بعد أن بينا أعلاه أن الجن مخلوقات مُكلفة وأنهم منهم المسلم ومنهم الكافر وأن الكافرين مصيرهم النار والعذاب الأليم والمؤمنين جزاءهم مغفرة وجنة ونجاة من العذاب .. جاء أبو جهل ليقول

"يقسم علماء المسلمين الجن إلى الجن العلوي المؤمن بمحمد وقرأنه والجن السفلي الكافر‎، ترى ماذا يفيد الجن إيمانه بمحمد وقرأنه ؟"


هل يمكن لباحث أراد الحقيقة معتمداً على القرآن أن يقول مثل هذا القول دون دليل ؟!! ..
لا يا سيدي قولك مرفوض فليس هناك أصلاً لهذه المسميات لا علوي ولا سفلي فلم يرد في القرآن ولا السنة النبوية هذه المسميات وهذا هو مرجعنا الأساسي ..أما عن القول ترى ماذا يفيد الجن إيمانه بمحمد وقرآنه فقد بيناه فيما سبق .


ونبين للقاريء أن جنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، : (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (الجن: 6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم.

وفي أستفسار الكاتب عن الآية
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) سورة الأنعام الآية 112

نأتي له بإحدى التفاسير ..

فمن تفسير الطبري " قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مسلِّيَه بذلك عما لقي من كفرة قومه في ذات الله, وحاثًّا له على الصبر على ما نال فيه: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، يقول: وكما ابتليناك، يا محمد، بأن جعلنا لك من مشركي قومك أعداء شياطينَ يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول، ليصدُّوهم بمجادلتهم إياك بذلك عن اتباعك والإيمان بك وبما جئتهم به من عند ربّك، كذلك ابتلينا من قبلك من الأنبياء والرسّل, بأن جعلنا لهم أعداءً من قومهم يؤذُونهم بالجدال والخصومات. يقول: فهذا الذي امتحنتك به، لم تخصص به من بينهم وحدك, بل قد عممتهم بذلك معك لأبتليهم وأختبرهم، مع قدرتي على منع من آذاهم من إيذائهم, فلم أفعل ذلك إلا لأعرف أولي العزم منهم من غيرهم. يقول: فاصبر أنتَ كما صبر أولو العزم من الرسل ."


فمعني " يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ "
يزين بعضهم لبعض الأمر الذي يدعون إليه من الباطل، ويزخرفون له العبارات حتى يجعلوه في أحسن صورة، ليغتر به السفهاء، وينقاد له الأغبياء، الذين لا يفهمون الحقائق، ولا يفقهون المعاني، بل تعجبهم الألفاظ المزخرفة، والعبارات المموهة، فيعتقدون الحق باطلا والباطل حقا.

ونريد الإشارة أن للجن منذرين و للإنس رسل وأنهم لهم عباداتهم التي تتفق معنا في أمور وتختلف في الأمور التي تتماشى مع طبيعتهم كجنس مختلف عن بني البشر يقول تعالى " يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ" سورة الأنعام الآية 130
فَالْمُرَاد بالرسل مِنْ مَجْمُوع الْجِنْسَيْنِ فَيَصْدُق عَلَى أَحَدهمَا وَهُوَ الْإِنْس

أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يبعث رسله من الإنس فيسمعهم الجن كمثل الجن الذين سمعوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فولوا إِلَى قومهم منذرين، فيكون النذر من الجن، والرسل من الإنس: وهذا الذي قال به ابن عباس ومجاهد وابن جريج وهو قول أكثر السلف .

ونجد الكاتب يقول مستنكراً "لكن ترى من غير محمد وأتباع محمد يؤمنون بالجن ؟"وينسى بل ويتناسى أنهم أيضاً يؤمنون بالجان كما سيأتي التوضيح في نهاية الفصل ولكن لا ضير أن أذكر له من سفر اللاويين(Lv-20-27)(واذا كان في رجل او امرأة جان او تابعة فانه يقتل بالحجارة يرجمونه.دمه عليه)


فترى ما المقصود بالجان هنا ؟!! وما هذا الهقاب الفظيع !!


يتبع إن شاء الله