وبعد هذه التعريفات التي لو قرأها الكاتب لما كلف نفسه عناء بحثه التافه نعود إلى ما كتب لنراه يستدل بالقرآن ليثبت لنا أمور نحن نؤمن بها تماماً كأن يريد إثبات أن الجن خُلق من نار، وأن إبليس خُلق من نار، وأن الشياطين من نار، وهذا لم نختلف معه فيه فكما ذكرنا أن هذه المسميات تدخل في عموم اسم الجنس (( الجن )) وأن كل منها يختلف عن الآخر في قدرته وفي إيمانه أو طغيانه وتمرده ،ولكنه بغباء يثبت لنا جهله فيقول

" في حوار سليمان والجن : قال عفريت من الجن أنا أتيك به ( عرش ملكة سبأ ) قبل أن تقوم من مقامك .... قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ( النمل 27 : 39-40 )
وهنا العفريت واحد من الجن كما إبليس وعند العفاريت علم من الكتاب ، ترى أي كتاب ذلك الذي تعرفه العفاريت ؟ "

إنتهى كلامه


السؤال هنا .. هل الذي عنده علم من الكتاب هو العفريت ؟ على من يعود الضمير فى كلمة عنده ؟ هل يعود على العفريت أم يعود على متكلم آخر ؟!! إما أن يكون جهلاً وهذا طامة أو يكون تدليساً فتكون الطامة أكبر فالآية الكريمة تقول

" (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ *قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) "


فالذي رد على العفريت كما قال أكثر أهل التفسير اسمه آصف بن برخيا وكان صديقا صالحا، وكان قريبا لسليمان؛ قيل إنه ابن خالته، وقيل إنه سليمان نفسه ، وهو الذي رد على العفريت .. والله أعلم .


ويقول الكاتب أن لإبليس ذرية في القرآن فلا نختلف في ذلك لقول الله تعالى
"( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) سورة الكهف الآية 50

ولكن طريقة وجود نسله هل هي عن تزاوج أو غيره ، لا دليل عليها من نص صريح.
ويرجع مرة أخرى ليقول

" يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم ( أصدقائهم ) من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغت آجالنا الذي أجلت (الأنعام 6 : 128)
وهنا نرى المتعة متبادلة بين الإنس والجن ، لكن لم يوضح أي نوع من المتعة "

الغريب أنه يفسر كلمة أوليائهم بأنهم أصدقائهم ، ثم يأتي بنتيجة ويقول ان هناك متعة متبادلة بين الجن والإنس متناسياً أن من خصتهم المتعة هم أولياء الجن وليس الإنس فمن هنا نقول ..من الذي إستمتع بالجن ؟ هل هم الإنس أم أولياء الجن من الإنس ؟ للعاقل الجواب .


ودعونا نفسر هذه الآية حتى لا نترك مجال للارتياب تقول الآية الكريمة "وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) سورة الأنعام الآية 128
هذا فيه أن الله -سبحانه وتعالى- إذا حشر الشياطين يوم القيامة وحشر الكهان وعملاء الشياطين يوبخهم: " يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ" يعني: أهلكتم كثيرا من الإنس وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ يعني: الكهان والسحرة وكل من يتعامل مع الشياطين " رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ" هم خدمونا ونحن خدمناهم في الدنيا " وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا" الآن وقفنا بين يديك يا ربنا، فيقول: " النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ" هذا مآل السحرة والكهان مع أوليائهم من الشياطين .

وهذا ما يدل عليه قول الله تعالى أيضاً (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) سورة الشعراء (221-223)


يتبع إن شاء الله