سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء -‏:‏
عن صلاة التطوع من حيث الفضل والأنواع‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، أن جعل لكل نوع من أنواع الفريضة تطوعاً يشبهه، فالصلاة لها تطوع يشبهها من الصلوات، والزكاة لها تطوع يشبهها من الصدقات، والصيام له تطوع يشبهه من الصيام، وكذلك الحج‏.‏ وهذا من رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، ليزدادوا ثواباً وقرباً إلى الله تعالى، وليرقعوا الخلل الحاصل في الفرائض، فإن النوافل تكمل بها الفرائض يوم القيامة‏.‏

فمن التطوع في الصلاة‏:‏ الرواتب التابعة للصلوات المفروضة، وهي أربع ركعات قبل الظهر بسلامين، وتكون بعد دخول وقت صلاة الظهر، ولا تكون قبل دخول وقت الصلاة، وركعتان بعدها، فهذه ست ركعات، كلها راتبة للظهر، أما العصر فليس لها راتبة، أما المغرب فلها راتبة ركعتان بعدها، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وتخص الركعتان قبل الفجر، بأن الأفضل أن يصليهما الإنسان خفيفتين، وأن يقرأ فيهما بـ ‏{‏قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ‏}‏ في الركعة الأولى، و ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ في الركعة الثانية، أو بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 136‏]‏ الآية في سورة البقرة في الركعة الأولى‏.‏ و ‏{‏قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 64‏]‏ الآية في سورة آل عمران في الركعة الثانية‏.‏ وبأنها – أي راتبة الفجر – تصلى في الحضر والسفر، وبأن فيها فضلاً عظيماً، قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها‏)‏‏(19)‏‏.‏

ومن النوافل في الصلوات‏:‏ الوتر، وهو من أوكد النوافل، حتى قال بعض العلماء بوجوبه، وقال فيه الإمام أحمد رحمه الله‏:‏ ‏"‏من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة‏"‏‏.‏
والوتر تختم به صلاة الليل، فمن خاف أن لا يقوم من آخر الليل أوتر قبل أن ينام، ومن طمع أن يقوم آخر الليل، فليوتر آخر الليل بعد إنهاء تطوعه، قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً‏)‏‏(20)‏‏.‏ وأقله ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، وأدنى الكمال‏:‏ ثلاث ركعات، فإن أوتر بثلاث فهو بالخيار، إن شاء سردها سرداً بتشهد واحد، وإن شاء سلم من ركعتين، ثم صلى واحدة، وإن أوتر بخمس سردها جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد، وإن أوتر بسبع فكذلك يسردها جميعاً بتشهد واحد وسلام واحد، وإن أوتر بتسع فإنه يسردها، ويجلس في الثامنة ويتشهد، ثم يقوم فيأتي بالتاسعة ويسلم‏.‏ فيكون فيها تشهدان وسلام واحد‏.‏ وإن أوتر بإحدى عشرة ركعة، فإنه يسلم من كل ركعتين ويأتي بالحادية عشرة وحدها‏.‏

وإذا نسي الوتر، أو نام عنه، فإنه يقضيه من النهار، لكن مشفوعاً، لا وتراً، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاث، صلى أربعاً، وإذا كان من عادته أن يوتر بخمس، صلى ستاً وهكذا‏.‏ لأنه ثبت في الصحيح، ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل، صلى بالنهار ثنتي عشرة ركعة‏)‏‏(21)‏‏.‏


وسئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى -‏:‏ أيهما أفضل قيام الليل أو طلب العلم‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ طلب العلم أفضل من قيام الليل؛ لأن طلب العلم كما قال الإمام أحمد لا يعدله شيء لمن صحت نيته، بأن ينوي به رفع الجهل عن نفسه وعن غيره، فإذا كان الإنسان يسهر في أول الليل لطلب العلم ابتغاء وجه الله سواءً كان يدرسه أو كان يدرسه ويعلمه الناس فإنه خير من قيام الليل، وإن أمكنه أن يجمع بين الأمرين فهو أولى، لكن إذا تزاحم الأمران فطلب العلم الشرعي أفضل وأولى، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة أن يوتر قبل أن ينام‏(22)‏ ، قال العلماء‏:‏ وسبب ذلك أن أبا هريرة كان يتحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أول الليل وينام آخر الليل، فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يوتر قبل أن ينام‏.‏


سئل فضيلة الشيخ – أعلى الله درجته -‏:‏ ما حكم الوتر وهل هو خاص برمضان‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الوتر سنة مؤكدة في رمضان وغيره، حتى إن الإمام أحمد وغيره يقول‏:‏ ‏"‏من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل شهادته‏"‏ فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للمسلم تركه لا في رمضان ولا في غيره، والوتر هو أن يختم صلاة الليل ركعة، وليس الوتر كما يفهمه بعض العوام أنه القنوت، فالقنوت شيء، والوتر شيء، فالوتر أن يختم صلاة الليل بركعة أو بثلاث سرداً‏.‏
وعلى كل حال فالوتر سنة مؤكدة في رمضان وفي غيره ولا ينبغي للمسلم أن يدعه‏.‏


وسئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى -‏:‏ أحرص على الوتر في وقته الفاضل قبل طلوع الفجر
ولكن أحياناً لا أستطيع فعله قبل طلوع الفجر، فهل يجوز لي الوتر بعد طلوع الفجر‏؟‏
فأجاب فضيلته قائلاً‏:‏ إذا طلع الفجر وأنت لم توتر فلا توتر، ولكن صل في النهار أربع ركعات إن كنت توتر بثلاث، وست ركعات إن كنت توتر بخمس وهكذا‏.‏ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏كان إذا فاتته صلاة الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة‏)‏‏(23)‏‏.‏


سئل فضيلة الشيخ – جزاه الله خيراً -‏:‏ عن حكم من فاته الوتر ولم يتمكن من فعله قبل الفجر
فهل يجوز له الوتر بعد طلوع الفجر‏؟‏ أفتونا وفقكم الله تعالى‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يوتر بعد طلوع الفجر لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى‏)‏‏(24)‏‏.‏ فدل على أن الوتر ينتهي وقته بطلوع الفجر؛ ولأنه صلاة تختم به الليل فلا تكون بعد انتهائه‏.‏


سئل فضيلة الشيخ‏:‏ عن رجل يصلي الوتر وأثناء صلاته أذن المؤذن لصلاة الفجر فهل يتم صلاته‏؟‏
فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم، إذا أذن وهو أثناء الوتر فإنه يتم صلاته ولا حرج عليه‏.‏

fhf wghm hgj',u L tjh,n hfk uedldk