أولاً :

هذه الآية منسوخة لفظاً

يقول النووى فى المنهاج :-

قوله: (فكان مما أنزل الله عليه آية الرجم قرأناها ووعيناها وعقلناها) أراد بآية الرجم: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه . وقد وقع نسخ حكم دون اللفظ، وقد وقع نسخهما جميعاً، فما نسخ لفظه ليس له حكم القرآن في تحريمه على الجنب ونحو ذلك، وفي ترك الصحابة كتابة هذه الاَية دلالة ظاهرة أن المنسوخ لا يكتب في المصحف، وفي إعلان عمر بالرجم وهو على المنبر وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار دليل على ثبوت الرجم.

ثانياً :

هل قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه هذا الكلام فى أكثر من موضع أم قاله فى موضع واحد ؟ ( وهذا ينسف الشبهة من جذورها )

من المُلاحظ أن الراوى فى كلاهما ( البخارى و سنن أبو داود ) هو نفسه عبدالله بن العباس ، والموقف واحد هو خطبة لعمر بن الخطاب رضى الله عنه

والإختلاف هو أن أبو داود أورد جزء من الخطبة ليوافق الغرض المُخصص منه إذ أنه كتب هذا الجزء فى كتاب أول الحدود - باب فى الرجم ، لذا أورد من الخطبة الجزء المطلوب وهو الرجم .

لذا يتوجب وضع خطبة عمر بن الخطاب كاملةً من صحيح البخارى لنفهم المقصود من كلام عمر و ألا نبتر النص كما فعل النصرانى المُدلِس ليسير كلامه وفق هواه .

الخطبة كاملة كما وردت فى البخارى :-

يقول عبدالله بن العباس :

كنت أقرئ رجالا من المهاجرين ، منهم عبد الرحمن بن عوف ، فبينما أنا في منزله بمنى ، وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها ، إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال : لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم ، فقال : يا أمير المؤمنين ، هل لك في فلان ؟ يقول : لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا ، فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت ، فغضب عمر ، ثم قال : إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس ، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم . قال عبد الرحمن : فقلت : يا أمير المؤمنين لا تفعل ، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير ، وأن لا يعوها ، وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم المدينة ، فإنها دار الهجرة والسنة ، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس ، فتقول ما قلت متمكنا ، فيعي أهل العلم مقالتك ، ويضعونها على مواضعها . فقال عمر : والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أو ل مقام أقومه بالمدينة . قال ابن عباس : فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة ، فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس ، حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل جالسا إلى ركن المنبر ، فجلست حوله تمس ركبتي ركبته ، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب ، فلما رأيته مقبلا ، قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف ، فأنكر علي وقال : ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله ، فجلس عمر على المنبر ، فلما سكت المؤذنون قام ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها ، لا أدري لعلها بين يدي أجلي ، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي : إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء ، إذا قامت البينة ، أو كان الحبل أو الاعتراف ، ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : أن لا ترغبوا عن آبائكم ، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ، أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم . ألا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم ، وقولوا : عبد الله ورسوله ) . ثم إنه بلغني قائل منكم يقول : والله لو قد مات عمر بايعت فلانا ، فلا يغترن امرؤ أن يقول : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها ، وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر ، من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه ، تغرة أن يقتلا ، وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا ، واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة ، وخالف عنا علي والزبير ومن معهما ، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر ، فقلت لأبي بكر : يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فانطلقنا نريدهم ، فلما دنونا منهم ، لقينا منهم رجلان صالحان ، فذكرا ما تمالأ عليه القوم ، فقالا : أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ فقلنا : نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار ، فقالا : لا عليكم أن لا تقربوهم ، اقضوا أمركم ، فقلت : والله لنأتينهم ، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة ، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم ، فقلت : من هذا ؟ فقالوا : هذا سعد بن عبادة ، فقلت : ما له ؟ قالوا : يوعك ، فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ، وأنتم معشر المهاجرين رهط ، وقد دفت دافة من قومكم ، فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ، وأن يحضنونا من الأمر . فلما سكت أردت أن أتكلم ، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقدمها بين يدي أبي بكر ، وكنت أداري منه بعض الحد ، فلما أردت أن أتكلم ، قال أبو بكر : على رسلك ، فكرهت أن أغضبه ، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر ، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري ، إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت ، فقال : ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا ، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين ، فبايعوا أيهما شئتم ، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح ، وهو جالس بيننا ، فلم أكره مما قال غيرها ، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي ، لا يقربني ذلك من إثم ، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ، اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن . فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكك ، وعذيقها المرجب ، منا أمير ، ومنكم أمير ، يا معشر قريش . فكثر اللغط ، وارتفعت الأصوات ، حتى فرقت من الاختلاف ، فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر ، فبسط يده فبايعته ، وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة ، فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة ، فقلت : قتل الله سعد بن عبادة ، قال عمر : وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر ، خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة : أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا ، فإما بايعناهم على ما لا نرضى ، وإما نخالفهم فيكون فساد ، فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين ، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه ، تغرة أن يقتلا .

الراوى عبدالله بن العباس
صحيح البخاري


هذه الخطبة الطويلة وحدها تنسف إدعاء من إدعى بقول عمر رضى الله عنه أن هذه الآية من القرآن ، لماذا ؟

أراد عمر رضى الله عنه فى هذه الخطبة التشبيه بين الموقفين . الرجم ليس فى القرآن بل من السنة و كذلك التشاور على إختيار الحاكم ليس من القرآن بل من السنة

ابن حجر العسقلانى :-

ومناسبة إيراد عمر قصة الرجم والزجر عن الرغبة عن الآباء للقصة التي خطب بسببها وهي قول القائل : " لو مات عمر لبايعت فلانا " أنه أشار بقصة الرجم إلى زجر من يقول لا أعمل في الأحكام الشرعية إلا بما وجدته في القرآن وليس في القرآن تصريح باشتراط التشاور إذا مات الخليفة , بل إنما يؤخذ ذلك من جهة السنة
كما أن الرجم ليس فيما يتلى من القرآن وهو مأخوذ من طريق السنة
, وأما الزجر عن الرغبة عن الآباء فكأنه أشار إلى أن الخليفة يتنزل للرعية منزلة الأب فلا يجوز لهم أن يرغبوا إلى غيره بل يجب عليهم طاعته بشرطها كما تجب طاعة الأب , هذا الذي ظهر لي من المناسبة والعلم عند الله تعالى .

إذاً ما معنى ما أورده أبو داود فى سننه

أن عمر – يعني ابن الخطاب – رضي الله عنه خطب فقال : إن الله بعث محمدا بالحق ، وأنزل عليه الكتاب ، فكان فيما أنزل عليه : آية الرجم ، فقرأناها ووعيناها ، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده ، وإني خشيت إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل : ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله تعالى ؛ فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا ، إذا قامت البينة ، أو كان حمل ، أو اعتراف ، وايم الله ! لولا أن يقول الناس : زاد عمر في كتاب الله عز وجل ، لكتبتها
الراوي: عبدالله بن عباس
المحدث: أبو داود
المصدر: سنن أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4418
كما قلت قبلاً هى خطبة واحدة لعمر بن الخطاب رضى الله عنه وكى يُفهم مراد عمر رضى الله عنه لابد من إيراد الخطبة كاملة كما ظهر لنا فى السابق

أما بالنسبة لأبى داود فقد أورد جزء من الخطبة ليوافق الغرض المُخصص منه إذ أنه كتب هذا الجزء فى كتاب أول الحدود - باب فى الرجم ، لذا أورد من الخطبة الجزء المطلوب وهو الرجم .

و إليكم الأحاديث من أكثر من مصدر ليتبن لكم أنها ماهى إلا خطبة واحدة لعمر رضى الله عنه بتر منها النصرانى ما شاء وفهم منها ما دله عليه غباءه من أجل التدليس وفقط

حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى. قالا: حدثنا ابن وهب يونس عن ابن شهاب. قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة؛ أنه سمع عبدالله بن عباس يقول قال عمر بن الخطاب، وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق. وأنزل عليه الكتاب. فكان مما أنزل عليه آية الرجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده. فأخشى ، إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله. وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن، من الرجال والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل أو الاعتراف.

صحيح مسلم كتاب الحدود باب رجم الثيب في الزنى

حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأراد أن يخطب الناس خطبة فقال عبد الرحمن بن عوف : إنه قد اجتمع عندك رعاع الناس فأخر ذلك حتى تأتي المدينة فلما قدم المدينة دنوت منه قريبا من المنبر فسمعته يقول : وإن ناسا يقولون ما بال الرجم وإنما في كتاب الله الجلد وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده ولولا أن يقولوا أثبت في كتاب الله ما ليس فيه لأثبتها كما أنزلت
الراوي: عبدالرحمن بن عوف
المحدث: أحمد شاكر
المصدر: مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 1/175 ومثله فى 1/108
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح


وهذا الجزء من رواية عبدالرحمن بن عوف يتفق مع
البخارى فى :
قال عبد الرحمن : فقلت : يا أمير المؤمنين لا تفعل ، فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم ، فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس ، وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير ، وأن لا يعوها ، وأن لا يضعوها على مواضعها ، فأمهل حتى تقدم المدينة
إذاً هى خطبة واحدة لعمر بن الخطاب رضى الله عنه أورد كل فى كتابه ما يوافق الغرض المطلوب
ولكى تُفهم تورد كاملة لا مبتورة كما فعل النصرانى المُدلِس ، وقد فُهِمتْ من شرح ابن حجر العسقلانى كما تقدم .

× حديث آخر يُبين مقصد عمر رضى الله عنه من هذه النقطة و أن آية الرجم ليس من القرآن :- ( للأخ 3abd Arahman )
رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر ورجمت . ولولا أني أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف ، فإني قد خشيت أن يجيء أقوام فلا يجدونه في كتاب الله فيكفرون به
الراوي: عمر بن الخطاب
المحدث: الترمذي
- المصدر: سنن الترمذي
- الصفحة أو الرقم: 1431
خلاصة الدرجة: حسن صحيح


هكذا نُسِفت الشبهة من جذورها
و يُتبع مع قليل من التفصيل فى الجزئيات التى سألها السائل .