جـــانـــب مـــضـــيء :

مصائب قوم عند قوم مغانم , فقد أثبت سؤ حظ الإمبراطورية أنه يحمل اليمن و البركة للبابا المخزي .
لقد وصلت أنباء تعلن عن هزيمة الجحافل الرومانية في أدريانابول على أيدي الغزاة القوط و مقتل الإمبراطور الكبير فالنس ( أغسطس / آب 378 ) . و عندما تولى خليفته غراتيان الحكم كان منشغلا جدا بتطورات الأحداث فأراد ان يحرر نفسه من عبء الإنشغال بإيطاليا , فكان من ضمن الإجراءات التي إتخذها إعفاء أسقف روما ( البابا ) من الخضوع للقانون الدنيوي .

ما أن زالت تهمة القتل عن دامسوس , حتى تولى عملية تجميل صورته المشوهة جدا ككاهن للمسيح,فتفتقت أفكاره اولا على فكرة " الخلافة الرسولية " . و أعلن ان البابا هو الخليفة المباشر للقديس بطرس شخصيا !

رغم انه لا أحد كان قد لاحظ ذلك من قبل فإن بطرس على ما يبدو كان هو مؤسس أسقفية روما !.
دامسوس و هو متسلح بنظرية الرفع الذاتي هذه حفر " قبور الشهداء " في سراديب الموتى بروما ليبرهن الفكرة ( و أجبر أنصاره العتيدين على دفع تكاليف إصلاحها و تزيينها ! ) . كما نال إدعائه الخلافة إعترافا أمبراطوريا : يعترف بأسقفية روما على نحو مساو لأسقفية القسطنطينية في تعريف الإيمان .

ما ان صارت سلطة دامسوس تقف على أرضية متينة حتى بدأ في الضرب على وتيرة التزلف للجمهور الرومي : بنزع ملكية مهرجان منتصف الشتاء الشمسي القديم .
كان دامسوس قد وجد نفسه على رأس إيمان جوهره البعث و الإنتصار على الموت , من جانب يسوع الرجل , و هذا تم تحديده بعيد الفصح . غير أن أعظم الإحتفالات في أرجاء الإمبراطورية قاطبة و في مدينة روما على وجه الخصوص كان " عيد ميلاد الشمس التى لا تقهر " 'Natalis Solis Invicti أو Saturnalia, و كانت تستمر عدة ايام و تتوج بوليمة "بروماليا " 'Brumalia' في 25ديسمبر / كانون الأول.

إن الشعبية الهائلة لهذا المهرجان الوثني ــ كان في الواقع اكبر إحتفال على طول السنة ــ من الواضح انها سببت في الكثير من الآلام للكنيسة . فالمسيحيون الأولون كانوا يفتقرون لمدة قرن على الأقل حتى إلى قصة الميلاد الإلهي لبطلهم , ناهيك عن ان الإحتفال بمولده في وقت متأخر مثل سنة 245 كان سببا لإحتجاج اللاهوتي اوريجانوس على فكرة الإحتفال بعيد ميلاد المسيح كما لو كان مجرد ملك ارضي.

إن فكرة دامسوس الماكرة هي أن يطغى العيد المسيحي على العيد الوثني . و حيث ان المسيحيين الأوائل لم تكن لديهم أي فكرة على الإطلاق عن يوم أو شهر أو حتى سنة ميلاد يسوع المزعوم , فكان من السهل نسبيا إحلال عيد ميلاد الشمس الإله بآخر ــ و في الوقت نفسه بالضبط إستخدام كمية كبيرة من الطقوس و المظاهر الوثنية !

و هكذا صار 25 ديسمبر / كانون الأول عيد ميلاد المسيح , بفضل اسقف روما ( البابا ) دامسوس الأول الشهير بحبه للإحتفالات .

يتبع