بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم أخي أبا جاسم

أتمنى أن تكون الآن بصحة جيدة ، و بالمناسبة أهنئك و أهنئ أعضاء هذا المنتدى الكرام بعيد الأضحى المبارك ،راجيا أن يعيده الله علينا و على الأمة الإسلامية قاطبة بالخير و البركات .

تقول :
بدايةً أقول أن الحوار بهذه الطريقة العشوائية لا أحبذّه فمشاركتك السابقة تضمنت نقولات لا علاقة لها بالموضوع و حيدة عن الإجابة المباشرة و كل هذا لا يعد مشجعاً للسير في حوار علمي منهجي .
أين النقولات التي لا علاقة لها بالموضوع ؟ أين رأيتني حدت عن موضوع النقاش ؟ فأنا أيضا لا أحبّذ إطلاق الأحكام جزافا على المحاور بأن أتهمه باللامنهجية و العشوائية إذ من السهل الاجتراء على فعل ذلك ، و أنا أربأ بنفسي و بك أن نسقط في مثل هذه المطبات .

قولك :
(( بغض النظر عن مصطلحات أهل الكلام التي تستخدمها فأنت هنا تعترف أن صفة الكلام صفة مختلفة عن صفة العلم و هو المطلوب ، أما كونهما يندرجان تحت قسم الحكم العقلي و ينتميان إلى صفات المعاني فهذا خارج عن نطاق السؤال فأنا لم أسألك عن هذا أصلاً و إن كنت أتمنى أن توضح لنا ماذا تقصد بالحكم العقلي هنا ؟؟؟))
أنت لم تسألني عن تأصيل هذه المسألة عند العلماء ، هذا صحيح ، لكني أوردت ذلك لتعرف أن وضع "الكلام و العلم " ضمن قسم واحد عند العلماء راجع إلى تعلق الكلام بصفة العلم ، سبق أن بينتها لك في مشاركتي السابقة ، و سأزيدها توضيحا إن شاء الله حين يأتي أوانها لأني رأيتك أسأت فهم إجابتي فيما يتعلق بالفرق و الاشتراك بينهما.
قولك :
جيد أنك اعترفت بأن صفة الكلام غير صفة العلم و عليه على أي أساس كنت تقول أن صفة الكلام من صفة العلم فترد الكلام إلى العلم ؟؟؟ بينما هنا نراك تقر أن كلا الصفتين تشتركان في التعلق أي تتعلقان بالواجب و الممكن و المستحيل .

أنا لم أقل إطلاقا إن صفة الكلام هي صفة العلم ، و إنما قلت هي من العلم ، (و "من" من معانيها التبعيض ) لتعلق صفة الكلام بصفة العلم ، و قد فصلت لك القول فيما يفترقان ، و فيما يشتركان ، و لم أزعم أن صفة الكلام تتعلق بالجائز و الواجب و المستحيل ، و إنما قلت لك بالحرف الواحد : " فصفة الكلام تتعلق بالنهي و الأمر و الخبر ، أما صفة العلم فتتعلق بجميع المعلومات ما كان منها واجبا و جائزا و مستحيلا ، فيعلمها الله على ما هي عليه من الحالات جليّها و خفيّها أو بعبارة أخرى إن علم الله يتعلق بالموجودات و المعدومات" ، فتأمل . أما تعلق صفة الكلام فهي الدلالة على ما هو معلوم لله تعالى ، و لذلك قلت لك إنهما يشتركان في المعلومات ، فيما هو معلوم لله تعالى . و نحن لا ندرك حقيقة صفة الكلام الإلهي، و إنما ندرك لوازمها و أحكامها .

قولك :
في نهاية مشاركتي السابقة سألتك سؤال حول مسألة التعلق هذه و لكنك لغاية اللحظة لا تجيب و بالتالي أكرره لك مجدداً ليفهم المتابع المصطلحات الكلامية التي تستخدمها في توضيح فكرتك .

يبدو أنك - أخي أبا جاسم - لم تقرأ إجابتي على سؤالك هذا بالضبط في مشاركتي السابقة ، و عجبت كيف فاتتك ، و لا بأس أن أعيدها مرة أخرى :
"و أنا أوظف التعلق هنا بمعناه الاصطلاحي عند علماء الكلام ، أي بمعنى الاقتضاء ، كاقتضاء العلم معلوما ينكشف به ، و اقتضاء الكلام معنى ينكشف به ."


قولك :
أولاً : تعريفي كان شاملاً و ليست مشكلتي أنك تريد تعريف معين لصفة الكلام .


لا علينا ، سنتجاوز هذا ، لأن الكلام في نظرك كما تدل إجاباتك ، هو ما تعلق بالصوت و الحرف بوصفهما لازمين للكلام .

قولك :
ثانياً : يبدو أنك نسيت المعتزلة و الجهمية الذين كانوا يقولون أن القرآن مخلوق و ينكرون الكلام صفة لذات الله .
أنا لست من هؤلاء ، فلا تحمّل كلامي ما لا يحتمل .

قولك :
(( الاشتراك في الأسماء و الصفات لا يلزم منه تماثل المسميات و الموصوفات )) و قد دل على هذه القاعدة الشرع و العقل فأنت يا أخي الشهاب سميع بصير و الله سبحانه سميع بصير فهل ننفي السمع و البصر عنه سبحانه لأننا اشتركنا معه في مسمّى السمع و البصر ؟؟؟ هل يقول بهذا عاقل ؟؟؟
بل يلزم في الصفات ، لأن الله عز و جل يقول " ليس كمثله شيء " و هي القاعدة المحكمة التي يردّ إليها كل ما تعلق بصفات الله ، و هي الإطار الذي ينبغي أن يحكمنا في إدراك معنى السمع و البصر ، فالسمع و البصر ههنا هما صفتا انكشاف ، لما هو معلوم لله ، و لا ينبغي تكييفهما و لا القول بمشابهتهما ، على نحو لا نعلمه، و لا بناء إدراكنا لهما على التوهم و التخيل ، فالله - تعالى - يقول : " فلا تضربوا لله الأمثال ".

أنت لديك قدرة و الله سبحانه لدية قدرة فهل مجرد الاشتراك في مسمّى القدرة يستلزم التماثل لتنفي الصفة الثابتة له سبحانه بالأدلة الصريحة ؟؟؟؟
هذه من الصفات المعنوية التجريدية ، التي لا يلزم منها تصوير الله أنه " جسم " - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا -

قولك :
أخي الكريم يجب أن تعلم أن لكل شئ عند الوصف ما يخصه فالله سبحانه نثبت له الصفات على الوجه اللائق بجلاله فصفاته تخصه و نثبت للإنسان صفاته على الوجه الذي يخصه و يليق به فمثلاً صفة الحياة للإنسان يسبقها العدم و يلحقها الفناء بينما حياة الله ليست كحياة المخلوقين و لا وجه للمقارنة هنا فحياته سبحانه لا يسبقها عدم و لا يلحقها فناء مع أن الله و البشر اشتركا في مسمى الحياة .
هل يمكن أن تشرح لي معنى قولك :"على الوجه اللائق بجلاله " ، دون أن تقع في التشبيه و التجسيم بالنسبة إلى السمع و البصر و اليد و العين و ما إلى ذلك من الصفات الجسمية ؟

قولك :
الخلاصة أن الاشتراك في مسمى الحرف و الصوت لا يستلزم التماثل الذي يذهب بنا إلى نفيهما .
بل يلزم ، و لا يعني نفي جسمية الصوت و الحرف ، و آلتهما السمعية و البصرية نفي صفة الكلام لله تعالى بوصفه مدلولات معلومة لله .

قولك :
و الأن أنت مطالب بإخبارنا بناءً على ماذا أنكرت الحرف هنا ؟؟؟
بكل بساطة ، لأنه ينتج عنه تجسيم الله ، و الله منزه عن ذلك ، فضلا عما يتفرع عن القول بالصوت و الحرف من وجود أبعاد زمانية و مكانية و حلولية ذكرناها من قبل ، فالصوت له بعد زمني لاستغراقه وقتا ، و مكاني من خلال كونه ذبذبات تشغل حيزا ، و له بعد حلولي لكونه يستلزم انتقال جزء من ذات الله خارج ذاته لتحل في السامع .

يتبع إن شاء الله .