(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) لماذا أمرت بذلك أيها النبي ؟ هذا تفسير الرازي والرازي كما تعرفون فيلسوف الأمة، فهذا كلام الرازي أنت لماذا أمرت بذلك؟ قال (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) الإسلام النهائي هو هذا الإخلاص الاستسلام (لو قطعتني إرباً إرباً ما شكوت منك) كلما زاد الله ببلائك ازددت قرباً منه وازددت رضىً عليه والنبي قال كذا عملوا بي و كذا وفي النهاية قال (إن لم يكن بك علي غضباً فلا أبالي) حب، عشق. هذا العشق هو الإسلام النهائي الذي إذا وصلته فأنت مع (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴿69﴾ النساء)
ولكن هذا لا يكون بالكلام، هذا بتربية دقيقة ومجاهدة النفس على عدم حب الشهرة وعدم حب المال وهيهات هيهات ...بهؤلاء ينصر الناس وبهؤلاء يدفع الله البلاء عن الناس وبهؤلاء تتم النعم وبهؤلاء يتم العدل في الأرض لكنهم قلة حينئذٍ

فكلمة أسلم في البداية هي مجرد أن تقول لا إله إلا الله أما في النهايةفهي استسلام وتسليم كامل واقرأ سيرة الصالحين من الأنبياء،فأنت عندما تقرأ قصة سيدنا أيوب عليه السلام العذاب يجري عليه بشكل خيالي ولفترة طويلة وهو سعيد بهذا والناس نبذوه في الصحراء ولا أحد يتقرب منه وزوجته رحمة رضي الله تعالى عنهما تخدمه ليس معه أحد غيرها وفي مرة من المرات قالت له: يا أيوب أما آن ربك أن يشفيك؟ قال: أتعرضين على حبيبي والله لأن شفاني الله لأضربنك مائة سوط وفعلاً شفاه الله وقال له (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴿44﴾ ص) كم واحد يقول له الله نعم العبد!!!

إذاً الفرق بين (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) وهي البداية (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) ماذا يعني أول المسلمين؟ فهمنا الآن أول المسلمين هو أول الأوائل .

فالنبي صلى الله عليه وسلم فعلاً أول المسلمين ما من مسلمٍ راضٍ عن ربه بهذا الذي وصل إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم ولهذا كان خاتم الأنبياء ولذلك قال (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ﴿48﴾ الطور) (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿4﴾ القلم).

إذاً (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لأنه عام
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) بداية التجحفل
(وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) على هذا الذي ذكرناه.

من هنا إذن هذه الحروف وهذه الاختلافات في هذه الآية ليست زيادات وليست متساوية وإنما هي في الحقيقة إضافة معاني جديدة وهذا القرآن الكريم يرسم بالحروف من أجل هذا كان الحرف جملة (اتلوا القرآن فإن لكم بتلاوته كل حرفٍ عشر درجات لا أقول آلم حرف لكن أقول ألفُ حرف ولامُ حرف وميمٌ حرف) هكذا هو الأمر. من أجل هذا وصلنا إلى أن كلمة (أنا من المؤمنين) (أنا من المسلمين) (أول المسلمين) (لأن أكون من المسلمين) هذه ليست زيادات وليست بلا معنى .