فقد روى الإمام البخاري في صحيحه في باب الجنائز وفي باب الرقاق وفي باب علامات النبوة: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميّت ، ثم انصرف إلى المنبر فقال: ((إني فَرَطٌ لكم ، وأنا شهيد عليكم ، وإني والله ! لأنظر إلى حوضي الآن ، وإني قد أُعطِيتُ مفاتيح خزائن الأرض ، أو مفاتيح الأرض ، وإني والله ! ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها)).

هذا الحديث الشريف رواه أيضاً مسلم في صحيحه في كتاب فضائل النبي صلى الله عليه وسلّم ، باب إثبات حوض نبيّنا صلى الله عليه وسلم وصفاته وهو حديثٌ عظيم اعتنى بشرحه وبيان ما يُستفاد منه من أحكام ، علماء المسلمين على مرّ العصور ، وقد اتفقوا على معنى الحديث ودلالاته ، ولم يختلفوا فيه سواءٌ في ذلك المحدّثون منهم أو الفقهاء وعلى مختلف المذاهب الفقهيّة الإسلامية المعتمدة.

ثمّ جاء في عصرنا هذا ـ وهو العصر الذي شهدنا فيه رحيل العلماء ، وقبض العلم بقبضهم ، فصارت الساحة مهيّأة لبروز الجُهّال الذين يتكلّمون بغير علم ، ويضلّون الناس ، ويمهّدون للفتن ، ويذكرهم التاريخ بقبيح ما فعلوا وهم يشعرون أو لا يشعرون ـ مَنْ يقلب معنى هذا الحديث النبوي الشريف ويَخرُج منه بمفاهيم جديدة تُخالف كلّ ما قيل فيه منذ أربعةَ عشر قرناً !!