كرر حتى تقرر !
أبو عبد الرحمن البخارى
فمن القواعد الإعلامية التي وضعها مؤسسو الإعلام في العالم (اليهود) قاعدة "كرر حتى تقرر" وهى ليست قاعدةً خاصةً بشيء صحيح أو عادة جميلة يراد لها الإنتشار في المجتمع ، لا بل هي قاعدة ُتسْتَجلب حينما يكون المالك للآلة الإعلامية يريدُ تقريرَ فكرةٍ ما وبثها في المجتمع على نحو معين يوضح ذلك قولة اليهود المشهورة "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى ُتصَدَّق كذبتك" وليست قصة الهولوكوست منا ببعيد فقصة الهلولوكوست كما يحكيها الصهاينة تقول أن هتلر قتل منهم ستة ملايين حرقاً في الأفران أو ما شابه ذلك وليس هذا كلاماً حقيقياً فهتلر أحرق من اليهود عدداً جماً نعم لكن لم يكن هذا العدد المهول المبالغ فيه ،لكن اليهود ظلَّوا يكررون القصة بمغالطاتها حتى تقررت في العالم وأصبحت قصة مسلمة مسلم بها بل هناك بلدان تعاقب من يشكك مجرد تشكيك في الرقم فضلاً عن التكذيب ،قس على ذلك إعلامنا المبثوث في بلادنا من جرائد ومجلات وإذاعات وشاشات إذ أنه "إعلامٌ قائمٌ بعقولٍ صهيونيةٍ وألسنةٍ عربيةٍ" لذلك لا تجد عند إعلامنا الصدق إلا إذا وجدتَ غراباً ابيض وذلك لأن الإعلام ليست وجهته إصلاح البلادِ والعبادِ إنما وجهته وفكرته تدور حيث دارت مصلحته " وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا "بالضبط كما يدور طالب العلم حيث دار الدليل فكذا الإعلام يدور حيث دار المال ، فتراه يكذب طوال الليل والنهار حتى يقلب الصدقَ كذباً والباطلَ حقاً لأجل قليلٍ من المال صادقاً فيه قول النبي "يبيع دينه بعرض من الدنيا زائل" وما أصدق تشبيه بعض أهل العلم لإعلامنا اليوم بسحرة فرعون هؤلاء الذين سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وسبحان الله نفسُ الدوْرِ الذي قام به سحرةُ فرعونَ في الماضي يقوم به إعلاميو عصرنا اليوم فإنك ترى قلبهم للحق فترى الحقَ باطلاً وترى الصدقَ كذباً فتدور عينك كالذي يغشى عليه من الموت قائلاً " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" أليس هؤلاء الذين كانوا بالأمس يتباكون على سيدهم وزعيمهم المفدّى "مبارك" عليه من الله ما يستحق ، إنهم هم هم هؤلاء المرتزقة الذين يقتاتون من موائد الأسياد كما تفعل الكلاب، وهم وهم من كانوا يناشدون الثوارَ بالرجوعِ إلى منازلهم ،ف"السيَّدُ العظيمُ الرؤوفُ الرحيمُ الحكيمُ الحليمُ " َقدَّمَ مصلحةَ الوطنِ على أيِّ مصلحةٍ وَقدَّمَ واجبَ الوطنِ على كلِّ واجبٍ وذرفت أعينهم الدموعَ لأجله وُردَّ السلامُ عليه بكلِّ رأفةٍ ورحمةٍ وهو الذي لم يرحم شعبه ثلاثين عاماً شعبه هذا الشعب الطيب الذي سرعان ما يتسامح ويتجاوز عن حقه بل سرعان ما ينسى حقه ،وإذا بالشعب ينسى فعلَ هؤلاء . ينسى كذبهم وتضليهم وتخديرهم طيلة ثلاثين عاماً مدةَ حكمِ الرجل .ينسى أن هؤلاء القوم ليست مصلحتهم البلد ولا هم يخافون على الوطن ولو صدقوا لعارضوا ولثاروا مع من ثار على هذا الجبار ولكن كيف يعارضون مصلحتهم ؟ كيف يعارضون ولى نعمتهم؟؟ كيف يعارضون سيدهم الذي كان يضربهم بالنعال و"البراطيش"على حد قول المدعو/عمرو أديب فيصفقوا له ويقولون "يحيا ربنا الأعلى"
يسعى إلى ذل ٍ وتلك سجية ************** في العبد لا يرتاح إن لم يضرب ِ
أو كما قال المتنبي:
العبـد ليس لـحر صالـح بـأخ *************** لو أنه فـي ثيـاب الـحر مولـود

لا تشتـر العبـد إلا والعصا معـه ************** إن العبيـدَ لأنـجاس منا كيد
فما أن سقط سيدهم حتى رأوا تياراً كانوا يظنونه قد اندثر أو انمحى أو اختفى من على وجه المعمورة(مصر) من كثرة اغتياله بالتصفية مرة وبالمعتقلات مراتٍ ومرات ظنوا أنَّ هذا التيار قد اختفى وذهب إلى غير رجعة ومن قاعدتهم "كرر حتى تقرر" صدقوا أنفسهم قد ُقضىَ عليه فإذا بهم قد أخذتهم الدهشة والصدمة فجعلوا يسألون أين كان هؤلاء؟؟ ومتى ظهر هؤلاء؟؟ وكيف ظهر هؤلاء؟؟ ووصل بهم الهذيان إلى قولهم "هبطوا علينا بعد الثورة بالبراشوت" وبدأت آلتهم المسعورة توجه الاتهامات اتهاماً وراء اتهام وعلى نفس القاعدة"كرر حتى تقرر"
بدأت الحملة المسعورة بدءاً من "سلفي يقطع أُذنَ قبطيِّ في قنا " إلى وجود ثورةٍ شعبيةٍ تريد الإطاحة بمرسي كما أطاحت بمبارك"استنساخ ثورة25 يناير" وهذا خلاف الواقع ،وهو ما لم يحدث ولا نرى مؤشراته بل الذي نراه محاولةً من الإعلام الفاسد إلصاق عدم السلمية للثورة المباركة(25يناير) في تأييده للحرق والإفساد وقطع السكك والطرق وغيرها من الأعمال التي لم يصنعها الشباب الثوري في ثورته الشريفة على الظلم والفساد والقهر والاستعباد بل خرج بسلمية، ولو كانت ثورة يناير غير سلمية ما نجحت وما كان لها أن تنجح بغير ذلك
شتان بين الفعلين بين ثورة جمعت كلَّ أطياف الشعب لإسقاط نظام ظالم غاشم وبين مظاهراتٍ لقوى لا تتمثل فيها كلُّ أطياف الشعب لإسقاط نظامٍ منتخبٍ من قبل الشعب مع عدم نزول غالبية الشعب للمطالبة بمطالب المعارضة فلا حشد يُرى كحشد يناير ولا سلمية تُرى كسلمية يناير بل على النقيض نرى شباباً يقطعُ السكك الحديدية ويقطع المترو ويحرق بالمولوتوف ومع ذلك نرى الإعلام الفاسد يؤيد ويمجد هذه الأفعال ويسقطون فعلهم على ما تم في أحداث يناير التي خرج الناس فيها كبيرهم وصغيرهم رجالهم ونسائهم مسالمين حتى يسقطوه على مجموعة تريد أن يثورَ الناس رغماً عن الناس يريدون إرغام الناس على أن يثوروا ضد نظامهم الحالي مع دعوة للعصيان المدني بمفهوم جديد لا يوجد إلا في بلادنا مصر
وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء
فالذي نعرفه عن العصيان المدني أن يرفض الناس العملَ برغبتهم احتجاجاً على وضعٍ ما في البلاد أما عندنا في مصر فالأمر مختلف فالعصيان المدني(المصري) هو "أن أدعو الناس للعصيان المدني فإذا لم يستجيبوا لي أرغمهم على العصيان بأن أقطع طريقهم وأغلق مجامعهم وأحرق أماكنهم فيَدَعوا العمل رغماً عنهم" وإعلامنا المبجل يبارك هذه الأعمال المشينة التي تجعل الناس تنفر منهم ومن ثورتهم .
إن من أهم العوامل التي ساعدت على نجاح الثورة بعد توفيق الله سبحانه وتعالى "سلمية الثورة" ولو خرجت عن سلميتها ما قُدِّرَ لها النجاح ، وما خرج الشباب الثائر يوم خرج ضد نظام غاشم جاثم على صدور الناس ثلاثين سنة ما خرج بسلاح ولا مولوتوف ولا أيِّ عدوانٍ سوى صدورٍ عاريةٍ واجهوا بها الرصاص وإذا بالإعلام يدلس على الناس ثورتهم الأولى بأن الناس استعملوا العنف وكذبوا فما استعمل الناس العنف في الثورة الأولى حتى يستعملوه في ثورتهم الثانية المزعومة ولكن إعلامٌ بلا ضمير يكرر كذباً حتى يقرره حقيقة في أذهان الناس وهو الكذب المفضوح ، فوجب على العقلاء من الساسة والمفكرين أن يضعوا ألف علامة استفهام حول موقف الإعلاميين هذا
ما الذي يجعل الإعلاميين يعادون رئيس الدولة الآن ؟؟؟ لا أقول جلهم بل كلهم آستيقظت ضمائرهم الآن؟؟
أم أن المصلحة عندهم في إسقاطه ؟؟؟ وما الجديد الذي نراه اليوم؟؟ بدلاً من أن يلمع الإعلام الرئيس إذ أن الإعلامَ بوقٌ من أبوقة النظام في كل زمان ومكان إذا به يهاجمه مهاجمة شرسة
فما القصة وراء مهاجمة الإعلام للرئيس ؟؟؟؟ لا أظنها مطمئنة بل هي شرٌ كبيرٌ

أبو عبد الرحمن البخارى
http://www.tanseerel.com/main/articl...ticle_no=53525