أستاذي الفاضل خالد بن الوليد ؛ أكتب إليك الآن بعد ما خُلع مبارك من جراء الثورة التي وصفتها أنت بما وصفتها به ؛ ولا تظن أنني أختلف معك أن هذه الثورة كان فيها ما ذكرت ؛ ولكن دعني أخبرك أن هناك ما يسمى بفقه الأولويات ؛ دعني أفهمك هذه النقطة ثم أنتقل للرد على شبهتك ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أرسل معاذ إلى اليمن ماذا قال له ؟ قال له إنك تأتي قوم أهل كتاب ؛ فأخبرهم أن لا إله إلا الله ؛ فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات ... وهكذا ؛ فلو لم يجيبوا معاذا في التوحيد والنطق بالشهادة ما جاز له أن يكلمهم عن الصلاة ؛ وإن لم يقيموا الصلاة ما جاز لمعاذ أن يأمرهم بالزكاة ؛ وهكذا الدعوة ؛ هؤلاء الدعاة الذين خرجوا في مظاهرات أرادوا أن يزيلوا حكم طاغية يحكم المسلمين بقانون فرنسي ؛ وينكل بالدعاة الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؛ أراد هؤلاء إخراجه ؛ فتعاون معهم من أبناء الشعب من يرفعون أغاني كما قلت وتعاون معهم مسيحيين من أبناء مصر ؛ فهل ترى من الحكمة أن يوقفوا الثورة ليدعوا من يسمع أغاني ليتوقف عنها ؟ أم يقولوا للمسيحيين ارجعوا فليس لكم مكان ويشعروا العالم كله أن الدين الإسلامي دين يضطهد الآخرين ؟ أليس من الحكمة أن يركزوا على هدف واحد وهو خلع الحاكم وبعدها يتفرغوا لدعوة من يسمع أغاني لتركها ؛ ويدعون المسيحيين للإسلام وكل ذلك بالحكمة وبالتي هي أحسن ؟
لا أريد الآن أن أطيل ؛ ولكن لو كان الدعاة في ميدان التحرير بنفس فكرك لتوجهت كل طائفة منهم للطعن في الأخرى بدلا من أن يتجهوا جميعا لهدف واحد وهو تنحية طاغية ؛
أخيرا أذكرك بقول الله تعالى : ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الألباب .
المفضلات