تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني



الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 [119] 120 121 122 123 124

ساجدة لله
2010-10-20, 04:29 AM
2451 " يعذب ناس من أهل التوحيد في النار , حتى يكونوا فيها حمما , ثم تدركهم الرحمة
, فيخرجون و يطرحون على أبواب الجنة , قال : فيرش عليهم أهل الجنة الماء ,
فينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السيل , ثم يدخلون الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 580 :

أخرجه أحمد ( 3 / 391 ) و الترمذي ( 2600 ) عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي
سفيان عن # جابر # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال
الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : و هو على شرط مسلم . و للحديث شاهد من
حديث أبي سعيد الخدري بأتم منه . رواه مسلم و غيره كما تقدم برقم ( 1551 ) .
2452 " يعق عن الغلام و لا يمس رأسه بدم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 580 :

أخرجه ابن ماجة ( 2 / 281 ) و الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 33 / 2 ) و ابن
منده في " المعرفة " ( 2 / 35 / 1 ) عن عبد الله بن وهب حدثني عمرو بن الحارث
عن أيوب بن موسى أنه حدثه أن يزيد بن عبد المزني حدثه : [ عن أبيه ] أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال الطبراني : " لم يروه عن أيوب إلا عمرو
, تفرد به ابن وهب " . قلت : و ثلاثتهم ثقات , لكن يزيد بن عبد الله المزني
مجهول , لم يذكروا عنه راويا غير أيوب , و مع ذلك وثقه ابن حبان ( 5 / 543 ) !
لكن للحديث شاهد من حديث عائشة قالت : " كانوا في الجاهلية إذا عقوا عن الصبي
خضبوا قطنة بدم العقيقة , فإذا حلقوا رأس الصبي وضعوها على رأسه , فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : اجعلوا مكان الدم خلوقا " . أخرجه ابن حبان ( 1057 ) .
قلت : و إسناده صحيح . و أخرجه أبو داود و غيره من حديث بريدة نحوه . و إسناده
صحيح أيضا .
( تنبيه ) : الزيادة التي بين المعكوفتين هي عند الطبراني و ابن منده و إثباتها
هو الصواب كما في " التهذيب " .
2453 " يعمد الشيطان إلى أحدكم فيتهول له , ثم يغدو يخبر الناس ! " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 581 :

أخرجه النسائي في " عمل اليوم و الليلة " ( 913 ) و ابن ماجة ( 2 / 451 ) و
أحمد ( 2 / 344 ) عن محمد بن عبد الله بن الزبير عن عمر بن سعيد بن أبي حسين :
حدثني عطاء بن أبي رباح عن # أبي هريرة # قال : " جاء رجل فقال : إني رأيت رأسي
ضرب , فرأيته يتدهده , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...‏" فذكره .
قلت : و هذا حديث صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين . و له شاهد من حديث جابر
نحوه . أخرجه مسلم ( 7 / 55 ) و النسائي ( 912 ) و استدركه الحاكم ( 4 / 302 )
, فوهم . و ترجم النسائي الحديث بقوله : " الزجر عن أن يخبر الإنسان بتلعب
الشيطان به في منامه " .
2454 " تلقى عيسى حجته , فلقاه الله في قوله " *( و إذ قال الله يا عيسى بن مريم
أأنت قلت للناس اتخذوني و أمي إلهين من دون الله )* <1> , فلقاه الله " *(
سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق )* <2> , الآية كلها " .

-----------------------------------------------------------

[1 , 2 ] المائدة : الآية : 116 . اهـ .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 582 :

أخرجه الترمذي ( 3064 ) عن طاووس عن # أبي هريرة # قال : فذكره موقوفا عليه إلى

تمام الآية الأولى , ثم رفع الباقي فقال : قال أبو هريرة عن النبي صلى الله
عليه وسلم : فلقاه الله ...‏و لا شك أن جميعه مرفوع , و قال الترمذي : " حديث
حسن صحيح " . قلت : و هو على شرط مسلم .
2455 " ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , كلما خرج قرن قطع حتى يخرج في
أعراضهم الدجال " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 582 :

أخرجه ابن ماجة ( 1 / 74 ) : حدثنا هشام بن عمار حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا
الأوزاعي عن نافع عن # ابن عمر # قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: فذكره . و قال البوصيري في " زوائده " ( 13 / 1 ) : " إسناده صحيح , و قد
احتج البخاري بجميع رواته " . قلت : لكن ابن عمار قال الحافظ : " صدوق مقرئ ,
كبر فصار يتلقن , فحديثه القديم أصح " . فإن كان الحديث قد حفظه , و لم يتلقنه
فهو صحيح , على خلاف في سماع الأوزاعي من نافع . لكن يبدو لي أنه حديث حسن ,
فقد ثبت أن من أشراط الساعة نشئا ينشأون يتخذون القرآن مزامير . و قد سبق
تخريجه برقم ( 979 ) . و روى أحمد و غيره عن عثمان بن أبي العاص مرفوعا في حديث
له : " ... فيخرج الدجال في أعراض الناس " . و إسناده ضعيف . و له شاهد من حديث
شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ : " يخرج ناس من قبل المشرق
يقرءون القرآن لا يجاوز ...‏" الحديث . أخرجه الحاكم ( 4 / 486 - 487 ) و
الطيالسي في " مسنده " ( 2293 ) و أحمد ( 2 / 198 - 199 و 209 ) من طريق قتادة
عنه . و خالفه أبو جناب يحيى بن أبي حية عن شهر بن حوشب : سمعت عبد الله بن عمر
... فذكره نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 84 ) في " مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب "
. و الصواب رواية قتادة لأن أبا جناب ضعيف لكثرة تدليسه كما في " التقريب " . و
شهر لا بأس به في الشواهد , و بعضهم يحسن حديثه , و لعله لذلك سكت عنه الحاكم و
الذهبي . قوله : ( أعراضهم ) : جمع عرض بفتح و سكون , بمعنى الجيش العظيم و هو
مستعار من العرض بمعنى ناحية الجبل , أو بمعنى السحاب الذي يسد الأفق . قاله
السندي .
2456 " يوم القيامة كقدر ما بين الظهر و العصر " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 584 :

أخرجه الحاكم ( 1 / 84 ) و عنه الديلمي ( 4 / 337 ) عن سويد بن نصر حدثنا ابن
المبارك عن معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن # أبي هريرة # عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم به . و قال : " صحيح الإسناد , على شرط الشيخين إن كان سويد بن
نصر حفظه , على أنه ثقة مأمون , فقد أخبرنا ... " .‏ثم ساقه من طريق عبدان :
حدثنا عبد الله عن معمر موقوفا على أبي هريرة بلفظ : " يوم القيامة على
المؤمنين كقدر ... " . الحديث . و وافقه الذهبي على ما قال , و أرى أن الموقوف
في حكم المرفوع , بل هو أوضح و أبين . و الله أعلم . لكن سويدا ليس على شرط
الشيخين و إن كان ثقة و هو رواية ابن المبارك ..
2457 " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة من الصلوات ( و في رواية : صلاة
الظهر ) فقام من اثنتين [ و لم يجلس ] فسبح به [ فلما اعتدل مضى و لم يرجع ]
[ فقام الناس معه ] , فمضى حتى [ إذا ] فرغ من صلاته و لم يبق إلا السلام [ و
انتظر الناس تسليمه ] سجد سجدتين [ يكبر في كل سجدة , و هو جالس ] قبل أن يسلم
[ ثم سلم ] [ و سجد الناس معه , مكان ما نسي من الجلوس ] " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 584 :

هذا الحديث مما يرويه # عبد الله بن بحينة # رضي الله تعالى عنه , و عنه عبد
الرحمن الأعرج رحمه الله تعالى , و له عنه ثلاث طرق : الأولى : عن ابن شهاب
الزهري عنه مختصرا نحوه . أخرجه البخاري ( 829 و 830 و 1224 و 1225 و 1230 و
6670 ) و مسلم ( 2 / 83 - 84 ) و ابن حبان ( 2666 - 2668 ) و غيرهم من طرق عنه
. و هو مخرج في " إرواء الغليل " ( 2 / 45 / 338 ) و " صحيح أبي داود " ( 946 )
, فلا نطيل النفس في تخريجه إلا بقدر الحاجة . و الزيادات للشيخين أو لأحدهما ,
إلا الثالثة , فهي لغيرهما كما يأتي . الثانية : عن الضحاك عن عثمان عنه .
أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 2 / 115 / 1030 ) و الحاكم ( 1 / 322 ) و
السياق له , و قال : " هذا حديث مفسر , صحيح على شرط الشيخين " ! و وافقه
الذهبي ! قلت : و الضحاك بن عثمان لم يخرج له البخاري , فهو على شرط مسلم وحده
و فيه ضعف يسير , يتقوى بما بعده . الثالثة : عن يحيى بن سعيد عنه . أخرجه ابن
خزيمة ( 1031 ) - و له الزيادة الثانية - و ابن الجارود في " المنتقى " ( 2 -
93 / 242 ) و ابن حبان ( 2669 - 2670 ) بزيادة : " فسبحنا به " . قلت : و
إسناده صحيح على شرط الشيخين , فكان على الحاكم أن يخرجه بأولى من الذي قبله .
و اعلم أنه من الدواعي على إخراج هذا الحديث هنا أمور وقفت عليها , فما أحببت
أن أدع التنبيه عليها : الأول : أنني رأيت المعلق على " المنتقى " لابن الجارود
, عزا الحديث من رواية يحيى بن سعيد هذه للستة و غيرهم , و ليس عندهم زيادة
التسبيح . و نبه على ذلك صديقنا الفاضل أبو إسحاق الحويني في كتابه القيم : "
غوث المكدود في تخريج منتقى ابن الجارود " , و قد أهدى إلي الجزء الأول منه ,
جزاه الله خيرا . الثاني : أن الحافظ في " الفتح " عزاها لابن خزيمة فقط !
الثالث : أن الحافظ الهيثمي لم يورد رواية ابن حبان هذه في " موارد الظمآن " ,
فإنها من شرطه لهذه الزيادة , فقد أورد مثلا ( 536 ) حديث عمران في سجود السهو
, مع كونه في " مسلم " لأن في رواية ابن حبان زيادة ذكر التشهد بعد سجدتي السهو
, و قد فاته من هذا القبيل الشيء الكثير , و لعل أوفق لاستدراكه أو استدراك
بعضه على الأقل . و الله تعالى ولي التوفيق .
( فائدة ) : قوله : " فلما اعتدل مضى و لم يرجع " فيه إشارة قوية إلى أن عدم
رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى التشهد - و هو واجب - إنما هو اعتداله صلى الله
عليه وسلم قائما , و مفهومه أنه لو لم يعتدل لرجع , و قد جاء هذا منصوصا عليه
في قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قام الإمام في الركعتين , فإن ذكر قبل أن
يستوي قائما فليجلس , فإن استوى قائما فلا يجلس , و يسجد سجدتي السهو " . و هو
حديث صحيح بمجموع طرقه , أحدها جيد , و هو مخرج في " الإرواء " ( 388 ) و "
صحيح أبي داود " ( 949 ) . فما جاء في بعض كتب الفقه أنه إذا كان إلى القيام
أقرب لم يرجع , فإنه مع مخالفته للحديثين , فلا أصل له في السنة البتة , فكن
أيها المسلم من دينك على بينة .
2458 " مكتوب في الإنجيل : لا فظ و لا غليظ و لا سخاب بالأسواق و لا يجزي بالسيئة
مثلها , بل يعفو و يصفح " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 586 :

رواه الحاكم ( 2 / 614 ) و ابن عساكر ( 1 / 264 / 2 ) عن أحمد بن عبد الجبار
حدثنا يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث عن # عائشة # أن رسول
الله مكتوب ... الحديث . هكذا في المستدرك , و في ابن عساكر : " قالت : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : مكتوب ...‏" , و لعل الأول هو الصواب , و قال
الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي , و فيه نظر من وجهتين :
الأول : أن أحدا من رواته لم يخرج له البخاري في " صحيحه " محتجا به .
الثاني : أن أحمد بن عبد الجبار لم يخرج له مسلم أيضا , و إنما هو من رجال أبي
داود فيما قيل , و قد قال الحافظ فيه : " ضعيف , و سماعه للسيرة صحيح " .
قلت : و يعني بـ " السيرة " : " مغازي يونس بن بكير " هذا , كما يستفاد من
ترجمته في " التهذيب " , و فيها ما يدل على أنه صدوق , في حفظه ضعف , و هو ما
انتهى إليه اجتهاد الحافظ , فقال في " التقريب " : " صدوق يخطىء " . و لعله لا
ينافي قول الذهبي في " الميزان " : " و قد أخرج مسلم ليونس في الشواهد لا
الأصول , و كذلك ذكره البخاري مستشهدا به , و هو حسن الحديث " . و يؤيده قول
ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 45 ) : " حدثنا عنه أصحابنا , ربما خالف , لم أر
في حديثه شيئا يجب أن يعدل به عن سبيل العدول إلى سنن المجروحين " . و يونس بن
عمرو هو يونس بن أبي إسحاق : عمرو بن عبد الله السبيعي , و هو صدوق يهم قليلا
كما قال الحافظ . و بالجملة , فقول الحاكم و الذهبي : إن الحديث صحيح على شرط
الشيخين وهم ظاهر , بل و لا هو صحيح الإسناد . نعم هو حسن على الأرجح . و الله
أعلم .
2459 " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى همس شيئا لا أفهمه و لا يخبرنا به
, قال : أفطنتم لي ? قلنا : نعم . قال : إني ذكرت نبيا من الأنبياء أعطي جنودا
من قومه , ( و في رواية : أعجب بأمته ) , فقال : من يكافئ هؤلاء ? أو من يقوم
لهؤلاء - أو غيرها من الكلام , ( و في الرواية الأخرى : من يقوم لهؤلاء ? و لم
يشك ) , فأوحي إليه أن اختر لقومك إحدى ثلاث , إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم
أو الجوع أو الموت , فاستشار قومه في ذلك , فقالوا : أنت نبي الله , فكل ذلك
إليك , خر لنا . فقام إلى الصلاة و كانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فصلى ما
شاء الله , قال : ثم قال : أي رب ! أما عدو من غيرهم , فلا , أو الجوع , فلا ,
و لكن الموت , فسلط عليهم الموت , فمات منهم [ في يوم ] سبعون ألفا , فهمسي
الذي ترون أني أقول : اللهم بك أحول و لك أصول و بك أقاتل " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 588 :

أخرجه أحمد ( 6 / 16 ) : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سليمان بن المغيرة عن
ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن # صهيب # قال .... فذكره . قلت : و هذا
إسناد صحيح على شرط الشيخين . و تابعه معمر عن ثابت البناني به نحوه , دون
الورد الذي في آخره , و الرواية الأخرى و الزيادة له , و زاد : " و كان إذا حدث
هذا الحديث , حدث بهذا الحديث الآخر : كان ملك من الملوك , و كان لذلك الملك
كاهن ... " , الحديث بطوله . أخرجه الترمذي ( 2 / 236 - 237 ) و قد أخرجه مسلم
( 8 / 229 - 231 ) و أحمد في رواية له ( 1 / 16 - 18 ) من طريق حماد بن سلمة
حدثنا ثابت به دون الحديث الأول . و قال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : و
إسناده على شرطهما أيضا .
( تنبيه ) : جاء في " الأذكار " للإمام النووي ما نصه : " و ذكر الإمام أبو
محمد القاضي حسين من أصحابنا رحمه الله في كتابه " التعليق في المذهب " قال :
" نظر بعض الأنبياء صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين إلى قومه يوما فاستكثرهم
, و أعجبوه , فمات منهم في ساعة سبعون ألفا , فأوحى الله سبحانه و تعالى إليه
: إنك عنتهم ! و لو أنك إذا عنتهم حصنتهم لم يهلكوا , قال : و بأي شيء أحصنهم
? فأوحى الله تعالى إليه : تقول : حصنتهم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ,
و دفعت عنكم السوء بلا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم " . فأقول : و هو
بهذا السياق منكر عندي لأنه يخالف الرواية الصحيحة المتقدمة من وجوه لا تخفى ,
و العجيب أن النووي قال عقبه : " قال المعلق عن القاضي حسين : و كان عادة
القاضي رحمه الله إذا نظر إلى أصحابه فأعجبه سمتهم و حسن حالهم حصنهم بهذا
المذكور " . قلت : فسكت عليه النووي , فكأنه أقره و استحسنه , و لو كان هذا
حديثا ضعيفا لقلنا : إنه حمله على ذلك قوله : يعمل بالحديث الضعيف في فضائل
الأعمال . فكيف و هو لم يذكره حديثا مرفوعا و لو ضعيفا ? فكيف و هو مخالف
للحديث الصحيح ? أفليس هذا من شؤم القول المذكور يحملهم على العمل حتى بما لا
أصل له من الحديث ? بلى ! فهل من معتبر ? !
2460 " إن الشمس تدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن , فبيناهم كذلك استغاثوا بآدم فيقول
: لست صاحب ذلك , ثم بموسى , فيقول كذلك , ثم محمد صلى الله عليه وسلم , فيشفع
بين الخلق , فيمشي حتى يأخذ بحلقة الجنة , فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا ,
يحمده أهل الجمع كلهم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 590 :

أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 199 ) : حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد
الحكم قال : أخبرنا أبي و شعيب قالا : أخبرنا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر
قال : سمعت حمزة بن عبد الله يقول : سمعت # عبد الله بن عمر # يقول : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات , رجال
الشيخين , غير محمد بن عبد الله بن عبد الحكم و أبيه , و هما ثقتان فقيهان
بصريان . قلت : و هذا حديث عزيز في المقام المحمود و أنه شفاعته صلى الله عليه
وسلم الخاصة به . و هو أصح حديث وقفت عليه فيه و هناك أحاديث أخرى , فانظر
الحديثين المتقدمين ( 2369 و 2370 ) و " تخريج السنة " ( 784 و 785 و 789 ) .
و الحديث قال الهيثمي ( 10 / 371 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " عن مطلب بن
شعيب عن عبد الله بن صالح , و كلاهما قد وثق على ضعف فيه , و بقية رجاله رجال
الصحيح " . قلت : إسناد ابن خزيمة سالم من هذين المضعفين , و عبد الله بن صالح
كثير الرواية عن الليث - و هو ابن سعد - بل هو كاتبه , و لولا غفلة كانت فيه
لكانت روايته عنه من أقوى الروايات , و على كل حال , فهو متابع للثقتين في
رواية ابن خزيمة , ففيها قوة للحديث . و الله أعلم . ثم رأيت ابن خزيمة أخرجه
بإسناد آخر عن الليث , فقال ( ص 158 - 159 ) : " و حدثنا يونس بن عبد الأعلى
قال : حدثنا يحيى - يعني ابن عبد الله بن بكير - قال : حدثني الليث ...‏" به .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . ( فائدة ) : قوله صلى الله عليه وسلم :
" استغاثوا بآدم " , أي : طلبوا منه عليه السلام أن يدعو لهم , و يشفع لهم عند
الله تبارك و تعالى . و الأحاديث بهذا المعنى كثيرة معروفة في " الصحيحين " ,
و غيرهما . و ليس فيه جواز الاستغاثة بالأموات , كما يتوهم كثير من المبتدعة
الأموات ! بل هو من باب الاستغاثة بالحي فيما يقدر عليه , كما في قوله تعالى :
*( فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه ..‏)* الآية <1> . و من الواضح
البين أنه لا يجوز - مثلا - أن يقول الحي القادر للمقيد العاجز : أعني ! فالميت
الذي يستغاث به من دونه تعالى أعجز منه , فمن خالف , فهو إما أحمق مهبول , أو
مشرك مخذول لأنه يعتقد في ميته أنه سميع بصير , و على كل شيء قدير , و هنا تكمن
الخطورة لأن الشرك الأكبر , و هو الذي يخشاه أهل التوحيد على هؤلاء المستغيثين
بالأموات من دون الله تبارك و تعالى , و هو القائل : *( إن الذين تدعون من دون
الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين . ألهم أرجل يمشون
بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها )*
<2> . و قال : *( و الذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير . إن تدعوهم لا
يسمعوا دعائكم و لو سمعوا ما استجابوا لكم و يوم القيامة يكفرون بشرككم و لا
ينبئك مثل خبير )* <3> .
-----------------------------------------------------------
[1] القصص : الآية : 15 .
[2] الأعراف : الآية : 194 - 195 .
[3] فاطر : الآية : 13 - 14 . اهـ .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:30 AM
2461 " ما من عام بأكثر مطرا من عام و لكن الله يصرفه بين خلقه [ حيث يشاء ] . ثم
قرأ : *( و لقد صرفناه بينهم [ ليذكروا ] )* <1> [ الآية ] " .

-----------------------------------------------------------

[1] الفرقان : 5 . اهـ .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 592 :

أخرجه ابن جرير في " التفسير " ( 19 / 15 ) و الحاكم ( 2 / 403 ) من طريق
سليمان التيمي سمعت الحسن بن مسلم يحدث طاووسا عن سعيد بن جبير عن # ابن عباس #
قال : فذكره , و السياق له , و كذا الزيادة الثانية في رواية , و الزيادة
الأولى للحاكم , و قال : " صحيح على شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي و هو كما
قالا . و له شاهد يرويه يزيد بن أبي زياد أنه سمع أبا جحيفة يقول : سمعت عبد
الله بن مسعود يقول : فذكره . أخرجه ابن جرير . قلت : و رجاله ثقات رجال
الشيخين غير يزيد هذا - و هو الهاشمي مولاهم - و هو سيء الحفظ , فلا بأس به في
الشواهد , و عزاه في " الدر المنثور " ( 5 / 73 ) للخرائطي في " مكارم الأخلاق
" . و قال البغوي في " معالم التنزيل " ( 6 / 184 - منار ) عقب حديث ابن عباس :
" و هذا كما روي مرفوعا : ما من ساعة من ليل و لا نهار , إلا و السماء تمطر
فيها , يصرفه الله حيث يشاء . و ذكر ابن إسحاق و ابن جريج و مقاتل و بلغوا به
ابن مسعود يرفعه قال : ليس من سنة بأمر <1> من أخرى , و لكن الله قسم هذه
الأرزاق , فجعلها في السماء الدنيا في هذا القطر , ينزل منه كل سنة بكيل معلوم
, و وزن معلوم , و إذا عمل قوم بالمعاصي حول الله ذلك إلى غيرهم , فإذا عصوا
جميعا صرف الله ذلك إلى الفيافي و البحار " . قلت : فيظهر مما تقدم أن الحديث و
إن كان موقوفا , فهو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل الرأي و الاجتهاد , و
لأنه روي مرفوعا . و الله أعلم .

-----------------------------------------------------------
[1] على وزن أفعل , أي : أسوأ . اهـ .
2462 " يحلها - يعني : مكة - و يحل به - يعني : الحرم المكي - رجل من قريش , لو وزنت
ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها " .‏

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 593 :

أخرجه أحمد ( 2 / 196 و 219 ) : حدثنا هاشم حدثنا إسحاق - يعني ابن سعيد -
حدثنا # سعيد بن عمرو # قال : " أتى عبد الله بن عمرو ابن الزبير , و هو جالس
في الحجر , فقال : يا ابن الزبير ! إياك و الإلحاد في حرم الله , فإني أشهد
لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( فذكره ) . قال : فانظر أن لا تكون
هو يا ابن عمرو ! فإنك قد قرأت الكتب و صحبت الرسول صلى الله عليه وسلم , فإني
أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهدا " . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط
الشيخين , و هاشم هو ابن القاسم أبو النضر , و قد توبع , فقال الإمام أحمد ( 2
/ 136 ) : حدثنا محمد بن كناسة حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه قال : " أتى عبد
الله بن عمر عبد الله بن الزبير , فقال : ...‏" فذكره نحوه دون قوله : " فإنك
قد قرأت الكتب ...‏" . كذا قال " ابن عمر " , و في " مسنده " أورده الإمام أحمد
و لعله من أوهام ابن كناسة , فإنه مع ثقته قد قال فيه أبو حاتم : " يكتب حديثه
و لا يحتج به " . و قال الهيثمي ( 3 : 285 ) في الطريق الأولى : " رواه أحمد و
رجاله رجال الصحيح " . و قال في الأخرى : " رواه أحمد و رجاله ثقات " . و ذكره
من حديث ابن عمرو أيضا بلفظ : " يلحد رجل بمكة يقال له : عبد الله , عليه نصف
عذاب العالم " . و قال : " رواه البزار , و فيه محمد بن كثير الصنعاني , وثقه
صالح بن محمد و ابن سعد و ابن حبان , و ضعفه أحمد " . و قال الحافظ في الصنعاني
هذا : " صدوق , كثير الغلط " . لكن له شاهد يرويه يعقوب عن جعفر بن أبي المغيرة
عن ابن أبزى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : قال له عبد الله بن الزبير
حين حصر : إن عندي نجائب قد أعددتها لك , فهل لك أن تحول إلى مكة , فيأتيك من
أراد أن يأتيك ? قال : لا , إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله , عليه مثل نصف أوزار الناس " . أخرجه
أحمد ( 1 / 64 ) و رجاله ثقات كما قال الهيثمي , لكن جعفرا هذا - و هو ابن أبي
المغيرة الخزاعي القمي - و يعقوب - و هو ابن عبد الله القمي - كلاهما قال
الحافظ فيهما : " صدوق يهم " . فالحديث حسن بلفظ البزار , صحيح بلفظ أحمد .
2463 " من وعده الله على عمل ثوابا , فهو منجزه له , و من وعده على عمل عقابا فهو
فيه بالخيار " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 595 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 838 ) و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 960 -
بتحقيقي ) و عبد الله البغوي في " حديث هدبة بن خالد " ( 1 / رقم 55 ) قالوا :
حدثنا هدبة حدثنا سهيل بن أبي حزم القطيعي عن ثابت عن # أنس # مرفوعا به . و
أخرجه القاسم السرقسطي في " غريب الحديث " ( 2 / 109 / 2 ) و أبو الحسين
الأبنوسي في " الفوائد " ( 6 / 2 ) و ابن عدي في " الكامل " ( 189 / 1 ) و أبو
بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " ( 110 / 2 و 354 / 2 ) و الواحدي في "
الوسيط " ( 1 / 181 / 1 ) و ابن عساكر في " التاريخ " ( 12 / 260 / 2 ) كلهم عن
هدبة به . قلت : و هذا إسناد ضعيف , رجاله كلهم ثقات غير سهيل هذا , فهو ضعيف
كما في " التقريب " , و قد ضعفه الجمهور و منهم البخاري , و قال ابن حبان : "
يتفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات " . و الحديث قال الهيثمي ( 10 / 211
) : " رواه أبو يعلى و الطبراني في " الأوسط " و فيه سهيل بن أبي حزم , و قد
وثق على ضعفه , و بقية رجاله رجال الصحيح " . قلت : لم يوثقه غير العجلي و هو
لين التوثيق , و قال ابن معين في رواية : " صالح " . و ضعفه الجمهور كما تقدم ,
و فيهم ابن معين في الرواية الأخرى عنه . قلت : و الحديث مع ضعف سنده فهو ثابت
المتن عندي , فإن شطره الأول يشهد له آيات كثيرة في القرآن الكريم كقوله تعالى
: *( لا يخلف الله وعده )* <1> و قوله : *( و نتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة
وعد الصدق الذي كانوا يوعدون )* <2> . و أما الشطر الآخر , فيشهد له حديث عبادة
بن الصامت مرفوعا بلفظ : " ... و من عبد الله ...‏و سمع و عصى , فإن الله تعالى
من أمره بالخيار , إن شاء رحمه , و إن شاء عذبه " . أخرجه أحمد و غيره بسند حسن
كما حققته في " تخريج السنة " ( 968 ) و له طرق أخرى في " الصحيحين " و غيرهما
بنحوه . فانظر التخريج المذكور ( 961 - 967 ) .

-----------------------------------------------------------
[1] الروم : الآية : 6 .
[2] الأحقاف : الآية : 16 . اهـ .
2464 " كل فجاج مكة طريق و منحر " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 597 :

حديث صحيح روي من حديث #‎جابر بن عبد الله و جبير بن مطعم و عبد الله بن عباس #
. 1 - أما حديث جابر فيرويه أسامة بن زيد عن عطاء بن أبي رباح حدثه أنه سمع
جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فذكره . أخرجه أبو داود ( 1917 ) و الدارمي ( 2 / 156 - 157 ) و ابن ماجة (
3048 ) و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2 / 73 ) و الحاكم ( 1 / 460 ) و
البيهقي ( 5 / 239 ) و أحمد ( 3 / 326 ) من طرق عن أسامة به . و قال الحاكم :
" صحيح على شرط مسلم " , و وافقه الذهبي . و أقول : إنما هو حسن فقط لأن أسامة
- و هو الليثي مولاهم - و إن كان من رجال مسلم , فقد تكلم فيه بعضهم من قبل
حفظه , و وثقه آخرون , و منهم يعقوب بن سفيان الحافظ المشهور , فقد روى البيهقي
عنه أنه قال عقب الحديث : " أسامة بن زيد - عند أهل بلده : المدينة - ثقة مأمون
" . قلت : يعني أن أهل بلده أعرف به من غيره . و لكنه لا يخلو من ضعف , و قد
أشار الحافظ إلى ذلك بقوله في " التقريب " : " صدوق , يهم " . 2 - و أما حديث
جبير فيرويه سعيد بن عبد العزيز قال : حدثني سليمان بن موسى عنه مرفوعا به دون
قوله : " طرق " . أخرجه ابن حبان ( 1008 ) و أحمد ( 4 / 82 ) . قلت : و هذا
إسناد لا بأس به في الشواهد , فإن رجاله ثقات رجال مسلم غير سليمان بن موسى - و
هو الأموي مولاهم - قال الحافظ : " صدوق , فقيه , في حديثه بعض لين " . و قال
في سعيد بن عبد العزيز - و هو التنوخي - : " ثقة إمام , سواه أحمد بالأوزاعي ,
و قدمه أبو مسهر , و لكنه اختلط في آخر عمره " . 3 - و أما حديث ابن عباس ,
فأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 3 / 281 ) و قال : " رواه الطبراني في "
الأوسط " و " الصغير " و فيه عبد الله بن عمر العمري و فيه كلام و قد وثق " .
قلت : و ذكره مالك في " الموطأ " ( 3 / 183 - زرقاني ) بلاغا . و جملة القول أن
الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا ريب , و لاسيما و له شاهد من حديث ابن عباس
أنه كان ينحر بمكة . أخرجه البيهقي بسند صحيح عنه , و روى بسند فيه ضعف عن ابن
عمر نحوه . و الله سبحانه و تعالى أعلم .
2465 " المتلاعنان إذا تفرقا , لا يجتمعان أبدا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 598 :

ورد من حديث # ابن عمر و سهل بن سعد و عبد الله بن مسعود و علي بن أبي طالب # .
1 - أما حديث ابن عمر , فعلقه البيهقي ( 7 / 409 ) فقال : و روينا عن محمد بن
زيد عن سعيد بن جبير عنه مرفوعا به . و هذا إسناد رجاله ثقات , و ابن زيد هو
ابن علي الكندي , فإذا كان السند إليه ثابتا , فهو صحيح الإسناد , و على كل حال
, فإنه يشهد له ما بعده . 2 - و أما حديث سهل فيرويه عياض بن عبد الله الفهري و
غيره عن ابن شهاب عن سهل في حديث المتلاعنين قال : " فمضت السنة بعد في
المتلاعنين أن يفرق بينهما , ثم لا يجتمعان أبدا " . أخرجه أبو داود ( 1 / 351
- 352 ) و البيهقي ( 7 / 410 ) . قلت : و هذا إسناد جيد , و رجاله رجال مسلم ,
و الفهري هذا و إن كان فيه ضعف , فليس شديدا , فمثله يستشهد به , و لاسيما أنه
لم يتفرد به , فقد قرن به غيره , و هذا و إن لم يسم في هذه الرواية فمن المحتمل
أن يكون الزبيدي الآتي , فإن كان هو , فهي متابعة قوية لأن الزبيدي هذا - و
اسمه محمد بن زياد - ثقة ثبت من كبار أصحاب الزهري كما قال الحافظ , و إن كان
غيره , فهو مجهول إن لم يقو حديثه فلا يضره . و هذه المتابعة يرويها الأوزاعي
عن الزبيدي عن الزهري به . أخرجه البيهقي . قلت : و إسناده صحيح , رجاله ثقات
غير ابن أبي حسان شيخ أبي بكر الإسماعيلي , فلم أعرف اسمه الآن .
3 و 4 - و أما حديث ابن مسعود و علي فيرويه قيس بن الربيع عن عاصم عن أبي وائل
عن عبد الله , و عن عاصم عن زر عن علي قالا : " مضت السنة في المتلاعنين أن لا
يجتمعا أبدا " . أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " ( 7 / 112 / 12434 و 12436 ) و
البيهقي و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 9 / 390 / 9661 ) عن ابن مسعود وحده
. قلت : و إسناده حسن في المتابعات على الأقل لأن قيس بن الربيع فيه ضعف من قبل
حفظه . و للحديث شاهد موقوف يرويه الأعمش عن إبراهيم أن عمر بن الخطاب قال في
المتلاعنين إذا تلاعنا : يفرق بينهما , و لا يجتمعان أبدا . أخرجه عبد الرزاق ,
و البيهقي . قلت : و رجاله موثقون , لكنه منقطع بين إبراهيم - و هو النخعي - و
عمر بن الخطاب . إذا علمت ما تقدم فالحديث صالح للاحتجاج به على أن فرقة اللعان
إنما هي فسخ , و هو مذهب الشافعي و أحمد و غيرهما , و ذهب أبو حنيفة إلى أنه
طلاق بائن , و الحديث يرد عليه , و به أخذ مالك أيضا و الثوري و أبو عبيدة و
أبو يوسف , و هو الحق الذي يقتضيه النظر السليم في الحكمة من التفريق بينهما ,
على ما شرحه ابن القيم رحمه الله تعالى في " زاد المعاد " فراجعه ( 4 / 151 و
153 - 154 ) و إليه مال الصنعاني في " سبل السلام " ( 3 / 241 ) .
2466 " كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 600 :

أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 376 ) : أخبرنا يوسف بن الغرق أخبرنا الطيب
بن سليمان حدثتنا عمرة قالت : سمعت # عائشة # رضي الله عنها تقول : فذكره . و
أخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 280 - 281 ) من
طريق أخرى عن يوسف بن الغرق به . قلت : و هذا إسناد فيه ضعف , يوسف هذا , قال
ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 227 - 228 ) : " سألت أبي عنه ? فقال : ليس بالقوي ,
سمعت أبي يقول : قال أحمد بن حنبل : رأيته , و لم أكتب عنه شيئا " . و ضعفه
غيره , و أما ابن حبان فذكره في " الثقات " ( 9 / 279 ) ! و الطيب بن سليمان
خير منه , فقد وثقه ابن حبان ( 8 / 328 ) و الطبراني أيضا , و قال الدارقطني :
" ضعيف " . لكن يشهد للحديث نهيه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو أن يقرأ
القرآن في أقل من ثلاث , و قوله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ القرآن في أقل
من ثلاث لم يفقهه " . و هو ثابت صحيح عنه صلى الله عليه وسلم , و هو مخرج في "
صفة الصلاة " ( ص 118 - 119 الطبعة السابعة ) . و انظر الحديث ( 1512 و 1513 )
و ما ذكر تحتهما . و لا يشكل على هذا ما ثبت عن بعض السلف مما هو خلاف هذه
السنة الصحيحة , فإن الظاهر أنها لم تبلغهم . و ما أحسن ما قال الإمام الذهبي
رحمه الله تعالى في ترجمة الحافظ وكيع بن الجراح , في كتابه العظيم " سير أعلام
النبلاء " ( 7 / 39 / 2 ) و قد روى عنه أنه كان يصوم الدهر و يختم القرآن كل
ليلة : " قلت : هذه عبادة يخضع لها , و لكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية
مفضولة , فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر , و صح أنه نهى أن يقرأ القرآن
في أقل من ثلاث , و الدين يسر و متابعة السنة أولى , فرضي الله عن وكيع , و أين
مثل وكيع ? و مع هذا فكان ملازما لشرب نبيذ الكوفة الذي يسكر الإكثار منه , و
كان متأولا في شربه , و لو تركه تورعا لكان أولى به , فإن من توقى الشبهات فقد
استبرأ لدينه و عرضه . و قد صح النهي و التحريم للنبيذ المذكور , و ليس هذا
موضع هذه الأمور , و كل أحد يؤخذ من قوله و يترك , فلا قدوة في خطإ العالم ,
نعم , و لا يوبخ بما فعله باجتهاد , نسأل الله المسامحة " .
2467 " لما لقي موسى الخضر عليهما السلام جاء طير , فألقى منقاره في الماء , فقال
الخضر لموسى : تدري ما يقول هذا الطير ? قال : و ما يقول ? قال : يقول : ما
علمك و علم موسى في علم الله إلا كما أخذ منقاري من الماء " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 602 :

أخرجه الحاكم ( 2 / 369 ) : حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه حدثنا أبو
عمران موسى بن هارون بن عبد الله الحافظ حدثني أبي حدثنا أبو داود الطيالسي
حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : حدثني # أبي بن كعب # أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال :
" صحيح على شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي , و أقره السيوطي في " الدر المنثور
" ( 4 / 234 ) . و أقول : إنما هو على شرط مسلم وحده , فإن أبا داود الطيالسي و
هارون بن عبد الله - و هو الحمال - لم يحتج بهما البخاري . و أما موسى بن هارون
و ابن بالويه , فليسا من رجالهما , و موسى ثقة حافظ كبير كما قال الحافظ و
أورده تمييزا . و أما ابن بالويه , فترجمه الخطيب ( 1 / 282 ) و قال : " حدثنا
عنه أبو بكر البرقاني , و سألته عنه ? فقال : " ثقة " . مات سنة أربع و سبعين و
ثلاثمائة . و هو ابن أربع و تسعين سنة " . و الحديث قطعة من قصة الخضر مع موسى
عليهما الصلاة و السلام في " الصحيحين " , و " زوائد أحمد " ( 5 / 117 - 118 )
لكنهم لم تقع لهم هذه القطعة بهذا التمام , و لذلك خرجتها .
2468 " يؤتى بأربعة يوم القيامة , بالمولود و بالمعتوه و بمن مات في الفترة و الشيخ
الفاني , كلهم يتكلم بحجته , فيقول الرب تبارك و تعالى لعنق من النار : ابرز ,
فيقول لهم : إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم , و إني رسول نفسي إليكم ,
ادخلوا هذه , فيقول من كتب عليه الشقاء : يا رب ! أين ندخلها و منها كنا نفر ?
قال : من كتب عليه السعادة يمضي فيقتحم فيها مسرعا , قال : فيقول تبارك و تعالى
: أنتم لرسلي أشد تكذيبا و معصية , فيدخل هؤلاء الجنة , و هؤلاء النار " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 603 :

روي من حديث # أنس بن مالك و أبي سعيد الخدري و معاذ بن جبل و الأسود بن سريع و
أبي هريرة # . 1 - أما حديث أنس , فيرويه جرير عن ليث عن عبد الوارث عنه مرفوعا
به . أخرجه أبو يعلى ( 3 / 1044 - 1045 ) و البزار ( ص 232 - 233 - زوائده ) .
قلت : و قال الهيثمي ( 7 / 216 ) بعد أن عزاه إليهما : " و فيه ليث بن أبي سليم
و هو مدلس و بقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح " . كذا قال ! و فيه نظر من وجهين
: الأول : أن ليثا هذا لم أر من اتهمه بالتدليس و إنما هو معروف بأنه كان اختلط
. و لذلك جزم في " زوائد البزار " بأنه ضعيف . و قال الحافظ في " التقريب " : "
صدوق , اختلط أخيرا , و لم يتميز حديثه فترك " . و الآخر : أن عبد الوارث شيخ
الليث - الظاهر أنه مولى أنس بن مالك الأنصاري - قال في " الجرح و التعديل " (
3 / 1 / 74 ) : " روى عن أنس , روى عنه يحيى بن عبد الله الجابر و جابر الجعفي
و قطري الخشاب و أبو هاشم و سلمة بن رجاء قال أبي : هو شيخ " . و ذكره ابن حبان
في " الثقات " ( 5 / 130 ) من رواية مختار بن أبي مختار عنه , و أما الدارقطني
فضعفه كما في " الميزان " , و لم أر أحدا ذكر أنه من رجال " الصحيح " , و لعل
الهيثمي توهم أنه عبد الوارث بن سعيد التميمي العنبري مولاهم , فإنه من رجال "
الشيخين " , لكنه يروي عن أنس بواسطة عبد العزيز بن صهيب و غيره . و الله تعالى
أعلم . 2 - أما حديث أبي سعيد الخدري , فيرويه فضيل بن مرزوق عن عطية عنه
مرفوعا نحوه , و لم يذكر الشيخ الفاني . أخرجه البغوي في " حديث ابن الجعد " (
ق 94 / 1 ) و البزار أيضا , و قال : " لا نعلمه من حديث أبي سعيد إلا عن فضيل ,
و عطية ضعيف " . 3 - و أما حديث معاذ , فلفظه : " يؤتى يوم القيامة بالممسوخ
عقلا , و بالهالك في الفترة , و بالهالك صغيرا , فيقول الممسوخ عقلا : يا رب !
لو آتيتني عقلا ما كان من آتيته عقلا بأسعد بعقله مني , و يقول الهالك في
الفترة : يا رب ! لو أتاني منك عهد ما كان من أتاه منك عهد بأسعد بعهده مني . و
يقول الهالك صغيرا : لو آتيتني عمرا ما كان من آتيته عمرا بأسعد من عمره مني ,
فيقول الرب تبارك و تعالى : إني آمركم بأمر فتطيعوني ? فيقولون : نعم و عزتك ,
فيقول : اذهبوا فادخلوا النار , فلو دخلوها ما ضرتهم , فيخرج عليهم قوابس يظنون
أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء , فيرجعون سراعا , فيقولون : خرجنا يا رب !
نريد دخولها , فخرجت علينا قوابس ظننا أنها قد أهلكت ما خلق الله من شيء ,
فيأمرهم الثانية , فيرجعون كذلك يقولون مثل قولهم , فيقول الله تبارك و تعالى :
قبل أن تخلقوا علمت ما أنتم عاملون و إلى علمي تصيرون , فتأخذهم النار " . قال
الهيثمي : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " , و فيه عمرو بن واقد و
هو متروك عند البخاري و غيره و رمي بالكذب . و قال محمد بن المبارك الصوري :
كان يتبع السلطان و كان صدوقا و بقية رجال " الكبير " رجال الصحيح " . و هو في
" المعجم الكبير " ( 20 / 83 / 158 ) بإسنادين له عن عمرو به . 4 و 5 - و أما
حديث الأسود و أبي هريرة , فقد سبق تخريجهما برقم ( 1434 ) و ليس فيهما ذكر
المولود و المقصود به من كان أبواه من الكفار .
2469 " يا آل محمد ! من حج منكم فليهل بعمرة في حجة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 605 :

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 379 ) و ابن حبان ( 987 و 988 ) و أحمد
( 6 /‏297 و 317 ) و أبو يعلى ( 4 / 1669 - 1670 ) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب
قال : حدثني أبو عمران الجوني أنه حج مع مواليه , قال : فأتيت أم سلمة فقلت :
يا أم المؤمنين ! إني لم أحج قط , فبأيهما أبدأ , بالحج أو بالعمرة ? قالت : إن
شئت فاعتمر قبل أن تحج , و إن شئت فبعد أن تحج . فذهبت إلى صفية , فقالت لي مثل
ذلك , فرجعت إلى أم سلمة , فأخبرتها بقول صفية , فقالت # أم سلمة # : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و إسناده صحيح , رجاله كلهم ثقات
رجال الشيخين غير أبي عمران الجوني - و اسمه أسلم - و هو ثقة .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:31 AM
2470 " إن من المؤمنين من يلين لي قلبه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 606 :

أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 267 ) : حدثنا حيوة حدثنا بقية حدثنا محمد بن زياد
حدثني أبو راشد الحبراني قال : " أخذ بيدي # أبو أمامة الباهلي # , قال : أخذ
بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي : يا أبا أمامة ! إن ...‏" الحديث .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , و بقية إنما يخشى منه التدليس , و قد
صرح بالتحديث , فأمنا بذلك تدليسه .
( تنبيه ) : انقلب هذا الحديث على الحارث المحاسبي , فأورده في كتابه " رسالة
المسترشدين " ( ص 66 ) بلفظ : " له قلبي " . و علق عليه محققه الشيخ عبد الفتاح
أبو غدة الحنفي الكوثري بقوله : " لم أقف عليه فيما رجعت إليه من المراجع
الحديثية , فالله أعلم بثبوته " . قلت : لو رجع إلى " المسند " لوجده , بل لو
أنه رجع إلى ما هو أقرب منالا منه لوقف عليه , فقد أورده الحافظ الهيثمي في "
مجمع الزوائد " ( 10 / 276 ) باللفظ الذي ذكره المحاسبي , و قال الهيثمي : "
رواه الطبراني , و رجاله وثقوا " . قلت : و فاته أنه في " المسند " باللفظ
الأول , ثم رأيته قد أورده في مكان آخر ( 1 / 63 ) باللفظ الأول , و قال : "
رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح " . و لعل قوله : " و رجاله وثقوا " إنما هو
لأن بقية لم يصرح بالتحديث في رواية الطبراني , فإذا كان كذلك , فتلك فائدة
أخرى أن الإمام أحمد أسند الحديث عن بقية مصرحا بالتحديث , فجزاه الله عن
الحديث و أهله خيرا . ثم طبع " المعجم الكبير " للطبراني , فرأيته قد أخرج
الحديث فيه بإسنادين له عن بقية , صرح في أحدهما بالتحديث , فقال : ( 8 / 122 /
7499 ) : حدثنا أبو يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي حدثنا المعلى بن الوليد
القعقاعي حدثنا بقية بن الوليد حدثنا محمد بن زياد ...‏باللفظ الآخر . قلت : و
هذا إسناد رجاله ثقات غير القعقاعي هذا , فلم يوثقه غير ابن حبان ( 9 / 182 ) و
مع ذلك قال فيه : " ربما أغرب " . ثم قال ( 7655 ) : حدثنا أحمد بن خليد الحلبي
حدثنا عبيد بن جناد حدثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد به . قلت : و هذا
رجاله ثقات أيضا غير أحمد هذا , فلم أجد له ترجمة . فإذا صح هذا اللفظ , فيجمع
بينه و بين الأول بنحوه : " يلين لي قلبه , و يلين له قلبي " . و الله أعلم .
2471 " لكل شيء حقيقة , و ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن
ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه " .‏

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 607 :

أخرجه أحمد ( 6 / 441 - 442 ) و البزار ( 8 - زوائده ) و القضاعي ( 75 / 1 ) و
ابن عساكر ( 4 / 332 / 1 ) من طريق أبي الربيع سليمان بن عتبة السلمي عن يونس
ابن ميسرة عن أبي إدريس عن # أبي الدرداء # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
فذكره . و قال البزار : " إسناده حسن " . و هو كما قال أو أعلى , فإن رجاله
ثقات كلهم , لا كلام فيهم , غير سليمان بن عتبة و قد وثقه جماعة و ما قيل فيه
فلا حجة له . ثم إن للحديث شواهد كثيرة , تقدم ذكر الكثير الطيب منها تحت
الحديث ( 2439 ) .‏
2472 " كانت امرأة تصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم [ حسناء من ] أجمل الناس ,
فكان ناس يصلون في آخر صفوف الرجال فينظرون إليها , فكان أحدهم ينظر إليها من
تحت إبطه [ إذا ركع ] و كان أحدهم يتقدم إلى الصف الأول حتى لا يراها فأنزل
الله عز وجل هذه الآية : *( و لقد علمنا المستقدمين منكم و لقد علمنا
المستأخرين )* " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 608 :

أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " ( 2712 ) : حدثنا نوح بن قيس قال حدثني
عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن # ابن عباس # قال .. قلت : و هذا إسناد
صحيح رجاله ثقات رجال مسلم , غير عمرو بن مالك النكري , و هو ثقة , كما قال
الذهبي في " الميزان " ذكره فيه تمييزا , و وثقه أيضا من صحح حديثه هذا ممن
يأتي ذكرهم .‏و أخرجه البيهقي في " سننه " ( 3 / 98 ) من طريق الطيالسي و أخرجه
أحمد ( 1 / 305 ) و الترمذي ( 2 / 191 - بولاق ) و النسائي ( 1 / 139 ) و ابن
ماجة ( 1046 ) و ابن خزيمة في " صحيحه " ( رقم 1696 - 1697 ) و ابن حبان ( 1749
) و الطبري في " تفسيره " ( 14 / 18 ) و الحاكم ( 2 / 353 ) و البيهقي أيضا من
طرق أخرى عن نوح ابن قيس به . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد , و قال عمرو بن
علي : لم يتكلم أحد في نوح بن قيس الطاحي بحجة " و وافقه الذهبي و قال : " هو
صدوق خرج له مسلم " . و قال في " الميزان " : " صالح الحال " . قلت : لم يحك هو
و لا الحافظ في " التهذيب " عن أحد من الأئمة تضعيفه إلا رواية عن ابن معين , و
هي مع كونها لا تصح عنه لأن أبا داود قال : " بلغني عن يحيى أنه ضعفه " , فهي
معارضة برواية عثمان الدارمي عنه أنه ثقة . و هذه مع صحتها فهي المطابقة لقول
أحمد و سائر الأئمة الذين وثقوه . فهي العمدة . و إذا عرفت هذا فقد أعل الحديث
بالإرسال , فقال الترمذي عقبه : " و روى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن
مالك عن أبي الجوزاء نحوه , لم يذكر فيه " عن ابن عباس " و هذا أشبه أن يكون
أصح من حديث نوح " . و اعتمده الحافظ ابن كثير في " تفسيره " ( 5 / 12 - 13 ) ,
و قال : " حديث غريب جدا و فيه نكارة شديدة " . و هذا الإعلال ليس بشيء عندي و
ذلك من وجوه . أولا : إرسال جعفر بن سليمان للحديث , و مخالفته لنوح بن قيس لا
تضر , لأنه لو كان في الثقة في مرتبة نوح , لورد هنا القاعدة المعروفة في علم
المصطلح : زيادة الثقة مقبولة . فكيف و هو دونه الثقة ? فإنه و إن كان من رجال
مسلم فقد ضعفه غير واحد من الأئمة , منهم البخاري , فقال : " يخالف في بعض
حديثه " . و هذا و إن كان لا يسقط حديثه بالمرة , فإنه يسقطه عن المرتبة العليا
من الصحة . و يجعله لا يعتد به عند المخالفة , و لذلك قال الذهبي في " الميزان
" : " و هو صدوق في نفسه و ينفرد بأحاديث عدت مما ينكر و اختلف بالاحتجاج بها ,
منها ( فساق أحاديث له , قال : ) و غالب ذلك في ( صحيح مسلم ) " . و إذا كان
الأمر كذلك , فوصل نوح بن أبي قيس مقدم على إرسال جعفر , لأنه أوثق منه و لأن
الوصل زيادة من ثقة فيجب قبولها . ثانيا : الغرابة التي أشار إليها منفية بمجيء
أصل الحديث من طرق أخرى و لو باختصار . 1 - فقال الحاكم عقب ما نقلته من كلامه
السابق : " و له أصل من حديث سفيان الثوري , أخبرناه أبو بكر الشافعي : حدثنا
إسحاق بن الحسن حدثنا أبو حذيفة حدثنا سفيان عن رجل عن أبي الجوزاء عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : *( المستقدمين )* : الصفوف المقدمة *( و المستأخرين )* :
الصفوف المؤخرة " . 2 - روى الطبري عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن رجل :
أخبرنا عن مروان بن الحكم أنه قال : كان أناس يستأخرون في الصفوف من أجل النساء
, قال : فأنزل الله : *( و لقد علمنا المستقدمين منكم و لقد علمنا المستأخرين
)* . 3 - و أخرج بن مردويه عن داود بن صالح قال : قال سهل بن حنيف الأنصاري :
أتدرون فيم أنزلت : *( و لقد علمنا المستقدمين منكم ...‏)* الآية ? قلت : في
سبيل الله , قال : لا , و لكنها في صفوف الصلاة . ذكره في " الدر المنثور " ( 4
/ 97 ) . قلت : فهذه الروايات و إن كانت لا تخلو من ضعف , فبعضها يشد بعضا ,
فهي صالحة للاستشهاد و يدل مجموعها على أن الآية الكريمة نزلت في صفوف الصلاة ,
فأين الغرابة ? ! و إن كان المقصود بها غرابة المعنى و مباينة تفسير الآية بما
دل عليه سبب النزول لما قبلها من الآيات : *( و أرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من
السماء ماء فأسقيناكموه . و ما أنتم له بخازنين . و إنا لنحن نحيي و نميت و نحن
الوارثون . و لقد علمنا المستقدمين منكم و لقد علمنا المستأخرين . و إن ربك هو
يحشرهم إنه حكيم عليم )* <1> . فالجواب : أن المعنى المستفاد من سبب النزول ليس
مباينا للعموم الذي تدل عليه الآية بسباقها و سياقها , و من المعلوم أن العبرة
بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , قال العلامة الآلوسي في " روح المعاني " ( 4 /
290 ) : " و من هنا قال بعضهم : الأولى الحمل على العموم , أي : علمنا من اتصف
بالتقدم و التأخر في الولادة و الموت و الإسلام و صفوف الصلاة و غير ذلك " . و
هو يشير بذلك إلى الإمام ابن جرير رحمه الله , فإنه اختار حمل الآية على العموم
المذكور ثم قال : " و جائز أن تكون نزلت في شأن المستقدمين في الصف لشأن النساء
, و المستأخرين فيه لذلك , ثم يكون الله عز وجل عم بالمعنى المراد منه جميع
الخلق , فقال جل ثناؤه لهم : قد علمنا ما مضى من الخلق و أحصيناهم و ما كانوا
يعملون و من هو حي منكم , و من هو حادث بعدكم أيها الناس ! و أعمال جميعكم ,
خيرها و شرها , و أحصينا جميع ذلك , و نحن نحشرهم جميعهم فنجازي كلا بأعماله إن
خيرا فخيرا , و إن شرا فشرا , فيكون ذلك تهديدا و وعيدا للمستأخرين في الصفوف
لشأن النساء , و لكل من تعدى حد الله و عمل بغير ما أذن له به , و وعدا لمن
تقدم في الصفوف لسبب النساء , و سارع إلى محبة الله و رضوانه في أفعاله كلها "
. و هذا في غاية التحقيق كما ترى . جزاه الله خيرا . ثالثا : و أما النكارة
الشديدة التي زعمها ابن كثير رحمه الله , فالظاهر أنه يعني أنه من غير المعقول
أن يتأخر أحد من المصلين إلى الصف الآخر لينظر إلى امرأة ! و جوابنا عليه ,
أنهم قد قالوا : إذا ورد الأثر بطل النظر , فبعد ثبوت الحديث لا مجال لاستنكار
ما تضمنه من الواقع , و لو أننا فتحنا باب الاستنكار لمجرد الاستبعاد العقلي
للزم إنكار كثير من الأحاديث الصحيحة , و هذا ليس من شأن أهل السنة و الحديث ,
بل هو من دأب المعتزلة و أهل الأهواء . ثم ما المانع أن يكون أولئك الناس
المستأخرون من المنافقين الذين يظهرون الإيمان و يبطنون الكفر ? بل و ما المانع
أن يكونوا من الذين دخلوا في الإسلام حديثا , و لما يتهذبوا بتهذيب الإسلام , و
لا تأدبوا بأدبه ?

-----------------------------------------------------------
[1] الحجر : الآية : 22 - 25 . اهـ .
2473 " إن الله عز وجل يقول : يا ابن آدم ! إن تعط الفضل فهو خير لك , و إن تمسكه
فهو شر لك , و ابدأ بمن تعول , و لا يلوم الله على الكفاف , و اليد العليا خير
من اليد السفلى " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 612 :

أخرجه أحمد ( 2 / 362 ) : حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي حدثنا عبد الله بن العلاء
بن زبر قال : سمعت القاسم مولى يزيد يقول : حدثني # أبو هريرة # أنه سمع النبي
صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات على ضعف
في القاسم - و هو ابن عبد الرحمن الشامي , أبو عبد الرحمن الدمشقي , مولى آل
أبي سفيان بن حرب الأموي - لكن لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن , و قد قيل : إنه
لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من أبي أمامة , و هذا الإسناد يرده , فقد صرح
فيه بالتحديث عن أبي هريرة و قد جزم البخاري بأنه سمع عليا و ابن مسعود و قد
ماتا قبل أبي هريرة بنحو عشرين سنة . و للحديث شاهد من حديث أبي أمامة مرفوعا
به . أخرجه مسلم ( 3 / 94 ) و الترمذي ( 2344 ) و أحمد ( 5 / 262 ) من طريق
عكرمة بن عمار حدثنا شداد بن عبد الله قال : سمعت أبا أمامة به . و قال الترمذي
: " حديث حسن صحيح " . قلت : عكرمة بن عمار فيه كلام أيضا , فحديثه يتقوى
بالطريق الأولى . و الله تعالى ولي التوفيق .
2474 " إن الرحم شجنة من الرحمن عز وجل واصلة , لها لسان ذلق تتكلم بما شاءت , فمن
وصلها وصله الله و من قطعها قطعه الله " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 613 :

أخرجه الطيالسي في " مسنده " ( 2550 ) حدثنا شعبة قال : حدثنا عثمان بن المغيرة
قال : حدثنا أبو العنبس قال : حدثنا # عبد الله بن عمرو # - بالوهط - قال : عطف
لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد
, رجاله ثقات رجال البخاري غير أبي العنبس - و هو الثقفي - فقد وثقه ابن حبان ,
و روى عنه جماعة من الثقات , فمثله يحتج به في التابعين , و لاسيما و لحديثه
شواهد كثيرة تقدم بعضها برقم ( 1602 ) . و قد تابعه قتادة عن أبي ثمامة الثقفي
عن عبد الله بن عمرو به مرفوعا نحوه . أخرجه أحمد ( 2 / 189 , 209 ) و غيره و
رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي ثمامة الثقفي , وثقه ابن حبان ( 5 / 567 ) و عزاه
الهيثمي ( 8 / 150 ) للطبراني أيضا . و راجع لشواهده " تخريج الحلال و الحرام "
( 405 ) و الحديث المتقدم برقم ( 1602 ) . ( شجنة ) : الشعبة من كل شيء كما في
" المعجم الوسيط " و هي بالضم و الكسر كما في " النهاية " , و في الترغيب ( 3 /
226 ) : " قال أبو عبيد : يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق " .
2475 " إذا أدركت ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس , [ فطلعت ] , فصل إليها
أخرى " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 614 :

أخرجه الطحاوي ( 1 / 232 ) و البيهقي ( 1 / 379 ) و الزيادة له , و أحمد ( 2 /
236 - 489 ) عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن # أبي هريرة
# أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين , و أعله الكوثري تعصبا لمذهبه فقال في " النكت الطريفة " ( 86 ) :
" في سنده عنعنة ابن أبي عروبة و قتادة و هما مدلسان " . قلت : تدليس قتادة
قليل مغتفر , و لذلك مشاه الشيخان , و احتجا به مطلقا كما أفاده الذهبي و كأنه
لذلك لم يترجمه الحافظ في " التقريب " بالتدليس بل قال فيه : " ثقة ثبت " .
على أنه قد صرح بالتحديث كما يأتي . و ابن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة ,
و مع ذلك فإنه لم يتفرد به , فقد تابعه همام قال : سئل قتادة عن رجل صلى ركعتين
من صلاة الصبح ثم طلع قرن الشمس ? فقال : حدثني خلاس عن أبي رافع أن أبا هريرة
حدثه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يتم صلاته . أخرجه أحمد ( 2 /
490 ) و الدارقطني ( 147 ) و البيهقي أيضا . و هذا إسناد صحيح أيضا . و قد تعمد
الكوثري تجاهل هذا الإسناد الصحيح و غيره مما يأتي , تضليلا للقراء , فإنه مع
إعلاله للإسناد الأول بالعنعنة , أعل متنه فقال : " و أما حديث البيهقي ( فليصل
إليها أخرى ) فقبل ( الأصل : فبعد و لعله سبق قلم منه ) طلوع الشمس بنصه , و
كلامنا في الصلاة أثناء الطلوع " ! فتأتي هذه الرواية الثانية لترد عليه إسنادا
و متنا , فالإسناد فيه التصريح بالتحديث . و المتن فيه التصريح بأن ذلك في
أثناء الطلوع . بل إن الزيادة التي في الرواية الأولى عند البيهقي و أحمد (
فطلعت ) مما تجاهله الكوثري أيضا , و لعله توهم أن رواية البيهقي مثل رواية
الطحاوي التي لم تقع فيها هذه الزيادة , و إلا لما قال ما قال . و لقتادة فيه
شيوخ آخرون , فقال همام أيضا : حدثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن
أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " من صلى من الصبح ركعة ثم طلعت الشمس فليصل إليها
أخرى , و في رواية : فليتم صلاته " . أخرجه ابن حبان ( 1579 - الإحسان ) و أحمد
( 2 / 306 , 347 , 521 ) و الدارقطني : و هذا إسناد صحيح على شرطهما أيضا . و
قال هشام الدستوائي : عن قتادة عن عزرة بن تميم عن أبي هريرة مثل الرواية
الأولى . أخرجه الدارقطني و البيهقي . و عزرة هذا مقبول عند الحافظ عند
المتابعة , و قد تابعه جمع كما رأيت . و تابعه أيضا يحيى بن أبي كثير عن أبي
سلمة : حدثني أبو هريرة مرفوعا بلفظ : " من صلى ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع
الشمس فلم تفته , و من صلى ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فلم تفته " .
أخرجه أحمد ( 2 / 254 ) و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجه البخاري
بنحوه , و قد مضى لفظه برقم ( 66 ) , و زاد فيه بعضهم لفظ : " أول " في كل من
الصلاتين , فراجعه , و صححه ابن حبان ( 1584 ) . و هذا أعله الكوثري أيضا
بعنعنة يحيى بن أبي كثير , متجاهلا احتجاج الشيخين به مطلقا , و احتجاج البخاري
بحديثه هذا خاصة , و لو كان ذلك علة قادحة في هذا الإسناد فلا يقدح في صحة
الحديث لمجيئه من تلك الطرق الكثيرة الصحيحة كما لا يخفى على أهل العلم بهذا
الفن الشريف . و له طرق أخرى , فقال الطيالسي في " مسنده " ( 2381 ) : حدثنا
زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن الأعرج و بسر بن سعيد و أبي صالح عن أبي هريرة
به مثل حديث ابن أبي كثير . و هذا إسناد جيد رجاله رجال الشيخين , و صححه ابن
حبان ( 1581 ) . و بعد جمع طرق الحديث يتبين لكل ذي عينين أن الحديث صريح
الدلالة في إبطال مذهب الحنفية القائلين بأن من طلعت عليه الشمس في صلاة الصبح
بطلت و لو أدرك منها ركعة ! و قد تفننوا في التفصي من هذه الأحاديث , تارة
بإعلال ما يمكن إعلاله منها و لو بعلة غير قادحة , و تارة بتجاهل الطرق الصحيحة
, كما فعل متعصب العصر الحاضر الشيخ الكوثري , و تارة بادعاء نسخها بأحاديث
النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس , و تارة بتخصيصها بالصبيان و نحوهم كما فعل
الطحاوي و جرى خلفه الكوثري . قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 2 / 46 ) عقب
الرواية الأولى : " و يؤخذ من هذا الرد على الطحاوي حيث خص الإدراك باحتلام
الصبي و طهر الحائض و إسلام الكافر , و نحوها . و أراد بذلك نصرة مذهبه في أن
من أدرك من الصبح ركعة تفسد صلاته لأنه لا يكملها إلا في وقت الكراهة . و هو
مبني على أن الكراهة تتناول الفرض و النفل , و هي خلافية مشهورة . قال الترمذي
: و بهذا يقول الشافعي و أحمد و إسحاق . و خالف أبو حنيفة فقال : من طلعت عليه
الشمس و هو في صلاة الصبح بطلت صلاته . و احتج لذلك بالأحاديث الواردة في النهي
عن الصلاة عند طلوع الشمس , و ادعى بعضهم أن أحاديث النهي ناسخة لهذا الحديث ,
و هي دعوى تحتاج إلى دليل , فإنه لا يصار إلى النسخ بالاحتمال , و الجمع بين
الحديثين ممكن بأن يحمل أحاديث النهي على ما لا سبب له من النوافل , و لا شك أن
التخصيص أولى من ادعاء النسخ " .
2476 " كل أيام التشريق ذبح " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 617 :

روي عن # جبير بن مطعم و عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم و عن أبي
سعيد الخدري أو أبي هريرة # .
1 - أما حديث جبير بن مطعم فيرويه سعيد بن عبد العزيز التنوخي و قد اختلف عليه
في إسناده على وجوه : الأول : رواه أبو المغيرة و أبو اليمان عنه قال : حدثني
سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم مرفوعا به . أخرجه أحمد ( 4 / 82 ) و البيهقي (
9 / 295 ) و قال : " هذا هو الصحيح , و هو مرسل " . قلت : يعني أنه منقطع بين
سليمان بن موسى و جبير بن مطعم , و قد وصله بعضهم , و هو الوجه التالي :
الثاني : رواه أبو نصر التمار عبد الملك بن عبد العزيز القشيري : حدثنا سعيد بن
عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم به .
أخرجه ابن حبان ( 1008 ) و البزار ( 1130 - الكشف ) و البيهقي و قال : " رواه
سويد بن عبد العزيز - و هو ضعيف عند بعض أهل النقل - عن سعيد " . قلت : و مما
يؤيد ضعفه أنه خالف الثقات المتقدمين الذين رووه على الوجهين السابقين , و رواه
هو على الوجه الثالث الآتي . و علة هذا الوجه الثاني , أن أبا نصر هذا و إن كان
ثقة من رجال مسلم , فقد خالف الثقتين المذكورين في الوجه الأول , فزاد عليهما
وصله بذكر عبد الرحمن بن أبي حسين بين سليمان بن موسى و جبير بن مطعم , فوصله .
فروايته شاذة , و قد أشار إلى ذلك البيهقي بتصحيحه الرواية الأولى المنقطعة كما
سبق . ثم إن عبد الرحمن بن أبي حسين هذا , لم أعرفه , لكن ابن حبان ذكره على
قاعدته في " الثقات " , و قال ( 3 / 160 ) : " أحسبه والد عبد الله بن عبد
الرحمن بن أبي حسين المدني " . و قد توهم بعض القائمين على تحقيق المطبوعات أنه
سقط من الإسناد اسم ابنه , فصحح نسخة " موارد الظمآن " المطبوعة و المحفوظة في
ظاهرية دمشق بقلم الرصاص فجعلها هكذا : " عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين "
! و هذا خطأ محض , لاتفاق الروايتين , رواية الثلاثة المخرجين , ابن حبان و
البزار و البيهقي على أنه عبد الرحمن بن أبي حسين , لا عبد الله بن عبد الرحمن
... و لإيراد ابن حبان إياه في " الثقات " . ثم رأيت الزيلعي ذكره ( 4 / 212 )
على الصواب من رواية ابن حبان , ثم قال : " و رواه البزار في " مسنده " , و قال
: ابن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم " .
الوجه الثالث : يرويه سويد بن عبد العزيز عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن
سليمان بن موسى عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه به . أخرجه الطبراني في "
المعجم الكبير " ( 1 / 79 / 1 ) و الدارقطني ( ص 544 ) و البيهقي و ضعفه بسويد
كما تقدم قريبا , فهو علة الحديث من هذا الوجه , و قد أورده البيهقي في مكان
آخر ( 5 / 239 ) من الوجه الأول , و من هذا الوجه , ثم قال : " الأول مرسل , و
هذا غير قوي لأن رواية سويد , و قد رواه أبو معبد عن سليمان عن عمرو بن دينار
عن جبير " . قلت : و في جزمه بأن أبا معبد رواه عن سليمان نظر بين لما سيأتي
بيانه في الوجه الرابع . و اعلم أن هذه الوجوه الثلاثة مدارها كلها على سعيد بن
عبد العزيز التنوخي , و هو و إن كان ثقة إماما , سواه الإمام أحمد بالإمام
الأوزاعي , فإنه كان اختلط في آخر عمره , فلعله حدث به في اختلاطه , فاضطرب فيه
كما رأيت , و من الممكن أن يكون بعضها من غيره كالوجه الثالث . و قد رواه غيره
موصولا عن جبير على وجه آخر , و هو : الوجه الرابع : يرويه أحمد بن عيسى الخشاب
: حدثنا عمرو بن أبي سلمة حدثنا أبو معيد عن سليمان بن موسى أن عمرو بن دينار
حدثه عن جبير بن مطعم به . أخرجه الدارقطني حدثنا أبو بكر النيسابوري أخبرنا
أحمد بن عيسى الخشاب .. قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات غير الخشاب هذا , و
هو ضعيف , قال ابن عدي : " له مناكير " . و قال الدارقطني : " ليس بالقوي " .
و قال مسلمة : " كذاب , حدث بأحاديث موضوعة " . و قال ابن يونس : " مضطرب
الحديث جدا " . و قال ابن حبان : " يروي المناكير عن المشاهير , و المقلوبات عن
الثقات , لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به " . و قال ابن طاهر : " كذاب يضع
الحديث " . قلت : فإذا عرفت هذا , يتبين لك خطأ البيهقي في قوله جازما : " و قد
روى أبو معيد عن سليمان بن موسى .. " كما تقدم لأن الجزم به يشعر بأن السند إلى
أبي معيد صحيح , فكيف و في الطريق إليه هذا الضعيف المتهم ? ! فمثله لا يصلح
للاستشهاد , بله الاحتجاج ! و لعل الحافظ قلد البيهقي فيما سبق حين قال في "
الفتح " ( 10 / 6 ) : " أخرجه أحمد لكن في سنده انقطاع , و وصله الدارقطني و
رجاله ثقات " ! فإن الدارقطني لم يوصله إلا من هذه الطريق و طريق سويد الضعيف
!! 2 - عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . أخرجه البيهقي عن ابن جريج
: أخبرني عمرو بن دينار أن نافع بن جبير بن مطعم رضي الله عنه أخبره عن رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قد سماه نافع فنسيته - أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال لرجل من غفار : " قم فأذن أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن , و أنها
أيام أكل و شرب أيام منى - زاد سليمان بن موسى - و ذبح " يقول : " أيام ذبح " ,
ابن جريج يقوله . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات , لكن ليس فيه قول :
" و ذبح " الذي هو موضع الشاهد و إنما فيه أن ابن جريج رواه عن سليمان بن موسى
. يعني مرسلا لأنه لم يذكر إسناده . فهو شاهد قوي مرسل للطرق الموصولة السابقة
. 3 - قال البيهقي : " و رواه معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن سعيد بن
المسيب - مرة - عن أبي سعيد و مرة عن أبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم به " . ثم ساق إسناده بذلك إليه , و قال : " قال أبو أحمد بن
عدي : و سواء قال عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة , أو قال : عن الزهري عن ابن
المسيب عن أبي سعيد , جميعا غير محفوظين , لا يرويهما غير الصدفي " . قال
البيهقي : " و الصدفي ضعيف , لا يحتج به " . قلت : و في " التقريب " : " ضعيف ,
و ما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري " . قلت : و هذا من حديثه بالشام , فقد
رواه عنه محمد بن شعيب , و هو ابن شابور الدمشقي , و لذلك فقد غلا أبو حاتم حين
قال كما رواه ابنه في " العلل " ( 2 / 38 ) : " هذا حديث موضوع عندي " ! و
الصواب عندي أنه لا ينزل عن درجة الحسن بالشواهد التي قبله , و لاسيما و قد قال
به جمع من الصحابة كما في " شرح مسلم " للنووي , " و المجموع " له ( 8 / 390 )
و لذلك ذهب إلى تقويته بطرقه ابن القيم في " الهدي النبوي " , و تبعه الشوكاني
في " نيل الأوطار " ( 5 / 106 - 107 - طبع الحلبي ) . و أما حديث : " الضحايا
إلى هلال المحرم لمن أراد أن يستأني ذلك " , فهو مرسل لا يصح , و قد تكلمت عليه
في " الضعيفة " ( 4106 ) .
2477 " الراعي يرمي بالليل , و يرعى بالنهار " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 622 :

أخرجه البيهقي ( 5 / 151 ) عن ابن وهب : أخبرني عمر بن قيس عن عطاء بن أبي رباح
قال : سمعت # ابن عباس # يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد ضعيف جدا , عمر بن قيس و هو المكي المعروف بـ ( سندل ) متروك
كما في " التقريب " . لكن لابن وهب إسناد آخر فيه خير من هذا و أقوى , فقد قال
: أخبرني يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله . أخرجه البيهقي . قلت : و هذا إسناد
مرسل صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم . و يشهد له ما رواه مسلم بن خالد عن
عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا
بالليل . أخرجه البزار ( 1139 ) و البيهقي أيضا . قلت : و إسناده كلهم ثقات
رجال مسلم غير مسلم بن خالد - و هو المكي المعروف بـ ( الزنجي ) - و هو صدوق
كثير الأوهام , كما قال الحافظ , و هو فقيه معروف من شيوخ الإمام الشافعي ,
فالحديث بمجموع هذه الطريق و التي قبلها حسن عندي , و لاسيما و قد قال الحافظ
في " التلخيص " ( 2 / 263 ) في حديث ابن عمر : " رواه البزار بإسناد حسن , و
الحاكم و البيهقي " . قلت : و لم أره في " المستدرك " للحاكم , و قد رواه
البيهقي من طريقه . و له شاهد آخر , يرويه بكر بن بكار : أخبرنا إبراهيم بن
يزيد أخبرنا سليمان الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا بالليل و أي ساعة من النهار شاؤوا " .
أخرجه الدارقطني ( ص 279 ) و قال المعلق عليه : " قال ابن القطان : و إبراهيم
بن يزيد هذا إن كان هو الخوزي فهو ضعيف , و إن كان غيره فلا يدرى من هو ? و بكر
بن بكار قال فيه ابن
معين : ليس بالقوي " . و قال الحافظ : " و إسناده ضعيف " .
قلت : و قد بدت لي ملاحظات على كلام الحافظ و غيره , و من المفيد بيانها :
أولا : قوله : " رواه البزار بإسناد حسن و ...‏" يوهم أنه عند البزار من غير
طريق مسلم بن خالد الذي في طريق البيهقي عن الحاكم , و ليس كذلك , فإن الزيلعي
في " نصب الراية " ( 3 / 86 ) عزاه للبزار وحده في " مسنده " من الطريق نفسها ,
و به أعله الهيثمي في " المجمع " ( 3 / 260 ) , فقال : " و فيه مسلم بن خالد
الزنجي و هو ضعيف و قد وثق " .
ثانيا : تردد ابن القطان في إبراهيم بن يزيد هل هو الخوزي أو غيره ? أجاب عنه
الحافظ في " اللسان " بقوله : " قلت : هو الخوزي لا ريب فيه مما يظهر لي . و
الله أعلم " . قلت : و يؤيده أنه ذكر في ترجمته أن ابن عدي قال - و قد روى له
حديثا آخر عن سليمان - : " و الظاهر أنه إبراهيم بن يزيد الخوزي , فإنه يروي عن
سليمان , و هو الأحول ...‏" .
ثالثا : قوله : " قال فيه ابن معين : ليس بالقوي " .‏لم أره في ترجمته من "
الميزان " و " اللسان " . و إنما فيهما عن ابن معين أنه قال فيه : " ليس بشيء "
. و كذلك رواه عنه ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 1 / 1 / 383 ) . نعم
, لقد روى قبله عن أبيه أنه قال فيه : " ليس بالقوي " . فالظاهر أن بصر بن
القطان انتقل إليه حين نقل عنه ! و الله أعلم .
2478 " من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى , و إذا خرجت أن تبدأ برجلك
اليسرى " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 624 :

أخرجه الحاكم ( 1 / 218 ) و عنه البيهقي ( 2 / 442 ) عن شداد أبي طلحة قال :
سمعت معاوية بن قرة يحدث عن # أنس بن مالك # أنه كان يقول : فذكره . و قال
الحاكم : " صحيح على شرط مسلم , فقد احتج بشداد بن سعيد أبي طلحة الراسبي " . و
وافقه الذهبي ! و قال البيهقي : " تفرد به شداد بن سعيد , أبو طلحة الراسبي , و
ليس بالقوي " . قلت : و هذا أقرب إلى الصواب , فإن شداد هذا لم يخرج له مسلم
إلا حديثا واحدا في الشواهد كما قال الحافظ في " التهذيب " , و هو مختلف فيه ,
فقد وثقه أحمد و ابن معين و أبو خيثمة و النسائي و ابن حبان و البزار , و ضعفه
عبد الصمد بن عبد الوارث . و قال العقيلي : " له غير حديث لا يتابع عليه " .
و قال الدارقطني : " يعتبر به " . و قال الحاكم أبو أحمد : " ليس بالقوي عندهم
" . و قال ابن عدي : " لم أر له حديثا منكرا , و أرجو أنه لا بأس به " .
قلت : و من الملاحظ أن الأئمة المتقدمين و المشهورين قد اتفقوا على توثيقه , و
لم يضعفه منهم غير عبد الصمد بن عبد الوارث , و هو مع ثقته ليس مشهورا بالجرح و
التعديل - فيما علمت - و الآخرون الذين ضعفوه , لم يأتوا بسبب الجرح , اللهم
إلا قول العقيلي : " له غير حديث لا يتابع عليه " . و هذا ليس بجرح قادح لأن
كثيرا من الثقات يصدق فيهم مثل هذا القول لأن لهم ما تفردوا به و لم يتابعوا
عليه . نعم , لعل في الرجل نوع ضعف و سوء حفظ , ينزل به حديثه عن مرتبة الصحة
من أجل ذلك استشهد به مسلم , و لعل ابن عدي يشير إلى ذلك بقوله : " لا بأس به
"‏.‏و كذلك قول الذهبي فيه في " الميزان " . " صالح الحديث " . فهو حسن الحديث
إن شاء الله تعالى . و أما قول الحافظ فيه : " صدوق يخطىء " . فهو مما يحتمل
ذلك . و الله أعلم .
2479 " أيها الناس ! لا تشكوا عليا , فوالله إنه لأحسن في ذات الله - أو في سبيل
الله - من أن يشكى " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 626 :

أخرجه ابن إسحاق في " السيرة " ( 4 / 250 - ابن هشام ) و من طريقه أحمد ( 3 /
86 ) : حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان بن محمد بن كعب
بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب - و كانت عند أبي سعيد الخدري - عن # أبي سعيد
الخدري # قال : اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه , فقام رسول الله صلى الله
عليه وسلم فينا خطيبا , فسمعته يقول : فذكره , و ليس في " المسند " قوله : " من
أن يشكى " . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات معروفون , غير زينب بنت كعب ,
فقال في " التجريد " : " صحابية , تزوجها أبو سعيد الخدري "‏. قال الحافظ في "
الإصابة " بعد أن عزاه للتجريد : " و كأن سلفه فيه أبو إسحاق بن الأمين , فإنه
ذكرها في ذيله على " الاستيعاب " , و كذا ذكرها ابن فتحون . و ذكرها غيرهما في
التابعين , و روايتها عن زوجها أبي سعيد , و أخته الفريعة في " السنن الأربعة "
و " مسند أحمد " . روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق , و سليمان بن محمد ابني
كعب بن عجرة . و ذكرها ابن حبان في ( الثقات ) " . قلت : و ذكرها الذهبي في "
فصل النسوة المجهولات " في آخر " الميزان " . و قال الحافظ في " التقريب " : "
مقبولة , من الثانية , و يقال : لها صحبة " . قلت : و ابنا أخويها سعد و سليمان
ثقتان , و قد رويا عنها فهي على ما تقتضيه القواعد الحديثية مجهولة الحال , إن
لم تثبت صحبتها , فمثلها مما يطمئن القلب لحديثها . و الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:33 AM
2480 " إن بين أيديكم عقبة كؤودا , لا ينجو منها إلا كل مخف " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 627 :

أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 325 - زوائده ) , و ابن جرير الطبري في " تهذيب
الآثار " ( 1 / 407 / 935 ) من طريق أسد بن موسى : حدثنا أبو معاوية عن موسى
الصغير عن هلال بن يساف عن أم الدرداء عن # أبي الدرداء # قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ... فذكره , و قال البزار : " هذا إسناد صحيح , لا نعلمه
إلا من هذا الوجه " . قلت : و هو كما قال , فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ,
غير أسد بن موسى , و موسى الصغير , هما ثقتان , كما قال الهيثمي ( 10 / 263 )
على خلاف في أسد بن موسى لا يضر إن شاء الله تعالى , و لاسيما و قد تابعه عبد
الحميد بن صالح في " الحلية " ( 1 / 226 ) . و قال المنذري ( 4 / 84 ) : " رواه
البزار بإسناد حسن " . ثم ساقه من رواية الطبراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء
, قالت : " قلت له : مالك لا تطلب ما يطلب فلان و فلان ? قال : " إني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن ورائكم عقبة كؤودا , لا يجوزها المثقلون "
. فأنا أحب أن أتخفف لتلك العقبة " .‏و قال : " رواه الطبراني بإسناد صحيح " .
قلت : ثم ساق له شاهدا من حديث أنس بنحوه , في إسناده ضعف . و وقفت له على شاهد
آخر بلفظ : " لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول "‏. لكن إسناده ضعيف , و لفظه منكر ,
و لذلك أوردته في " الضعيفة " برقم ( 3176 ) . ( مخف ) : أي من الذنوب , و ما
يؤدي إليها , في " النهاية " : " يقال : أخف الرجل فهو مخف , و خف و خفيف , إذا
خفت حاله و دابته , و إذا كان قليل الثقل , يريد به المخف من الذنوب , و أسباب
الدنيا , و علقها " .
2481 " مثل المؤمن و مثل الموت , كمثل رجل له ثلاثة أخلاء , أحدهم ماله , قال :
خذ ما شئت , و قال الآخر : أنا معك فإذا مت أنزلتك . و قال الآخر : أن معك
و أخرج معك , فأحدهم ماله و الآخر أهله و ولده و الآخر عمله " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 628 :

أخرجه البزار ( 313 ) : حدثنا محمد بن أبي مرحوم و أحمد بن جميل قالا : حدثنا
النضر بن شميل حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن # النعمان بن بشير # قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله
ثقات رجال مسلم على ضعف في بعضهم , غير شيخي البزار , و ابن جميل , فهما ثقتان
مترجم لهما في " تاريخ بغداد "‏( 4 / 76 - 77 ) . و الحديث أورده المنذري ( 4 /
100 ) بنحوه , و قال : " رواه الطبراني في " الكبير " بأسانيد أحدها صحيح , و
في " الأوسط " نحوه " . و زاد الهيثمي في العزو ( 10 / 252 ) : البزار , و قال
: " و أحد أسانيده في " الكبير " رجاله رجال الصحيح " . ثم ذكراه من حديث أبي
هريرة نحوه و قالا : " رواه البزار , و رواته رواة الصحيح " . ثم ذكره الهيثمي
من حديث أنس , و زاد في آخره : " فيقول : إن كنت لأهون الثلاثة علي " . و قال :
" رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " , و رجالهما رجال الصحيح , غير عمران
القطان و قد وثق و فيه خلاف " . قلت : قد تابعه الحجاج عن قتادة عن أنس به .
أخرجه الحاكم ( 1 / 74 ) , و قال : " صحيح على شرطهما " , و وافقه الذهبي , و
هو كما قالا . و الحجاج هذا هو ابن الحجاج الباهلي البصري الأحول . و له شاهد
مفصل من حديث عائشة مرفوعا . رواه ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 118 ) من
طريق عبد الله بن عبد العزيز عن الزهري عن سعيد بن المسيب و عروة بن الزبير
عنها و قال : " هذا حديث منكر من حديث الزهري , لا يشبه أن يكون حقا و عبد الله
بن عبد العزيز ضعيف الحديث , عامة حديثه خطأ , لا أعلم له حديثا مستقيما " .
2482 " والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها . يعني شاة ميتة "‏.

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 630 :

أخرجه أحمد ( 1 / 329 ) : حدثنا محمد بن مصعب : حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن
عبيد الله عن # ابن عباس # قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد
ألقاها أهلها , فقال : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد في الشواهد , رجاله ثقات
, رجال الشيخين , غير محمد بن مصعب - و هو القرقساني - قال الحافظ : " صدوق
كثير الغلط "‏. قلت : و لحديثه هذا شواهد كثيرة تدل على أنه قد حفظه , و سأذكر
بعضها إن شاء الله تعالى , و لعله لذلك قال المنذري في " الترغيب " ( 4 / 101 )
: " رواه أحمد بإسناد لا بأس به " . و قال الهيثمي ( 10 / 287 ) : " رواه أحمد
, و أبو يعلى و البزار و فيه محمد بن مصعب و قد وثق على ضعفه و بقية رجالهم
رجال الصحيح " . و قد جاء الحديث من رواية جابر بن عبد الله و المستورد بن شداد
و عبد الله بن ربيعة السلمي و أبي هريرة و سهل بن سعد . 1 - أما حديث جابر ,
فيرويه جعفر بن محمد عن أبيه عنه : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر
بالسوق داخلا من بعض العالية و الناس كنفيه , فمر بجدي أسك ميت , فتناوله فأخذ
بأذنه ثم قال : أيكم يحب هذا له بدرهم ? فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء , و ما
نصنع به ? قال : أتحبون أنه لكم ? قالوا : والله لو كان حيا كان عيبا فيه لأنه
أسك , فكيف و هو ميت ? فقال : فذكره " . أخرجه مسلم ( 8 / 210 - 211 ) و أحمد (
3 / 365 ) .
2 - و أما حديث المستورد , فيرويه مجالد بن سعيد عن قيس بن أبي حازم عنه قال :
كنت مع الركب الذين وقفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السخلة الميتة ,
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها ?
قالوا : من هوانها ألقوها يا رسول الله ! قال : فذكره . أخرجه الترمذي ( 2 / 52
) و ابن ماجة ( 4111 ) و أحمد ( 4 / 229 و 230 ) و قال الترمذي : " حديث حسن "
. 3 - و أما حديث السلمي , فيرويه عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه نحو حديث ابن
عباس . أخرجه أحمد ( 4 / 336 ) بإسناد صحيح , قال الهيثمي : " و رجاله رجال
الصحيح "‏. 4 - و أما حديث أبي هريرة , فيرويه أبو المهزم عنه به مثله . أخرجه
الدارمي ( 2 / 306 - 307 ) و أحمد ( 2 / 338 ) . و أبو المهزم قال الهيثمي : "
ضعفه الجمهور " . 5 - و أما حديث سهل , فيرويه زكريا بن منظور : حدثنا أبو حازم
عنه به نحوه . أخرجه ابن ماجة ( 4110 ) و الحاكم ( 4 / 306 ) و قال : " صحيح
الإسناد " . و رده الذهبي بقوله : " قلت : زكريا ضعفوه " , و به أعله في "
العلل " ( 2 / 109 ) . و في الباب عن جمع آخر من الأصحاب , فراجعها إن شئت في "
الترغيب " و " المجمع " .
2483 " رديه فيه , ثم اعجنيه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 632 :

أخرجه ابن ماجة ( 3336 ) : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا ابن وهب أخبرني
عمرو بن الحارث أخبرني بكر بن سوادة أن حنش بن عبد الله حدثه عن # أم أيمن #
أنها غربلت دقيقا فصنعته للنبي صلى الله عليه وسلم رغيفا , فقال : ما هذا ?
قالت : طعام نصنعه بأرضنا , فأحببت أن أصنع منه لك رغيفا , فقال : فذكره .
و أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب " الجوع " ( ق 9 / 1 ) : حدثنا خالد بن خداش
قال : حدثنا عبد الله بن وهب به . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات ,
رجال مسلم , غير ابن كاسب , قال الحافظ : " صدوق ربما وهم " . و قد تابعه ابن
خداش كما رأيت , قال الحافظ : " صدوق يخطىء " . و هو من شيوخ مسلم .
قلت : فالحديث بمجموع روايتهما عن ابن وهب صحيح , و هو بإسناد ابن أبي الدنيا
على شرط مسلم , فلا تغتر بعد هذا البيان بتصدير المنذري الحديث بقوله ( 4 / 111
) : " و روي عن أم أيمن ... رواه ابن ماجة و ابن أبي الدنيا في " كتاب الجوع "
و غيرهما " . فإنه من أوهامه . و قال البوصيري في " الزوائد " ( 225 / 1 ) : "
قلت : ليس لأم أيمن عند ابن ماجة سوى هذا الحديث , و آخر في " الجنائز " , و
ليس لها رواية في شيء من الخمسة الأصول . و رجال إسنادها حسن , يعقوب مختلف فيه
و كذلك ابن عبد الله " . كذا قال و حنش بن عبد الله ثقة بلا خلاف علمته و لذلك
جزم الحافظ في " التقريب " بأنه ثقة . و المختلف فيه إنما هو حنش بن المعتمر ,
فلعله اختلط عليه بهذا . و تعقبه الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي في قوله : " و
ليس لها رواية في شيء من الخمسة الأصول " . بقوله : " بل أخرج لها مسلم في 44 -
كتاب فضائل الصحابة 18 - باب من فضائل أم أيمن رضي الله عنها , حديث رقم 103 و
هو الحديث الذي رواه ابن ماجة في كتاب الجنائز برقم 1635 " . قلت : و هذا تعقب
لا وجه له , لأن قول البوصيري : " ليس لها رواية ... " إنما يعني رواية مرفوعة
عن النبي صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر , و الحديث المشار إليه عند مسلم و
ابن ماجة , إنما هو من قولها غير مرفوع . فتنبه . ( فائدة ) : و المراد من قوله
صلى الله عليه وسلم : " رديه .. " , أي : ردي ما غربلتيه من النخالة إلى الدقيق
, ثم اعجنيه من جديد . و هذا من زهده صلى الله عليه وسلم في طعامه . انظر بعض
الأحاديث في ذلك في " مختصر الشمائل " ( باب - 5 ) .
2484 " والله يا عائشة ! لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب و الفضة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 634 :

أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 465 ) و أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى
الله عليه وسلم " ( ص 166 - 167 ) من طريق عباد بن عباد المهلبي عن مجالد عن
الشعبي عن مسروق عن # عائشة # رضي الله عنها قالت : دخلت امرأة من الأنصار علي
, فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية , فانطلقت , فبعثت إليه
بفراش حشوه صوف , فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : ما هذا ? قلت
: يا رسول الله ! فلانة الأنصارية دخلت علي فرأت فراشك , فذهبت , فبعثت بهذا .
فقال رديه , فلم أرده , و أعجبني أن يكون في بيتي , حتى قال ذلك ثلاث مرات ,
فقال : ...‏فذكره . و من هذا الوجه أخرجه البيهقي كما في " الترغيب " ( 4 / 115
) و أشار إلى تقويته . قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , رجال الشيخين غير مجالد
- و هو ابن سعيد - و فيه ضعف , قال الحافظ : " ليس بالقوي " . قلت : لكن وجدت
له شاهدا لا بأس به , يرويه أبو معشر عن سعيد عن عائشة , قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " يا عائشة ! لو شئت لسارت معي جبال الذهب , جاءني ملك ,
إن حجزته لتساوي الكعبة , فقال : إن ربك يقرأ عليك السلام و يقول لك : إن شئت
نبيا عبدا و إن شئت نبيا ملكا . قال : فنظرت إلى جبريل , قال : فأشار إلي : أن
ضع نفسك . قال : فقلت : نبيا عبدا . قال : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعد ذلك لا يأكل متكئا , يقول : آكل كما يأكل العبد و أجلس كما يجلس العبد " .
أخرجه أبو يعلى ( 3 / 1203 ) و عنه أبو الشيخ في " أخلاق النبي صلى الله عليه
وسلم " ( ص 213 ) و عن هذا أبو نعيم في " الدلائل " ( 216 ) , و حسن إسناده
الهيثمي كما تقدم تحت الحديث ( 544 ) , و فيه نظر عندي لأن أبا معشر - و اسمه
نجيح بن عبد الرحمن السندي - قال الحافظ : " ضعيف , أسن و اختلط " . و للجملة
الأخيرة من حديثها طريق أخرى عنها , و شواهد سبق ذكرها و تخريجها تحت الحديث (
544 ) . و أما وصف الملك و حجزته فلم أجد له شاهدا نقويه به , فهذا منكر و لذلك
خرجته في " الضعيفة " ( 2045 ) .
2485 " كان إذا صافح رجلا لم يترك يده حتى يكون هو التارك ليد رسول الله صلى الله
عليه وسلم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 635 :

روي من طرق عن # أنس بن مالك # رضي الله عنه : الأولى : عن هلال بن أبي هلال
القسملي عنه . أخرجه الخطيب في " الموضح " ( 2 / 225 - مصورة حلب ) عن أبي بكر
محمد بن جعفر البخاري حدثنا هلال بن أبي هلال القسملي ... و اللفظ له . قلت : و
القسملي ضعيف , و الراوي عنه لم أعرفه . الثانية : عن زيد العمي عنه . أخرجه
الترمذي ( 2 / 80 ) و استغربه و ابن ماجة ( 3716 ) و ابن سعد في " الطبقات " (
1 / 378 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 13 / 245 / 3680 - المكتب الإسلامي ) .
و زيد العمي ضعيف أيضا . الثالثة : عن أبي جعفر الرازي عن أبي درهم عن يونس بن
عبيد عن مولى لآل أنس - قد سماه و نسيته - عنه . أخرجه أبو الشيخ في " أخلاق
النبي صلى الله عليه وسلم " ( ص 25 ) و ابن سعد أيضا . و هذا ضعيف لجهالة
المولى , و لسوء حفظ أبي جعفر الرازي . الرابعة : عن مبارك بن فضالة عن ثابت عن
أنس . أخرجه ابن حبان ( 2132 ) . قلت : و رجاله ثقات لولا أن مبارك بن فضالة
مدلس , و قد عنعنه . و بالجملة , فالحديث صحيح بهذه الطرق , و لاسيما و له
شواهد : الأول : عن ابن عمر , رواه إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أمية عن
نافع عنه . أخرجه الترمذي و استغربه و قد مضى الكلام عليه تحت الحديث ( 14 ) .
لكن أورده الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 16 ) و قال : " رواه البزار , و فيه
يزيد بن عبد الرحمن بن أمية و لم أعرفه " . و أقول : الظاهر أنه إبراهيم بن عبد
الرحمن بن يزيد بن أمية كما وقع عند الترمذي , سقط اسم إبراهيم من نسخة "
البزار " , كما انقلب فيه اسم أبيه عبد الرحمن بن يزيد إلى يزيد بن عبد الرحمن
, و لم أره في " زوائد البزار " للحافظ لنستعين به على التحقيق . ثم قال
الهيثمي : " و رواه الطبراني في " الأوسط " , و فيه ليث بن أبي سليم و هو مدلس
و بقية رجاله وثقوا " . ثم طبع كتابه " كشف الأستار " , فإذا الحديث فيه ( 2472
) من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن عن يزيد بن أمية عن نافع .. فهذا تحريف آخر :
" عن يزيد " , و الصواب : " ابن يزيد " . و الثاني : عن أبي هريرة . قال
الهيثمي ( 9 / 15 ) : " رواه البزار و الطبراني في " الأوسط " , و إسناد
الطبراني حسن " .
2486 " إنها ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة , قلنا : و نحن
على ديننا اليوم ? قال : و أنتم على دينكم اليوم . قنا : فنحن يومئذ خير , أم
ذلك اليوم ? قال : بل أنتم اليوم خير " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 637 :

أخرجه البزار في " مسنده " ( 3671 ) : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو
أحمد عن عبد الجبار بن العباس عن عون بن أبي جحيفة - قال : و لا أعلمه إلا -
عن أبيه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الحافظ في "
زوائده " ( ص 330 ) : " خبر غريب صحيح " . قلت : و إسناده صحيح , رجاله كلهم
ثقات رجال مسلم غير عبد الجبار بن العباس , و هو ثقة . و قال الهيثمي ( 10 /
323 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح غير عبد الجبار بن العباس الشبامي
و هو ثقة " . ثم روى له البزار شاهدا من حديث طلحة بن عمرو نحوه . و أخرجه ابن
حبان أيضا ( 2539 ) و أحمد ( 3 / 487 ) من طرق عن داود بن أبي هند عن أبي حرب
بن أبي الأسود عنه قال : " أتيت المدينة و ليس لي بها معرفة , فنزلت الصفة مع
رجل , فكان بيني و بينه كل يوم مد من تمر , فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذات يوم , فلما انصرف , قال رجل من أصحاب الصفة : يا رسول الله ! أحرق بطوننا
التمر , و تخرقت عنا الخنف ! فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخطب , ثم
قال : " والله لو وجدت خبزا أو لحما لأطعمتكموه , أما إنكم توشكون أن تدركوا ,
و من أدرك ذلك منكم أن يراح عليكم بالجفان و تلبسون مثل أستار الكعبة " .‏
قال : فمكثت أنا و صاحبي ثمانية عشر يوما و ليلة ما لنا طعام إلا البرير , حتى
جئنا إلى إخواننا الأنصار فواسونا , و كان خير ما أصابنا هذا التمر " . و
السياق لأحمد - و هو أتم - , و إسناده صحيح رجاله رجال مسلم , و قال الهيثمي
( 10 / 322 - 323 ) : " رواه الطبراني و البزار بنحوه ... و رجال البزار رجال
الصحيح غير محمد بن عثمان العقيلي , و هو ثقة " . قلت : و هذا تقصير , و قد
رواه أحمد , فكان من الواجب عزوه إليه , و لاسيما و أن رجاله كلهم رجال الصحيح
. و للحديث شاهد آخر من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " أنتم اليوم خير أم إذا غدت على أحدكم صحيفة و راحت أخرى و
غدا في حلة و راح في أخرى و تكسون بيوتكم كما تكسى الكعبة ? فقال رجل : نحن
يومئذ خير ? قال : بل أنتم اليوم خير " . قال الهيثمي : " رواه الطبراني , و
رجاله رجال الصحيح غير أبي جعفر الخطمي , و هو ثقة " . قلت : و له شاهد ثالث من
حديث علي رضي الله عنه مرفوعا نحوه . أخرجه الترمذي و حسنه , و فيه أن تابعيه
لم يسم , فلعله حسنه لشواهده بل هو بها صحيح , و انظر " الترغيب " ( 3 / 109 و
123 و 4 / 118 ) و " المشكاة " ( 5366 ) . و له شاهد رابع من حديث ابن مسعود
جود إسناده المنذري ثم الهيثمي , و فيه نظر بينته في " التعليق الرغيب " ( 3 /
123 ) لكنه يصلح للشواهد . و له شاهد خامس عن الحسن البصري مرسلا . أخرجه أبو
نعيم في " الحلية " ( 1 / 340 ) من طريقين عنه .
( تنبيه ) : تقدم الحديث برقم ( 1884 ) برواية البزار عن أبي جحيفة فقط , و وقع
فيه هناك سقط , لعله من المخطوطة , فيصحح من هنا .
2487 " إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن , كما قاتلت على تنزيله , فاستشرفنا
و فينا أبو بكر و عمر , فقال : لا , و لكنه خاصف النعل . يعني عليا رضي الله
عنه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 639 :

أخرجه النسائي في " خصائص علي " ( ص 29 ) و ابن حبان ( 2207 ) و الحاكم ( 3 /
122 - 123 ) و أحمد ( 3 / 33 و 82 ) و أبو يعلى ( 1 / 303 - 304 ) و أبو نعيم
في " الحلية " ( 1 / 67 ) و ابن عساكر ( 12 / 179 / 2 - 180 / 2 ) من طرق عن
إسماعيل بن رجاء الزبيدي عن أبيه قال : سمعت # أبا سعيد الخدري # يقول : كنا
جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخرج علينا من بعض بيوت نسائه ,
قال : فقمنا معه , فانقطعت نعله , فتخلف عليها علي يخصفها , فمضى رسول الله صلى
الله عليه وسلم و مضينا معه ثم قام ينتظره , و قمنا معه , فقال : ( فذكره ) ,
قال : فجئنا نبشره , قال : و كأنه قد سمعه . و لفظ الحاكم و غيره : " فلم يرفع
رأسه , كأنه قد كان سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم " , و قال : " صحيح
على شرط الشيخين " , و وافقه الذهبي . قلت : و هذا من أوهامهما , فإن إسماعيل
بن رجاء و أباه لم يخرج لهما البخاري , فهو على شرط مسلم وحده . و يقابل هذا
الوهم قول الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 9 / 133 - 134 ) : " رواه أحمد , و
رجاله رجال الصحيح , غير فطر بن خليفة , و هو ثقة " . قلت : فمن عادة الهيثمي
في مثل هذا الإسناد أن يطلق قوله : " و رجاله رجال الصحيح " , و لا يستثني ,
لأن فطرا هذا من رجال البخاري , إلا أن الدارقطني قد قال فيه : " لم يحتج به
البخاري "‏.‏و صرح الخزرجي و غيره أن البخاري يروي له مقرونا بآخر , لكنه قد
توبع كما أشرت إلى ذلك في أول التخريج بقولي : " ...‏من طرق " , فالحديث صحيح
لا ريب فيه .
( تنبيه ) : قد خبط عبد الحسين الشيعي في " مراجعاته " ( ص 180 ) في تخريج هذا
الحديث خبطا عجيبا , فقال بعدما عزاه للحاكم و أحمد : " و أخرجه البيهقي في "
شعب الإيمان " , و سعيد بن منصور في " سننه " , و أبو نعيم في " حليته " , و
أبو يعلى في " السنن " , 2585 في ص 155 من الجزء 6 من ( الكنز ) " . قلت : و
هذا مما يدل على جهله البالغ بكتب الحديث , و قلة تحقيقه , فإن الحديث في "
الكنز " الذي أشار إليه مرموز له فيه بـ ( حم ع هب , ك حل ص ) . و قد وقع في
رمز ( هب ص ) تصحيف , و الصواب ( حب , ض ) كما في " الجامع الكبير " للسيوطي (
1 / 223 / 2 ) , و بناء على ذلك التصحيف الذي لم يتنبه له الشيعي جاء منه ذلك
العزو الذي لا أصل له : " البيهقي في شعب الإيمان و سعيد بن منصور في سننه " !
فإن قيل : لا لوم على الشيعي في ذلك , لأنه فسر الرمز الذي رآه في الكتاب , و
ليس كل من ينقل من كتاب ما يكلف أن يحقق في نصوصه و رموزه . فأقول : هذا حق , و
لكن في ترتيب الرموز الواقعة في " الكنز " ما يشعر العالم بأن فيها تحريفا دون
أن يكلفه ذلك مراجعة ما , فرمز ( هب , ك , حل , ص ) غير معقول و لا مهضوم عند
أهل العلم , لأن ( هب ) المرموز به للبيهقي هو تلميذ ( ك ) المرموز به للحاكم
فكيف يقدم التلميذ على شيخه في الذكر ? و لاسيما و كتاب شيخه معدود في " الصحاح
" , بخلاف " شعب البيهقي " . و لأن ( ص ) المرموز به لسعيد بن منصور , هو أعلى
جميع المرموز لهم , فكيف يؤخر عنهم و هو مقدم عليهم ? ! و لكن الصواب كما ذكرنا
( ض ) , و هو رمز للضياء المقدسي في " المختارة " . فلو كان عند الشيعي معرفة
بتراجم أئمة الحديث لكان ذلك كافيا في صيانته من هذا الخبط العجيب . زد على ذلك
أنه فسر ( ع ) بـ " أبو يعلى في السنن " ! و إنما هو أبو يعلى في " المسند " ,
و طلبة العلم المبتدئون يعلمون أن أبا يعلى ليس له " كتاب السنن " . و له من
مثل هذا غرائب و عجائب كقوله في حديث : " من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه ...
" : " أخرجه البيهقي في " صحيحه " , و الإمام أحمد في " مسنده " ! و ليس
للبيهقي أيضا كتاب الصحيح , و لا أخرج الحديث الإمام أحمد في " مسنده " , بل هو
حديث موضوع كما حققته في الكتاب الآخر برقم ( 4903 ) , و قد خرجت فيه جملة
كثيرة من الأحاديث الضعيفة و الموضوعة التي احتج بها الشيعي المذكور على أهل
السنة في ولاية علي رضي الله عنه و عصمته , فراجع الأرقام ( 4882 - 4907 ) فما
بعدها تر العجب العجاب , و يتبين لك أن الرجل لا علم عنده مطلقا بعلم الحديث و
رواته و صحيحه و سقيمه , و إنما هو قماش جماع حطاب !
( تنبيه آخر ) : لقد ساق الحديث الشيعي المذكور في حاشية الكتاب ( ص 166 ) بلفظ
: " كما قوتلتم على تنزيله " , فحرف قوله صلى الله عليه وسلم : " قاتلت " , إلى
قوله " قوتلتم " , غمزا في الصحابة و طعنا فيهم , عامله الله بما يستحق . و قد
روي الحديث بلفظ آخر من طريق محمد بن جعفر الفيدي قال : نبأنا محمد ابن فضيل عن
الأجلح قال : نبأنا قيس بن مسلم و أبو كلثوم عن ربعي بن خراش قال : سمعت عليا
يقول و هو بالمدائن : جاء سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
إنه قد خرج إليك ناس من أرقائنا ليس بهم الدين تعبدا , فارددهم علينا . فقال له
أبو بكر و عمر : صدق يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لن
تنتهوا يا معشر قريش ! حتى يبعث الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه بالإيمان يضرب
أعناقكم , و أنتم مجفلون عنه إجفال النعم . فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله
? قال : لا . قال له عمر : أنا هو يا رسول الله ? قال : لا , و لكنه خاصف النعل
. قال : و في كف علي نعل يخصفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم " . أخرجه
الخطيب في " التاريخ " ( 1 / 133 - 134 و 8 / 433 ) , و ابن عساكر ( 12 / 149 /
2 ) . قلت : و إسناده حسن إن كان الفيدي قد حفظه , فإن له أحاديث خولف فيها كما
قال الحافظ في " التهذيب " , و مال إلى أنه ليس هو الذي حدث عنه البخاري في "
صحيحه " , و إنما هو القوسي , و لذلك لم يوثقه في " التقريب " , بل قال فيه : "
مقبول " , يعني عند المتابعة . و فيه إشارة إلى أنه لم يعتد بإيراد ابن حبان
إياه في " الثقات " , و لم يتابع عليه فيما علمت . و الله سبحانه و تعالى أعلم
. ثم وجدت له طريقا أخرى عن ربعي , يتقوى بها , يرويه شريك عن منصور عنه عن علي
قال : " جاء النبي صلى الله عليه وسلم أناس من قريش فقالوا : يا محمد ! إنا
جيرانك و حلفاؤك , و إن من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين و لا رغبة في
الفقه , إنما فروا من ضياعنا و أموالنا , فارددهم إلينا . فقال لأبي بكر : ما
تقول ? قال : صدقوا , إنهم لجيرانك و حلفاؤك . فتغير وجه النبي صلى الله عليه
وسلم , ثم قال لعمر : ما تقول ? قال : صدقوا , إنهم لجيرانك و حلفاؤك . فتغير
وجه النبي صلى الله عليه وسلم , ثم قال : " يا معشر قريش ! والله ليبعثن عليكم
رجلا منكم , امتحن الله قلبه بالإيمان فيضربكم على الدين , أو يضرب بعضكم " .
قال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ! قال : لا قال عمر : أنا هو يا رسول الله !
قال : لا , و لكن ذلك الذي يخصف النعل . و قد كان أعطى عليا نعلا يخصفها " .
أخرجه الترمذي ( 2 : 298 ) , و النسائي في " الخصائص " ( ص 8 ) و الضياء في "
المختارة " ( 1 / 161 ) , و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا
من حديث ربعي عن علي " . قلت : شريك سيء الحفظ و لكنه يصلح للاستشهاد به و
التقوية و قد تابعه أبان بن صالح , عن منصور بن المعتمر به . أخرجه أبو داود (
2700 ) و عنه الضياء ( 1 / 161 - 162 ) .
2488 " والذي نفسي بيده , لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 643 :

أخرجه الحاكم ( 3 / 150 ) من طريق محمد بن فضيل : حدثنا أبان بن تغلب عن جعفر
بن إياس عن أبي نضرة عن # أبي سعيد الخدري # رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " صحيح على شرط مسلم " . قلت : و هو كما
قال , و بيض له الذهبي . و تابعه هشام بن عمار : حدثنا أسد بن موسى حدثنا سليم
بن حيان عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري نحوه . أخرجه ابن حبان (
2246 ) . قلت : و رجاله ثقات على ضعف في هشام بن عمار لتلقنه .
2489 " كان يحرس حتى نزلت هذه الآية : *( و الله يعصمك من الناس )* <1> , فأخرج
رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة , فقال لهم : يا أيها الناس !
انصرفوا فقد عصمني الله " .

-----------------------------------------------------------

[1] المائدة : الآية : 67 . اهـ .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 644 :

أخرجه الترمذي ( 2 / 175 ) و ابن جرير ( 6 / 199 ) و الحاكم ( 2 / 313 ) من
طريق الحارث بن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن # عائشة # قالت :
فذكره . و قال الترمذي : " حديث غريب " و روى بعضهم هذا الحديث عن الجريري عن
عبد الله بن شقيق , قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس ... و لم يذكروا
فيه : عن عائشة " . قلت : و هذا أصح , لأن الحارث بن عبيد - و هو أبو قدامة
الإيادي - فيه ضعف من قبل حفظه , أشار إليه الحافظ بقوله : " صدوق يخطىء " . و
قد خالفه بعض الذين أشار إليهم الترمذي , و منهم إسماعيل بن علية الثقة الحافظ
, رواه ابن جرير بإسنادين عنه عن الجريري به مرسلا . قلت : فهو صحيح مرسلا , و
أما قول الحاكم عقب المسند عن عائشة : " صحيح الإسناد " , فمردود لما ذكرنا , و
إن تابعه الذهبي . نعم الحديث صحيح , فإن له شاهدا من حديث أبي هريرة قال : "
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزلا نظروا أعظم شجرة يرونها
,فجعلوها للنبي صلى الله عليه وسلم , فينزل تحتها , و ينزل أصحابه بعد ذلك في
ظل الشجر , فبينما هو نازل تحت شجرة - و قد علق السيف عليها - إذ جاء أعرابي
فأخذ السيف من الشجرة , ثم دنا من النبي صلى الله عليه وسلم و هو نائم , فأيقظه
, فقال : يا محمد ! من يمنعك مني الليلة ? فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
الله . فأنزل الله : *( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل
فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس )* <1> ! الآية " . أخرجه ابن حبان في (
صحيحه - 1739 موارد ) , و ابن مردويه كما في ابن كثير ( 6 / 198 ) من طريقين عن
حماد بن سلمة حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه . قلت : و هذا إسناد حسن . و
ذكر له ابن كثير شاهدا ثانيا من حديث جابر . رواه ابن أبي حاتم . و له شاهدان
آخران عن سعيد بن جبير و محمد بن كعب القرظي مرسلا . و اعلم أن الشيعة يزعمون -
خلافا للأحاديث المتقدمة - أن الآية المذكورة نزلت يوم غدير ( خم ) في علي رضي
الله عنه , و يذكرون في ذلك روايات عديدة مراسيل و معاضيل أكثرها , و منها عن
أبي سعيد الخدري , و لا يصح عنه كما حققته في " الضعيفة " ( 4922 ) , و
الروايات الأخرى أشار إليها عبد الحسين الشيعي في " مراجعاته " ( ص 38 ) دون أي
تحقيق في أسانيدها كما هي عادته في كل أحاديث كتابه , لأن غايته حشد كل ما يشهد
لمذهبه , سواء صح أو لم يصح على قاعدتهم : " الغاية تبرر الوسيلة " ! فكن منه و
من رواياته على حذر , و ليس هذا فقط , بل هو يدلس على القراء - إن لم أقل يكذب
عليهم - فإنه قال في المكان المشار إليه في تخريج أبي سعيد هذا المنكر , بل
الباطل : " أخرجه غير واحد من أصحاب السنن , كالإمام الواحدي ... " ! و وجه
كذبه أن المبتدئين في هذا العلم يعلمون أن الواحدي ليس من أصحاب السنن الأربعة
, و إنما هو مفسر , يروي بأسانيده ما صح و ما لم يصح , و حديث أبي سعيد هذا مما
لا يصح , فقد أخرجه من طريق فيه متروك شديد الضعف , كما هو مبين في المكان
المشار إليه من " الضعيفة " . و هذه من عادة الشيعة قديما و حديثا : أنهم
يستحلون الكذب على أهل السنة , عملا في كتبهم و خطبهم , بعد أن صرحوا
باستحلالهم للتقية , كما صرح بذلك الخميني في كتابه " كشف الأسرار " ( ص 147 -
148 ) , و ليس يخفى على أحد أن التقية أخت الكذب , و لذلك قال أعرف الناس بهم ,
شيخ الإسلام ابن تيمية : " الشيعة أكذب الطوائف " . و أنا شخصيا قد لمست كذبهم
لمس اليد في بعض مؤلفيهم و بخاصة عبد الحسين هذا و الشاهد بين يديك , فإنه فوق
كذبته المذكورة , أوهم القراء أن الحديث عند أهل السنة من المسلمات بسكوته عن
علته و ادعائه كثرة طرقه , فقد كان أصرح منه في الكذب الخميني , فإنه صرح في
الكتاب المذكور ( ص 149 ) أن آية العصمة نزلت يوم غدير خم بشأن إمامة علي بن
أبي طالب باعتراف أهل السنة و اتفاق الشيعة , كذا قال عامله الله بما يستحق , و
سأزيد هذا الأمر بيانا في " الضعيفة " إن شاء الله تعالى .

-----------------------------------------------------------
[1] المائدة : الآية : 67 . اهـ .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:34 AM
2490 " إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته و إن كانوا دونه في العمل , لتقر
بهم عينه , ثم قرأ : *( و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان )* <1> الآية ,
ثم قال : و ما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين " .

-----------------------------------------------------------

[1] الطور : الآية : 21 . اهـ .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 647 :

أخرجه البزار ( ص 221 ) و ابن عدي ( ق 270 / 1 ) و البغوي في " التفسير " ( 8 /
82 - منار ) عن قيس بن الربيع عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن # ابن عباس #
رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره . و قال البزار : " رواه الثوري
عن عمرو بن مرة موقوفا " . و قال الحافظ عقبه : " و هو أحفظ من قيس و أوثق " .
قلت : و لا شك في ذلك , و لكن من الممكن أن يقال : إن الموقوف في حكم المرفوع ,
لأنه لا يقال بمجرد الرأي , بل هو ظاهر الآية المذكورة و هو الذي رجحه ابن جرير
و غيره في تفسيرها و قد أخرجه هو ( 27 / 15 ) و الحاكم ( 2 / 468 ) من طرق عن
الثوري عن عمرو بن مرة به موقوفا على ابن عباس , فهو صحيح الإسناد . و أما
الحديث الذي أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " بإسناد آخر عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه و زوجته و ولده
? فيقال : إنهم لم يبلغوا درجتك , فيقول : يا رب قد عملت لي و لهم , فيؤمر
بإلحاقهم به , و قرأ ابن عباس : *( و الذين آمنوا و اتبعتهم ذريتهم بإيمان )*
<1> , الآية " . فهو موضوع , و إن سكت عليه الحافظ ابن كثير ( 8 / 82 ) و كأنه
مقلوب عن هذا , و قد خرجته و بينت علته في الكتاب الآخر ( 2602 ) .

-----------------------------------------------------------
[1] الطور : الآية : 21 . اهـ .
2491 " كان إذا دعا ( يعني : في الاستسقاء ) جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 648 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( ق 167 / 2 - مكتب 2 ) : حدثنا زهير حدثنا يزيد
بن هارون أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت عن # أنس بن مالك # مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم و قد أخرجه ( 3 / 24 ) بنحوه من طريق
الحسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة بلفظ : " إن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى
فأشار بظهر كفيه إلى السماء " . و أخرجه أحمد ( 3 / 153 ) : حدثنا حسن بن موسى
به . ثم أخرجه ( 3 / 241 ) عن مؤمل : حدثنا حماد به . ثم قال ( 3 / 271 ) :
حدثنا عفان بلفظ : " إن الناس قالوا : يا رسول الله ! هلك المال و أقحطنا , و
هلك المال فاستسق لنا , فقام يوم الجمعة و هو على المنبر , فاستسقى - وصف حماد
- و بسط يديه حيال صدره و بطن كفيه مما يلي الأرض , و ما في السماء قزعة , فما
انصرف حتى أهمت الشاب القوي نفسه أن يرجع إلى أهله , فمطرنا إلى الجمعة الأخرى
, فقالوا : يا رسول الله ! تهدم البنيان , و انقطع الركبان , ادع الله أن
يكشطها عنا . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم و قال : اللهم حوالينا لا
علينا . فانجابت حتى كانت المدينة كأنها في إكليل " . و أخرجه أبو يعلى أيضا (
ق 166 / 2 ) : حدثنا زهير : حدثنا عفان به . و أخرجه أبو داود من طريق أخرى عن
عفان بموضع الشاهد فقط منه . و تابعه عمر بن نبهان عن قتادة عن أنس به مختصرا
بلفظ : " كان يدعو ببطن كفيه , و يقول : هكذا بظهر كفيه " . أخرجه أبو يعلى ( 2
/ 264 - 265 ) . و عمر هذا ضعيف . ( فائدة ) : قد ذهب إلى العمل بالحديث و أفتى
به الإمام مالك رحمه الله تعالى كما جاء في " المدونة " لابن القاسم ( 2 / 158
) .
2492 " من عال ثلاثا من بنات يكفيهن و يرحمهن و يرفق بهن , فهو في الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 649 :

أخرجه أبو يعلى ( 2 / 591 ) : حدثنا أبو خيثمة أخبرنا يزيد بن هارون أن سفيان
بن حسين عن محمد بن المنكدر عن # جابر # مرفوعا , و فيه قصة . و أخرجه أحمد ( 3
/ 303 ) و البزار ( 2 / 384 / 1908 ) و البخاري أيضا في " الأدب المفرد " ( 78
) عن علي بن زيد عن محمد بن المنكدر به . قلت : و إسناد أبي يعلى ظاهره الصحة ,
فإن رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , لكني أخشى أن يكون سقط من بين سفيان و محمد
علي بن زيد - و هو ابن جدعان الذي في إسناد أحمد - فإني لم أر من ذكر في شيوخ
سفيان محمد بن المنكدر , و قد راجعت " تهذيب الكمال " للحافظ المزي " و من
عادته أن يستقصي في كل ترجمة أسماء الشيوخ و الرواة عنه , و لم يذكر ذلك في
ترجمة سفيان , و لا في ترجمة ابن المنكدر . و الله أعلم . و لكنه على كل حال قد
توبع , فقال البزار و بحشل في " تاريخ واسط " ( 83 ) : حدثنا محمد بن كثير بن
نافع الثقفي ابن بنت يزيد بن هارون قال : حدثنا سرور بن المغيرة قال : حدثنا
سليمان التيمي عن محمد بن المنكدر به . قلت : و هذا إسناد جيد لولا أني لم أعرف
الثقفي هذا . و سرور وثقه ابن حبان ( 6 / 437 و 8 / 301 ) . و قال أبو حاتم : "
شيخ " . و ابن سعد : " معروف " . انظر " تيسير الانتفاع " . و قد سبق الحديث
برقم ( 1027 ) , و قد أعيد هنا لزيادة تحقيق . و الحديث قال الهيثمي ( 8 / 157
) تبعا للمنذري ( 3 / 84 - 85 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد و البزار و الطبراني
في ( الأوسط ) " . كذا قالا , و قد عرفت أن في إسناد أحمد علي بن زيد بن جدعان
, و هو ضعيف لسوء حفظه . و لم يتكلما على إسناد البزار الآخر بشيء ! و قلدهما
الأعظمي كما هي عادته ! لكن الحديث صحيح , فإن له شواهد كثيرة تقدم بعضها برقم
( 294 - 296 ) .
2493 " إن إبراهيم ابني و إنه مات في الثدي و إن له ظئرين يكملان رضاعته في الجنة "
.

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 650 :

أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ( 3 / 112 ) : حدثنا إسماعيل أنبأنا أيوب عن
عمرو بن سعيد عن # أنس بن مالك # قال : ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول
الله صلى الله عليه وسلم , كان إبراهيم مسترضعا في عوالي المدينة و كان ينطلق و
نحن معه , فيدخل البيت , و إن ليدخن 0 و كان ظئره قينا - فيأخذه , فيقبله , ثم
يرجع , ( قال عمرو ) : فلما توفي إبراهيم , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( فذكره ) . و بهذا الإسناد أخرجه ابن سعد في " الطبقات " ( 1 / 136 و 139 )
مفرقا في موضعين , مصرحا بأن الحديث من قول عمرو مرفوعا , لم يسنده إلى أنس . و
كذلك أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " ( 7 / 76 - 77 ) من طريق زهير و ابن نمير
عن إسماعيل - و هو ابن علية - به , في سياق واحد كسياق أحمد . و كذلك رواه أبو
يعلى ( 4195 و 4196 ) . و أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 9 / 51 / 6911 ) من
طريقين آخرين به , لكن لم يذكر : " قال عمرو " , فجعل الحديث كله من مسند أنس ,
و هو شاذ مخالف لرواية الجماعة . و عمرو بن سعيد هو أبو سعيد البصري . و تابعه
وهيب عن أيوب به دون قول عمرو : " فلما توفي إبراهيم ... " . إلخ . أخرجه أبو
يعلى ( 4197 ) . قلت : فهذا يؤكد أن حديث الترجمة مرسل , ليس من مسند أنس , و
يزيده تأكيدا أن ثابتا لم يذكره أيضا في حديثه عن أنس , كما رواه سليمان بن
المغيرة عنه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لي الليلة
غلام , فسميته باسم أبي : إبراهيم " . ثم دفعه إلى أم سيف , امرأة قين يقال له
: أبو سيف , فانطلق يأتيه و اتبعته , فانتهينا إلى أبي سيف و هو ينفخ في كيره ,
قد امتلأ البيت دخانا , فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
فقلت : يا أبا سيف ! أمسك , جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم , فأمسك , فدعا
النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي , فضمه إليه , و قال ما شاء الله أن يقول ...
الحديث . أخرجه مسلم ( 7 / 76 ) و أبو داود ( 3126 ) و ابن حبان في " صحيحه " (
4 / 245 / 2891 ) و البيهقي ( 4 / 69 ) و أحمد ( 3 / 194 ) و ابن سعد ( 1 / 136
) و أبو يعلى ( 6 / 42 / 3288 ) و علقه البخاري في " الجنائز " عقب رواية أخرى
له ( 1303 ) مختصرة عن هذه و لم يسق لفظها , فعزو السيوطي في " الجامع " قوله
صلى الله عليه وسلم : " ولد لي الليلة غلام ... " للبخاري أيضا فيه نظر لا يخفى
, و إن قلده فيه الغماري في " كنزه " كعادته , و لم يتنبه له المناوي . و هذا
القدر من الحديث أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 454 ) . ( تنبيه ) :
لقد غفل عن إرسال عمرو بن سعيد لحديث الترجمة المعلق الفاضل على " مسند أبي
يعلى " حين قال : " إسناده صحيح " . ثم عزاه لمسلم و غيره . و حقه التفريق بين
حديث الترجمة , و بين ما قبله على ما سبق بيانه . و إذ الأمر كذلك , فلابد من
تخريج شاهد له يقويه و يأخذ بعضده و هو حديث البراء بن عازب قال : " توفي
إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم ابن ستة عشر شهرا فقال : ادفنوه بالبقيع
, فإن له مرضعا يتم رضاعه في الجنة " . أخرجه أحمد ( 4 / 297 و 304 ) و ابن
عساكر في " تاريخ دمشق " ( 1 / 215 / 1 ) بسند صحيح على شرط الشيخين و أبو يعلى
( 1696 ) بسند آخر عنه , صحيح على شرط مسلم . و هو في " صحيح البخاري " ( 1382
و 3255 و 6195 ) و غيره من طريق ثالث عنه نحوه , دون الشطر الأول منه , و هو
مخرج في " السلسلة الأخرى " تحت الحديث ( 3202 ) , فإنه قد جاء بزيادات أخرى لا
يصح بعضها , خرجته لذلك هناك , مميزا ما صح منها مما لا يصح , فذكرت هذا في
جملة ما صح و بالله التوفيق . ثم إن لفظ ابن حبان : " إن له مرضعتين في الجنة "
. فهو شاهد قوي لحديث عمرو . و الله سبحانه و تعالى أعلم .
2494 " ألا إن الفتنة ههنا , ألا إن الفتنة ههنا [ قالها مرتين أو ثلاثا ] , من حيث
يطلع قرن الشيطان , [ يشير [ بيده ] إلى المشرق , و في رواية : العراق ] " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 653 :

هو من حديث # ابن عمر # و له عنه طرق : الأولى : عن نافع عنه أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه وسلم و هو مستقبل المشرق يقول : فذكره . أخرجه البخاري ( 2 / 275
و 4 / 374 ) و مسلم ( 8 / 180 - 181 ) و أحمد ( 2 / 18 و 92 ) من طرق عنه . و
السياق و الزيادة الأولى لمسلم . و في رواية لأحمد : " كان قائما عند باب عائشة
فأشار بيده نحو المشرق " . و هو رواية لمسلم . و لفظ البخاري في الموضع الأول
المشار إليه : " قام خطيبا فأشار نحو مسكن عائشة " . و في أخرى لمسلم : عند باب
حفصة . و هي شاذة عندي . الثانية : عن سالم عنه مثل رواية نافع الأول إلا أنه
كرر الجملة ثلاثا و قال فيها : " ها " , بدل : " ألا " . أخرجه البخاري ( 2 /
384 و 4 / 374 ) و مسلم أيضا و الترمذي ( 2 / 44 ) , و قال : " حسن صحيح " . و
أحمد ( 2 / 23 و 40 و 72 و 140 و 143 ) و السياق له في رواية و كذا مسلم و في
إحدى روايتي البخاري : " و هو على المنبر .. يشير إلى المشرق " . و في الأخرى :
" قام إلى جنب المنبر فقال ... " . و في أخرى لأحمد : " صلى الفجر فاستقبل مطلع
الشمس , فقال ... " . و إسناده صحيح . و في أخرى له و لمسلم من طريق عكرمة بن
عمار عن سالم بلفظ : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال : "
رأس الكفر من ههنا ...‏" . لكن عكرمة فيه ضعف من قبل حفظه , فلا يحتج به فيما
يخالف الثقات . و في أخرى لأحمد قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشير بيده يؤم العراق : ها إن الفتنة ...‏" الحديث بتمامه . و هو رواية لمسلم .
و يشهد لها رواية أخرى له من طريق ابن فضيل عن أبيه قال : سمعت سالم بن عبد
الله بن عمر يقول : يا أهل العراق ! ما أسألكم عن الصغيرة , و أركبكم للكبيرة !
سمعت أبي عبد الله بن عمر يقول : فذكره مرفوعا .
الثالثة : عن عبد الله بن دينار عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يشير إلى المشرق فقال : فذكره , مثل رواية سالم الأولى , إلا أنه كرر الجملة
مرتين . أخرجه مالك ( 3 / 141 - 142 ) و البخاري ( 2 / 321 و 3 / 471 ) و أحمد
( 2 / 23 , 50 , 73 , 110 ) , و كرر الجملة ثلاثا في رواية له و السياق للبخاري
. الرابعة : عن بشر بن حرب : سمعت ابن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه
وسلم يقول : " اللهم بارك لنا في مدينتنا , و في صاعنا و مدنا و يمننا و شامنا
. ثم استقبل مطلع الشمس فقال : من ههنا يطلع قرن الشيطان من ههنا الزلازل و
الفتن " . أخرجه أحمد ( 2 / 126 ) و رجاله ثقات رجال مسلم , غير بشر هذا فإنه
لين . لكن يشهد له حديث توبة العنبري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : فذكره . إلى قوله : " و شامنا " مع تقديم و تأخير و زاد : " فقال
رجل : يا رسول الله ! و في عراقنا ? فأعرض عنه , فقال : فيها الزلازل و الفتن و
بها يطلع قرن الشيطان " . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " ( 6 / 133 ) و إسناده
صحيح . و له طريق أخرى عند الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 201 / 1 ) عن
ابن عمر نحوه و فيه : " فلما كان في الثالثة أو الرابعة قالوا : يا رسول الله !
و في عراقنا ? ...‏" الحديث . و إسناد صحيح أيضا . و أصله عند البخاري و أحمد
فراجع له كتابي " تخريج فضائل الشام " ( ص 9 - 10 ) . و قد تقدم تخريجه و الذي
قبله برقم ( 2246 ) بزيادة . ثم إن للحديث شاهدا من رواية أبي مسعود مرفوعا
بلفظ : " من ههنا جاءت الفتن نحو المشرق و الجفاء و غلظ القلوب في الفدادين
...‏" الحديث . أخرجه البخاري ( 2 / 382 ) . قلت : و طرق الحديث متضافرة على أن
الجهة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم إنما هي المشرق , و هي على
التحديد العراق كما رأيت في بعض الروايات الصريحة , فالحديث علم من أعلام نبوته
صلى الله عليه وسلم , فإن أول الفتن كان من قبل المشرق , فكان ذلك سببا للفرقة
بين المسلمين , و كذلك البدع نشأت من تلك الجهة كبدعة التشيع و الخروج و نحوها
. و قد روى البخاري ( 7 / 77 ) و أحمد ( 2 / 85 , 153 ) عن ابن أبي نعم قال :
" شهدت ابن عمر و سأله رجل من أهل العراق عن محرم قتل ذبابا فقال : يا أهل
العراق ! تسألوني عن محرم قتل ذبابا , و قد قتلتم ابن بنت رسول الله صلى الله
عليه وسلم , و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما ريحانتي في الدنيا
" . و إن من تلك الفتن طعن الشيعة في كبار الصحابة رضي الله عنهم , كالسيدة
عائشة الصديقة بنت الصديق التي نزلت براءتها من السماء , فقد عقد عبد الحسين
الشيعي المتعصب في كتابه " المراجعات " ( ص 237 ) فصولا عدة في الطعن فيها و
تكذيبها في حديثها , و رميها بكل واقعة , بكل جرأة و قلة حياء , مستندا في ذلك
إلى الأحاديث الضعيفة و الموضوعة , و قد بينت قسما منها في " الضعيفة " ( 4963
- 4970 ) مع تحريفه للأحاديث الصحيحة , و تحميلها من المعاني ما لا تتحمل كهذا
الحديث الصحيح , فإنه حمله - فض فوه و شلت يداه - على السيدة عائشة رضي الله
عنها زاعما أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث - *( كبرت كلمة تخرج من أفواههم
إن يقولون إلا كذبا )* <1> معتمدا في ذلك على الروايتين المتقدمتين :
الأولى : رواية البخاري : فأشار نحو مسكن عائشة ... و الأخرى : رواية مسلم :
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة فقال : رأس الكفر من ههنا .
..‏فأوهم الخبيث القراء الكرام بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عائشة
ذاته , و أن المقصود بالفتنة هي عائشة نفسها ! و الجواب , أن هذا هو صنيع
اليهود الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه , فإن قوله في الرواية الأولى : "
فأشار نحو مسكن عائشة " , قد فهمه الشيعي كما لو كان النص بلفظ : " فأشار إلى
مسكن عائشة " ! فقوله : " نحو " دون " إلى " نص قاطع في إبطال مقصوده الباطل ,
و لاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق . و في بعضها العراق . و
الواقع التاريخي يشهد لذلك . و أما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق , و لو قيل
بصحتها , فهي مختصرة جدا اختصارا مخلا , استغله الشيعي استغلالا مرا , كما يدل
عليه مجموع روايات الحديث , فالمعنى : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت
عائشة رضي الله عنها , فصلى الفجر , ثم قام خطيبا إلى جنب المنبر ( و في رواية
: عند باب عائشة ) فاستقبل مطلع الشمس , فأشار بيده , نحو المشرق . ( و في
رواية للبخاري : نحو مسكن عائشة ) و في أخرى لأحمد : يشير بيده يؤم العراق .
فإذا أمعن المنصف المتجرد عن الهوى في هذا المجموع قطع ببطلان ما رمى إليه
الشيعي من الطعن في السيدة عائشة رضي الله عنها . عامله الله بما يستحق .

------------------------------------------------------------
[1] الكهف : الآية : 5 . اهـ .
2495 " والذي نفسي بيده , لو قتلتموه لكان أول فتنة و آخرها " .‏

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 657 :

أخرجه الإمام أحمد ( 5 / 42 ) : حدثنا روح حدثنا عثمان الشحام حدثنا # مسلم بن
أبي بكرة عن أبيه # أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ساجد - و هو ينطلق
إلى الصلاة - فقضى الصلاة و رجع عليه و هو ساجد , فقام النبي صلى الله عليه
وسلم فقال : من يقتل هذا ? فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه و هزه ثم قال :
يا نبي الله ! بأبي أنت و أمي كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله و
أن محمد عبده و رسوله ? ثم قال : من يقتل هذا ? فقام رجل فقال : أنا . فحسر عن
زراعيه و اخترط سيفه و هزه حتى ارعدت يده فقال : يا نبي الله ! كيف أقتل رجلا
ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله , و أن محمدا عبده و رسوله ? فقال النبي صلى
الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و قال الهيثمي
( 6 / 225 ) : " رواه أحمد و الطبراني من غير بيان شاف , و رجال أحمد رجال
الصحيح " . و عزاه الحافظ في " الإصابة " ( 2 / 174 - 175 ) لمحمد بن قدامة و
الحاكم في " المستدرك " . و لم أره فيه بهذا السياق و إنما أخرج ( 2 / 146 ) من
طريقين آخرين عن الشحام بإسناده حديثا آخر في الخوارج و صححه على شرط مسلم . و
للحديث شاهد من حديث أنس نحوه . و فيه أن الرجل الأول الذي قام لقتله هو أبو
بكر , و الثاني عمر , و زاد : " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم يقوم
إلى هذا فيقتله ? قال علي : أنا . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت له
إن أدركته . فذهب علي فلم يجد , فرجع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أقتلت الرجل ? قال : لم أدر أين سلك من الأرض , فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : إن هذا أول قرن خرج من أمتي , لو قتلته ما اختلف من أمتي اثنان " .
أخرجه أبو يعلى ( 3 / 1019 - 1020 ) من طريق يزيد الرقاشي قال : حدثني أنس بن
مالك به . قلت : و رجاله رجال مسلم , غير الرقاشي , و هو ضعيف . و تابعه موسى
بن عبيدة : أخبرني هود بن عطاء عن أنس به نحوه . و فيه أن أبا بكر قال : كرهت
أن أقتله و هو يصلي , و قد نهيت عن ضرب المصلين . أخرجه أبو يعلى ( 3 / 1025 -
1026 ) . قلت : و موسى بن عبيدة ضعيف . و له طريق ثالثة , يرويه عبد الرحمن بن
شريك : حدثنا أبي عن الأعمش عن أبي سفيان عن أنس به نحوه , لكن ليس فيه حديث
الترجمة . أخرجه البزار ( ص 207 ) . قلت : و هذا إسناد فيه ضعف من أجل شريك و
ابنه . و له شاهد آخر يرويه جامع بن مطر الحبطي : حدثنا أبو رؤبة شداد بن عمران
القيسي عن أبي سعيد الخدري أن أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ,
فقال : يا رسول الله ! إني مررت بوادي كذا و كذا , فإذا رجل متخشع حسن الهيئة
يصلي . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب إليه فاقتله . قال : فذهب إليه
أبو بكر , فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله , فرجع إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم , قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : اذهب فاقتله , فذهب
عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر قال فكره أن يقتله قال فرجع , فقال :
يا رسول الله ! إني رأيته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله , قال : يا علي ! اذهب
فاقتله , قال , فذهب علي فلم يره , فرجع علي فقال : يا رسول الله ! إنه لم يره
, فقال صلى الله عليه وسلم : إن هذا و أصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ,
يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه , حتى يعود السهم
في فوقه , فاقتلوهم , هم شر البرية . أخرجه أحمد ( 3 / 15 ) . قلت : و إسناده
حسن , رجاله ثقات معروفون , غير أبي روبة هذا , و قد وثقه ابن حبان و روى عنه
يزيد بن عبد الله الشيباني أيضا و قال الهيثمي ( 6 / 225 ) : " رواه أحمد و
رجاله ثقات " .‏ثم صرح في الصفحة التالية أنه صح هو و حديث أبي بكرة المتقدم ,
حديث الترجمة . ( فوقه ) : في " النهاية " : " فوق السهم : موضع الوتر منه " .
2496 " كان يبعثه البعث فيعطيه الراية , فما يرجع حتى يفتح الله عليه , جبريل عن
يمينه , و ميكائيل عن يساره . يعني عليا رضي الله عنه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 660 :

أخرجه ابن حبان ( 2211 ) و أحمد ( 1 / 199 ) و البزار ( 2574 - الكشف ) و
الطبراني في " المعجم الكبير " ( 1 / 131 / 1 ) و النسائي في " الخصائص " رقم (
25 ) نحوه تحقيق البلوشي و ابن عساكر ( 12 / 215 / 1 - 2 ) من طرق عن أبي إسحاق
عن هبيرة بن يريم قال : سمعت # الحسن بن علي # قام فخطب الناس فقال : يا أيها
الناس ! لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون , و لا يدركه الآخرون . لقد كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه ( الحديث ) , ما ترك بيضاء و لا صفراء إلا
سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشترى بها خادما . قلت : و رجاله ثقات رجال
الشيخين , غير هبيرة هذا , فقد اختلفوا فيه , و قال الحافظ : " لا بأس به , و
قد عيب بالتشيع " . قلت : و أبو إسحاق - و هو السبيعي - مدلس و كان اختلط , و
قد اختلف عليه في إسناده , فرواه جمع عنه هكذا . و خالفهم حفيده إسرائيل فقال :
عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشي قال : خطبنا الحسن بن علي ... الحديث . أخرجه
أحمد و ابن عساكر . قلت : و لعل هذا الاختلاف من السبيعي نفسه لاختلاطه , لكنه
قد توبع . فقال سكين بن عبد العزيز , حدثني حفص بن خالد : حدثني أبي خالد بن
جابر قال : لما قتل ابن أبي طالب قام الحسن خطيبا ...‏فذكره . أخرجه البزار (
2573 ) : حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم حدثنا سكين بن عبد العزيز به . و
أخرجه أبو يعلى ( 4 / 1596 ) : حدثنا إبراهيم بن الحجاج : أخبرنا سكين به , إلا
أنه زاد في الإسناد , فقال : عن خالد بن جابر عن أبيه عن الحسن ... فزاد فيه
جابرا والد خالد . و كذا رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2 / 235 / 8634
) من طريق عبد الرحمن قال : حدثنا سكين بن عبد العزيز به . و قال الطبراني : "
لم يروه إلا سكين , تفرد به عبد الرحمن " . قلت : بل تابعه إبراهيم بن الحجاج
كما تقدم . و قال البزار : " و لا نعلم حدث به [ عن ] حفص إلا سكين , و إسناده
صالح " . كذا قال ! و حفص بن خالد بن جابر و أبوه و جده لا يعرفون , و حفص و
أبوه أوردهما ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 172 , 323 ) و لم يذكر فيهما جرحا و لا
تعديلا . و قال في حفص : " روى عن أبيه . روى عنه سكين بن عبد العزيز " . و قال
في خالد بن جابر : " روى عن الحسن بن علي , روى عنه ابنه حفص بن خالد بن جابر "
. قلت : و هذا مطابق لرواية البزار . لكن في " تاريخ البخاري " ( 1 / 2 / 362 -
363 ) : " حفص بن خالد بن جابر , سمع أباه عن جده : قال الحسن بن علي : قتل علي
ليلة نزل القرآن . سمع منه سكين بن عبد العزيز " . قلت : و هذا مطابق لرواية
أبي يعلى و " أوسط الطبراني " , فالاختلاف في إسناده قديم , و لعله من حفص هذا
, فإنه و إن وثقه ابن حبان , فهو متساهل في التوثيق كما هو معروف . و للحديث
طريق ثالث , لكنه لا يساوي فلسا , لأنه من رواية أبي الجارود عن منصور عن أبي
رزين قال : خطبنا الحسن بن علي حين أصيب أبوه و عليه عمامة سوداء فذكر نحوه .
أخرجه البزار . قلت : و أبو الجارود - و اسمه زياد بن المنذر الأعمى - قال
الحافظ : " رافضي كذبه يحيى بن معين " . و له طريق رابع , يرويه علي بن جعفر بن
محمد : حدثني الحسين بن زيد عن عمر بن علي عن أبيه علي بن الحسين قال : خطب
الحسن بن علي الناس حين قتل ...‏فذكر الحديث بتمامه , و زاد : " ثم قال : أيها
الناس ! من عرفني فقد عرفني , و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي , و أنا ابن
النبي , و أنا ابن الوصي و أنا ابن البشير و أنا ابن النذير و أنا ابن الداعي
إلى الله بإذنه , و أنا ابن السراج المنير , و أنا من أهل البيت الذي كان جبريل
ينزل إلينا و يصعد من عندنا , و أنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس و
طهرهم تطهيرا , و أنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال
تبارك و تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : *( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا
المودة في القربى و من يقترف حسنة نزد له فيها حسنا )* <1> فاقتراف الحسنة
مودتنا أهل البيت " . أخرجه الحاكم ( 3 / 172 ) , و سكت عليه . و تعقبه الذهبي
بقوله : " قلت : ليس بصحيح " . و أشار إلى أن آفته شيخ الحاكم الحسن بن محمد بن
يحيى العلوي , و قد اتهمه في " الميزان " بوضع حديث : " علي خير البشر " , و
أنكر على الخطيب تساهله في قوله فيه : " هذا حديث منكر , ليس بثابت " ! و وافقه
الحافظ في " اللسان " . قلت : و علي بن جعفر هذا , لم يوثقه أحد , بل أشار
الترمذي إلى تضعيفه , بأن استغرب حديثه بلفظ : " من أحبني و أحب هذين ... " . و
هو مخرج في الكتاب الآخر ( 3122 ) . و قال الذهبي في " الميزان " : " ما رأيت
أحدا لينه , و لا من وثقه , لكن حديثه منكر جدا , ما صححه الترمذي و لا حسنه "
.‏و قال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة . قلت : و هذه
الزيادة التي تفرد بها دون سائر الطرق منكرة جدا , و لاسيما آخرها المتعلق
بتفسير آية المودة , فإن التفسير المذكور باطل , لا يعقل أن يصدر من الحسن ابن
علي رضي الله عنه , لأن الآية مكية نزلت قبل زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما ,
و المعنى كما صح عن ابن عباس : إلا أن تصلوا قرابة ما بيني و بينكم , و ما روي
عن ابن عباس مما يخالف هذا باطل لا يصح عنه كما حققته في الكتاب الآخر برقم (
4974 ) . و جملة القول , أن حديث الترجمة حسن بطريقيه الأولين , و يمكن
الاستشهاد بالطريق الرابع أيضا . و الله أعلم .
( تنبيه ) : أورد الهيثمي في " المجمع " ( 9 / 146 ) الحديث من رواية أبي
الطفيل قال : خطبنا الحسن بن علي ...‏الحديث بطوله مثل الطريق الرابع , و فيه
الزيادة المذكورة . ثم قال الهيثمي : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير
" باختصار , و كذا أبو يعلى , و البزار بنحوه , و رواه أحمد باختصار كثير , و
إسناد أحمد , و بعض طرق البزار و الطبراني حسان " . قلت : و قد خرجت لك كل
روايات هؤلاء الأئمة و طرقها - سوى طريق أبي الطفيل , فإني لم أقف عليه بعد - و
هي كلها مختصرة كما صرح بذلك الهيثمي و ليس فيها تلك الزيادة المنكرة التي في
رواية الحاكم , فإذا عرفت هذا , يتبين لك خطأ الفقيه الهيثمي في " الصواعق " (
ص 101 ) حين قال : " و أخرج البزار و الطبراني عن الحسن رضي الله عنه من طرق
بعضها حسان أنه خطب خطبة من جملتها : من عرفني فقد عرفني ... " إلخ . و شرحه
أنه وقع على تخريج الحافظ الهيثمي المذكور , فلخصه تلخيصا سيئا , غير متنبه
لكون الخطبة بطولها مما تفرد به " أوسط " الطبراني دون الآخرين و أن التحسين
المذكور إنما هو لبعض طرقهم , و ليس منها طريق أبي الطفيل , و هذه مما سكت عنه
الهيثمي مع الأسف الشديد . ثم وقفت على إسنادها في " الأوسط " ( 2344 - بترقيمي
) , فإذا هو من رواية سلام ابن أبي عمرة عن معروف بن خربوذ عن أبي الطفيل . و
سلام هذا قال ابن حبان في " الضعفاء " ( 1 / 341 ) : " يروي عن الثقات
المقلوبات , لا يجوز الاحتجاج بخبره " .‏

-----------------------------------------------------------
[1] الشورى : الآية : 23 . اهـ .
2497 " يا معاذ ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا , [أ] و لعلك أن تمر بمسجدي
[هذا أ] و قبري " .‏

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 665 :

أخرجه أحمد ( 5 / 235 ) : حدثنا الحكم بن نافع أبو اليمان حدثنا صفوان بن عمرو
عن راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السكوني , أن # معاذا # لما بعثه النبي صلى
الله عليه وسلم خرج إلى اليمن معه النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه , و معاذ
راكب و رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته , فلما فرغ قال : فذكره .
و زاد : فبكى معاذ بن جبل جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تبك يا معاذ ! للبكاء , أو إن البكاء من
الشيطان " . و كذا رواه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 20 / 121 ) : حدثنا
أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو حدثنا أبو اليمان به . و قال أحمد : حدثنا أبو
المغيرة : حدثنا صفوان به دون قوله : " فقال : لا تبك ... " إلخ . و الزيادتان
له , و زاد في آخره : ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال : " إن أولى الناس
بي المتقون , من كانوا , و حيث كانوا " . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله كلهم
ثقات , و أبو المغيرة اسمه عبد القدوس بن الحجاج , و خالف الإمام أحمد عنه
البزار في " مسنده " فقال ( 1 / 380 - الكشف ) : حدثنا العباس بن عبد الله ,
حدثنا عبد القدوس بن الحجاج به مثل رواية أبي اليمان , إلا أنه أسقط من الإسناد
السكوني , فقال : عن راشد بن سعد عن معاذ بن جبل ...‏و قال الحافظ عقبه في "
زوائد البزار " ( ص 87 ) : " قلت : فيه انقطاع " .‏و سكت الهيثمي عن هذه العلة
, فقال في " المجمع " ( 3 / 16 ) : " رواه البزار , و رجاله ثقات " !
قلت : و إنما نسبت المخالفة إلى البزار , و ليس إلى شيخه العباس بن عبد الله
الراوي عن أبي المغيرة مباشرة لأن البزار قد تكلم فيه , بخلاف شيخه - و هو
المعروف بالترقفي - فإنه ثقة حافظ . و لأبي المغيرة عن صفوان شيخ آخر , فقال
صفوان : حدثني أبو زياد يحيى بن عبيد الغساني عن يزيد بن قطيب عن معاذ أنه كان
يقول : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال : " لعلك أن تمر
بقبري و مسجدي , قد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم , يقاتلون على الحق ( مرتين ) ,
فقاتل بمن أطاعك منهم من عصاك , ثم يفيئون إلى الإسلام , حتى تبادر المرأة
زوجها , و الولد والده , و الأخ أخاه , فانزل بين الحيين : السكون و السكاسك "
. أخرجه أحمد أيضا , و الطبراني ( 20 / 89 - 90 ) و البيهقي ( 9 / 20 ) . قال
الهيثمي ( 10 / 55 ) بعد أن عزاه للأولين : " و رجاله ثقات , إلا أن يزيد بن
قطيب لم يسمع من معاذ " .‏قلت : و هذا النفي مأخوذ من أنه روى عن أبي بحرية فقط
, لم يذكروا أنه روى عن معاذ , اللهم إلا ابن حبان , فقد أورده في التابعين من
" ثقاته " ( 5 / 544 ) , فقال : " عن معاذ , كنيته أبو بحرية " . كذا وقع فيه ,
و لعله اعتمد في جزمه بأنه روى عن معاذ على رواية أحمد هذه , فالله أعلم . و
أما قوله : " كنيته أبو بحرية " , فقد وقع ذلك في بعض نسخ " الثقات " كما ذكر
المعلق عليه , و الظاهر أنها غير صحيحة , فإن ( أبو بحرية ) كنيته عبد الله بن
قيس كما في " كنى " الدولابي و غيره , و هو شيخ يزيد هذا كما تقدم . و الله
أعلم . ( تنبيه ) : هذا الحديث استدل به الدكتور البوطي في آخر كتابه " فقه
السيرة " على شرعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم التي زعم أن ابن تيمية
ينكرها ! و نحن و إن كنا لا نخالفه في هذا الاستدلال , فإنه ظاهر , و لكنا ننبه
القراء بأن هذا الزعم باطل و افتراء على ابن تيمية رحمه الله , فإن كتبه طافحة
بالتصريح بشرعيتها , بل و توسع في بيان آدابها , و إنما ينكر ابن تيمية قصدها
بالسفر إليها , المعني بحديث : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ... " .
الحديث , كما كنت بينت ذلك و بسطت القول فيه من أقوال ابن تيمية نفسه في ردي
على البوطي المسمى : " دفاع عن الحديث النبوي " , فما معنى إصرار الدكتور على
هذه الفرية حتى الطبعة الأخيرة من كتابه ? ! الجواب عند القراء الألباء .
2498 " ألا أنبئكم بخياركم ? خياركم أطولكم أعمارا إذا سددوا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 667 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 2 / 884 ) : حدثنا الجراح بن مخلد أخبرنا سالم
بن نوح أخبرنا سهيل أخبرنا ثابت عن # أنس # قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . قلت : و هذا إسناد رجاله كلهم ثقات , غير سهيل و هو ابن أبي حزم كما في
حديث قبله عند أبي يعلى , و هو ضعيف كما جزم به الحافظ في " التقريب " . فقول
المنذري ( 4 / 135 ) ثم الهيثمي ( 10 / 203 ) : " رواه أبو يعلى بإسناد حسن " .
فهو غير حسن , إلا إن كان المراد أنه حسن لغيره , فإن له شواهد كثيرة , تقدم
بعضها برقم ( 1298 ) .
2499 " أحسنت , [ اتركها حتى تماثل ] " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 668 :

أخرجه مسلم ( 5 / 125 ) و الترمذي ( 1441 ) و ابن الجارود ( 816 ) و البيهقي (
8 / 229 ) و الطيالسي ( 1 / 300 - ترتيبه ) و عنه أحمد ( 1 / 156 ) و كذا أبو
يعلى ( ق 23 / 1 - مصورة 2 ) عن السدي عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن قال :
خطب # علي # فقال : يا أيها الناس ! أقيموا على أرقائكم الحد , من أحصن منهم و
من لم يحصن , فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت , فأمرني أن أجلدها ,
فإذا هي حديث عهد بنفاس , فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها , فذكرت ذلك للنبي صلى
الله عليه وسلم فقال : فذكره . و الزيادة لمسلم . و لها شاهد من طريق أخرى يأتي
. و قال الترمذي : " حديث حسن صحيح , و السدي اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن و هو
من التابعين , قد سمع من أنس بن مالك , و رأى حسين بن علي بن أبي طالب رضي الله
عنه " .‏قلت : و الطريق الأخرى عن عبد الأعلى بن عامر عن أبي جميلة عن علي به
نحوه بلفظ : " إذا جفت دماؤها فاجلدها و أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " .
أخرجه أبو داود ( 2 / 239 ) و البيهقي و الطيالسي و أحمد ( 1 / 89 , 136 , 145
) . قلت : و عبد الأعلى بن عامر - و هو الثعلبي - ضعيف .
2500 " ما ابتلى الله عبدا ببلاء و هو على طريقة يكرهها , إلا جعل الله ذلك البلاء
له كفارة و طهورا , ما لم ينزل ما أصابه من البلاء بغير الله , أو يدعو غير
الله في كشفه " .‏

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 5 / 669 :

أخرجه ابن أبي الدنيا في " الكفارات " ( 69 / 2 ) : حدثنا يعقوب بن عبيد أخبرنا
هشام بن عمار أخبرنا يحيى بن حمزة أخبرنا الحكم بن عبد الله أنه سمع المطلب بن
عبد الله بن حنطب المخزومي يحدث : أنه سمع أبا هريرة يحدث قال : دخلت على أم
عبد الله بنت أبي ذباب عائدا لها من شكوى فقالت : يا أبا هريرة ! إني دخلت على
# أم سلمة # أعودها من شكوى , فنظرت إلى قرحة في يدي فقالت : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره . قلت : و هذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى ,
رجاله ثقات رجال البخاري , على ضعف في هشام بن عمار غير ثلاثة منهم : الأول :
أم عبد الله بنت أبي ذباب , فإني لم أجد من ترجمها , و قد أورد الحافظ ابن حجر
في مادة ( ذباب ) من " التبصير " ( 2 / 578 ) جماعة ليست فيهم , و منهم سعد بن
أبي ذباب , و هو صحابي , و له حديث في " مسند أحمد " ( 4 / 79 ) و غيره ,
فالظاهر أنها أخته , و أنها صحابية , و يؤيد هذا رواية أبي هريرة عنها . و الله
أعلم . الثاني : الحكم بن عبد الله , الظاهر أنه ابن المطلب بن عبد الله بن
حنطب المخزومي , شيخه في هذا الإسناد , نسب إلى جده الأدنى . قال الذهبي : "
قال الدارقطني : يعتبر به . و قال أبو محمد بن حزم : لا يعرف حاله " .‏و زاد
عليه في " اللسان " : " أنه روى عنه جماعة , منهم : أخوه عبد العزيز , و محمد
بن عبد الله الشعيثي , و سعيد بن عبد العزيز الدمشقي , و يحيى بن حمزة في هذا
الإسناد , و كل هؤلاء ثقات . قال الزبير بن بكار : كان من سادة قريش و وجوهها ,
و كان من أبر الناس بأبيه , و ولاه بعض ولاة المدينة على المساعي ثم ترك ذلك و
تزهد , و لحق بـ ( منبج ) مرابطا , و ذكره ابن حبان في ( الثقات ) " .‏الثالث :
يعقوب بن عبيد , هو النهرتيري , ترجمه ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 210 ) و قال : "
سمعت منه مع أبي , و هو صدوق " . و نقله عنه الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 280
) و أقره . و الحديث أورده المنذري في " الترغيب " ( 4 / 145 - 146 ) من رواية
ابن أبي الدنيا و قال : " و أم عبد الله ابنة أبي ذئاب ( كذا ) لا أعرفها " .‏
قلت : و مع ذلك صدر الحديث بلفظ : " عن " مشيرا لتقويته , و لعل ذلك لما ذكرته
آنفا من استظهار كونها صحابية , مع شهادة القرآن للجملة الأخيرة منه , و كثرة
الشواهد لسائره , و قد مضى بعضها , فانظر مثلا الحديثين ( 2273 و 2274 ) . و
الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:37 AM
2501 " إياكم و الجلوس في الصعدات ( و في رواية : الطرق ) فإن كنتم لابد فاعلين ,
فأعطوا الطريق حقه . قيل : و ما حقه ? قال : غض البصر و رد السلام و إرشاد
الضال " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 9 :

أخرجه الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 1 / 58 ) و البزار في " مسنده " ( 2 / 425
/ 2018 ) - كشف الأستار من طريق محمد بن المثنى و يزيد بن سنان قالا : حدثنا
عبد الله بن سنان : حدثنا عبد الله بن المبارك عن جرير بن حازم عن إسحاق ابن
سويد عن ابن حجيرة عن # عمر # أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره , و
قال البزار : " لا نعلم أسنده إلا جرير , و لا عنه إلا ابن المبارك . و رواه
حماد بن زيد عن إسحاق بن سويد مرسلا " . كذا وقع فيه و قد وصله الطحاوي من طريق
حجاج بن منهال : حدثنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن سويد عن يحيى بن يعمر أن النبي
صلى الله عليه وسلم , فذكر الحديث و قال الطحاوى : " منقطع الإسناد " . قلت :
يعني أنه مرسل و هو أشبه بالصواب كما قال الدارقطني في " العلل " ( 2 / 251 ) و
إسحاق بن سويد يروي عنه كل من الحمادين , فمن الممكن أن يكون كلاهما قد روياه
عنه مرسلا , ثم لينظر هل سقط من رواية " كشف الأستار " أو ناسخه ذكر يحيى بن
يعمر ? <1> ثم إن عبد الله بن سنان - و هو الهروي - قد توبع , فقال أبو داود في
" سننه " ( 4817 ) : حدثنا الحسن بن عيسى النيسابوري : أخبرنا ابن المبارك
بإسناده عن ابن حجير العدوي قال : سمعت عمر بن الخطاب به . قلت : كذا وقع في "
السنن " ( ابن حجير ) و كذا في " تهذيب الكمال " و فروعه و في رواية البزار و
الطحاوي ( ابن حجيرة ) و كذا في ترجمة إسحاق من " الجرح و التعديل " و جزم
المعلق على " التهذيب " بأنه مصحف , و ما أرى ذلك بصواب لأن الرجل مجهول كما
جزم به المنذري في " مختصر السنن " ( 7 / 181 ) و هو معنى قول الحافظ فيه : "
مستور " . قلت فهو غير مشهور و لا يعرف إلا فى هذا الحديث , فليس من الممكن إذن
ترجيح رواية على أخرى ! و قد أخطأ في هذا الحديث الحافظ الهيثمي مرتين : الأولى
: إيراده إياه و هو في " السنن " . و الأخرى : قوله ( 8 / 62 ) : " رواه البزار
و رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سنان الهروي و هو ثقة " ذلك أن ابن حجيرة
ليس من رجال ( الصحيح ) بل هو مجهول كما تقدم . و في ظني أنه توهم أنه عبد
الرحمن بن حجيرة الخولاني أبو عبد الله المصري , فإنه من رجال مسلم و لكنه ليس
به كما سبق , و لا ذكروا له رواية عن عمر و لا في الرواة عنه إسحاق بن سويد . و
كأنه اغتر به أو اتفق أن وافقه على هذا الخطأ المعلق على " مشكل الآثار " -
الطبعة الهندية , فإنه قال : " في الخلاصة هو عبد الرحمن بن حجيرة - بضم أوله و
فتح الجيم - الأكبر أبو عبد الله الخولاني قاضى مصر " . و فيه خطأ آخر و هو
نسبته هذا التفسير لـ " الخلاصة " و ليس فيه إلا قوله : " عبد الرحمن بن حجيرة
.. " ! و الخلاصة أن علة هذا الإسناد جهالة ابن حجير هذا . لكن الحديث صحيح ,
فإنه في " الصحيحين " , و " الأدب المفرد " ( 1150 ) و أبي داود ( 4815 ) و ابن
حبان ( 594 - الإحسان ) و الطحاوي أيضا , و أحمد ( 3 / 36 ) من حديث أبي سعيد
الخدري مرفوعا نحوه , و مسلم ( 7 / 2 ) من حديث أبي طلحة رضي الله عنه دون قوله
: " و إرشاد الضال " . و زاد أبو سعيد : " و كف الأذى , و الأمر بالمعروف , و
النهي عن المنكر " . و في رواية لأحمد ( 3 / 61 ) من طريق عبد الرزاق و هذا في
" المصنف " ( 11 / 20 / 19786 ) من طريق رجل عن أبي سعيد به , لكنه ذكر مكان "
كف الأذى " : " و أرشدوا السائل " . و هو بمعنى " إرشاد الضال " . و لفظ أبي
طلحة : [ " غض البصر و رد السلام و حسن الكلام " ] . و قد جاء المعنى المشار
إليه في أحاديث أخرى عن أبي هريرة و البراء بن عازب و عبد الله بن عباس و سهل
بن حنيف . 1 - أما حديث أبي هريرة , فله طريقان : الأولى : عن العلاء بن عبد
الرحمن عن أبيه عنه : فذكره نحوه بلفظ : " إدلال السائل و رد السلام و غض
الأبصار و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر " . أخرجه البخاري في " الأدب
المفرد " ( 1049 ) . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم . و الأخرى : عن عبد
الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عنه بلفظ : " غض البصر و إرشاد ابن السبيل و
تشميت العاطس إذا حمد الله , و رد التحية " . أخرجه البخاري أيضا ( 1014 ) و
أبو داود ( 4816 ) و ابن حبان ( 595 ) . و إسناده جيد على شرط مسلم . 2 - و أما
حديث البراء فيرويه شعبة و غيره عن أبى إسحاق عنه - و لم يسمعه منه - نحوه بلفظ
: " فردوا السلام و أعينوا المظلوم و اهدوا السبيل " . أخرجه الترمذي ( 2727 )
و الدارمي ( 2 / 282 ) و ابن حبان ( 596 ) و الطحاوي أيضا , و أحمد ( 4 / 282 و
291 و 393 و 304 ) . و قال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : بل هو صحيح لشواهده
المتقدمة , و جملة : " و أعينوا المظلوم " جاءت في " الصحيحين " من طريق أخرى
عن البراء في حديث آخر له بلفظ : " أمرنا بسبع .. " الحديث , فذكرها فيهن . و
ذكر مسلم ( 6 / 135 ) في رواية له : " و إنشاد الضال " . كذا فيه , و لعله : "
و إرشاد " . 3 - و أما حديث ابن عباس فيرويه ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن
أبيه عن جده عبد الله بن عباس به , و لفظه : " فردوا السلام و غضوا البصر و
اهدوا السبيل و أعينوا على الحمولة " . أخرجه البزار ( 2019 ) و قال : " لا
نعلم لابن عباس غير هذا الطريق , و روي عن غيره بألفاظ , و لا نعلم في حديث " و
أعينوا على الحمولة " إلا في هذا , و داود ليس بالقوي في الحديث , و لا يتوهم
عليه إلا الصدق , و إنما يكتب من حديثه ما لم يروه غيره " . قلت : و ابن أبي
ليلى - و هو محمد بن عبد الرحمن - سيىء الحفظ , و به أعله الهيثمي . و هو ما
قاله - عقب ما سبق - الحافظ ابن حجر في " زوائد البزار " ( 2 / 211 ) . 4 - و
أما حديث سهل فيرويه أبو معشر : حدثنا أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري عنه نحوه
بلفظ : " قالوا : و ما حق المجالس ? قال : ذكر الله كثيرا , و أرشدوا السبيل و
غضوا الأبصار " . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 6 / 105 / 5592 ) . و أعله
الهيثمي بأبي بكر هذا فقط , فقال : " تابعي , لم أعرفه , و بقية رجاله وثقوا "
. و كأنه يشير إلى ضعف في أبي معشر من قبل حفظه , و اسمه نجيح . 5 - و أما حديث
وحشي فيرويه وحشي بن حرب بن وحشي عن أبيه عن جده بلفظ : " فردوا السلام و غضوا
من أبصاركم و اهدوا الأعمى <2> , و أعينوا المظلوم " أخرجه الطبراني أيضا ( 22
/ 138 / 367 ) . قال الهيثمي : " و رجاله ثقات , و في بعضهم ضعف " . قلت : حرب
بن وحشي لم يوثقه غير ابن حبان ( 4 / 173 ) و فيه جهالة كما بينته في " تيسير
الانتفاع " . و اعلم أن في هذه الأحاديث مجموعة طيبة من الآداب الإسلامية
الهامة بأدب الجلوس في الطرق و أفنية الدور , ينبغي على المسلمين الاهتمام بها
, و لاسيما ما كان منها من الواجبات مثل غض البصر عن النساء المأمور به في كثير
من الأحاديث الأخرى , و في قول ربنا تبارك و تعالى : *( قل للمؤمنين يغضوا من
أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون )* ( النور : 30
) . فإذا كان هذا الأمر الإلهي قد وجه مباشرة إلى ذاك الجيل الأول الأطهر
الأنور و لم يكن يومئذ ما يمكن أن يرى من النساء إلا الوجه و الكفان و من بعضهن
, كما تواترت الأحاديث بذلك كحديث الخثعمية , و حديث بنت هبيرة و غيرهما مما هو
مذكور في " جلباب المرأة " و " آداب الزفاف " . أقول : إذا لم يكن إلا هذا مما
يمكن أن يرى من النساء يومئذ , فإن مما لا شك فيه أنه يتأكد الأمر بغض النظر في
هذا الزمن الذي وجدت فيه " النساء الكاسيات العاريات " اللاتي قال فيهن النبي
صلى الله عليه وسلم : " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد .. " الحديث , و فيه :
" و نساء كاسيات عاريات , مميلات مائلات , رؤوسهن كأسنمة البخت , لا يدخلن
الجنة .. " الحديث . و قد مضى بتمامه مع تخريجه برقم ( 1326 ) . فالواجب على كل
مسلم - و بخاصة الشباب منهم - أن يغضوا من أبصارهم , و عن النظر إلى الصور
الخليعة المهيجة لنفوسهم , و المحركة لكامن شهواتهم , و أن يبادروا إلى الزواج
المبكر إحصانا لها , فإن لم يستطيعوا , فعليهم بالصوم فإنه وجاء كما قال عليه
الصلاة والسلام , و هو حديث صحيح مخرج في " الإرواء " ( 1781 ) , و لا يركنوا
إلى الإستمناء ( العادة السرية ) مكان الصيام <3> , فيكونوا كالذين قال الله
فيهم من المغضوب عليهم : *( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير )* ?! (
البقرة : 61 ) . أسأل الله تعالى أن يستعملنا و المسلمين في طاعته , و أن
يصرفنا عما لا يرضيه من معصيته , إنه سميع مجيب .

-----------------------------------------------------------
[1] ثم طبع أصل الكشف , أعني " مسند البزار " المعروف بـ " البحر الزخار " ,
فإذا هو كما في " الكشف " ليس فيه يحيى بن يعمر .
[2] كذا الأصل , و مطابق لنقل " المجمع " . و وقع في " الفتح " ( 12 / 11 ) "
الأغبياء " , و هو الأقرب لمعنى سائر الأحاديث . و الله أعلم .
[3] انظر ما سبق برقم ( 1830 ) . اهـ .
2502 " إن شئت دعوت الله لك فشفاك , و إن شئت صبرت و لا حساب عليك " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 16 :

أخرجه ابن حبان ( 708 - موارد ) و البزار ( 83 - زوائده ) و الأصبهاني في "
الترغيب " ( 59 / 1 ) و البغوي في " شرح السنة " ( رقم 1424 ) من طرق عن محمد
ابن عمرو عن أبي سلمة عن #‎أبي هريرة # قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم و بها لمم , فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يشفيني , قال :
فذكره . فقالت : بل أصبر و لا حساب علي . قلت : و هذا إسناد حسن . و سكت عنه
الحافظ ( 10 / 115 ) . و له شاهد من حديث ابن عباس نحوه , و زاد : " فقالت :
إني أتكشف , فادع الله لي أن لا أتكشف . فدعا لها " . أخرجه الشيخان و غيرهما
كابن أبي الدنيا في " المرض و الكفارات " ( 87 / 1 ) و البغوي في " شرح السنة "
( 1423 ) . و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة قال : جاءت الحمى إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقالت : ابعثني إلى آثر أهلك عندك , فبعثها إلى الأنصار , فبقيت
عليهم ستة أيام و لياليهن , فاشتد ذلك عليهم , فأتاهم في ديارهم , فشكوا ذلك
إليه , فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يدخل دارا دارا , و بيتا بيتا , يدعو لهم
بالعافية . فلما رجع تبعته امرأة منهم , فقالت : والذي بعثك بالحق إني لمن
الأنصار , و إن أبي لمن الأنصار , فادع الله لي كما دعوت للأنصار , قال : " ما
شئت , إن شئت دعوت الله أن يعافيك , و إن شئت صبرت و لك الجنة " . قالت : بل
أصبر , و لا أجعل الجنة خطرا . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 132 / 502
) من طريق عطاء بن أبي رباح عنه , و إسناده صحيح . و يبدو أن هذه قصة أخرى غير
الأولى لاختلاف المرض فيها , ففي هذه الحمى , و في تلك اللمم و هو الجنون , و
يحتمل أن تكونا واحدة , و تكون الحمى شديدة تشبه في شدتها اللمم . و الله أعلم
.
2503 " ما يصيب المؤمن من وصب و لا نصب و لا سقم و لا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر به
من سيئاته " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 17 :

أخرجه مسلم ( 8 / 16 ) و الترمذي ( 1 / 181 ) و ابن أبي الدنيا في " الكفارات "
( 69 / 1 و 76 / 1 ) و أحمد ( 3 / 4 و 24 و 61 و 81 ) من طرق عن محمد بن عمرو
بن عطاء عن عطاء بن يسار عن #‎أبي سعيد و أبي هريرة #‎أنهما سمعا رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول : فذكره , و السياق لمسلم , و ابن أبي الدنيا في رواية , و
لم يذكر الآخرون أبا هريرة في إسناده , و قال الترمذي : " إلا يكفر الله به عنه
سيئاته " , فلم يقل : " من " , و هو شاذ , تفرد به أسامة بن زيد دون سائر الطرق
, على أنه عند أحمد من طريقه بلفظ : " من خطاياه " . و هو المحفوظ . و كذلك
أخرجه البخاري في " المرض " ( 10 / 91 - فتح ) من الوجه المذكور عنهما معا ,
إلا أنه لم يذكر ( السقم ) , و قال مكانه : " هم و لا غم , حتى الشوكة يشاكها ,
إلا كفر الله بها من خطاياه " , و هو رواية لأحمد ( 2 / 202 و 335 و 3 / 18 و
48 ) . و للحديث طريق أخرى بلفظ مختصر مضى برقم ( 2410 ) . و في رواية لابن أبي
الدنيا من طريق عبيد الله بن عبد الله بن موهب : سمعت أبا هريرة يقول : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مؤمن يشاك شوكة في الدنيا و يحتسبها
إلا قص بها من خطاياه يوم القيامة " قلت : و عبيد الله هذا قال أحمد : "
أحاديثه مناكير , و لا يعرف لا هو و لا أبوه " . لكن له شاهد من حديث جابر
مرفوعا بلفظ : " ما من مؤمن و لا مؤمنة , و لا مسلم و لا مسلمة يمرض مرضا , إلا
قص الله عنه من خطاياه " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 508 ) و ابن
أبي الدنيا ( ق 87 - 88 ) و البزار ( 758 - كشف ) بإسناد صحيح رجاله ثقات رجال
مسلم غير شيخه إسحاق بن إسماعيل , و هو ثقة من شيوخ أبي داود , و قد توبع عند
أحمد ( 3 / 386 و 400 ) بلفظ : " حط الله " . و كذلك أخرجه أبو يعلى ( 2 / 611
) . و هو كذلك عند أحمد ( 3 / 346 ) من طريق أبي الزبير عن جابر به , إلا أنه
قال : " حط عنه خطيئته " . لم يقل : " من " . و كذلك رواه ابن حبان ( 696 ) من
هذا الوجه , و زاد : " كما تنحط الورقة عن الشجرة " . و أبو الزبير مدلس . و
شاهد ثان من حديث عائشة بلفظ : " لا يصيب عبدا شوكة فما فوقها إلا قاص الله عز
وجل بها من خطاياه " . أخرجه أحمد ( 6 / 185 ) بإسناد صحيح على شرط مسلم , و قد
أخرجه في " صحيحه " ( 8 / 15 ) من طريق أخرى عنها بلفظ : " إلا قص بها من
خطاياه , أو كفر بها من خطاياه " , و الشك من يزيد بن خصيفة أحد رواته .
2504 " من عاد مريضا لم يزل يخوض في الرحمة حتى يجلس , فإذا جلس اغتمس فيها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 19 :

أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 3 / 234 ) و أحمد ( 3 / 304 ) و ابن أبي
الدنيا في " الكفارات " ( 73 / 1 ) و البيهقي ( 3 / 380 ) و ابن حبان في "
صحيحه " ( 711 ) من طريق هشيم : حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم بن
ثوبان عن # جابر بن عبد الله # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره
. قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الحميد بن جعفر ,
فهو على شرط مسلم وحده . و من طريقه أخرجه البزار أيضا ( 1 / 368 / 775 - الكشف
) . و خالفه أبو معشر فقال : عن عبد الرحمن بن عبد الله الأنصارى قال : دخل أبو
بكر ابن محمد بن عمرو بن حزن على عمر بن الحكم بن ثوبان فقال : يا أبا حفص
حدثنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه اختلاف , قال : حدثني كعب
بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره نحوه . أخرجه أحمد ( 3
/ 460 ) و ابن أبي الدنيا ( 85 / 2 ) إلا أنه وقع عنده : " عبد الله بن عبد
الرحمن " على القلب . و أبو معشر اسمه نجيح السندي , و هو ضعيف , و سائر رواته
ثقات . و من هذا تعلم أن قول الهيثمي ( 2 / 297 ) تبعا للمنذري ( 4 / 164 ) :
" رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و إسناده حسن " . قلت :
فهو غير حسن لما علمت من ضعف أبي معشر مع مخالفته في إسناده . و قالا في حديث
جابر , و قد عزواه للبزار أيضا - و لم أجده في زوائده - : " و رجال أحمد رجال
الصحيح " . و للحديث شاهد من رواية أبي عمارة قيس مولى سودة بنت عمرو بن حزم عن
أبيه عن جده مرفوعا به , و زاد : " ثم إذا قام من عنده فلا يزال يخوض فيها حتى
يرجع " . أخرجه ابن أبي الدنيا ( 86 / 2 - 87 / 1 ) و العقيلي في " الضعفاء " (
ص 358 ) . و أبو عمارة هذا ضعفه البخاري جدا فقال : " فيه نظر " . و أما ابن
حبان فذكره في " الثقات " , و لعله معتمد الهيثمي في قوله بعد أن ساق الحديث (
2 / 297 ) : " رواه الطبرانى في " الكبير " و " الأوسط " , و رجاله موثقون " !
و أما المنذري فقال : " و إسناده إلى الحسن أقرب " ! و الحديث أخرجه ابن عبد
البر أيضا في " التمهيد " ( 24 / 273 ) و صححه من طريق هشيم و غيره عن عبد
الحميد بن جعفر , و خالفه خالد بن الحارث عنه في مخالفة لا تضر في صحة متنه كما
تقدم بيانه برقم ( 1929 ) , و قد قدر إعادة تخريجه هنا , و لا يخلو من فائدة .
2505 " إن الرجل يشفع للرجلين و للثلاثة و الرجل للرجل " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 21 :

أخرجه ابن خزيمة في " التوحيد " ( ص 205 ) : حدثنا إسحاق بن منصور قال : حدثنا
عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني ثابت البناني أنه سمع #‎أنس بن مالك #‎يقول :
قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره . و أخرجه البزار ( 3473 - كشف ) من
طريقين آخرين عن عبد الرزاق دون الجملة الأخيرة . قلت : و هذا إسناد صحيح على
شرط الشيخين . و أورده المنذري في " الترغيب " ( 4 / 220 ) , ثم الهيثمي في "
المجمع " ( 10 / 382 ) من رواية البزار ( 3473 - كشف الأستار ) , و قالا : " و
رجاله رجال الصحيح " . قلت : و له شاهد يرويه عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري
مرفوعا به . أخرجه ابن خزيمة ( ص 670 ) و أحمد ( 3 / 20 و 63 ) . و عطية ضعيف
كما هو معلوم .
2506 " ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار : يا رب إن عبدك
فلانا قد استجارك مني فأجره , و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا
قالت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 22 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1472 - 1473 ) و الضياء أيضا في " صفة الجنة
" ( 3 / 89 / 1 ) : حدثنا أبو خيثمة أخبرنا جرير عن يونس عن أبي حازم عن #‎أبي
هريرة #‎قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الضياء : "
هذا الحديث عندي على شرط الصحيحين " . و كذا قال المنذري قبله في " الترغيب " (
4 / 222 ) و تبعهما ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 148 ) و هو كما قالوا
, و بيان ذلك : 1 - أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي , و هو ثقة بلا خلاف ,
قيل : إنه مات في خلافة عمر بن عبد العزيز . 2 - يونس هو ابن يزيد الأيلي , قال
الذهبي : " ثقة حجة شذ ابن سعد في قوله : ليس بحجة ... " . و قال الحافظ : "
ثقة إلا أن في روايته عن الزهري وهما قليلا , و في غير الزهري خطأ " . 3 - جرير
هو ابن حازم الأزدي البصري , قال الذهبي : " أحد الأئمة الكبار الثقات , و لولا
ذكر ابن عدي له لما أوردته " . و قال الحافظ : " ثقة , لكن فى حديثه عن قتادة
ضعف , و له أوهام إذا حدث من حفظه " . قلت : و ليس هذا من حديثه عنه , و إنما
عن يونس الأيلي , و قد ذكروه في شيوخه . 4 - أبو خيثمة هو زهير بن حرب الحرشي
النسائي , ثقة اتفاقا . و قال الحافظ : " ثقة ثبت , روى عنه مسلم أكثر من ألف
حديث " . و بالجملة , فالحديث صحيح بلا ريب , و ما في بعض رواته من الكلام فهو
يسير لا يضر في صحته - كما هو ظاهر - و الله أعلم . ( فائدة ) : لقد اعتاد بعض
الناس في دمشق و غيرها التسبيع المذكور في هذا الحديث جهرا و بصوت واحد عقب
صلاة الفجر , و ذلك مما لا أعلم له أصلا في السنة المطهرة , و لا يصلح مستندا
لهم هذا الحديث لأنه مطلق , ليس مقيدا بصلاة الفجر أولا , و لا بالجماعة , و لا
يجوز تقييد ما أطلقه الشارع الحكيم , كما لا يجوز إطلاق ما قيده , إذ كل ذلك
شرع يختص به العليم الحكيم . فمن أراد العمل بهذا الحديث , فليعمل به في أي
ساعة من ليل أو نهار , قبل الصلاة , أو بعدها . و ذلك هو محض الاتباع , و
الإخلاص فيه . رزقنا الله تبارك و تعالى إياه . و أما حديث : " إذا صليت الصبح
فقل قبل أن تتكلم : " اللهم أجرني من النار " سبع مرات .. " الحديث , فهو ضعيف
كما تراه محققا في " الضعيفة " ( 1624 ) فلا تغتر بمن حسنه , فإنها زلة عالم ,
و لا بمن قلده , فإنه لا علم عنده . ثم طبع " مسند أبي يعلى " بتحقيق الأخ حسين
سليم أسد , فإذا به يضيف حديث الترجمة ! و يقول في التعليق عليه : " إسناده
ضعيف , يونس هو ابن خباب , قال يحيى بن سعيد : كان كذابا .. " . ثم أفاض في نقل
أقوال الأئمة في تضعيف يونس هذا , ثم نقل عن " مجمع الزوائد " ( 10 / 171 ) أنه
قال : " رواه البزار , و فيه يونس بن خباب , و هو ضعيف " . قلت : أصاب البزار ,
و أخطأ المعلق المشار إليه خطأ فاحشا , و خلط خلطا قبيحا بين راويين , أحدهما
ثقة , و هو يونس بن يزيد الأيلي في إسناد أبي يعلى , و الآخر واه , و هو يونس
بن خباب , و ذلك لمجرد التقائهما في الاسم و الطبقة , و إن اختلف شيوخهما و
الرواة عنهما ! و الواجب في مثل هذا التأني و التحري في شأنهما حتى يتمكن من
التعرف على شخصيتهما , و إلا وقع في الخطأ و لابد , كما حصل للمشار إليه ذلك
لأن البزار رحمه الله قد ساق الحديث بأسانيد له عن يونس بن خباب كما في " كشف
الأستار " ( 4 / 51 ) منها قوله : و حدثنا يوسف بن موسى : حدثنا جرير بن عبد
الحميد عن ليث عن يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة به . و من هذا الوجه
أخرجه أبو نعيم في " صفة الجنة " ( 1 / 9 / 68 ) من طريق أخرى عن جرير به , إلا
أنه وقع فيه : " أبي حازم بن يونس " . و أظن أن قوله : " ابن يونس " خطأ من
الناسخ أو الطابع , فإنه في " حادي الأرواح " على الصواب من الطريق نفسها . على
أن قول يونس بن خباب : " عن أبي حازم " غير محفوظ عن يونس و الظاهر أنه من
تخاليط ليث , و هو ابن أبي سليم , كان تارة يرويه هكذا , و تارة عن أبي علقمة ,
كما في رواية البزار , و هو الصواب عن يونس , لأنه كذلك هو في الطرق و الأسانيد
المشار إليها عند البزار . و يؤيده طريق أخرى عند الطيالسي في " مسنده " قال (
2579 ) : حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء قال : سمعت أبا علقمة - قال شعبة : حدثني
يونس بن خباب سمع أبا علقمة عن أبي هريرة - و لم يرفعه يعلى إلى أبي هريرة قال
: قال : " من سأل الله الجنة سبعا قالت الجنة .. " الحديث . فقد دارت الطرق
الصحيحة على يونس بن خباب عن أبي علقمة عن أبي هريرة , بينما طريق أبي يعلى
تدور على جرير بن حازم الذي لم يذكر في تلك الطرق عن يونس , فتبادر في ذهن ذلك
المعلق أن يونس في هذه الطريق هو يونس بن خباب في تلك الطرق , و ليس كذلك ,
لاحتمال أن يكون راويا آخر متابع , و هذا هو الراجح , لأن جرير ابن حازم من
المعروف من ترجمته أنه يروي عن يونس بن يزيد الأيلي كما تقدم , فهذا هو ملحظ
أولئك الحفاظ الذين صرحوا بصحة الحديث , و أنه على شرط الصحيحين . فهل خفي هذا
على ذاك المعلق فوقع في الخطأ , أم أصابه غرور بعض الشباب بما عندهم من علم ضحل
بهذا الفن الشريف ?! ذلك ما لا أدريه , و لكنني فوجئت بمعلق آخر اطلع على تصحيح
الحفاظ المشار إليهم , و هم ضياء الدين المقدسي , و المنذري , و ابن القيم , بل
و أضاف إليهم رابعا , و هو الحافظ ابن كثير ! ثم أخذ يرد عليهم بأن يونس بن
خباب ليس من رجال الشيخين , و بأنه متكلم فيه , قال : " فالإسناد ضعيف واه " !
ذلك هو المعلق على كتاب أبي نعيم المتقدم ذكره : " صفة الجنة " . لقد كان يكفي
لردع هذا الشاب عن تسرعه في الرد على أولئك الحفاظ و تخطئتهم , أن يفكر قليلا
في السبب الذي حملهم على تصحيح الحديث , إنه لو فعل ذلك لوجد أن الصواب معهم ,
و أنه هو المخطىء في مخالفتهم , و لكن المصيبة إنما هي التزبب قبل التحصرم . و
الله المستعان , و لا حول و لا قوة إلا بالله .
2507 " أما بعد يا عائشة ! فإنه قد بلغني عنك كذا و كذا , [ إنما أنت من بنات آدم ]
, فإن كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه
, فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه . و في رواية : فإن
التوبة من الذنب الندم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 26 :

أخرجه البخاري ( 8 / 363 - 364 - فتح ) و مسلم ( 8 / 116 ) و أحمد ( 6 / 196 )
و الرواية الأخرى له ( 6 / 364 ) و أبو يعلى ( 3 / 1208 و 1218 ) و الطبري في "
التفسير " ( 18 / 73 و 75 ) و البغوي ( 6 / 74 ) من حديث #‎عائشة #‎رضي الله
عنها , في حديثها الطويل عن قصة الإفك , و نزول الوحي القرآني ببراءتها في آيات
من سورة النور : *( إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم ... )* الآيات ( 11 - 20 )
, و الزيادة التي بين المعقوفتين هي لأبي عوانة في " صحيحه " , و الطبراني في "
معجمه " كما في " الفتح " ( 8 / 344 و 364 ) . و قوله : " ألممت " . قال الحافظ
: أي وقع منك على خلاف العادة , و هذا حقيقة الإلمام , و منه : ألمت بنا و
الليل مرخ مستورة . قال الداوودي : " أمرها بالاعتراف , و لم يندبها إلى
الكتمان , للفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم و غيرهن , فيجب على أزواجه
الاعتراف بما يقع منهن و لا يكتمنه إياه , لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها
ذلك بخلاف نساء الناس , فإنهن ندبن إلى الستر " . ثم تعقبه الحافظ نقلا عن
القاضي عياض فيما ادعاه من الأمر بالاعتراف , فليراجعه من شاء , لكنهم سلموا له
قوله : إنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منها ذلك . و ذلك غيرة من الله تعالى على
نبيه صلى الله عليه وسلم , و لكنه سبحانه صان السيدة عائشة رضي الله عنها و
سائر أمهات المؤمنين من ذلك كما عرف ذلك من تاريخ حياتهن , و نزول التبرئة
بخصوص السيدة عائشة رضي الله عنها , و إن كان وقوع ذلك ممكنا من الناحية
النظرية لعدم وجود نص باستحالة ذلك منهن , و لهذا كان موقف النبي صلى الله عليه
وسلم في القصة موقف المتريث المترقب نزول الوحي القاطع للشك في ذلك الذي ينبئ
عنه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الترجمة : " إنما أنت من بنات آدم , فإن
كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله .. " , و لذلك قال
الحافظ في صدد بيان ما في الحديث من الفوائد : " و فيه أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي . نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي
جمرة نفع الله به " . يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع ببراءة عائشة
رضي الله عنها إلا بعد نزول الوحي . ففيه إشعار قوي بأن الأمر في حد نفسه ممكن
الوقوع , و هو ما يدندن حوله كل حوادث القصة و كلام الشراح عليها , و لا ينافي
ذلك قول الحافظ ابن كثير ( 8 / 418 ) في تفسير قوله تعالى : *( ضرب الله مثلا
للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما
فلم يغنيا عنهما من الله شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين )* ( التحريم : 10
) . " و ليس المراد بقوله : *( فخانتاهما )* في فاحشة , بل في الدين , فإن نساء
الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور
" . و قال هناك ( 6 / 81 ) : " ثم قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله
عظيم )* , أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين , و تحسبون ذلك يسيرا سهلا
, و لو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هينا , فكيف و هي زوجة
النبي صلى الله عليه وسلم الأمي خاتم الأنبياء و سيد المرسلين , فعظيم عند الله
أن يقال في زوجة نبيه و رسوله ما قيل , فإن الله سبحانه و تعالى يغار لهذا , و
هو سبحانه لا <1> يقدر على زوجة نبي من الأنبياء ذلك , حاشا و كلا , و لما لم
يكن ذلك , فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء زوجة سيد ولد آدم على الإطلاق
في الدنيا و الآخرة , و لهذا قال تعالى : *( و تحسبونه هينا و هو عند الله عظيم
)* " . أقول : فلا ينافي هذا ما ذكرنا من الإمكان , لأن المقصود بـ " العصمة "
الواردة في كلامه رحمه الله و ما في معناها إنما هي العصمة التي دل عليها الوحي
الذي لولاه لوجب البقاء على الأصل , و هو الإمكان المشار إليه , فهي بالمعنى
الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : " فالمعصوم من عصمه الله " في
حديث أخرجه البخاري و غيره , و ليس المراد بها العصمة الخاصة بالأنبياء عليهم
الصلاة و السلام , و هي التي تنافي الإمكان المذكور , فالقول بهذه في غير
الأنبياء إنما هو من القول على الله بغير علم , و هذا ما صرح به أبو بكر الصديق
نفسه في هذه القصة خلافا لهواه كأب , فقد أخرج البزار بسند صحيح عن عائشة رضي
الله عنها أنه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رضي الله عنها رأسها , فقالت : ألا
عذرتني ? فقال : أي سماء تظلني , و أي أرض تقلني إن قلت ما لا أعلم ?! <2> و
هذا هو الموقف الذي يجب على كل مسلم أن يقفه تجاه كل مسألة لم يأت الشرع الحنيف
بما يوافق هوى الرجل , و لا يتخذ إلهه هواه .
و اعلم أن الذي دعاني إلى كتابة ما تقدم , أن رجلا عاش برهة طويلة مع إخواننا
السلفيين في حلب , بل إنه كان رئيسا عليهم بعض الوقت , ثم أحدث فيهم حدثا دون
برهان من الله و رسوله , و هو أن دعاهم إلى القول بعصمة نساء النبي صلى الله
عليه وسلم و أهل بيته و ذريته من الوقوع في الفاحشة , و لما ناقشه في ذلك أحد
إخوانه هناك , و قال له : لعلك تعني عصمتهن التي دل عليها تاريخ حياتهن , فهن
في ذلك كالخلفاء الأربعة و غيرهم من الصحابة المشهورين , المنزهين منها و من
غيرها من الكبائر ? فقال : لا , إنما أريد شيئا زائدا على ذلك و هو عصمتهن التي
دل عليها الشرع , و أخبر عنها دون غيرها مما يشترك فيها كل صالح و صالحة , أي
العصمة التي تعني مقدما استحالة الوقوع ! و لما قيل له : هذا أمر غيبي لا يجوز
القول به إلا بدليل , بل هو مخالف لما دلت عليه قصة الإفك , و موقف الرسول و
أبي بكر الصديق فيها , فإنه يدل دلالة صريحة أنه صلى الله عليه وسلم كان لا
يعتقد في عائشة العصمة المذكورة , كيف و هو يقول لها : إنما أنت من بنات آدم ,
فإن كنت بريئة فسيبرئك الله , و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ... الحديث :
فأجاب بأن ذلك كان من قبل نزول آية الأحزاب 33 : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* ! جاهلا أو متجاهلا أن الآية المذكورة نزلت
قبل قصة الإفك , بدليل قول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها عن صفوان بن
المعطل السلمي : " فعرفني حين رآني , و كان يراني قبل الحجاب " , و فيه أنها
احتجبت منه . و دليل آخر , و هو ما بينه الحافظ رحمه الله بقوله ( 8 / 351 ) :
" و لا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ,
و في حديث الإفك : أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب عنها . فثبت أن الحجاب
كان قبل قصة الإفك " . ثم اشتدت المجادلة بينهما في ذلك حتى أرسل إلي أحد
الإخوان الغيورين الحريصين على وحدة الصف خطابا يشرح لي الأمر , و يستعجلني
بالسفر إليهم , قبل أن يتفاقم الأمر , و ينفرط عقد الجماعة . فسافرت بالطائرة -
و لأول مرة - إلى حلب , و معي اثنان من الإخوان , و أتينا الرجل في منزله , و
اقترحت عليهما أن يكون الغداء عنده تألفا له , فاستحسنا ذلك . و بعد الغداء
بدأنا بمناقشته فيما أحدثه من القول , و استمر النقاش معه إلى ما بعد صلاة
العشاء , و لكن عبثا , فقد كان مستسلما لرأيه , شأنه في ذلك شأن المتعصبة الذين
يدافعون عن آرائهم دون أي اهتمام للأدلة المخالفة لهم , بل لقد زاد هذا عليهم
فصرح في المجلس بتكفير من يخالفه في قوله المذكور , إلا أنه تنازل - بعد جهد
جهيد - عن التكفير المشار إليه , و اكتفى بالتصريح بتضليل المخالف أيا كان ! و
لما يئسنا منه قلنا له : إن فرضك على غيرك أن يتبنى رأيك و هو غير مقتنع به ,
ينافي أصلا من أصول الدعوة السلفية , و هو أن الحاكمية لله وحده , و ذكرناه
بقوله تعالى في النصارى : *( اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله )* ,
و لهذا فحسبك أن يظل كل منكما عند رأيه , ما دام أن أحدكما لم يقنع برأي الآخر
, و لا تضلله , كما هو لا يضللك , و بذلك يمكنك أن تستمر في التعاون معه فيما
أنتما متفقان عليه من أصول الدعوة و فروعها . فأصر على فرض رأيه عليه و إلا فلا
تعاون , علما بأن هذا الذي يريد أن يفرض عليه رأيه هو أعرف منه و أفقه بالدعوة
السلفية أصولا و فروعا , و إن كان ذاك أكثر ثقافة عامة منه . و صباح اليوم
التالي بلغنا إخوانه المقربين إليه بخلاصة المناقشة , و أن الرجل لا يزال مصرا
على التضليل و عدم التعاون إلا بالخضوع لرأيه . فأجمعوا أمرهم على عزله , و لكن
بعد مناقشته أيضا , فذهبوا إليه في بيته - بعد استئذانه طبعا - و أنا معهم , و
صاحباي فطلبوا منه التنازل عن إصراره و أن يدع الرجل على رأيه , و أن يستمر
معهم في التعاون , فرفض ذلك , و بعد مناقشة شديدة بينه و بين مخالفه في الرأي و
غيره من إخوانه , خرج فيها الرجل عن طوره حتى قال لمخالفه لما ذكره بالله : أنا
لا أريد أن تذكرني أنت بالله ! إلى غير ذلك من الأمور التي لا مجال لذكرها الآن
, و على ضوء ما سمعوا من إصراره , و رأوا من سوء تصرفه مع ضيوفه اتفقوا على
عزله , و نصبوا غيره رئيسا عليهم . ثم أخذت الأيام تمضي , و الأخبار عنه تترى
بأنه ينال من خصمه و يصفه بما ليس فيه , فلما تيقنت إصراره على رأيه و تقوله
عليه , و هو يعرف نزاهته و إخلاصه قرابة ثلاثين سنة , أعلنت مقاطعته حتى يعود
إلى رشده , فكان كلما لقيني و هش إلي و بش أعرضت عنه . و يحكي للناس شاكيا
إعراضي عنه متجاهلا فعلته , و أكثر الناس لا يعلمون بها , في الوقت الذي يتظاهر
فيه بمدحي و الثناء علي و أنه تلميذي ! إلى أن فوجئت به في منزل أحد السلفيين
في عمان في دعوة غداء في منتصف جمادى الأولى لسنة ( 1396 ) فسارع إلى استقبالي
كعادته , فأعرضت عنه كعادتي , و على المائدة حاول أن يستدرجني إلى مكالمته
بسؤاله إياي عن بعض الشخصيات العلمية التي لقيتها في سفري إلى ( المغرب ) , و
كنت حديث عهد بالرجوع منه , فقلت له : لا كلام بيني و بينك حتى تنهي مشكلتك !
قال : أي مشكلة ? قلت : أنت أدرى بها , فلم يستطع أن يكمل طعامه . فقصصت على
الإخوان الحاضرين قصته , و تعصبه لرأيه , و ظلمه لأخيه المخالف له , و اقترحت
عقد جلسة خاصة ليسمعوا من الطرفين . و كان ذلك بعد يومين من ذلك اللقاء , فبعد
أن انصرف الناس جميعا من الندوة التي كنت عقدتها في دار أحدهم في ( جبل النصر )
و بقي بعض الخاصة من الإخوان , بدأ النقاش , فإذا بهم يسمعون منه كلاما عجبا ,
و تناقضا غريبا , فهو من جهة يشكوني إليهم لمقاطعتي إياه , و أنه يهش إلي و يبش
, و يتفاخر في المجالس بأني شيخه , و من جهة أخرى لما يجري البحث العلمي بيني و
بينه يصرح بتضليلي أيضا و بمقاطعتي ! فيقول له الإخوان : كيف هذا , و أنت تشكو
مقاطعته إياك ?! فلا يجيب على سؤالهم , و إنما يخوض في جانب آخر من الموضوع . و
باختصار فقد انكشف للحاضرين إعجابه برأيه و إصراره عليه , و تعديه على من يزعم
أنه شيخه و جزمه بضلاله , و الله المستعان . فإذا قيل له : رأيك هذا هو وحي
السماء , ألا يمكن أن يكون خطأ ? قال : بلى , فإذا قيل له : فكيف تجزم بضلال
مخالفك مع احتمال أن يكون الصواب معه ? لم يحر جوابا , و إنما يعود ليجادل بصوت
مرتفع , فإذا ذكر بذلك قال : عدم المؤاخذة , لقد قلت لكم : هذه عادتي ! فلا
تؤاخذوني ! فطالبه بعض الحاضرين بالدليل على العصمة التي يزعمها , فتلى آية
التطهير : *( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا )* ,
فقيل له : الإرادة في هذه الآية شرعية أم كونية , فأجاب : كونية ! فقيل له :
هذا يستلزم أن أولاد فاطمة أيضا معصومون ! قال : نعم . قيل و أولاد أولادها ?
فصاح و فر من الجواب . و واضح من كلامه أنه يقول بعصمة أهل البيت جميعا إلى يوم
يبعثون , و لكنه لا يفصح بذلك لقبحه . فقام صاحب الدار و أتى برسالة لشيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله , و قرأ منها فصلا هاما في بيان الفرق بين الإرادة
الشرعية و الإرادة الكونية , فالأولى محبته تعالى و رضاه لما أراده من الإيمان
و العمل الصالح , و لا تستلزم وقوع المراد , بخلاف الإرادة الكونية , فهي
تستلزم وقوع ما أراده تعالى , و لكنها عامة تشمل الخير و الشر , كما في قوله
تعالى : *( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )* ( يس : 82 ) , فعلى
هذا , فإذا كانت الإرادة في آية التطهير إرادة شرعية فهي لا تستلزم وقوع المراد
من التطهير , و إنما محبته تعالى لأهل البيت أن يتطهروا , بخلاف ما لو كانت
إرادة كونية فمعنى ذلك أن تطهيرهم أمر كائن لابد منه , و هو متمسك الشيعة في
قولهم بعصمة أهل البيت , و قد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
ضلالهم في ذلك بيانا شافيا في مواطن عديدة من كتابه " منهاج السنة " , فلا بأس
من أن أنقل إلى القراء الكرام طرفا منه لصلته الوثيقة بما نحن فيه , فقال في
صدد رده على الشيعي المدعي عصمة علي رضي الله عنه بالآية السابقة : " و أما آية
( الأحزاب 33 ) : *( و يطهركم تطهيرا )* فليس فيها إخبار بذهاب الرجس و
بالطهارة , بل فيها الأمر لهم بما يوجبهما , و ذلك كقوله تعالى ( المائدة 6 ) :
*( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم )* , و النساء : 26 ) :
*( يريد الله ليبين لكم و يهديكم )* , و ( النساء : 28 ) : *( يريد الله أن
يخفف عنكم )* . فالإرادة هنا متضمنة للأمر و المحبة و الرضا ليست هي الملتزمة
لوقوع المراد , و لو كان كذلك لتطهر كل من أراد الله طهارته . و هذا على قول
شيعة زماننا أوجه , فإنهم معتزلة يقولون : إن الله يريد ما لا يكون , فقوله
تعالى : *( يريد الله ليذهب عنكم الرجس )* إذا كان بفعل المأمور و ترك المحظور
, كان ذلك متعلقا بإرادتهم و بأفعالهم , فإن فعلوا ما أمروا به طهروا . و مما
يبين أن ذلك مما أمروا به لا مما أخبر بوقوعه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدار
الكساء على علي و فاطمة و الحسن و الحسين ثم قال : " اللهم هؤلاء أهل بيتي
فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا " . رواه مسلم من حديث عائشة . و رواه أهل
السنن من حديث أم سلمة , و فيه دليل على أنه تعالى قادرا على إذهاب الرجس و
التطهير , و أنه خالق أفعال العباد , ردا على المعتزلي . و مما يبين أن الآية
متضمنة للأمر و النهي قوله في سياق الكلام : *( يا نساء النبي من يأت منكن
بفاحشة مبينه - إلى قوله - و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى , و أقمن الصلاة و
آتين الزكاة و أطعن الله و رسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و
يطهركم تطهيرا . و اذكرن ما يتلى في بيوتكن )* ( الأحزاب 30 - 34 ) , فهذا
السياق يدل على أن ذلك أمر و نهي , و أن الزوجات من أهل البيت , فإن السياق
إنما هو في مخاطبتهن و يدل الضمير المذكر على أنه عم غير زوجاته كعلي و فاطمة و
ابنيهما " <3> . و قال في " مجموعة الفتاوى " ( 11 / 267 ) عقب آية التطهير : "
و المعنى أنه أمركم بما يذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا , فمن أطاع
أمره كان مطهرا قد أذهب عنه الرجس بخلاف من عصاه " . و قال المحقق الآلوسي في
تفسير الآية المذكورة بعد أن ذكر معنى ما تقدم عن ابن تيمية ( 7 / 47 - بولاق )
: " و بالجملة لو كانت إفادة معنى العصمة مقصودة لقيل هكذا : إن الله أذهب عنكم
الرجس أهل البيت و طهركم تطهيرا . و أيضا لو كانت مفيدة للعصمة ينبغي أن يكون
الصحابة لاسيما الحاضرين في غزوة بدر قاطبة معصومين لقوله تعالى فيهم : *( و
لكن يريد ليطهركم و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )* , بل لعل هذا أفيد لما
فيه من قوله سبحانه : *( و ليتم نعمته عليكم )* , فإن وقوع هذا الإتمام لا
يتصور بدون الحفظ عن المعاصي و شر الشيطان " . و للبحث عنده تتمة لا يخرج
مضمونه عما تقدم , و لكن فيه تأكيد له , فمن شاء فليراجعه . فأقول : لقد أطلت
الكلام في مسألة العصمة المزعومة , لأهميتها و لصلتها الوثقى بحديث عائشة رضي
الله عنها . و تذكيرا للأخر المشار إليه لعله يجد فيما كتبت ما ينير له سبيل
الهداية , و العودة لمواصلة أخيه , راجعا عن إضلاله , و للتاريخ و العبرة أخيرا
. ثم توفي الرجل بعد كتابه هذا بسنين طويلة إلى رحمة الله و مغفرته , و معذرة
إلى بعض الإخوان الذين قد يرون في هذا النقد العلمي و فيما يأتي ما لا يروق لهم
, فأذكرهم بأن العلم الذي عشته دهري هو الذي لا يسعني مخالفته , و ما قول
البخاري و سليمان بن حرب الآتي تحت رقم 2630 في ( حرب بن ميمون ) : " هو أكذب
الخلق " - و ذلك بعد موته - عنهم ببعيد .

-----------------------------------------------------------
[1] كذا الأصل , و لعل الصواب " لم " كما يدل عليه قوله الآتي : " و لما لم يكن
ذلك ... " .
[2] كذا في " روح المعاني " للآلوسي ( 6 / 38 ) و عزاه الحافظ في " الفتح " ( 8
/ 366 ) للطبري و أبي عوانة .
[3] " المنتقى من منهاج الاعتدال في نقض كلام أهل الرفض و الاعتزال " ( ص 168 )
, و راجع منه ( ص 84 , 427 - 428 و 446 - 448 و 473 و 551 ) . اهـ .
2508 " إن فرعون أوتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها و رجليها , فكان إذا تفرقوا عنها
ظللتها الملائكة , فقالت : *( رب ابن لي عندك بيتا في الجنة و نجني من فرعون
و عمله و نجني من القوم الظالمين )* , فكشف لها عن بيتها في الجنة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 35 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1521 - 1522 ) : حدثنا هدبة أخبرنا حماد بن
سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن #‎أبي هريرة #‎أن فرعون ... إلخ . هكذا وقع فيه
موقوفا عليه غير مرفوع , و هو في حكم المرفوع , لأنه لا يقال بمجرد الرأي , مع
احتمال كونه من الإسرائيليات . قلت : و إسناده صحيح على شرط مسلم , و قد أورده
السيوطي في " الدر المنثور " ( 6 / 245 ) موقوفا أيضا , و قال : " أخرجه أبو
يعلى و البيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة " . ثم عزاه لعبد بن حميد عن أبي هريرة
موقوفا أيضا نحوه . و قال الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " ( 3 / 390 ) :
" صحيح موقوف " . و قال الهيثمي ( 9 / 218 ) : " و رجاله رجال الصحيح " . و له
شاهد من حديث سلمان رضي الله عنه قال : كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس , فإذا
انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها , و كانت ترى بيتها في الجنة . أخرجه
الطبري في " تفسيره " ( 28 / 110 ) و الحاكم ( 2 / 496 ) و قال : " صحيح على
شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي , و هو كما قالا . و عزاه السيوطي لابن أبي
شيبة أيضا و عبد بن حميد و ابن المنذر و البيهقي في " شعب الإيمان " . قلت : ثم
طبع " شعب الإيمان " هذا , فرأيته قد أخرجه ( 2 / 244 / 1637 ) من طريقين عن
يزيد بن هارون : أنبأنا سليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان به موقوفا أيضا .
و إسناده صحيح . ثم أخرج ( 1638 ) من طريق معمر عن ثابت عن أبي رافع قال : "
وتد فرعون لامرأته أربعة أوتاد . ثم حمل على بطنها رحى عظيمة حتى ماتت " . و
هذا صحيح . لكنه مع وقفه مرسل .
2509 " لو كان في هذا المسجد مائة [ ألف ] أو يزيدون , و فيه رجل من أهل النار فتنفس
فأصابهم نفسه لاحترق المسجد و من فيه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 37 :

أخرجه البزار ( 3499 ) و أبو يعلى في " المسند " ( 4 / 1573 - 1574 ) و ابن أبي
الدنيا في " صفة النار " ( ق 8 / 2 ) و أبو نعيم في " الحلية " ( 4 / 307 ) و
السياق له من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل : قال : حدثنا أبو عبيدة الحداد : قال
: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن شبيب عن جعفر بن أبي وحشية عن سعيد بن جبير عن
# أبي هريرة #‎قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم , فذكره . و قال أبو
نعيم : " غريب من حديث سعيد , تفرد به أبو عبيدة عن هشام " .
قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير محمد بن شبيب , و
هو الزهراني , ترجمه ابن أبي حاتم , فقال ( 3 / 2 / 285 ) : " روى عن الحسن و
عبد الملك بن عمير , روى عنه هشام الدستوائي و هشام بن حسان و حماد بن زيد ,
ذكر أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال : محمد بن شبيب الزهراني
ثقة " .
و سمع منه شعبة أيضا كما في " تاريخ البخاري " ( 1 / 1 / 114 ) .
و جهله ابن الجوزي و غيره , فأورده الذهبي في " الميزان " , فقال : " محمد بن
شبيب قال ابن الجوزي : مجهول . ثم ساق له في " الواهيات " حديثا , و هو : هشام
بن حسان عن محمد بن شبيب ... ( فذكره ) . قال أحمد بن حنبل : هذا حديث منكر " .
قلت : و من الغريب أن الذهبي لم يتنبه أنه الزهراني المترجم عند البخاري و ابن
أبي حاتم , و قد يقال أنه تنبه لذلك و لكنه يرى أنه غيره . فأقول : فكان الواجب
الذي يقتضيه هذا العلم أن ينبه على ذلك , على النحو الذي صنعه الحافظ ابن حجر ,
و لو أنه لم يصب الهدف , فإنه عقب عليه في " اللسان " بقوله : " و محمد بن شبيب
المذكور هو محمد بن عيسى بن شبيب النهدي , فنسب إلى جده , و له ترجمة في (
الكامل ) " . قلت : ففاته أيضا أنه الزهراني , أو أن ينبه أنه غيره على الأقل .
على أنني لم أجد في ترجمة من اسمه ( محمد ) من " الكامل " لابن عدي من اسم جده
" شبيب النهدي " . و الله أعلم .
و الحديث قال المنذري ( 4 / 227 ) : " رواه أبو يعلى و إسناده حسن , و في متنه
نكارة , و رواه البزار و لفظه .. " .
و قال الهيثمي ( 10 / 391 ) : " رواه أبو يعلى عن شيخه إسحاق , و لم ينسبه ,
فإن كان ابن راهويه فرجاله رجال الصحيح , و إن كان غيره فلم أعرفه " .
قلت : بل هو غيره قطعا , فقد ساق له حديثا قبل هذا , و حديثا آخر قبلهما , و قد
سماه فيه فقال : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل : حدثني ... فإذا قال بعده : حدثنا
إسحاق ... و لم ينسبه فهو الذى قبله يقينا , فلا أدري كيف لم يتنبه الهيثمي
لهذا , فإن مثله لا يخفى عليه مثله ! و قد ازددت بذلك يقينا حين رأيت أبا نعيم
قد نسبه في روايته كما سبق , و سماه ابن أبي الدنيا إسحاق بن إبراهيم , و هو هو
و كنيته أبو يعقوب المروزي , و هو ثقة .
و أما قوله : " فرجاله رجال الصحيح " , فوهم أيضا لما عرفت من ترجمة محمد بن
شبيب , و أنه ليس من رجال " التهذيب " , و لعله توهم أنه محمد بن سيرين , فقد
وقع كذلك عند البزار في " مسنده " ( ص 315 - زوائده ) من طريق عبد الرحيم بن
هارون الغساني عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن جعفر بن أبي وحشية به نحوه
و عبد الرحيم هذا ضعيف كذبه الدارقطني كما في " التقريب "‏و قوله : . " محمد بن
سيرين " يحتمل أنه فيه فيدل على ضعفه لمخالفته أبا عبيدة الحداد الثقة , و
يحتمل أنه من الناسخ , و يؤيد الأول قول الهيثمي : " رواه البزار , و فيه عبد
الرحيم بن هارون , و هو ضعيف , و ذكره ابن حبان في " الثقات " , و قال : يعتبر
حديثه إذا حدث من كتابه , فإن في حديثه من حفظه بعض مناكير , و بقية رجاله رجال
الصحيح " . فإن قوله : " ... رجال الصحيح " , يشعر بأنه وقع في نسخته أيضا :
محمد بن سيرين . لكن يحتمل أنه وهم فيه أيضا كما وهم في إسناد أبي يعلى . فالله
سبحانه و تعالى أعلم . هذا و لم يتبين لي وجه النكارة التي ذكر المنذري , و
حكاها ابن الجوزي عن الإمام أحمد , و نحن على الصحة التي تقتضيها صحة الإسناد ,
لا نخرج عنها إلا بحجة بينة , و يعجبني بهذه المناسبة كلمة رائعة وقفت عليها في
" سير أعلام النبلاء " للذهبي ( 9 / 188 ) : " قال يحيى بن سعيد ( و هو القطان
الإمام ) : لا تنظروا إلى الحديث , و لكن انظروا إلى الإسناد , فإن صح الإسناد
, و إلا فلا تغتروا بالحديث إذا لم يصح الإسناد " . و الله تعالى هو الموفق .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:38 AM
2510 " إنكم اليوم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه من ترك عشر ما يعرف فقد هوى , و
يأتي من بعد زمان كثير خطباؤه قليل علماؤه من استمسك بعشر ما يعرف فقد نجا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 40 :

أخرجه الهروي في " ذم الكلام " ( 1 / 14 - 15 ) من طريقين عن محمد بن طفر بن
منصور حدثنا محمد بن معاذ حدثنا علي بن خشرم حدثنا عيسى بن يونس عن الحجاج بن
أبي زياد عن أبي الصديق أو أبي نضرة - شك الحجاج - عن #‎أبي ذر #‎مرفوعا به .
قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير محمد بن طفر هذا , فإني
لم أجد له حتى الآن ترجمة , و هو الذي كان حال بيني و بين تصحيح الحديث لما
خرجت حديث أبي هريرة بنحوه في " الضعيفة " ( 684 ) , ثم وجدت أنه لم يتفرد به ,
فلم أر من الأمانة العلمية إلا تصحيحه , فقد قال البخاري في ترجمة الحجاج ابن
أبي زياد الأسود ( 1 / 2 / 374 ) : " قال إبراهيم بن موسى : أخبرنا عيسى بن
يونس ... ( قلت : فساق إسناده مثله و الطرف الأول من متنه , ثم قال : ) و قال
إسحاق : حدثنا المؤمل سمع حماد بن سلمة سمع حجاج الأسود يحدث ثابتا عن أبي
الصديق عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم في زمان من ترك -
نحوه " . قلت : و هذا وصله أحمد في " المسند " ( 5 / 155 ) : حدثنا مؤمل :
حدثنا حماد : حدثنا حجاج الأسود - قال مؤمل : و كان رجلا صالحا - قال : سمعت
أبا الصديق يحدث ثابتا البناني عن رجل عن أبي ذر به . قلت : فزاد أحمد في
إسناده : " عن رجل " , فأفسده , و به أعله الهيثمي ( 1 / 127 ) , فقال : " رواه
أحمد , و فيه رجل لم يسم " . قلت : و عندي أن هذه الزيادة هي من مؤمل , و هو
ابن إسماعيل البصري , فإنه سيىء الحفظ كما في " التقريب " , فكان يضطرب فيها ,
فيذكرها تارة فحفظها عن أحمد , و لا يذكرها تارة كما في رواية إسحاق المتقدمة
عنه , و إسحاق هو ابن راهويه الإمام , و هذا هو الصواب لموافقتها لرواية عيسى
بن يونس , و لا اختلاف فيها كما رأيت , فقد اتفق عليها علي بن خشرم و إبراهيم
بن موسى - و هو أبو إسحاق الفراء - و كلاهما ثقة من رجال الشيخين , و من ذلك
يتبين أن الحديث صحيح الإسناد رجاله كلهم ثقات غير الحجاج بن أبي زياد , و هو
ثقة كما قال أحمد و ابن معين , ثم الذهبي في " تلخيص المستدرك " ( 4 / 332 ) و
ترجم له في " الميزان " ترجمة مختصرة مخلة , خلافا للحافظ في " اللسان " ,
فراجعه , و هو راوي حديث " الأنبياء أحياء في قبورهم " المتقدم ( 621 ) , فانظر
ترجمته ثم . و أما تردد الحجاج بين أبي نضرة و أبي الصديق , فمما لا يضر في صحة
السند لأنه تردد بين ثقتين , فتنبه . و قد روي الحديث بنحوه من حديث عبد الله
بن سيد مرفوعا بسند ضعيف , و من حديث عبد الله بن مسعود موقوفا بسند صحيح , و
سيأتي تخريجه برقم ( 3189 ) .
2511 " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام : ما لي لم أر ميكائيل
ضاحكا قط ? قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 739 :

أخرجه الروياني في " مسنده " ( ق 247 / 2 ) : أخبرنا محمد بن بشار أخبرنا يحيى
بن سعيد القطان أخبرنا ثور بن يزيد عن عبد الرحمن بن عائذ عن مجاهد عن # ابن
عمر # عن النبي صلى الله عليه وسلم - و ربما لم يرفعه - قال : فذكره . قلت : و
هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال البخاري غير عبد الرحمن بن عائذ , و هو ثقة
كما في " التقريب " . و الحديث أخرجه الحاكم ( 2 / 80 - 81 ) و عنه البيهقي ( 9
/ 149 ) من طريق مسدد : حدثنا يحيى بن سعيد به إلا أنه لم يقل : " و ربما لم
يرفعه " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " ! و وافقه الذهبي ! و ذلك
من أوهامهما لما تقدم من الاستثناء , و قد أقره المنذري أيضا ( 2 / 154 ) ! ثم
قال الحاكم : " و قد أوقفه وكيع بن الجراح عن ثور , و في يحيى بن سعيد قدوة " .
قلت : و هو كما قال , لكن يحيى قد ذكر أن الراوي - و لعله ابن عمر أو من دونه -
كان ربما لم يرفعه , و ذلك مما لا يضر لأن الراوي قد لا ينشط أحيانا فيوقفه , و
لأنه لا يقال من قبل الرأي كما هو ظاهر . ( تنبيه ) : " حارس الحرس " كذا وقع
في " المسند " و في المصدرين الآخرين : " حارس حرس " و لعله الصواب , فإنه كذلك
في " مصنف ابن أبي شيبة " ( 5 / 296 ) : حدثنا وكيع أخبرنا ثور به موقوفا . و
كذا هو في " الترغيب " . و الله أعلم .
2512 " ما من أحد يموت سقطا و لا هرما - و إنما الناس فيما بين ذلك - إلا بعث ابن
ثلاثين سنة , فإن كان من أهل الجنة كان على نسحة آدم , و صورة يوسف , و قلب
أيوب , و من كان من أهل النار عظموا , أو فخموا كالجبال " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 740 :

أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 302 / 1 ) : حدثنا هيثم بن خالد حدثنا عبد
الكبير بن المعافى : حدثنا هشيم عن عبيدة عن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد الله
الهاشمي عن # عبد الله بن عكيم # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . و قال : " لم يروه عن عبيدة إلا هشيم , تفرد به عبد الكبير به المعافى
" . قلت : قال ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 63 ) : " سمع منه أبي و روى عنه و قال :
و كان ثقة رضا , كان يعد من الأبدال " . قلت : و إنما العلة ممن فوقه , فهشيم -
و هو ابن بشير الواسطي - مع كونه ثقة ثبتا , فهو كثير التدليس كما في " التقريب
" . و شيخه عبيدة - و هو ابن معتب الضبي - , قال الذهبي في " الضعفاء " : " قال
أحمد : تركوا حديثه " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 1 / 218 ) : " و
فيه عبيدة بن معتب و قد أجمعوا على ضعفه " . و عبد الله بن عبيد الله الهاشمي
هو من طبقة عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي و هو ثقة من
رجال الشيخين , لكنهم لم يذكروا له رواية عن عبد الله بن عكيم و لا ذكروا
إبراهيم - و هو النخعي - في الرواة عنه . و هيثم بن خالد و هو المصيصي أورده
الذهبي في " الضعفاء " و قال : " قال الدارقطني : ضعيف " . و أقره الحافظ في "
التهذيب " و جزم بضعفه في " التقريب " . لكن قد رواه شبيب بن سعيد عن شعبة عن
الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال : جاءنا كتاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم و نحن في أرض جهينة : " إني كنت رخصت لكم في إهاب
الميتة و عصبها , فلا تنتفعوا بعصب و لا إهاب " . أخرجه ابن عدي في ترجمة شبيب
هذا من " الكامل " ( 4 / 1347 ) و الطبراني أيضا كما في " التلخيص الحبير " ( 1
/ 47 ) و قال : " إسناده ثقات , و تابعه فضالة بن المفضل عند الطبراني في (
الأوسط ) " . قلت : فضالة لفظ حديثه يختلف عن هذا فإنه بلفظ : " إني كنت رخصت
لكم في جلود الميتة , فلا تنتفعوا من الميتة بجلد و لا عصب " . فذكر الجلد في
الموضعين مكان الإهاب و المحفوظ ( الإهاب ) و هو الجلد قبل الدبغ , هكذا رواه
جماعة عن شعبة به , و هو مخرج في " الإرواء " ( رقم 38 ) . و فضالة بن مفضل قال
ابن أبي حاتم ( 3 / 2 / 79 ) عن أبيه : " لم يكن بأهل أن يكتب عنه العلم , سألت
عنه سعيد بن عيسى بن تليد ? فثبطني عنه , و قال : الحديث الذي يحدث به موضوع أو
نحو هذا " . و اعلم أن حديث ابن عكيم هذا قد اختلف العلماء فيه رواية و دراية :
و أما رواية , فقد أعله بعضهم بالإرسال و الاضطراب , و هو مردود لأنه إن سلم به
بالنظر لبعض الطرق , فهو غير مسلم بالنسبة للطرق الأخرى كما كنت بينته في
المصدر المذكور آنفا و لذلك قواه بعض المتقدمين و منهم الإمام أحمد رحمه الله
تعالى , فقال ابنه صالح في " مسائله " ( ص 160 ) : " قال أبي : الله قد حرم
الميتة , فالجلد هو من الميتة , و أذهب إلى حديث ابن عكيم , أرجو أن يكون صحيحا
: لا تنتفعوا من الميتة بإهاب و لا عصب " . قال أحمد : " و ليس عندي في دباغ
الميتة حديث صحيح , و حديث ابن عكيم هو أصحها " ! كذا قال رحمه الله , مع أنه
قد ورد في الدباغ خمسة عشر حديثا ساقها الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 1 / 54 )
بعضها في " الصحيحين " و هي مخرجة في " غاية المرام " ( 25 - 29 ) . و أما
الدراية فقد اختلف العلماء في كون الدباغ مطهرا أم لا ? و الجمهور على الأول ,
و اختلفوا في الجواب عن حديث الترجمة , و أصح ما قيل إن الإهاب هو الجلد الذي
لم يدبغ , فهو المنهي عنه , فإذا دبغ فقد طهر . و من شاء التفصيل فليراجع " نيل
الأوطار " و غيره .
2513 " أعطيت الكوثر , فإذا هو نهر يجري [ كذا على وجه الأرض ] و لم يشق شقا , فإذا
حافتاه قباب الؤلؤ , فضربت بيدي إلى تربته , فإذا هو مسكة ذفرة , و إذا حصاه
اللؤلؤ " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 47 :

أخرجه أحمد ( 3 / 152 ) : حدثنا عبد الصمد , و الزيادة له , و ( 3 / 247 ) :
حدثنا عفان و السياق له , قالا : حدثنا حماد : أنبأنا ثابت عن #‎أنس بن مالك #
أنه قرأ هذه الآية : *( إنا أعطيناك الكوثر )* قال : قال : رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره . و أخرجه ابن حبان في " صحيحه " ( 7 / 133 / 6437 ) من طريق
هدبة بن خالد : حدثنا حماد بن سلمة به , و البزار ( 4 / 179 / 3488 ) من طريق
روح : حدثنا حماد به . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم . و عزاه السيوطي
في " الدر المنثور " ( 6 / 401 ) لابن المنذر أيضا و ابن مردويه عن أنس . و قال
ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 286 ) : " و قال أبو خيثمة : حدثنا عفان .
حدثنا حماد بن سلمة ... و قال ابن أبي الدنيا : حدثنا يعقوب بن عبيد ( الأصل :
عبيدة و هو خطأ ) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا الجريري عن معاوية بن قرة عن أنس
بن مالك قال : أظنكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض ! لا والله , إنها
لسائحة على وجه الأرض , إحدى حافتيها اللؤلؤ , و الأخرى الياقوت , و طينها
المسك الأذفر . قال : قلت : ما الأذفر ? قال : الذي لا خلط له . و رواه ابن
مردويه في " تفسيره " عن محمد بن أحمد : حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى حدثنا مهدي
بن حكيم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الجريري عن معاوية بن قرة عن أنس بن مالك
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره هكذا مرفوعا " . قلت : و إسناد
ابن أبي الدنيا صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير يعقوب ابن عبيد - و هو
النهرتيري - قال ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 210 ) : " سمعت منه مع أبي , و هو صدوق
" . و له ترجمة في " تاريخ بغداد " ( 14 / 280 ) : و قد خالفه مهدي بن حكيم
فرواه عن يزيد بن هارون به مرفوعا عند ابن مردويه , و مهدي هذا لم أجد له ترجمة
, و لكن الموقوف صحيح كما رأيت , و هو في حكم المرفوع لأنه لا يقال من قبل
الرأي , لاسيما و قد صح مرفوعا من الطريق الأولى . و نحوه ما روى سفيان الثوري
عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن مسروق في قوله تعالى : *( و ماء مسكوب )* قال :
إنها تجري في غير أخدود . ذكره ابن القيم . و إسناده مقطوع صحيح . قلت : و فيما
تقدم دليل على بطلان ما أخرج ابن مردويه في " الدر المنثور " ( 6 / 402 ) عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : *( إنا أعطيناك الكوثر )* قال : " نهر في
الجنة عمقه [ في الأرض ] سبعون ألف فرسخ " . و عزاه المنذري ( 4 / 254 - 255 )
لابن أبي الدنيا و عنده الزيادة , و أشار إلى تضعيفه , بل هو عندي منكر
لمخالفته لحديث أنس هذا . و الله أعلم . ( تنبيه ) : أورد المنذري حديث أنس
الموقوف الذي سبق نقله عن ابن القيم , و قال عقبه ( 4 / 255 ) : " رواه ابن أبي
الدنيا موقوفا , و رواه غيره مرفوعا , و الموقوف أشبه بالصواب " . قلت : و كأنه
يشير بالمرفوع إلى رواية ابن مردويه المتقدمة , و هذا التصويب صحيح , كما يتبين
لك مما سبق من التحقيق , لكن الذي يبدو لي أن المنذري لم يطلع على الطريق
الأخرى المرفوعة عند الإمام أحمد , و إلا لما أغفلها مع صحة إسنادها , فالصواب
أن كلا من الموقوف و المرفوع صحيح . و لا منافاة بينهما كما هو ظاهر . و الله
أعلم .
2514 " ذاك نهر أعطانيه الله - يعني - في الجنة , أشد بياضا من اللبن و أحلى من
العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر . قال عمر : إن هذه لناعمة : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : أكلتها أنعم منها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 49 :

أخرجه الترمذي ( 2 / 88 ) و ابن جرير في " التفسير " ( 30 / 209 ) و أحمد ( 3 /
237 ) و المقدسي في " صفة الجنة " ( 3 / 3 / 85 / 1 ) من طرق عن محمد بن عبد
الله ابن مسلم عن أبيه عن # أنس بن مالك # قال : سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ما الكوثر ? قال آ فذكره . و قال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب , و
محمد بن عبد الله بن مسلم هو ابن أخي ابن شهاب الزهري , و عبد الله بن مسلم هو
أخو الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري " . قلت : و
قد تابعه ابن شهاب الزهري نفسه و غيره , فقال أبو أويس : أخبرني ابن شهاب أن
أخاه أخبر أن أنس بن مالك الأنصاري أخبره به . أخرجه أحمد ( 3 / 236 و 237 ) و
ابن جرير و الحاكم ( 2 / 537 ) و تابعه عبد الوهاب بن أبي بكر عن عبد الله بن
مسلم بن شهاب به . أخرجه ابن جرير , و أحمد ( 3 / 220 ) . قلت : فهذه ثلاث طرق
عن عبد الله بن مسلم بن شهاب , و هو ثقة من رجال مسلم , فهو مشهور عنه , و ليس
مشهورا عن ابنه محمد فقط كما يوهم كلام الحاكم عليه , لكنه من طريق ابنه حسن
كما قال الترمذي , لأن فيه كلاما من قبل حفظه , لكن متابعة عمه الزهري إياه , و
كذا عبد الوهاب بن أبي بكر المدني - و هو ثقة أيضا - يجعل حديثه صحيحا . و لعل
الترمذي لم يقف على هذه المتابعات , و إلا لكان حقه أن يصححه . و الله أعلم . و
للحديث طريق أخرى بنحوه . فقال أحمد ( 3 / 221 ) : حدثنا سيار بن حاتم حدثنا
جعفر بن سليمان الضبعي حدثنا ثابت عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " إن طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة . فقال أبو بكر : يا
رسول الله إن هذه لطير ناعمة ! فقال : أكلتها أنعم منها ( قالها ثلاثا ) , و
إني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر ! " . و هذا إسناد على شرط مسلم ,
غير سيار بن حاتم , و هو صدوق له أوهام كما في " التقريب " , و فيه نكارة ظاهرة
, و لا يقويه ما ذكره ابن القيم في " حادي الأرواح " ( 1 / 295 ) من رواية
الحاكم من طريق الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي
عن حذيفة مرفوعا مثل حديث سيار . قلت : لا يقويه , لأن الفضل هذا ضعيف جدا ,
قال أبو حاتم : " أحاديثه منكرة , يحدث بالأباطيل " . و قد ساق له الذهبي طائفة
من أحاديثه , و قال عقبها : " فهذه أباطيل و عجائب " . و قد ساقها ابن عدي أيضا
في " الكامل " ( ق 323 / 2 ) و منها هذا الحديث , و لكنه لم يذكر في إسناده
حذيفة و قال عقبها : " لا يرويها غير الفضل بن المختار , و به تعرف , و عامتها
مما لا يتابع عليه " و مثله ما أخرجه المقدسي ( 3 / 85 / 1 - 2 ) من طريق عبد
الله بن زياد عن زرعة عن نافع عن ابن عمر قال : ذكرت عند النبي صلى الله عليه
وسلم طوبى , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر هل بلغك ما طوبى ? قال
: الله و رسوله أعلم . قال : طوبى شجرة في الجنة لا يعلم طولها إلا الله عز وجل
, يسير الراكب تحت غصن من أغصانها سبعين خريفا , ورقها الحلل , يقع عليها الطير
كأمثال البخت . فقال أبو بكر : إن هناك لطيرا ناعما . قال : أنعم منه من يأكله
, و أنت منهم إن شاء الله تعالى " . سكت عنه ابن كثير في " تفسيره " ( 8 / 184
- منار ) و لعل ذلك لظهور علته , فإن عبد الله بن زياد و هو الفلسطيني . تكلم
فيه ابن حبان , و ساق له حديثا آخر و قال : " ليس هذا من أحاديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم " . و ساق له الحافظ في " اللسان " حديثا ثالثا من طريق أبي
نعيم بإسناده عنه به , و قال : " قال أبو نعيم : الحمل فيه على عبد الله بن
زياد " . و لجملة الطير و أنها أمثال البخت , شاهدان من مرسل يحيى الجزار و
الحسن البصري أخرجهما ابن أبي شيبة ( 13 / 102 - 103 ) بإسنادين صحيحين عنهما .
2515 " إذا رميت الجمار كان لك نورا يوم القيامة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 52 :

أخرجه البزار ( ص 113 - زوائده ) : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا سعيد
بن عبد الحميد بن جعفر حدثنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى
التوأمة عن #‎ابن عباس #‎قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و
قال : " لا نعلمه متصلا عن ابن عباس إلا من هذا الطريق " . قلت : قال الحافظ
عقبه : " قلت : إسناده حسن , لأن سماع موسى من صالح قبل الاختلاط " . قلت : و
هذه فائدة هامة لا توجد هكذا في كتب الرجال , فقد ذكروا فيها أن صالحا كان
اختلط , و أن ابن أبي ذئب و ابن جريج و زياد بن سعد سمعوا منه قبل الاختلاط , و
لم يذكروا معهم موسى بن عقبة هذا , و هو حري بذلك , فقد كانت وفاته سنة ( 141 )
, فهو متقدم الوفاة عليهم بنحو عشر سنين , و أكثر من ذلك بالنسبة لبعضهم . و قد
غفل عن هذه الفائدة الحافظ المنذري فأشار في " الترغيب " ( 2 / 131 ) إلى
إعلاله بصالح مولى التوأمة , و صرح بذلك الهيثمي , فقال في " مجمع الزوائد "
( 3 / 260 ) : " رواه البزار , و فيه صالح مولى التوأمة , و هو ضعيف " !
2516 " لا ينقع بول في طست في البيت , فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول , و لا
يبولن في مغتسل " .

قال الألباني في "‎السلسلة الصحيحة " 6 / 53 :

أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( ص 34 - مجمع البحرين نسخة الحرم المكي ) حدثنا
أحمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم البغوي حدثنا يحيى بن عباد أبو عباد حدثنا يونس بن
أبي إسحاق عن بكر بن ماعز : سمعت #‎عبد الله بن يزيد #‎يحدث عن النبي صلى الله
عليه وسلم , فذكره : و قال : " لا يروى عن عبد الله بن يزيد إلا بهذا الإسناد ,
تفرد به يحيى " . قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و هو الضبعي البصري نزيل
بغداد , و كذلك سائر رجاله ثقات من رجال التهذيب غير من دونه , أما البغوي
فترجم له الخطيب ( 6 / 370 - 371 ) و غيره , و هو ثقة مأمون . و أما شيخ
الطبراني : أحمد , فلم أعرفه , فإن الأحمدين في شيوخ الطبراني كثيرون كما يتبين
من " معجمه الصغير " , و من أشهرهم أحمد بن علي الأبار , و هو ثقة حافظ , ترجم
له الخطيب أيضا ( 4 / 306 ) فلعله هو , فقد قوى إسناده جماعة من الحفاظ , فقال
المنذري ( 1 / 84 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد حسن , و الحاكم , و
قال : صحيح الإسناد " و كذا قال الهيثمي ( 1 / 204 ) إلا أنه لم يعزه للحاكم ,
و لم أره في " مستدركه " بعد مراجعته في مواطن منه مثل " الطهارة " و " المعرفة
" و " اللباس " . و نقل السيوطي في حاشيته على " النسائي " ( 1 / 14 ) عن
الحافظ ولي الدين العراقي أنه قال : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد
" . ذكره في صدد التوفيق بينه و بين حديث أميمة بنت رقيقة قالت : " كان للنبي
صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل " . أخرجه أبو داود
و غيره و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 19 ) . و التوفيق بأن يحمل حديث
الترجمة على أن المراد بانتفاعه طول مكثه , فلا يعارض حديث أميمة , لأن ما يجعل
في الإناء لا يطول مكثه غالبا . و الله أعلم . و روى ابن أبي شيبة في " المصنف
" كتاب " الطهارة " ( 1 / 175 - طبعة العزيزية - هند ) عن سفيان عن أبي إسحاق
عن بكر بن ماعز عن أبي بريدة - يحسبه - عن أبيه قال : " لا تبول في طست في بيت
تصلي فيه , و لا تبول في مغتسلك " . قلت : و رجاله إلى بكر ثقات رجال الشيخين
غير أبي بريدة فإني لم أعرفه , و من المحتمل أن يكون محرفا عن أبي بردة , و هو
ابن أبي موسى الأشعري , فإنه يروي عن أبيه , و عنه أبو إسحاق و هو السبيعي , و
كلاهما ثقة من رجال الشيخين غير أن السبيعي مدلس , و كان اختلط , لكن روى عنه
سفيان - و هو الثوري - قبل الاختلاط . و الله أعلم . ثم رأيت الحديث في "
المعجم الأوسط " للطبراني برقم ( 2270 - بترقيمي ) أورده في ترجمة أحمد بن زهير
التستري , و قد روى له فيه ( 1 / 111 / 1 - 121 / 1 ) أكثر من خمسين و مائة
حديث ( 2229 - 2384 ) , فهو من شيوخه المشهورين , و لكني لم أجد له ترجمة . ثم
رأيته مترجما في " تذكرة الحفاظ " للذهبي , و وصفه بـ " الحافظ الحجة أحد
الأعلام .. " . و ( زهير ) جده , و اسم أبيه يحيى . و بذلك يتبين أن السند صحيح
لما عرفت من أن من فوقه من الرواة ثقات , و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
.
2517 " عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم و مرضاة للرب " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 55 :

أخرجه أحمد ( 2 / 108 ) : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن
أبي جعفر عن نافع عن #‎ابن عمر #‎أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
قلت : و رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن لهيعة , فهو سيىء الحفظ , و به أعله
المنذري ( 1 / 101 ) , ثم الهيثمي ( 1 / 220 ) و عزاه للطبراني أيضا في "
الأوسط " . ثم استدركت فقلت : بل هو إسناد جيد , لأن قتيبة أحاديثه عن ابن
لهيعة صحيحة كما قرره الذهبي في " سير أعلام النبلاء " ( 8 / 15 ) و قد رواه عن
قتيبة ابن عساكر أيضا ( 2 / 472 ) , ثم أخرجه هو و الطبراني ( 1 / 177 / 1 /
3265 ) . ثم وجدت له شاهدا من حديث حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن
المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , إلا
أنه قال : " مطهرة للفم " , و الباقي مثله سواء . أخرجه ابن حبان ( 144 ) . و
هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح " , و في حماد بن سلمة كلام إذا
روى عن غير ثابت , و لكنه لا يضر , فالحديث صحيح . و الله الموفق . ثم رأيت
الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 60 ) قد أعل هذا المتن عن أبي هريرة بالشذوذ ,
فالعمدة على حديث ابن عمر . على أنه قد أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 3 / 27 /
2776 ) من حديث ابن عباس , و إسناده ضعيف . و قد صح الحديث دون قوله : " عليكم
" عن جمع من الصحابة , أسانيد بعضهم صحيحة , و هو مخرج في " الإرواء " ( 1 /
105 / 66 ) .
2518 " لا يسمع النداء أحد في مسجدي هذا , ثم يخرج منه - إلا لحاجة - ثم لا يرجع إلا
منافق " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 56 :

أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 27 / 1 ) و من طريقه أبو نعيم في " صفة
النفاق " ( 29 / 1 ) : حدثنا علي بن سعيد الرازي حدثنا أبو مصعب حدثنا عبد
العزيز بن أبي حازم : حدثني أبي و صفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن #‎أبي
هريرة # قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " تفرد به
أبو مصعب , و لم يروه موصولا عن أبي هريرة غير صفوان و أبي حازم " . قلت : و
جميعهم ثقات من رجال الشيخين غير الرازي , و هو حافظ حسن الحديث , قال
الدارقطني : ليس بذاك . و قال مسلمة : كان ثقة عالما بالحديث . و أبو مصعب اسمه
أحمد بن أبي بكر . و قال المنذري ( 1 / 115 ) و تبعه الهيثمي ( 2 / 5 ) : "
رواه الطبراني في " الأوسط " , و رواته محتج بهم في ( الصحيح ) " . قلت : و في
هذا الإطلاق نظر ظاهر , لأن الرازي ليس من رجال " الصحيح " , و كثيرا ما يطلقان
مثله , فكن على انتباه . و للحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه , عند الطيالسي
و أحمد في " مسنديهما " , و في إسناده كلام ذكرته في " التعليق الرغيب " . و
الحديث رواه أبو داود في " مراسيله " ( 84 / 25 ) و الدارمي ( 1 / 118 ) عن
الأوزاعي , و البيهقي في " سننه " ( 3 / 56 ) عن سفيان , كلاهما عن عبد الرحمن
بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب مرسلا . و إسناده صحيح , و لا ينافي
الموصول , لأن الذين وصلوه ثقات , إلا أن يكون الوهم من الرازى . و على كل حال
فالحديث صحيح بالطريق الأخرى . و اعلم أن الحديث ظاهر لفظه اختصاص الحكم
المذكور فيه بمسجد الرسول صلى الله عليه وسلم , و لكنه من حيث المعنى عام لكل
المساجد , للأحاديث الكثيرة الدالة على وجوب صلاة الجماعة . و الخروج من المسجد
يفوت عليه الواجب . فتنبه . و يؤيد ذلك ما روى أبو الشعثاء قال : كنا مع أبي
هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر , فقال أبو هريرة : " أما هذا
فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " . أخرجه مسلم و غيره , و هو مخرج في "
الإرواء " ( 1 / 263 / 245 ) و " صحيح أبي داود " ( 547 ) . تنبيهان : الأول :
لقد فات المعلق على " مراسيل أبي داود " تقوية مرسله بحديث الترجمة المتصل عن
سعيد عن أبي هريرة . و الآخر : أنه أعل المرسل بتدليس الوليد - و هو ابن مسلم -
, و فاته أنه قد تابعه أبو المغيرة عند الدارمي , كما فاتته متابعة سفيان
المذكورة - و هو ابن عيينة - عند البيهقي . و لفظ رواية أبي المغيرة .. عن عبد
الرحمن بن حرملة قال : جاء رجل إلى سعيد بن المسيب يودعه بحج أو عمرة , فقال له
: لا تبرح حتى تصلي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( فذكر الحديث )
فقال : إن أصحابي بالحرة ! قال : فخرج . قال : فلم يزل سعيد يولع بذكره حتى
أخبر أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه . قلت : و إسناده مرسل صحيح .
2519 " كذبت لا يدخلها ( يعني النار ) , فإنه شهد بدرا و الحديبية . يعني حاطب بن
أبي بلتعة رضي الله عنه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 58 :

أخرجه مسلم ( 7 / 169 ) و ابن حبان ( 9 / 125 / 6076 ) و أحمد ( 3 / 349 ) من
طريق الليث بن سعد عن أبي الزبير عن #‎جابر #‎: أن عبدا لحاطب جاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم يشكو حاطبا , فقال : يا رسول الله ليدخلن حاطب النار !
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و تابعه ابن جريج : أخبرني أبو
الزبير أنه سمع جابرا يقول : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 325 ) : حدثنا حجاج
حدثنا ابن جريج به . ( تنبيه ) : أورد الإمام ابن الوزير اليماني في كتابه
القيم " الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم " ( ص 64 - الطبعة المنيرية )
هذا الحديث بالمعنى فقال : " و قد ثبت في " صحيح مسلم " مرفوعا أن حاطبا يدخل
الجنة " . فأشكل ذلك على بعض الطلاب المغاربة , و كأنه فتش عنه في " صحيح مسلم
" فلم يجده . فسألني عنه في سفرتي الأولى إلى المغرب سنة 1396 . و كونه رواية
بالمعنى ظاهر جدا , لأن شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لحاطب بأنه لا يدخل
النار , تستلزم دخوله الجنة و لابد , إذ إنه لا منزلة بين المنزلتين ! .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:39 AM
2520 " يبعث مناد عند حضرة كل صلاة فيقول : يا بني آدم قوموا فأطفئوا عنكم ما أوقدتم
على أنفسكم . فيقومون فيتطهرون فتسقط خطاياهم من أعينهم , و يصلون فيغفر لهم ما
بينهما , ثم توقدون فيما بين ذلك , فإذا كان عند صلاة الأولى نادى : يا بني آدم
قوموا فأطفئوا ما أوقدتم على أنفسكم , فيقومون فيتطهرون و يصلون فيغفر لهم ما
بينهما , فإذا حضرت العصر فمثل ذلك , فإذا حضرت المغرب فمثل ذلك , فإذا حضرت
العتمة فمثل ذلك , فينامون و قد غفر لهم , ثم قال : فمدلج في خير و مدلج في شر
" .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 59 :

أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 69 / 2 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 4
/ 189 ) : حدثنا الحسن بن علي المعمري أخبرنا محمد بن الخليل الخشني أخبرنا
أيوب بن حسان الجرشي عن هشام بن الغار عن أبان - يعني العطار - عن عاصم بن
بهدلة عن زر ابن حبيش أنه حدثه عن #‎عبد الله بن مسعود #‎عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : فذكره . ثم رواه الطبراني من طريق عبد ربه بن ميمون النحاس عن
الربيع بن حظيان عن عاصم به نحوه . قلت : و لم يسق لفظه . و الإسناد الأول حسن
, رجاله كلهم ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير أيوب ابن حسان الجرشي , و
هو صالح الحديث كما قال ابن أبي حاتم ( 1 / 1 / 244 ) عن أبيه . و غير المعمري
, و هو صدوق حافظ مترجم له في " الميزان " و " اللسان " و غيرهما . و عاصم بن
بهدلة - و هو ابن أبي النجود - فيه كلام معروف لا ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن
. و أبان هو ابن يزيد العطار الثقة احتج به الشيخان , و قد وهم فيه الهيثمي
وهما فاحشا , فقال ( 2 / 299 ) : " رواه الطبراني في " الكبير " و فيه أبان بن
أبي عياش , وثقه أيوب و سلم العلوي , و ضعفه شعبة و أحمد و ابن معين و أبو حاتم
" . و بيانه من وجهين : الأول : أنه لم يتنبه لما في الإسناد نفسه من بيان أن
أبان هو العطار , ففسره من عنده بأنه أبان بن أبي عياش , و هذا متروك عند
الحافظ , فصار الحديث بذلك واهيا ! و قد كنت اغتررت به في بعض مؤلفاتي , فلتصحح
. و الآخر : أنه غفل عن متابعة الربيع بن حظيان لأبان التي ساقها الطبراني عقب
الحديث كما رأيت , و هي متابعة لا بأس بها فإن الربيع هذا أورده ابن أبي حاتم
( 1 / 2 / 459 ) من رواية ثقتين عنه . و له راو ثالث و هو عبد ربه الراوي لهذا
الحديث عنه , ترجمه ابن أبي حاتم ( 3 / 1 / 44 ) من رواية ثقتين عنه , و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , و الربيع قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث . و ذكره
ابن حبان في " الثقات " و قال : " مستقيم الحديث " . و تابعه أيضا حماد بن سلمة
عن عاصم به نحوه , و حسن إسناده المنذري ( 1 / 138 ) و تبعه الهيثمي ( 1 / 299
) و هو مخرج في " الروض النضير " رقم ( 611 ) .
2521 " كان يأمرها ( يعني عائشة ) أن تسترقي من العين " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 61 :

أخرجه مسلم ( 7 / 17 ) و أحمد ( 6 / 63 ) من طريق مسعر : حدثنا معبد بن خالد عن
عبد الله بن شداد عن #‎عائشة #‎أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ... فذكره
. و رواه سفيان عن معبد بلفظ : " كان يأمرني أن أسترقي من العين " . أخرجه مسلم
. و رواه ابن ماجه ( 2 / 356 ) و الحاكم ( 4 / 412 ) و أحمد ( 6 / 63 و 138 )
من هذا الوجه نحوه . و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين , و لم يخرجاه " .
و وافقه الذهبي , و قد وهما في استدراكهما على مسلم , و كذا في استدراكهما على
البخاري , فقد وجدته عنده أيضا من هذا الوجه ( 10 / 164 ) .

2522 " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 61 :

أخرجه أبو داود ( 2 / 153 ) و عنه البيهقي ( 9 / 351 ) : حدثنا عثمان بن أبي
شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن #‎عائشة #‎رضي الله عنها
قالت : فذكره . و هذا سند صحيح على شرط الشيخين , و سكت عليه الحافظ في " الفتح
" ( 10 / 164 ) . و تابعه سفيان عن الأعمش به نحوه . أخرجه ابن أبي شيبة في "
المصنف " ( 8 / 59 ) .
2523 " إن خير نساء ركبن أعجاز الإبل صالح نساء قريش , أخشاه على ولد في صغر و أرعاه
على بعل بذات يد " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 62 :

أخرجه أحمد ( 1 / 318 - 319 ) من طريق عبد الحميد : حدثنا شهر حدثني # ابن عباس
#‎: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قوم يقال لها سودة , و كانت
مصبية كان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات , فقال لها رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ما يمنعك مني ? قالت : والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون
أحب البرية إلي , و لكني أكرمك أن يضغوا هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة و عشية ,
قال : فهل منعك مني شيء غير ذلك ? قالت : لا والله . قال لها رسول الله صلى
الله عليه وسلم : " يرحمك الله , إن خير .. " الحديث . قال الحافظ في " الفتح "
( 9 / 422 ) : " و سنده حسن , و له طريق أخرى أخرجها قاسم بن ثابت في " الدلائل
" من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس باختصار القصة " . قلت : الحكم
بن أبان صدوق له أوهام , و شهر في الطريق الأولى هو ابن حوشب , صدوق كثير
الإرسال و الأوهام كما قال الحافظ في " التقريب " , فلعل تحسين الحافظ للحديث
من طريقه إنما هو تحسين لغيره . و الله أعلم . و للحديث شاهدان أحدهما من حديث
أبي هريرة بلفظ : " خير نساء ركبن الإبل " . و قد مضى برقم ( 1052 ) , و الآخر
من حديث معاوية الآتي بعده . ثم إن الحديث أخرجه ابن سعد ( 8 / 108 ) من طريق
عامر قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هانىء فقالت يا رسول الله لأنت
أحب إلي من سمعي و بصري , و حق الزوج عظيم , فأخشى إن أقبلت على زوجي أن أضيع
بعض شأني و ولدي . و إن أقبلت على ولدي أن أضيع حق الزوج . فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فذكره . و إسناده صحيح لكنه مرسل ,‏عامر هو الشعبي . و هذا هو
الصحيح أن صاحبة القصة هي أم هانىء بنت أبي طالب ليست هي سودة , و هذا من أوهام
شهر بن حوشب , و قد رواه على الصحيح مسلم و غيره من حديث أبي هريرة المشار إليه
آنفا فراجعه .
2524 " اللهم لا مانع لما أعطيت و لا معطي لما منعت و لا ينفع ذا الجد منك الجد , من
يرد الله به خيرا يفقهه في الدين " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 63 :

أخرجه مالك ( 3 / 94 ) و أحمد ( 4 / 92 - 93 و 95 و 98 ) و الطحاوي في " المشكل
" ( 2 / 278 - 279 ) و ابن عبد البر في " الجامع " ( 1 / 19 - 20 ) من طرق عن
محمد بن كعب القرظي قال : قال #‎معاوية #‎على المنبر : اللهم .. إلخ . سمعت
هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر . و السياق
لأحمد . و إسناده صحيح على شرط مسلم . و له عنده ( 4 / 101 ) طريق أخرى بزيادة
: " و خير نسوة ركبن الإبل صالح نساء قريش , أرعاه على زوج في ذات يده و أحناه
على ولد في صغره " . و إسناده هكذا : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عبد الله بن
مبشر مولى أم حبيبة عن زيد بن أبي عتاب عن معاوية مرفوعا به . و هذا سند صحيح
رجاله رجال البخاري , غير عبد الله بن مبشر , و قد وثقه ابن معين كما في "
التعجيل " . و قد علق هذه الزيادة البخاري في " صحيحه " ( 193 ) و قال الحافظ :
" وصله أحمد و الطبراني من طريق ابن مبشر هذا , و رجاله موثقون , و في بعضهم
مقال لا يقدح " . اهـ . مجموعا من " الشرح " و " التعجيل " . قلت : و هذا البعض
الذي فيه المقال لم يتبين لي من هو من بين هؤلاء الثلاثة , فأبو نعيم و هو
الفضل بن دكين ثقة ثبت كما قال الحافظ نفسه في " التقريب " , و كذلك زيد بن أبي
عتاب ثقة عنده , فلم يبق إلا ابن مبشر هذا , و قد وثقه ابن معين كما سبق , و لم
يحك الحافظ فيه أي خلاف في " التعجيل " . و الله أعلم . و لهذه الزيادة شاهد من
حديث أبي هريرة سبق بلفظ : " خير نساء ركبن الإبل " , فراجعه برقم ( 1052 ) .
2525 " إن الله عز وجل يضحك من رجلين يقتل أحدهما الآخر فيدخلهما الله الجنة , يكون
أحدهما كافرا فيقتل الآخر , ثم يسلم فيغزو في سبيل الله فيقتل " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 65 :

أخرجه أحمد ( 2 / 511 ) : حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حفصة حدثنا ابن شهاب عن
سعيد بن المسيب عن #‎أبي هريرة #‎مرفوعا به , و فيه زيادة : " قيل كيف يكون ذاك
? قال : يكون أحدهما " إلخ . و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . و له طريق
أخرى بنحوه أخرجه النسائي ( 2 / 63 ) و أحمد ( 2 / 244 ) عن سفيان بن عيينة عن
أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا . و هذا صحيح أيضا على شرطهما . و قد
أخرجاه من هذا الوجه بلفظ : " يضحك الله إلى رجلين " , و سيأتي بإذن الله تعالى
. و له في " المسند " ( 3 / 318 ) طريق ثالث : حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن
همام بن منبه عنه . و هذا إسناد صحيح على شرطهما أيضا . و قد أخرجه مسلم ( 6 /
40 ) و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( ص 468 ) و أخرجه الشيخان من طريق
الأعرج عنه به نحوه , و قد مضى برقم ( 1074 ) .
2526 " المسلمون كرجل واحد إن اشتكى عينه اشتكى كله و إن اشتكى رأسه اشتكى كله " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 66 :

رواه مسلم ( 8 / 20 ) و أحمد ( 4 / 271 و 276 ) عن الأعمش عن خيثمة عن
#‎النعمان بن بشير #‎مرفوعا به , و قال أحمد : " المؤمنون " . و أخرجه البخاري
( 7 / 77 - 78 ) و مسلم أيضا , و أحمد ( 4 / 70 ) و الطيالسي رقم ( 790 ) من
حديث الشعبي عن النعمان به مرفوعا بلفظ : " مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و
تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى " .
ثم أخرجه الطيالسي رقم ( 793 ) و أحمد ( 4 / 274 ) من طريق حماد بن سلمة عن
سماك بن حرب قال : سمعت النعمان بن بشير به مختصرا . و إسناده صحيح على شرط
مسلم . و له شاهد من حديث سهل بن سعد مرفوعا بلفظ : " إن المؤمن من أهل الإيمان
بمنزلة الرأس من الجسد , يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس
" . أخرجه أحمد ( 5 / 340 ) : حدثنا أحمد بن الحجاج حدثنا عبد الله أخبرنا مصعب
بن ثابت حدثني أبو حازم قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي . و هذا إسناد لا بأس به
في الشواهد , رجاله ثقات رجال البخاري غير مصعب بن ثابت , و هو لين الحديث , و
كان عابدا كما في " التقريب " . و الحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 8 / 87
) , و قال : " رواه أحمد , و رجاله رجال الصحيح غير سوار بن عمارة و هو ثقة " .
كذا قال . و أنت ترى أنه ليس في إسناده سوار هذا , و لم أجد له طريقا في "
المسند " غير التي ذكرتها . و الله أعلم . ثم رأيت الهيثمي قد أعاد ذكره في
مكان آخر ( 8 / 187 ) و قال : " رواه أحمد و الطبراني في " الكبير " و " الأوسط
" , و رجال أحمد رجال الصحيح " . قلت : هو عند " كبير الطبراني " ( 6 / 160 -
161 ) من طريق أحمد بن الحجاج , و في " الأوسط " ( 1 / 288 / 2 / 4832 بترقيمي
) من طريق سوار بن عمارة الرملي أخبرنا زهير ابن محمد عن أبي حازم به . قلت : و
سوار هذا وثقه ابن معين و ابن حبان ( 8 / 302 ) . و قال أبو زرعة الدمشقي في "
تاريخه " ( 1 / 285 و 709 ) : " رأيت يحيى بن معين يكتب بين يدي سوار بن عمارة
الرملي , و هو يملي عليه علمه في سنة أربع عشرة و مائتين , و مات [ سوار ] بعد
ذلك بيسير " . و زهير بن محمد هو أبو المنذر الخراساني الشامي , و رواية
الشاميين عنه فيها ضعف . و عبد الله في إسناد أحمد هو ابن المبارك الإمام , و
قد أخرجه في كتابه " الزهد " ( 241 / 693 ) .
2527 " المملوك أخوك , فإذا صنع لك طعاما فأجلسه معك , فإن أبى فأطعمه و لا تضربوا
وجوههم " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 67 :

أخرجه الطيالسي ( ص 312 رقم 2369 ) و أحمد ( 2 / 505 ) من طريق ابن أبي ذئب عن
عجلان عن #‎أبي هريرة #‎به مرفوعا . و هذا سند حسن أو صحيح , رجاله رجال الستة
غير عجلان , و هو مولى المشعل . قال النسائي : " ليس به بأس " , و وثقه ابن
حبان , و في " التقريب " : " لا بأس به " . و الحديث صحيح متواتر عن أبي هريرة
بألفاظ متقاربة , سبق ذكرها في : " إذا أتى أحدكم خادمه " .
2528 " أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما تعدون أهل بدر فيكم ? قال : من
أفضل المسلمين . قال : و كذلك من شهد فينا من الملائكة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 68 :

أخرجه ابن أبي خيثمة في " التاريخ " ( 230 ) : حدثنا أبي قال : أخبرنا جرير عن
يحيى ابن سعيد الأنصاري عن #‎معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه #‎- و كان
أبوه من أهل بدر و جده من أهل العقبة - قال : ... فذكره . و قال : " سئل يحيى
بن معين عن هذا الحديث ? فقال : ليس بشيء باطل " . كذا قال , و لا وجه له فيما
نرى , فالإسناد صحيح متصل على شرط البخاري , فقد أخرجه في " صحيحه " ( 3992 -
فتح ) : حدثني إسحاق بن إبراهيم : أخبرنا جرير به , ثم رواه ( 3993 ) من طريق
حماد ( و هو ابن زيد ) عن يحيى به نحوه . ثم ساقه ( 3994 ) من طريق يزيد :
أخبرنا يحيى سمع معاذ بن رفاعة : أن ملكا سأل النبي صلى الله عليه وسلم . فهذا
ظاهره الإرسال , فلعله وجه قول ابن معين المتقدم , لكن اتفاق جرير و حماد على
وصله يرفعه و يرجح وصله , و الله أعلم . و راجع له " فتح الباري " ( 7 / 312 )
و للحديث شاهد من رواية يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج
قال : فذكره . أخرجه أحمد ( 3 / 465 ) . و إسناده صحيح على شرط الشيخين , و
يحيى بن سعيد هذا هو ابن حيان التميمي , ثقة احتج به الشيخان , و هو غير
الأنصاري المتقدم .
2529 " يا أبا ذر ! أتاني ملكان و أنا ببعض بطحاء مكة , فوقع أحدهما على الأرض و كان
الآخر بين السماء و الأرض , فقال أحدهما لصحابه : أهو هو ? قال : نعم , قال :
فزنه برجل فوزنت به , فوزنته , ثم قال : فزنه بعشرة , فوزنت بهم , فرجحتهم , ثم
قال : زنه بمائة فوزنت بهم , فرجحتهم , ثم قال : زنه بألف فوزنت بهم , فرجحتهم
, كأني أنظر إليهم ينتثرون علي من خفة الميزان , قال : فقال أحدهما لصاحبه : لو
وزنته بأمة لرجحها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 69 :

أخرجه الدارمي ( 1 / 9 ) : حدثنا عبد الله بن عمران حدثنا أبو داود حدثنا جعفر
بن عثمان القرشي عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه عن #‎أبي ذر الغفاري #‎قال
: قلت : يا رسول الله ! كيف علمت أنك نبي حين استنبئت ? فقال : يا أبا ذر أتاني
.. إلخ . و هذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون , و في جعفر بن عثمان - و هو
ابن عبد الله بن عثمان - كلام لا يضر إن شاء الله تعالى , و قد وثقه أبو حاتم ,
و أبو داود في الإسناد هو الطيالسي , و من طريقه رواه ابن عساكر أيضا كما في "
البداية " ( 2 / 276 ) و العقيلي كما في " الميزان " ( 1 / 190 ) . و للحديث
شواهد كثيرة , فانظر ( أنا دعوة أبي إبراهيم ) , رقم ( 1545 و 1546 ) و الحديث
عند ابن عساكر أتم منه , ففيه ذكر شق صدره , و خياطته , و جعل الخاتم بين كتفيه
. قال : " فما هو إلا أن وليا عني , فكأنما أعاين الأمر معاينة " .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:41 AM
2530 " إنكم ستحرصون على الإمارة و ستكون ندامة [ و حسرة ] يوم القيامة , فنعم
المرضعة و بئست الفاطمة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 70 :

أخرجه البخاري ( 13 / 107 - فتح ) و النسائي ( 2 / 187 - 188 و 304 ) و أحمد (
2 / 476 ) من طرق عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن #‎أبي هريرة #‎عن النبي
صلى الله عليه وسلم , و السياق للبخاري دون الزيادة , و هي عند الآخرين , و
قالا : " فنعمت المرضعة ... " , و هي كذلك في رواية أخرى لأحمد ( 2 / 448 ) :
حدثنا يزيد ابن هارون قال : أنبأنا ابن أبي ذئب به , إلا أنه قال : " فبئست
المرضعة . و نعمت الفاطمة " , فانقلبت عليه , أعني يزيد بن هارون مع ثقته و
إتقانه ! قال أبو الحسن السندي رحمه الله تعالى : " ( فنعمت المرضعة ) أى
الحالة الموصلة إلى الإمارة , و هي الحياة . ( و بئست الفاطمة ) أي الحالة
القاطعة عن الإمارة , و هي الموت , أي فنعمت حياتهم , و بئس موتهم . و الله
تعالى أعلم " . ثم إن الحديث أخرجه البخاري معلقا من طريق أخرى عن أبي هريرة
قوله . لكن في إسناده عبد الله بن حمران , و هو صدوق , لكن قال فيه ابن حبان في
" الثقات " : " يخطىء " , فلا يعتد بمخالفته , لاسيما و زيادة الثقة مقبولة .

2531 " ألا أخبركم بأسرع كرة و أعظم غنيمة من هذا البعث ? رجل توضأ في بيته فأحسن
وضوءه , ثم تحمل إلى المسجد فصلى فيه الغداة , ثم عقب بصلاة الضحى , فقد أسرع
الكرة و أعظم الغنيمة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 71 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 4 / 1530 - 1531 ) و من طريقه ابن حبان ( 629 )
: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري
عن #‎أبي هريرة # قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا , فأعظموا
الغنيمة , و أسرعوا الكرة , فقال رجل : يا رسول الله ! ما رأينا بعث قوم بأسرع
كرة و أعظم غنيمة من هذا البعث , فقال : فذكره . و أخرجه ابن عدي في " الكامل "
( 2 / 275 ) من طريقين آخرين عن حاتم به . قلت : و هذا إسناد جيد , و رجاله
ثقات رجال مسلم على ضعف في حميد بن صخر لا يضر حديثه , و قال المنذري ( 1 / 235
) : " رواه أبو يعلى , و رجال إسناده رجال الصحيح " . و للحديث شاهد قاصر من
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أخرجه الترمذي و غيره , و فيه ضعف بينته في
" التعليق الرغيب " ( 1 / 166 ) لكن يقويه حديث أبي هريرة هذا , و قد رواه عنه
البزار في " مسنده " ( ص 300 ) من طريق زيد بن الحباب : حدثني حميد مولى بني
عبدة ( لعله : ابن علقمة ) عن عطاء ابن أبي رباح عنه . و قال البزار : " لا
نعلم رواه عن عطاء عن أبي هريرة غير حميد , و هو ضعيف " . قلت : و هو حميد
المكي مولى ابن علقمة , و هو غير ابن قيس الأعرج المكي كما في " التهذيب " , و
هو مجهول كما صرح في " التقريب " . و له شاهد آخر , يرويه ابن لهيعة : حدثني
حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاصي
قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فغنموا و أسرعوا الرجعة ... "
الحديث أخرجه أحمد ( 2 / 175 ) . قلت : و إسناده جيد , فإن رجاله ثقات على ضعف
في ابن لهيعة , لكن تابعه ابن وهب عند الطبراني في " الكبير " كما في " المجمع
" ( 2 / 235 ) و لذلك قال المنذري ( 1 / 235 ) : " رواه أحمد من رواية ابن
لهيعة , و الطبراني بإسناد جيد " .
2532 " إن الله و ملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف , و من سد فرجة رفعه الله
بها درجة " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 72 :

أخرجه ابن ماجه ( 995 ) و أحمد ( 6 / 89 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن
عروة عن أبيه عن #‎عائشة #‎قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
قلت : و هذا إسناد رجاله ثقات , إلا أن ابن عياش قد ضعفوه في روايته عن
المدنيين , و هذه منها . لكنه قد توبع . فقد أخرجه أحمد ( 6 / 67 و 160 ) و ابن
خزيمة ( 1550 ) و ابن حبان ( 1511 ) و عبد بن حميد ( 394 ) و الحاكم ( 1 / 214
) من طريق أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة بن الزبير عن أبيه به , دون قوله : "
و من سد ... " . و قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي , و
أقره المنذري ( 1 / 174 ) . و قد توبع ابن عياش على الزيادة المذكورة . فروى
الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 32 / 2 ) من طريق أحمد بن محمد بن القواس : حدثنا
مسلم بن خالد الزنجي عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عروة عن عائشة مرفوعا
بلفظ : " من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة , و بنى له بيتا في الجنة " . و
قال الطبراني : " لم يروه عن المقبري إلا ابن أبي ذئب , و لا عنه إلا الزنجي ,
تفرد به القواس " . قلت : و لم أعرفه , لكن شيخه الزنجي فيه ضعف , و من فوقه
ثقات . إلا أن الزنجي قد تابعه وكيع كما تقدم برقم ( 1892 ) . فصح الحديث و
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات <1> . و له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا
به , إلا أنه قال : " ... و لا يصل عبد صفا إلا رفعه الله به درجة , و ذرت عليه
الملائكة من البر " أخرجه الطبراني أيضا من طريق إسماعيل بن عبد الله بن خالد
بن سعيد بن أبي مريم عن أبيه عن جده عن غانم بن الأحوص أنه سمع أبا صالح السمان
يقول : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره بتمامه مرفوعا . و قال : " لم يرو غانم ابن
الأحوص عن أبي صالح غير هذا الحديث " . قلت : و غانم هذا ليس بالقوي كما قال
الدارقطني . و إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبي مريم و جده ذكرهما
ابن حبان في " الثقات " , و خالفه غيره . و أما أبوه عبد الله بن خالد , فقال
الأزدي : " لا يكتب حديثه " . قال الذهبي : " و هو مجهول مع ضعفه " . قلت : و
مع هذه العلل قال المنذري ( 1 / 175 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " , و لا
بأس بإسناده " ! و بالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت صحيح . و بالله التوفيق .

-----------------------------------------------------------
[1] ثم عرفت القواس ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 8 / 10 ) و قال : " ربما
خالف " . و له ترجمة في " التهذيب " ( 1 / 79 - 80 ) . اهـ .
2533 " خياركم ألينكم مناكب في الصلاة , و ما من خطوة أعظم أجرا من خطوة مشاها رجل
إلى فرجة في الصف فسدها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 74 :

أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 1 / 32 / 2 ) من طريق ليث بن حماد : حدثنا حماد
بن زيد عن ليث عن مجاهد عن #‎عبد الله بن عمر #‎مرفوعا به , و قال : " لم يروه
عن حماد بن زيد إلا ليث " . قلت : و قد ضعفه الدارقطني . و به أعله الهيثمي ( 2
/ 90 ) . و ليث الذي فوقه هو ابن أبي سليم , و كان اختلط . و من طريقه أخرج
الشطر الثاني من الحديث الديلمي في " مسند الفردوس " ( 4 / 24 - ترتيبه ) و
أخرج الشطر الأول منه البزار ( 58 - زوائده ) من طريق محمد بن الفضل : حدثنا
حماد عن ليث عن نافع عن ابن عمر به . و قال : " لا نعلم رواه عن نافع إلا ليث "
. لكن الحديث صحيح , لأنه جاء من طرق أخرى مفرقا : أما الشطر الأول فأخرجه أبو
داود , و ابن خزيمة ( 1566 ) و ابن حبان ( 397 ) من حديث ابن عباس مرفوعا و في
إسناده جهالة بينته في " التعليق الرغيب " ( 1 / 173 ) لكن له شواهد كثيرة أشرت
إلى بعضها هناك , و خرجت بعضها في " صحيح أبي داود " ( 676 ) . و أما الشطر
الثاني منه , فله شاهد من حديث البراء بن عازب , أخرجه أبو داود , و فيه شيخ
كوفي لم يسم , أخرجته من أجله في " ضعيف أبي داود " رقم ( 85 ) . و آخر من حديث
معاذ أخرجه البيهقي و غيره , و قد تكلمت على إسناده في " التعليق الرغيب " أيضا
( 1 / 175 ) . ( تنبيه ) : أورد الحديث بتمامه عن ابن عمر مرفوعا المنذري , ثم
قال ( 1 / 175 ) : " رواه البزار بإسناد حسن , و ابن حبان في " صحيحه " كلاهما
بالشطر الأول . و رواه بتمامه الطبراني في " ( الأوسط ) " . قلت : و فيه
مؤاخذات : الأولى : أن إسناد البزار فيه ليث بن أبي سليم ضعيف كما سبق .
الثانية : أنه عند ابن حبان إنما هو من حديث ابن عباس , و ليس عن ابن عمر , و
قد تقدم آنفا . الثالثة : أن إسناد الطبراني فيه الليثان , و كلاهما ضعيف . (
فائدة ) : قال الخطابي في " معالم السنن " ( 1 / 334 ) : " قلت : معنى " لين
المنكب " : لزوم السكينة في الصلاة و الطمأنينة فيها , لا يلتفت و لا يحاك
بمنكبه منكب صاحبه , و قد يكون فيه وجه آخر , و هو أن لا يمتنع على من يريد
الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان . بل يمكنه من ذلك , و لا يدفعه
بمنكبه لتتراص الصفوف , و يتكاتف الجموع " . قلت : هذا المعنى الثاني هو
المتبادر من الحديث , و المعنى الأول بعيد كل البعد عن سياقه لمن تأمله . و إن
مما يؤيد ذلك لفظ حديث ابن عمر عند أبي داود ( 666 ) مرفوعا : " أقيموا الصفوف
. و حاذوا بالمناكب و سدوا الخلل و لينوا بأيدي إخوانكم , و لا تذروا فرجات
للشيطان , و من وصل صفا وصله الله و من قطع صفا قطعه الله " . و إسناده صحيح
كما قال النووي <1> , فإنه يوضح أن الأمر باللين إنما هو لسد الفرج , و وصل
الصفوف , و لذلك قال أبو داود عقبه : " و معنى " لينوا بأيدي إخوانكم " : إذا
جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبه حتى يدخل في
الصف " . و لذلك استدل به النووي في " المجموع " ( 4 / 301 ) على أنه " يستحب
أن يفسح لمن يريد الدخول إلى الصف .. " . و ليس يخفى على كل محب للسنة عارف بها
أن قول الخطابي : " و لا يحاك منكبه بمنكب صاحبه " مخالف لما كان يفعله أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم حين يصلون خلفه , و ذلك تنفيذا منهم لقوله صلى الله
عليه وسلم : " أقيموا صفوفكم , فإني أراكم من ورائي " . رواه البخاري ( 725 )
عن أنس , قال أنس : " و كان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه , و قدمه بقدمه " . و
له شاهد من حديث النعمان بن بشير , و هما مخرجان في " صحيح أبي داود " ( 668 )
. و قد أنكر بعض الكاتبين في العصر الحاضر هذا الإلزاق , و زعم أنه هيئة زائدة
على الوارد , فيها إيغال في تطبيق السنة ! و زعم أن المراد بالإلزاق الحث على
سد الخلل لا حقيقة الإلزاق , و هذا تعطيل للأحكام العملية , يشبه تماما تعطيل
الصفات الإلهية , بل هذا أسوأ منه لأن الراوي يتحدث عن أمر مشهود رآه بعينه و
هو الإلزاق . و مع ذلك قال : ليس المراد حقيقة الإلزاق ! فالله المستعان . و
أسوأ منه ما صنع مضعف مئات الأحاديث الصحيحة المدعو ( حسان عبد المنان ) , فإنه
تعمد إسقاط رواية البخاري المذكورة عن أنس .. من طبعته لـ " رياض الصالحين " (
ص 306 / 836 ) و ليس هذا فقط , بل دلس على القراء , فأحال ما أبقي من حديث
البخاري المرفوع إلى البخاري برقم ( 723 ) حتى إذا رجع القراء إليه لم يجدوا
قول أنس المذكور ! و الرقم الصحيح هو المتقدم مني ( 725 ) , و له من مثل هذا
الكتم للعلم ما لا يعد و لا يحصى , و قد نبهت على شيء من ذلك في غير ما مناسبة
, فانظر على سبيل المثال الاستدراك رقم ( 13 ) من المجلد الأول من هذه السلسلة
, الطبعة الجديدة .

-----------------------------------------------------------
[1] و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 672 ) . اهـ .
2534 " إذا قرأ الإمام : *( غير المغضوب عليهم و لا الضالين )* , فأمن الإمام فأمنوا
, فإن الملائكة تؤمن على دعائه , فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما
تقدم من ذنبه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 78‏:

أخرجه أبو يعلى ( 4 / 1408 ) : حدثنا عمرو الناقد أخبرنا سفيان عن الزهري عن
سعيد عن # أبي هريرة #‎قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت :
و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و عمرو هو ابن محمد بن بكير الناقد أبو
عثمان البغدادي , ثقة حافظ , احتج به الشيخان و غيرهما . و قد أخرجاه و غيرهما
, و هو مخرج في " الإرواء " ( 344 ) بلفظ : " إذا أمن الإمام فأمنوا , فإنه من
وافق .. " إلخ . و إنما أخرجته بلفظ الترجمة لما فيه من الزيادة , و هي قوله
بعد *( و لا الضالين )* : " فأمن الإمام فأمنوا " , فإنها صريحة بأمرين اثنين :
الأول : أن الإمام يؤمن بعد ختمه الفاتحة , و الآخر : أن المأموم يؤمن بعد فراغ
الإمام من التأمين . و قد قيل في تفسير رواية الشيخين أقوال كثيرة ذكرها الحافظ
في " الفتح " ( 2 / 218 - 219 ) , منها أن معنى قوله : إذا أمن , بلغ موضع
التأمين , كما يقال : أنجد إذا بلغ نجدا , و إن لم يبلغها . قال ابن العربي : "
هذا بعيد لغة و شرعا " . و قال ابن دقيق العيد : " و هذا مجاز , فإن وجد دليل
يرجحه عمل به , و إلا فالأصل عدمه " . قال الحافظ : " استدلوا له برواية أبي
صالح عن أبي هريرة بلفظ : إذا قال الإمام : *( و لا الضالين )* فقولوا : ( آمين
) , قالوا : فالجمع بين الروايتين يقتضي حمل قوله : إذا أمن على المجاز " . و
أقول : يمكن الجمع بطريقة أخرى , و هي أن يؤخذ بالزائد من الروايتين فيضم إلى
الأخرى , و هو قوله في رواية سعيد : " إذا أمن الإمام فأمنوا " , فتضم الزيادة
إلى رواية أبي صالح فيصير الحديث هكذا : " إذا قال الإمام : *( و لا الضالين )*
آمين , فقولوا آمين " . و هذا الجمع أولى من الجمع المذكور , و ذلك لوجوه .
الأول : أنه مطابق لرواية أبي يعلى هذه , الصريحة بذلك . الثاني : أنه موافق
للقواعد الحديثية من وجوب الأخذ بالزيادة من الثقة . الثالث : أنه يغنينا عن
مخالفة الأصل الذي أشار إليه ابن دقيق العيد . الرابع : أنه على وزن قوله صلى
الله عليه وسلم : " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده , فقولوا : اللهم ربنا لك
الحمد , فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " . أخرجه
الشيخان و غيرهما من حديث أبي هريرة أيضا . و هو مخرج في " صحيح أبي داود " (
794 ) . فكما أن هذا نص في أن المقتدي يقول التحميد بعد تسميع الإمام , فمثله
إذا أمن فأمنوا , فهو نص على أن تأمين المقتدي بعد تأمين الإمام . الخامس : أنه
هو الموافق لنظام الاقتداء بالإمام المستفاد من مثل قوله صلى الله عليه وسلم :
" إنما جعل الإمام ليؤتم به , فإذا كبر كبروا [ و لا تكبروا حتى يكبر ] و إذا
ركع فاركعوا و إذا قال سمع الله لمن حمده , فقولوا : ... " الحديث . أخرجه
الشيخان و غيرهما من حديث عائشة و أبي هريرة و غيرهما , و هو مخرج في المصدر
السابق ( 614 و 618 ) , و الزيادة لأبي داود . فكما دل الحديث أن من مقتضى
الائتمام بالإمام عدم مقارنته بالتكبير , و ما ذكر معه , فمن ذلك عدم مقارنته
بالتأمين . و إخراج التأمين من هذا النظام يحتاج إلى دليل صريح , و هو مفقود ,
إذ غاية ما عند المخالفين إنما هو حديث أبي صالح المتقدم , و ليس صريحا في ذلك
, بل الصحيح أنه محمول على رواية سعيد هذه لاسيما على لفظ أبي يعلى المذكور
أعلاه . السادس : أن مقارنة الإمام بالتأمين تحتاج إلى دقة و عناية خاصة من
المؤتمين , و إلا وقعوا في مخالفة صريحة و هي مسابقته بالتأمين , و هذا مما
ابتلي به جماهير المصلين , فقد راقبتهم في جميع البلاد التي طفتها , فوجدتهم
يبادرون إلى التأمين , و لما ينته الإمام من قوله : *( و لا الضالين )* ,
لاسيما إذا كان يمدها ست حركات , و يسكت بقدر ما يتراد إليه نفسه , ثم يقول :
آمين فيقع تأمينه بعد تأمينهم ! و لا يخفى أن باب سد الذريعة يقتضي ترجيح عدم
مشروعية المقارنة خشية المسابقة , و هذا ما دلت عليه الوجوه المتقدمة . و هو
الصواب إن شاء الله تعالى , و إن كان القائلون به قلة , فلا يضرنا ذلك , فإن
الحق لا يعرف بالرجال , فاعرف الحق تعرف الرجال . ذلك ما اقتضاه التمسك بالأصل
بعد النظر و الاعتبار , و هو ما كنت أعمل به و أذكر به مدة من الزمن . ثم رأيت
ما أخرجه البيهقي ( 2 / 59 ) عن أبي رافع أن أبا هريرة كان يؤذن لمروان بن
الحكم , فاشترط أن لا يسبقه بـ *( الضالين )* حتى يعلم أنه دخل الصف , و كان
إذا قال مروان : *( و لا الضالين )* قال أبو هريرة : " آمين " , يمد بها صوته ,
و قال : إذا وافق تأمين أهل الأرض أهل السماء غفر لهم . و سنده صحيح . قلت :
فهذا صريح في أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يؤمن بعد قول الإمام : *( و لا
الضالين )* . و لما كان من المقرر أن راوي الحديث أعلم بمرويه من غيره , فقد
اعتبرت عمل أبي هريرة هذا تفسيرا لحديث الترجمة , و مبينا أن معنى " إذا أمن
الإمام فأمنوا .. " , أي : إذا بلغ موضع التأمين كما تقدم عن الحافظ , و هو و
إن كان استبعده ابن العربي , فلابد من الاعتماد عليه لهذا الأثر . و عليه فإني
أكرر تنبيه جماهير المصلين بأن ينتبهوا لهذه السنة , و لا يقعوا من أجلها في
مسابقة الإمام بالتأمين , بل عليهم أن يتريثوا حتى إذا سمعوا نطقه بألف ( آمين
) قالوها معه . و الله تعالى نسأل أن يوفقنا لاتباع الحق حيثما كان إنه سميع
مجيب . و في هذا الأثر فائدة أخرى و هي جهر المؤتمين بـ ( آمين ) , و ذلك مما
ملت إليه في الكتاب الآخر لمطابقته لأثر آخر صحيح عن ابن الزبير , و حديث لأبي
هريرة مرفوع تكلمت على إسناده هناك ( 956 ) فراجعه .
2535 " إن الرجل ليصلي ستين سنة و ما تقبل له صلاة و لعله يتم الركوع و لا يتم
السجود و يتم السجود و لا يتم الركوع " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 81 :

أخرجه الأصبهاني في " الترغيب " ( ق 236 / 2 ) من طريق أبي الشيخ عن عبد الله
بن أحمد بن حنبل : حدثنا أبو الشعثاء حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن #‎أبي هريرة #‎مرفوعا به . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات , على
ضعف يسير في محمد بن عمرو , و المعتمد فيه أنه حسن الحديث . و عبدة هو ابن
سليمان الكلابي أبو محمد الكوفي , و هو من رجال الشيخين . و أبو الشعثاء اسمه
علي بن الحسن بن سليمان الحضرمي , و هو ثقة من شيوخ مسلم . و لم يستحضر الحافظ
المنذري حال إسناده , فقال في " الترغيب " ( 1 / 182 ) : " رواه أبو القاسم
الأصبهاني , و ينظر في إسناده " . و أخرجه ابن عدي في " الكامل " ( 7 / 256 )
بإسناد واه عن عبدة به 0 فالعمدة على رواية أبي الشعثاء .
2536 " لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين ركوعها و سجودها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 82 :

أخرجه الإمام أحمد ( 4 / 22 ) : حدثنا وكيع قال : حدثنا عكرمة بن عمار عن عبد
الله بن زيد - أو بدر , أنا أشك - عن #‎طلق بن علي الحنفي # قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله ثقات رجال
مسلم غير عبد الله بن زيد أو بدر - شك عكرمة - فإن كان ابن زيد , فلم أعرفه , و
إن كان ابن بدر - و هو الراجح - فهو ثقة بلا خلاف بينهم , و هو عبد الله بن بدر
بن عميرة الحنفي اليمامي . روى عن جمع من الصحابة منهم طلق بن علي , و عنه جمع
من أتباع التابعين , منهم عكرمة هذا , و أيوب بن عتبة و غيرهما . و قد تابعه
أيوب بن عتبة في روايته لهذا الحديث عنه , و لكنه خالفه في إسناده , فقال أحمد
: حدثنا أبو النضر قال : حدثنا أيوب بن عتبة حدثنا عبد الله بن بدر عن عبد
الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .
ساقه أحمد عقب الرواية السابقة , و كأنه فعل ذلك للإشارة إلى مخالفة أيوب
لعكرمة , و لا شك أن مخالفته مردودة لأنه ضعيف لسوء حفظه , حتى قال ابن حبان :
" كان يخطىء كثيرا و يهم حتى فحش الخطأ منه " . فعكرمة خير منه , و إن تكلم فيه
, و يكفيه أن مسلما احتج به . لكن تابعه ملازم بن عمرو فقال : حدثنا عبد الله
بن بدر أن عبد الرحمن بن علي حدثه أن أباه علي بن شيبان حدثه : أنه خرج وافدا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فصلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم
فلمح بمؤخر عينيه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع و السجود , فلما انصرف رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا معشر المسلمين ! إنه لا صلاة لمن لا يقيم
صلبه في الركوع و السجود " . أخرجه أحمد و ابن ماجه و ابن خزيمة ( 593 ) و ابن
حبان ( 500 ) . و ملازم هذا ثقة بلا خلاف يذكر , فروايته أرجح من رواية عكرمة
بن عمار , لاسيما و قد قال أحمد : كان يحيى بن سعيد يختاره على عكرمة بن عمار و
يقول : هو أثبت حديثا منه . إلا أنه من الممكن أن يقال : يحتمل أن يكون لعبد
الله بن بدر في الحديث إسنادان , أحدهما عن طلق بن علي , و الآخر عن عبد الرحمن
بن علي بن شيبان عن أبيه . فروى عكرمة عنه الأول , و ملازم عنه الآخر . و الله
أعلم . و خالفهم جميعا عامر بن يساف فقال : حدثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله
بن بدر الحنفي عن أبي هريرة مرفوعا به نحو حديث الترجمة . أخرجه أحمد ( 2 / 525
) . قلت : و رجاله ثقات غير عامر بن يساف , ففيه ضعف . قال ابن عدي : " هو منكر
الحديث عن الثقات , و مع ضعفه يكتب حديثه " . و قال أبو داود : " ليس به بأس ,
رجل صالح " . و قال العجلي : " يكتب حديثه , و فيه ضعف " . و أعله الحافظ في "
التعجيل " بالانقطاع بين الحنفي و أبي هريرة , و مما سبق يتبين خطأ قول المنذري
( 1 / 183 ) : " رواه أحمد بإسناد جيد " . و مثله قول العراقي في " تخريج
الإحياء " ( 1 / 132 ) : " إسناده صحيح " . و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد "
( 2 / 120 ) : " رواه أحمد من رواية عبد الله بن زيد الحنفي عن أبي هريرة , و
لم أجد من ترجمه " . قلت : الذي في " المسند " : " عبد الله بن بدر " كما تقدم
, و كذلك نقله الحافظ عن " المسند " , فالظاهر أنه تصحف على الهيثمي , أو وقع
له ذلك في نسخته من " المسند " . و الله أعلم . و بالجملة , فالأصح في الحديث
أنه من رواية عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه مرفوعا
بلفظ : " لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع و السجود " . لكن لحديث الترجمة
شاهد من رواية علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس مرفوعا في حديث . أخرجه أبو
يعلى ( 3 / 914 - 916 ) . و علي بن زيد - هو ابن جدعان - لا بأس به في الشواهد
.
2537 " الصلاة ثلاثة أثلاث : الطهور ثلث و الركوع ثلث و السجود ثلث , فمن أداها
بحقها قبلت منه و قبل منه سائر عمله و من ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 85 :

أخرجه البزار في " مسنده " ( 1 / 177 / 349 ) : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير
حدثنا شبابة بن سوار حدثنا مغيرة بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح عن # أبي هريرة
# قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره , و قال : " لا نعلمه مرفوعا
إلا عن المغيرة , و لم يتابع عليه , و إنما يحفظ عن أبي صالح عن كعب قوله " .
قلت : المغيرة بن مسلم ثقة كما قال الهيثمي ( 2 / 147 ) و لم يضعفه أحد , و لذا
قال الحافظ : " صدوق " . و سائر رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن زكريا
الضرير , و قد ترجمه الخطيب ( 8 / 457 - 458 ) برواية جمع من الحفاظ عنه , و لم
يذكر فيه جرحا و لا تعديلا , فمثله يحتج به و لو في مرتبة الحسن , و لذلك قال
المنذري ( 1 / 185 ) و تبعه الهيثمي : " و إسناده حسن " . قلت : و هو كما قالا
, إلا أن يثبت بإسناد أصح من هذا عن أبي صالح عن كعب من قوله كما تقدم عن
البزار , و لكنه لم يذكر إسناده بذلك لننظر فيه . و للشطر الأخير من الحديث
شاهد عن أنس , تقدم برقم ( 1358 ) . ثم وجدت للمغيرة متابعا يرويه أبو فروة قال
: حدثني أبي عن أبيه : حدثنا سليمان الأعمش به . أخرجه ابن جميع في " معجم
الشيوخ " . قلت : و أبو فروة هذا هو يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي .
ذكره ابن أبي حاتم ( 4 / 2 / 288 ) بروايته عن جمع , منهم أبو محمد , ثم قال :
" كتب إلى أبي و إلي " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " ( 9 / 276 ) و قال : "
حدثنا عنه أبو عروبة , مات بـ ( الرها ) سنة تسع و ستين و مئتين " . و ابنه
محمد بن يزيد بن سنان ليس بالقوي كما في " التقريب " . و يزيد بن سنان ضعيف .
2538 " سألت ربي مسألة و ودت أني لم أسأله , قلت : يا رب ! كانت قبلي رسل منهم من
سخرت له الرياح و منهم من كان يحيي الموتى , [ و كلمت موسى ] . قال : ألم أجدك
يتيما فآويتك ? ألم أجدك ضالا فهديتك ? ألم أجدك عائلا فأغنيتك ? ألم أشرح لك
صدرك و وضعت عنك وزرك ? قال : فقلت بلى يا رب ! [ فوددت أن لم أسأله ] " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 86 :

أخرجه الحاكم ( 2 / 526 ) و الزيادتان له , و البيهقي في " دلائل النبوة " ( ج
2 - مخطوط ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 155 / 2 خط و 11 / 455 /
12289 - ط ) و " المعجم الأوسط " ( 1 / 210 / 3394 بترقيمي ) و ابن أبي حاتم
كما في " تفسير ابن كثير " , و الضياء المقدسي في " المختارة " ( ق 248 / 2 )
من طرق عن حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن #‎ابن عباس # رضي
الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . و قال الطبراني :
" لم يرفعه عن حماد بن زيد إلا أبو الربيع الزهراني , و سليمان بن أيوب صاحب
البصري " . كذا قال : و فاته أنه تابعهما أبو النعمان عنده في " كبيره " , و
البيهقي أيضا و قرن معه سليمان بن حرب , و عبد الله بن الجراح عند الحاكم , و
قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و هو كما قالا , فإن عطاء بن السائب
, و إن كان اختلط , فإن حماد بن زيد سمع منه قبل الاختلاط كما في " تهذيب
التهذيب " , و قال النسائي فيه : " ثقة في حديثه القديم , إلا أنه تغير , و
رواية حماد بن زيد و شعبة و سفيان عنه جيدة " . و عليه فقول الهيثمي ( 8 / 254
) : " رواه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " , و فيه عطاء بن السائب , و قد
اختلط " ! فهو غير جيد . لأنه يشعر بأنه معلول بالاختلاط , و قد عرفت أنه ليس
بصواب . و كذلك ذكره الحافظ في آخر ترجمته أن رواية ابن زيد عنه صحيحة . و قد
تبع الهيثمي في ذهوله عن هذه الحقيقة جمع , منهم المناوي في " الجامع الأزهر "
, و صاحبنا السلفي في تعليقه على الطبراني ! ( تنبيه ) : قد أورد السيوطي
الحديث في " الجامع الكبير " ( 6 - 14517 ) بتخريج : " ق في (1) , كر عن ابن
عباس " . فقالت اللجنة في التعليق عليه : " بياض في الأصل في جميع النسخ " .
فأقول : من المعلوم من مقدمة السيوطي في " الجامع " في أثناء تحدثه عن رموزه
قوله : " و للبيهقي ( ق ) , فإن كان في " السنن " أطلقت , و إلا بينته " .
فالبياض المشار إليه سواء كان من المؤلف - كما هو الظاهر - أو من النساخ ,
فصوابه : " الدلائل " كما يفهم من التخريج السابق . و قد أزيل هذا البياض من
بعض مخطوطات " الجامع " لكن بقي حرف ( في ) ! و عليه جرى صاحب " كنز العمال " (
11 / 456 ) لكنه حذف ( في ) ! فصار المعنى : " .. البيهقي في السنن " ! و هذا
غير صحيح ! و بعد كتابة ما تقدم رأيت ابن الجزري قد قوى الحديث في كتابه الفريد
" النشر في القراءات العشر " , فقال ( 2 / 391 ) : " روى ابن أبي حاتم بإسناد
جيد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم .. " فذكر الحديث .
2539 " من بات طاهرا بات في شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك :
اللهم اغفر لعبدك فلانا , فإنه بات طاهرا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 89 :

أخرجه عبد الله بن المبارك في " حديثه " ( 2 / 101 / 2 ) و في " الزهد " ( ق
216 / 1 و رقم 1244 - ط ) و ابن عدي ( ق 89 / 1 ) و ابن حبان ( 167 - موارد ) و
ابن شاهين في " الترغيب " ( ق 313 / 2 ) كلهم عن ابن المبارك : أخبرنا الحسن
ابن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء عن #‎أبي هريرة #‎أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : فذكره , لكن وقع في " الموارد " : " ابن عمر " مكان أبي هريرة و
لعله سبق قلم من الناسخ , نعم قد روي عن ابن عمر من طريق أخرى كما يأتي . قلت :
و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال البخاري , على ضعف في ابن ذكوان , لكن لا
ينزل به حديثه عن مرتبة الحسن , و قد قال فيه ابن عدي : " أرجو أنه لا بأس به "
. و قال الذهبي : " و هو صالح الحديث " . و قال الحافظ : " صدوق يخطىء , و كان
يدلس " . و خالف ابن المبارك ميمون بن زيد فقال : حدثنا الحسن بن ذكوان عن
سليمان الأحول عن عطاء عن ابن عمر به . أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 3 / 209
/ 1 ) و البزار ( 1 / 149 / 288 - زوائده ) و قال : " لا نعلمه عن ابن عمر إلا
من هذا الوجه , و الحسن روى عنه جماعة ثقات " . قلت : لكن ميمون بن زيد لينه
أبو حاتم , و ذكره ابن حبان في " الثقات " . ثم أخرجه الطبراني و ابن شاهين و
العقيلي في " الضعفاء " ( ص 33 ) من طريق إسماعيل بن عياش عن العباس بن عتبة عن
عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر به . أورده العقيلي في ترجمة العباس هذا , و قال :
" لا يصح حديثه " . ثم قال : " و قد روي بغير هذا الإسناد , بإسناد لين أيضا "
. قلت : و كأنه يشير إلى إسناد ميمون بن زيد المذكور . و الذهبي نقل كلام
العقيلي : " لا يصح حديثه " , و أقره . و زاد الحافظ عليه في ترجمة العباس ,
فقال : " و قد ذكره ابن حبان في " الثقات " لكنه سماه ( عياشا ) بالياء المثناة
من تحت , و بالشين المعجمة " . قلت : و لفظ حديثه : " طهروا هذه الأجساد طهركم
الله , فإنه ليس عبد يبيت طاهرا إلا بات معه ملك في شعاره , لا ينقلب ساعة من
الليل إلا قال : اللهم اغفر لعبدك , فإنه بات طاهرا " و بهذا اللفظ أورده
المنذري في " الترغيب " ( 1 / 207 ) و الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 128 ) و
الحافظ ابن حجر في " الفتح " ( 11 / 93 ) لكنهم جميعا جعلوه من حديث ابن عباس ,
و قالوا : " رواه الطبراني في " الأوسط " بإسناد جيد " . إلا أن الهيثمي قال :
" و إسناده حسن " . لكنه في مكان آخر لما أورده من حديث ابن عمر بلفظ حديث
الترجمة , قال ( 1 / 226 ) : " رواه البزار و الطبراني في " الكبير " , و فيه
ميمون بن زيد , قال الذهبي : لينه أبو حاتم , و في إسناد الطبراني العباس بن
عتبة , قال الذهبي : يروي عن عطاء - و ساق له هذا الحديث , و قال : - لا يصح
حديثه . قلت : قد رواه سليمان الأحول عن عطاء , و هو من رجال الصحيح . كذلك هو
عند البزار , و أرجو أنه حسن الإسناد . و لفظ الطبراني : طهروا هذه الأجساد ...
" . قلت : فساق لفظه كما تقدم آنفا . فهذا يشعر أنه من حديث ابن عمر أيضا فهو
مخالف لتصريحه في المكان المشار إليه آنفا أنه من حديث ابن عباس : فالله أعلم
بسبب هذا التناقض . ثم إن في كلامه السابق ما يقتضي التنبيه عليه , و هو أنه
يشعر أن الطبراني لم يروه من طريق ميمون بن زيد , و لا من طريق سليمان الأحول ,
و الأمر بخلافه كما يتبين لك من مراجعة تخريجي لرواية ميمون هذا , كما يشعر
أيضا أن رواية البزار ليست من رواية ميمون , و هو خلاف الواقع أيضا , و قد نبه
على هذا الأمر الأخير في هامش " المجمع " , و أظنه بقلم الحافظ ابن حجر رحمه
الله . و جملة القول أن الحديث حسن الإسناد لولا عنعنة ابن ذكوان , فهو حسن
برواية العباس بن عتبة . و الله أعلم . و أما قول المعلق على " موارد الظمآن "
( 1 / 287 - دمشق ) : " و يشهد له حديث معاذ عند أحمد ( 5 / 235 ) .. " إلخ ,
فهو خطأ , لأنه ليس فيه منه إلا فضل من بات طاهرا , دون قوله : " بات في شعاره
ملك .. " إلخ , فهو شاهد قاصر جدا , و هذا مما يقع فيه كثيرا المشار إليه و
أمثاله ممن لا فقه عندهم , و لا معرفة بالمعاني و المتون من المشتغلين بهذا
العلم الشريف . و قد وقع له خطأ آخر في تخريجه لحديث معاذ , فحسنه من حديث شهر
بن حوشب عند أبي داود و غيره , و غفل عن متابعة ثابت البناني إياه عند أبي داود
و غيره . انظر تخريجي للحديث فيما يأتي برقم ( 3288 ) . ثم انكشف لي سبب
التناقض المتقدم ذكره , و هو أن الطبراني في " الأوسط " لما أخرج الحديث فيه (
2 / 9 / 2 / 5219 - بترقيمي ) أخرجه من طريق إسماعيل بن عياش المتقدمة من
روايته في " المعجم الكبير " و غيره عن العباس بن عتبة عن عطاء بن أبي رباح ..
فقال : ( عن ابن عباس ) مكان ( عن ابن عمر ) , و هذا من العباس هذا أو إسماعيل
بن عياش . و الله أعلم . ثم رأيت الحافظ قد أورد حديث ابن حبان برواية ابن حبان
, ثم قال ( 11 / 109 ) : " و أخرج الطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس
نحوه بسند جيد " .

ساجدة لله
2010-10-20, 04:44 AM
2540 " يدخل أهل الجنة الجنة , فيبقى منها ما شاء الله عز وجل , فينشئ الله تعالى
لها ـ يعني خلقا ـ حتى يملأها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 92 :

أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 152 ) : حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن ثابت عن #‎أنس
#‎قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح
على شرط مسلم , و قد أخرجه هو ( 8 / 152 ) و أبو يعلى ( 3 / 892 ) من طريق عفان
: حدثنا حماد به . و تابعه قتادة عن أنس به . أخرجه البخاري ( 7384 ) و مسلم و
أحمد ( 3 / 134 و 141 و 231 ) . و له شاهد من حديث أبي هريرة . أخرجه الشيخان و
غيرهما , و هو مخرج في الكتاب الآخر , تحت الحديث ( 6199 ) . و قد وقع في رواية
للبخاري ( 7449 ) من طريق الأعرج عن أبي هريرة بلفظ : " .. و ينشئ للنار ... "
, مكان " .. الجنة " . و هي بلا شك رواية شاذة لمخالفتها للطريق الأولى عن أبي
هريرة و لحديث أنس , و قد أشار إلى ذلك الحافظ أبو الحسن القابسي ( علي بن محمد
بن خلف القيرواني ت 403 ) , و قال جماعة من الأئمة : إنه من المقلوب , و جزم
ابن القيم بأنه غلط , و احتج بأن الله أخبر بأن جهنم تمتلئ من إبليس و أتباعه ,
و أنكرها الإمام البلقيني , و احتج بقوله تعالى : *( و لا يظلم ربك أحدا )* .
ذكره الحافظ في " الفتح " ( 13 / 437 ) . فأقول : هذا الشذوذ في هذا الحديث
مثال من عشرات الأمثلة التي تدل على جهل بعض الناشئين الذي يتعصبون لـ " صحيح
البخاري " , و كذا لـ " صحيح مسلم " تعصبا أعمى , و يقطعون بأن كل ما فيهما
صحيح ! و يقابل هؤلاء بعض الكتاب الذين لا يقيمون لـ " الصحيحين " وزنا ,
فيردون من أحاديثهما ما لا يوافق عقولهم و أهواءهم , مثل ( السقاف ) و ( حسان )
و ( الغزالي ) و غيرهم . و قد رددت على هؤلاء و هؤلاء في غير ما موضع .
2541 " اللهم أكثر ماله و ولده و أطل عمره و اغفر له . يعني أنسا رضي الله عنه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 94 :

أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1048 ) : حدثنا أبو الربيع الزهراني أخبرنا
حماد ابن زيد عن سنان بن ربيعة عن # أنس بن مالك # قال : انطلقت بي أمي إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! خويدمك فادع الله له .
فقال : ( فذكره ) قال : فكثر مالي , و طال عمري حتى قد استحييت من أهلي , و
أينعت ثماري ( ! ) , و أما الرابعة يعني المغفرة . قلت : و هذا إسناد جيد ,
رجاله ثقات رجال الشيخين غير سنان بن ربيعة , فأخرج له البخاري مقرونا بغيره ,
و قال الحافظ : " صدوق فيه لين " . و أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " ( 653
) من طريق سعيد بن زيد عن سنان به نحوه , و فيه أنه قال : " فدعا لي بثلاث ,
فدفنت مائة و ثلاثة , و إن ثمرتي لتطعم في السنة مرتين , و طالت حياتي حتى
استحييت من الناس , و أرجو المغفرة " . و ترجم له بـ " باب من دعا بطول العمر "
. و أصله في " صحيح البخاري " ( 11 / 122 - فتح ) و مسلم ( 2 / 128 ) من طريقين
آخرين عن أنس دون ذكر العمر , و قد وهم مخرج " الأدب المفرد " حيث عزاه لمسلم
دون البخاري , و دون أن ينبه على أن العمر ليس عندهما , و تقدم تخريجه برقم (
140 و 141 ) و مع ذلك فقد ترجم له البخاري في " الصحيح " بقوله : " باب دعوة
النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه بطول العمر و بكثرة ماله " . فذكر الحافظ أن
البخاري أشار بذلك إلى طريق سنان هذه .
2542 " يا سعد ! اتق أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 95 :

أخرجه البزار في " مسنده " ( ص 92 - زوائده ) : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد
الأموي حدثنا أبي حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن # ابن عمر #‎قال : "
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة مصدقا , فقال : ( فذكره ) . قال
: لا آخذه , اعفني : فأعفاه " , و قال : " ما رواه هكذا إلا يحيى الأموي " .
قلت : و هو ثقة من رجال الشيخين , و كذلك سائر الرواة , و لذلك قال الحافظ عقبه
: " إسناده صحيح , و له شاهد من حديث ابن المسيب عن سعد نفسه " . و قال الهيثمي
في " المجمع " ( 3 / 86 ) : " رواه البزار , و رجاله رجال الصحيح " . و الشاهد
المشار إليه أخرجه أحمد ( 5 / 285 ) بإسناد رجاله ثقات رجال البخاري , إلا أن
سعيد بن المسيب لم يدرك سعدا . و له شاهد آخر من حديث قيس بن سعد بن عبادة
الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيا , فقال أبوه : لا تخرج
حتى تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا , فلما أراد الخروج أتى رسول الله
صلى الله عليه وسلم , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا قيس لا تأتي
يوم القيامة على رقبتك بعير له رغاء , أو بقرة لها خوار , أو شاة لها يعار , و
لا تكن كأبي رغال " الحديث . أخرجه البيهقي ( 4 / 157 ) عن هشام بن سعد بسنده
عن قيس . قلت : و هذا إسناد حسن , للخلاف المعروف في هشام , و قد جعل قيسا في
القصة مكان أبيه سعد , فإن كان حفظه , و إلا فالصواب ما في الروايتين السابقتين
أنه سعد .
2543 " لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر , يأخذ الرجل
حبله فيعمد إلى الجبل فيحتطب على ظهره فيأكل به خير له من أن يسأل الناس معطى
أو ممنوعا " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 96 :

أخرجه أحمد ( 2 / 418 ) : حدثنا قتيبة قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد عن
العلاء - يعني - ابن عبد الرحمن عن أبيه عن # أبي هريرة # أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال : فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و صححه
ابن حبان ( 3378 - الإحسان ) . و عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي فيه كلام لا
يضر , و قد تابعه على الجملة الأولى منه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن العلاء
به . أخرجه أبو يعلى ( 6691 ) و ابن عدي ( 299 / 2 ) و قال : " و ابن مجبر مع
ضعفه يكتب حديثه " . قلت : لكن كذبه مسلمة بن قاسم و الخطيب , فلا قيمة
لمتابعته , فالعمدة على رواية الدراوردي . ثم وجدت له متابعا قويا من رواية
محمد بن جعفر عن العلاء به . أخرجه الطبري في " التهذيب " ( مسند عمر - 19 / 25
) , فصح الحديث و الحمد لله . و للطرف الأول منه طريق آخر يرويه الطبري ( 20 /
26 ) و الأصبهاني ( 72 / 2 ) عن ابن عجلان : حدثني سعيد عن أبي هريرة مرفوعا .
و للشطر الثاني من الحديث طريق أخرى عن أبي هريرة نحوه . أخرجه الشيخان و
غيرهما , و شاهد من حديث الزبير بن العوام . أخرجه البخاري و غيره , و هو مخرج
في " تخريج الحلال " ( 157 ) . و للجملة الأولى شواهد من حديث عبد الرحمن بن
عوف نفسه عند أحمد ( 1 / 193 ) و من حديث أبي كبشة الأنماري عنده أيضا ( 4 /
231 ) و الترمذي و صححه , و هو مخرج في " المشكاة " ( 5287 ) و من حديث أم سلمة
, و فيه يونس ابن خباب , و هو ضعيف . و هو مخرج في " الروض النضير " ( 1192 ) .
2544 " بقي كلها غير كتفها " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 97 :

أخرجه الترمذي ( 2 / 77 ) و أحمد ( 6 / 50 ) عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي
إسحاق عن أبي ميسرة عن #‎عائشة # : أنهم ذبحوا شاة , فقال النبي صلى الله عليه
وسلم : ما بقي منها ? قالت : ما بقي منها إلا كتفها . قال : ... فذكره . و قال
الترمذي : حديث صحيح , و أبو ميسرة هو الهمداني , اسمه عمرو بن شرحبيل " . قلت
: هو ثقة عابد مخضرم من رجال الشيخين , و كذلك سائر رجاله ثقات من رجال الشيخين
, و أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي , و هو و إن كان رمي بالتدليس و
الاختلاط , فإن سفيان - و هو الثوري - سمع منه قبل الاختلاط , و لعله كان لا
يروي عنه إلا ما صرح بالتحديث كشعبة , فقد قالوا : الثوري أثبت الناس فيه . و
للحديث طريق أخرى , و شاهد من حديث أبي هريرة . أما الطريق , فأخرجه أبو نعيم
في " الحلية " ( 5 / 23 ) : حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم حدثنا موسى بن
إسحاق القاضي الأنصاري حدثنا عيسى بن عثمان حدثنا عمي يحيى بن عيسى حدثنا
الأعمش عن طلحة عن مسروق عنها قالت : أهدي لنا شاة مشوية , فقسمتها إلا كتفها ,
فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له . فقال : " بقي لكم إلا كتفها "
, و قال : " غريب من حديث الأعمش عن طلحة , تفرد به يحيى بن عيسى " . قلت : و
هو النهشلي الفاخوري , و هو صدوق يخطىء , و احتج به مسلم . و عيسى بن عثمان هو
النهشلي الكسائي , و هو صدوق من شيوخ الترمذي . و موسى بن إسحاق الأنصاري
القاضي , قال ابن أبي حاتم ( 4 / 1 / 135 ) : " سمعت عنه , و هو ثقة صدوق " .
قلت : فالسند حسن لولا أنني لم أجد لشيخ أبي نعيم ترجمة الآن . و أما الشاهد ,
فقال البزار ( ص 99 - مختصر الزوائد ) : حدثنا علي بن محمد حدثنا عمرو بن
العباس : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبي مريم عن أبي هريرة
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن تذبح شاة فيقسمها بين الجيران , قال
: فذبحتها , فقسمتها بين الجيران , و رفعت الذراع إلى النبي صلى الله عليه وسلم
, و كان أحب الشاة إليه الذراع , فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة
: ما بقي عندنا منها إلا الذراع . قال : " كلها بقي إلا الذراع " . و قال
المختصر و هو ابن حجر : " إسناده حسن " . و قال الهيثمي في " المجمع " ( 3 /
109 ) : " رواه البزار , و رجاله ثقات " . قلت : و رجاله كلهم ثقات معروفون من
رجال " التهذيب " غير علي بن محمد , فلم أعرفه الآن . ثم رأيت حديث الترجمة في
" المستدرك " ( 4 / 136 ) مختصرا من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق به عن عائشة
قالت : " كانت لنا شاة فخشينا أن تموت , فقتلناها و قسمناها إلا كتفها " . و
قال : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .
2545 " إن الله تبارك و تعالى لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 99 :

أخرجه أحمد ( 4 / 446 و 5 / 2 و 3 ) من طريق أبي قزعة الباهلي عن #‎حكيم بن
معاوية عن أبيه #‎قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : و هذا
إسناد صحيح , رجاله كلهم ثقات , و اسم أبي قزعة سويد بن حجير . و في لفظ له :
" لا يقبل الله عز وجل من أحد توبة أشرك بعد إسلامه " . و تابعه عليه بهز بن
حكيم عن أبيه به , إلا أنه قال : " عملا " مكان : " توبة " . أخرجه أحمد ( 5 /
5 ) . قلت : و بهز ثقة حجة , لاسيما في روايته عن أبيه , و فيها ما يفسر رواية
أبي قزعة , و يزيل الإشكال الوارد على ظاهرها , فهي في ذلك كقوله تعالى : *( إن
الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم )* ( آل عمران : 90 )
و لذلك أشكلت على كثير من المفسرين , لأنها بظاهرها مخالفة لما هو معلوم من
الدين بالضرورة من قبول توبة الكافر , و من الأدلة على ذلك قوله تعالى قبل
الآية المذكورة : *( كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم )* إلى قوله : *(
أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين . خالدين فيها ...
)* إلى قوله : *( إلا الذين تابوا من بعد ذلك و أصلحوا فإن الله غفور رحيم )* (
آل عمران : 86 - 89 ) فاضطربت أقوال المفسرين في التوفيق بين الآيتين , و إزالة
الإشكال على أقوال كثيرة لا مجال لذكرها الآن , و إنما أذكر منها ما تأيد
برواية بهز هذه , فإنها كما فسرت رواية أبي قزعة فهي أيضا تفسر الآية و تزيل
الإشكال عنها . فكما أن معنى قوله في الحديث : " لا يقبل توبة عبد كفر بعد
إسلامه " , أي توبته من ذنب في أثناء كفره , لأن التوبة من الذنب عمل , و الشرك
يحبطه كما قال تعالى : *( لئن أشركت ليحبطن عملك )* ( الزمر : 65 ) فكذلك قوله
تعالى في الآية : *( لن تقبل توبتهم )* , أي من ذنوبهم , و ليس من كفرهم . و
بهذا فسرها بعض السلف , فجاء في " تفسير روح المعاني " للعلامة الآلوسي ( 1 /
624 ) ما نصه بعد أن ذكر بعض الأقوال المشار إليها : " و قيل : إن هذه التوبة
لم تكن عن الكفر , و إنما هي عن ذنوب كانوا يفعلونها معه , فتابوا عنها مع
إصرارهم على الكفر , فردت عليهم لذلك , و يؤيده ما أخرجه ابن جرير <1> عن أبي
العالية قال : هؤلاء اليهود و النصارى كفروا بعد إيمانهم , ثم ازدادوا كفرا
بذنوب أذنبوها , ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم , فلم تقبل توبتهم , و
لو كانوا على الهدى قبلت , و لكنهم على ضلالة " . قلت : و هذا هو الذي اختاره
إمام المفسرين ابن جرير رحمه الله تعالى , فليراجع كلامه من أراد زيادة تبصر و
بيان .

-----------------------------------------------------------
[1] أخرجه في تفسيره ( 6 / 579 رقم 7376 - 7381 ) من طرق عن داود بن أبي هند عن
أبي العالية بنحوه , و السياق المذكور لفقه الآلوسي من مجموع الطرق , فتنبه .
اهـ .
2546 " اشووا لنا منه , فقد بلغ محله " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 101 :

أخرجه أبو يعلى ( 2 / 796 ) و من طريقه الضياء في " الأحاديث المختارة " ( ق
194 / 2 ) : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي سمينة السامي أخبرنا وكيع عن شعبة عن
قتادة عن #‎أنس #‎: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيت عائشة فرأى لحما ,
فقال : اشووا لنا منه . فقالوا يا رسول الله ! إنها صدقة . فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ... " فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين
غير ابن أبي سمينة و هو التمار البغدادي , ثقة . و لكني لم أجد من قال فيه (
السامي ) <1> . و الله أعلم ثم رواه ( 2 / 823 ) من طريق أبي داود قال : أنبأنا
شعبة به نحوه بلفظ : " هو عليها صدقة , و لنا هدية " . و هو بهذا اللفظ في "
الصحيحين " و غيرهما .

-----------------------------------------------------------
[1] و وقع في " مسند أبي يعلى " ( 3078 ) المطبوع : " الشامي " ! و هو بغدادي !
. اهـ .
2547 " إن الله إذا استودع شيئا حفظه " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 102 :

أخرجه النسائي في " عمل اليوم " ( 509 ) و ابن حبان ( 2376 - الموارد ) و
البيهقي ( 9 / 173 ) و الطبراني ( 3 / 206 / 2 ) و علي بن المفضل المقدسي في "
الأربعين في فضل الدعاء و الداعين " ( 5 / 250 / 1 ) عن محمد بن عائذ الدمشقي :
أخبرنا الهيثم بن حميد عن المطعم بن المقدام عن مجاهد قال : خرجت إلى العراق ,
و شيعنا #‎عبد الله بن عمر # , فلما فارقنا قال : إني ليس عندي شيء أعطيكم , و
لكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( فذكره ) , و إني أستودع الله
دينكم و أمانتكم و خواتيم أعمالكم . قلت : و هذا إسناد جيد , رجاله كلهم ثقات ,
على ضعف يسير في الهيثم بن حميد . و له شاهد من حديث عمر رضي الله عنه , أخرجه
عبد الوهاب بن أحمد أبو الحسين في " حديث أبي بكر بن أبي الحديد " ( ق 191 / 2
) عن نهشل الضبي عن أبي غالب أو أبي قزعة أو عن كلاهما عنه مرفوعا . قلت : هكذا
وجدته بخطي عن المصدر المذكور , و يبدو أن فيه سقطا و زيادة فقد أخرجه الإمام
أحمد ( 2 / 87 ) من طريق سفيان عن نهشل بن مجمع عن قزعة عن ابن عمر قال : " إن
لقمان الحكيم كان يقول : ( فذكر حديث الترجمة ) و قال مرة نهشل عن قزعة أو عن
أبي غالب " . ثم أخرجه أحمد من طريق أخرى عن سفيان : أخبرني نهشل بن مجمع الضبي
- قال : و كان مرضيا - عن قزعة قال : أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
لقمان ... الحديث . قلت : و هذا سند صحيح لولا أن نهشلا تردد بين قزعة و أبي
غالب , و قزعة ثقة , و أبو غالب مجهول , و لا يجوز ترجيح أحد طرفي التردد على
الآخر إلا بمرجح , و هذا ما لم نجده حتى الآن , و لذلك كنت أوردته في " الضعيفة
" ( 3191 ) و أوضحت السبب هناك . و أزيد هنا فأقول : إن في رواية نهشل هذه أن
الحديث هو من قول لقمان الحكيم , و هذه زيادة على رواية مجاهد التي ظاهرها أنها
من قوله صلى الله عليه وسلم , و الزيادة على الثقة لا تقبل إلا من ثقة مثله و
هذا معدوم هنا . فتنبه . و في معنا الحديث ما أخرجه النسائي في " عمل اليوم و
الليلة " ( 508 ) و كذا ابن السني من طريق الليث بن سعد و سعيد بن أبي أيوب عن
الحسن بن ثوبان أنه سمع موسى بن وردان يقول : أتيت أبا هريرة أودعه لسفر أردته
فقال أبو هريرة رضي الله عنه : ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى
الله عليه وسلم أقوله عند الوداع ? قلت : بلى . قال : قل : أستودعكم الله الذي
لا تضيع ودائعه . قلت : و هذا إسناد حسن . و أخرجه أحمد ( 2 / 403 ) لكنه لم
يذكر سعيد ابن أبي أيوب في إسناده . و تابعهما ابن لهيعة عن الحسن بن ثوبان به
, إلا أنه قال : " ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم , إذا
أردت سفرا أو تخرج مكانا , تقول لأهلك .. " , فذكره . أخرجه ابن السني ( 501 )
و ابن ماجه ( 2825 ) مختصرا , و أحمد ( 2 / 358 ) بلفظ : " أستودع الله دينك و
أمانتك و خواتيم عملك " . و ابن لهيعة سيىء الحفظ فلا يحتج به إلا فيما وافق
الثقات و اللفظ الذي قبله أصح . انظر الحديث المتقدم ( 16 ) .
2548 " ما من ذي رحم يأتي رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه إلا أخرج له
يوم القيامة من جهنم حية يقال لها : شجاع , يتلمظ , فيطوق به " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 104 :

أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 1 / 235 / 2 - النسخة العتيقة ) و " الأوسط " (
2 / 42 / 1 / 5723 ) عن عبد الله بن أبي زياد القطواني : أخبرنا إسحاق بن
الربيع العصفري عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي عن # جرير بن عبد الله #‎عن
النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله ثقات غير العصفري ,
و قد روى عنه جمع آخر من الثقات غير القطواني , قال الذهبي : " ذكره ابن عدي ,
و ساق له حديثين غريبين , متن الواحد : " كل معروف صدقة " . رواه عنه أحمد بن
بديل , و إسحاق صدوق إن شاء الله " . و أقره الحافظ في " التهذيب " . و أما في
" التقريب " فقال : " مقبول " . و قال المنذري ( 2 / 33 ) , ثم الهيثمي ( 8 /
154 ) : " رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " بإسناد جيد " . و للحديث
شواهد عند المنذري أحدها في " سنن أبي داود " تقدم تخريجه برقم ( 2438 ) .
2549 " أحسن ابن الخطاب " .

قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 105 :

أخرجه أحمد ( 5 / 368 ) : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الأزرق‎بن قيس عن
عبد الله بن رباح عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم صلى العصر , فقام رجل يصلي , فرآه عمر , فقال له : اجلس , فإنما
هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فذكره . قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال البخاري , و جهالة الصحابي لا
تضر , و هو أبو رمثة كما في رواية أبي داود ( 1007 ) من طريق المنهال بن خليفة
عن الأزرق بن قيس به نحوه . و المنهال ضعيف . و للحديث شاهد من حديث معاوية رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن لا توصل صلاة بصلاة حتى يتكلم أو
يخرج . رواه مسلم و غيره , و هو مخرج في " صحيح أبي داود " ( 1034 ) . و الحديث
نص صريح في تحريم المبادرة إلى صلاة السنة بعد الفريضة دون تكلم أو خروج , كما
يفعله كثير من الأعاجم و بخاصة منهم الأتراك , فإننا نراهم في الحرمين الشريفين
لا يكاد الإمام يسلم من الفريضة إلا بادر هؤلاء من هنا و هناك قياما إلى السنة
! و في الحديث فائدة أخرى هامة , و هي جواز الصلاة بعد العصر , لأنه لو كان غير
جائز , لأنكر ذلك على الرجل أيضا كما هو ظاهر , و هو مطابق لما ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بعد العصر ركعتين , و يدل على أن ذلك ليس من
خصوصياته صلى الله عليه وسلم , و ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا
صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس " محمول على ما إذا كانت الشمس مصفرة , لأحاديث
صحت مقيدة بذلك . و قد سبق تخريج بعضها مع الكلام عليها من الناحية الفقهية تحت
الحديث ( 200 و 314 ) .