الآية الأولى :
تقضي بأن الله عز وجل لا يغفر للمشرك إذا مات على شركه ..
قال الله عز وجل :
{ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) } النساء
أما من آمن أو تاب قبل أن يحضره الموت فعلى الله توبته فالله واسع المغفرة يقبل حتى من كفر ثم عاد ..
وفيما أذكر الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح فإنه رضي الله عنه أسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم عاد للإسلام وتاب وأناب بعد فتح مكة وقبله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد شفاعة عثمان له والقصة مشهورة ..
قال ابن كثير ( فحسن إسلامه جدا ) ..
أما الآية الثانية :
بالنسبة لبني إسرائيل فقد ثبت أنهم أقروا بذنبهم وندموا وتابوا ..
فدليل إقرارهم وندمهم قال الله عز وجل :
{ وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149) } الأعراف
ودليل توبتهم وطريقتها كما قال عز وجل :
{ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) } البقرة
وذكر المفسرون أنهم تابوا وكان قوله تعالى على لسان موسى { فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ } وكأن ذلك هو حد ردتهم وجزائهم لكي يقبل الله توبتهم وأما أن هؤلاء الذين اتخذوا العجل قتل بعضهم بعضا أو قام بقتلهم المؤمنون الذين اعتزلوا هذا الكفر مع هارون عليه السلام .. وفي هذا شبه إجماع من المفسرين لذلك لم أطل بنقل أقولهم .
وانظر إلى قول الله عز وجل : { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
قال الآلوسي في روح المعاني :
{ فَتَابَ عَلَيْكُمْ } جواب شرط محذوف بتقدير قد إن كان من كلام موسى عليه السلام لهم ، تقديره إن فعلتم ما أمرتم به فقد تاب عليكم ومعطوف على محذوف إن كان خطاباً من الله تعالى لهم ، كأنه قال : ففعلتم ما أمرتم فتاب عليكم بارئكم وفيه التفات لتقدم التعبير عنهم في كلام موسى عليه السلام بلفظ القوم وهو من قبيل الغيبة .
ولا يُقال قتل المرتدين هؤلاء لا يتوافق أيضا مع قوله تعالى { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ } لأنهم ماتوا تائبين وخضعوا للقتل لأنه شرط توبتهم ...
وجزاكم الله خيرا
المفضلات