لما ذكرت للأخ الشهاب هذا الحديث في اثبات الصوت
((و قد جاء في صحيح البخاري ما يثبت الصوت و ذلك من طريق أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال (( يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار ) ))
أجاب الأخ قائلاً
(( هناك رواية من طريق أبي ذر بِفَتْحِهَا عَلَى الْبِنَاء لِلْمَجْهُولِ . وَلَا مَحْذُور فِي رِوَايَة الْجُمْهُور بكسر الدال , فَإِنَّ قَرِينَة قَوْله " إِنَّ اللَّه يَأْمُرك " تَدُلّ ظَاهِرًا عَلَى أَنَّ الْمُنَادِي مَلَك يَأْمُرهُ اللَّه بِأَنْ يُنَادِي بِذَلِكَ ))
الأصل عند التحقيق أن نرجح ما يوافق القواعد الحديثية لا ما يوافق ما يخدمنا عند الاحتجاج فقولك هناك رواية من طريق أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول لتصبح ( فينادى ) لا يخدمك في هذا المقام لأنك لم تقدم ما يدعم ترجيحها على رواية الكسر ( فينادي ) و قد رجّح الحافظ ابن حجر في الفتح الرواية بالكسر فقال رحمه الله تعالى (( يقول الله يا آدم في رواية التفسير يقول الله يوم القيامة يا آدم قوله فينادي بصوت ان الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار هذا آخر ما أورد منه من هذه الطريق وقد أخرجه بتمامه في تفسير سورة الحج بالسند المذكور هنا ووقع فينادي مضبوطا للأكثر بكسر الدال وفي رواية أبي ذر بفتحها على البناء للمجهول ولا محذور في رواية الجمهور فان قرينة قوله ان الله يأمرك تدل ظاهرا على ان المنادي ملك يأمره الله بان ينادي بذلك ))
فتبّقى إذن الزعم بأن الملك هو من ينادي بصوت و هذا لا حجة فيه أيضاً لأنه لم يقم أي دليل يرجح قيام الملك بذلك و لا يوجد أي محذور في نسبة هذا لله سبحانه و تعالى بل إن السياق يقتضي هذا لأن المتكلم في بداية الحديث الله سبحانه و تعالى و الياء تعود عليه . هذا أولاً .
أما ثانياً فبداية الحديث تدل على أن المتكلم هو الله عز و جل فآدم لما أجاب قال لبيك و سعديك فهل يقول عليه السلام لبيك و سعديك للملك ؟؟؟
ثالثاً : لنفرض أن المنادي في هذا الحديث الملك فهل تظن أن هذا ينفي وجود أحاديث غيره تدل على الصوت ؟؟؟ فقد روى البخاري حديثاً معلقاً في الصحيح و وصله في خلق أفعال العباد فقال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(( يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعُد كما يسمعه من قرُب أنا الملك الديّان ))
فهل يقول المَلَك أنا المَلِك الديّان ؟؟؟؟
علاوةً على هذا فقد جاءت آيات كثيرة تدل على أن الله ينادي عباده كما نادى آدم و حواء في الجنة و النداء كما هو معلوم ببداهة العقول لا يكون إلا بصوت و لكن من ينكره وقع في المحذور فقام بتشبيه الله بمخلوقاته فحاول الفرار من هذا إلى التنزيه بظنه و الذي هو في حقيقته تعطيل محض.
تبقى الرد على أخر جزء من كلامك الذي سأكمله غداً إن شاء الله
المفضلات