الحمد لله رب العالمين الذي أنزل الكتاب المبين على عبده ورسوله الصادق الأمين , فشرح به صدور عباده المتقين الغر الميامين , وأشهد أن لا أله الله وحده لا شريك له , ولا ولد له ولا ند له , واحد في ذاته أحد في أفعاله متفرد بصفاته ,ليس كمثله شئ وهو السميع البصير, إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه , يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل , حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أنتهي إليه بصره من خلقه ,
وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه , سيد الأولين والآخرين , وخاتمالأنبياء والمرسلين , والمبعوث رحمة للعالمين.

" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "

" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا "

أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.
وشر الأمور محدثاتها , وكل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد,,,,,

{ رفع الهمة بهدي سلف الأمة }

سلسلة علمية منهجية دعوية , نقدمها لشبابنا في زمن مسخت فيه الهوية وزعزع فيه الانتماء , وسطت فيه الماديات والشهوات على قلوب الشباب والفتيات, واهتزت فيه الثوابت الحقيقية,لا نقدمها لحضراتكم من باب الترف الفكري , ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة الباهتة , التي لا تتعامل إلا مع الأقوال فحسب وتتجاهل الأفعال والأحوال .

لا نقدمها من باب التنظير دون التفعيل والتطبيق والتغيير, ولا من باب القصص والحواديت.
ووالله ما تكلمنا في تلك السلسلة من باب الأهلية وإنما من باب المسؤولية.

نقدمها لكم في زمن قدم فيه كثير من التافهون و الغافلون والخائبون لكي يكونوا القدوة والأسوة
وأخر فيه المتقون الصادقون الصالحون , الذين هم القدوة الفعلية الحقيقية.

لا نقدمها من باب الطرفة الفكرية ولا القصة الخيالية و إنما هي سيرة عملية منهجية نستلهم منها الدروس والعبر ونستمد منها ضوءاً ينير لنا الطريق ومفتاحاً يفتح لنا المغاليق,نقدمها لكي تعي الأمة قدر رجالها وعظمائها , لكي نستل جرثومة الداء ونقف على حقيقة الدواء,من خلال هدي هؤلاء الأتقياء الأنقياء الغر الميامين .

نحن الآن أمام سلسلة جليلة مهيبة نتحدث فيها عن سلفنا الصالح الذين ملئوا الأرض علماً وعدلاً, وحفظوا لنا الدين بتوفيق من رب العالمين , نتحدث عن رجال لو وجد واحد منهم في زماننا لصلح حال الأمة الإسلامية كلها, نتحدث عن جيل فريد , جيل طلقوا الدنيا ثلاثاً, وتركوها طمعا فيما عند الله من جنات ونهر, وصدق إمامنا الشافعي إذ يقول:


إن لله عباداً فطنا ..... طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها ولما رأوا ... أنها ليست لحي سكنا
جعلوها لجة واتخذوا ... صالح الأعمال فيها سفنا

نتحدث عن رجال هممهم أعلى من الجبال الرواسي , وخلقهم خلق الصالحين الأبرار. نتحدث عن جيل صاحب النبي في الحضر والأسفار
وتربي على أيد النبي المختار. نتحدث عن جيل جاهد في الله حق جهاده حتي أتاه اليقين , إذ قال فيهم رب العالمين
" من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "


شهد ربنا لهم بأنهم رجال صدقوا العهد فصدقهم الوعد , وأنهم ما بدلوا ما عزموا عليه إلي أن لقوا الله جل وعلا.
نتحدث عن جيل لن تبلغ الأمة كلها مد يد أحدهم ولا نصيفه حتى ولو أنفقوا ما في الأرض جميعا.
نتحدث عن جيل لم يعرف سوى حب الله وحب رسوله فلذلك ذاقوا طعم الأيمان وحلاوته .
نتحدث عن جيل لم يعصوا الله كما عصيناه ولم يبدلوا دينه كما بدلناه ولم يبتدعوا كما ابتدعنا .
أنهم خير صحبة لخير نبي, وخير بداية لخير أمة وخير رجال بعد الأنبياء.
أنهم خير الناس خلقا وأحسنهم هديا وأقربهم سمتاً إلي النبي صلوات ربي وتسليماته عليه.

فهيا بنا لكي نقتبس من هذه السلسلة نوراً يضيء لنا الطريق , حتى تستمد الأمة من هذه السير ضوءا يفتح لها طريق الأمل من جديد .
لنقف على حقيقة الداء , ونشخصه, حتى يأتينا من الله الشفاء.
أما الآن نقدم لحضراتكم منهج السلسلة الذي سوف ننتهجه في تقديم سير الصحابة العطرة,




vtu hgilm fi]d sgt hgHlm