حديث عبد الله بن مسعود :

ويروى عنه من ثلاثة طرق :

الطريق الأول : عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عبد الله ، أتدري أي عرى الإسلام أوثق ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " الولاية في الله ، والحب في الله ، والبغض في الله ، يا عبد الله ، أتدري أي الناس أعلم ؟ " قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإن أعلم الناس أعلمهم بالحق إذا اختلف الناس ، وإن كان مقصرا في العلم ، وإن كان يزحف على استه زحفا " لفظ الطيالسي .

ومداره على الصعق بن حزن ، ورواه عنه كلا من :
1- أبو داود الطيالسي : أخرجه في "مسنده" (376) ، ومن طريقه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (761) والبيهقي في "السنن الكبرى" (10/393) ، وفي "شعب الايمان" (9064) ، وفي "المدخل" (ص 446) ، وفي "الآداب" (177) ، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2/118) ، وابن عساكر في "تبيين كذب المفتري" (ص 126) ، وابن قدامة المقدسي في "المتحابين في الله" (15) .

2- زيد بن الحباب : أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6/172) ، وفي "مسنده" (321) ، ومن طريقه ابن عبد البر "جامع بيان العلم" (1503) .

ملحوظة : في كتاب "الايمان" (134) لابن أبي شيبة : حدثنا زيد بن الحباب ، عن الصعق بن حزن البكري ، قال: قال صلى الله عليه وسلم: " أوثق عرى الإيمان : الحب في الله، والبغض في الله " ، وهذا سقط في الاسناد ، لأنه من المفترض ألا يختلف عن اسناده في المصنف ، والله أعلم .

3- عارم (وهو محمد بن الفضل أبو النعمان السدوسي البصري) : أخرجه الشاشي في "مسنده" (772) ، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/408 و 409) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/177) ، وابن عبد البر في "التمهيد" (17/430) ، وفي "جامع بيان العلم" (1502) ، وابن القيسراني في "صفوة التصوف" (509-جوامع الكلم) .

4- شيبان بن فروخ : أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/220) – ومن طريقه الشجري في "الأمالي الخميسية" (2084)– ، وفي "المعجم الأوسط" (4479) ، وفي "المعجم الصغير" (624) ، وأبي ذر الهروي في "جزء من فوائد حديثه" (1) ، والثعلبي في "تفسيره" (9/248) .

5- عبد الرحمن بن المبارك : أخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (3/402 و 403) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (10/220) – ومن طريقه الشجري في "الأمالي الخميسية" (2084) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/177) – ، والحاكم في "المستدرك" (3790) ، والبيهقي في "شعب الايمان" (9065) .

من طريق الصعق بن حزن ، عن عقيل الجعدي ، عن أبي إسحاق ، عن سويد بن غفلة ، عن عبد الله بن مسعود بنحوه ، وفي بعضها زيادات ما ليس في الأخرى .


قال ابن أبي حاتم : " وسألت أبي عن حديث رواه أبو داود الطيالسي ، عن الصعق بن حزن ، عن حرب الجعدي ، عن أبي إسحاق ، عن سويد بن غفلة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدري أي عرى الإسلام أوثق قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " الولاية في الله ، والحب في الله ، والبغض في الله ، أتدري أي الناس أعلم قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن أعلم الناس أعلمهم بالحق إذا اختلف الناس ، وإن كان مقصرا في العلم ، وإن كان يزحف على استه " . قال أبو داود : هو حرب الجعدي ، والناس يقولون : عقيل ، وسألت أبي عن ذلك ، فقال : هذا خطأ ، إنما هو الصعق بن حزن ، عن عقيل الجعدي ، عن أبي إسحاق ، وليس لحرب معنى ، ونفس الحديث منكر لا يشبه حديث أبي إسحاق ، ويشبه أن يكون عقيل هذا أعرابيا ، والصعق فلا بأس به " [العلل (5/272 و 273)] .

قال العقيلي : "وقد روي بعض هذا الكلام عن الربيع ، عن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب موقوفا " .

قال الطبراني : " لم يرو هذا الحديث عن أبي إسحاق إلا عقيل الجعدي ، تفرد به: الصعق بن حزن " .

وقال الحاكم : "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، وتعقبه الذهبي في التلخيص : " ليس بصحيح " .

قال البيهقي : " روي ذلك من حديث البراء وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم قال الشافعي رحمه الله: ولو خص امرؤ قومه بالمحبة ما لم يحمل على غيرهم ما ليس يحل له فهذه صلة ليست بعصبية , فقل امرؤ إلا وفيه محبوب ومكروه " [السنن الكبرى]

قلت : وهذا اسناد منكر ، لأجل عقيل الجعدي وهو منكر الحديث ولم يرو غيره .قال البخاري في "التاريخ الكبير" (7/53) : "منكر الحديث" .

وقال أبو حاتم الرازي : " هو منكر الحديث ذاهب ويشبه ان يكون اعرابيا إذا روى عن الحسن البصري قال دخلت على سلمان الفارسى فلا يحتاج ان يسأل عنه" [الجرح والتعديل (6/219) لابنه] .

وقال العقيلي : " عقيل الجعدي عن أبي إسحاق الهمداني ، حديثه غير محفوظ ، ولا يعرف إلا به " .

وقال ابن حبان في "المجروحين" (2/192) : " منكر الحديث يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات فبطل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيه الثقات " .

وقال ابن عدي في "الكامل" (7/100) : " وعقيل الجعدي لم ينسب وإنما له هذا الحديث الذي ذكره البخاري" .

وقال البيهقي : " عقيل الجعدي غير معروف ويمكن إجراء الخبر إن ثبت على ظاهره أن يكون تقصيره في العمل لا يقدح في علمه ويكون تركه العمل بعلمه زلة منه تنتظر فيئته، وبالله التوفيق " [المدخل] .


الطريق الثاني :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا ابن مسعود، قلت: لبيك ثلاثا ، قال : " تدري أي عرا الإيمان أوثق؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: الولاية في الله، والحب في الله، والبغض في الله " ثم قال: يا ابن مسعود، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: " أي المؤمنين أفضل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إذا اختلفوا , وشبك بين أصابعه أبصرهم بالحق وإن كان في علمه تقصير، وإن كان يزحف زحفا " ثم قال: " يابن مسعود , هل علمت أن بني إسرائيل افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة لم ينج منها , إلا ثلاث فرق: فرقة أقامت في الملوك والجبابرة ، فدعت إلى دين عيسى ، فأخذت ، فقتلت بالمناشير ، وحرقت بالنيران ، فصبرت حتى لحقت بالله ، ثم قامت طائفة أخرى لم تكن لهم قوة , ولم تطق القيام بالقسط، فلحقت بالجبال، فتعبدت، وترهبت , وهم الذين ذكر الله تعالى : ( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) [الحديد: 27] إلى قوله : (وكثير منهم فاسقون)[الحديد: 16] ، وفرقة منهم آمنت وهم الذين آمنوا بي , وصدقوني , وهم الذين رعوها حق رعايتها ، {وكثير منهم فاسقون} [الحديد : 27] ، وهم الذين لم يؤمنوا بي ، ولم يصدقوني ، ولم يرعوها حق رعايتها , وهم الذين فسقهم الله " أو بنحوه .

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (10/171) ، - ومن طريقه الشجري في "الأمالي الخميسية" (2069) و (2135) - ، وابن عدي في "الكامل" (2/203 و 204) ، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة" (38) ، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2/119) ، وابن عساكر في "تاريخه" (10/391) و (36/196 و 197) عن الوليد بن مسلم

وابن بشران في "الجزء الأول من أماليه" (774) : حدثنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن منجاب الطيبي ، ثنا عبد الله بن عبد الله البخاري ، أخبرني عمر بن محمد ، ثنا أبي ، ثنا عيسى بن موسى

كلاهما (الوليد بن مسلم و عيسى بن موسى) من طريق بكير بن معروف ، عن مقاتل بن حيان ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن مسعود .

قال ابن شاهين : " وهذا حديث حسن الإسناد ، غريب اللفظ من ألفاظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأبان لنا أن أهل النجاة هم العالمون بالصلاح من الفساد عند اختلاف الناس ، فمن لم يعرف الحق ، وقع في الباطل ، ومن عرف الباطل اجتنبه . ومن أدعية من تقدم : اللهم أرنا الحق حقا وألهمنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا ، وألهمنا اجتنابه . فمن لزم الحق لم يضره قلة العمل ، ومن لم يعرف الحق لم ينفعه كثرة العمل ؛ لأن العمل بلا علم لا يضر ولا ينفع " .

متابعة عيسى بن موسى :
وهي متابعة واهية لا تثبت الى عيسى بن موسى ، فما بينه وبين شيخ ابن بشران لا يُعرفون !
فلا يعرف عبد الله بن عبد الله البخاري ! ولا عمر بن محمد هذا ولا أبيه !! فهذا اسناد مظلم !
فصل في حال بكير بن معروف :
فعن سفيان بن عبد الملك قال: سمعت ابن المبارك قال: ارم به .[الضعفاء الكبير (1/150) للعقيلي ، والضعفاء والمتروكون (1/152) لابن الجوزي ، وغيرهم]
وقال ابن عدي : أخبرنا جعفر بن أحمد بن عاصم ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثنا مروان (وهو ابن محمد الطاطري) ، قال: حدثنا بكير بن معروف أبو معاذ ، وكان ثقة .وقال هشام بن عمار : ورأيت بكير بن معروف وسمعت منه الكثير ولم أكتب منه شيئا، وكان يخضب بالصفرة. [المعرفة والتاريخ (1/158) للفسوي ، والجرح والتعديل (2/406 و 407) لابن أبي حاتم]
وقال يحيى بن معين "بكير بن معروف كان خراسانيا روى عنه نوح المضروب" [تاريخ الدوري (4/373)]
وقال أحمد بن حنبل : بكير بن معروف أبو معاذ قاضي نيسابور ما أرى به بأس . [العلل ومعرفة الرجال (2/360) رواية ابنه ، والتاريخ الكبير (2/117) للبخاري ، والجرح والتعديل (2/407) لابن أبي حاتم]
وذكره ابن حبان في الثقات (8/151) .
وقال الدارقطني : " خراساني ليس بالقوي" [العلل (11/80)]
قال ابن عساكر : كتب إلي أبو نصر القشيري ، أخبرنا أبو بكر البيهقي ح وأخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر فيما أرى ، أخبرنا موسى بن عمران قالا :أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه قال سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول سمعت أبي يقول : بكير بن معروف قاضي نيسابور ذاهب الحديث.[تاريخ ابن عساكر (10/393 و 394) ، وتهذيب الكمال (4/253 و 254) ، وتهذيب التهذيب (1/495) لابن حجر]
وقال الآجري عن أبي داود : "ليس به بأس" [تهذيب التهذيب (1/496) لابن حجر ، و"الاكمال" (3/34) لمغلطاي]
وقال ابن عدي : " وبكير بن معروف ليس بكثير الرواية ، ولا أعلم يروي عنه غير الوليد بن مسلم ومن أهل خراسان من يروي عنه غير محمد بن مزاحم وغيره، وهو قليل الروايات وأرجو أنه لا بأس به وليس حديثه بالمنكر جدا " .وقال ابن خلفون في «الثقات»: ضعفه بعضهم ، وأرجو أن يكون صدوقا في الحديث. ["الاكمال" (3/34) لمغلطاي]
.


خلاصة مرتبته : صدوق لا بأس به ، مقل .

خلاصة الطريق الثاني : بسقوط متابعة عيسى بن موسى للوليد بن مسلم ، سقط معها هذا الطريق ، لأن الوليد بن مسلم يدلس ويسوي ، ولم يصرح بالسماع في جميع طبقات السند ، سوى عن شيخه .

الطريق الثالث :

أخرجه حمزة بن يوسف السهمي في "تاريخ جرجان" (ص 281 و 282/ رقم 479) : ذكر عبد الله بن عدي الحافظ وأنا شاك في سماعه ، حدثنا محمد بن بشر بن يوسف ومحمد بن خريم بن عبد الملك قالا : حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا أبو الصلت شهاب بن خراش ، حدثنا بكر بن خنيس ، عن سالم النصيبي ، عن عواد بن نافع قاضي جرجان ، عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أي عرى الإيمان أوثق ؟ " ، قالوا : الصلاة الزكاة صوم رمضان الحج قال : "إن الحج لحسن" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: " الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان " قال: " فأي المؤمنين أفضل ؟ " ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال: " أحسنهم عملا بعد المعرفة " قال : " فأيهم أعلم ؟ " .

قلت : وهذا اسناد واهي ، فيه :
1- شك السهمي في سماع ابن عدي من شيخاه .
2- بكر بن خنيس : وهو ضعيف الحديث .
3- سالم النصيبي : لا يُعرف .
4- عواد بن نافع : لا يُعرف .