جريجوري التاسع في محكمة التفتيش في جنوب فرنسا. وقد قام هذا المفتش عام 1239 م بحرق 180 متهما بالهرطقة في يوم واحد.إذا كانت محاكم التفتيش البابوية قد استهدفت حماية المسيحية ووحدة العالم الكاثوليكي من الهرطقات, فإن الأساليب التي استخدمتها غدت شكلا من أشكال الاضطهاد, ومهّدت لتمزق الوحدة الدينية في الغرب. وسواء نظرنا إلى هذه المحاكم في ضوء الأفكار الحديثة المتعلقة بحقوق الإنسان والعدالة الإنسانية, أو حكمنا عليها في ضوء مفاهيم العصور الوسطى, فإنها تعد مظهرا من مظاهر الإخفاق في تسوية المنازعات الدينية وفقا لروح المسيحية القائمة على المحبة والسلام. وإذا كانت هذه المحاكم قد نجحت في فرض السلام الديني في الغرب الأوربي فترة من الزمن, فإنه كان سلاما سطحيا, لم يلبث أن تحطم مع انطلاق حركات الإصلاح الديني في مستهل العصر الحديث. ومهما يكن من أمر, فإن هذه المحاكم كانت إحدى الأدوات التي استخدمتها البابوية للاحتفاظ ببعض من سلطتها في الغرب, ولاسيما بعد فشل مشروع الحروب الصليبية في إنجاز حلمها التاريخي وهو السيادة على الشرق. إن المؤرخ الشريف لابد أن يقف مذهولا أمام ما قامت به هذه المحاكم من تعذيب وسجن ومصادرة وحرق, وما ترتب على ذلك كله من مآس نفسية وعقلية وأخلاقية.

    منقول: مجلة العربي الكويتى












  10. #10
    سرايا الملتقى
    الصورة الرمزية عبدالرحمن السلفى
    عبدالرحمن السلفى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 1513
    تاريخ التسجيل : 13 - 11 - 2009
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    العمر: 31
    المشاركات : 2,673
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : مِصْرُ الْإِسْلَامِيَّةُ
    الاهتمام : العلم الشرعى , حوار الاديان
    الوظيفة : طالب
    معدل تقييم المستوى : 17

    افتراضي


    انتشار الاضطهاد في كل الأندلس:


    على المنوال نفسه، سارت حملات كاثوليكية في بقية المدن الإسبانية، وقد عُرف المسلمون المتنصرون باسم المسيحيين الجدد تمييزاً لهم عن المسيحيين القُدامى، وعرفوا أيضاً باسم (الموريسكوس) أي المسلمين الصغار، وعوملوا باحتقار من قبل المسيحيين القدامى، وتوالت قرارات وقوانين جديدة بحق (الموريسكيين)؛ فعلى سبيل المثال صدر في العام (1507م) أمر بمنع استعمال اللغة العربية، ومصادرة أسلحة الأندلسيين، ويعاقب المخالف للمرة الأولى بالحبس والمصادرة، وفي المرة الثانية بالإعدام، وفي العام (1508م) جددت لائحة ملكية بمنع اللباس الإسلامي، وفي سنة (1510م) طُبِّقت على الموريسكيين ضرائب اسمها (الفارضة)؛ وفي سنة (1511م) جددت الحكومة قرارات بمنع اللباس وحرق المتبقي من الكتب الإسلامية، ومنع ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية .




    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)} الأنفال



    هذا ونصر الدين فرض لازم ... لا للكفاية بل على الأعيان

    موقع روح الإسلام - موقع طريق الإسلام - موقع الإسلام سؤال و جواب - موقع قصة الإسلام - موقع الدرر السنية - موقع تنزيل - موقع المرصد الإسلامى - موقع صيد الفوائد - موقع أنا السلفى - موقع صوت السلف

 

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بالصور :إتفرج على((بايبل 333))و هو يتحدى بأن المسلمين يعبدوا اكثر من رب!!!
    بواسطة د. نيو في المنتدى كشف تدليس مواقع النصارى
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 2014-11-08, 10:43 PM
  2. مسألة تكفير القذافي إمام المسلمين
    بواسطة مسلم مسلم في المنتدى العقـيدة الإسلامية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 2011-10-05, 05:13 AM
  3. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 2011-09-11, 09:43 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML