تعريفات
وأصبح التطهير العرقي حالياً مفهوماً معرَّفاً جيداً. فمن فكرة تجريدية مرتبطة حصراً، إلى حد كبير، بالأحداث فيما كان يسمى سابقاً يوغوسلافيا، صار الآن يُعرَّف أنه جريمة ضد الإنسانية يعاقب عليها القانون الدولي. وقد ذكّر أسلوب استخدام بعض الجنرالات والساسة الصرب لتعبير «التطهير العرقي» العلماء المختصين بأنهم سمعوا هذا التعبير من قبل، إذ استخدمه النازيون وحلفاؤهم في يوغسلافيا، كالميليشيات الكرواتية، في الحرب العالمية الثانية. لكن جذور الطرد الجماعي، طبعاً، ضاربة في القدم. فقد استخدم الغزاة الأجانب التعبير (أو مفردات مرادفة له)، وطبقوا مضمونه بمنهجية ضد السكان الأصليين، منذ زمن التوراة حتى زمن أوج الاستعمار.
تعرّف موسوعة «هاتشينسون» Hutchinson «التطهير العرقي» بأنه طرد بالقوة من أجل إيجاد تجانس عرقي في إقليم أو أرض يقطن فيها سكان من أعراق متعددة. وهدف الطرد هو ترحيل أكبر عدد ممكن من السكان، بكل الوسائل المتاحة لمرتكب الترحيل، بما في ذلك وسائل غير عنيفة، كما حدث بالنسبة إلى المسلمين في كرواتيا، الذين طردوا بعد اتفاقية ديتون في تشرين الثاني (نوفمبر) 1995.
ويحظى هذا التعريف أيضاً بقبول وزارة الخارجية الأميركية، ويضيف خبراؤها أن جزءاً من جوهر التطهير العرقي هو اقتلاع تاريخ الإقليم المعني بكل الوسائل الممكنة. والطريقة الأكثر استخداماً هي إخلاء الإقليم من السكان في سياق «أجواء تضفي شرعية على أعمال المعاقبة والانتقام». وتكون النتيجة النهائية لمثل هذا العمل خلق مشكلة لاجئين. وقد تفحصت وزارة الخارجية الأميركية بصورة خاصة ما حدث في أيار (مايو) 1999 في مدينة بيك في كوسوفو الغربية. فقد تم إخلاء هذه المدينة في غضون 24 ساعة، وهذا ما لم يكن ممكناً إنجازه إلاّ من خلال تخطيط مسبق أعقبه تنفيذ منهجي. وقد حدثت أيضاً مجازر متفرقة من أجل تسريع العملية. وما حدث في بيك في سنة 1999 حدث بالطريقة نفسها تقريباً في مئات من القرى الفلسطينية في سنة 1948.