الفعل ضر بالراء المشددة في كتاب الله عز وجل هذا الفعل إمبراطورية منظومة كاملة وفيه من التصريفات ما يجعل هذا الفعل أساسياً في كتاب الله عز وجل عندنا ضر يضر المصدر ضر يضر ضرراً
ضراً بفتح الضاد (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (49) يونس)
عندنا ضرراً (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ (95) النساء)
عندنا ضر بضم الضاد (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) الأنبياء)
وعندنا ضرار (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا (107) التوبة) (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا (231) البقرة)
عندنا مضار (دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء) الخ.

هذا الفعل ضرّ تصريفاته ضرراً وضَرا وضُرا وضِرار تعجب كيف أن هذا الفعل من الحيوية بحيث يتناغم مع كل عبارة. مرة رب العالمين يقول على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لما تخلف في تبوك (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة) وفي هود يقول (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) هود)

لماذا هناك يقول تضروه وهنا تضرونه؟

أيضا (اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا)
(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا)
(غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ).
(لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا) ضراً بفتح الضاد
(وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) يونس) الضُر بضم الضاد وهكذا وكل حركة تأتي على هذا الفعل تغير المعنى تماماً بحيث ينبني عليه مشهدٌ جديد.

قبل كل شيءما هو الفرق بين الضرر والأذى؟

الضرر مادي مثلا شخص ضربك وأصبحت تنزف دماً فقأ عينك أخذ فلوسك أي قام بعمل مادي آذاك وآلمك كثيراً سواء كان بمالك أو بنفسك أو ما شاكل ذلك هذا ضرر لأنه مادي.
الاعتداء المعنوي الذي يجعلك تتألم نفسياً من حزن أو ما يسمى آذى(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى (111)آل عمران) أذى يعني يشتموكم ويسبوكم في الإعلان وغير الإعلان وتتألمون هذا آذى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى (222) البقرة) المرأة لما يأتيها المحيض يتغير مزاجها وتصبح كئيبة ومتنرفزة هذا أذى.

فرب العالمين يقول على إيذاء هذه الأمة يقول (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى) يشتمونكم ويشنعون عليكم وأنتم تتألمون هذا الألم ليس بضرر لماذا؟ لأنه معنوي نفسي هذا يسمى أذى ولو كان مادياً احتلال قتل استيلاء سرقة استحواذ هذا يسمى حينئذٍ ضرر.

نأتي عليها واحدة واحدة ونرى كيف رب العالمين عملها ونبدأ بهذه الآيتين على لسان سيدنا هود وعلى لسان سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم. فسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لما تخلفت مجموعة كبيرة من المنافقين : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة) هنا قال يستبدل وقال لا تضروه بدون نون بينما هود قال (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا)يستخلف ولم يقل يستبدل وقال تضرونه بالنون،

آيتين بنفس المعنى بنفس النهي بنفس السياق واحدة لا تضروه وواحدة لا تضرونه فلا يوجد متشابه في القرآن الكريم لابد أن يكون هناك حكمة عظيمة. عندما يكون هناك مثلا 100 من المنافقين كل واحد قام بعمل إجرامي يختلف عن الآخر نقول أنتم لا تضرونه شيئاً كل هذه الأعمال من كل واحد منكم شكل أنتم لا تضرونه شيئاً لأن كل عمل شكل فكل واحد قام بعمل ...شخص كفر أخر ترك الصلاةغيره شن على المؤمنينغيره سرق أمواله فكل واحد قام بعمل فيقول لهم (وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا) كل هذه الأعمال معناها أن أعمالهم مختلفة في الشر. لكن عندما جماعة من المنافقين كلهم قاموا بعمل واحد قال (وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا) هؤلاء منافقين كل عملهم أنهم تخلفوا عن تبوك النبي صلى الله عليه وسلم قال لنذهب وهم قعدوا وتخلفوا وتثاقلوا تشاغلوا لأن الكلمة (اثَّاقَلْتُمْ) مصطنعة فالتثاقل لم يكن طبيعياً كان مصطنعاً (اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
هنا رب العالمين يقول لهؤلاء الناس جماعة محمد صلى الله عليه وسلم (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ) أنتم لن يفنيكم ولكنه سيجعل هذا المجد والنصر بآخرين بدل أن تكونوا أنتم أهل النصر سيأتي أناس غيركم وينتصرون ، في هود (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ) أي سيهلككم وفعلاً أهلكهم وتعرفون كيف أهلك قوم هود (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا) لأن كل واحد عمل معصية خاصة به بينما هؤلاء الذين مع النبي كلهم عملوا معصية واحدة وهي التخلف وأنتم تعرفون أن التخلف عن الزحف من الكبائر. من أجل ذلك الفرق بين لا تضروه ولا تضرونه هائل معنى هذا أن هؤلاء ارتكبوا جريمة واحدة جريمة خيانية اشتركوا فيها وتمالؤا عليها هذا تضروه بينما جماعة هود كل واحد ارتكب معصية مختلفة فالمعاصي متعددة قال لا تضرونه.
إذاً هذا الفرق بينهما والمسألة صغيرة وأردنا أن ننهيها قبل أن نبدأ في عمق هذا الفعل العجيب.