{ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ }
{ٱلْحَمْدُ للَّهِ..} .

قال البصريون :رفع بالابتداء .
وقال الكسائي: {ٱلْحَمْدُ} رفع بالضمير الذي في الصفة، والصفة اللام. جعل اللام بمنزلة الفعل.
وقال الفراء: "ٱلْحَمْدُ" رفع بالمحل وهو اللام. جعل اللام بمنزلة الاسم، لأنها لا تقوم بنفسها
فالكسائي يسمى حروف الخفض صفات، والفراء يسمّيها محالَّ، والبصريون يُسمّونَها ظروفاً.
وقرأ ابنُ عُيْينَة ورؤبة ابن العَجّاجِ {ٱلْحَمْدَ لله} على المصدر وهي لغة قيس والحارث بن سامة. والرفع أجود من جهة اللفظ والمعنى، فأما اللفظ: فلأنه اسم معرفة خبَّرت عنه، وأما المعنى: فانّك إذا رفعت أخبرت أنّ حَمدك وحَمْدَ غيرك لله جل وعز، وإذا نصبت/ لم يعدُ حَمْدَ نَفْسِك وحكى 2/ ب الفراء: {ٱلْحَمْدِ لِله} و {ٱلْحَمْدُ لُلّه}.
قال أبو جعفر: وسمعت عليّ ابن سليمان يقول: لا يجوز من هذين شيءٌ عند البصريين. قال أبو جعفر: وهاتان لغتان معروفتانِ وقراءتانِ موجودتانِ في كل واحدة منهما علّةٌ، رَوَى اسماعيلُ بنُ عَياش عن زريق عن الحسن أنّه قرأ {ٱلْحَمْدِ لله}، وقرأ إبراهيم بن أبي عَبْلَةَ {ٱلْحَمْدُ لُلّهِ} وهذه لغةُ بعض بني ربيعة، والكسر لغة تميم.
فأما اللغة في الكسر فإنّ هذه اللفظة تكثر في كلام الناس والضم ثقيل ولا سيَّما إذا كانت بَعْدَه كسرة فأبدلُوا من الضمة كسرة وجعلوها بمنزلة شيءٍ واحد، والكسرة مع الكسرة أخف وكذلك الضمة مع الضمة فلهذا قيل: {ٱلْحَمْدُ لُلّهِ}. {لله} خفض باللام الزائدة.
وقال سيبويه أنّ أصل اللام الفتح يدلُّك على ذلك أنك إذا أضمرت قلت: الحَمْدُ لَهُ فَردَدْتَها إلى أصلها إلاّ أنها كُسِرتْ مع الظاهر للفرق بينَ لامِ الجر ولام التوكيد.
{رَبِّ} مخفوض على النعت لله، {ٱلْعَالَمِينَ} خفض بالاضافة وعلامة الخفضِ الياء لأنها من جنس الكسرة، والنون عند سيبويه كأنّها عِوضٌ لما منِعَ من الحركة والتنوين. والنون عند أبي العباس عوض من التنوين، وعند أبي اسحاق عوض من الحركة وفتحت فرقاً بَينها وبين نون الاثنين، وقال الكسائي: يجوز {رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ} كما تقول: الحمدُ لله رَبّاً وإلهاً أي على الحال، وقال أبو حاتم: النصب بمعنى أحْمَدُ الله ربَّ العالمين.
وقال أبو اسحاق: يجوز النصب على النداء المضاف، وقال أبو الحسن بن كيسان: يبعد النصب على النداء المضاف لأنه يصير كلامين ولكن نصبه على المدح، ويجوز الرفع أي هو ربّ العالمين.
قال أبو جعفر: وقد ذكرنا في الكتاب المتقدم: أنه يقال على التكثير: رَبَّاه ورَبَّه وربَّتَهُ. وشرحه أن الأصل رَبَّبَه ثم تبدل من الباء ياء كما يقال: قَصَّيتُ أظفاري وتَقَصَّيْتُ ثم تبدل من الياء تاء كما تبدل من الواو في تالله.
ويجوز {ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} على المدح، ويجوز رفعهما على اضمار مبتدأ، ويجوز رفع أحدهما ونصب الآخر، ويجوز خفض الأول ورفع الثاني ونصبه.