السلام عليكم و رحمة الله ..
ترددت كثيرا قبل أن أكتب موضوعي هذا ، فلم أكتب موضوعا مثل هذا من قبل ..
لكنني توكلت على الله و قررت أن أضع الموضوع ..
هو عبارة عن مسرحية شعرية ، كنت ألفتها في الصف الثاني الثانوي .. و تعد من
بدايات ما كتبت .. لكني أعتز بها كثيرا لنبل غرضها و كونها أولى قصائدي الموزونة
نوعا ما بالأذن ...

أصور فيها صراع قصر ، كان يوما من الأيام صفوة القصور ، لكن الزمن دار عليه
دورته .. فلم تبق له سوى ذكريات يقتات منها ..
هناك الواعظ أيضا الذي يسمع لقصته ، و يذكره بخطأه ، و يحذر الناس من الأيام ..
نتابع معا .. و أنتظر تعليقاتكم ...

(( يدخل شيخ كبير مسن - يمشى متثاقلا - و تبدو عليه أمارات التعب و الوصب ، فيؤثر أن يستريح على صخرة مستظلا بشجرة وارفة الظلال .....
يتنهد تنهدة عميقة و يجول ببصره في أرجاء المكان ...
يسترق نظره [ بفتح الراء] منظر قصر خرب ....
تبدو على وجهه أمارات العجب ،
يناجي نفسه قائلا ......... ))
:
مالي أرى القصر الكبير = إلى خراب قد أعير ؟!
على عروش قد خوى = قد عضه الدهر المكير؟!
ماذا دهى سكانه؟! = هجروه في حر الهجير
واليوم يسكنه السكون = فللرياح به صفير
خانت قوائمُه العروشَ = فأرضه مهد وثير
وبناءه من مرمر = قد زاره الهُلْك الدّغير

( يتوكأ على عصاه ويدنو من القصر قائلا ..... ):
يا مصدرا للهو أنت = سفارة أين السفير ؟
أين الجبابرة العتاة = ومن لمثلهمو نظير ؟
ولوا و دخلوا قبرهم = والقبر ليس هو الأثير
كم كنت مرمى اللهو و النُّــدَ = مــاء في ساح الخمور
و اليوم قد أصبحت وحدك = لا نديم أوسمير
ولَكَم بسَافير الليالي = ازَّيَّنت منك النحور
واليوم قد أصبحت لست = مساويا شروى نقير

(يلمح الحكيم تغيرا في قسمات وجهه فيدنو منه ويحدق به ممعنا النظر فيه قائلا...) :
إني لألمح قصة = في كاهليك وفي الزفير
إن كان ... أخبر .. ربما = يوما ستصبح كالنذير
قُصَّ الحكاية كلها = ولم التضجر و النفور !؟

( تسيل العبرات من عيون القصر و يهز رأسه نادما و يقول .... ) :
إن الزمان مبدلٌ = معي الشبيبةَ باليسير
قد خِلتُ أني عامرٌ = عمر الدهور فلا مصير
فغزَلت أخياط المنى = أَلبَسْتُني منها الحرير
نجَّدت فُرْشَ جهالة = وغططت في نوم قعير
وولجت أبواب المتاع = و أبْحُرَ اللهو الزخير
وظننت خلدا سرمدا = وجهلت دائرة تدور
تلت البروقَ رعودُ يوم = فيه ريح زمهرير
وانتُقْضَ غزلي بغتة = ويلاه ، قد خاب المسير !

( ينتحب القصر و يقول .....) :
شيدت صرحا من منى = عمرا وفي يوم يمور !
واحسرتاه على شباب = سُلْب من لاهٍ غرير

(يعلو صوت القصر بالبكاء..فيطرق الحكيم رأسه ثم يتنهد عميقا ويقول للقصر...) :
الآن ؟! تبكي آسفا = غَوْر الشبيبة في الحقير؟!
قد كنتَ تعدو لاهثا = خلف المتاع كما الذَّعور
اللهو كان مطيةً = زلاءَ ليس لها جرير
لما ارتقيت لظهرها = أردتك في حفر السعير
وتَخذت ذا الزمن الرفيق = جهلته صِلَّ الثبور
وجهلت أن الدهر لا = يبقي برفقته القصور

( يحول الحكيم وجهه إلى الناس جميعا و يقول .... ) :
يا أمة شيطانها = هو مالك جلَّ الصدور
هل تسمعون ضحية = قد ضرها أزل الدهور؟
تالله فيها عبرة = ولكل ذي لب بصير
هلا سمعتم أيها الـ = متناحرون على النقير
فإذا أردتم عبرة = فانظروا القصر الكبير

( يتوكأ الحكيم على عصاه ويتجه خارجا مرددا :- { حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ } - " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " ... )

rwv K]iv