المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *Mahmoud*
موضوع متميز مشرفنا العزيز جزاك الله خيراً ..

لقد لفتتني النقطة الخامسة من الخاتمة والتي قلتَ فيها :




هل صحيح أن كعب الأحبار كان يروي الإسرائيليات ويضعها في الأحاديث ؟ وهل كان ذلك منه عن حسن نية أم عن سوء نية؟

لأنه سبق وقرأت كلاماً لبعض من شكك بصحة إسلام كعب الأحبار، وقد تجرأ على تشبيهه بشاؤول اليهودي (بولس) الذي دخل في النصرانية ليفسدها ...

فما مدى دقة هذا الكلام ؟ وهل يجوز إلقاء الكلام جزافاً على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم إن هناك أدلة تدعم هذا الاتجاه ؟
واياكم أخي الحبيب ....
بالنسبة لكعب الأحبار فهو لم يكن يضع الأحاديث ، بل كما قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" : "هو كعب بن ماتع الحميري اليماني العلامة الحبر ، الذي كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقدم المدينة من اليمن في أيام عمر رضي الله عنه ، فجالس أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ، ويحفظ عجائب ويأخذ السنن عن الصحابة . وكان حسن الإسلام ، متين الديانة ، من نبلاء العلماء " .

وراجع هذا الموضوع :
http://www.kl28.net/knol3/?p=view&book=307

فكعب الأحبار رحمه الله لم يكن ينسب أي قول من الاسرائيليات أو من كلامه الى النبي صلى الله عليه وسلم ، بل كان الوهم والخطأ يصدر ممن يروي عنه ، فيخلط بين كلامه وبين كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

قال بكير بن الأشج : قال لنا بُسر بنُ سعيد : " أيّها النّاسُ ، اتّقوا اللهَ ، وتحفّظوا في الحديث ؛ فوالله لقد رأيتنا نجالسُ أبا هريرة ، فيُحدِّثُنا عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ويُحدِّثنا عن كعبٍ ، ثم يقوم ، فأسمع بعضَ من كان معنا يَجعلُ حديثَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كعبٍ ، ويجعل حديثَ كعبٍ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم " . [أخرجه الامام مسلم في "التمييز" (ص 175) ، وفي "التفصيل" كما في فتح الباري لابن رجب (3/410) ، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (67/359) : حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، ثنا مروان الدمشقي ، عن الليث بن سعد ، حدثني بكير بن الأشج ، قال: قال لنا بُسر بنُ سعيد ... فذكره ، وقال ابن رجب : "اسناده صحيح" ، وذكره الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (2/606) ، وابن كثير في "البداية والنهاية" (11/377)] .

لذا فأن علماء الحديث قد تحروا ذلك أشد البحث والتحري ، وكشفوا لنا أدق العلل الخفية في الأحاديث التي دخلها الوهم ، فخلط رواتها بين ما هو من كلام كعب ، وما هو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، عن طريق جمع طرق الحديث ومقارنتها ببعض ، والاعتبار بضبط رواتها وطريقة أدائهم للرواية .

ولنأخذ مثال من أحد كتب علل الحديث ، وهو علل الامام الدارقطني رحمه الله (10/125) :
(
وسئل عن حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وفد الله ثلاثة: الغازي والحاج والمعتمر.

فقال: يرويه سهيل بن أبي صالح، واختلف عنه؛

فرواه بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، تفرد به عنه ابنه مخرمة بن بكير.
وخالفه روح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن المختار، والدراوردي، وابن أبي حازم، ووهيب بن خالد رووه عن سهيل، عن أبيه، عن مرداس الجندعي، عن كعب الأحبار قوله، وهو الصحيح ) .

فعلم الحديث قد فرق لنا بين ما قاله كعب الأحبار ، وما بين ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، فالحمد لله على نعمة هذا العلم .