التنشأة

جاء البشير يبشّر زوج النبىّ "أم سلمة" بأن مولاتها "خيرة" قد وضعت حملها وولدت غلاماً. فغمرت الفرحة فؤاد أمّ المؤمنين رضوان الله عليها, وفاض السرور على وجهها النبيل الوقور. وبادرت فأرسلت رسولا ليحمل إليها الوالدة ومولودها, لتقضى فترة النّفاس فى بيتها. فقد كانت "خيرة" عزيزة عند أمّ سلمة, حبيبة إلى قلبها... وكان بها لهفة وتشوّق لرؤية وليدها البكر...فقد كان الوليد الصغير قسيماً وسيماً, بهىّ الطلعة, تام الخلقة, يأسر فؤاد رائيه.

التفتت أمّ سلمة إلى مولاتها وقالت:
أسمّيت غلامك يا "خيرة"؟.
فقالت: كلا يا أمّاه...
لقد تركت ذلك لك, لتختارى له من الأسماء ما تشائين.
فقالت: نسمّيه - على بركة الله - الحسن.
ثمّ رفعت يدها ودعت له بصالح الدعاء.

لكن الفرحة بالحسن لم تقتصر على بيت أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضوان الله عليها, وإنما شاركها بيت آخر من بيوت المدينة. هو بيت الصحابى الجليل زيد بن ثابت كاتب وحى رسول الله – صلى الله عليه و سلم. ذلك أن "يسار" والد الصبى كان مولى له أيضا... وكان من أحبهم إليه.


نشأ الحسن بن يسار فى بيت من بيوت رسول الله - صلى الله عليه و سلم...رُبّى فى حجر زوجة من زوجات النّبى – صلى الله عليه و سلم – هى "هند بنت سهيل" المعروفة بأمّ سلمة... التى كانت من أوسع زوجات الرسول - صلى الله عليه و سلم – علماً, وأكثرهنّ رواية عنه...

لم تقف صلة الصبى المحظوظ بأمّ المؤمنين عند هذا الحد...
فكثيرا ما كانت أمه "خيرة" تغبب في حاجة, فيبكي الطفل الرضيع من جوعه, فتعطيه أمّ سلمة - رضي الله عنها - ثديها تعلله به إلى أن تجيء أمه, فكانت لشدة حبها إياه يدرّ ثديها لبناً فى فمه فيسكت عليه. وبذلك غدت أمُّ سلمة أمّاً للحسن من جهتين ؛ فهي أمُّه بوصفه أحد المؤمنين ، لأنها أمُّ المؤمنين ، وهي أمُّه من الرضاعة أيضاً.


تردَّد الحسنُ البصري على بيوت رسول الله ، وتخلَّق بأخلاق ربَّاتها جميعا ، و اهتدى بهديهم ، وقد كان كما يحدِّث عن نفسه يملأ هذه البيوت بحركته الدائبة ، و يُترعها بلعبه النشيط، حتى إنه كان ينال سقوف بيوت أمهات المؤمنين بيديه ، وهو يقفز فيها قفزا. ظل الحسن البصرى يتقلب فى هذه الأجواء العطرة, و يتتلمذ على أيدى كبار الصحابة فى مسجد رسول الله - صلى الله عليه و سلم... حيث روى عن عثمان بن غفان, وعلىّ بن أبى طالب, وأبى موسى الأشعرى, وأنس بن مالك, وغيرهم...
ولمّا بلغ الحسن أربعة عشر ربيعاً من عمره, انتقل مع أبويه إلى "البصرة" واستقرّ فيها مع أسرته. كانت "البصرة" يوم أمّها الحسن, قلعة من أكبر قلاع العلم فى دولة الإسلام... وقد لزم الحسن المسجد, وأخذ عن عبد الله بن عباس التفسير والحديث والقراءات. كما أخذ عنه وعن غيره الفقه, واللغة, والأدب, وغيرها وغيرها...
فأقبل الناس عليه ينهلون من علمه الغزير...
ولقد انتشر أمر الحسن البصرىّ فى البلاد وفشا ذكره بين العباد...
:p015::p015::p015: رااااائع جدا انت الان هو صاحب الموضوع وليس انا
حياك الله اخي