النتائج 1 إلى 5 من 5
 
  1. #1
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي خطر الحكم بالقوانين الوضعية وترك الشرع


    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله ثم اما بعد

    فان ترك الحكم بما انزل الله والتحاكم والرضا بالقوانين الوضعية خطر كبير

    وكذلك مساندة من لايطبق الشرع وترك من اراد تطبيق الشرع والتمكين لدين الله الذي ارتضاه لعباده

    واذا قلنا ان هذا كلام الله وسنة رسوله اعترض البعض وهاجموا واخترعوا

    ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ( 61 ) فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا ( 62 ) )



    ولنقرا معا في كتاب الله




    إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ المائدة 44
    وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ المائدة 45
    وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ 46
    وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ
    وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ 47
    وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ
    لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّه مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ48
    وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ49
    أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ50

    وصفه الله في كتابه بانه كافر فاسق ظالم

    والسؤال هنا للشيخ ابن باز رحمه الله

    هل من لا يطبق حكم الله يطلق عليه لفظ كافر؟ كما الحكم بالقوانين الوضعية وترك الشرع: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة:44]، أم أن هذا اللفظ لمن يقول: بأن حكم الله لا يصلح لهذه الدنيا؟


    يطلق عليه أنه كافر وظالم وفاسق، لكن إن كان يرى أن حكم الله لا يصلح أو أنه يجوز تحكيم

    القوانين هذا كفر أكبر، فإن كان لا يرى ذلك، ولكنه يفعل ذلك عن معصية، وعن هوى، فهو كفر

    دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، فإطلاق الكفر عليه والظلم والفسق جائز على كلا

    الحالين، أو الأحوال الثلاثة، لكن إن كان استجاز الحكم بغير ما أنزل الله، واستباحه سواء قال: أن

    حكم الله أفضل، أو مساوم، أو قال: أن حكم الطاغوت أفضل، فهو بهذا مرتد، وكفره كفر أكبر،

    وظلم أكبر، وفسق أكبر، أما إذا حكم بغير ما أنزل الله، لهوى في نفسه، على المحكوم، أو لمصلحة

    المحكوم له، أو لرشوة أخذها من المحكوم له، هذا كله يكون من باب الكفر الأصغر، والظلم

    الأصغر، والفسق الأصغر، وإن أطلق عليه كفر، وإنما كفر بهذا المعنى، من باب الزجر، نسأل الله

    العافية. الشيخ عبد العزيز، الواقع أستقل كل سؤال يأتي بعد تلك الأسئلة نظراً لأهميتها، بقى من

    وقت هذه الحلقة عن الموضوع ذاته شيخ عبد العزيز ليكون بلاغ إلى الناس؟ هذا الموضوع من أهم

    الموضوعات ومن أخطرها، لأن غالب الدول المنتسبة إلى الإسلام، لا تحكم شرع الله في كل شيء،

    وإنما في بعض الشيء كالأحوال الشخصية أو العبادات، وهذا لا شك خطأ عظيم وجريمة كبيرة،

    فالواجب على جميع حكام المسلمين التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الصواب والحق، وأن

    يحكموا شرع الله، في عباد الله في كل شيء، في العبادات والمعاملات، والجنايات، والأحوال

    الشخصية، وفي كل شأن من شؤونهم، لقول الله -جل وعلا-: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ

    فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا[النساء: 65]، ولقوله -

    سبحانه-: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ[المائدة: 50]، بعد قوله: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ

    أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم

    بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[المائدة: 49]، ثم قال بعده: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ

    أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ[المائدة: 50]، ليس هناك حكم أحسن من حكم الله -عز وجل-،

    وسبق قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة: 44]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا

    أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[المائدة: 45]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[المائدة:

    47]، هل يرضى مسلم أن يكون موصوفاً بهذا الوصف، وأي شيء يرجى من وراء قوانين البشر

    وآرائهم وعوائدهم التي درجوا عليها، في شرع الله الكفاية، والغنية والمغنى في كل شيء. فالواجب

    على كل حاكم سواء كان ملكاً أو رئيس جمهورية أو بأي اسم سمي أو أميراً الواجب عليه أن يحكم

    شرع الله، وأن يلزم من لديه بذلك، يلزم الشعب بالتحاكم إلى شرع الله، وأن ينصب القضاة وأن يهيأ

    لهم ما يعينهم على ذلك، وأن يوجد من الأسباب ما يحصل به وجود القضاة العارفون بشرع الله -

    عز وجل-، فلا بد من إيجاد الدراسة الكافية في العلوم الشرعية، في الجامعات، وغير الجامعات،

    كالمساجد فليس بشرط التعلم بأن يكون هناك جامعات، بل في أي مكان، في المسجد في المدرسة أو

    الجامعة لا بد من إيجاد من يتعلم علوم الشريعة حتى يصلح لأن يكون قاضياً يحكم بين الناس، ولا

    يجوز أبداً أن يحكم بين الناس بقضاء وضعية التي وضعها الرجال في آرائهم، بل يجب أن يسند

    الحكم إلى شرع الله، وأن يؤخذ الحكم من شرع الله بين عباد الله، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.




    http://ibnbaz.org/mat/9086

    o'v hgp;l fhgr,hkdk hg,qudm ,jv; hgavu





    لما تماسكت الدموعُ وتنبه القلبُ الصديعُ
    قالوا الخضوع سياسةٌ فليبدُ منك لهم خضوعُ

    وألذ من طعم الخضوع على فمي السم النقيعُ
    إن يسلبِ القومُ العدا ملكي، وتسلمني الجموعُ
    فالقلب بين ضلوعِهِ لم تسلمِ القلبَ الضلوعُ
    لم أُستلبْ شرف الطباعِ! أيسلب الشرف الرفيعُ

    قد رمتُ يوم نزالهمْ ألا تحصنني الدروعُ
    وبرزتُ ليس سوى القميصِ على الحشا شيءٌ دفوعُ

    وبذلت نفسي كي تسيلَ إذا يسيلُ بها النجيعُ
    أجلي تأخر لم يكنْ بهواي ذلي والخضوعُ

    ما سرت قطّ إلى القتالِ وكان من أملي الرجوعُ
    شيم الأولى، أنا منهمُ والأصلُ تتبعه الفروع

  2. #2
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي


    السؤال : هل الحكم بغير الشريعة كفر أكبر أم كفر أصغر؟.

    الجواب :
    الحمد لله
    لقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتحاكم إليه وتحكيم شرعه وحرّم الحكم بغيره كما يتضّح ذلك في عدد من آيات القرآن الكريم ومنها ما تضمّنته سورة المائدة التي اشتملت على عدد من الآيات التي تتحدّث عن الحكم بما أنزل الله ومواضيعها تدور على ما يلي :

    ـ الأمر بالحكم بما أنزل الله كما في قوله تعالى : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) آية 49
    ـ التحذير من التحاكم إلى غير ما أنزل الله كما في قوله عز وجل : ( ولا تتبع أهواءهم ) آية 49
    ـ التحذير من التنازل عن شيء من الشريعة مهما قلّ كما في قوله تعالى : ( واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) آية 49
    ـ تحريم ابتغاء حكم الجاهلية كما جاء ذلك بصيغة الاستفهام الإنكاري في قوله عز وجل : ( أفحكم الجاهلية يبغون ) آية 50
    ـ النصّ على أنه لا أحد أحسن من الله في الحكم كما قال عز وجلّ : ( ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) آية 50
    ـ النصّ على أنّ من لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر وظالم وفاسق كما في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) آية 44 وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) آية 45 وقوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) آية 47
    ـ النصّ على أنّه يجب على المسلمين الحكم بما أنزل الله ولو كان المتحاكمون إليهم كفارا كما قال عز وجل : ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) آية 42
    فالحكم بغير ما أنزل الله مناف للإيمان والتوحيد الذي هو حقّ الله على العبيد ، وقد يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا أكبر وقد يكون كفرا أصغر بحسب الحال فيكون كفرا أكبر مخرجا من ملة الإسلام في حالات منها :
    1 ـ من شرّع غير ما أنزل الله تعالى : فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له ، من نازعه في شيء منه ، فهو مشرك ، لقوله تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } .
    2 ـ أن يجحد أو ينكر الحاكم بغير ما أنزل الله ـ تعالى ـ أحقية حكم الله ـ تعالى ـ ورسوله صلى الله عليه وسلم ، كما جاء في رواية لابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في قوله ـ تعالى ـ : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } حيث قال : ( من جحد ما أنزل الله فقد كفر ) .
    3 ـ أن يفضل حكم الطاغوت على حكم الله ـ تعالى ـ سواء كان هذا التفضيل مطلقاً ، أو مقيداً في بعض المسائل : ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } .
    4 ـ من ساوى بين حكم الله ـ تعالى ـ وبين حكم الطاغوت ، قال ـ عز وجل ـ: { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } .
    5 ـ أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله . أو يعتقد أن الحكم بما أنزل الله ـ تعالى ـ غير واجب ، وأنه مخيّر فيه ، فهذا كفر مناقض للإيمان . فأنزل الله عز وجل ـ: { يا أيُّها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } إلى قوله تعالى :{ إن أوتيتم هذا فخذوه } [ سورة المائدة الآية : 41] يقول ائتوا محمداً صلى الله عليه وسلم ، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروه ، فأنزل الله تعالى ـ: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
    6 ـ من لم يحكم بما أنزل الله ـ تعالى ـ إباءً وامتناعاً فهو كافر خارج عن الملة . وإن لم يجحد أو يكذِّب حكم الله تعالى . ومما يمكن إلحاقه بالإباء والامتناع : الإعراض ، والصدود يقول ـ تعالى ـ {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يُريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلّهم ضلالاً بعيداً . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدُّون عنك صدوداً }.
    7 ـ من ضمن الحالات التي يكون الحكم بغير ما أنزل الله ـ تعالى ـ كفرا أكبر ، ما قاله الشيخ محمد بن إبراهيم عن تشريع القانون الوضعي وتحكيمه : وهو أعظمها ، وأشملها ، وأظهرها معاندة للشرع ، ومكابرة لأحكامه ، ومشاقة لله ورسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعداداً ، وإمداداً ، وإرصاداً ، وتأصيلاً ، وتفريعاً ، وتشكيلاً ، وتنويعاً ، وحكماً ، وإلزاماً ، ومراجع مستمدات .
    ومما سبق يمكن تلخيص بعض الحالات التي يكون فيها الحكم بغير ما أنزل الله شركا أكبر :
    ( 1 ) من شرّع غير ما أنزل الله
    ( 2 ) أن يجحد أو ينكر أحقيّة حكم الله ورسوله
    ( 3 ) تفضيل حكم الطاغوت على حكم الله تعالى سواء كان التفضيل مطلقا أو مقيدا
    ( 4 ) من ساوى بين حكم الله تعالى وحكم الطاغوت
    ( 5 ) أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله أو أن يعتقد أنّ الحكم بما أنزل الله ليس بواجب أو أنه مخيّر فيه
    ( 6 ) الإباء والامتناع عن الحكم بما أنزل الله
    وبالحديث عن مظاهر هذا القسم يتبين ويتوضّح فمن مظاهر ما يعدّ كفرا أكبر ما يلي :
    1- تنحية الشريعة عن الحكم وإلغاء العمل بها كما فعل مصطفى كمال في تركيا وغيره وقد ألغى المذكور العمل بمجلة الأحكام العدلية المستمدّة من المذهب الحنفي وأحلّ بدلا من ذلك القانون الوضعي .
    2- إلغاء المحاكم الشرعية
    3- فرض القانون الوضعي للحكم بين الناس كالقانون الإيطالي أو الفرنسي أو الألماني وغيرها أو المزج بينها وبين الشريعة كما فعل جنكيز خان بكتاب الياسق الذي جمعه من مصادر متعددة ونصّ العلماء على كفره .
    4- تقليص دور المحاكم الشرعية وحصرها في النّطاق المدني بزعمهم كالنكاح والطّلاق والميراث
    5- إنشاء محاكم غير شرعية .
    6- طرح الشريعة للاستفتاء عليها في البرلمان وهذا يدلّ على أنّ تطبيقها عنده متوقّف على رأي غالبية الأعضاء
    7- جعل الشريعة مصدرا ثانويا أو مصدرا رئيسا مع مصادر أخرى جاهلية بل وحتى قولهم الشريعة هي المصدر الأساسي للتشريع هو كفر أكبر لأن ذلك يفيد تجويز الأخذ من مصادر أخرى
    8- النصّ في الأنظمة على الرجوع إلى القانون الدولي أو النصّ في الاتفاقيّات على أنه في حال التنازع يُرجع إلى المحكمة أو القانون الجاهلي الفلاني
    9- النصّ في التعليقات العامة أو الخاصة على الطعن في الشريعة كوصفها بأنها جامدة أو ناقصة أو متخلّفة أو أنّ العمل بها لا يتناسب مع هذا الزمان أو إظهار الإعجاب بالقوانين الجاهلية .
    وأما متى يكون الحكم بما أنزل الله كفرا أصغر لا يُخرج عن الملّة ؟
    فالجواب أنّ الحاكم أو القاضي يكون حكمه بغير ما أنزل الله كفرا أصغر غير مخرج عن الملّة إذا حكم في واقعة ما بغير ما أنزل الله معصية أو هوى أو شهوة أو محاباة لشخص أو لأجل رشوة ونحو ذلك مع اعتقاده بوجوب الحكم بما أنزل الله وأنّ ما فعله إثم وحرام ومعصية .
    أمّا بالنسبة للمحكوم بالقوانين الجاهلية فإن تحاكم إليها عن رضى واختيار فهو كافر كفرا أكبر مخرجا عن الملّة وأماّ إن لجأ إليها إكراها واضطرارا فلا يكفر لأنه مكره وكذلك لو لجأ إليها لتحصيل حقّ شرعي لا يحصل عليه إلا بواسطتها مع اعتقاده بأنها من الطاغوت .

    هذا والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد ..








    لما تماسكت الدموعُ وتنبه القلبُ الصديعُ
    قالوا الخضوع سياسةٌ فليبدُ منك لهم خضوعُ

    وألذ من طعم الخضوع على فمي السم النقيعُ
    إن يسلبِ القومُ العدا ملكي، وتسلمني الجموعُ
    فالقلب بين ضلوعِهِ لم تسلمِ القلبَ الضلوعُ
    لم أُستلبْ شرف الطباعِ! أيسلب الشرف الرفيعُ

    قد رمتُ يوم نزالهمْ ألا تحصنني الدروعُ
    وبرزتُ ليس سوى القميصِ على الحشا شيءٌ دفوعُ

    وبذلت نفسي كي تسيلَ إذا يسيلُ بها النجيعُ
    أجلي تأخر لم يكنْ بهواي ذلي والخضوعُ

    ما سرت قطّ إلى القتالِ وكان من أملي الرجوعُ
    شيم الأولى، أنا منهمُ والأصلُ تتبعه الفروع

  3. #3
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي



    مناطات الحكم في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ثلاث هي :

    1- ترك الحكم بما أنزل الله
    2- تشريع حكمٍ مُخالف لحكم الله
    3- الحكم بغير ما أنزل الله
    وأقوال أهل العلم المذكورة في هذه المسألة تتناول مناطاً أو أكثر من هذه الثلاثة.
    ومن هؤلاء العلماء:1

    ــ الإمام ابن حزم الأندلسي رحمه الله (456 هـ)

    تكلـم في مـواضـع مـن كتابـه (الإحكـام في أصـول الأحكام) عمن أجاز الحكم بالشرائع المنسوخة كالتوراة والإنجيل وأن هذا كفر، وتكلم عمن شرع مالم يأذن به الله أو أبطل ماشرعه الله وأن هذا كله كفر. وكلامه هذا ينطبق على واقعنا من حيث اختراع شرائع مخالفة لشرع الله وإيجاب الحكم بها والتحاكم إليها، مع تضمن هذه الشرائع المخترعة لإبطال ماشرعه الله تعالى. ومما قاله ابن حزم في بيان ذلك:
    (أ) قـال رحمه الله (فإن كان يعتقد أن لأحدٍ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرم شيئا كان حلالا إلى حين موته عليه السلام، أو يحل شيئا كان حراما إلى حين موته عليه السلام، أو يوجب حداً لم يكن واجبا إلى حين موته عليه السلام، أو يشرع شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فهو كافر مشرك حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولافرق.) (الإحكام) 1/ 73.
    (ب) وقـال ابن حـزم أيضا (وأمـا مـن ظـن أن أحـداً بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويُحدث شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فقد كَفَر وأشرك وحَلَّ دمه وماله ولحق بعبدة الأوثان، لتكذيبه قول الله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». و:«ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين». فمن ادعى أن شيئا مما كان في عصره عليه السلام على حكم ٍ ما، ثم بُدّل بعد موته فقد ابتغى غير الإسلام دينا، لأن تلك العباداتِ والأحكام والمحرمات والمباحات والواجبات التي كانت على عهده عليه السلام، هى الإسلام الذي رضيه الله تعالى لنا، وليس الإسلام شيئا غيرها. فمن ترك شيئا منها فقد ترك الإسلام، ومن أحدث شيئا غيرها فقد أحدث غير الإسلام. ولا مرية في شيء أخبرنا الله تعالى به أنه قد أكمله، وكل حديث أو آية كانا بعد نزول هذه الآية، فإنما هى تفسير لما نزل قبلها، وبيان لجملتها، وتأكيد لأمر متقدم. وبالله تعالى التوفيق.) (الإحكام) 2/ 144 ــ 145.
    (جـ) وقـال ابن حزم رحمه الله (من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأت بالنصّ عليه وحيٌ في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك خارج عن الإسلام)(الإحكام) 5/ 173. فهذا حُكْم من حَكَم بالشرائع المنسوخة فكيف بمن حَكَم بالقوانين المخترعة؟.
    (د) وقال ابن حزم أيضا (وأيضاً فلا فرق بين جواز شرع شريعة من إيجاب أو تحريم أو إباحة بالرأي لم ينص تعالى عليه ولا رسوله عليه السلام، وبين إبطال شريعة شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بالرأي، والمفرق بين هذين العملين متحكم بالباطل مفتر، وكلاهما كُفر لاخفاء به) (الإحكام) 6/ 31.
    (هـ) وقـال ابن حـزم أيضـا (لأن إحـداث الأحـكـام لايخـلـو مـن أحـد أربعـة أوجـه: إمـا إسقـاط فــرض لازم، كإسقاط بعض الصلاة أو بعض الصيام أو بعض الزكاة أو بعض الحج أو بعض حد الزنا أو حد القذف، أو إسقاط جميع ذلك، وإما زيادة في شيء منها، أو إحداث فرض جديد، وإما إحلال محرم كتحليل لحم الخنزير والخمر والميتة، وإما تحريم محلل كتحريم لحم الكبش وماأشبه ذلك، وأي هذه الوجوه كان، فالقائل به كافر مشرك، لاحق باليهود والنصارى، والفرض على كل مسلم قتل من أجاز شيئا من هذا دون استتابة، ولا قبول توبة إن تاب، واستصفاء ماله لبيت مال المسلمين، لأنه مبدل لدينه، وقد قال عليه السلام «مـن بـدل ديـنـه فاقتلـوه» ومن الله تعالى نعوذ من غضبة لباطل أدت إلى مثل هذه المهالك.) (الإحكام) 6/ 110.
    وكـلام ابن حزم هـذا ينطبـق على واقعنـا، فالقوانين الوضعية قد أتت بما قاله من إسقاط حد الزنا وحد القذف وسائر الحدود، وأتت بإباحة الربا والخمر والزنا والميسر، وأتت بتحريم الجهاد في سبيل الله وغير ذلك مما هو معلوم.
    ولابن حزم رحمه الله كلام مماثل في (الإحكام) جـ 2 صـ 9، جـ 6 صـ 77 ــ 78 و 109 و 117.


    2 ــ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (728 هـ)


    (أ) قال رحمه الله (ومعلـوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب، كما قال تعالي: «إن الذين يكفرون بالله ورسله، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض، ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا، أولئك هم الكافرون حقا، وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) ــ النساء 150 و 151 ــ) (مجموع الفتاوى) 28/ 524. فهذه القوانين الوضعية هى شريعة الكفار وشريعة الجاهلية ، والحكام الذين يحكمون بلاد المسلمين لم يقفوا عند حد تسويغ اتباعها بدلاً من أحكام الشريعة الإسلامية ولكنهم يُلزمون المسلمين باتباعها ويعاقبون الخارج عليها.
    (ب) وقال ابن تيمية رحمه الله (ومـن بدّل شـرع الأنبـياء وابتـدع شـرعاً، فشـرعُه باطل لايجوز اتباعه، كما «أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله»، ولهذا كَفَرَ اليهود والنصارى لأنهم تمسكوا بشرع مبدل منسوخ) (مجموع الفتاوى) 35/ 365.
    (جـ) وقال أيضا (مثل أن يقال: نُسَخ هذه التوراة مُبَدَّلة لايجوز العمل بما فيها ومن عمل اليوم بشرائعها المبدّلة والمنسوخة فهو كافر، فهذا الكلام ونحوه حقٌ لاشيء على قائله، والله أعلم) (مجموع الفتاوى) 35/ 200.
    وقـول شـيخ الإسـلام هـنا يشـبه قـول ابن حـزم السـابق ــ وسيأتي لابن القيم كلام مثله ــ أن من عمل بالشرائع المنسوخة كالتوراة والإنجيل كَفَر، مع أنها شرائع سماوية منزّلة من عند الله في أصلها، فكيف بمن يُعرض عن الشريعة الإسلامية الناسخة المهيمنة على ماسواها ويلتزم بالحكم بقوانين بشرية مناقضة لشريعة الله؟.
    (د) وقـال ابن تيميـة أيضـا (الشـرع المنـزّل مـن عنـد اللـه تعـالى وهـو الكتـاب والسنة الذي بعث الله به رسوله، فإن هذا الشرع ليس لأحدٍ من الخلق الخروج عنه، ولايخرج عنه إلا كافر) (مجموع الفتاوى) 11/ 262. والخروج عن الشرع هو بعدم الالتزام بأحكامه فكيف بمن شَرَع مايضاد أحكامه والتزم بالحكم بها؟.
    (هـ) وقـال رحمـه اللـه (ومعـلـوم أن مـن أسقـط الأمـر والنهـي الـذي بعـث اللـهُ بـه رُسُلـه فهو كافر باتفاق المسلمين واليهود والنصارى)(مجموع الفتاوى) 8/ 106، وتعطيل الحدود الشرعية وغيرها من أحكام الشريعة مع إباحة المحرمات كالزنا والربا والخمر، هذا هو إسقاط الأمر والنهي الشرعيين الذي يكفر فاعله بالاتفاق.
    (و) وقال ابن تيمية أيضا (والإنسان متى حَلَّل الحـرام ــ المجمع عليه ــ أو حرَّم الحلال ــ المجمع عليه ــ أو بدّل الشرع ــ المجمع عليه ــ كان كافراً باتفاق الفقهاء) (مجموع الفتاوى) 3/ 267.
    ومعلومٌ أن القوانين الوضعية تشتملُ على تحليل الحرام وتحريم الحلال وتبديل الشرع، فكل من وضعها أو أجاز الحكم بها أو أمر بالحكم بها أو حكم بها فهو كافر بالاتفاق.
    (ز) وقال ابن تيمية رحمه الله (ومتى ترك العالِم ماعلمه من كتاب الله وسنة رسوله واتبع حكم الحاكم المخالف لحكم الله ورسوله كان مرتدا كافرا، يستحق العقوبة في الدنيا والآخرة، المص، كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين، اتبعوا ماأنزل إليكم من ربكم ولاتتبعوا من دونه أولياء قليلا ماتذكرون) ــ الأعراف 1 ــ 3 ــ ولو ضرب وحبس وأوذي بأنواع الأذى ليدع ماعلمه من شرع الله ورسوله الذي يجب اتباعه واتبع حكم غيره كان مستحقا لعذاب الله بل عليه أن يصبر وإن أوذِيَ في الله فهذه سنة الله في الأنبياء وأتباعهم، قال الله تعالى: (الم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) ــ العنكبوت 1 ــ 3 ــ)(مجموع الفتاوى) 35/ 373.
    (ح) وسُئل ابن تيمية رحمه الله عن التتـار الذين يغيـرون على بـلاد الشـام مرة بعد أخرى وهم يٌظهرون الإسلام ولايلتزمون بكثير من شرائعه، ماحكمهم وحكم قتالهم؟ (مجموع الفتاوى) 28/ 501 و 509. فأجاب رحمه الله (الحمد لله. كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما. فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة.
    وكـذلك ثبـت عـن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، مع قوله:«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم» فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لاتكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب.
    فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال، والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته ــ التي لاعذر لأحد في جحودها وتركها ــ التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تُقَاتَل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء) (مجموع الفتاوى) 28/ 502 ــ 503.
    وقـال ابن تيمية أيضا (كـل طائفـة خرجـت عن شريعـة مـن شـرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يُصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن صيام شهر رمضان أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجهاد الكفار إلى إن يُسلموا ويؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن اظهروا البدع المخالفة للكتاب والسنة واتباع سلف الأمة وأئمتها ــ إلى أن قال ــ قال الله تعالىوقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله) فإذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله.) (مجموع الفتاوى) 28/ 510 ــ 511.
    إلـى أن سُئل ابن تيمية رحمه الله عن التتـار الذين يغيـرون على بـلاد الشـام مرة بعد أخرى وهم يٌظهرون الإسلام ولايلتزمون بكثير من شرائعه، ماحكمهم وحكم قتالهم؟ (مجموع الفتاوى) 28/ 501 و 509. فأجاب رحمه الله (الحمد لله. كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة مع شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين، وملتزمين بعض شرائعه، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما. فاتفق الصحابة رضي الله عنهم على القتال على حقوق الإسلام، عملا بالكتاب والسنة.
    وكـذلك ثبـت عـن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة، مع قوله:«تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم» فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال. فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله وحتى لاتكون فتنة. فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب.
    فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات، أو الصيام، أو الحج، أو عن التزام تحريم الدماء، والأموال، والخمر، والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، أو عن التزام جهاد الكفار، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته ــ التي لاعذر لأحد في جحودها وتركها ــ التي يكفر الجاحد لوجوبها. فإن الطائفة الممتنعة تُقَاتَل عليها وإن كانت مقرة بها. وهذا مما لا أعلم فيه خلافا بين العلماء) (مجموع الفتاوى) 28/ 502 ــ 503.



    3 ــ العلامة ابن القيم رحمه الله (751 هـ)


    قال ابن القيم (وقد جاء القرآن، وصحّ الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله، وأن من التزم ماجاءت به التوراة والإنجيل، ولم يتبع القرآن، فإنه كافر، وقد أبطل الله كل شريعة كانت في التوراة والإنجيل وسائر الملل، وافترض على الجن والإنس شرائع الإسلام، فلا حرام إلا ماحرمه الإسلام، ولا فرض إلا ماأوجبه الإسلام.) (أحكام أهل الذمة) لابن القيم، جـ 1 صـ 259، ط دار العلم للملايين 1983م.
    وقد نقلت من قبل كلام ابن حزم وابن تيمية الذي يشبه قول ابن القيم هذا في أن من التزم بأحكام الشرائع المنسوخة فقد كفر، فإذا كان هذا هو حكم من التزم بشرائع نزلت في أصلها من عند الله تعالى ولكن الإسلام نسخها، فكيف بمن التزم بقوانين من اختراع البشر كجوستنيان ونابليون وغيرهما، وكيف بمن فرض هذه القوانين على المسلمين؟، وسيأتي في كلام ابن كثير التالي إشارة إلى ذلك.


    4 ــ الحافظ ابن كثير رحمه الله (774 هـ)


    (أ) ذكر رحمه الله كتـاب الياسـق وبعـض ماورد فيه من أحكام وهو كتاب وضعه جنكيز خان ملك التتار وصار في بنيه شرعا متبعاً يحكمون به ويتحاكمون إليه مع دعواهم الإسلام، ثم قال ابن كثير (وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزّلة على بعباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزّل على محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدَّمها عليه؟ من فعل ذلك كَفَر بإجماع المسلمين. «أفحكم الجاهلية يبغون ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون»، و «فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً» صدق الله العظيم) أهـ (البداية والنهاية) لابن كثير، 13/ 119.
    (ب) وفي تفسير قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون) المائدة 50، قال ابن كثير رحمه الله(ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر وعَدَلَ إلى ماسواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم ســواه في قليــل ولاكثــير، { أفحكـم الجاهليـة يبغـون } أي يبتغون ويريدون وعن حكم الله يعدلون، (ومَن أحسن مِن الله حُكْماً لقوم يوقنون) أى ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها فإنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء) (تفسير ابن كثير) 2/67.


    5 ــ الشوكاني رحمه الله (محمد بن علي) رحمه الله (1250 هـ)


    في رسالته (الدواء العاجل في دفع العدو الصائل) وصف أحوال أهل البلاد الخارجة عن سلطان الدولة في زمانه، فقال (فلنبيّن لك حال القسم الثاني: وهو حكم أهل البلاد الخارجة عن أوامر الدولة ونواهيها ــ إلى قوله ــ منها أنهم يحكمون ويتحاكمون إلى من يعرف الأحكام الطاغوتية منهم في جميع الأمور التي تنوبهم وتعرض لهم من غير انكار ولا حياء من الله ولا من عباده ولايخافون من أحد بل قد يحكمون بذلك بين من يقدرون على الوصول إليهم من الرعايا ومن كان قريبا منهم. وهذا الأمر معلوم لكل أحد من الناس لايقدر أحد على انكاره ودفعه وهو أشهر من نار على علم. ولاشك ولاريب أن هذا كفر بالله سبحانه وتعالى وبشريعته التي أمر بها على لسان رسوله واختارها لعباده في كتابه وعلى لسان رسوله. بل كفروا بجميع الشرائع من عند آدم عليه السلام إلى الآن، وهؤلاء جهادهم واجب وقتالهم متعين حتى يقبلوا أحكام الإسلام ويذعنوا لها ويحكموا بينهم بالشريعة المطهرة ويخرجوا من جميع ماهم فيه من الطواغيت الشيطانية. ــ إلى قوله ــ ومعلوم من قواعد الشريعة المطهرة ونصوصها أن من جرد نفسه لقتـال هـؤلاء واستعان بالله وأخلص له النية فهو منصور وله العاقبة فقد وعد الله بهذا في كتابه العزيز (ولينصرن الله من ينصره) (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) (والعاقبة للمتقين) ــ إلى أن قال ــ
    فإن تَرَكَ من هو قادر على جهادهم فهو متعرض لنزول العقوبة مستحق لما أصابه، فقد سلط الله على أهل الإسلام طوائف عقوبة لهم حيث لم ينتهوا عن المنكرات ولم يحرصوا على العمل بالشريعة المطهرة، كما وقع من تسليط الخوارج في أول الإسلام، ثم تسليط القرامطة والباطنية بعدهم، ثم تسليط الترك حتى كادوا يطمسون الإسلام، وكما يقع كثيرا من تسليط الفرنج ونحوهم فاعتبروا ياأولي الأبصار إن في هذا لعبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.) أهـ من رسالته (الدواء العاجل) صـ 33 ــ 35، ضمن (الرسائل السلفية) له، ط دار الكتب العلمية.


    6 ــ الشـيخ عبداللطيـف بن عبدالرحمـن بن حسـن بن محمـد بن عبدالوهاب رحمهم الله.


    ُسئل الشيخ عبداللطيف (1292هـ) عما يحكم به أهل السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد، هل يُطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف؟ فأجاب (من تحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر، «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون»، و «أفغير دين الله يبغون» الآية، و «ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أِمروا أن يكفروا به» الآية، و «ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت» الآية، والآيات في هذا المعنى كثيرة) أهـ من (الدرر السنية في الأجوبة النجدية) جمع عبدالرحمن بن قاسم، جـ 8 صـ 241، ط دار الإفتاء بالسعودية 1385هـ.


    7 ــ الشـيخ حَمَـد بـن عتيـق النجـدي رحمـه الله (1301هـ).


    في رسـالتـه (بيـان النجــاة والفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك) ذكر ضمن نواقض الإسلام (الأمر الرابع عشر: التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذكر الشيخ حَمَد فتوى ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى «أفحكم الجاهلية يبغون»، ثم قال: ومثل هؤلاء ماوقع فيه عامة البوادي ومن شابههم من تحكيم عادات آبائهم وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يُسَمُّونها شرع الرِّفاقة، يقدمونها على كتاب الله وسنة رسوله، ومن فعل ذلك فإنه كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله) أهـ من (مجموعة التوحيد) لشيخي الإسلام، صـ 412، ط دار الفكر 1399 هـ.


    8 ــ الشـيخ عبداللـه بن حميـد رحمـه اللـه:


    قال (ومــن أصـدر تشـريعـاً عـامـاً مُلـزمـاً للنــاس يتعارض مع حكم الله، فهذا يخرج من الملة كافراً) نقلا عن كتاب (أهمية الجهاد) لعلي بن نفيع العلياني، صـ 196، ط دار طيبة 1405 هـ. ومناط التكفير في الصورة التي ذكرها هو التشريع من دون الله وهو المناط الثاني .




    يتبع بأذن الله




    لما تماسكت الدموعُ وتنبه القلبُ الصديعُ
    قالوا الخضوع سياسةٌ فليبدُ منك لهم خضوعُ

    وألذ من طعم الخضوع على فمي السم النقيعُ
    إن يسلبِ القومُ العدا ملكي، وتسلمني الجموعُ
    فالقلب بين ضلوعِهِ لم تسلمِ القلبَ الضلوعُ
    لم أُستلبْ شرف الطباعِ! أيسلب الشرف الرفيعُ

    قد رمتُ يوم نزالهمْ ألا تحصنني الدروعُ
    وبرزتُ ليس سوى القميصِ على الحشا شيءٌ دفوعُ

    وبذلت نفسي كي تسيلَ إذا يسيلُ بها النجيعُ
    أجلي تأخر لم يكنْ بهواي ذلي والخضوعُ

    ما سرت قطّ إلى القتالِ وكان من أملي الرجوعُ
    شيم الأولى، أنا منهمُ والأصلُ تتبعه الفروع

  4. #4
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي





    9 ــ الشـيخ محمـد بن إبراهيـم آل الشـيخ رحمه اللـه (1389هـ)


    المفتي المشهور، وهو حفيد الشيخ عبداللطيف المذكور آنفا. في رسالته (تحكيم القوانين) قال الشيخ محمد (إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة مانزل به الروح الأمين علي قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحُكْم به بين العالمين، والرَدِّ إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضةً ومعاندةً لقول الله عزوجلفإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلا) وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عن مَّن لم يُحَكِّموا النبي صلى الله عليه وسلم فيما شجر بينهم، نفياً مؤكداً بتكرار أداة النفي وبالقسم، (فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويُسلموا تسليما) ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يُضيفوا إلى ذلك عَدَمَ وجود شيء من الحرج في نفوسهم بقوله جل شأنه (ثم لايجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت). والحَرَجُ: الضيقُ. بل لابدَّ من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب. ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضمُّوا إليهما التسليم وهو كمالُ الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم، بحيـث يتخلـون هاهنا مـن أي تعلـق للنفـس بهذا الشيء ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم، ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد، وهو قوله جل شأنه (تسليما) المبيِّن أنه لايُكتفى هاهنا بالتسليم.. بـل لابـد من التسليـم المطـلق.) أهـ ثم ذكر الشيخ محمد أن الحكـم بغـيـر ماأنـزل اللـه يكـون كفـراً أكـبر في أحـوال، الخامـس منها يصور واقع البلاد المحكومة بالقوانين الوضعية، وفيه قال:
    (الخامـس: وهـو أعظمــها وأشمــلـها وأظهــرها معانـدة للشـرع ومكـابـرة لأحكامـه ومشـاقـة للـه ولرسـولـه، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا وتفريعا وتشكيلا وتنويعاً وحكما وإلزاما، ومراجع ومستـندات، فكما أن للمحاكـم الشرعية مراجع مستمدات مرجعها كلها إلي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي: القانون الملفق من شرائع شتي، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلي الشريعة وغير ذلك.
    فهـذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة مفتوحة الأبواب، والناس إليها أسراب إثر أسراب، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون وتُلزمهم به وتقرهم عليه، وتحتمه عليهم. فأي كْفُر فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة.
    وذكـر أدلـة جمـيع ماقدمـنا على وجـه البسـط معلومـة معروفة، لايحتمل ذكرها هذا الموضع، فيا معشر العقلاء! ويا جماعات الأذكياء وأولي النها! كيف ترضون أن تجري عليكم أحكام أمثالكم، وأفكار أشباهكم، أو من هو دونكم، ممن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثر من صوابهم بكثير، بل لاصواب في حكمهم إلا ما هو مستمد من حكم الله ورسوله، نصا أو استنباطا، تدعونهـم يحكمـون في أنفسكـم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم،ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله، الذي لايتطرق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد. وخضوع الناس ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه، فكما لايسجد الخلق إلا لله، ولايعبدون إلا إياه، ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لايرضخوا ولايخضعوا أو ينقادوا إلا لحكم الحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلةُ والقسوةُ والظلماتُ، فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء،فضلا عن كونه كفراً بنص قوله تعالىومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) أهـ من رسالته (تحكيم القوانين)، وقد انتقدت من قبل قوله إن الحكم بغير ماأنزل الله يكون كفراً أصغر في بعض الأحوال .


    10 ــ الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:


    (أ) في تفسـير قولـه تعالـى (إن هـذا القـرآن يهـدي للتي هـى أقوم) الإسراء 9، قال الشنقيطي (ومن هدي القرآن للتي هي أقوم ــ بيانه أن كل من اتبع تشريعا غير التشريع الذي جاء به سيد ولد آدم محمد ابن عبد اللـه صلـوات اللـه وسلامـه عليـه، فاتباعـه لـذلك التشـريع المخـالـف كـفرٌ بـواحٌ مخـرجٌ من الملة الإسلامية. ولما قال الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم: الشاة تصبح ميتة من قتلها؟ فقال لهم: «الله قتلها» فقالوا له: ماذبحتم بأيديكم حلال، وماذبحه الله بيده الكريمة تقولون إنه حرام! فأنتم إذن أحسن من الله!؟ ــ أنزل الله فيهم قوله تعالى (ولاتأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) وحذف الفاء من قوله (إنكم لمشركون) يدل على قسم محذوف على حد قوله في الخلاصة:
    واحذف لدي اجتماع شرط وقسم جـــواب ما أخــرت فهو ملتزم.
    إذ لو كانت الجملة جوابا للشرط لاقترنت بالفاء على حد قوله في الخلاصة أيضا:
    واقرن بِفَاحتماً جــــــوابا لو جعل شرطا لإن أو غـيرها لم ينجعل.
    فهـو قسـم مـن اللـه جـل وعـلا أقسـم بـه على أن مـن اتبـع الشيطـان في تحلـيل الميتـة أنـه مشرك، وهذا الشرك مخرج عن الملة بإجماع المسلمين، وسيوبخ الله مرتكبه يوم القيامة بقوله: (ألم أعهد إليكم يابني آدم أن لاتعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين)لأن لأن طاعته في تشريعه المخالف للوحي هى عبادته، و (إنْ يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا) أي مايعبدون إلا شيطانا، وذلك باتباعهم تشريعه. وقال: (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم..) الآية، فسماهم شركاء لأنهم أطاعوهم في معصية الله تعالى. وقال عن خليله (ياأبت لاتعبد الشيطان) الآية، أي بطاعته في الكفر والمعاصي. ولما سأل عدي ابن حاتم النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى(اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا) الآية، بين له أن معنى ذلك أنهم أطاعوهم في تحريم ماأحل الله وتحليل ماحرم. والآيات بمثل هذا كثيرة.
    والعجب ممن يُحكِّم غير تشريع الله ثم يدعي الإسلام، كما : (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطـان أن يضلهـم ضـلالا بعيـدا)، وقالومـن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون). وقال: (أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين)) (أضواء البيان) 3/ 439 ــ 441.
    (ب) وفي تفسـير قـولـه تعالى (ولايُشرك في حكمه أحداً) الكهف 26، قال الشنقيطي رحمه الله (قرأ هذا الحرف عامة السبعة ماعدا ابن عامر «ولايشرك» بالياء المثناة التحتية، وضم الكاف على الخبر، ولا نافية، والمعنى: ولايشرك الله جل وعلا أحداً في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا لاحكم لغيره البتة، فالحلال ماأحله تعالى، والحرام ماحرمه، والدين ماشرعه، والقضاء ماقضاه، وقرأه ابن عامر من السبعة، «ولاتشرك» بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النهي، أي لاتشرك يانبي الله. أو لاتشرك أيها المخاطب أحداً في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم. وحكمه جل وعلا المذكور في قوله (ولايُشرك في حكمه أحداً) شامل لكل مايقضيه جل وعلا. ويدخل في ذلك التشريع دخولا أوليا.
    وماتضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لاشريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينا في آيات آخر، كقوله تعالى: (إن الحكم إلا لله أمر أن لاتعبدوا إلا إياه) وقوله تعالى: (إن الحكم إلا لله عليه توكلت...) الآية، وقوله تعالى: (ومااختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله...) الآية، وقوله تعالىذلكم بأنه إذا دُعِيَ الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير)، وقوله تعالى (كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون)، وقوله تعالى: (وله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون)، وقوله (أفحكــم الجاهليــة يبغـون ومن أحســن مــن اللـه حكما لقوم يوقنون)، وقوله تعالى: (أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا).إلى غير ذلك من الآيات.
    ويفهـم مـن هـذه الآيـات كقوله (ولايُشرك في حكمه أحداً) أن متبعي أحكام المشرعين غير ماشرعه الله أنهم مشركون بالله. وهذا المفهوم جاء مبيناً في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله (ولاتأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون) فصرح بأنهم مشركون بطاعتهم. وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى ــ هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى(ألم أعهد إليكم يابني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) وقوله تعالى عن نبيه إبراهيم: (ياأبت لاتعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا)، وقوله تعالى (إن يدعون من دونه إلا إناثاً. وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً) أي مايعبدون إلا شيطانا، أي وذلك باتباع تشريعه، ولذا سمي الله تعالى الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء في قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم....) الآية. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعدي بن حاتم رضي الله عنه لما سأله عن قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله...) الآية ــ فبين له أنهم أحلوا لهم ماحرم الله، وحرموا عليهم ماأحل الله فاتبعوهم في ذلك، وأن ذلك هو اتخاذهم إياهم أرباباً. ومن أصرح الأدلة في هذا: أن الله جل وعلا في سورة النساء بيَّن أن من يريدون أن يتحاكموا إلى غير ماشرعه الله يتعجب من زعمهم أنهم مؤمنون، وماذلك إلا لأن دعواهم الإيمان مع إرادة التحاكم إلى الطاغوت بالغة من الكذب مايحصل منه العجب، وذلك في قوله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمِروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيداً).
    وبهـذه النصـوص السماويـة التي ذكـرنا يظهـر غاية الظهور: أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم، أنه لايشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم.


    11 ــ محمد بن جعفر الكتاني رحمه الله من علماء المغرب


    في كتابه (نصيحـة أهــل الإســلام) قال (المبحـث السـادس: اتبـاع عـوائـد الكفــار والتمذهب بمذاهبهم والعمل بقوانينهم ــ إلى قوله ــ ومن جملتها، أعني تلك القوانين، الحكم في القضايا النازلة بين الخلق بغير ما حكم به فيها الملك الحق، بل بضوابط عقلية، وسياسات كفرية، وآراء فكرية، لم يأت بها شرع ولا دين، ولانزل بها مَلَكٌ من ملائكة الآه العالمين، وإنما هى أحكام مختلفة وافقهم فيها ضعفة الإيمان، ممن استزله وأغواه الشيطان حاولوا بها تبديل الشرع المطاع، وتحويل ماله من الأوضاع وإظهار عزتهم، وترويج كفرهم وشركهم وكلمتهم، والكتاب والسنة مملوآن بالتحذير من هذا، والتنفير عنه والوعيد عليه، والتقريع والتوبيخ لمن يفعله أو يميل بقلبه إليه، وكيف أيتها الأمة نتمذهب بمذاهبهم، ونأخذ في الدين بقوانينهم وأحكامهم، أو نميل أدنى ميل إليها، ونساعد في زمن من الأزمان عليها، والحق تعالى يقول في كتابه: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ــ إلى قوله ــ فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما»، ويقول: «وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم، واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ماأنزل الله إليك ــ إلى قوله ــ أفحكم الجاهلية يبغون، ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون»، ويقول: «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» ثم قال: «فأولئك هم الظالمون» ثم قال: «فأولئك هم الفاسقون».
    قال الطرطوشي في سـراجـه: فكـل مـن لـم يحكم بما جاء من عند الله ورسوله كملت فيه هذه الأوصاف الثلاثة: الكفر والظلم والفسق. أهـ)(نصيحة أهل الإسلام) صـ 191 ــ 194، ط مكتبة بدر بالرباط بالمغرب، 1409هـ. والطرطوشي هو أبو بكر الطرطوشي صاحب كتاب البدع، وله كتاب في السياسة الشرعية اسمه (سراج الملوك).


    12 ــ الشيخ أحمد شاكر رحمه الله:


    (أ) في تعليقـه على تفسـير قوله تعالى (فـلا وربـك لايؤمنـون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) النساء 65، قال الشيخ أحمد شاكر (فانظرو أيها المسلمون، في جميع البلاد الإسلامية أو البلاد التي تنتسب للإسلام، في أقطار الأرض ــ إلى ماصنع بكم أعداؤكم المبشرون والمستعمرون: إذ ضربوا على المسلمين قوانين ضالة مدمرة للأخلاق والآداب والأديان، قوانين إفرنجية وثنية، لم تبن على شريعة ولا دين، بل بنيت على قواعد وضعها رجل كافر وثني، أبي أن يؤمن برسول عصره ــ عيسى عليه السلام ــ وأصر على وثنيته، إلى ماكان من فسقه وفجوره وتهتكه! هذا هو جوستنيان، أبو القوانين وواضع أسسها فيما يزعمون، والذي لم يستح رجل من كبار رجالات مصر المنتسبين ــ ظلماً وزوراً ــ إلى الإسلام، أن يترجم قواعد ذاك الرجل الفاسق الوثني، ويسميها «مدونة جوستنيان»! سخرية وهزءاً بـ «مدونة مالك»، إحدى موسوعات الفقه الإسلامي المبني على الكتاب والسنة، والمنسوبة إلى إمام دار الهجرة. فانظروا إلى مبلغ ذلك الرجل من السخف، بل من الوقاحة والاستهتار!
    هذه القوانين التي فرضها على المسلمين أعداء الإسلام السافرو العداوة، هى في حقيقتها دين آخر جعلوه ديناً للمسلمين بدلا من دينهم النقي السامي. لأنهم أوجبوا عليهم طاعتها، وغرسوا في قلوبهم حبها وتقديسها والعصبية لها. حتى لقد تجري على الألسنة والأقلام كثيراً كلمات «تقديس القانون» «قدسية القضاء» «حَرَم المحكمة»، وأمثال ذلك من الكلمات التي يأبون أن توصف بها الشريعة الإسلامية وآراء الفقهاء الإسلاميين. بل هم حينئذ يصفونها بكلمات «الرجعية» «الجمود» «الكهنوت» «شريعة الغاب» إلى أمثال ماترى من المنكرات في الصحف والمجلات والكتب العصرية، التي يكتبها أتباع أولئك الوثنيين!
    ثم صاروا يطلقون على هذه القوانين ودراساتها كلمة «الفقه» و «الفقيه» و «التشريع» و «المشرع»، وما إلى ذلك من الكلمات التي يطلقها علماء الإسلام على الشريعة وعلمائها. وينحدرون فيتجرؤن على الموازنة بين دين الإسلام وشريعته وبين دينهم المفتري الجديد!!. ــ إلى أن قال ــ
    وصــار هــذا الــديــن الجــديــد هــو الــقواعـد الأساسية التي يتحاكم إليها المسلمون في أكثر بلاد الإسلام ويحكمون بها. سواء منها ماوافق في بعض أحكامه شيئاً من أحكام الشريعة وما خالفها. وكله باطل وخروج، لأن ماوافق الشريعة إنما وافقها مصادفة، لا اتباعاً لها، ولا طاعة لأمر الله وأمر رسوله. فالموافق والمخالف كلاهما مرتكس في حمأة الضلالة، يقود صاحبه إلى النار لايجوز لمسلم أن يخضع له أو يرضى به.
    وقـد نـزيد هـذا المعنـى بـياناً، عنـد كلام الحافظ ابن كثير في تفسير الآية: 50 من سورة المائدة، إن شاء الله.) (عمدة التفسير مختصر تفسير ابن كثير) لأحمد شاكر، 3/ 214 ــ 215.
    (ب) وفي تعليقـه علـى كـلام ابن كثـير في تفسـير قـولـه تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون) المائدة 50، قال أحمد شاكر رحمه الله(أقول: «أفيجوز مع هذا في شرع الله أن يحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟، بل تشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيرونه ويبدلونه كما يشاءون، لا يبالي واضعه أوافق شرعة الإسلام أم خالفها؟
    إن المسلمــين لم يُبْلَوْا بهذا قط فيما نعلم من تاريخهــم إلاّ في ذلك العهد عهـد التتـار، وكان من أسوأ عهــود الظلم والظلام ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له، بل غلب الإسلام التتار، ثم مزجهم فأدخلهم في شرعته، وزال أثر ما صنعوا بثبات المسلمين علي دينهم وشريعتهم، وبأن هذا الحكم السييء الجائر، كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك، لم يندمج فيه أحد من أفراد الأمم الإسلامية المحكومة، ولم يتعلموه، ولم يعلموه أبناءهم، فما أسرع ما زال أثره.
    أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير ــ في القرن الثامن ــ لذاك القانون الوضعي، الذي صنعه عدو الإسلام «جنكيز خان»؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفا: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام، أتي عليها الزمن سريعا، فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ماصنعت.
    ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالا وأشد ظلما وظلاما منهم، لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة والتي هي أشبه شيء بذاك الياسق، الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر. هذه القوانين التي يصنعها ناس ينتسـبون للإسـلام، ثم يتعلمها أبناء المسلمـين ويفخرون بذلك آباء وأبناء، ثم يجعلون مرد أمرهم إلي معتنقي هذا «الياسق العصري»، ويحقرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم «رجعياً» و «جامداً»! إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة.
    بــل إنهــم أدخـلــوا أيــديهــم فيــما بقــي فــي الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى «ياسقهم الجديد»، بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطان تارات. ويصرحون ــ ولايستحيون ــ بأنهم يعملون على فصل الدولة عن الدين!!
    أفيجــوز إذن ــ مــع هـذا ــ لأحـد مـن المسلمين أن يعتنق هذا الدين الجديد، أعني التشريع الجديد! أوَ يجوز لأب أن يرسل أبناءه لتعلم هذا واعتناقه واعتقاده والعمل به، عالماً كان الأب أو جاهلاً؟!
    أو يجوز لرجل مسلم أن يلي القضاء في ظل هذا الياسق العصري، وأن يعمل به، ويعرض عن شريعة الله البينة؟ ما أظن أن رجلاً مسلماً يعرف دينه، ويؤمن به جملة وتفصيلا، ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله على رسوله كتابا محكماً، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلا أن يجزم غير متردد ولا متأول بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً. لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة.
    إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس. هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة. ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام ــ كائنا من كان ــ في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امروء لنفسه، وكل امريء حسيب نفسه».
    ألا فليصـدع العلمـاء بالحـق غـير هيـابـين، وليبلغـوا مـاأمـروا بتبليغــه، غـير موانين ولامقصرين.) أهـ (عمدة التفسير) 4/ 173 ــ 174.
    (جـ) وفـي تعلـيقـه على تفسـير قوله تعالى (يـاأيهـا الـذيـن آمنـوا إن تطيـعــوا الذيـن كفـروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين) آل عمران 149، قال أحمد شاكر رحمه الله (وقد وقع المسلمون في هذه العصور الأخيرة فيما نهاهم الله عنه من طاعة الذين كفروا فأسلموا إلى الكفار عقولهم وألبابهم، وأسلموا إليهم ــ في بعض الأحيان ــ بلادهم، وصاروا في كثير من الأقطار رعية للكافرين من الحاكمين، وأتباعاً لدول هى ألد الأعداء للإسلام والمسلمين، ووضعوا في أعناقهم ربقة الطاعة لهم، بما هو من حق الدولة من طاعة المحكوم للحاكم. بل قاتل ناس ينتسبون للإسلام من رعايا الدول العدوة للإسلام ــ إخوانهم المسلمين في دول كانت إسلامية إذ ذاك. ثم عم البلاء، فظهر حكام في كثير من البلاد الإسلامية يدينون بالطاعة للكفار ــ عقلا وروحاً وعقيدة ــ واستذلوا الرعية من المسلمين وبثوا فيهم عداوة الإسلام بالتدريج، حتى كادوا يردوهم على أعقابهم خاسرين، وماأولئك بالمسلمين. فإنا لله وإنا إليه راجعون.) (عمدة التفسير) 3/51
    (د) وفـي تعليقـه على تفسـير قوله تعالى(ياأيـها الذيـن آمنـوا اتقوا الله وذروا مابقي من الربا إن كنتم مؤمنـين، فـإن لـم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) البقرة 278 ــ 279، قال أحمد شاكر رحمه الله (فانظروا ــ أيها المسلمون إن كنتم مسلمين ـ إلى بلاد الإسلام في كافة أقطار الأرض إلا قليلا، وقد ضربت عليها القوانين الكافرة الملعونة، المقتبسة من قوانين أوربة الوثنية الملحدة، التي استباحت الربا استباحة صريحة بألفاظها وروحها، والتي يتلاعب فيها واضعوها بالألفاظ، بتسمية «الربا»: «فائدة» حتى لقد رأينا ممن ينتسب إلى الإسلام، من رجال هذه القوانين ومن غيرهم ممن لايفقهون ــ من يجادل عن هذه الفائدة، ويرمي علماء الإسلام بالجهل والجمود، إن لم يقبلوا منهم هذه المحاولات لإباحة الربا.
    أيهـا المسلمـون! إن اللـه لم يتوعد في القرآن بالحرب على معصية من المعاصي غير الربا. فانظروا إلى أنفسكم وأممكم ودينكم. ولن يغلب الله غالب.) (عمدة التفسير) 2/ 197.
    وتـأمـل قـولـه (قـوانـين أوربة....التي استباحت الربا استباحة صريحة بألفاظها)، وذلك لأن التشريع المخالف لشرع الله هو استحلال واستباحه .
    وللشيخ أحمد شاكر كلام آخر في القوانين الوضعية والحكم بها راجعه في المواضع التالية:
    * في (عمدة التفسير) جـ 1 صـ 175 و 204 و 227 ــ 228، جـ 2 صـ 192، جـ 3 صـ 38 و 102 ــ 109 و 125 و 135، جـ 4 صـ 146 ــ 147.
    * وفي تعليقه على (المسند لأحمد بن حنبل) جـ 6 صـ 303 و 305.
    * وفي تعليقه على (الرسالة للشافعي) صـ 505.


    13 ــ الشيخ محمود شاكر رحمه الله:


    نقــل عنــه أخــوه الشـيخ أحـمـد شـاكـر قوله (وإذن، فلـم يكـن سـؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا، من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولافي إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لايشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه.) (عمدة التفسير) 4/ 157.





    يتبع بأذن الله




    لما تماسكت الدموعُ وتنبه القلبُ الصديعُ
    قالوا الخضوع سياسةٌ فليبدُ منك لهم خضوعُ

    وألذ من طعم الخضوع على فمي السم النقيعُ
    إن يسلبِ القومُ العدا ملكي، وتسلمني الجموعُ
    فالقلب بين ضلوعِهِ لم تسلمِ القلبَ الضلوعُ
    لم أُستلبْ شرف الطباعِ! أيسلب الشرف الرفيعُ

    قد رمتُ يوم نزالهمْ ألا تحصنني الدروعُ
    وبرزتُ ليس سوى القميصِ على الحشا شيءٌ دفوعُ

    وبذلت نفسي كي تسيلَ إذا يسيلُ بها النجيعُ
    أجلي تأخر لم يكنْ بهواي ذلي والخضوعُ

    ما سرت قطّ إلى القتالِ وكان من أملي الرجوعُ
    شيم الأولى، أنا منهمُ والأصلُ تتبعه الفروع

  5. #5
    سرايا الملتقى
    د/احمد غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 3030
    تاريخ التسجيل : 6 - 12 - 2010
    الدين : الإسلام
    الجنـس : ذكر
    المشاركات : 4,661
    شكراً و أعجبني للمشاركة
    التقييم : 32
    معدل تقييم المستوى : 18

    افتراضي



    14 ــ الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله.



    (أ) ففـي تعليقـه علـى كـلام صـاحـب كتـاب (فتـح المجيد شرح كتاب التوحيد) في بيان معنى الطاغوت، قال الفقي (الذي يستخلــص من كـلام السلف رضي الله عنهم: أن الطاغوت كل ما صُرَفَ العبد وصَدّه عن عبادة الله واخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله. سواء في ذلك الشيطان من الجن والشيطان من الإنس، والأشجار والأحجار وغيرها. ويدخل في ذلك بلاشك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ماوضعه الانسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله، من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذيها. والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت. وأمثالها من كل كتاب وضعه العقل البشري ليصرف عن الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم إما قصداً أو عن غير قصد من واضعه. فهو طاغوت.) هامش صـ 287 بكتاب (فتح المجيد) ط دار الفكر، ط 7.
    (ب) وفي تعليقـه على كـلام ابن كثير في تفسير قوله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون) المائدة 50، حيث أفتى ابن كثير بكفر التتار لحكمهم بقنون مخترع وهو الياسق، فقال محمد حامد الفقي (ومثل هذا وشر منه من اتخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال، ويقدمها على ما علم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بماأنزل الله. ولا ينفعه أي اسم تسمى به ولا أي عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها.) هامش صـ 406 (المصدر السابق).


    15 ــ الاستاذ عبد القادر عودة رحمه الله:


    قـال (إن إباحـة المجمـع على تحريمـه كالزنا والسكر، واستباحة إبطال الحدود، وتعطيل أحكام الشريعة، وشرع مالم يأذن به الله. إنما هو كفر وردة، وأن الخروج على الحاكم المسلم إذا ارتد واجب على المسلمين، وأقل درجات الخروج على أولي الأمر عصيان أوامره ونواهيه المخالفة للشريعة) من كتابه (التشريع الجنائي) 2/ 232.
    وقال أيضا (ومن الأمثلة الظاهرة على الكفر بالامتناع في عصرنا الحاضر الامتناع عن الحكم بالشريعة الإسلامية وتطبيق القوانين الوضعية بدلا منها، والأصل في الإسلام أن الحكم بما أنزل الله واجب وأن الحكم بغير ماأنزل الله محرم) (التشريع الجنائي الإسلامي) 2/ 708، ط 5، 1388هـ. وتأمل قوله (الكفر بالامتناع) لتدرك أنه أفقه من غيره ممن علقوا الكفر في هذا الموضوع على الاعتقاد.


    16 ــ الأستاذ سيد قطب رحمه الله:


    ولــه كــلام جيــد في تفســير آيــات ســورة المائــدة (ومن لم يحكم بما أنزل الله) فراجعه، ومما قاله في تفسير سورة الأنعام (إن الذين يحكمون على عابد الوثن بالشرك، ولايحكمون على المتحاكم إلى الطاغوت بالشرك، ويتحرجون من هذه ولايتحرجون من تلك، إن هؤلاء لايقرأون القرآن، ولايعرفون طبيعة هذا الدين، فليقرأوا القرآن، كما أنزله الله، وليأخذوا قول الله بجد «وإن أطعتموهم إنكم لمشركون») إلى آخر ما ذكره رحمه الله (في ظلال القرآن) صـ 1216.


    17 ــ الشيخ حمود التويجري رحمه الله:


    قـال (النـوع الثـاني: من المشابهـة وهـو من أعظمها شراً وأسوأها عاقبة ماابتلي به كثيرون من اطراح الأحكام الشرعية والاعتياض عنها بحكم الطاغوت من القوانين والنظامات الإفرنجية أو الشبيهة بالإفرنجية المخالف كل منها للشريعة المحمدية. وقد قال الله تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون). و (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم).
    وقد انحرف عن الدين بسبب هذه المشابهة فئام من الناس فمستقل من الانحراف ومستكثر.وآل الأمر بكثير منهم إلى الردة والخروج من دين الإسلام بالكلية فلا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
    والتحـاكـم إلـى غـير الشريعـة المحمديـة مـن الضـلال البعيـد والنـفـاق الأكبر قال الله تعالى (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا. وإذا قيل لهم تعالوا إلى ماأنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا). ثم نفي تبارك وتعالى الإيمان عمن لم يُحَكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم عند التنازع ويرض بحكمه ويطمئن إليه قلبه ولايبقى لديه شك أنما حكم به هو الحق الذي يجب المصير إليه فيذعن لذلك وينقاد له ظاهرا وباطنا وأقسم سبحانه وتعالى على هذا النفي بنفسه الكريمة المقدسة ف(فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
    وما أكثر المعرضين عن أحكام الشريعـة المحمديـة من أهل زماننا ولاسيما أهل الأمصار الذين غلبت
    عليهم الحرية الإفرنجية. وهان لديهم ماأنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة فاعتاضوا عن التحاكم إليهما بالتحاكم إلى القوانين والسياسات والنظامات التي ماأنزل الله بها من سلطان وإنما هى متلقاه عن الدول الكافرة بالله ورسوله أو ممن يتشبه بهم ويحذو حذوهم من الطواغيت الذين ينتسبون إلى الإسلام وهم عنه بمعزل.) أهـ، من كتابه (الإيضاح والتبيين لما وقع فيه الأكثرون من مشابهة المشركين) صـ 28 ــ 29، ط 1405 هـ.


    18 ــ الدكتور محمد نعيم ياسين:


    قال (ومن هنا يتضح أن شهادة أن (لا إله إلا الله) يناقضها أمران:
    الأول: نفي استحقاق الخالق لأن يعبد بأي نوع من أنواع العبادة.
    الثاني: اثبات هذا الاستحقاق لأي مخلوق من مخلوقات الله سبحانه وتعالى.
    فكـل قـول أو تصـرف أو اعتقاد يتضمن أحد هذين الأمرين يدخل صاحبه في الكفر والردة. ــ إلى أن قال ــ
    ويكفـر مـن ادعـى أن لـه الحق في تشريع مالم يأذن به الله، بسبب ماأوتي من السلطان والحكم، فيدعي أن له الحق في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، ومن ذلك وضع القوانين والأحكام التي تبيح الزنا والربا وكشف العورات أو تغيير ماجعل الله لها من العقوبات المحددة في كتاب الله أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو تغيير المقادير الشرعية في الزكاة والمواريث والكفارات والعبادات وغيرها مما قدره الشارع في الكتاب والسنة؟.
    ويـدخــل في الكفـر من يؤمن بهذه الطواغيت ويعترف لها بما ادعته من حقوق الألوهية، فقد (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) وقال أيضا (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم) والعروة الوثقى هى شهادة أن لا إله إلا الله فهذا هو معناها: أن تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى وتثبت جميع أنواع العبادة لله وحده لاشريك له.
    ومـن هـنا تعلـم أنـه إذا قـام حاكـم ينتحـل الحـق في إصـدار تشريعات مناقضة لما هو ثابت في الكتاب أو السنة، يحلل به ماحرم الله، أو يحرم ماأحله سبحانه، كفر وارتد عن دين الله القويم، لأنه يعتقد بذلك أنه يسعه الخروج عن شريعة الإسلام بما يشرع للناس، ومن اعتقد ذلك كان من الكافرين.
    ولكـن هـذا الحكـم لايـدخـل فيه إصدار التشريعات التي تتناولها نصوص الشارع أو لم تتعرض لها، ولا الأحكام الاجتهادية التي اختلف العلماء فيها.
    فمـن سـن قانـونا يبيـح بموجبـه الزنا أو الربا أو أي شيء من المعاصي المتفق على حرمتها في شرع الله فقد كفر ويكفر جميع من يسهم برضاه في إصدار مثل هذا القانون، ولكن لايكفر من سن قانونا ينظم فيه السير مثلا أو نحوه مما لم يتعرض له الشارع بالذكر، ولايكفر من سن قانونا ينظم فيه الأسعار، ولا يقال أن التسعيرة حرام لأن بعض العلماء لايجيزه، ذلك أنه أمر اجتهادي، وقد قال به بعض الفقهاء.
    وتعلـم أيضـا أنـه يكفـر مـن النـاس من يعترف لهذه الطواغيت بهذه الحقوق ويرضى بها، ويتحاكم إليها وإلى شرائعهم المناقضة للإسلام في أصوله وما علم منه بالضرورة، وقد (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وماأنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) (أم لهـم شـركـاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله). أهـ. من كتابه (الإيمان) صـ 102 ــ 104. ط دار عمر بن الخطاب.




    لما تماسكت الدموعُ وتنبه القلبُ الصديعُ
    قالوا الخضوع سياسةٌ فليبدُ منك لهم خضوعُ

    وألذ من طعم الخضوع على فمي السم النقيعُ
    إن يسلبِ القومُ العدا ملكي، وتسلمني الجموعُ
    فالقلب بين ضلوعِهِ لم تسلمِ القلبَ الضلوعُ
    لم أُستلبْ شرف الطباعِ! أيسلب الشرف الرفيعُ

    قد رمتُ يوم نزالهمْ ألا تحصنني الدروعُ
    وبرزتُ ليس سوى القميصِ على الحشا شيءٌ دفوعُ

    وبذلت نفسي كي تسيلَ إذا يسيلُ بها النجيعُ
    أجلي تأخر لم يكنْ بهواي ذلي والخضوعُ

    ما سرت قطّ إلى القتالِ وكان من أملي الرجوعُ
    شيم الأولى، أنا منهمُ والأصلُ تتبعه الفروع

 

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
RSS RSS 2.0 XML MAP HTML