وثيقة (2): الإسلام الصحيح والإسلام الخاطئ
عبد الرحمن وحيد
المؤسسات الإخبارية قررت أن أسامة بن لادن قد تلقى تعليما إسلاميا مغلوطا من شيخ سعودي مضلل يحلل فيه استخدام الأسلحة النووية ضد أمريكا وإحداث إصابات بأعداد غفيرة للجموع وذلك يتطلب صلابة انفعالية كبيرة لمواجهة التبعات التي قد تنتج من هذه الحقيقة ولكن قد يشك أي شخص أن هؤلاء الذين يحرقون المكاتب الإدارية بسعادة وقطارات المنتقلين والفنادق والملاهي الليلية قد ينفرون من فرصة تعظيم أضرارهم آلاف المرات
تخيل تأثير قنبلة نووية واجدة تفجر في نيويورك أو لندن أو باريس أو سيدني أو لوس أنجلس ماذا عن اثنين أو ثلاثة؟ فان وجه الحضارة الحديثة كله قائم على الأساسات الاقتصادية والتكنولوجية والتي يأمل الإرهابيون تدميرها بهجمة نووية مثل العديد من أكواخ لصيد التي استيقظت على تسونامي صغيرة جدا وموضوعة في موضع جيد دمرت الاقتصاد السياحي في بالي في عام 2002 وأرسلت اغلب سكانها لحقول الأرز وإلى البحر لملأ بطونهم الخاوية ماذا سيكون حال الاقتصاد العالمي إذا ما ظهرت هجمات أمثر تدميرا بكثير مما حدث في بالي أو من 11 سبتمبر؟
حان الوقت للناس أن يكون لديهم النية الحسنة من كل ملة ووطن لادراك أن هناك خطر محقق يحيق بالبشرية ولا يمكننا أن نتحمل كلفة " الحياة المعتادة" في مواجهة هذا الخطر الوجودي بل وعلى الرغم من ذلك يجب أن ندع جانبا مشاحناتنا وتحزباتنا الدولية ونجتمع لمواجهة الخطر الكامن أمامنا تفكير متطرف ومنحرف في عقول المتعصبين هو ما يهددنا بشكل مباشر ( بالتحديد التفكير الوهابي / السلفي- طائفة أقلية من الأصوليين تمولهم أموال البترول) ولكن تحت هذا التهديد من التطرف الديني أزمة عالمية من عدم التفاهم .
الكثير جدا من المسلمين فشلوا في فهم المعنى الحقيقي للإسلام الذي يعلم الإنسان أن يميل نحو الآخر وان يفهم نظم قيمهم ومعرفة أن هذه القيم تم التسامح معها من قبل الإسلام كدين وأساس الإسلام تم اختصاره في كلمات القرآن " لكم دينكم ولي دين" وهذا هو أساس التسامح والمتعصبون دينيا – سواء عن عمد أو عن جهل يحولون الإسلام إلى عقيدة اللا تسامح والكراهية واراقة الدماء. وهم يبررون وحشيتهم بشعارات مثل" الإسلام فوق الجميع" ويسعون لارهاب وارجاع أي شخص لا يشاركهم آراؤهم المتطرفة بغض النظر عن الجنسية أو الدين فبينما يسارع بعضهم في اراقة دماؤهم والملايين من الاخرين يتعاطفون مع افعالهم العنيفة أو يشتركون في كتلة الصمت وأزمة عدم الفهم هذه – للإسلام من المسلمين أنفسهم- تعقدت بسبب فشل الحكومات والشعوب من العقائد الاخرى واغلبية المسلمين ذوي النوايا الحسنة في مقاومة وعزل وابطال الايدولوجية الخطرة وعلى هذا فان الأزمة طالت المسلمين وغير المسلمين على حد سواء مع تبعات مأسوية وفشلهم على حد السواء في فهم حقيقة الإسلام سمح بزيادة تشدد الإسلام عبر العالم بينما تعمى معظم البشرية عن الحل الذي لا يخفى على احد،وأكثر الطرق فعالية لتخطي التطرف الإسلامي هو شرح ما يقوله الإسلام الحق للمسلمين وغير المسلمين على السواء وبدون هذا التفسير سيظل الناس يقبلون النظرة المتطرفة على المطلق __ والاستمرار في زيادة تشدد المسلمين وتحويل باقي العالم ضد الإسلام نفسهوتنفيذ هذه المهمة ليست سريعة ولا سهلة . فقد صنعت الايدولوجيات الوهابية السلفية مسارات لا يستهان بها عبر العالم الإسلامي وأصبحت الأصولية الإسلامية حركة عالمية جيدة التمويل ومتعددة الواجهات وتعمل كطاغوت في الدول النامية وحتى في المجتمعات الإسلامية المهاجرة إلى الغرب وحتى نعادل هذا الفكر الفتاك الذي يحتوي على الإرهاب الأصولي ويهدد أساسات الحضارة الحديثة نفسها علينا أن نحدد مناصريها ونفهم اهدافهم واستراتيجيتهم ونقيم مراكز قوتهم وضعفهم ونضاد كل حركة من حركاتهم بفاعلية ومانحن بصددهالآن لا يقل عن صراع عالمي من اجل روح الإسلام، وهدف السنة ( على عكس الشيعة) أو الاصوليون عموما يشمل: الدعوة لاستعادة كمال فجر الإسلام الذي مارسه محمد وأصحابه والمعروفون بالعربية بالسلف الصالح بانشاء مجتمع مثالي قائم على المبادئ السلفية عن طريق فرض تأويلات للشريعة الإسلامية على كل افراد المجتمع وابادة المتغيرات المحلية للإسلام باسم الاصالة والنقاء وتحويل الإسلام من عقيدة شخصية إلى نظام سياسي سلطوي عن طريق إنشاء خلافة اسلامية تحكم بصرامة وفقا لاحكام الإسلام السلفي وغالبا ما تمتد من المغرب إلى اندونيسيا والفلبين وفي النهاية تأتي بالعالم اجمع تحت وطأة الفكر المتطرف .
و غالبا ما تكون استراتيجية الاصولين بسيطة كما هي ذكية فالاصوليون سريعون في لف أنفسهم في عباءة الإسلام ونعت من يخالفهم بالكافر مما يمهد الطريق لذبح غير الأصوليين من المسلمين ويقف فكرهم على قراءات تبسيطية وحرفية وانتقائية للغاية للقرآن والسنة والتي من خلالها يسعون لخداع المجتمع الإسلامي عبر العالم في حدود قبضتهم الفكرية الضيقة ولكونهم توسعيين بطبعهم فمعظم الجماعات الأصولية تحث باستمرار على نقاط الضعف وفرص الضرب وفي أي وقت أو مكان لتحقيق اهدافهم السلطوية
و المسلحون الغزاة ( المحاربون الإسلاميون) ينتشرون من نيويورك إلى جاكرتا واستنبول وبغداد ولندن ومدريد هم فقط قمة الجبل الجليدي والأوائل من شعب شاسع ومتزايد يشارك هذه الآراء المتشددة والأهداف النهائية والقوى الهائلة لهذه الحركة الأصولية الدولية تشمل:
1) عدوانية واضحة مع برنامج إيديولوجي وسياسي الأهداف
2) تمويل هائل من الرعاة الوهابيين الأثرياء بسبب النفط
3) القدرةعلى توزيع الأموال في المناطق الفقيرة لشراء الولاء والسلطة
4) المطالبة والهالة الدينية للأصالة العربية وهيبتها
5) نداء إلى الحفاظ على الهوية الإسلامية ، العزة والتاريخ
6) القدرة على الاختلاط بقدر اكبر كثيرا من الجماهير المسلمين وطمس الفروق بين الإسلام المعتدل ونسختهم من الإسلام
7) الالتزام الكامل من القادة والعملاء
8) شبكات من المدارس الإسلامية التي تسعى لنشر التطرف
9) عدم وجود معارضة منتظمة في العالم الإسلامي
10) شبكة عالمية من الأصوليين من الأئمة لقيادة أتباعهم للتطرف
11) ماكينة جيدة التشحيم لترجمة ونشر وتوزيع الدعاية الوهابية ونشر إيديولوجياتهم عبر العالم
12) بعثات للدراسة في المملكة العربية السعودية وإعطائهم درجات علمية وشهادات دكتوراة للعودة لخدمة القادة الجدد
13) القدرة على عبور الصعيدين الوطني والثقافي باسم الدين
14) الاتصال عبر الانترنت ؛
و15) إحجام العديد من الحكومات الوطنية أو المشرفة عن التدخل والسيطرة على هذه العملية برمتها.
علينا أن نوظف استراتيجيات فعالة لمواجهة كل من مواطن قوة الأصولية هذه.وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بجمع
ثقل الغالبية العظمى من المسلمين المحبين للسلام ، وغير العالم الإسلامي ، على أن توضع في نطاق الحملة العالمية التي تهدف إلى حل أزمة سوء الفهم الذي يهدد باجتياح عالمنا بأسره.و لكي نصل إلى استراتيجية مضادة فعالة يجب أن تستند على تقييم واقعي من نقاط القوة والضعف لدينا في مواجهة الإرهاب والتطرف الديني وقد ثبت بالطبع أن الفرقة لأمر فتاك في العديد من المجتمعات التي واجهت مثل هذا التهديد الوجودي وعدم الجدية في مواجهة الخطر الوشيك هو أيضا أمر فتاك وهؤلاء من يسعون لترويج الفهم السلمي والمتسامح للإسلام يجب أن يتغلبوا على الآثار التي تشل حركاتهم في بلدانهم ويجب أن يستغلوا عدد من نقاط القوة الفعلية أو الممكنة والتي قد تلعب دورا في القضاء على الفكر الأصولي ونقاط القوة هذه ليست فقط إمكانيات في الصراع مع التطرق الديني ولكن في وضعهم المعكوس يشيرون إلى نقاط الضعف في قلب الفكر الأصولي فهم:
1) الكرامة الإنسان ية والتي تتطلب حرية الضمير وترفض فرض الآراء الدينية
2) القدرة على تحريك موارد طائلة لتغطية تكاليف تلك المشكلة وبمجرد التعرف عليها يجب توفير الالتزام العالمي بحلها 3) القدرة على تجميع الموارد من الأفراد والمنظمات المؤيدة للإسلام الحق والمتسامح
4) قرابة 1400 عام من تقاليد وروحانيات الإسلام التي لا تشابه فكر الأصوليين في شيء
5) التمسك ب التقاليد والعزة المحلية والوطنية وأيضا الإسلامية
6) قوة الروح الأنثوية وحقيقة أن نصف البشرية تتكون من النساء واللاتي ورثن نصيب من نتائج هذا الصراع
7) القيادات التقليدية والصوفية والجموع الذين لم يتم تحويلهم إلى متشددين بعد ( وهي ميزة عددية قوية من 85 إلى 90% من مسلمي العالم المقدرين ب 1.3 مليار مسلم) 8) القدرة على الوصول لشبكات المدارس الإسلامية للدعوة للسلام والتسامح في الإسلام 9) الميل الطبيعي للناس ذوي العقليات المتشابهة للعمل معا عندما يتعرضون لخطر مشترك 10) القدرة على تكوين شبكة دولية من الأفراد ذوي الفكر المتشابه وتنظيم قادة الفكر الذين يروجون للفكر المعتدل والتقدمي خلال العالم الاسلامي 11) وجود ايديولوجية معاكسة في شكل التعاليم الإسلامية التقليدية والصوفية والقدرة على ترجمة مثل هذه الأعمال إلى لغات حيوية 12) مزايا الحداثة إلى كل التيارات والتمسك العام بالثقافة السائدة 13) القدرة على عبور الحدود الوطنية والثقافية باسم الدين 14) التواصل عبر الانترنت ونشر وجهات النظر التقدمية والتواصل بين الأفراد والمنظمات ذوي الفكر المتشابه الملهمين لبعضهم البعض عبر العالم
15) الحكومة الوطنية 16) الرغبة العالمية في الحرية والعدالة والسعي إلى حياة افضل للنفس والأشخاص المقربين مع أنها قد تكون حاسمة تظل مشتتة آو مبعثرة وتطلب تحريك للمواجهة الفعالة للفكر الاصولي بالاضافة إلى عدم إمكانية نجاح أي جهود لهزيمة التطرف الديني بدون قطع تيار أموال البترول تماما المستخدمة في تمويل هذا التطرف من ليدز إلى جاكرتا فقط من خلال إدراك المشكلة ووضع حد للتناحر داخل وبين الأمم والدول وتبني خطة متناسقة طويلة الأمد ( تنفذ بقيادة والتزام دولي) وبمجرد قدرتنا على شد مكابح الانتشار الفوضوي للأفكار المتطرفة والأمل في حل الأزمة العالمية في عدم الفهم من قبل الاقتصاد العالمي والحضارة الحديثة نفسها لتبدأ في الانكماش في وجه الهجمات المدمرة بحق
المسلمين أنفسهم يمكنهم ويجب عليهم أن يروجوا لفهم الإسلام الصحيح وعلى هذا ضد الفكر المتطرف مع انه يجب أن تحقق هذه المهمة التي تتطلب الفهم والدعم من الأفراد والمنظمات والحكومات ذوي العقليات المتشابهة عبر العالم
ويجب أن يتم بث هدفنا لقلوب وعقول البشرية وعرض بديل قاهر لرؤية الإسلام رؤية يمكنها محو الفكر المتعصب من الكراهية والظلام التي تنبع منها