الحمد لله بما حمد نفسه في كتابه ، والصلاة والسلام على نبيه وآله وأصحابه .. وبعد ،
فإن مما يورث الملل ، ويبعث على الكسل ، وينشئ في النفس الفتور إنشاء كثرة الكلام بغير طائل ، وهبته غير نائل ، وأشهد الله إني ما فتئت أسوس نفسي وأروضها فأجمعها عن شرود ، وأمنعها عن صدود ، بغية في إتمام هذا الحوار ... والله المستعان ، وعليه التكلان .
طبعاً الامر ليس كما تحاول تصويره..! وانا في اول طرحي النقطة في مقدمتي قلت:
بسم العليّ القدير الكامل القداسة والعدل
ليس المأخذ بالقول ، فما أسهل القول وما أسهل الكلام ، لكن المعول على تعضيد القول والكلام بما يصلح أن يقوم له عضداً من حجج وبراهين
بل المغالطة عندك! فجملتي واضحة ودعني اكررها لحضرتك!
هنا يسمح الله للمسلم بارتكاب السيئة مثل السيئة التي تلقاها في رد السيئة
فانا اعلنت بكل وضوح ان الامر رد!
وأنا أعلنت بكل وضوح أن هذه مغالطة .
الأمر ليس رداً لمجرد الرد ، لكنه محل للعقوبة على ما انتهك ، كما أن "ارتكب" كما أسلفنا لفظ موهم ويوحي أيضاً بأنه هو من سيقوم بعقابه ، في حين إن المضطلع بذلك هو ولي الأمر كما أشرنا سابقاً .
انت تتناسى المبدأ..! الذي هو رد الشر بالشر!
لا مبدأ ولا يحزنون يا ضيفنا .
أنا أرد على ما وقع في كلامك من مغالطات موهمة أولاً ، ثم نأتي لمناقشة " مبدأك " - إذ لا يصلح أن يكون مبدأ لسواك - من بعد .
فمهمن يكون المقتص..فلا يغير ذلك من الامر شيئاً..فلا يزال يرتكب شراً بامر من ربه! الامر الذي انا اعترض عليه!
لا أدري حتام أكرر قولي وأصحح لك مغالطات أقوالك .
المشكل أن كل ما تقوم به أن تلقي الكلام على عواهنه من دون أن تقيم لك قائمة من دليل أو ما شابه .. فلم توقفنا أيضاً على تعريف لهذا "الشر" ، بل رحت تغالط وتناقض العقل والفطرة التي فطر الله الناس عليها من أن لكل معتدى عليه أن يأخذ حقه ممن اعتدى دون ظلم أو تعدٍ ..
لتعتبره أنت "شراً " فلن نحجر على رأيك لنفسك ، لكن لا تحاول أن تفرض علينا ما تعتقده أنت ، وما نعتقده نحن والناس أجمعون مخالفاً لفطرتهم دون حتى أن تدلل على ما تقول .
ولذا أعود فأكرر : " فلا يخفى على عاقل سويّ أن عقاب السيء بمثل سوءه هو عين العدل الذي من شأنه إقامة المجتمع الصالح القويم ، ولا يطلق على المجازاة حينئذ أنها "شر" أو "سوء" إذ إن هدفها في النهاية هو الحفاظ على المصلحة العامة ، ولأن العقوبة حينئذ إنما قاعدة منطلقها هي العدالة التي لا يتأتى لعاقل أن يَسِمها بـ " الشر " بل حينئذ هي كل "الخير" .
وإلا ، فلم أقرت الدول جمعاء نظام العقوبات في قوانينها ؟! وما تطلق أنت عن ترك الشرير يعيث بشره فساداً في الأرض دونما رقيب عليه أو حسيب أو حد يحد من شره ويمنعه ويردعه عنه فيتحقق بذلك الخير !
واما كلامك..فهو ليس مطلك ايضاً! ففي دار الكفر مثلاً..او حيث الحاكم ليس عادل..لا يسقط حق المسلم في القصاص!
لم تأت بما ينقض كلامي من أن المخول بإقامة الحدود والقصاص والعقوبات هو السلطان أو من ينوب عنه .
وأعود فأكرر : [ثانياً: قولك فيه مغالطة أخرى .. إذ جملتك توحي بأن القصاص يقوم به أفراد الناس كلٌ حسب مراده ، وهو المرفوض أيضاً .. فأمر العقوبات والقصاص يقوم به الحاكم .. وبموجب شرع الله .
يقول الإمام القرطبي في تفسيره للآية 179 من سورة البقرة: ((اتفق أئمة الفتوى على أنه لا يجوز لأحد أن يقتص من أحد حقه دون السلطان، وليس للناس أن يقتص بعضهم من بعض، وإنما ذلك للسلطان أو من نصبه السلطان لذلك، ولهذا جعل الله السلطان ليقبض أيدي الناس بعضهم عن بعض ))
كما جاء في الفقه الميسر على ضوء الكتاب السنة ج1 ص346: (( ينفذ القصاص بحضور الحاكم -الإمام- أو نائبه، فهو الذي يقيمه ويأذن فيه؛ ليمنع من الجور فيه، ولإقامته على الوجه الشرعي، ودرءاً للفساد والتخريب والفوضى.)) ]
ولا اعرف كيف "اسقطت" بقولك هذا..قولي التالي:ولكن توكيل الله القصاص لبشر غير كامل العلم..هو المرفوض
لأنك لم تتأمل كلامي جيداً .
تشريع القصاص وتقريره وحدود الله هي تشريعات الله " كلي العلم " .. فلست أتكلم عن القوانين الوضعية ها هنا .
وبهذا تسقط كل أقوالك في هذه النقطة ، ولا تصلح إلا في التحدث عن ديانات أخرى تركها إلهها في " حيص بيص " دون تشريع .
ثم أي "علم" يلزم وجوده عند من يريد أن يرد حقه الذي سُلِب منه ؟! ما هذا الانتكاس الفطري ؟! وكما قال أخي " أبو بكر " في التعليقات : " مثل لنا بمثال من الواقع حتى " ودعك من الأدلة والبراهين وأشباهها فقد عرفنا نصيبك منها .
الم يقدم القصاص على العفو وذكره اولاً؟ فكيف تقول انهما متكافئان؟
ما هكذا تُفهم الآيات وما هكذا فهمها أحد من علمائنا .
أرأيتك لو قرنت حدثين حدثا معاً في نفس اللحظة وأتيت في كلامك بأحدهما قبل الآخر ، أيُفهم من صنيعك استباق أحدهما لقرينه ؟!
وإلا فخبرني بطريقة للكتابة تفيد التكافؤ سوى أن يسبق أحدهما الآخر في الكتابة فعلاً !
إلا إن كنت تقصد أن يكتبهما على بعضهما ! وساعتها لن نعدم من يأتي ليقول إن المكتوب ثانياً هو المُفَضّل لأنه يمكن أن يكون قاصداً أن يمحو بالثاني الأول !
فما لم تأت قرينة على تفضيل أحدهما على الآخر فكلامك لا معنى له ، وهو الحاصل فعلاً .
أما عن " ولكم في القصاص حياة .... " ، فيمكنك أن تقرأ
هذا الموضوع بتأن وتمعن عسى الله أن يفتح عليك
قولك رداً على قولي : ((فها هنا مغالطة أخرى هي التعميم والإطلاق ، ونسيت أن الأمر نسبي .. فرد اعتداء المعتدي لا يمكن أن يكون شراً إلا على المعتدي نفسه .. وهو ما يستحقه))
ليس هناك شر نسبي!! الشر شر!! لا يمكن اطفاء النار بنار! هذا المبدأ من اساسه مضروب!!
أي مبدأ يا زميل؟
أن يسترد مسلوب الحق حقه ؟! أتسمي ذلك مبدأ مضروباً أساسه ؟
أن تقيم العدل في الدنيا بأن تكف الظلم وتعاقب الظالم ؟! أتسمي ذلك مبدأ مضروباً أساسه ؟
فإن كان ذلك كذلك ، فلم لا يغفر الله لجميع الخاطئين من قتلة وكذبة وسراق وزناة و ........ إلخ ؟!
أليس هو "كلي القداسة" التي ترددها ؟!
لم يقابل الله الشر بالشر إذاً حسب منطقك فيعذب فاعلي الشر بدلاً من أن يغفر لهم ويسامحهم ؟!
ولم لا ؟ أليس هو المبتعد ابتعاداً كلياً عن الشر كما تقول ؟!
ائتني بكلمة واحدة من كلامك يقف إلى جانبها منطق عقل أو فطرة أو واقع حتى ! وإلا فكفانا كلاماً لا يصلح إلا أن تطويه أضغاث الأحلام .
ما يريده الشيطان! ان نرتكب الشرور ونخالف القداسة التي يريدها ربنا لنا
لا نختلف على أن الله لا يريدنا أن نأتي شراً أو نفعله .
فلا تتصور أنك يمكنك أن تلعب على هذا القول لتقضي حاجة في نفسك .
وأتحداك أن تثبت أن الله عندنا يحب أن يأتي عباده الشر أو أن يفعلوه .. تلك قضية منتهية .
لكن أن يمنعني الله من أن آخذ حقي ممن ظلمني واعتدى عليّ ، فتلك إذاً قسمة ضيزى ، إذ سمح للمعتدي أن يعتديَ عليّ ، ثم منعني من أن آخذ حقي منه ! فأي عدل هذا الذي تتكلم عنه بعد ذلك؟!
هنا المسيح لا يقول لنا ان نكون "ملطشة" كما يظن بعض قصيري النظر والجهلة..وانما الجملة تحتوي "اعجاز تشريعي" عظيم!
عظيم ! ما شاء الله ! أرنا إذاً هذا "الإعجاز التشريعي" العظيم !
هذا الذي يلطمك يرتكب شراً..فبدل ان ترد بلطمه..وتكون مثله ولا تريه فضلك عليه وفرقك عنه..تدير له خدك الاخر..فيخجل ويرى فضلك عليه فلا يلطمك
ما شاء الله !
دعنا نحلل قولك تحليلاً منطقياً :
نجاح نظريتك تلك يعتمد كلاً وجزءاً على نية ضاربك ، فإن استطعت أن تضمن لي بنسبة 100% أن ضاربك هذا لن يعود لمثل ما فعل ، فأقرك على ما تقول ، وإلا ففعلاً هو تشريع "ملطشة" !
وأنى لك بمثل ذلك يا زميل وهو اعتدى عليك ابتداء دون سبب فهل يعدم تكراره لفعلته بعد أن يرى منك الذل ؟!
مع القول إنه لم يمنع القرآن المسلم من أن يعفو عمن ظلمه ، لكنه سمح له أيضاً بأن يسترد حقه منه إن أراد .. فتأمل !
أما منطقك فيوقع على الناس ظلماً بأن تمنع كل من له حق أن يسترده ، وتسمح لكل آثم شرير بأن يربي في شره ويعيث في الأرض فساداً ، ولذلك فالإنسانية جمعاء على عكس ما تقول ، والكل يقر بمنطق العقوبة لمستحقها إلا أنت !
ولست بحاجة لأن آتي لك بأوامر "يسوع" في العهد القديم التي أقلها : "اقتلوا للهلاك" ، ولم يسلم منه أحد من مهده للحده ، فأمر بقتل الجنين والرضيع والصغير والشاب والشيخ ، فقط للهلاك !
بل لم تسلم منه حتى الحيوانات !
وربما يكون لي تعليق بشأن هذا في صفحة التعليقات .
بل يُطلق ذلك عليها..بل وبنص القران هي "سيئة" "مثلها"
أطلق القرآن عليها ذلك لأنها جاءت في معرض الجزاء لمن فعل السوء أولاً .
فانظر إلى عظمة الكلام القرآني ، بدأ بكلمة "جزاء" لأنه يريد أن يذكر المعتدي بسوء فعلته التي استوجب بها الجزاء وليقرر أن الأمر برمته إنما كان بيده ، وأنه هو من أوجب على نفسه الجزاء بمثل ما فعل ، ثم أتى بكلمة "سيئة" ليقيمها مقام كل مستشنع مستقبح لا يحسن ، فراعى إحساس النفس في كل درجاتها ونواحيها وأتى بها نكرة كذلك ، ثم انظر إلى ابتداء الكلام واختتامه ، فنرى في ابتدائه : جزاء ، ونرى في اختتامه : مثلها ، ليرسي بذلك العدل قاعدة أزلية في قوانين المجازاة والعقوبة، ولو ترك الأمر : " وجزاء سيئة سيئة " لأصبح كارثياً إذ فتح باب العقوبة على مصراعيه دون ضابط لقدر أو حد ، لكنه كلام علّام الغيوب سبحانه .
فهن أربع كلمات قرر بهن مبدأ من أهم مبادئ الحياة وهو الحق لمن ظُلم أن ينتصر ممن ظلمه ، ثم قس كم كلمة في "العفو" بعدها !
ثم ختم الآية بـ " إنه لا يحب الظالمين " وانظر وتأمل ، فبعد أن نهى عن الظلم في كلا الحالتين أشار إلى أن الأحب إليه هو ألا يقع من أحد ظلم في كل الحالات .
وحضرتك لا مانع عندك بارتكاب الشر في سبيل ما تعتقده انت "مصلحة عامة"؟
تعودت منك على مغالطاتك التي لا تنتهي فلا عجب .
أولاً : أكرر : [فأولاً: لفظ "ارتكاب" هو لفظ موهم ناجم عن مغالطة .. إذ إنه يوحي بغير مدلوله المراد ، بما يدل على البدء بالعدوان أو المبالغة فيه أو في رده ، وهو مرفوض تقوم عليه الحجة بالآيات البالغة الدلالة على عكس ذلك .
ثانياً: قولك فيه مغالطة أخرى .. إذ جملتك توحي بأن القصاص يقوم به أفراد الناس كلٌ حسب مراده ، وهو المرفوض أيضاً .. فأمر العقوبات والقصاص يقوم به الحاكم .. وبموجب شرع الله .]
ثالثاً : ليس أنا فقط ما أعتقده مصلحة عامة ، بل الإنسانية جمعاء منعقدة مجتمعة على ذلك ، ولا يضرها مخالفتك .
الخير والشر لا يجتمعان في ذات الفعل!
كل هذه المغالطات ناشئة عن كلامك بلا أي دليل !
ومن جديد لم توقف نفسك أو توقفنا على مفهوم لهذا "الشر" ولهذا "الخير" الذي تتحدث عنهما .
اُقدِّر عدم اجابتك الصريحة على أي من السؤالين الوحيدين الذان طَرحتُهُما
إن كان السؤالان يحملان ما يحملان من مغالطات تم نقضها ، فلا يتوجب من بعد علينا الإجابة بصراحة .
فالخطأ واقع من السؤال أولاً .
والآن ، تعالوا بنا نطلع على لمحة من "التسامح الأنطونيوسي" ، وهو ما فعله محاوري "أنطونيوس" مع شيخنا أبي حمزة السيوطي في منتداه الذي يعرفه جيداً .
فقد كتب شيخنا السيوطي رداً على مشرف في ذلك المنتدى بما يليق به ، فما كان رد فعل أنطونيوس في ما رآه إساءة ؟!
فحسب منطق أنطونيوس الذي يصدع به أدمغتنا كان من المنتظر أن ينسخ رد السيوطي هذا ويكتبه في كل صفحة من صفحات المنتدى " ليكون بمثابة إدارة الخد الآخر له " ، فهل فعل أنطونيوس ذلك ؟!
الصورة التالية ترد على السؤال :
وسلملي على القداسة ها هنا !
أين ذهب منطقك يا زميلي ؟!
لم يكتف أنطونيوس حتى بأن يمحو كلام السيوطي فقط ! أو أن يعطيه إنذاراً حتى كما هي قوانين منتداه ! بل إنه :
1- محى كلامه .
2- قام بطرده .
3- قال له : مطرود غير مأسوف عليك !!!!!!!!
يا سلام على مقابلة الشر بالخير !
فهذه الصورة كما ترون كافية وحدها للرد على أنطونيوس و"إعجاز" تشريع كتابه المقدس .. وهي أبلغ رد على منطقه .. وكان يكفيني وضعها في هذه المداخلة دون تعليق عليها حتى ...
*******
انتظر مني نقطتي الأولى في الحوار إن شاء الله .
والسلام ،
المفضلات