(( محمد ناصر الدين الألباني))
والمصدر .... برنامج منظومة التحقيقات الحديثية - المجاني - من إنتاج مركز نور الإسلام لأبحاث القرآن والسنة بالإسكندرية

1 - " الدين هو العقل ، و من لا دين له لا عقل له " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 53 ) :

باطل .

أخرجه النسائي في " الكنى " و عنه الدولابي في " الكنى و الأسماء " ( 2 / 104 )
عن أبي مالك بشر بن غالب بن بشر بن غالب عن الزهري عن مجمع بن جارية عن عمه
مرفوعا دون الجملة الأولى " الدين هو العقل " و قال النسائي : هذا حديث باطل
منكر .
قلت : و آفته بشر هذا فإنه مجهول كما قال الأزدي ، و أقره الذهبي في " ميزان
الاعتدال في نقد الرجال " و العسقلاني في " لسان الميزان " .
و قد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده ( ق 100 / 1 ـ 104 / 1 ـ زوائده ) عن
داود بن المحبر بضعا و ثلاثين حديثا في فضل العقل ، قال الحافظ ابن حجر : كلها
موضوعة ، و منها هذا الحديث كما ذكره السيوطي في " ذيل اللآليء المصنوعة في
الأحاديث الموضوعة " ( ص 4 - 10 ) و نقله عنه العلامة محمد طاهر الفتني الهندي
في " تذكرة الموضوعات " ( ص 29 - 30 ) .
و داود بن المحبر قال الذهبي : صاحب " العقل " و ليته لم يصنفه ، قال أحمد :
كان لا يدري ما الحديث ، و قال أبو حاتم : ذاهب الحديث غير ثقة ، و قال
الدارقطني : متروك ، و روى عبد الغنى بن سعيد عنه قال : كتاب " العقل " وضعه
ميسرة بن عبد ربه ثم سرقه منه داود بن المحبر فركبه بأسانيد غير أسانيد ميسرة ،
و سرقه عبد العزيز بن أبي رجاء ، ثم سرقه سليمان بن عيسى السجزي .
و مما يحسن التنبيه عليه أن كل ما ورد في فضل العقل من الأحاديث لا يصح منها
شيء ، و هي تدور بين الضعف و الوضع ، و قد تتبعت ما أورده منها أبو بكر بن
أبي الدنيا في كتابه " العقل و فضله " فوجدتها كما ذكرت لا يصح منها شيء ،
فالعجب من مصححه الشيخ محمد زاهد الكوثري كيف سكت عنها ؟ ! بل أشار في ترجمته
للمؤلف ( ص 4 ) إلى خلاف ما يقتضيه التحقيق العلمي عفا الله عنا و عنه .
و قد قال العلامة ابن القيم في " المنار " ( ص 25 ) : أحاديث العقل كلها كذب .
و انظر الحديث ( 370 و 5644 ) .
(1/78)



________________________________________

2 - " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر لم يزدد من الله إلا بعدا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 54 ) :

باطل .

و هو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده ، و لا من جهة متنه . أما
إسناده فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 106 / 2 مخطوطة الظاهرية
) و القضاعي في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) و ابن أبي حاتم كما في " تفسير ابن
كثير " ( 2 / 414 ) و " الكواكب الدراري " ( 83 / 2 / 1 ) من طريق ليث عن طاووس
عن ابن عباس .
و هذا إسناد ضعيف من أجل ليث هذا ـ و هو ابن أبي سليم ـ فإنه ضعيف ، قال الحافظ
ابن حجر في ترجمته من " تقريب التهذيب " : صدوق اختلط أخيرا و لم يتميز حديثه
فترك .
و به أعله الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 134 ) .
و قال شيخه الحافظ العراقي في " تخريج الإحياء " ( 1 / 143 ) : إسناده لين .
قلت : و قد أخرجه الحافظ ابن جرير في تفسيره ( 20 / 92 ) من طريق أخرى عن
ابن عباس موقوفا عليه من قوله ، و لعله الصواب و إن كان في سنده رجل لم يسم .
و رواه الإمام أحمد في كتاب " الزهد " ( ص 159 ) و الطبراني في " المعجم
الكبير " عن ابن مسعود موقوفا عليه بلفظ :
" من لم تأمره الصلاة بالمعروف و تنهاه عن المنكر لم يزدد بها إلا بعدا " .
و سنده صحيح كما قال الحافظ العراقي ، فرجع الحديث إلى أنه موقوف ، ثم رأيته في
معجم ابن الأعرابي قال ( 193 / 1 ) ، أنبأنا عبد الله ـ يعني ابن أيوب
المخرمي ـ أنبأنا يحيى بن أبي بكير عن إسرائيل عن إسماعيل عن الحسن قال :
لما نزلت هذه الآية *( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45
) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره .
و هذا مرسل ، و إسماعيل هو ابن مسلم ، فإن كان أبا محمد البصري فهو ثقة ، و إن
كان أبا إسحاق المكي فهو ضعيف ، لكن قال الحافظ العراقي : رواه علي بن معبد في
كتاب " الطاعة و المعصية " من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح .
قلت : يعني أن إسناده إلى الحسن صحيح ، و لا يلزم منه أن يكون الحديث صحيحا لما
عرف من علم " مصطلح الحديث " أن الحديث المرسل من أقسام الحديث الضعيف عند
جمهور علماء الحديث ، و لا سيما إذا كان من مرسل الحسن و هو البصري ، قال
ابن سعد في ترجمته : كان عالما جامعا رفيعا ثقة ... ما أرسله فليس بحجة .
و حتى إنه لو فرض أن الحسن وصل الحديث و أسنده و لم يصرح بالتحديث أو بسماعه من
الذي أسنده إليه كما لو قال : عن سمرة أو عن أبي هريرة لم يكن حديثه حجة ، فكيف
لو أرسله كما في هذا الحديث ؟ ! قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال " :
كان الحسن كثير التدليس ، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه و لا سيما عمن
قيل : إنه لم يسمع منهم كأبي هريرة و نحوه ، فعدوا ما كان له عن أبي هريرة في
جملة المنقطع .
على أنه قد ورد الحديث عن الحسن من قوله أيضا لم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه
وسلم ، كذلك أخرجه الإمام أحمد في " الزهد " ( ص 264 ) و إسناده صحيح ، و كذلك
رواه ابن جرير ( 20 / 92 ) من طرق عنه و هو الصواب .
ثم وجدت الحديث في " مسند الشهاب " ( 43 / 2 ) من طريق مقدام بن داود قال :
أنبأنا علي بن محمد بن معبد بسنده المشار إليه آنفا عن الحسن مرفوعا ، و مقدام
هذا قال النسائي : ليس بثقة ، فإن كان رواه غيره عن علي بن معبد و كان ثقة
فالسند صحيح مرسلا كما سبق عن العراقي و إلا فلا يصح .
و جملة القول أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم و إنما صح
من قول ابن مسعود و الحسن البصري ، و روي عن ابن عباس . و لهذا لم يذكره شيخ
الإسلام ابن تيمية في " كتاب الإيمان " ( ص 12 ) إلا موقوفا على ابن مسعود
و ابن عباس رضي الله عنهما .
و قال ابن عروة في " الكواكب " : إنه الأصح .
ثم رأيت الحافظ ابن كثير قال بعد أن ساق الحديث عن عمران بن حصين و ابن عباس
و ابن مسعود و الحسن مرفوعا : و الأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود
و ابن عباس و الحسن و قتادة و الأعمش و غيرهم .
قلت : و سيأتي حديث عمران في المائة العاشرة إن شاء الله تعالى و هو بهذا اللفظ
إلا أنه قال : " فلا صلاة له " بدل " لم يزدد عن الله إلا بعدا " و هو منكر
أيضا كما سيأتي بيانه هناك بإذن الله تعالى فانظره برقم ( 985 ) .
و أما متن الحديث فإنه لا يصح ، لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها و أركانها
بحيث أن الشرع يحكم عليها بالصحة و إن كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض
المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل
و لا تشهد له الشريعة ، و لهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله :
و قوله " لم يزدد إلا بعدا " إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله ،
أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل .
و هذا بعيد عندي ، لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة
إلا به كالشروط و الأركان ، و حينئذ فليس له صلاة شرعا ، و لا يبدو أن هذه
الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع و الموقوف ، بل المراد الصلاة الصحيحة
التي لم تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله : *( إن الصلاة تنهى عن
الفحشاء و المنكر )* ( العنكبوت : 45 ) و أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم
لما قيل له : إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق ! فقال : " سينهاه ما تقول
أو قال : ستمنعه صلاته " .
رواه أحمد و البزار و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 430 ) و البغوي في حديث
علي بن الجعد ( 9 / 97 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح معاني الآثار " (
31 / 1 / 69 / 1 ) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة .
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب
صلاته - إذا كانت على الوجه الأكمل طبعا كالخشوع فيها و التدبر في قراءتها -
و لم يقل : إنه " لا يزداد بها إلا بعدا " مع أنه لما ينته عن السرقة .
و لذلك قال عبد الحق الإشبيلي في " التهجد " ( ق 24 / 1 ) : يريد عليه السلام
أن المصلي على الحقيقة المحافظ على صلاته الملازم لها تنهاه صلاته عن ارتكاب
المحارم و الوقوع في المحارم .
فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندا و متنا والله أعلم .
ثم رأيت الشيخ أحمد بن محمد عز الدين بن عبد السلام نقل أثر ابن عباس هذا في
كتابه " النصيحة بما أبدته القريحة " ( ق 32 / 1 ) عن تفسير الجاربردي و قال :
و مثل هذا ينبغي أن يحمل على التهديد لما تقرر أن ذلك ليس من الأركان و الشرائط
ثم استدل على ذلك بالحديث المتقدم : " ستمنعه صلاته " و استصوب الشيخ أحمد كلام
الجاربردي هذا و قال : لا يصح حمله على ظاهره ، لأن ظاهره معارض بما ثبت في
الأحاديث الصحيحة المتقدمة من أن الصلاة مكفرة للذنوب ، فكيف تكون مكفرة
و يزداد بها بعدا ؟ ! هذا مما لا يعقل ! ثم قال : قلت : و حمل الحديث على
المبالغة و التهديد ممكن على اعتبار أنه موقوف على ابن عباس أو غيره و أما على
اعتباره من كلامه صلى الله عليه وسلم فهو بعيد عندي والله أعلم .
قال : و يشهد لذلك ما ثبت في البخاري أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فذكر للنبي
صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى *( إن الحسنات يذهبن السيئات )* .
ثم رأيت شيخ الإسلام ابن تيمية قال في بعض فتاواه : هذا الحديث ليس بثابت عن
النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر كما ذكر الله في
كتابه ، و بكل حال فالصلاة لا تزيد صاحبها بعدا ، بل الذي يصلي خير من الذي لا
يصلي و أقرب إلى الله منه و إن كان فاسقا .
قلت : فكأنه يشير إلى تضعيف الحديث من حيث معناه أيضا و هو الحق و كلامه
المذكور رأيته في مخطوط محفوظ في الظاهرية ( فقه حنبلى 3 / 12 / 1 - 2 ) و قد
نقل الذهبي في " الميزان " ( 3 / 293 ) عن ابن الجنيد أنه قال في هذا الحديث :
كذب و زور .
(1/79)


________________________________________

3 - " همة الرجال تزيل الجبال " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 59 ) :

ليس بحديث .

قال الشيخ إسماعيل العجلونى في " كشف الخفاء " : لم أقف على أنه حديث ، لكن نقل
بعضهم عن الشيخ أحمد الغزالي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
همة الرجال تقلع الجبال " فليراجع .
قلت : قد راجعنا مظانه في كتب السنة فلم نجد له أصلا ، و إيراد الشيخ أحمد
الغزالي له لا يثبته ، فليس هو من المحدثين ، و إنما هو مثل أخيه محمد من فقهاء
الصوفية ، و كم في كتاب أخيه " الإحياء " من أحاديث جزم بنسبتها إلى النبي
صلى الله عليه وسلم و هي مما يقول الحافظ العراقي و غيره فيها : لا أصل له
منها :
(1/80)



________________________________________

4 - " الحديث فى المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهائم الحشيش " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 60 ) :

لا أصل له .

أورده الغزالي في " الإحياء " ( 1 / 136 ) فقال مخرجه الحافظ العراقي : لم أقف
له على أصل و بيض له الحافظ في " تخريج الكشاف " ( 73 / 95 و 130 / 176 ) .
و قال عبد الوهاب بن تقى الدين السبكي في " طبقات الشافعية "
( 4 / 145 - 147 ) : لم أجد له إسنادا .
و المشهور على الألسنة : " الكلام المباح في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل
النار الحطب " و هو هو .
(1/81)



________________________________________

5 - " ما ترك عبد شيئا لله لا يتركه إلا لله إلا عوضه منه ما هو خير له فى دينه
و دنياه " .


قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 61 ) :

موضوع بهذا اللفظ .

و قد سمعته في كلمة ألقاها بعض الأفاضل من إذاعة دمشق في هذا الشهر المبارك شهر
رمضان !
أخرجه أبو نعيم في " حلية الأولياء " ( 2 / 196 ) و عنه الديلمي ( 4 / 27 ـ
الغرائب الملتقطة ) و السلفي في " الطيوريات " ( 200 / 2 ) و ابن عساكر ( 3 /
208 / 2 و 15 / 70 / 1 ) من طريق عبد الله بن سعد الرقي حدثتني والدتي مروة بنت
مروان قالت حدثتني والدتي عاتكة بنت بكار عن أبيها قالت : سمعت الزهري يحدث عن
سالم بن عبد الله عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره
و قال أبو نعيم عقبه : حديث غريب .
و أقول : أن إسناده موضوع ، فإن من دون الزهري لا ذكر لهم في شيء من كتب الحديث
غير عبد الله بن سعد الرقي فإنه معروف ، و لكن بالكذب !
قال الحافظ الذهبي في " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " و تبعه الحافظ أحمد بن
حجر العسقلاني في " لسان الميزان " : كذبه الدارقطني و قال : كان يضع الحديث
وهاه أحمد بن عبدان .
و فيه علة أخرى و هي جهالة بكار هذا و هو ابن محمد و في ترجمته أورده ابن عساكر
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .
نعم صح الحديث بدون قوله في آخره " في دينه و دنياه " .
أخرجه وكيع في " الزهد " ( 2 / 68 / 2 ) و عنه أحمد ( 5 / 363 ) و القضاعي في "
مسند الشهاب " ( رقم 1135 ) بلفظ :
" إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه " .
و سنده صحيح على شرط مسلم .
و أخرجه الأصبهاني أيضا في " الترغيب " ( 73 / 1 ) ثم روى له شاهدا من حديث أبي
ابن كعب بسند لا بأس به في الشواهد .
(1/82)



________________________________________

6 - " تنكبوا الغبار فإنه منه تكون النسمة " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 62 ) :


لا أعلم له أصلا .


أورده ابن الأثير في مادة نسم من " النهاية " و ذكر أنه حديث ! و لا أعرف له
أصلا مرفوعا و قد روى ابن سعد في " الطبقات الكبرى " ( 8 / 2 / 198 ) فقال :
و قال عبد الله بن صالح المصري عن حرملة بن عمران عمن حدثهم عن ابن سندر مولى
النبي صلى الله عليه وسلم قال : أقبل عمرو بن العاص و ابن سندر معهم ، فكان
ابن سندر و نفر معه يسيرون بين يدي عمرو بن العاص فأثاروا الغبار ، فجعل عمرو
طرف عمامته على أنفه ثم قال : اتقوا الغبار فإنه أوشك شيء دخولا ، و أبعده
خروجا ، و إذا وقع على الرئة صار نسمة .
و هذا مع كونه موقوفا لا يصح من قبل سنده لأمور :
الأول : أن ابن سعد علقه ، فلم يذكر الواسطة بينه و بين عبد الله بن صالح .
الثاني : أن ابن صالح فيه ضعف و إن روى له البخاري فقد قال ابن حبان :
كان في نفسه صدوقا ، إنما وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له ، فسمعت ابن
خزيمة يقول : كان بينه و بينه عداوة ، كان يضع الحديث على شيخ ابن صالح ،
و يكتبه بخط يشبه خط عبد الله ، و يرميه في داره بين كتبه ، فيتوهم عبد الله
أنه خطه فيحدث به ! .
الثالث : أن الواسطة بين حرملة و ابن سندر لم تسم فهي مجهولة .
(1/83)


________________________________________

7 - " اثنتان لا تقربهما : الشرك بالله و الإضرار بالناس " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 63 ) :

لا أصل له .

و قد اشتهر بهذا اللفظ و لم أقف عليه في شيء من كتب السنة ، و لعل أصله ما في
" الإحياء " للغزالي ( 2 / 185 ) قال صلى الله عليه وسلم :
" خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر : الشرك بالله و الضر لعباد الله ، و خصلتان
ليس فوقهما شيء من البر : الإيمان بالله ، و النفع لعباد الله " .
و هو حديث لا يعرف له أصل .
قال العراقي في تخريجه : ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ، و لم يسنده ولده في
مسنده .
و لهذا أورده السبكي في الأحاديث التي وقعت في " الإحياء " و لم يجد لها إسنادا
( 4 / 156 ) .
(1/84)


________________________________________

8 - " اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 63 ) :

لا أصل له مرفوعا .

و إن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة حتى إن الشيخ عبد الكريم العامري
الغزي لم يورده في كتابه " الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث " .
و قد وجدت له أصلا موقوفا ، رواه ابن قتيبة في " غريب الحديث " ( 1 / 46 / 2 )
حدثني السجستاني حدثنا الأصمعي عن حماد بن سلمة عن عبيد الله بن العيزار عن
عبد الله بن عمرو أنه قال : فذكره موقوفا عليه إلا أنه قال :
" احرث لدنياك " إلخ .
و عبيد الله بن العيزار لم أجد من ترجمه .
ثم وقفت عليها في " تاريخ البخاري " ( 3 / 394 ) و " الجرح و التعديل " ( 2 / 2
/ 330 ) بدلالة بعض أفاضل المكيين نقلا عن تعليق للعلامة الشيخ عبد الرحمن
المعلمي اليماني رحمه الله تعالى و فيها يتبين أن الرجل وثقه يحيي بن سعيد
القطان و أنه يروي عن الحسن البصري و غيره من التابعين فالإسناد منقطع .
و يؤكده أنني رأيت الحديث في " زوائد مسند الحارث " للهيثمي ( ق 130 / 2 ) من
طريق أخرى عن ابن العيزار قال : لقيت شيخا بالرمل من الأعراب كبيرا فقلت : لقيت
أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، فقلت : من ؟ فقال :
عبد الله بن عمرو بن العاص ....
ثم رأيت ابن حبان قد أورده في " ثقات أتباع التابعين " ( 7 / 148 ) .
و رواه ابن المبارك في " الزهد " من طريق آخر فقال ( 218 / 2 ) : أنبأنا محمد
ابن عجلان عبد الله بن عمرو بن العاص قال : فذكره موقوفا ، و هذا منقطع و قد
روي مرفوعا ، أخرجه البيهقي في سننه ( 3 / 19 ) من طريق أبي صالح حدثنا الليث
عن ابن عجلان عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فذكره في تمام حديث أوله :
" إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ، و لا تبغض إلى نفسك عبادة ربك ، فإن
المنبت لا سفرا قطع و لا ظهرا أبقى ، فاعمل عمل امريء يظن أن لن يموت أبدا ،
و احذر حذر ( امريء ) يخشى أن يموت غدا " .
و هذا سند ضعيف و له علتان جهالة مولى عمر بن عبد العزيز و ضعف أبي صالح و هو
عبد الله بن صالح كاتب الليث كما تقدم في الحديث ( 6 ) .
ثم إن هذا السياق ليس نصا في أن العمل المذكور فيه هو العمل للدنيا ، بل الظاهر
منه أنه يعني العمل للآخرة ، و الغرض منه الحض على الاستمرار برفق في العمل
الصالح و عدم الانقطاع عنه ، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم : " أحب الأعمال
إلى الله أدومها و إن قل " متفق عليه والله أعلم .
هذا و النصف الأول من حديث ابن عمرو رواه البزار ( 1 / 57 / 74 ـ كشف الأستار )
من حديث جابر ، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 62 ) : و فيه يحيى بن
المتوكل أبو عقيل و هو كذاب .
قلت : و من طريقه رواه أبو الشيخ ابن حيان في كتابه " الأمثال " ( رقم 229 ) .
لكن يغني عنه قوله صلى الله عليه وسلم :
" إن هذا الدين يسر ، و لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه ، فسددوا و قاربوا
و أبشروا ... " أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة مرفوعا .
و قد روى الحديث بنحوه من طريق أخرى و سيأتي بلفظ ( أصلحوا دنياكم ... ) ( رقم
878 ) .
(1/85)



________________________________________

9 - " أنا جد كل تقي " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 65 ) :

لا أصل له .

سئل عنه الحافظ السيوطي فقال : لا أعرفه ذكره في كتابه " الحاوي للفتاوي "
( 2 / 89 ) .
(1/86)



________________________________________

10 - " إن الله يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال " .

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 66 ) :

موضوع .


رواه أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث علي رضي الله عنه
مرفوعا ، قال الحافظ العراقي ( 2 / 56 ) : و فيه محمد بن سهل العطار ، قال
الدارقطني : يضع الحديث .
قلت : و هذا من الأحاديث الموضوعة التي شان بها السيوطي كتابه
" الجامع الصغير " خلافا لما تعهد به في مقدمته فقال : و صنته عما تفرد به وضاع
أو كذاب ، فإنه عفا الله عنا و عنه لم يف بما تعهد به ، و في النية إذا
يسر الله لنا أن نتوجه إلى تطهيره من تلك الأحاديث و جمعها في كتاب خاص و نشره
على الناس حتى يكونوا على حذر منها .
هذا و قد قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في شرحه لـ" الجامع ، " فيض القدير "
بعد أن نقل ما ذكرته عن العراقي : فكان ينبغي للمصنف حذفه .
(1/87)
________________________________________
يتبع ....