تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السلسلة الصحيحة للالباني



الصفحات : 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 [36] 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124

ساجدة لله
2010-10-12, 03:06 AM
469 " إذا حكمتم فاعدلوا و إذا قتلتم فأحسنوا , فإن الله محسن يحب المحسنين " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 761 :

أخرجه ابن أبي عاصم في " الديات " ( ص 56 ) و ابن عدي في " الكامل "
( 328 / 2 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 113 ) من طرق عن محمد
ابن بلال حدثنا عمران عن قتادة عن # أنس بن مالك # رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .

قلت : و هذا إسناد جيد رجاله ثقات معروفون غير محمد بن بلال و هو البصري الكندي
قال ابن عدي : " أرجو أنه لا بأس به " .
و قال الحافظ : " صدوق يغرب " .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:06 AM
470 " صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي , إمام ظلوم غشوم , و كل غال مارق " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 762 :

أخرجه أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 120 / 2 ) و الجرجاني في
" الفوائد " ( 112 / 1 ) و ابن أبي الحديد السلمي في " حديث أبي الفضل السلمي "
( 2 / 1 ) و أبو بكر الكلاباذي في " مفتاح المعاني " ( 360 / 2 ) من طرق عن
المعلى ابن زياد عن أبي غالب عن # أبي أمامة # عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : فذكره .

قلت : و هذا إسناد حسن , رجاله كلهم ثقات رجال مسلم , غير أبي غالب و هو صاحب
أبي أمامة , و هو حسن الحديث . و في " التقريب " : " صدوق يخطىء " .
و الحديث قال المنذري في " الترغيب " ( 3 / 144 ) :
" رواه الطبراني في " الكبير " و رجاله ثقات " .
و قال الهيثمي في " المجمع " ( 5 / 235 ) : " رواه الطبراني في " الكبير "
و " الأوسط " , و رجال الكبير ثقات " .
و فيه إشعار بأن إسناد الأوسط ليس كذلك , فإنه عنده ( 1 / 197 / 2 ) من طريق
العلاء بن سليمان عن الخليل بن مرة عن أبي غالب به , و قال : " لم يروه عن
الخليل إلا العلاء " .

قلت : و كلاهما ضعيف .
و الحديث أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " ( 4 / 1 ) و ابن سمعون الواعظ في
" المجلس الخامس عشر " ( 53 - 54 ) من طريق موسى بن خلف العمي حدثنا المعلى
ابن زياد عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار مرفوعا به .
و رجاله ثقات غير أن العمي هذا صدوق له أوهام كما في " التقريب " , فأخشى أن
يكون قد وهم في إسناده على المعلى , لكن رواه ابن أبي عاصم أيضا من طريق ابن
المبارك حدثني منيع حدثني معاوية ابن قرة به .
غير أني لم أعرف منيعا هذا . و الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:06 AM
471 " إن الشيطان قد أيس أن يعبد بأرضكم هذه , و لكنه قد رضي منكم بما تحقرون " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 763 :

أخرجه الإمام أحمد ( 2 / 368 ) : حدثنا معاوية : حدثنا أبو إسحاق عن الأعمش
عن أبي صالح عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين .
و أبو إسحاق هو الفزاري .
و معاوية هو ابن عمرو بن المهلب الأزدي الكوفي البغدادي , و من طريقه أخرجه
أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 256 ) و قال : " صحيح ثابت , رواه عن الأعمش
الناس جميعا " .

قلت : منهم الثوري عند أبي نعيم ( 7 / 86 ) .
و للحديث شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أبو يعلى في مسنده بسند ضعيف , و أخرجه
أحمد ( 1 / 402 - 403 ) مختصرا بسند آخر فيه مجهول هو عبد ربه بن أبي يزيد ,
و قول الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 189 ) :
" رواه أحمد و الطبراني في " الأوسط " و رجالهما رجال الصحيح , غير عمران
ابن داود القطان , و قد وثق " .
فهو خطأ , لأن عبد ربه هذا لم يخرج له البخاري و مسلم شيئا .
و كذلك قول المنذري في " الترغيب " ( 3 / 145 ) : " ... بإسناد حسن " فغير حسن
لجهالة المذكور .
و في المحقرات من الذنوب حديث آخر صحيح مضى برقم ( 384 ) .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:07 AM
472 " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 764 :

أخرجه مسلم ( 7 / 18 - 19 ) و أحمد ( 3 / 382 ) و الخرائطي في " مكارم الأخلاق
" ( ص 90 ) من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع # جابر بن عبد الله #
يقول : " أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في رقية الحية لبني عمرو .
قال أبو الزبير : سمعت جابر بن عبد الله يقول :
" لدغت رجلا منا عقرب و نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل :
يا رسول الله أرقي ? قال .... " فذكره .

و تابعه ليث بن سعد عن أبي الزبير .
رواه أحمد ( 3 / 334 ) .
و في رواية لمسلم و أحمد ( 3 / 302 - 315 ) من طريق أبي سفيان عن جابر قال :
" كان لي خال يرقي من العقرب , فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى ,
قال : فأتاه فقال : يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقى , و أنا أرقي من العقرب
? فقال : فذكر الحديث .

و في رواية أخرى من هذا الوجه :
" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى , فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها
من العقرب , و إنك نهيت عن الرقى , قال : فعرضوها عليه , فقال : ما أرى بأسا ,
من استطاع ... " .

و أخرجه ابن ماجه ( 3515 ) بنحوه و قال :
" فقال لهم : اعرضوا علي , فعرضوها عليه , فقال : لا بأس بهذه , هذه مواثيق " .
و ليس عنده قوله في آخره : " من استطاع ... " خلافا لما فعل السيوطي في
" الجامع الصغير " فإنه عزاه لأحمد و مسلم و ابن ماجه ! و كذلك صنع في
" الكبير " ( 2 / 217 / 2 ) و زاد في التخريج : عبد بن حميد و ابن حبان و ابن
عساكر .
و عزاه قبل ذلك بأحاديث للخرائطي في مكارم الأخلاق عن الحسن مرسلا !
و قد أخرجه عن جابر موصولا كما رأيت .

و في الحديث استحباب رقية المسلم لأخيه المسلم بما لا بأس به من الرقى , و ذلك
ما كان معناه مفهوما مشروعا , و أما الرقى بما لا يعقل معناه من الألفاظ فغير
جائز . قال المناوي :
" و قد تمسك ناس بهذا العموم , فأجازوا كل رقية جربت منفعتها , و إن لم يعقل
معناها , لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي إلى شرك يمنع , و ما لا يعرف معناه
لا يؤمن أن يؤدي إليه , فيمنع احتياطا " .

قلت : و يؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمح لآل عمرو بن حزم بأن
يرقي إلا بعد أن اطلع على صفة الرقية , و رآها مما لا بأس به . بل إن الحديث
بروايته الثانية من طريق أبي سفيان نص في المنع مما لا يعرف من الرقى , لأنه
صلى الله عليه وسلم نهى نهيا عاما أول الأمر , ثم رخص فيما تبين أنه لا بأس به
من الرقى , و ما لا يعقل معناه منها لا سبيل إلى الحكم عليها بأنه لا بأس بها ,
فتبقى في عموم المنع . فتأمل .

و أما الاسترقاء , و هو طلب الرقية من الغير , فهو و إن كان جائزا , فهو مكروه
كما يدل عليه حديث " هم الذين لا يسترقون ... و لا يكتوون , و لا يتطيرون ,
و على ربهم يتوكلون " متفق عليه .
و أما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم :
" هم الذين لا يرقون و لا يسترقون ... "
فهي زيادة شاذة , و لا مجال لتفصيل القول في ذلك الآن من الناحية الحديثية ,
و حسبك أنها تنافي ما دل عليه هذا الحديث من استحباب الترقية .
و بالله التوفيق .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:07 AM
473 " كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا ? و يقول :
ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 766 :

أخرجه مالك في " الموطأ " ( 2 / 956 / 2 ) و عند الحاكم ( 4 / 390 - 391 ) من
طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن زفر بن صعصعة عن أبيه عن # أبي هريرة #
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ...
و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي .

قلت : و هو كما قالا .
و الشطر الثاني منه أخرجه البخاري ( 4 / 349 ) من طريق سعيد بن المسيب أن أبا
هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لم يبق من النبوة إلا
المبشرات , قالوا : و ما المبشرات ? قال الرؤيا الصالحة " .

و للحديث شواهد كثيرة خرجتها في " إرواء الغليل " رقم ( 2539 ) .
و الحديث نص في أنه لا نبوة و لا وحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم
إلا المبشرات :
الرؤيا الصالحة , و هي جزء من ستة و أربعين جزء من النبوة . و لقد ضلت طائفة
زعمت بقاء النبوة و استمرارها بعده صلى الله عليه وسلم , و تأولوا بل عطلوا
معنى هذا الحديث , و نحوه مما في الباب , و كذلك حرفوا قول الله تعالى :
( و لكن رسول الله و خاتم النبيين ) بمثل قولهم :
أي زينة النبيين ! و تارة يقولون : هو آخر الأنبياء المشرعين , و يقولون ببقاء
النبوة غير التشريعية , و من المؤسف أن بعضهم كان استخرج كلمات الشيخ محي الدين
ابن عربي ( النكرة ) الدالة على بقاء هذه النبوة المزعومة من كتابه " الفتوحات
المكية " في كراس نشره على الناس , ثم لم يستطع أحد من المشايخ أن يرد عليهم .
و كانوا من قبل قد ألفوا بعض الرسائل في الرد عليهم , و إنما أمسكوا عن الرد
على هذا الكراس , لأن من مكر جامعه أنه لم يضع فيه من عند نفسه شيئا سوى أنه
ذكر فيه كلمات الشيخ المؤيدة لضلالهم في زعمهم المذكور , فلو ردوا عليه لكان
الرد متوجها إلى الشيخ الأكبر , و ذلك مما لا يجرؤ أحد منهم عليه , هذا إن لم
يروه زندقة ! فكأنهم يعتقدون أن الباطل إنما هو باعتبار المحل , فإذا قام فيمن
يعتقدونه كافرا , فهو باطل , و أما إذا قام فيمن يعتقدونه مسلما بل وليا , فهو
حق !! و الله المستعان .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:08 AM
474 " أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 767 :

أخرجه أحمد ( 6 / 52 ) عن يحيى و هو ابن سعيد , و ( 6 / 97 ) عن شعبة ,
و أبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " ( 5 / 78 / 1 ) عن عبدة , و ابن حبان
في " صحيحه " ( 1831 - موارد ) عن وكيع و علي بن مسهر و ابن عدي في " الكامل "
( ق 223 / 2 ) عن ابن فضيل , و الحاكم ( 3 / 120 ) عن يعلى بن عبيد , كلهم عن
إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم أن # عائشة # لما أتت على الحوأب سمعت
نباح الكلاب , فقالت :
" ما أظنني إلا راجعة , إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا : ( فذكره )
.فقال لها الزبير : ترجعين عسى الله عز و جل أن يصلح بك بين الناس " .

هذا لفظ شعبة . و مثله لفظ يعلى بن عبيد .
و لفظ يحيى قال : " لما أقبلت عائشة بلغت مياه بني عامر ليلا نبحت الكلاب ,
قالت : أي ماء هذا ? قالوا : ماء الحوأب , قالت : ما أظنني إلا أني راجعة ,
فقال بعض من كان معها , بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم ,
قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم :
كيف بإحداكن تنبح ... " .

قلت : و إسناده صحيح جدا , رجاله ثقات أثبات من رجال الستة : الشيخين
و الأربعة رواه السبعة من الثقات عن إسماعيل بن أبي خالد و هو ثقة ثبت كما في
" التقريب " . و قيس بن أبي حازم مثله , إلا أنه قد ذكر بعضهم فيه كلاما يفيد
ظاهره أنه مجروح , فقال الذهبي في " الميزان " :
" ثقة حجة كاد أن يكون صحابيا , وثقه ابن معين و الناس .
و قال علي ابن عبد الله عن يحيى بن سعيد منكر الحديث , ثم سمى له أحاديث
استنكرها , فلم يصنع شيئا , بل هي ثابتة , لا ينكر له التفرد في سعة ما روى ,
من ذلك حديث كلاب الحوأب , و قال يعقوب السدوسي : تكلم فيه أصحابنا , فمنهم من
حمل عليه , و قال : له مناكير , و الذين أطروه عدوها غرائب , و قيل : كان يحمل
على علي رضي الله عنه . إلى أن قال يعقوب : و المشهور أنه كان يقدم عثمان ,
و منهم من جعل الحديث عنه من أصح الأسانيد . و قال إسماعيل بن أبي خالد :
كان ثبتا , قال : و قد كبر حتى جاوز المائة و خرف .

قلت : أجمعوا على الإحتجاج به , و من تكلم فيه فقد آذى نفسه , نسأل الله
العافية و ترك الهوى , فقد قال معاوية بن صالح عن ابن معين : كان قيس أوثق
من الزهري " .

قلت : و قد تأول الحافظ في " التهذيب " قول يحيى بن سعيد و هو القطان :
" منكر الحديث " بأن مراده الفرد المطلق .

قلت : فإن صح هذا التأويل فيه , و إلا فهو مردود لأنه جرح غير مفسر , لاسيما
و هو معارض لإطباق الجميع على توثيقه و الإحتجاج به , و في مقدمتهم صاحبه
إسماعيل بن أبي خالد , فقد وصفه بأنه ثبت كما تقدم و لا يضره وصفه إياه بأنه
خرف , لأن الظاهر أنه لم يحدث في هذه الحالة , و لذلك احتجوا به مطلقا , و لئن
كان حدث فيها , فإسماعيل أعرف الناس به , فلا يروي عنه و الحالة هذه , و على
هذا فالحديث من أصح الأحاديث , و لذلك تتابع الأئمة على تصحيحه قديما و حديثا .

الأول : ابن حبان فقد أخرجه في صحيحه كما سبق .

الثاني : الحاكم بإخراجه إياه في " المستدرك " كما تقدم و لم يقع في المطبوع
منه التصريح بالتصحيح منه , و لا من الذهبي , فالظاهر أنه سقط من الطابع
أو الناسخ , فقد نقل الحافظ في " الفتح " ( 13 / 45 ) عن الحاكم أنه صححه ,
و هو اللائق به لوضوح صحته .

الثالث : الذهبي فقد قال في ترجمة السيدة عائشة من كتابه العظيم " سير النبلاء
" ( ص 60 بتعليق الأستاذ الأفغاني ) :
" هذا حديث صحيح الإسناد , و لم يخرجوه " .

الرابع : الحافظ ابن كثير , فقال في " البداية " بعد أن عزاه كالذهبي لأحمد في
" المسند " : " و هذا إسناد على شرط الشيخين , و لم يخرجوه " .

الخامس : الحافظ ابن حجر فقد قال في " الفتح " بعد أن عزاه لأحمد و أبي يعلى
و البزار : " و صححه ابن حبان و الحاكم , و سنده على شرط الصحيح " .

فهؤلاء خمسة من كبار أئمة الحديث صرحوا بصحة هذا الحديث , و ذلك ما يدل عليه
النقد العلمي الحديثي كما سبق تحقيقه , و لا أعلم أحدا خالفهم ممن يعتد بعلمهم
و معرفتهم في هذا الميدان سوى يحيى بن سعيد القطان في كلمته المتقدمة , و قد
عرفت جواب الحافظين الذهبي و العسقلاني عليه , فلا نعيده .
إلا أن العلامة القاضي أبا بكر بن العربي رحمه الله تعالى جاء في كتابه
" العواصم من القواصم " , كلام قد يدل ظاهره أنه يذهب إلى إنكار هذا الحديث
و يبالغ في ذلك أشد المبالغة , فقال في " عاصمة " ( ص 161 ) :
" و أما الذي ذكرتم من الشهادة على ماء الحوأب , فقد بؤتم في ذكرها بأعظم حرب ,
ما كان شيء مما ذكرتم , و لا قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الحديث , و لا
جرى ذلك الكلام , و لا شهد أحد بشهادتهم , و قد كتبت شهادتهم بهذا الباطل ,
و سوف تسألون " .
و يشير بقوله " الشهادة " إلى ما كان ذكره من قبل في " قاصمة " ( ص 148 ) :
" فجاؤا إلى ماء الحوأب , و نبحت كلابه , فسألت عائشة ? فقيل لها : هذا ماء
الحوأب , فردت خطامها عنه , و ذلك لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
" أيتكن صاحبة الجمل الأدبب التي تنبحها كلاب الحوأب , فشهد طلحة و الزبير أنه
ليس هذا ماء الحوأب , و خمسون رجلا إليهم , و كانت أول شهادة زور دارت في
الإسلام " .

قلت : و نحن و إن كنا نوافقه على إنكار ثبوت تلك الشهادة , فإنها مما صان الله
تبارك و تعالى أصحابه صلى الله عليه وسلم منها , لاسيما من كان منهم من العشرة
المبشرين بالجنة كطلحة و الزبير , فإننا ننكر عليه قوله " و لا قال النبي صلى
الله عليه وسلم ذلك الحديث " ! كيف و هو قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم بالسند
الصحيح في عدة مصادر من كتب السنة المعروفة عند أهل العلم ? !

و لعل عذره في ذلك أنه حين قال ذلك لم يكن مستحضرا للحديث أنه وارد في شيء من
المصادر , بل لعله لم يكن قد اطلع عليها أصلا , فقد ثبت عن غير واحد من العلماء
المغاربة أنه لم يكن عندهم علم ببعض الأصول الهامة من تأليف المشارقة , فهذا
ابن حزم مثلا لا يعرف الترمذي و ابن ماجه و لا كتابيهما ! و قد تبين لي أن
الحافظ عبد الحق الإشبيلي مثله في ذلك , فإنه لا علم عنده أيضا بسنن ابن ماجه ,
و لا بمسند الإمام أحمد , فقد رأيته يكثر العزو لأبي يعلى و البزار , و لا يعزو
لأحمد و ابن ماجه إطلاقا . و ذلك في كتابه " الأحكام الكبرى " الذي أنا في صدد
تحقيقه بإذن الله تعالى .

فليس من البعيد أن أبا بكر بن العربي مثلهما في ذلك , و إن كان رحل إلى الشرق ,
و الله أعلم .

و لكن إذا كان ما ذكرته من العذر محتملا بالنسبة إلى أبي بكر بن العربي فما
هو عذر الكاتب الإسلامي الكبير الأستاذ محب الدين الخطيب الذي علق على كلمة
ابن العربي في " العاصمة " بقوله :
" ... و أن الكلام الذي نسبوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم و زعموا أن عائشة
ذكرته عند وصولهم إلى ذلك الماء - ليس له موضع في دواوين السنة المعتبرة ... "
!
كذا قال : و كأنه عفى الله عنا و عنه , لم يتعب نفسه في البحث عن الحديث في
دواوين السنة المعتبرة , بل و في بعض كتب التاريخ المعتمدة مثل " البداية "
لابن كثير , لو أنه فعل هذا على الأقل , لعرف موضع الحديث في تلك الدواوين
المعتبرة أو بعضها على الأقل , و لكنه أخذ يحسن الظن بابن العربي و يقلده ,
فوقع في إنكار هذا الحديث الصحيح و ذلك من شؤم التقليد بغير حجة و لا برهان .
بيد أن هذا مع بعده عن الصواب , و الإنحراف عن التحقيق العلمي الصحيح , فإنه
هين بجانب قول صديقنا الأستاذ سعيد الأفغاني في تعليقه على قول الحافظ الذهبي
المتقدم في " سير النبلاء " : " هذا حديث صحيح الإسناد " :
" في النفس من صحة هذا الحديث شيء , و لأمر ما أهمله أصحاب الصحاح , و في
" معجم البلدان " مادة ( حوءب ) أن صاحبة الخطاب سلمى بنت مالك الفزارية
و كانت سبية وهبت لعائشة , و هي المقصودة بخطاب الرسول الذي زعموه ,
و قد ارتدت مع طلحة , و قتلت في حروب الردة , و من العجيب أن يصرف بعض الناس
هذه القصة إلى السيدة عائشة إرضاء لبعض الأهواء العصبية " .

و في هذا الكلام مؤاخذات :

الأولى : يظن الأستاذ الصديق أن إهمال أصحاب ( الصحاح ) لحديث ما إنما هو
لعلة فيه . و هذا خطأ بين عند كل من قرأ شيئا من علم المصطلح , و تراجم أصحاب
( الصحاح ) , فإنهم لم يتعمدوا جمع كل ما صح عندهم , في " صحاحهم " , و الإمام
مسلم منهم قد صرح بذلك في " صحيحه " , ( كتاب الصلاة ) , و ما أكثر الأحاديث
التي ينص الإمام البخاري على صحتها أو حسنها مما يذكره الترمذي عنه في " سننه "
و هو لم يخرجها في " صحيحه " .

الثانية : هذا إن كان يعني بـ ( الصحاح ) الكتب الستة , لكن هذا الإطلاق غير
صحيح , لأن السنن الأربعة من الكتب الستة ليست من ( الصحاح ) لا استصطلاحا ,
و لا واقعا , فإن فيها أحاديث كثيرة ضعيفة و الترمذي ينبه على ضعفها في غالب
الأحيان .
و إن كان يعني ما هو أعم من ذلك فليس بصحيح , فقد عرفت من تخريجنا المتقدم أن
ابن حبان أخرجه في " صحيحه " , و الحاكم في " المستدرك على الصحيحين " .

الثالثة : وثوقه بما جاء في " معجم البلدان " بدون إسناد , و مؤلفه ليس من أهل
العلم بالحديث , و عدم وثوقه بمسند الإمام أحمد , و قد ساق الحديث بالسند
الصحيح , و لا بتصحيح الحافظ النقاد الذهبي له !!

الرابعة : جزمه أن صاحبة الخطاب سلمى بنت مالك ... بدون حجة و لا برهان سوى
الثقة العمياء بمؤلف " المعجم " , و قد أشرنا إلى حاله في هذا الميدان , و بمثل
هذه الثقة لا يجوز أن يقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمى بنت مالك
كذا و كذا !!

الخامسة : إن الخبر الذي ذكره و وثق به لا يصح من قبل إسناده بل واه جدا ,
فقد قال الأستاذ الخطيب بعد الذي نقلناه عنه آنفا من الكلام على هذا الحديث .
" و لو كنا نستجيز نقل الأخبار الواهية لنقلنا في معارضة هذا الخبر خبرا آخر
نقله ياقوت في " معجم البلدان " ( مادة حوأب ) عن سيف بن عمر التميمي أن
المنبوحة من كلاب الحوأب هي أم زمل سلمى ... و هذا الخبر ضعيف , و الخبر الذي
أوردوه عن عائشة أو هى منه " .
كذا قال ! ( خلطوا عملا صالحا و آخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ) .

السادسة : قوله : " إرضاء لبعض الأهواء " .
و كأنه يشير بذلك إلى الشيعة الذين يبغضون السيدة عائشة رضي الله عنها
و يفسقونها إن لم يكفروها بسبب خروجها يوم الجمل , و لكن من هم الذين أشار
إليهم بقوله " بعض الناس " , ? أهو الإمام أحمد الذي وقف الأستاذ على إسناده
للحديث ? أم الذهبي الذي صححه أم هو يحيى بن سعيد القطان شيخ الإمام أحمد
و هو من الثقات الأثبات , لاسيما و قد تابعه ستة آخرون من الثقات كما تقدم ?
أم إسماعيل بن أبي خالد و هو مثله كما عرفت , أم شيخه قيس بن أبي حازم و هو
مثله في الثقة و الضبط , غير أنه قيل : إنه كان يحمل على علي رضي الله عنه .
فهو إذن من شيعة عائشة رضي الله عنها , فلا يعقل أن يروي عنها ما لا أصل له
مما فيه ارضاء لمن أشار إليهم الأستاذ !

و للحديث شاهد يزداد به قوة , و هو من حديث ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لنسائه :
" ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فينبحها كلاب الحوأب , يقتل عن
يمينها و عن يسارها قتلى كثير , ثم تنجو بعد ما كادت " .
رواه البزار و رجاله " ثقات " .
كذا قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " ( 7 / 234 ) و الحافظ في " فتح البارى "
( 13 / 45 ) . لكن أورده ابن أبي حاتم في " العلل " ( 2 / 426 ) من طريق الأشج
عن عقبة بن خالد عن ابن قدامة - يعني عصام ! - عن عكرمة عن ابن عباس به .
و قال : " قال أبي : لم يرو هذا الحديث غير عصام , و هو حديث منكر لا يروى من
طريق غيره " .

قلت : عصام هذا قال ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " ( 3 / 2 / 25 ) عن
أبيه " كوفي لا بأس به " . و كذا قال أبو زرعة و أبو داود .
و قال ابن معين " صالح " . و قال النسائي : " ثقة " .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " .

قلت : و لم يضعفه أحد , فمثله حجة , و سائر الرواة ثقات أيضا , و ذلك ما صرح به
الهيثمي و الحافظ فالسند صحيح , فلا وجه عندي لقول أبي حاتم " حديث منكر " ,
إلا إن كان يعني به أنه حديث غريب فرد , و يؤيده قوله عقبه :
" لا يروى من طريق غيره " . فإن كان أراد هذا فلا إشكال , و إن أراد التضعيف
فلا وجه له , لاسيما و هو موافق لحديث عائشة الصحيح , فأين النكارة ? !

و جملة القول أن الحديث صحيح الإسناد , و لا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذ
الأفغاني , فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب كان عليها
أن ترجع , و الحديث يدل أنها لم ترجع ! و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين
.

و جوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقا بهم , إذ لا عصمة إلا
لله وحده .
و السني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة
المعصومين ! و لا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذلك همت بالرجوع
حين علمت بتحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب , و لكن الزبير رضي
الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله " عسى الله أن يصلح بك بين الناس " و لا نشك
أنه كان مخطئا في ذلك أيضا .

و العقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين
وقع فيهما مئات القتلى و لا شك أن عائشة رضي الله عنها المخطئة لأسباب كثيرة
و أدلة واضحة , و منها ندمها على خروجها , و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها ,
و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور .

قال الإمام الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 69 - 70 ) :
" و قد أظهرت عائشة الندم , كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الإستيعاب "
عن ابن أبي عتيق و هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال :
قالت عائشة لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ? قال :
رأيت رجلا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت : أما و الله لو نهيتني ما خرجت
انتهى " .

و لهذا الأثر طريق أخرى , فقال الذهبي في " سير النبلاء " ( 78 - 79 ) :
" و روى إسماعيل بن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن ابن أبي عتيق قال :
قالت عائشة : إذا مر ابن عمر فأرنيه , فلما مر بها قيل لها : هذا ابن عمر ,
فقالت : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ? قال : رأيت رجلا قد
غلب عليك . يعني ابن الزبير " .

و قال أيضا :
" إسماعيل بن أبي خالد عن قيس قال : قالت عائشة و كانت تحدث نفسها أن تدفن في
بيتها , فقالت : إني أحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثا , ادفنوني
مع أزواجه , فدفنت بالبقيع رضي الله عنها .

قلت : تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل , فإنها ندمت ندامة كلية , و تابت من ذلك .
على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير , كما اجتهد طلحة بن عبد الله
و الزبير بن العوام و جماعة من الكبار رضي الله عن الجميع " .

و أخرج البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال :
و لما بعث علي عمارا و الحسن إلى الكوفة ليستنفرهم خطب عمار فقال : إني لأعلم
أنها زوجته في الدنيا و الآخرة , و لكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو إياها " .
يعني عائشة .
و كانت خطبته قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج معها رضي الله عنها .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:08 AM
475 " لا تأكل الحمار الأهلي و لا كل ذي ناب من السباع " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 777 :

أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 2 / 320 ) : حدثنا علي بن معبد قال : حدثنا
شبابة بن سوار قال : حدثنا أبو زيد عبد الله بن العلاء قال : حدثنا مسلم
ابن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت # أبا ثعلبة الخشني #
يقول : " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله حدثني ما يحل لي
مما يحرم علي , فقال : " فذكره .

و أخرجه في " مشكل الآثار " ( 4 / 375 ) بهذا الإسناد دون سبب الحديث .

قلت : و إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " .
و هو في " الصحيحين " و " السنن " و غيرها من طريق أخرى بلفظ : " نهى عن أكل
كل ذي ناب من السباع " .

و هو مخرج في " الارواء " ( 2552 ) .
و له شاهد من حديث أبي هريرة بلفظ : " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " .
476 " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 777 :

أخرجه مسلم و مالك و الشافعي و أحمد و الطحاوي و البيهقي من طريق # عبيدة
ابن سفيان # عنه .
و له طريق أخرى عن أبي هريرة بمعناه .

و إسناده جيد , خرجته في المصدر السابق ( 2553 ) .

فقه الحديث
-------------
فيه دليل على أن الحمار الأهلي و كل ذي ناب من الوحوش حرام أكله و ليس مكروها
فقط , كما زعم بعض المفسرين في هذا العصر و تأول النهي على أنه للتنزيه .
و لما رأى التصريح بالتحريم في حديث أبي هريرة زعم أنه رواية بالمعنى , و يدفعه
أنه إن كانت الرواية بالمعنى من الصحابي و هو أبو هريرة فهو أدرى به ممن بعده ,
و إن كان يعني أنه من بعض من بعده فيرده مجيئه بلفظ التحريم من الطريق الأخرى .
و يؤكده أن أبا ثعلبة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما يحل له و ما يحرم ?
فأجابه بقوله : " لا تأكل ... " فهذا نص في أن النهي للتحريم لأنه هو الذى سأل
عنه أبو ثعلبة , و لا يصح في النظر السليم أن يكون الجواب عليه " لا تأكل ... "
و هو يعني يجوز الأكل مع الكراهة !

ساجدة لله
2010-10-12, 03:09 AM
477 " البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل يوم ألف ملك , ثم لا يعودون إليه
حتى تقوم الساعة " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 778 :

أخرجه أحمد ( 3 / 153 ) و ابن جرير ( 27 / 11 ) و الحاكم ( 2 / 468 )
و عبد ابن حميد في " المنتخب " ( ق 132 / 2 ) و تمام في " الفوائد "
( ج 1 رقم 67 ) من طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن # أنس # مرفوعا .

قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط مسلم , و قال الحاكم : " على شرط الشيخين "
و وافقه الذهبي , و هو وهم . فإن حمادا لم يخرج له البخاري شيئا .
و تابعه سليمان و هو ابن المغيرة عن ثابت به نحوه .
أخرجه ابن جرير حدثنا محمد بن سنان القزاز قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال :
حدثنا سليمان .

قلت : و هذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين غير القزاز و هو ضعيف .
و له طريق أخرى عند البخاري ( 3 / 30 - 32 ) و مسلم ( 1 / 103 - 104 )
و ابن جرير من طريق قتادة عن أنس بحديث الإسراء الطويل و فيه :
" ثم رفع لي البيت المعمور , فقلت : يا جبريل ما هذا ? قال : هذا البيت
المعمور , يدخله ... " .

و له شاهد من حديث أبي هريرة نحوه إلا أنه قال : " السماء الدنيا " .

أخرجه الحسن بن رشيق في " المنتقى من الأمالي " ( ق 44 / 2 ) و الواحدي
( 4 / 92 / 1 ) عن روح بن جناح عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة .
و قد عزاه ابن كثير في " تفسيره " ( 8 / 76 - منار ) لابن أبي حاتم من هذا
الوجه بزيادة " بحيال الكعبة " . و قال :
" هذا حديث غريب جدا , تفرد به روح بن جناح هذا و هو القرشي الأموي مولاهم
أبو سعيد الدمشقي , و قد أنكر عليه هذا الحديث جماعة من الحفاظ منهم الجوزجاني
و العقيلي و الحاكم و غيرهم . و قال الحاكم : لا أصل له من حديث أبي هريرة ,
و لا سعيد و لا الزهري " .

قلت : و وقع في رواية ابن أبي حاتم : " السماء السابعة " .
فلا أدري أهكذا روايته , أم هو تحريف من الناسخ أو الطابع .

و له طريق أخرى عن أبي هريرة , فقال ابن الأعرابي في " المعجم " ( 10 / 2 ) :
أخبرنا ابن الجنيد أنبأنا عمرو بن عاصم أنبأنا همام أنبأنا قتادة أنبأنا الحسن
عنه مرفوعا به دون ذكر السماء .
و الحسن هو البصري , و هو مدلس , و رجاله ثقات .
و له شاهد آخر من حديث ابن عباس نحوه و فيه : " و هو مثل بيت الحرام حياله ,
لو سقط لسقط عليه " .

أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 3 / 150 / 2 ) من طريق إسحاق ابن بشر
أبي حذيفه و الواحدي في " تفسيره " ( 4 / 92 / 1 ) عن سعيد بن سالم كلاهما عن
ابن جريج عن صفوان بن سليم عن كريب عن ابن عباس مرفوعا .

قلت : و هذا سند ضعيف من أجل عنعنة ابن جريج , و ضعف سعيد بن سالم , و أما
إسحاق بن بشر فكذاب , فلا يستشهد به و لا كرامة .
و في " الدر المنثور " ( 6 / 117 ) :
" أخرجه الطبراني و ابن مردويه بسند ضعيف " .

و أخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة : " أن رجلا قال لعلي رضي الله عنه :
ما البيت المعمور ? قال : بيت في السماء يقال له الضراح و هو بحيال الكعبة من
فوقها , حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض , يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا
من الملائكة , و لا يعودون فيه أبدا " .
و رجاله ثقات غير خالد بن عرعرة و هو مستور .
قال ابن أبي حاتم ( 1 / 2 / 343 ) :
" روى عن علي , و عنه سماك و القاسم بن عوف الشيباني " .
و لم يذكر فيه جرحا و لا تعديلا .

و كذلك أورده ابن حبان في " الثقات " ( 1 / 37 ) .
و قد تابعه أبو الطفيل قال : " سأل ابن الكواء عليا عن البيت المعمور ? ... " .

أخرجه ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ... عن أبي الطفيل .
و ابن حميد اسمه محمد , و هو ضعيف جدا .
و لهذه الزيادة شاهد مرسل من رواية قتادة قال :
" ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه : هل تدرون ما
البيت المعمور ? قالوا : الله و رسوله أعلم , قال : فإنه مسجد في السماء , تحته
الكعبة , لو خر لخر عليها ... " .
أخرجه ابن جرير : حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة .

قلت : و هذا إسناد مرسل صحيح , رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين , غير بشر و هو
ابن هلال الصواف فمن رجال مسلم وحده .

و جملة القول : أن هذه الزيادة " حيال الكعبة " ثابتة بمجموع طرقها , و أصل
الحديث أصح . و الله أعلم .

ساجدة لله
2010-10-12, 03:09 AM
478 " قال الله عز و جل : لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه , و لكنه
شيء أستخرج به من البخيل يؤتيني عليه ما لا يؤتيني على البخل . و في رواية : ما
لم يكن آتاني من قبل " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 781 :

أخرجه الإمام أحمد في " المسند " ( 2 / 242 ) : حدثنا سفيان عن أبي الزناد
عن الأعرج عن # أبي هريرة # عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : فذكره .

قلت : و هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين , و قد أخرجاه في " صحيحيهما "
و أبو داود و غيرهم من طرق أخرى عن أبي الزناد به , إلا أنهم لم يجعلوه حديثا
قدسيا , و قد ذكرت لفظه و من خرجه و طرقه في " إرواء الغليل " ( 2650 ) .
و رواه النسائي ( 2 / 142 ) من طريق أخرى عن سفيان به مختصرا .

و تابعه همام بن منبه عن أبي هريرة به .
أخرجه ابن الجارود في " المنتقى " ( 932 ) و أحمد ( 2 / 314 ) بإسناد صحيح على
شرطهما , و لم يخرجاه من هذا الطريق , و لا بلفظ الحديث القدسي .
و للحديث طريق ثالث بلفظ :
" لا تنذروا , فإن النذر لا يغني من القدر شيئا و إنما يستخرج به من البخيل " .
أخرجه مسلم و صححه الترمذي .

من فقه الحديث :
----------------
دل الحديث بمجموع ألفاظه أن النذر لا يشرع عقده , بل هو مكروه , و ظاهر النهي
في بعض طرقه أنه حرام , و قد قال به قوم . إلا أن قوله تعالى : " أستخرج به من
البخيل " يشعر أن الكراهة أو الحرمة خاص بنذر المجازاة أو المعاوضة , دون نذر
الابتداء و التبرر , فهو قربة محضة , لأن للناذر فيه غرضا صحيحا و هو أن يثاب
عليه ثواب الواجب , و هو فوق ثواب التطوع . و هذا النذر هو المراد - و الله
أعلم - بقوله تعالى ( يوفون بالنذر ) دون الأول .

قال الحافظ في " الفتح " ( 11 / 500 ) :
" و قد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى ( يوفون بالنذر ) قال :
كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و العمرة و مما
افترض عليهم فسماهم الله أبرارا , و هذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر
المجازاة " .
و قال قبل ذلك : " و جزم القرطبي في " المفهم " بحمل ما ورد في الأحاديث من
النهي , على نذر المجازاة , فقال :
هذا النهي محله أن يقول مثلا : إن شفى الله مريضي فعلي صدقة كذا .
و وجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر
أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه , بل سلك فيه مسلك
المعاوضة , و يوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه , و هذه
حالة البخيل , فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا
و هذا المعنى هو المشار إليه في الحديث بقوله :
" و إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه " . و قد ينضم إلى هذا
اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض , أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض
لأجل ذلك النذر , و إليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضا " فإن النذر لا يرد من
قدر الله شيئا " . و الحالة الأولى تقارب الكفر , و الثانية خطأ صريح " .

قال الحافظ : قلت : بل تقرب من الكفر أيضا .
ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة و قال :
" الذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد ,
فيكون إقدامه على ذلك محرما , و الكراهة في حق من لم يعتقد ذلك " .
و هو تفصيل حسن , و يؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها
في نذر المجازاة .

قلت : يريد بالقصة ما أخرجه الحاكم ( 4 / 304 ) من طريق فليح بن سليمان عن سعيد
بن الحارث أنه سمع عبد الله بن عمر و سأله رجل من بني كعب يقال له مسعود بن
عمرو : يا أبا عبد الرحمن إن ابني كان بأرض فارس فيمن كان عند عمر بن عبيد الله
و إنه وقع بالبصرة طاعون شديد فلما بلغ ذلك نذرت : إن الله جاء بابني أن أمشي
إلى الكعبة , فجاء مريضا , فمات , فما ترى ? فقال ابن عمر : ( أو لم تنهوا عن
النذر ? ! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " النذر لا يقدم شيئا , و لا
يؤخره , فإنما يستخرج به من البخيل " , أوف بنذرك ) .

و قال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . و وافقه الذهبي .

قلت : و هو عند البخاري دون القصة من هذا الوجه , و فليح يقول الحافظ في
" التقريب " عنه : " صدوق كثير الخطأ " .

قلت : فلا ضير على أصل حديثه ما دام أنه لم يتفرد به . و الله أعلم .

و بالجملة ففي الحديث تحذير للمسلم أن يقدم على نذر المجازاة , فعلى الناس أن
يعرفوا ذلك حتى لا يقعوا في النهي و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !

ساجدة لله
2010-10-12, 03:09 AM
479 " النذر نذران , فما كان لله فكفارته الوفاء , و ما كان للشيطان فلا وفاء فيه
و عليه كفارة يمين " .

قال الألباني في "السلسلة الصحيحة" 1 / 784 :

أخرجه ابن الجارود في " المنتقى " ( 935 ) و عنه البيهقي ( 10 / 72 ) :
حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن موسى بن أعين قال حدثنا خطاب : حدثنا
عبد الكريم عن عطاء بن أبي رباح عن # ابن عباس # رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه وسلم .

قلت : و هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير خطاب و هو ابن القاسم
الحراني و هو ثقة كما قال ابن معين و أبو زرعة في رواية عنه .
و قال البرذعي عنه : " منكر الحديث , يقال : إنه اختلط قبل موته " .
و ذكره ابن حبان في " الثقات " .
و قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة اختلط قبل موته " .

قلت : جزمه باختلاطه غير جيد , و لم يذكره أحد به غير أبي زرعة كما سبق ,
و لكنه لم يجزم به بل أشار إلى عدم ثبوت ذلك فيه بقوله : " يقال ... " فإنه من
صيغ التمريض كما هو معلوم .
ثم إن الحديث له شواهد من حديث عائشة و غيرها , و قد خرجتها في " الإرواء "
فراجع الأحاديث ( 2653 , 2654 , 2656 , 2657 ) .

و في الحديث دليل على أمرين اثنين :

الأول : أن النذر إذا كان طاعة لله , وجب الوفاء به و أن ذلك كفارته , و قد صح
عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من نذر أن يطيع الله فليطعه , و من نذر أن
يعصي الله فلا يعصه " . متفق عليه .

و الآخر : أن من نذر نذرا فيه عصيان للرحمن , و إطاعة للشيطان , فلا يجوز
الوفاء به , و عليه الكفارة كفارة اليمين , و إذا كان النذر مكروها أو مباحا
فعليه الكفارة من باب أولى , و لعموم قوله عليه الصلاة و السلام : " كفارة
النذر كفارة اليمين " .

أخرجه مسلم و غيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه , و هو مخرج في
" الإرواء " ( 2653 ) .

و ما ذكرنا من الأمر الأول و الثاني متفق عليه بين العلماء , إلا في وجوب
الكفارة في المعصية و نحوها , فالقول به مذهب الإمام أحمد و إسحاق كما قال
الترمذي ( 1 / 288 ) , و هو مذهب الحنفية أيضا , و هو الصواب لهذا الحديث
و ما في معناه مما أشرنا إليه .