عندما تلجأ محجَّبات تركيا إلى سراييفو

الاحد 24 شوال 1431 الموافق 03 أكتوبر 2010

عندما تلجأ محجَّبات تركيا إلى سراييفو

سامر غيث

تعدُّ تركيا إحدى الدول التي يُمنع فيها على المحجبات دخول المؤسَّسات التابعة للدولة مثل المدارس والجامعات، فبالرغم من أن 65% من النساء في تركيا يرتدين الحجاب فإن الكثير من الفتيات يواصلن تعليمهم الجامعي في دول أخرى كالولايات المتحدة، وكندا، ودول أوروبيَّة أخرى، وقد قام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بافتتاح جامعة سراييفو الدوليَّة في البوسنة هذا العام، والتي كانت تعمل منذ 2004م، ليتيح بذلك الفرصة للفتيات المحجبات لإكمال دراستهن فيها، حيث تكاليف العيش والإقامة أقلّ كلفة من الدول الأخرى.

ويقدَّر عدد الطلاب الأتراك الملتحقين بجامعات سراييفو بنحو 2000 طالب وطالبة معظمهم من المحجَّبات، وهذا العدد في ارتفاع متواصل، ويسكن هؤلاء الطلاب بمنازل مستأجَرَة أو في سكن الطلاب المخصَّص لهم، وتعدُّ المنظومة العلمانية المتزمتة في تركيا متسلطة في العالم الإسلامي التي تحارب الحجاب لصالح جهات أجنبيَّة، وتقول شيدا فيندك (22 عامًا) وهي طالبة في كلية الهندسة الميكانيكيَّة في جامعة سراييفو الدولية "للإسلام اليوم" أؤمن بالقرآن الكريم وفيه فرض الحجاب عليّ، اضطررت للقدوم إلى هنا لمتابعة دراستي، وعندما أعود إلى تركيا سأبحث عن عمل في القطاع الخاص.

أما عائشة نور ألتينتاش (23 عامًا) والتي التحقت بكلية الحقوق في جامعة سراييفو فقد ذكرت أنها لبست الحجاب في سن مبكرة: ارتديت الحجاب عندما كنت في 13 من العمر، وتتابع: "قدري أن آتي إلى هنا وأنا سعيدة بذلك لأنني أحسستُ بالحرية عندما جئت إلى البوسنة، وكان ذلك مجرد حلم لي، وإذا مُنعَ الحجاب هنا فسأذهب إلى مكان آخر للدراسة" وتضيف: "لا أرى أي مستقبل لي في تركيا، لأن المحجبات يمنعن من العمل في المؤسَّسات الحكوميَّة كالمدارس والجامعات، وبعون الله سأبحث عن عمل في مكان آخر".

إسراء أزتما (22 عامًا) تدرس إدارة الأعمال، وكانت قد التحقت بجامعة سراييفو في عام 2007م، جاءت إلى البوسنة مضطرَّة من أجل الدراسة، وهي ترتدي الحجاب من مرحلة الدراسة الابتدائيَّة، قالت: "هذا ظلم.. شعور رهيب أن لا يكون مرغوبًا فيك بسبب الحجاب، لا يحقُّ لأحد التدخُّل في خصوصياتي، هذا اختياري" وتضيف قائلة: "أشعر بارتياح كبير هنا، فأهل البوسنة مسلمون ويشعرون بمعاناتنا" وعلى نفس المنوال قالت سيفدا نور توبراك (25 عامًا) التي اضطرت إلى خلع حجابها خلال دراستها الثانوية، حيث غادرت إسطنبول متجهة إلى سراييفو من أجل الدراسة: "الحال الآن أفضل بقليل، لكن حظر الحجاب ما زال موجودًا" وأردفت أن لديها أختين ستأتيان إلى سراييفو أيضًا إذا لم تُحلّ مسألة الحجاب.

ولا تشعر التركيات المقيمات في البوسنة بالغربة، حيث الأجواء التركية متوفرة بكثرة، فقد بدأت المطاعم التركية تفتح أبوابها بمدينة سراييفو وعدد من المدن البوسنية الأخرى، ولا سيَّما في الآونة الأخيرة، وكذلك محلات الألبسة الخاصَّة بالمحجبات، كما يمثلُ السياح الأتراك رافدًا آخر للحياة التركيَّة في البوسنة، إذ أن نحو 50% من السيَّاح هم من الأتراك، سواء القادمين منهم من تركيا مباشرة أو من الدول الأوروبيَّة الأخرى، ولا سيما ألمانيا، وهناك اتفاقياتٌ تجاريَّة بين البوسنة وتركيا واتفاقيات تسهيل الحصول على تأشيرات السفر والعمل للبوسنيين، ولا شك فإن الارتباط التاريخي والثقافي الوثيق بين الدولتين منذ عهد الدولة العثمانيَّة، يسهّل عملية التعامل اليومي بين الشعبين الشقيقين، ويلتحق العديد من أبناء الأُسَر المتديِّنة بالمدارس الثانوية الإسلاميَّة التي تخصّص ما يقارب النصف من مناهجها للمواد الدينيَّة والباقي للمواد الأخرى، وهناك العديد من الفتيات في تركيا لا تستطيع أسرهن تغطية تكاليف الدراسة في الخارج، وتتطلَّع إلى مستقبل أفضل لبناتها ليحققْنَ حلمهن بالدراسة.

الجدير بالذكر أن نسبة المسلمين في تركيا لا تقل عن 99% ومع ذلك يحظر الحجاب فيها رسميًّا منذ الانقلاب العسكري عام 1980م، وفي عام 1997م قام الرئيس التركي سليمان ديميرل بإصدار قرار يمنع دخول المحجَّبَات المؤسَّسات التعليمية أو الوزارات لمواجهة التيار الإسلامي الذي بدأ يقوى بقيادة نجم الدين أربكان الذي أجبر على الاستقالة بعدما تمكَّن من الوصول إلى رئاسة الحكومة، ولم يتوقف الأمرُ على ذلك فقد تعرَّضت مئات الموظَّفات للفصل بسبب الحجاب.

http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-46-140095.htm