الـحـــرب بــيــن الــعــصــابــات:

خلال فترة خدمة زيفيرينيوس الطويلة في منصبه البابوي استفحل الخصام بين الفرق و صار مرضا مستوطنا .
أنشأت فرقة من الكهنة العـرّافين يقودهم مونتانيوس مجموعة قويّـة من الأتباع , تضم بين اعضائها أفرادا من حاشية البابا نفسه . فيما قامت فرقة ثالثة يقودها سابيلوس برفض الشعارات ( Logos) و التشديد على أسلوب ( Modes) إله موحّد .
هاجم هيبوليتوس الجميع ـــ حتى زيفيرينيوس نفسه لعدم قيامه بأي شيء حيال ذلك . فيما قام رجل كنيسة من المعاصرين في مدينة قرطاج , يضارع هيبوليتوس في التقشف و الزهد يدعى تيرتوليان بحشد الدّعم له, و وجـّه اللوم للبّابا في روما .

إن ما أغضب هيبوليتوس في الحقيقة هو أن البابا الجديد إعتمد إعتمادا كبيرا على رئيس الشمامسة كاليستوس في كل كبيرة و صغيرة و جعله القائم بأعماله و المنفذ لرغباته, و هو روماني خشن و عنيف و متصلب وصل إلى المنصب الراقي من أصعب المسالك . و لقد زاد بصورة ضخمة من شعور الإحتقار و الإزدراء عند هيبوليتوس عندما تلى كاليستوس البابا زافيرينيوس في المنصب الممتاز و حلّ محله . فتشاحن الإيديولوجي هيبوليتوس مع العصابة مصـّرا على المطالبة على نحو عدائي بالمنصب البابوي , فقاد الرجلان ( أي , كاليستوس و هيبوليتوس )عصابتين مسيحيتين متنافستين .

رغم أن هيبوليتوس كان الخاسر في النهاية , إلا أنه يعتبر , من الناحية التاريخية , أول معارض و مضاد للبابا
و لقد سجل في بهجة واضحة للأجيال القادمة بعض الحقائق غير المرغوب فيها عن منافسه .

يتضح أن كاليستوس كان في شبابه عبدا محل الثقة لمولاه المسيحي , و هو بدوره عبد معتق , يعمل في البلاط الإمبراطوري و يدعى كاربوفوروس .
إئتمن كاربوفوروس , في الواقع , كاليستوس على كمية كبيرة من الأموال المودعة من قبل الأتباع المسيحيين و المرصودة لتقديم العون للأرامل و اليتامى . " فاختفت " الأموال و هرب كاليستوس , لكن تم القبض عليه و هو على ظهر مركب في ميناء بورتوس . و عوقب بالأشغال الشاقة في طاحونة حبوب يدوية .

بعد إطلاق سراحه بفترة قصيرة , قبض على كاليستوس مجددا , و هذه المرة بعد شجاره في كنيسة يهودية حين كان يحاول إبتزاز اموال من مجموعة يهود رومانيين . فتمت جرجرته إلى مقر حاكم المدينة فوسيانوس, و هناك أدانه كاربوفوروس أيضا فتم الحكم عليه بالترحيل إلى مستعمرة معتقل , و هي مناجم الفضة في جزيرة سردينيا .

لكن كاليستوس في ذاك الوقت كان قد نمـّى علاقات صداقة مع إناس في مناصب عالية . و يبدوأنه كان " مستشارا " للبابا فيكتور و صديقا لفتاة تدعى مارسيا ــ التي صادف و انها كانت عشيقة الإمبراطور كومودوس . كانت مارسيا قد " ربـّيت " عند القسيس هياسينثوس قبل ان تنتقل إلى حضن كومودوس .

كومودوس الفاسق , على عكس والده الإمبراطور ماركوس أوريليوس المثقف , كان له إنطباع جيـّد عن المسيحيين و شـغـّل كثيرا منهم في البلاط الإمبراطوري ( لكن ذلك لم يؤدي إلى أي شيء نافع له ــ فمرسيا " المسيحية " كانت طرفا في المؤامرة التي انتهت بقتله خنقا سنة 193 )

هـــامــــش :
ــــــــــــــــــــــ


كاليستوس الأول ــ إيطالي قاس قام بإدارة عملية مدينة Antium لصالح زعيم مدينة روما فيكتور ( 189 ـ 198 ) .
ثم خلال حكم خليفة فيكتور , الأمي و الضعيف العقل زيفيرينيوس ( 198ـ 217 ) كان كاليستوس القوة الحقيقية خلف العرش . ثم اصبح زعيم الزعماء حين مات زيفيرينيوس .
( ملحوظة : الصورة لزعيم زعماء المافيا الشهير آل كابوني ــ يوسفوس)