2_ * تــابع باب الــتوبــة *



21_ وعن عبد الله بن كعب بن مالك ،

وكان قائد كعب رضي الله عنه من بينه حين عمي قال :

سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يحدث بحديثه

حين تخلف عن رسول الله


صلى الله عليه وسلم


في غزوة تبوك .

قال كعب :



لم أتخلف عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ،

في غزوة قط إلا في غزوة تبوك ،

غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ،

ولم يعاتب أحد تخلف عنه ، إنما خرج رسول الله

صلى الله عليه وسلم

والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله تعالى بينهم

وبين عدوهم على ميعاد :

ولقد شهدت مع رسول الله ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام ،

وما أحب أن لي بها مشهد بدر ،

وإن كانت بدر أذكر في الناس منها .

وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله

صلى الله عليه وسلم ،

في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني

حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ،

والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة ،

ولم يكن رسول الله

صلى الله عليه وسلم

يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة ،

فغزاها رسول الله

صلى الله عليه وسلم

في حر شديد ، واستقبل سفرا بعيدا ومفازا ،

واستقبل عددا كثيرا ، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا

أهبة غزوهم فأخبرهم الذي يريد ،

والمسلمون مع رسول الله كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ

" يريد بذلك الديوان "


قال كعب :

فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى به

ما لم ينزل فيه وحي من الله ،

وغزا رسول الله

صلى الله عليه وسلم

تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصعر .

فتجهر رسول الله

صلى الله عليه وسلم

والمسلمون معه ، وطفقت أغدو لكي أتجهز معه ،

فأرجع ولم أقض شيئا ،

وأقول في نفسي :

أنا قادر على ذلك إذا أردت ،

فلم يزل يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد ،

فأصبح رسول الله

صلى الله عليه وسلم

غاديا والمسلمون معه ، ولم أقض من جهازي شيئا ،

ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا ،

فلم يزل يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو .

فهممت أن أرتحل فأدركهم ، فيا ليتني فعلت ،

ثم لم يقدر ذلك لي ،

فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله

صلى الله عليه وسلم

يحزنني أني لا أرى لي أسوة ،

إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق ،

أو رجلا ممن عذر الله تعالى من الضعفاء ،

ولم يذكرني رسول الله

صلى الله عليه وسلم


حتى بلغ تبوك ، فقال وهو جالس في القوم بتبوك :


ما فعل كعب بن مالك ؟


فقال رجل من بني سلمة :

يا رسول الله حبسه برداه ، والنظر في عطفيه .

فقال له معاذ بن جبل رضي الله عنه :

بئس ما قلت !

والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا ،

فسكت رسول الله


صلى الله عليه وسلم

فبينا هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب ،

فقال رسول الله


صلى الله عليه وسلم :

كن أبا خيثمة ،

فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري وهو الذي تصدق

بصاع التمر حين لمزه المنافقون ،


قال كعب :

فلما بلغني أن رسول الله

صلى الله عليه وسلم

قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي ،

فطفقت أتذكر الكذب وأقول :

بم أخرج من سخطه غدا وأستعين على ذلك بكل ذي رأي من أهلي ،

فلما قيل :

إن رسول الله

صلى الله عليه وسلم

قد أطل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت

أني لم أنج منه بشيء أبدا ،

فأجمعت صدقه ، وأصبح رسول الله

صلى الله عليه وسلم

قادما ،

وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد

فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس ،

فلما فعل ذلك جاءه المخلفون يعتذرون إليه ويحلفون له ،

وكانوا بضعا وثمانين رجلا فقبل منهم علانيتهم وبايعهم

واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت ،

فلما سلمت

تبسم تبسم المغضب


ثم قال :

تعال ،

فجئت أمشي حتى جلست بين يديه ،

فقال لي :


ما خلفك ؟

ألم تكن قد ابتعت ظهرك !


قال :

قلت :

يا رسول الله إني والله لو جلست عند غيرك

من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ؛

لقد أعطيت جدلا ،

ولكنني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب

ترضى به عني ليوشكن الله يسخطك علي ،

وإن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه

إني لأرجو فيه عقبى الله عز وجل ،

والله ما كان لي من عذر ،

والله ما كنت قط أقوى ، ولا أيسر مني حين تخلفت عنك .

قال :

فقال رسول الله


صلى الله عليه وسلم :


)) أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك ((

وسار رجال من بني سلمة فاتبعوني ،

فقالوا لي :

والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا ،

لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم

لك .

قال :

فو الله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم

فأكذب نفسي ،

ثم قلت لهم :

هل لقي هذا معي من أحد ؟

قالوا :

نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت :

وقيل لهما مثل ما قيل لك ،

قال :

قلت :

من هما ؟

قالوا :


مرارة بن الربيع العمري ،

و

هلال بن أمية الواقفي ،


قال :

فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة .

قال :

فمضيت حين ذكروهما لي .

ونهى رسول الله

صلى الله عليه وسلم

عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه ،

قال :

فاجتنبنا الناس _

أو قال :

تعيروا لنا _ حتى تنكرت لي في نفسي الأرض ،

فما هي بالأرض التي أعرف ،

فلبثنا على ذلك خمسين ليلة .

فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان ،

وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم ،

فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين ،

وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد ،

وآتي رسول الله

صلى الله عليه وسلم

فأسلم عليه ، وهو في مجلسه بعد الصلاة ،

فأقول في نفسي :

هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ؟

ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر ،

فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي ،

وإذا التفت نحوه أعرض عني ،

حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت

جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي ،

فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام ،

فقلت له :

يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمني أحب الله ورسوله

صلى الله عليه وسلم ؟

فسكت ، فعدت فناشدته فسكت ،

فعدت فناشدته

فقال :

الله ورسوله أعلم .

ففاضت عيناي ،

وتوليت حتى تسورت الجدار ،

فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام

ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة

يقول :


من يدل على كعب بن مالك ؟

فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني

فدفع إلي كتابا من ملك غسان ،

وكنت كاتبا .

فقرأته فإذا فيه :

أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ،

ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة ،

فالحق بنا نواسك ،

فقلت حين قرأتها :


وهذه أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرتها ،





للحديت بقية