النتائج 1 إلى 4 من 4
 
  1. #1

    عضو مؤسس للمنتدى

    الصورة الرمزية صفاء
    صفاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 74
    تاريخ التسجيل : 22 - 11 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,654
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : المغرب الأقصى
    الاهتمام : التاريخ
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي الامام الطرطوشي رحمه الله


    الامام الطرطوشي رحمه الله

    الإمام الطرطوشي قاضي الأندلس والإسكندرية




    هو الإمام الكبير، قاضي الأندلس والإسكندرية أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الأندلسي الطرطوشي، وُلد سنة 451هـ بمدينة طرطوشة في شمال الأندلس، نشأ على طلب العلم فحفظ القرآن صغيرًا وقرأ المدونة وتفقه على يد كبير علماء المالكية بالأندلس أبي الوليد الباجي، وأخذ ينهل من علوم الأندلس، ثم خرج لطلب العلم في المشرق وذلك منذ سنة 478هـ فدخل العراق والشام والحجاز ثم استقر بالإسكندرية ولم يرجع إلى الأندلس.

    كان الطرطوشي من العلماء العاملين السابقين لزمانهم، وويل لمن سبق عقله زمانه، فكم عانى من المتعصبين والجامدين والمتفقهة بلا علم ولا ورع، تمامًا مثلما عانى ابن تيمية وابن القيم والشوكاني والصنعاني, فلقد استقر الطرطوشي بالإسكندرية على الرغم من وقوع مصر وقتها تحت حكم الدولة الفاطمية العبيدية الخبيثة, لأنه قد وجدها خالية من العلماء قفرًا ممن يفتي الناس بالحق، وذلك بعد أن قتل ظلمة العبيديين الأئمة والعلماء والفقهاء فيها، فاستقر بها حسبة لله ولتعليم المسلمين بها.

    وبجانب علمه الغزير وإمامته في الدين، كان الطرطوشي إمامًا في الزهد والورع والعبادة، ينفق كل ماله فلا يدخر شيئًا، حتى أنه لم أمره الطاغية أمير الجيوش بنفيه إلى القاهرة لم يكن عنده متاع سوى أقلامه فقط، وقد جعل داره مدرسة لطلاب العلم الشرعي، ينفق عليهم ويعلمهم، وكان يتريض بهم كل خميس للترويح عن نفوسهم, وقد بلغ تعداد تلاميذه في مدرسته 360 طالبًا.

    كان للطرطوشي كرمات ربانية تدل على صلاح حاله وإمامته في الناس, فقد حاول الوزير الأفضل أن يؤذيه ونفاه إلى القاهرة وحدد إقامته في مسجد صغير فدعا عليه الطرطوشي فأصبح ميتًا وولي مكانه «المأمون البطائحي» وكان شديد الاحترام والحب للطرطوشي، وهو الذي ألف الطرطوشي له رسالته الشهيرة «سراج الملوك» في واجبات الحاكم والمحكوم الشرعية.

    للطرطوشي رد شهير على كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، تتبع فيه السقطات والبدع الموجودة في الكتاب, ولو قدر لهذا الرد أن ينتشر لما ذاع صيت الإحياء أبدًا، وقد كان الطرطوشي شديدًا على البدع والمبتدعين, وعلى الرغم من أن دولة الفاطميين مليئة بالبدع والكفريات، إلا أنه لم يداهن أو ينافق أو حتى يقبل عطاءً منهم أبدًا، وقد توفي رحمه الله في 26 جمادى الأولى 520هـ ودفن بالإسكندرية.

    المصادر

    سير أعلام النبلاء، الديباج المذهب، نفح الطيب، وفيات الأعيان، الحلة السيراء, الصلة لابن بشكوال.


    hghlhl hg'v',ad vpli hggi









  2. #2

    عضو مؤسس للمنتدى

    الصورة الرمزية صفاء
    صفاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 74
    تاريخ التسجيل : 22 - 11 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,654
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : المغرب الأقصى
    الاهتمام : التاريخ
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي


    أبو بكر الطرطوشي.. وكتابه سراج الملوك


    كان المسلمون الأوائل يعتقدون أن الإقامة في الرباطات والحياة في الثغور نوع من الجهاد، لأنهم يحرسون الحدود ويكونون طلائع الجيوش الإسلامية التي تصد هجمات الأعداء، وكانت الإسكندرية واحدة من تلك الثغور التي احتشدت بالمجاهدين والمرابطين منذ فتحها عمرو بن العاص وأشرق عليها نور الإسلام، وجذبت إليها عددًا كبيرًا من المسلمين وبخاصة من المغرب والأندلس.

    وكان المسلمون في هذه البلاد النائية يمرون بالإسكندرية وهم في رحلتهم الشاقة إلى الحجاز للقيام بمناسك الحج، أو في طريقهم إلى حواضر العلم في المشرق الإسلامي لتلقي العلم ومشافهة العلماء والأخذ منهم، فإذا ما ألقوا رحالهم وطلبوا الراحة من وعثاء السفر، عاودوا رحلتهم إلى حيث يريدون.

    وكان كثير من هؤلاء المارين تجذبهم الحياة في الإسكندرية فيقيمون بها ويتخذونها موطنًا لهم، فينالون شرف المرابطة في الثغور، أو المساهمة في إثراء حلقات العلم التي كانت تمتلئ بها مساجد الإسكندرية، وذلك إن كانوا من حملة العلم والفقه.

    وازداد توثق الإسكندرية بالمغرب قوة وترابطًا بعد قيام الدولة الفاطمية، وهي التي قامت في بلاد المغرب ثم انتقلت إلى مصر وأنشأت القاهرة واتخذتها عاصمة لها، وأصبح المغرب منذ ذلك الحين ولاية تابعة لمصر، وكان من شأن هذا أن كثرت رحلات المغاربة والأندلسيين إلى مصر وإلى ثغرها البديع، ومن بين من جذبتهم الإسكندرية للحياة فيها العالم الزاهد والفقيه الكبير: أبو بكر الطرطوشي.

    المولد والنشأة


    في مدينة طرطوشة الأندلسية ولد أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف المعروف بأبي بكر الطرطوشي نسبة إلى بلده، وهي مدينة كبيرة تقوم على سفح جبل إلى الشرق من مدينتي بلنسية وقرطبة، بينها وبين البحر المتوسط عشرون ميلا، ومحاطة بسور منيع له أربعة أبواب، وبها دار لصناعة السفن، وتزدهر بها التجارة، وتعمر أسواقها بالبضائع وكان مولده في (26 من جمادى الأولى 451 هـ = 10 من يوليو 1059م).

    وكانت طرطوشة يومئذ ثغر مملكة سرقطسة التي تتمتع في ظل أمرائها من بني هود بالرخاء وسعة العيش، وفي الوقت نفسه كانت من حواضر العلم في الأندلس، وتموج بالعلماء وحلقاتهم التي تمتلئ بطلبة العلم، وكان أبو الوليد الباجي أحد علمائها الكبار الذين تُشدّ إليهم الرحال، وعُدّ إمام عصره في الفقه وفي مسائل الخلاف.

    حفظ الطرطوشي في بلده القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتاب، ودرس شيئا من الفقه قبل أن ينتقل إلى مدينة سرقسطة ويتصل بكبير علمائها أبي الوليد الباجي، ويتتلمذ عليه وهو في العشرين من عمره أو نحوها، أي حوالي سنة (470 هـ = 1077م)، وظل ملازمًا له ينهل من علمه الواسع ويتأثر بمنهجه في التفكير.

    الرحلة إلى المشرق

    غادر الطرطوشي وطنه سنة (476 هـ = 1083م) وهو فتى غض الإهاب في السادسة والعشرين إلى المشرق العربي، فنزل مكة، وأدى مناسك الحج وألقى بعض الدروس، ثم قصد بغداد حاضرة الخلافة العباسية، وملتقى أئمة العلم، ومحط طلاب المعرفة من أرجاء الدنيا، وكان الوزير نظام الملك قد أنشأ المدارس التي سميت باسمه "المدارس النظامية" وكان أول من أنشأ معاهد مستقلة للعلم، يتفرغ فيها المعلمون للتدريس والتلاميذ للتعلم، وأوقف عليها أموالا طائلة حتى تنهض برسالتها السامية، وقد شهد الطرطوشي نظامية بغداد وهي في أوج تألقها وازدهارها، وتتلمذ بها.

    وفي بغداد تفقه الطرطوشي على عدد من أعلام بغداد، فتتلمذ على كبير الفقهاء الشافعية في بغداد أبي بكر الشاشي، وكان يتولى التدريس بالمدرسة النظامية، ولزم أبا أحمد الجرجاني، وأبا سعد بن المتولي، وهم يومئذ أئمة الفقه الشافعي، ثم رحل إلى البصرة وتتلمذ فيها على أبي علي التستري المتوفى سنة (479 هـ = 1086م) وسمع منه سنن أبي داود.

    ثم رحل إلى الشام، وطوّف في مدنه، فزار حلب وإنطاكية ونزل بمدينة بيت المقدس –رد الله غربتها، وأعادها إلى أحضان المسلمين، وخلصها من رجس اليهود-، وتجمع المصادر التي ترجمت له على أنه قضى الفترة التي عاشها في الشام معلمًا متمكنًا تهفو إلى علمه النفوس وتقبل عليه القلوب، وكان لزهده وورعه أثر في ذلك فاجتمع عليه الناس أينما حل.









  3. #3

    عضو مؤسس للمنتدى

    الصورة الرمزية صفاء
    صفاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 74
    تاريخ التسجيل : 22 - 11 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,654
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : المغرب الأقصى
    الاهتمام : التاريخ
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي


    في الإسكندرية

    اتجه الطرطوشي بعد إقامته في الشام فترة من عمره إلى الإسكندرية تسبقه سمعته الطيبة وتهيئ له مكانًا في القلوب، فاشتاقت إلى رؤيته، ونزل الثغر في سنة (488 هـ = 1095م) وكانت مصر في تلك الفترة قد أمسك بزمامها الوزير الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي، الذي استبد بالحكم دون الخلفاء الفاطميين، فلم يعد لهم حول ولا قوة، وأصبح تصريف الأمور كلها في يد الوزير القوي.

    استقر الطرطوشي في الإسكندرية وأقبل عليه طلاب العلم، وامتلأت حلقاته الدراسية بالراغبين في تعلم الفقه والحديث ومسائل الخلاف، ولم يمض وقت على مجيئه حتى تزوج بسيدة موسرة من نساء الإسكندرية، فتحسنت أحواله ولانت له الحياة، ووهبته دارًا من أملاكها، فاتخذ من دورها العلوي سكنا له معها، وجعل طابقها السفلي مدرسة يلقي فيها دروسه.

    الدين النصيحة

    وبعد أن استقرت به الحياة خرج الطرطوشي إلى القاهرة عاصمة البلاد وحاضرة الخلافة الفاطمية، وفي أثناء إقامته هناك زار الوزير الكبير الأفضل بن بدر الجمالي، لا ليمدحه أو يقدم له آيات الشكر، وإنما لينصحه ويعظه دون نظر إلى مكانته وهيبته، فقد امتلأ قلب الطرطوشي بخشية الله والخوف منه، فانتزع منه كل خوف لما سواه، واستوى عنده كل شيء، وهذا ما عبر عنه أحد الصالحين حين شاهد الطرطوشي وحضر دروسه في الشام فقال: "الذي عند أبي بكر الطرطوشي من العلم هو الذي عند الناس، والذي عنده مما ليس مثله عند غيره.. دينه".

    ومما قاله الطرطوشي لهذا الوزير: "... واعلم أن هذا الملك الذي أصبحت فيه إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عن يديك مثل ما صار إليك؛ فاتق الله فيما حولك من هذه الأمة، فإن الله سائلك عن النقير والقطمير والفتيل، قال الله تعالى: "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون".

    العلم في الهواء الطلق


    عاد الطرطوشي إلى الإسكندرية ليستأنف نشاطه وسيرته الأولى مع تلاميذه الذين التفوا حوله، وكانت له طريقة محببة جعلت قلوب تلامذته تتعلق به وتأنس معه، فلم يكتف بما يعقده لهم من حلقات دراسية في بيته أو في المسجد، بل كان يصطحبهم في رحلات إلى البساتين والأماكن الجميلة، وهناك في الهواء الطلق يلقي دروسه أو يذكرهم بما حفظوه ودروسه.

    وأترك أحد تلامذته يصف لنا ما يحدث في تلك الرحلات حيث يقول: "كان صاحب نزهة مع طلبته في أكثر الأوقات، يخرج معهم إلى البستان، فيقيمون الأيام المتوالية في فرحة ومذاكرة ومداعبة مما لا يقدح في حق الطلبة، بل يدل على فضلهم وسلامة صدرهم، وخرجنا معه في بعض النزهة فكنا ثلاثمائة وستين رجلا لكثرة الآخذين عنه المحبين في صحبته وخدمته".

    غير أن هذا الإقبال جلب له خصومة قاضي المدينة "مكين الدولة بن حديد"، وزادها اشتعالا ما كان يثيره الطرطوشي من نقد حول تصرفات القاضي المالية حول المكوس والمغارم الظالمة، وكذلك أطلق الطرطوشي لسانه في نقد كثير من العادات التي تنافي الشرع الحكيم، وقد جمعها في كتاب أطلق عليه "بدع الأمور ومحدثاتها"، وأصدر فتاوى أثارت الرأي العام مثل فتواه بحرمة تناول الجبن الذي يأتي به الروم إلى المدينة.

    وقد ضاق قاضي المدينة وأعوانه بمسلك الطرطوشي، وبعثوا على الوزير الأفضل بشكاواهم، وصدّر الوزير الأمر على أنه بداية للخروج على النظام وإثارة للشغب، ولا بد من التصرف بشدة مع الطرطوشي الذي اجتمع عليه الناس لعلمه وورعه وزهده، وما كان من الوزير إلا أن بعث في طلب الطرطوشي، فلما قدم عليه قابله مقابلة طيبة، وأمره بالإقامة في مسجد الرصد بالفسطاط، ومنع الناس من الاتصال به، وقرر له راتبًا شهريًا، وسمح لخادمه بالإقامة معه. وظل الطرطوشي محدد الإقامة منذ أواخر سنة (514 هـ = 1120م) حتى (شوال سنة 515 هـ = 1121م)، ثم انكشفت الغمة بمقتل الأفضل وتولي مأمون البطائحي أمور الوزارة، فأفرج عن الشيخ وأحسن وفادته.









  4. #4

    عضو مؤسس للمنتدى

    الصورة الرمزية صفاء
    صفاء غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 74
    تاريخ التسجيل : 22 - 11 - 2007
    الدين : الإسلام
    الجنـس : أنثى
    المشاركات : 3,654
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 10
    البلد : المغرب الأقصى
    الاهتمام : التاريخ
    معدل تقييم المستوى : 20

    افتراضي


    سراج الملوك

    عاد الطرطوشي إلى الإسكندرية واستأنف حياته السابقة: حياة الدرس والإقراء، وبدأ يؤلف كتابًا في فن السياسة والحكم، وما يجب أن يكون عليه الراعي والرعية، وأتم هذا الكتاب في سنة واحدة وسماه "سراج الملوك" وتوجه به إلى القاهرة (516 هـ = 1122م) ليقدمه إلى الوزير الجديد "مأمون البطائحي"، فاستقبله أحسن استقبال وجلس بين يديه؛ إمعانًا في التقدير والإجلال، وأغدق عليه عطفه ورعايته.

    ولم يكن الطرطوشي ليكتفي بالاستقبال الطيب دون أن يعرض عليه ما يراه منافيًا للشرع، وبخاصة فيما يتعلق بالنظم المتبعة للمواريث، حيث كان القضاة الشيعة يفتون بأن ترث البنت كل تركة أبيها إذا كانت وحيدة لا أخ لها ولا أخت، وكان هذا مخالفًا للشرع؛ حيث تحرم العصبة من المشاركة في الميراث، فلما عرض الطرطوشي الأمر على الوزير وذكّره بأن هذا مخالف للمذاهب السُّنّية التي تقضي بألا ترث البنت في هذه الحالة أكثر من نصف التركة، وبعد مناقشة طويلة اعتذر الوزير بأنه لا يملك تغيير ما يقضي به المذهب الشيعي، لكنه وافق على حل وسط يرضي المذهب الشيعي ويرضي ما يقوله الطرطوشي، وأصدر أمرًا للقضاة بأن يُتّبع في الميراث مذهب الميت، فإن كان سنيًا اتُّبع المذهب السني، وإن كان شيعيًا اتبع المذهب الشيعي.

    موضوع الكتاب


    وكتاب "سراج الملوك" يتألف من أربعة وستين فصلا تتناول سياسة الملك وفن الحكم وتدبير أمور الرعية، وقد تناول في كتابه الخصال التي يقوم عليها الملك، والخصال المحمودة في السلطان والتي تمكّن له ملكه، وتسبغ الكمال عليه، والصفات التي توجب ذم السلطان، وعرّج على ما يجب على الرعية فعله إذا جنح السلطان إلى الجور، وتناول صحبة السلطان وسيرته مع الجند، وفي اقتضاء الجباية وإنفاق الأموال.

    وتحدث الطرطوشي في كتابه عن الوزراء وصفاتهم وآدابهم، وتكلم عن المشاورة والنصيحة باعتبارهما من أسس الملك، وعرض لتصرفات السلطان تجاه الأموال والجباية، ولسياسته نحو عماله على المدن، وتناول سياسة الدولة نحو أهل الذمة، وما يتصل بذلك من أحكام، وتحدث عن شئون الحرب وما تتطلبه من سياسة وتدبير.

    وللطرطوشي إلى جانب هذا الكتاب القيم عدد آخر من الكتب منها: مختصر تفسير الثعالبي، وشرح لرسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني، في الفقه المالكي، والكتاب الكبير في مسائل الخلاف، وكتاب الفتن، وكتاب الحوادث والبدع، أو بدع الأمور محدثاتها.

    وكان الطرطوشي إلى جانب تضلعه في أمور الشريعة ومسائل الخلاف أديبًا بارعًا، ويظهر ذلك في أسلوبه الرشيق الجميل في كتابه سراح الملوك، وكان شاعرًا محسنًا، وقد احتفظ كتابه هذا بنماذج طيبة من شعره، ظلت أبيات منها سائرة على الألسنة حتى يومنا هذا، مثل قوله:

    إن لله عبادًا فطنا
    طلّقوا الدنيا وخافوا الفتنا

    فكروا فيها، فلما علموا
    أنها ليست لحي وطنا

    جعلوها لجّة واتخذوا
    صالح الأعمال فيها سُفنا


    وفاة الشيخ


    بلغ أبو بكر الطرطوشي مكانة عالية، وصار من أقطاب الفقه المالكي في عصره، وأصبح ملجأ الناس في الفتوى يلوذون به حتى تضل بهم السبل، ثقة منهم في علمه ودينه وأمانته، وتطلع إليه الحكام التماسًا للرأي والمشورة وطلبا للفتيا فيما يقدمون عليه من أعمال، فطلب منه عاهل دولة المرابطين "يوسف بن تاشفين" فتواه في إقدامه على خلع ملوك الطوائف في الأندلس لانغماسهم في اللهو وانصرافهم عن الرعية، فأفتاه بذلك، متفقًا مع ما أفتى به فقهاء المغرب والأندلس من جواز ذلك.

    نجح الشيخ أثناء إقامته بالإسكندرية، من إحداث نشاط علمي وافر، وتتلمذ عليه عدد كبير من الفقهاء، حمل بعضهم الراية من بعده، مثل: سند بن عنان الذي خلف الطرطوشي في مدرسته، وأبي طاهر بن عوف، وكانت له مدرسة مستقلة.

    ظل الطرطوشي يواصل عمله في مدرسته حتى توفي في (26 من جمادى الأولى 520 هـ = 20 من يونيو 1127م) وهو في التاسعة والستين من عمره.


    من مصادر الدراسة:

    ابن خلكان: وفيات الأعيان – تحقيق إحسان عباس – دار صادر بيروت.

    الذهبي: سير أعلام النبلاء – مؤسسة الرسالة – بيروت – 1412 هـ = 1992م.

    جمال الدين الشيال: أبو بكر الطرطوشي – دار الكتاب العربي للطباعة والنشر – القاهرة – 1968م.

    محمد عبد الله عنان: تراجم شرقية وأندلسية – مكتبة الخانجي – القاهرة – 1390 هـ= 1970م.



    بقلم احمد تمام








 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. شرح حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - لابن عثيمين - رحمه الله
    بواسطة عماد المهدي في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2011-01-27, 07:28 PM
  2. من أقوال الشيخ / ابن باز رحمه الله
    بواسطة أمـــة الله في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2010-12-22, 02:19 PM
  3. ماذا تعرف عن محنه الامام احمد ابن حنبل رحمه الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    بواسطة سكون الليل في المنتدى القسم الإسلامي العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 2010-03-21, 02:28 AM
  4. الامام عبد الله بن المبارك
    بواسطة صفاء في المنتدى منتدى التاريخ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 2008-12-04, 04:41 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML