الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير المرسلين ..
وبعد ،،،
حياكم الله أخي الكريم
اعلم _رحمك الله _ أن الله عز وجل أنزل كتابه على عبده مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ، وقد تكفل الله عز وجل بحفظه دونا عن سائر كتبه المنزلة على أنبيائه إذ أنه خاتم الكتب أُنزل على خاتم النبيين ، فلا يمكن في حقه الزيادة ولا النقصان ، فلا يُزاد فيه باطلا ولا يُنقص منه حق ، وهذا بإجماع الأمة ومن قال بغير ذلك كفر.
يقول الله عز وجل :(
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) الحجر/9
ويقول الله عز وجل :
(
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ . لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) فصلت/41-42
ويقول تعالى :
(
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا ) الكهف/27.
واختم بقوله تعالى:
(
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ . لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ . ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ . فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) الحاقة/44-47
والآيات في هذا الباب كثيرة جدا والإجماع منعقد على ذلك.
أما عن سؤالك السبب في اختلاف عد آيات وحروف وكلمات القرآن ،
فاعلم أخي الفاضل أن هذا يرجع إلى منهج العد عند العلماء رحمهم الله ، وقد ذكر العلماء أسبابا لهذا الاختلاف منها:
قال عثمان بن سعيد الداني :
(
فإن قال قائل: إذا كان الأمر على ما بينته وأوضحت صحته فما سبب اختلاف الروايات واضطرابها عن السلف في جملة عدد الكلم والحروف؟
قلت: سبب اختلافها واضطرابها واقع عندنا من جهة مرسوم الكلم في المصاحف
الموجه بها إلى الأمصار من عثمان رضي الله عنه، إذ كن يختلفن فيه بالزيادة والنقصان، والحذف والإتمام، والقطع والوصل كثيرا، ألا ترى أن قوله {كلما جاء أمة رسولها}،{و أين ما تكونوا}، {و أن لا إله إلا أنت}، {لكيلا تأسوا}، وشبه ذلك قد جاء في بعضها مقطوعا وفي بعضها موصولا، فمن قطعه عده كلمتين، ومن وصله عده كلمة واحدة، وهكذا رسموا في بعضها في سورة البقرة إبراهيم جميع ما فيها بغير ياء، ورسموا ذلك في بعضها بالياء، ورسموا في بعضها في سورة الرحمن {تكذبان} من أولها إلى آخرها بغير ألف وفي بعضها بالألف، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده ويتعذر إحصاؤه، فمن أثبت الياء والألف في ذلك عدها ومن لم يثبتها لم يعدها؛ فلهذا وقع الاختلاف وتفاوت العدد في جملة الكلم والحروف والله أعلم
فإن قال قائل: فإذا كان اختلاف مرسوم المصاحف هو السبب الموجب لورود الاختلاف عن السلف في ذلك، فلم اختلفوا في كلم فاتحة الكتاب وحروفها والمصاحف متفقة على مرسومها؟ قلت: ذلك فيها من قبل المرسوم بل من قبل اختلافهم في التسمية، في أولها هل هي منها أم ليست منها؟ فمن قال منهم هي منها وعدها آية فاصلة لذلك عد كلمها تسعا وعشرين وحروفها مئة وأحدا وأربعين، ومن قال ليست منها ولم يعدها آية عد كلمها خمسا وعشرين وحروفها مئة واثنتين وعشرين،
فإن قال: فلم عد حروفها عطاء بن يسار المدني مئة وعشرين وعدها غيرهمنهم مئة واثنين وعشرين؟ قلت: من قبل الألف في قوله: {الصراط} (و){صراط} ثابتة رسما في بعض مصاحفهم في الكلمات وساقطة رسما في بعضها ولمثل ذلك من اختلاف مرسوم المصاحف ورد الاختلاف في كثير من السور وحروفها وكل ذلك على اختلافه غير مدفوع صحته ولا مردود على ناقله من الأئمة والموقوف عليه من السلف إذ سببه ما ذكرناه وبينا صحته).[البيان:75-78]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت: 794هـ): (واعلم أن سبب اختلاف العلماء في عد الآي والكلم والحروف؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي؛ للتوقيف فإذا علم محلها وصل للتمام، فيحسب السامع أنها ليست فاصلة.
وأيضا البسملة نزلت مع السورة في بعض الأحرف السبعة، فمن قرأ بحرف نزلت فيه عدها، ومن قرأ بغير ذلك لم يعدها.
وسبب الاختلاف في الكلمة؛ أن الكلمة لها حقيقة ومجاز ورسم، واعتبار كل منها جائز، وكل من العلماء اعتبر أحد الجوائز). [البرهان في علوم القرآن: 1/251-252]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (قيل وسبب الاختلاف في عد الكلمات أن الكلمة لها حقيقة ومجاز ولفظ ورسم واعتبار كل منها جائز وكل من العلماء اعتبر أحد الجوائز .). [الإتقان في علوم القرآن:2/455-457](م)
قَالَ رِضْوانُ بنُ مُحَمَّدٍ المُخَلِّلاتِيُّ (ت: 1311هـ): (واختلفت أقوال العلماء(37) في عدد حروف القرآن ...، قال ابن مهران: وسبب الاختلاف أن بعضهم عدَّ كل حرف مشدد بحرفين وعدّه بعضهم حرفًا واحدًا، وقيل: بحسب اختلال رسم المصاحف.
...
واختلفوا في جملة عدد كلمات القرآن ...وسبب الاختلاف أن بعضهم عدَّ نحو الأرض والآخرة والأنهار والأبرار كلمتين على مذهب الكوفيين لأنهم يجعلون الألف واللام كلمة برأسها مبنية لمعنى التعريف وبعضهم عدَّ ذلك كلمة واحدة على مذهب البصريين لأنهم يجعلون اللام وحدها للتعريف والألف للابتداء. انتهى من كتاب العدد لأبي القاسم عمر بن محمد بن عبد الكافي.). [القول الوجيز: 110-124](م)
والعجيب أنك ذكرت طرفا من بيان سبب ذلك الاختلاف !!!!!

بالنسبة لسؤالك الثاني عن الجبال فاقرأ هذا الكلام من الموقع الرسمي للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة على هذا الرابط
http://www.eajaz.org/index.php/Scientific-Miracles/Earth-and-Marine-Sciences/202-Mountains-pegs-in-form-and-function

هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله
.