تنبيهات علمية ( مصطلحات خاصة بالعالم ) :

1- قول أبي داود في رسالته إلى أهل مكة:

كل ما سكتُّ عنه - يعني في سننه - فهو صالح.
قلت : لا يلزم منه صحة الحديث فلعل أحدا يعتمد أن الحديث الذي لم يعلق عليه أبو داود أنه حديث صالح ثابت وهذا خطأ .
فربما صح الحديث عنده هو أو ربما يقصد به أنه صالح اذا عضدده آخر ولكن ليس بالضرورة أن يكون حديثا صحيحا أو حسننا .

بل ثبت أن هناك أحاديث سكت عتها أبو داوود وهي ضعيفة يقول الشوكاني في نيل الأوطار :
وقد اعتنى المنذري رحمه الله في نقد الأحاديث المذكورة في سنن أبي داود وبين ضعف كثير مما سكتَ عنه .

2- أقوال الترمذي في التصحيح والتحسين :

لا يلزم منه صحة الحديث لأنه يعتمد عليها وقد اشتُهر عنه أنه متساهل وقد نص على ذلك غير واحد من العلماء منهم :

الذهبي ميزان الاعتدال (7\231): «فلا يُغتَرّ بتحسين الترمذي. فعند المحاقَقَةِ غالبُها ضعاف».

الزيلعي في نصب الراية (2\217): قال ابنُ دِحْيَة في "العَلَم ‏المشهور": «وكم حَسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية!».

3- قولهم رواه ان خزيمة في صحيحه أو ابن حبان في صحيحه .

لا يلزم منه صحة الحديث ..
اعلم أولا أن تسمية الكتابين بالصحيح خطأ لكنه مشتهر لأنه لم يعتمد بل ولم يسلم فعليا كتاب من كتب السنة بأن ما فيه من أحاديث صحيح كله إلا البخاري ومسلم
وكذلك تلقته الأمة أما ابن خزيمة وابن حبان لم يسلما من الخطأ .

وابن خزيمة وابن حبان متساهلان في التصحيح
.


وأكثر ما يذكر من هذا الخطأ :
ان ابن خزيمة وعلى إثره تبعه ابن حبان وهو تلميذه كانا يصححا اسناد الراوي مجهول الحال باعتبار سلامة المسلم ابتداءً حتى يثبت فيه تجريحا
وجهالة الحال هي أن لا يعرف لهذا الراوي جرحا أو تعديلا فيعتبرون سلامته وهذا مخالف للجمهور .

وعلى هذا أيضا لا يعتمد على تصحيح العلامة أحمد شاكر خصوصا تحقيقه لصحيح ابن حبانلأنه اعتمد هذه القاعدة المرجوحة
وفيها تفصيل أكثر ليس المجال لذكره .

لكن باختصار أن سلامة المسلم اذا اعتبرت في العدالة فلا يمكن اعتبارها في الضبط والاتقان
وهذا يجب أن ينص عليه فحديث فيه مجهول الحال ضعيف الاسناد فلا يغرنك قولهم رواه ان خزيمة في صحيحه أو ابن حبان في صحيحه .

قال الشيخ الألباني :
قال الحافظ ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان " وزدته بياناً في ردي على الشيخ عبد الله الحبشي (ص 18-21) وخلاصة ذلك أنه يوثق المجهولين حتى الذين يعترف هو بأنه لا يعرفهم فيقول مثلاً في ترجمة سهل :
" يروي عن شداد بن الهاد ، روى عنه أبو يعقوب ، ولست أعرفه ، ولا أدري من أبوه " !!

4- قول الحاكم في المستدرك صحيح على شرط البخاري أو مسلم أو كليهما .

لا يلزم منه صحة الحديث ويسلم هذا الأمر في حالة واحدة وهو مضمون المستدرك أن يذكر حديثا اسناده يكون موافق لاسناد البخاري أو مسلم بذاية من شيخيهما وحتى منتهى الاسناد الى الصحابي .

مثاله :
يقول البخاري حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس ... حديث
فيستدرك الحاكم ويأتي باسناد له عن شيخ أو اثنين عن الحميدي قال حدثنا سفيان بنفس اسناد
البخاري الى أنس رضي الله عنه بمتن لم يروه البخاري في صحيحه
.

فيقول الحاكم صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه . أي أن هو اسناد كأسناد البخاري ولكن متن
الحديث لم يخرجه البخاري ..
ولكن الحاكم خالف هذا المضمون في مواضع كثيرة فكان يأتي بأسانيد لرجال وإن كانو من رجال
البخاري أو مسلم لكن لكن بترتيب لم يرد في الصحيحين ويقول على شرطهما وهذا خطأ .

5- قولهم قال الحاكم كذا ووافقه الذهبي .

لا يلزم منه صحة الحديث لأن هذا أيضا لا يعتمد لأنه وعلى النحو السابق وافق الامام الذهبي الحاكم في أشياء خالف فيها الحاكم الشرط الصحيح كما بينت في النقطة السابقة وسكت عن أشياء .

وللشيخ أبو اسحاق الحويني كتاب اسمه : إتحاف الناقم بما وهم فيه الذهبي والحاكم .
لا زال مخطوتا لكنه تكلم عنه كثيرا وعن منهجه فيه .

6- تصحيح الحاكم للحديث .

لا يلزم منه صحة الحديث الحاكم متساهل في التصحيح وقيل التوثيق أيضا وقيل ذلك خاص بمستدركه فقط وغير ذلك مقبول .

قال ابن القيم رحمه الله :
(ولا يعبأ الحفاظ أطباء علل الحديث بتصحيح الحاكم شيئا ولا يرفعون به رأسا البتة بل لا يعدل تصحيحه ولا يدل على حسن الحديث بل يصحح أشياء موضوعة بلا شك عند أهل العلم بالحديث وإن كان من لا علم له بالحديث لا يعرف ذلك فليس بمعيار على سنة رسول الله ولا يعبأ أهل الحديث به شيئا ) الفروسية (طبعة مشهور / 245)

قَالَ ابن حجر:((والحاكم أجل قدراً وأعظم خطراً وأكبر ذكرا من أن يذكر في الضعفاء، لكن قيل في الأعتذار عنه أنه عند تصنيفه للمستدرك كان في أواخر عمره، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره ، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب الضعفاء له وقطع بترك الرواية عنهم ومنع من الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في مستدركه وصححها )) لسان الميزان (5/232).

7- قول الهيثمي رحمه الله وغيره في الحديث رجاله رجال الصحيح .

يعني أن رجاله رجال الصحيحين ولا يلزم بذلك صحة الحديث لأنه ينقصه اثبات الاتصال وينقصه نفي الشذوذ والعله ..

وننقل من أخانا مسلم ما قاله ابن حجر :
( ولا يلزم كون رجال الإسناد من رجال الصحيح أن يكون الحديث الوارد به صحيحاً ، لاحتمال أن يكون فيه شذوذ أو علة ) النكت.

8- قول الهيثمي في الحديث رجاله ثقات .

يلا يلزم منه صحة الحديث نطبق عليه ما تم توضيحه في النقطة السابقة والله ولي التوفيق .

ملحوظة :
الهيثمي رحمه الله صاحب كتاب مجمع الزوائد هو من شيوخ ابن حجر العسقلاني وهو غيرابن حجر الهيتمي بالتاء فانتبه .

وهناك لمحة أدبية تذكر :

قد استدرك ابن حجر العسقلاني على شيخه أخطاء كثيره في مجمعه وهم ابن حجر أن يصنف في ذلك
ولكن بلغ هذا الأمر شيخه الهيثمي وحزن لذلك ولما علم ذلك ابن حجر العسقلاني ترك استراكاته رعايتا لمشاعر شيخه .
وهكذا كان سلفنا العلم أوله أدب وأوسطه أدب وآخره أدب ومن لم يتحلى بالأدب لن ينال شرف العلم الحقيقي .

فائدتين للشيخ الألباني :

1- وأما تحسين الترمذي للحديث فمما لا يعتمد عليه لا سيما بعد ظهور علة الحديث ، ذلك لأن الترمذي معدود في جملة المتساهلين في تصحيح الأحاديث كالحاكم وابن خزيمة وابن حبان ونحوهم ، ولهذا قال الذهبي في " الميزان " (ص 33) :
" لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي " .
قلت : وكذلك لا يعتمد المحققون من العلماء على توثيق ابن حبان لتساهله في ذلك كما بينه الحافظ ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان " وزدته بياناً في ردي على الشيخ عبد الله الحبشي (ص 18-21) وخلاصة ذلك أنه يوثق المجهولين حتى الذين يعترف هو بأنه لا يعرفهم فيقول مثلاً في ترجمة سهل :
" يروي عن شداد بن الهاد ، روى عنه أبو يعقوب ، ولست أعرفه ، ولا أدري من أبوه " !!

وهذا موضوع هام يجب على كل مشتغل بعلم السنة وتراجم الرواة أن يكون على بينة منه ، كي لا يخطيء بتصحيح الأحاديث الضعيفة اغتراراً بتوثيق ابن حبان ، كما فعل أحد أفاضل العلماء في تعليقه على المسند ، والشيخ الحبشي في " التعقب الحثيث " وغيرهما .

2- شرح الحديث الضعيف يقول :
وأما طلب السائل شرح هذا الحديث ، فلا داعي عندي للإجابة عنه بعد أن بينا ضعفه ، بل أعتبر الاشتغال بشرحه مضيعة للوقت .


فصل :

قال الشافعي : " أهلُ الحديث في كل زمان كالصحابة في زمانهم ، وكان يقول : "إذا رأيتُ صاحبَ حديثٍ فكأني رأيت أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

أهل الحديث همُ أهل النبيِّ وإن == لم يصحبوا نفْسه أنفاسَه صحِبوا


فعلم بذلك شرف أهل الحديث ، وعلو مكانتهم في الدين ، وأن الاشتغال بالحديث من أعظم الطاعات وأجل القربات ، فينبغي على المسلم أن يعتني بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظاً وفهماً، وتعلماً وتعليماً .

هذا والله أعلى وأعلم

والموضوع للنقاش اذا كان للإخوة شيء يريد توضيحه أو أن هناك لأحد تعقيبا علي فمثل لا يخلوا كلامه من خطأ
أو من أراد إضافة فالموضوع مفتوح الغرض منه صيانة الحديث وإظهار قواعد علمية يجب على الباحث الألتزام بها .
وربما فاتني شيء كثير سأذكره إذا من الله علي بتذكره وذكره .
ذكرني الله وإياكم بالخير كله