الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين أما بعد ،،
دائما ومعروف عندكم ان القرآن اذهل العرب بفصاحتة وكلامة هذا هو كلامكم
"ولكن ماهى الآدلة التى علمتم ان القرآن اذهل العرب ؟
فمن اين جاءوا بفكرة ان القران اذهل العرب ايام محمد !؟
عندنا يا ضيفنا المحترم دليلان عل هذا الكلام :
1- دليل منطوق .
2- دليل محسوس .
أما الدليل المنطوق وهو ما جاء على لسان المشركين العرب مثل ما رواه الحاكم بسنده (2/550) وعنه البيهقي في الدلائل (2/75) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال :
" أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : ياعم إن قومك يرون أن يجمعوا لك مالا قال : لم ؟ قال : ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك منكر له أو إنك كاره له قال : و ماذا أقول فو الله ما فيكم من رجل أعلم بالأشعار مني و لا أعلم برجز و لا بقصيدة مني و لا بأشعار الجن و الله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا و و الله إن لقوله الذي يقول حلاوة و أن عليه لطلاوة و أنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله و أنه ليعلو و ما يعلى و أنه ليحطم فاتحته قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال : فدعني حتى أفكر فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت : { ذرني و من خلقت وحيدا } "
قال الحاكم صحيح الإسناد على شرط البخاري ووافقه الذهبي وصححه الألباني في صحيح السيرة .
وما رواه البخاري (15/95) وغيره من حديث جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ – وكان إذ ذاك كافراً - :
" سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الْآيَةَ { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمْ الْمُسَيْطِرُونَ } قَالَ : كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ "
فهذه أمثلة بسيطة على صدق هذا الكلام بشهادة أهل الكفر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لم يمنعهم عن الإيمان به والتصديق به إلا عنادهم وجحدهم للحق الأبلج .
وهذه أدلة منطوقة نعرف صدقها وصحة نسبتها إإلى هذا الزمان عن طريق القواعد العلمية التي تتفرد بها الأمة الإسلامية والتي نعرف بها صحة الأخبار من كذبها .
فإن كان لا يعجبك هذا الدليل فهناك أدلة محسوسة من زمان النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأن تشهد على عظمة هذا القرآن وإعجازه بشاهدة المسلمين والكافرين بدليل أن العرب كلهم والعجم بعد ذلك ومشارق الأرض ومغاربها رقوا وشهدوا لهذا القرآن العظيم وآمنت به وحفظوه عن ظهر قلب وكان لهم شفاء .
ولا شك أن من قرأ القرآن وهو يطلب الحق لعرف بنفسه إعجاز هذا الكتاب وروعة منطقه وحلاوة تنسيقه وترتيبه من أوله لآخره إعجاز لغوي وإعجازي علمي وإعجاز عددي وكان دستورا حكم دولة الإسلام التي وصل مداها من أقصى الغرب في الأندلس إلى أقصى الشرق في الصين يُحكم بهذا الكتاب المعجز فيه شريعتهم ومنهاج حياتهم وفي قصص الأولين وعبرة للمعتبرين وموعظة للمتقين وبشرى للمسلمين ووعد ووعيد وهو شفاء لصدور المؤمنين به .
فلا يمكن أن يكون كتاب كامل مليئ بهذه الفوائد وهذه الآيات البينات والتشريعات ولا يكون مذهلاً ومبهراً في لغته وبلاغته ومنطقه ونسقه وترتيبه وبهذه الدقة .
فهذا في حد ذاته إعجاز محسوس لا يخفى على منصف .
قال البوصيري في أبيات فقال :
وأتاهمْ بكتابٍ أُحكمتْ
منه آياتٌ لقَوْمٍ يَعْقِلُونا
سَمِعَتْهُ الإِنْسُ وَالجِنُّ فما
أنْكَروا مِنْ فَضْلِهِ الحقِّ المُبِينا
عَجَزُوا عَنْ سُورَة ٍ مِنْ مِثْلِهِ
فَهُمُ الْيَوْمَ له مُسْتَسْلمُونا
قال للكفَّارِ إذ أفحمهم
بالتَّحَدِّي مالكم لاتنطقونا
قصَّ مايأتي عليهم مثلما
قَصَّ أَخْبارَ القُرونِ الأَوَّلينا
وأتت أخبارهُ في حكمٍ
فتأملها ثماراً وفنونا
قسمَ الرَّحمة َ في قرائهِ
وعذابَ الخزي في المستقسمينا
ما لَهْ مِثْلٌ وَفي أَمْثالِهِ
أبداً موعظة ٌ للمتقينا
رحمَ اللهُ به الخلقَ وكمْ
أهلكَ اللهُ بآياتٍ قرونا
وقال ابن مشرف الأندلسي :
فمعجزات المصطفى لا تحصى
عدا ولا توعى ولا تستقصى
منها كلام الله نعم المعجز
بحر محيط بالعلوم موجز
ما مثله في الحسن والصياغة
قد عجزت عن مثله البلاغة
وقد تحدى الله سائر البشر
والجن من ذاك بأقصر السور
فأحجموا عن ذلك الميدان
ولم يكن لهم به يدان
المفضلات