فتح السلطان
تلك الرسالة
التي وصلته منذ فترة من أسير في القدس مسلم
يقرأها للمرة السابعة
حيث كتب فيها
يا أيها الملك الذي لمعالم الصلبان نكس
كل المساجد طهرت و أنا على شرفي مدنس
أبيات من الشعر تعبر عن حال المسجد الأقصى
ووصلت الأنباء للفرنجة على تصميم صلاح الدين
لقد كاد أن ينشأ مدينة بجانبهم إذا طال الحصار
وكان يتصرف بمنتهى الهدوء
فطلبوا منه أن يعود
بدأ الأمير باليان
يطالبه بالعودة
لقداسة القدس عندهم
فقال للرسول :
قل للبرنس باليان
أني لن أتراجع
وقد أحببت الحصار حقا
أبعد 30 سنة من الحروب المستمرة
لأصل لهنا
أرجع
لم أقطع كل تلك السنين والمسافات
لأتراجع
واستطاع بكلماته أن يصيبهم بالإحباط
فقرروا تسليم المدينة
بشروط منها الأمان للأمير والجند
قبل سكان المدينة
والسماح لهم بالحج
أو يحرقوا القدس كلها عن بكرة أبيها
فقال صلاح الدين :
لن أعاملكم بأخلاقكم
عندما جاء أجدادكم منذ 100 عام
قتلوا 70 ألف برئ من المسلمين
حتى وصلت الدماء لركب الخيل
لكني رغم ذلك
سأحسن إليكم
سأجعل التاريخ حكما بيننا
ولم يصدق صلاح الدين وتقي الدين عمر
والقاضي الفاضل
وكل مسلم
لحظة تسلم صلاح الدين مفاتيح المدينة
القدس
صبيحة يوم الإسراء
27 رجب
حيث ليلتها ليلة الإسراء
ليستطيع أن ينظر للمسجد الأقصى
بنفس توقيت رؤية رسول الله للأقصى
ولك أن تتخيل فرحة الناس
وفوجئ بامرأة فرنجية
تصرخ
وتقترب من حصانه
أنت يامن تزعم العدل
رجالك سرقوا ولدي وباعوه في سوق الرقيق
فقال : اهدئي يا أمة الله
ليس في رجالي سراق
ثم قال : ابحثوا عن ولدها
واشتروه بمالي الخاص من خزانتي الخاصة
فردوه إليها
فركعت تبكي وتدعو لصلاح الدين بلغتها
وسجد صلاح الدين
بالقرب من المسجد الأقصى
و أطال البكاء
أخيرا تحققت الأماني
ليت الخاتون كانت حية
لترى ذلكم الموقف
و أخذ يدعو لنور الدين و أسد الدين
و أمر بتنظيف الأقصى
وغسلوه تماما
ثم طيبوه ببراميل العطور والمسك
ولم يصلوا تلك الجمعة فيه
و إنما الجمعة التي تليها
وأمر بأن يأتوا بمنبر نور الدين
فوضعوه في الأقصى
وبدأ رحيل الفرنجة
فأعفى معظمهم من الفدية
وخفض المال عن معظمهم
وبالغ في تكريمهم
استنكر عليه بعض الأمراء
المبالغة في حسن معاملتهم
يعني نصارى العرب قلنا لا بأس
فما بالك تكرم نصارى الغرب الفجرة
فقال : سيحكم بيننا التاريخ
والسيرة
غادروا على سفنهم
وصلاح الدين يقف مع القاضي الفاضل
يشهد الرحيل
فبكى صلاح الدين
فقال القاضي :
مولاي أتبكي من الفرحة
فقال : لا
إنني ممن لا يفرح كثيرا
في هذه الدنيا
إنما أبكي
لأنني لطالما تمنيت الشهادة
والأن لا أدري هل سيطول عمري
فألاحق الفرنجة
لبلاد ما وراء البحر
فلا يبق على ظهرها كافر أو أموت
ولم تلبث أرملة أرناط
أن ذهبت لريتشارد
ملك الإنكليز
توغل صدره على صلاح الدين
واخترعت الأكاذيب
قالت : يحرق الكنائس
ويسئ لعباد المسيح
ويمنع الحجاج
وقتل القديس رينوه أمام أعيننا
واصطنعت البكاء
ونزلت دمعة تماسيح
على وجهها لتضيف لخبثها خبثا
فغضب ريتشارد
غضبا شديدا
ولكنه بلسان الحال
قال يا فيرجينيا :
الليلة خمر ونساء وغدا ننظر في أمر الدين
ومضت ليلتهما في الفواحش
المذمومة البشعة
ولم يكن في قاموسها كلمة حرام
ولم تكن تدري وقفت بالعداء لمن
لصلاح الدين
ولم تكن تدري عاقبة ذلكم العداء
زحف الفرنجة بجيش عرمرم
لعكا عن طريق البحر
اتحاد ملوك الغرب
الإنكليز والألمان والفرنسيس
وسائر ملوك أوروبا
حاصروا عكا
ولم يكن صلاح الدين في عكا
كانت قوية التحصينات
لكنهم كان معهم أبراج غير قابلة للإحتراق
مغطاة بمواد كيميائية
بحيث لا يستطيع المسلمون حرقها
أخذوا عكا
وارتفعت في عكا
أعلام ريتشارد قلب الأسد
ونزلت الأعلام الصفراء ذات النسر
فيا أسفا على عكا
إذا ارتفع العصفور وانخفض النسر
وعلم صلاح الدين بذلك
فاغتم بالأمر
وبدأ ريتشارد يأخذ بعض المدن على الساحل
يستردها من المسلمين
بواسطة الأبراج اللعينة
فطلب صلاح الدين
من عالم كيمياء صغير السن
متميز
هو
الدمشقي على بن عريف النحاسين
صناعة قذيفة تخرق الأبراج
وكان صلاح الدين يلهمه بالأفكار
فعكف في معمله
حتى توصل لمادة
تحرق مالا يحرق
وضعها في قذائف
ليرمونها بالمجانيق
أو بالأسهم
وبالفعل
بدأ التخطيط لمعركة فاصلة مع ريتشارد
ولكن السلطان استدرجه
لغارات متفرقة
فانبهر بقوة صلاح الدين
ولم يتخيل ذلك
فبدأ يتراجع يخطط لمحاصرة مدن أخرى
وكان صلاح الدين في خيمته
معه القاضي شداد
يقرأ عليه أحيانا من الأحاديث
واقترب وقت الفجر
كان السلطان مكدر الخاطر
ينصت للأحاديث
أراد أن ينام
لكن القاضي قال : مولاي بقي على الفجر القليل
فعاد لجلسته
فدخل جندي
وقال:
اختم لي هذه الورقة أيها السلطان
فقال السلطان : أنا مكدر الخاطر ليس الأن
فقال الجندي : بل الأن
فقال السلطان :
الختامة ليست معي والضوء خافت
فقال الجندي : الختامة هاهي وراءك
فالتفت السلطان
فاتكأ على يده
جاء بالختامة وختم له الورقة
فلما غادر الخيمة
بكى القاضي
فقال السلطان : ما يبكيك
فقال : بكيت لأن المولى يشارك النبي
صلى الله عليه وسلم
في قوله تعالى
و إنك لعلى خلق عظيم
فدمعت عين السلطان
حيث تذكر عصمت الدين خاتون
حيث كانت تبالغ في مدحه
ووصف أخلاقه
وبينما الخدم يلعبون بالحذاء
ضرب الحذاء وجهه
فابتسم السلطان ووقف وضع يده خلف ظهره
فدخل الخادم
يكاد يسقط من الخوف
أخذ فردة الحذاء وفر هاربا
فعند تكدر الخاطر يظهر حسن الخلق
وطلبه ريتشارد
لعقد هدنة
فقد اكتشف أن فيرجينيا كاذبة
و أن صلاح الدين
ليس مجرد فرد
متميز
بل فرد
ثم أمة كاملة
كلهم على خطاه
كالجسد الواحد
وذهب صلاح الدين
بصحبة ثلاثة من القوات الخاصة
منهم تقي الدين عمر
استقبله ريتشارد
بسجاد طويل
ومعه ملوك الغرب
ظن أنه سيهاب الموقف
قدموا أنفسهم بكبرياء بالغ مذموم
فقدم نفسه بطريقة تجمع بين العزة والتواضع
صلاح الدين
خادم الإسلام
هكذا قال
وبدأ يناقش ريتشارد
وكاد ريتشارد أن يقتنع به
لولا تلك اللعينة
قالت : مولاي ريتشارد
لا تصدقه
ويده ملوثة بألوف من المسيحيين
وخاصة القديس رينوه
وبدأت تكيل السباب والشتائم
وبدأت تسب الإسلام
فقال صلاح الدين :
ليس عجيبا أن يصدر ذلك من أرملة الكلب رينوه
الذي سب نبينا فقتلته
ولولا أنكي امرأة
تحتمي بقومك
لكنت مزقت وجهك الجميل إربا إربا
فقالوا له : احترس إنك تخاطب سيدة صليبية
فقال صلاح الدين:
أنا أدرك كيف أحترم النساء
لكن هذه المرأة
أرملة السفاح الذي قتل الحجاج العزل
ثم قال : فيرجينيا سود الله وجهك
إذ لم تتعظي بزوجك
أوغلتي على ملوك أوروبا والأن تسبين الإسلام
أسأل الله أن يحرق وجهك الجميل
فهم الفرسان الفرنجة بسحب سيوفهم
لكنهم وجدوا فرسان صلاح الدين أيديهم على سيوفهم
في تحفز ملهوف للقتال غير مبالين بالعدد
فأشار لهم صلاح الدين أن يهدأوا
فقال ريتشارد : يبدو أنك اخترت الحرب
فضحك صلاح الدين
ليسخر منهم
يخفي مشاعره إذ عجز عن قتل فيرجينيا وهي محتمية بألوف الفرسان
ولما غادر
صرخت فيرجينيا :
لماذا لم تقتله
فقال ريتشارد بقلق : لا أدري
لقد شعرت بمهابة لم أشعرها أمام إنسان من قبل
وهو حسبما فهمت
لا يقتل حتى يقتل منا مئات الفرسان
والملوك
وانقلب ريتشارد على فيرجينيا
ينهرها
أما هي فقد ظنت لوهلة
أن السماء ستنزل عليها عواصف حارقة
بسبب دعوات صلاح الدين
ثم بدأت تضحك بهستيرية
وتشرب الخمر
وفي المعركة الفاصلة
انطلقت التكبيرات
مع المقاذيف بمادة الدمشقي الجديدة
نزلت على الأبراج
مثل انقضاض النسر على الفريسة
فاحترقت الأبراج كلها
ونزلت المادة
تلك
بل قطرات منها
على وجه فيرجينيا
فتشوه تماما
فبين ساخر من جمالها السابق وبين باكي
حتى قتلوها رحمة بها
ورفع ريتشارد رايات الإستسلام
وقبل شروط صلاح الدين
كل الشروط
وعاد لأوروبا
يجر أذيال الخيبة
ويلعن فيرجينيا صاحبة الجمال المحترق
وعادت العزة والمجد للإسلام
لدرجة أن تم بيع أسير فرنجي
بفردة حذاء
وفي القاهرة أجلسوا أمير فرنجي
على حمار من ظهره
يطارده السفهاء
وبدأ صلاح الدين
يهتم من جديد
بالعبادة والعلم
ثم بعمارة الأرض
وكان بلغ ال 56 من عمره
الناصر 56
واستقبل الحجاج
واسترجع وبكى إذ لم يتيسر له الحج
وبدأ يلق من الأمراء تخاذل شديد
في الجهاد والفتوحات
فجمعهم
فقالوا : نحن خدمك ومماليكك
ولكنها كانت عبارات توقير جوفاء
فتذكر مواقفه مع نور الدين
غير أنه كان محق
والأمراء أخذتهم الدنيا
وجمعهم للمرة الثانية
خافوا من بطشه
لكنه أحسن إليهم و أحرجهم بكرمه
ولما فارقهم
بلغ منه الحزن مبلغه
فلزم الفراش
وذهل
خرج عن الوعي
ولم يجاوز ال 57 من عمره
وأخذ الشيخ يقرأ عليه القرأن
يوم 27 صفر
فلما بلغ قوله تعالى
هو الله الذي لا إله إلا هو
قال صلاح الدين
صحيح
حقا
أشهد
وابتسم
ابتسامة معناها هزء بهذه الدنيا
ولحق بالخاتون كما تمنى
ولكن العرب وخاصة المسلمون
أصابهم الحزن الشديد
والبكاء المرير
على وفاة الرجل الأسطورة
معز الإسلام
مذل الشرك والمبتدعة
بطل حطين
الناصر صلاح الدين
مضى على وفاته
أكثر من 8 قرون
لكن مؤكد أحفاده أحياء
و أحفاد جنوده
ربما يكون جدك كان أميرا عنده
ومن جنوده
كان من الجنود الذين شاركوا في تحرير القدس
علماء
مثل ابن الجوزي
وليس ابن القيم
حتى لا تختلط الأسماء
وكمية من القضاة والفقهاء
دخلوا المعارك كجنود
ولم يحملهم السلطان فوق طاقتهم
في المرة القادمة إن شاء الله
تكون قصة جديدة
بعد رمضان
إن شاء الله
مذكرا إياكم بما اتفقنا عليه من الأوراد
وكان الإمام الشافعي
يفرغ نفسه للقرأن تماما في رمضان
ليختمه مرتين في الليلة
كل ليلة
كان يفرغ نفسه من كل شئ
كل شئ
كل شئ
المفضلات