السلام عليكم



106 " يا معشر المهاجرين ! خمس إذا ابتليتم بهن و أعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر

الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن

مضت في أسلافهم الذين مضوا و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين

و شدة المؤنة و جور السلطان عليهم و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر

من السماء و لولا البهائم لم يمطروا و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط

الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب

الله و يتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 167 :



رواه ابن ماجه ( 4019 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 333 - 334 ) عن

ابن أبي مالك عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن #‎عبد الله ابن عمر # قال :

أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره .



قلت : و هذا سند ضعيف من أجل ابن أبي مالك و اسمه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن

ابن أبي مالك و هو ضعيف مع كونه فقيها و قد اتهمه ابن معين كما في " التقريب "

.

و قال البوصيري في " الزوائد " .

" هذا حديث صالح للعمل به , و قد اختلفوا في ابن أبي مالك و أبيه " .



قلت الأب لا بأس به , و إنما العلة من ابنه , و لذلك أشار الحافظ ابن حجر في

" بذل الماعون " لضعف الحديث بقوله ( ق 55 / 2 ) :

" إن ثبت الخبر " .



قلت : قد ثبت حتما فإنه جاء من طرق أخرى عن عطاء و غيره , فرواه ابن أبي الدنيا

في " العقوبات " ( ق 62 / 2 ) من طريق نافع بن عبد الله عن فروة بن قيس المكي

عن عطاء بن أبي رباح به .



قلت : و هذا سند ضعيف , نافع و فروة لا يعرفان كما في " الميزان " .

و رواه الحاكم ( 4 / 540 ) من طريق أبي معبد حفص بن غيلان عن عطاء بن أبي رباح

به و قال : " صحيح الإسناد " و وافقه الذهبي .



قلت : بل هو حسن الإسناد فإن ابن غيلان هذا قد ضعفه بعضهم , لكن وثقه الجمهور ,

و قال الحافظ في " التقريب " :

" صدوق فقيه , رمي بالقدر " .



و رواه الروياني في " مسنده " ( ق 247 / 1 ) عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن

عبد الله بن عمر مرفوعا .



و هذا سند ضعيف , عطاء هذا هو ابن أبي مسلم الخراساني و هو صدوق لكنه مدلس

و قد عنعنه .

و ابنه عثمان ضعيف كما في " التقريب " .



فهذه الطرق كلها ضعيفة إلا طريق الحاكم فهو العمدة , و هي إن لم تزده قوة فلا

توهنه .



( السنين ) جمع سنة أي جدب و قحط .

( يتخيروا ) أي يطلبوا الخير , أي و ما لم يطلبوا الخير و السعادة مما

أنزل الله .



و لبعض الحديث شاهد من حديث بريدة بن الحصيب مرفوعا بلفظ :

" ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم , و ما ظهرت فاحشة في قوم قط إلا

سلط الله عز و جل عليهم الموت , و لا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر "

.

107 " ما نقض قوم العهد قط إلا كان القتل بينهم , و ما ظهرت فاحشة في قوم قط إلا

سلط الله عز و جل عليهم الموت , و لا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر "

.




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 169 :



رواه الحاكم ( 2 / 126 ) و البيهقي ( 3 / 346 ) من طريق بشير بن مهاجر عن

# عبد الله بن بريدة عن أبيه # .



و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " , و وافقه الذهبي .



قلت : و هو كما قالا , غير أن بشيرا هذا قد تكلم فيه من قبل حفظه , و في

" التقريب " أنه صدوق لين الحديث . و قد خولف في إسناده , فقال البيهقي عقبه :

" كذا رواه بشير بن المهاجر " .



ثم ساق بإسناده من طريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريده عن ابن عباس قال :

" ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم , و لا فشت الفاحشة في قوم إلا

أخذهم الله بالموت , و ما طفف قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين , و ما منع

قوم الزكاة إلا منعهم الله القطر من السماء , و ما جار قوم في حكم إلا كان

البأس بينهم - أظنه قال - و القتل " .



قلت : و إسناده صحيح و هو موقوف في حكم المرفوع , لأنه لا يقال من قبل الرأي

و قد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " مرفوعا من طريق أخرى : عن إسحاق

ابن عبد الله بن كيسان المروزي : حدثنا أبي عن الضحاك بن مزاحم عن مجاهد

و طاووس عن ابن عباس .



قلت : و هذا إسناد ضعيف يستشهد به و قال المنذري في " الترغيب " ( 1 / 271 ) :

" و سنده قريب من الحسن , و له شواهد " .

قلت : و يبدو لي أن للحديث أصلا عن بريدة فقد وجدت لبعضه طريقا أخرى رواه

الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 85 / 1 من الجمع بينه و بين الصغير ) و تمام في

" الفوائد " ( ق 148 - 149 ) عن مروان ابن محمد الطاطرى حدثنا سليمان بن موسى

أبو داود الكوفي عن فضيل بن مرزوق ( و في الفوائد فضيل بن غزوان ) عن عبد الله

بن بريدة عن أبيه مرفوعا بلفظ :

" ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين " .



و قال الطبراني :

" لم يروه إلا سليمان تفرد به مروان " .



قلت : مروان ثقة , و سليمان بن موسى أبو داود الكوفي صويلح كما قال الذهبي ,

و فضيل إن كان ابن مرزوق ففيه ضعف , و إن كان ابن غزوان فهو ثقة احتج به

الشيخان , فإن كان هو راوي الحديث فهو حسن إن شاء الله تعالى .



و قد قال المنذري ( 1 / 270 ) بعد ما عزاه للطبراني :

" و رواته ثقات " .



و بالجملة فالحديث بهذه الطرق و الشواهد صحيح بلا ريب , و توقف الحافظ ابن حجر

في ثبوته إنما هو باعتبار الطريق الأولى . و الله أعلم .

108 " إن الله زادكم صلاة و هي الوتر , فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 171 :



رواه الإمام أحمد ( 6 / 7 ) و الطبراني في " المعجم الكبير ( 1 / 100 / 1 )

من طريقين عن ابن المبارك : أنبأنا سعيد بن يزيد حدثني ابن هبيرة عن أبي تميم

الجيشاني أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة , فقال : إن # أبا بصرة #

حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .



قال أبو تميم : فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة فقال له :

أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال عمرو ? قال أبو بصرة :

أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .



قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم .

و سعيد بن يزيد هو أبو شجاع الإسكندراني .



و قد تابعه عبد الله بن لهيعة : أنبأنا عبد الله بن هبيرة به .

أخرجه أحمد ( 6 / 379 ) و الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 250 ) و الطبراني

في " الكبير " ( 1 / 104 / 2 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1 / 13 ) من طرق ثلاث

عن ابن لهيعة به .



و إسناده عند الطحاوي صحيح كما بينته في " إرواء الغليل " رقم ( 416 ) .



و له طرق أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم خرجت بعضها هناك , و هذه الطريق هي

العمدة و لذلك اقتصرت عليها هنا .

و ذكر الشيخ الكتاني و صاحبه الأستاذ الزحيلي في تخريج " تحفة الفقهاء "

( 1 / 1 / 355 ) جملة كبيرة منها عن عشرة من الصحابة منها طريق واحدة عن عمرو

ابن العاص , و لكنها واهية , و فاتهما هذه الطريق الصحيحة !



فقه الحديث

------------

يدل ظاهر الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم : " فصلوها " على وجوب صلاة الوتر ,

و بذلك قال الحنفية , خلافا للجماهير , و لولا أنه ثبت بالأدلة القاطعة حصر

الصلوات المفروضات في كل يوم و ليلة بخمس صلوات لكان قول الحنفية أقرب إلى

الصواب , و لذلك فلابد من القول بأن الأمر هنا ليس للوجوب , بل لتأكيد

الاستحباب .

و كم من أوامر كريمة صرفت من الوجوب بأدنى من تلك الأدلة القاطعة , و قد انفك

الأحناف عنها بقولهم إنهم لا يقولون بأن الوتر واجب كوجوب الصلوات الخمس , بل

هو واسطة بينها و بين السنن , أضعف من هذه ثبوتا , و أقوى من تلك تأكيدا !



فليعلم أن قول الحنفية هذا قائم على اصطلاح لهم خاص حادث , لا تعرفه الصحابة

و لا السلف الصالح ,‎و هو تفريقهم بين الفرض و الواجب ثبوتا و جزاء كما هو مفصل

في كتبهم .

و إن قولهم بهذا معناه التسليم بأن تارك الوتر معذب يوم القيامة عذابا دون عذاب

تارك الفرض كما هو مذهبهم في اجتهادهم , و حينئذ يقال لهم : و كيف يصح ذلك مع

قوله صلى الله عليه وسلم لمن عزم على أن لا يصلي غير الصلوات الخمس : " أفلح

الرجل " ? ! و كيف يلتقي الفلاح مع العذاب ?‎! فلا شك أن قوله صلى الله عليه

وسلم هذا وحده كاف لبيان أن صلاة الوتر ليست بواجبة و لهذا اتفق جماهير العلماء

عى سنيته و عدم وجوبه , و هو الحق , نقول هذا مع التذكير و النصح بالاهتمام

بالوتر , و عدم التهاون عنه لهذا الحديث و غيره . و الله أعلم .

109 " ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة و فضل العرش على

الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة " .




قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 174 :



رواه محمد بن أبي شيبة في " كتاب العرش " ( 114 / 1 ) :

حدثنا الحسن بن أبي ليلى أنبأنا أحمد بن علي الأسدي عن المختار بن غسان العبدي

عن إسماعيل بن سلم عن أبي إدريس الخولاني عن # أبي ذر الغفاري # قال :

" دخلت المسجد الحرام فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فجلست إليه ,

فقلت : يا رسول الله أيما آية نزلت عليك أفضل ? قال : آية الكرسي : ما السموات

السبع " . الحديث .



قلت : و هذا سند ضعيف , إسماعيل بن سلم لم أعرفه , و غالب الظن أنه إسماعيل

بن مسلم فقد ذكروه في شيوخ المختار بن عبيد , و هو المكي البصري و هو ضعيف .

و المختار روى عنه ثلاثة و لم يوثقه أحد و في " التقريب " : أنه مقبول .



قلت : و لم ينفرد به إسماعيل بن مسلم , بل تابعه يحيى بن يحيى الغساني رواه

حفيده إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى الغساني قال : حدثنا أبي عن جدي عن

أبي إدريس الخولاني به .

أخرجه البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 290 ) .



قلت : و هذا سند واه جدا إبراهيم هذا متروك كما قال الذهبي , و قد كذبه

أبو حاتم .



و تابعه القاسم بن محمد الثقفي و لكنه مجهول كما في " التقريب " .

أخرجه ابن مردويه كما في تفسير ابن كثير ( 2 / 13 - طبع المنار ) من طريق محمد

بن أبي السري ( الأصل : اليسري ) العسقلاني أخبرنا محمد بن عبد الله التميمي عن

القاسم به . و العسقلاني و التميمي كلاهما ضعيف .



و للحديث طريقان آخران عن أبي ذر :



الأول عن يحيى بن سعيد السعدي البصري قال : حدثنا عبد الملك ابن جريج عن عطاء

عن عبيد بن عمر الليثي عنه به .

أخرجه البيهقي و قال .

" تفرد به يحيى بن سعيد السعدي , و له شاهد بإسناد أصح " .



قلت : ثم ساقه من طريق الغساني المتقدم , و ما أراه بأصح من هذا , بل هو أوهى ,

لأن إبراهيم متهم كما سبق , و أما هذا فليس فيه من اتهم صراحة , و رجاله ثقات

غير السعدي هذا , قال العقيلي : " لا يتابع على حديثه " . يعني هذا .

و قال ابن حبان : يروى المقلوبات و الملزقات , لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد .





الثاني : عن ابن زيد قال : حدثني أبي قال : قال أبو ذر فذكره .

أخرجه ابن جرير في " تفسيره " ( 5 / 399 ) " حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب

قال : قال ابن زيد به .



قلت و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات . لكني أظن أنه منقطع , فإن ابن زيد هو عمر

ابن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب و هو ثقة من رجال الشيخين يروي

عنه ابن وهب و غيره . و أبوه محمد بن زيد ثقة مثله , روى عن العبادلة الأربعة

جده عبد الله و ابن عمرو و ابن عباس و ابن الزبير و سعيد بن زيد بن عمرو , فإن

هؤلاء ماتوا بعد الخمسين , و أما أبو ذر ففي سنة اثنتين و ثلاثين فما أظنه سمع

منه .



و جملة القول : أن الحديث بهذه الطرق صحيح و خيرها الطريق الأخير و الله أعلم .



و الحديث خرج مخرج التفسير لقوله تعالى : ( وسع كرسيه السماوات و الأرض ) و هو

صريح في كون الكرسي أعظم المخلوقات بعد العرش , و أنه جرم قائم بنفسه و ليس

شيئا معنويا . ففيه رد على من يتأوله بمعنى الملك و سعة السلطان , كما جاء في

بعض التفاسير . و ما روي عن ابن عباس أنه العلم , فلا يصح إسناده إليه لأنه من

رواية جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عنه . رواه ابن جرير .

قال ابن منده : ابن أبي المغيرة ليس بالقوي في ابن جبير .



و اعلم أنه لا يصح في صفة الكرسي غير هذا الحديث , كما في بعض الروايات أنه

موضع القدمين . و أن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد , و أنه يحمله أربعة أملاك ,

لكل ملك أربعة وجوه , و أقدامهم في الصخرة التي تحت الأرض السابعة ... إلخ فهذا

كله لا يصح مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم و بعضه أشد ضعفا من بعض , و قد

خرجت بعضها فيما علقناه على كتاب " ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئة الجديدة

القويمة البرهان " ملحقا بآخره طبع المكتب الإسلامي .

110 " سيحان و جيحان و الفرات و النيل كل من أنهار الجنة " .



قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 177 :



رواه مسلم ( 8 / 149 ) و أحمد ( 2 / 289 و 440 ) و أبو بكر الأبهري في

" الفوائد المنتقاة " ( 143 / 1 ) و الخطيب ( 1 / 54 - 55 ) من طريق حفص

بن عاصم عن # أبي هريرة # مرفوعا .



و له طريق أخرى بلفظ :

" فجرت أربعة أنهار من الجنة : الفرات و النيل و السيحان و جيحان " .